روايات

رواية لولا التتيم الفصل السادس 6 بقلم ناهد خالد

رواية لولا التتيم الفصل السادس 6 بقلم ناهد خالد

رواية لولا التتيم الجزء السادس

رواية لولا التتيم البارت السادس

رواية لولا التتيم الحلقة السادسة

“والصمت أحيانًا يكون عجزًا عن تقبل الصدمة.. أو عجزًا عن التفسير”
وصمته كان لكلا السببين.. صدمة من معرفتها بالأمر، وعجز عن التفسير لها أو نفي ما تتهمه بهِ، وصمته كان موجعًا أكثر لقلبها.. فصمته الآن لا يُفسر سوى أنه لا يجد ما يقوله لصدق حديثها.. فارتسمت الخيبة على وجهها وهي تنسحب من أمامه فيكفي ما أصابها بسبب هذا الموضوع الذي يأخذ من طاقتها ونفسها الكثير..
وهو باله مشغول حتى عن اجابتها.. عقله يدور في عدة أسئلة لا يجد لها إجابة.. منذ متى وهي تعلم؟ وكيف تعايشت مع الأمر دون أن تواجهه خاصًة بعد قدوم “شيرين” والعيش معهم؟ وكيف كانت تفسر كل تصرف منه تجاه الأخرى؟ .. وأخيرًا هل فعلاً تعتقد أنه رفض حملها لهذا السبب؟!
وعند هذه الخاطرة التي أتت بعقله انتفض ينظر جهتها ليتفاجئ بعدم وجودها.. نهض بجسد متشنج وكأنه يستعد للعراك وهو هكذا بالفعل… دلف غرفتهما باقتحام عنيف فوجدها تجلس فوق الفراش منحنية الرأس دون حراك، انتفضت على صوته العالي الذي هدر فجأة بعصبية بالغة وعروك نحره قد برزت من شدة انفعاله، وهو يتحدث بحركات جسدية تعبر عن انفعاله:
_ بقى أنتِ شايفة إني رفضت حملك عشان موضوعي القديم مع شيرين! أنتِ مقتنعة بالهبل ده؟ يعني مرفضتش حملك عشان اعتبرتيني مليش لازمة وقررتي لوحدك إنك تحملي وخدتي الخطوة من غير ما ترجعيلي كأن رغبتي ملهاش لازمة ولا

 

كأني مشاركك في حياتك ومن حقي اقرر إذا كنت عاوز ولاد تاني ولا لأ، ولا عشان كنتِ هتموتي في يونس! يونس الي قعدنا في جدال كبير بسببه بعد ما الدكتور قالك لازم تنزليه وأنتِ رفضتي ووقفتِ قدامي وبرضو ضد رغبتي اتمسكتِ بيه، فاكرة الي حصلك وقتها؟ فاكرة ال٣ شهور الي قضتيهم في المستشفى وفي الاخر ولدتي في السابع وبعد ما مرحلة الخطر انتهت من عندك انتقلت لليونس الي دخل الحضانة شهرين وكان بين الحياة والموت…
صمت يلتقط أنفاسه وهي دموعها تتساقط بألم حين تذكرت تلك المرحلة المميتة في حياتها، تلك الفترة التي أخبرها فيها الطبيب مصارحًة أن حملها سيفقد أحدهم حياته.. هي أثناء حملها أو جنينها بعد ولادته.. حملها الذي كان يقبع خارج رحمها من ضمن الحالات القليلة التي يحدث فيها حمل هكذا، وعلى الاغلب لا يستمر إلا بإرادة الله كما حدث معها.
هتف بتعب من انفعاله:
_ لو أنتِ عندك استعداد تعيشي كل ده تاني أنا مكنتش مستعد وأنتِ حطتيني قدام الأمر الواقع.. لو أنانية لدرجة إنك مفكرتيش غير إنك تخلفي تاني ومفكرتيش فيَّ ولا في ابنك الي محتاجلك.. فأنا مش أناني زيك.. انا مش كل همي إنك

 

تحملي وتجبيلي عيل وأنتِ ممكن تموتي فيها.. رفضي لحملك من بعد ولادتك لأنس كان معروف سببه واعتقد وقتها اتكلمنا كتير قوي واتفقنا في الآخر إننا نحمد ربنا على أنس ومكتفيين بيه.. ايه الي غير رأيك من حقي افهم!
شهقت ببكاءٍ وهي تفصح عن سبب رغبتها في الحمل مرةً أخرى رغم إدراكها لخطورة الأمر:
_ حسيت إني أنانية.. إني أحرم أنس من أنه يكون له أخ يتسند عليه لما يكبر، واعيشه طول عمره وحيد،واعتقد إنك جربت الإحساس ده ما أنتَ كمان وحيد، بس الفرق إن والدتك مكنش عندها فرصة تانية للحمل، وأنتَ كمان أكيد كان نفسك يكونلك عيال وعزوة يكبروا عيلتك الي مفيهاش غيرك يعتبر، حسيت إني شايلة ذنبكوا.. خصوصًا لما كذا مرة أنس يقولي أنا عاوز بيبى يلعب معايا زي مصطفى ابن عمو.
هز رأسه مستنكرًا يقول:
_ ومفكرتيش إن ممكن يجرالك حاجة، وقتها تفتكري ابنك هيبقى مبسوط وامه مش معاه؟ عيلتي الكبيرة الي عاوز أأسسها زي ما بتقولي هتنفع من غيرك!
ردت بتبرير:
-وليه نفترض الأسوء؟ مش يمكن..
قاطعها برفض:
_يمكن ايه؟ الدكتور قايلك الحمل التاني هيبقى اصعب واخطر من الحمل الي فات.

 

عقبت باصرار على موقفها:
_ هو نفس الدكتور الي كان بيقولي يا هتموتي قبل الحمل ما يكمل يا الطفل هيموت بعد ما يتولد! واهو يونس الحمد لله بخير.
هز رأسه باستنكار:
_وليه تخوضي تجربة مُعرضة فيها إنك تفقدي حياتك؟ حتى لو مجرد احتمال!
_محدش بيسيب من عمره لحظة يا يوسف.
رددتها بهدوء، ليعقب ساخرًا:
_ وربنا قال بسم الله الرحمن الرحيم “وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ” ولا مسمعتيش الآية دي قبل كدة، يعني واحد يبقى عارف إن العربية الي هيركبها فيها عيب وممكن تتقلب بيه في الطريق ويركبها ويقولك مش هسيب من عمري لحظة! ولا ده يُسمى انتحار بس بشكل تاني.
أرهقها التفكير، وأرهقها الجدال لتعقب بتعب:
_ وأنا الحمد لله كويسة، واهو الحمل حصل والي ربنا عاوزه هيكون.
ضغط على أسنانه بغيظ خفي:
_ صح ملوش لزوم الكلام، وأنتِ كويسة فعلاً بس لحد دلوقتي.
ردت بضيق:
_ متقفلهاش في وشي بقى.

 

زفر أنفاسه بعنف قبل أن يمسد على وجهه بكفه مستغفرًا الله كي تهدأ أعصابه قليلاً، جلس على كرسي مقابل لها ليتطرأ للحديث في الأمر الآخر الذي ذكرته:
_ وايه موضوع شيرين ده كمان؟
وعلى ذِكر “شيرين” أدمعت عيناها وهي تقول بنبرة مرتجفة تنزر بالبكاء:
_ ايوه، مهو الطريق خليلك بعد ما اتطلقت.
ضرب كفًا بالآخر بعدم تصديق وهو يقول:
_ خليلي! أنتِ بجد شيفاني كده؟
ارتشفت ماء أنفها من بكاءها وهي تسأله بعدم فهم:
_ كده ازاي؟
أجابها بجدية:
_ مش راجل.
ضيقت عيناها تسأله:
_ ايه علاقة ده بإنك ترجعلها.
_له علاقة كبيرة جدًا.. إني ارجع لوحده اتخلت عني زمان وراحت وافقت على العريس الي اتقدملها لمجرد خلاف بينا فكرت

 

وقتها إنها كده بتعلمني الأدب واني هجري عليها اصالحها لما احس إنها هتروح مني، يبقى أنا كدة معنديش كرامة.. لما ارمي مراتي وابني واهدمي بيتي عشان علاقة قديمة واتخلى عن مسؤوليتي تجاههم يبقى أنا كدة مش راجل، لما ابصلها حتى بعين واحد عاوزها وأنا متجوز يبقى أنا كده خاين.. والخاين وعديم الكرامة مش راجل.
رفرفت بأهدابها بتوتر وهي تسأله:
_يعني أنتَ لما شوفتها تاني محنتش لها؟ محستش إن القدر بيديك فرصة تانية.
عقد حاجبيهِ ساخرًا:
_ احن ليها! أنتِ فكراني روميو! هعيش على ذِكراها ٥ سنين ولما ترجع ارجع أريل عليها! حبي ليها مكنش للدرجادي يعني.
ارتعشت نظراتها وهي تسأله:
_ده بس السبب؟
تمنت أن يخبرها أن السبب الرئيسي أنه يكن لها مشاعر تمنعه من الميل لغيرها، وهو يعلم مغزى سؤالها فتوتر قليلاً يفكر ثم أجاب بمراوغة:

 

_ لا، يعني كوني ابصلها يبقى أنتِ مش مالية عيني أو أنا بقى الي عيني زايغة.. وأنا لا عيني زايغة، ولا أنتِ مش مالية عيني.. أنا من وقت ما اتجوزتك وأنا عمري ما بصيت لوحدة غيرك ولا واحدة قدرت تجذب انتباهي ليها حتى.
حسنًا هو لم يعترف بحبها ولم يقل شيئًا يطرب القلب لسماعه، لكن بشكل ما أرضاها كأنثى، كونه يعترف بأن عينه لا ترى غيرها.
هزت كتفها بدلال أنثوي وهي تقول بحيلة علَّها تُنطق هذا الحجر:
_ يعني عينك مبتشوفش غيري؟
ابتسم بتلاعب وهو يقترب منها قائلاً:
_ يا سلام على أساس إنك مش عارفة؟
ضربته بقبضتها في كتفه حين جلس قربها وحاول إحاطتها بذراعه:
_ أنتَ مستفز.
قهقهة بقوة وهو يضمها لها:
_ الله يسامحك.. عمومًا يا ستي ايوه، أنتِ جامدة آخر حاجة لدرجة إن عيني مبتشوفش غيرك.
قطبت حاجبيها بضيق تسأله:
_بتتريق حضرتك؟
نفى بجدية مبتسمًا:

 

_ لا والله أبدًا، بتكلم جد، هو في حد في جمدانك!
أنهى حديثه بغمزى من عيناه اليسرى قبل أن يقول بعبث أضرم الخجل بوجنتيها:
_ بمناسبة الجمدان وكده، أنس نايم.
اصطنعت عدم الفهم وهي تقول:
_ ايه يعني نايم! ايه علاقته بكلامنا.
رفع حاجبه محذرًا:
_هنستعبط! ده انا بقالي أسبوع مقموص يعني، صالحيني.
قال الأخيرة بدلال طفولي، لتكبح بسمتها وهي تقول:
_لا معندناش ستات بتصالح رجالة.. ثم أنك أنتَ المقموص كمان! مش كفاية قسوتك عليَّ الاسبوع الي فات.
تغاضى الجزء الأخير من حديثها كي لا يفتح الموضوع مرة أخرى، وعقب بعبث أكبر:
_ لا مهو من الناحية دي اطمني، مش أنتِ الي هتصالحي أنا الي هصالحك بس أنتِ اديني فرصتي.
قال الأخيرة بحماسة أصابت ضحكها، لتتسع بسمته وهو يتجه لباب الغرفة يغلقه ثم عاد إليها يتمتم بمزاح بطريقة ذلك الممثل:
_ صلي على رسول الله..
_____________________

 

منذُ أمس والغضب يتآكلها بسبب فعلته مع صديقتها، كيف له أن يضربها بكلماته هكذا دون مراعاة لمشاعرها المُرهفة تجاه هذا الأمر خصيصًا، غضبها لا يهدأ ولن يهدأ حتى تثير غضبه كما فعل هذا ما حدث بهِ نفسها قبل أن تخطط لأمر سيثير غضبه حتمًا ويهدأ غضبها حينما تتشفى بهِ.. ولكن ما تجهله أن ما على وشك فعله سيضع نقطة النهاية!!
اتجهت ناحيته وهو يجلس خلف مكتبه يراجع بعض أعماله كي ينهيها ويأخذها غدًا معه للشركة التي يعمل بها، وقفت أمام مكتبه وهي تضع يدها بخصرها بتحفز، رفع بصره لها لثواني قبل أن ينزله وهو يسألها بجفاء:
_خير؟ مش مطمن للوقفة دي؟
أجابته بجدية:
_نانسي كلمتني وعوزاني معاها.
رفع بصره لها يسألها بضيق فقد ظن أن الإسم وصاحبته انتهيا من حياته بعد ما حدث ولكن يبدو أن صاحبة الإسم معدومة الكرامة:
_عاوزاكِ في ايه؟ ثم إنكوا اتكلمتوا؟
ابتسمت بسعادة وهي تردف:
_طبعًا اتكلمنا، هي تقدر تتخلى عني؟ كلمتها الصبح وصالحتها.

 

صمتت ت تستعد لالقاء قنبلتها المدوية فاخذت نفسها قبل ان تقول:
_ وهي عايزاني معاها في العرض اللي هتعمله عشان حصل عندها عجز في عدد العارضات، فكلمتني علشان احل محل البنت اللي غابت وانا وافقت.
ضغط على أسنانه بقوه محاولاً كبح غضبه قبل ان يردف ساخراً:
_ يعني هي عاوزاكي تطلعي تترقصي قدام الناس!؟
رفعت شفاها بتقزز مصطنع وهي تكرر كلمته:
_اترقص؟ ده بجد؟ ثم إني كان ده شغلي قبل ما نتجوز!
عقب بهدوء مصطنع:
_ لا في فرق شاسع بين الاثنين.. أنتِ كنتِ مصممة ازياء مش عارضه ازياء تطلعي تتقصعي قدام الناس واسمها بتفرجيهم اللي لابساه.
هزت كتفها بلا مبالاة وهي تقول:
_ عمومًا.. دي وجهه نظرك أنتَ لوحدك أنا شايفه إن مافيهاش حاجه عشان كده وافقت.
وهنا تبخر كل هدوءه لينتفض عن مقعده وهو يهدر فيها بعنف:
_يعني ايه وافقتِ؟! يعني كلمتي ملهاش لازمه قرطاس لب أنا! تمام وانا بقول لك مش موافق.
احتدت ملامحها وهي تقول بعِناد أشد:
_ وانا قلتلك أنا موافقه وهسافر معاها دهب بعد يومين.

 

تشنج جسده وهو يهتف بعصبيه وصلت أقصاها:
_ وانا قلت مش هتروحي وهنشوف كلام مين اللي هيمشي، انا مش راجل نُص كم عشان أخلي الناس تتفرج على جسم مراتي..
اجابته بعصبيه مفرطه:
_ انت غيرتك تخنق.. مش طبيعي تفكيرك ده! هم مش طالعين يتفرجوا عليَّ! هم هيتفرجوا على اللبس اللي انا بعرضه.
اشار لنفسه بصدمه:
_أنا غيرتي تخنق!؟
أحست أن هذه النقطة ستثير غضبه اكثر وتجعلها تثأر منه فردت ببرود:
_ اه وبصراحه بقى انا مش هستحملها اكتر من كده.. كل حاجه لا كل حاجه مرفوض انا مش متعوده على الخنقه دي.
هل أصبحت غيرته التي كانت تتغنى بها يومًا تخنقها الآن؟ هل أصبح حب لها مجرد حبل يدور حول عنقها فيزيد من اختناقها؟ وهل اصبح خوفه عليها كرجل أمر لم تعد تتحمله؟ وثأرًا لكرامته كان يجيبها بغيظ خفي:
_مش حكاية غيرة، أنتِ ناسية وظيفتي ومكانتي؟ أنتِ متخيله إن أنا ممكن اخليكِ تعملي عرض زي اللي بتقوليه ده وأنتِ قُلتِ أن هو كمان هيتعرض على التلفزيون، ابص في وشي موظفين ازاي بعدها لما انا سايب مراتي بتطلع تعرض نفسها على الناس!
عندَ هو الآخر، وهذا كان اكثر شئ خاطئ فعله الآن، فهذا لم يزدها سوى تعنتًا واصراراً على إغضابه فبدون تفكير ولغيظها من رده كانت تقول:

 

_لا ما أنت مش عشان جوزي هتتحكم فيا، أنا حره اروح مكان مانا عاوزه ومتنساش إن سلطتك الي بتتفشخر بيها دي لولا بابي مكنتش بقيت فيها..
_ أنا سلطتي لأني استحق أكون فيها مش عشان أبوكِ ساعدني أوصل يبقى هو الي جبهالي ولا حطني في مكان مستحقوش.
كان هذا رده على حديثها الجارح له دون أدنى مراعاة لِمَ تقول.. كالعادة وقت الغضب تتفوه بكثير من الأحاديث الجارحه وبعدما تهدأ تأتي لتعتذر، ولكن لمتى سوف يسامحها حين تندم على حديثها بعد أن تقذفه في وجهه دون أدنى شفقه..
الإعتذار عن ما قيل من أسهل الأشياء فعلاً، ولكن إمحاء الأثر الذي تتركه هذه الكلمات أمر شاق لا يقدر عليهِ الجميع.. وأحيانًا نضطر مرغمين إجبار أنفسنا على السماح ولكن في أقرب موقف نتذكر أننا لم ننسى يومًا..
هكذا هو بعد كل نقاش حاد بينهما يخرج منهِ بكلمات تترك أثرًا بهِ حتى بدى يشعر أنه يؤثر على حبه لها بشكل أو بآخر.. وهذا أكثر ما يخشاه أن يأتي يومًا ويتلاشى حبها من قلبه حينها لن يبقى معها ولو دقيقة واحدة .. فكل ما يصبره عليها هو قلبه الأحمق الذي يجعله لا يتخذ موقف صارم معها..
طالعته باستنكار مرددة :
_ عشان تستحقها!!، لا يا حبيبي لولا بابي كان زمانك بتشحت ومش لاقي وظيفه ، او تشحت ليه وانا موجوده اكيد كان زماني انا الي بصرف على البيت وأنت قاعد تقشر بصل.

 

ملامحه ثابتة رغم آلمه ووجعه الداخلي، هتف بأعين تحمل الكثير :
_ المره دي مش هنسالك كلامك ده يا لليان صدقيني..
أنهى ما قاله وذهب من أمامها بقلب ملكوم ككل مرة يخرج من شجارهما..
طالعت ذهابه بسخط وعدم مبالاه، ثم أشاحت بيدها وهي تتجه لحقيبتها تلتقطها وترفع الهاتف تطلب أحد الارقام حتى أتاها الرد، فقالت :
_ يلا يا نونو أنا هنزل اهو أقابلك في ال spa وبعدها عاوزه اعمل shopping في شوية حاجات عاوزه اشتريها..
أتاها صوت الاخيره تقول شئ، لتجيبها هي بحنق :
_ لا أبدًا اتخانقت مع بدر كالعادة يعني.. فكك المهم يلا انزلي عشان هعدي عليكي باي..
أنهت حديثها وخرجت غير آبهه بما حدث منذ قليل..
________________
وللمرة الثانيه كان يتمنى أن لو اصابته تلك الحادثه منذ عام تقريبا، فهي منذ الامس وهي لا تنفك عن التقرب منهُ يعلم ان الأمر لمجرد المساعده ولكن هذا يكفيه.. اعتدل في جلسته ينتوي التحدث لها حيال الأمر بخصوص المنحنى الذي ستأخذه علاقتهما في الفتره المقبله.. فهو لن يتقبل أن يكون تواجدها معه الآن مجرد وقت سينتهي ما إن يستعيد عافيته.. ورغم سعادته بقربها وبوجودها إلا أنه سيبعدها بذاته إن ثُبت له أن تقربها ليس سوى شفقه عليهُ ورغبه في مساعدته ومشاعرها الجافه ناحيته ما زالت كما هي..
_ ريهام ممكن نتكلم شوية؟

 

اخذت نفس عميق قبل أن تستدير له بوجهها، وهي تعلم جيداً عن ماذا سيتحدث، ولأول مره تكون مرتبه حديثها معه سلفاً وعلى استعداد تام للمناقشه:
_ اتفضل.
هدوءها شجعه على الحديث فبدأ حديثه مباشرةً دون مراوغه وهو يقول:
_ كنت حابب أعرف شكل علاقتنا هيبقى ازاي الفترة الجاية.. أنا عارف إن أنتِ يمكن اتحطيتِ قدام الأمر الواقع لما والدتي بلغتك عن موضوع الحادثه بتاعتي، أو يمكن اتصرفتِ بشكل عفوي إن أنتِ قررتِ ترجعي، بس هل ممكن بعد شوية تندمي على تصرفك ده؟ولا في الفتره اللي فاتت خدتِ قرار حوالين علاقتنا.. ياريت أكون على عِلم بيه على الاقل عشان ابقى عارف التعامل هيبقى واخد انهي شكل.
اعتدلت بتوتر قبل أن تبدأ في حديثها بصوت خافت:
_ هو يعني.. انا فكرت فعلا.. فكرت كتير… يعني.. وصلت لحل يمكن يرضينا احنا الاثنين.
وبلهفه رغمه قلقه الخفي كان يسألها:
_ ويا ترى ايه هو القرار؟
فركة كفيها بتوتر وهي تردد بتلعثم:
_ هو يعني.. احنا ممكن نعتبر الفتره دي زي فتره الخطوبه.. نتعرف على بعض من أول وجديد وندي لبعض فرصه.. تديني فرصه إن أنا اتناسى كل اللي حصل وكأني بقابلك من جديد.. وأنتَ كمان تاخد فرصه تحاول تتناسى فيها كل اللي عدى من قبل في علاقتنا وأي حاجه حصلت ما بينا.. وزي ما بيقولوا نبدأ صفحه جديده.

 

حسنًا.. مجرد محاولتها في الأمر يكفيه الآن لذا وبقلب متضخم من السعاده كان يجيبها بلهفه واضحه وسعاده رسمت في عيناه:
_ وأنا موافق.
ابتسمت بخجل وقد لاحظت سعادته..لينبض قلبها وهي تعاود النظر أمامها داعية الله أن تتحسن أمورهما.
______________
ثلاثة أيام مروا دون أن تلمح له ظلاً… في اليوم الاول ربما تجاهلته وتوقعت انه سياتي حتمًا.. إن لم يكن نهارًا سيكون ليلاً وإن لم يكن ليلاً ففي الصباح التالي، ولكن تخطى الامر حاجز المعقول حين مرَ على غيابه يومان متتاليتان بليلتهما والأدهى أن والدها اليوم.. منذ ساعه تحديداً قد أخبرها انه لم يذهب لعمله منذ يومين وصاحب العمل يسأل عنه هذا كان كفيلا ان ينشر القلق في نفسها، فاضطرت اخيراً أن تتنازل عن كبريائها وهي تطلب من رقمه للمره الخامسه حتى اجــاب:
_ نعم.
هذا فقط كان جوابه.
لتضغط على اسنانها بغيظ محاوله تهدئة نفسها قبل ان تسأله:
_ ممكن أفهم أنتَ فين؟ بقالك يومين غايب عن البيت، وبابا عرف انك بقى لك يومين ما بتروحش الشركه صاحب الشركه اتصل يسأل عنك، ممكن أفهم قمصه العيال دي هتخلص امتى؟
بهدوء تام كان يجيبها:

 

_ لا ماهي مش قمصه عيال.. اللي باباكي ملحقش يوصله إن أنا لسه خارج من الشركه بعد ما قدمت استقالتي، وبالمناسبه البيت يعني بكره او بعده هاجي اخد حاجتي، أنا راجع بيتي ومنطقتي وسط أهلى اللي مستحيل في يوم يعايروني، راجع لأصلي اللي أنتِ شايفه إنك انتشلتيني منه.. بس شكراً الله الغني، أنا راجع مكاني الحقيقي ومستغني عن كل خدماتك أنتِ ووالدك.
كان شرطها للزواج منه هو أن يتخلى عن تلك المكانه التي يلقبها ب”مكانته الحقيقيه” ويتولى وظيفته في الشركه التي رشحها والدها له، ويذهب للعيش في مكان يليق بها كإبنة المستوى الرفيع، والآن تخلى عن كل هذا، هل يعني أنه ما بين السطور يريد أن يخبرها انه يتخلى عنها ويضع نقطه النهايه؟!!!!!!!!؟

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لولا التتيم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى