روايات

رواية لولا التتيم الفصل التاسع عشر 19 بقلم ناهد خالد

رواية لولا التتيم الفصل التاسع عشر 19 بقلم ناهد خالد

رواية لولا التتيم الجزء التاسع عشر

رواية لولا التتيم البارت التاسع عشر

رواية لولا التتيم الحلقة التاسعة عشر

شعرت بأحد يحاول إفاقتها لتستجيب بصعوبة وهي بالكاد تستطيع فتح عيناها ليهتدي لمسامعها صوته وهو يهتف برفقٍ:

– قومي يا صفصف يلا بطلي كسل.

غمغمت بصعوبة وهي تشعر بأن حلقها يُنحر:

– كسل! أنا شيفاك بالعافية أصلاً.

مسد بكفه على شعرها بحنو وهو يردد:

– مهو عشان تشوفيني كويس لازم تاكلي, مينفعش تفضلي من غير أكل وتستسلمي للمرض كده!

أغمضت عيناها بوهن وهي تعقب:

– غضب عني يا يوسف والله, حاسة إن مفيش حتة في جسمي سليمة.

أمسك كفها يشد عليهِ كأنه يساندها وقال:

– عارف يا حبيبتي, بس برضو لازم تقاومي, أنتِ بقالك أربع أيام على الوضع ده وشكلك مُرهق خالص مينفعش كده.

فتحت عيناها بضعف مرةً أخرى وغمغمت بتعب:

– أنا أسفة, عارفة إني متقلة عليك اليومين دول عشان شغل البيت, كفاية إنك بترجع من الشغل تطبخ وتنضف.. أنا والله لو اقدر كنت قمت عملت أنا شغل البيت بس لما بقف بدوخ و…

قاطعها بضيق حقيقي:

– في ايه يا صفية هو كل يوم نفس الأسطوانة دي؟ هو انا اشتكيتلك يا ستي؟ بعدين أنتِ شايلة البيت السنة كلها, مش هيجرى حاجة لو شيلته أنا كام يوم ولا شهر حتى! وبخدم مين في الأخر, أنا وأنتِ وابني وأمي, يعني مش حد غريب, متكبريش الموضوع.

انهى حديثه ونهض تحت أنظارها متجهًا لطاولة صغيرة بمنتصف الغرفة كان قد وضع عليها صينية الطعام سلفًا, فجذبها وعاد إليها جالسًا فوق الفراش أمامها بعدما وضع الصينية فوق قدمه وقال:

– يلا بقى عشان تاكلي, في أدوية مهمة لازم تاخديها.

اعتدلت بصعوبة وفقط رفعت رأسها على الوسادة بتعب ظاهر, فاقترب هو منها أكثر وبدأ في إطعامها وسط تزمرها من وقت لآخر ليتوقف وإصراره على تكملة الوجبة, حتى انتهيا أخيرًا فأعطاها الدواء لتعود للانسحاب بجسدها للأسفل ووضعت رأسها فوق الوسادة مغلقة عيناها بتعب, فشعرت بهِ ينهض من فوق الفراش ثم شعرت بشفتيهِ تطبع قبلة عميقة فوق وجنتها قبل أن يبتعد مغلقًا إضاءة الغرفة خلفه, فتحت عيناها في الظلام ورغم انعدام الرؤية ظاهريًا إلا أنه في الحقيقة تشعر أنها الآن ترى أفضل من أي وقت مضى, كيف للإنسان أن يسعى وراء سراب فيخرب بيده أشياء يملكها, ويفقد لذة امتلاكها!؟
الحب ضروري لكنه ليس أساسي.. الحب لا يأتي أولاً هناك أشياء أهم, هناك الكثير من الضروريات ليست أساسيات, فجسم الإنسان يحتاج للماء بشكل أساسي لكنه يحتاج للسُكر بشكل ضروري.. وهنا يمكنه العيش لفترة طويلة دون سُكر وليس دون ماء.. كلما عرفنا الفرق بين الضروري والأساسي كلما أصبحت حياتنا أصوب.. العلاقات من الضروري أن يكن الحب طرفًا فيها, ولكن علاقة لا تملك سوى الحب وهناك الكثير من النواقص بها لن تكتمل, هنا سيتحول الحب لجحيم دون أدنى مبالغة.
سألت ذات مرة جارً لي كنت أشهد قصة حبه لزوجته من قبل زواجهما حتى, وبعد حرب ضارية مع أهله تزوجها, كافح كثيرًا فقط ليصل لها, وبعد خمسة أعوام شعرت بأنهما مجرد غريبان يشتركان في شقة واحدة وليست حياة واحدة حتى, ولقربي منه سألته دون حرج عن الخلل الذي أصاب علاقته بزوجته وحبيبته أولاً, فأجابني بكل صراحة “أن الحب وحده لا يكفي”, لم يكن بينهما توافق وكان هذا بداية الأمر.. ثم تحول لاختلافات بينة في الرأي لم يتحليا فيها باحترام كلاً منهما الآخر, ثم أصبح الشجار يوميًا على أتفه الأسباب وكلاً منهما يحاول إثبات صحة رأيه حتى فقط, حتى وصل بهما الحال لعدم القدرة على المناقشة الهادئة بينهما, فأصبح كلاً منهما يتجنب الآخر! فأصبحت حياتهما مجرد.. شريكان في السكن!!

ومن مبدأ أن الله لا يعطي شخصًا كل شيء, فقليلاً ما يجتمع الحب مع الأشياء الأخرى وإن حدث لابد من وجود نواقص, وإن كان الله قد أنعم عليها بزوجًا صالحًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى, لن تخرب حياتها لمجرد أنها تريده أن يغدقها بكلمات معسولة عن مدى حبه لها! هو لا يعترف لكنه يفعل كل ما قد يفعله المُحب وأكثر!
لتغلق هذه الصفحة من حياتها لابد أن تقتنع من داخلها بأن هناك ما هو أهم من الحب والذي تقوم عليهِ علاقتهما, أو أنه يحبها بالفعل ولكنه غير مدركًا, أو لا يستطيع البوح! ليس مهمًا السبب المهم أن تزيل من رأسها كل ما تنتظره من أفكار تُعد تافهة لتخريب حياة زوجية رائعة..
والآن فقط تشعر أنها ستفعل, ستفتح كتابًا جديدًا وليست صفحة واحدة, ستحافظ على بيتها وزوجها, ستترجم كل تصرف يصدر منهُ على أنه حبًا.. ستكتفي بما يفعله معها وستصبو نحو حياة مستقرة, هادئة, تمتلئ بالكثير من الدفء, كحياتها الآن..

——————————

شهقت بخفة حين شعرت بأحد خلفها يضع كفيهِ فوق عيناها وصدره يصطدم بظهرها ولكن بالطبع تعلم هويته, فغمغمت بعتاب:

– عاصم لو موت مخضوضة هيكون بسببك والله.

استمعت لضحكة هادئة خرجت منهُ قبل أن يسألها مستنكرًا:

– موتِ مخضوضة! أول مرة اسمع عن حد مات مخضوض.

لكزته بمرفقها ليرتد للخلف ضاحكًا بينما قالت هي بضيق مصطنع وهي تنظر له بجانب عيناها:

– رخم, استمر أنتَ على الوضع ده وأنتَ هتشوف.

اقترب محتضنًا إياها من ظهرها رغم تمنعها الواهي وقال:

– بعد الشر على روح قلبي.. أنا أقدر اعيش من غيرك!

ذمت شفتيها بدلال:

_ ابدأ بقى في كلامك الي بتضحك عليَّ بيه ده.

ابتعد قليلاً لينظر لها غامزًا بعيناه اليسرى:

_ لا هضحك عليكِ بحاجة احلى من الكلام ايه رأيك؟

التفت بكامل جسدها له وسألته باهتمام:

_ حاجة ايه؟

جذب كفها ساحبًا إياها خلفه أسفل استغرابها، حتى وصلا لصالة المنزل فوجدته يترك كفها متجهًا لحقيبة كبيرة وُضعت فوق أحد الأرائك وعاد بها لها مبتسمًا:

_ الحاجة دي.

سألته باستغراب أكبر:

_ ايه دي؟

رفع حاجبه بمرح مرددًا:

_ افتحي وأنتِ تشوفي.

نظرت خلفه لتجد صغيرهما يأتي مهرولاً قدر استطاعته زاحفًا على كفيهِ وركبتيهِ، ومن الواضح أن الحقيبة أثارت فضوله هو الآخر! فضحكت بخفة تقول:

– غالبًا في حد تاني هيفتحها قبلي.

نظر “عاصم” لصغيره الذي وصل بجانب قدمه واستند على قدم أبيه محاولاً الوقوف وما إن فعل حتى حاول الوصول للحقيبة، ليضحك “عاصم” بحب قبل أن يحمله بين ذراعيهِ مقبلاً وجنته بعد أن اعطى الحقيبة ل”ريهام”، والتي ما إن فتحتها حتى اتسعت عيناها ذهولاً وهي ترى آخر شيء قد توقعته..

_ عاصم أنتَ بتهزر صح!؟

افتر ثغره عن ابتسامة واسعة لذهولها وقال:

_ أنتِ شايفة ايه؟

رفعت عيناها الذاهلة له وهي تقول:

_ ده الفستان الي شوفته وقولتلك عليه! بس..

صمتت تنظر للفستان مرة أخرى كأنها تتأكد من كونه نفس التصميم الذي رأته على أحد مواقع النت منذُ اسبوعان وقد رآها حينها فأخبرته بأنه قد أعجبها بشدة:

_ بس أنا قولتلك مش هينفع نشتريه دلوقتي.. يا حبيبي أنتَ كل قرش محتاجه عشان تأسس الشركة الي بتحلم بيها.

اقترب خطوتان منها وعقب مبتسمًا بحنو:

_ الشركة مش هتقف عشان تمن فستانك.. اي نعم أنا حرفيًا بشحت دلوقتي بس هتعدي.

أنهى جملته ضاحكًا بمرح، لتدمع عيناها بشدة وهي تقول بتأثر:

_ لا هتقف يا عاصم، يعني الفستان كان معدي ال٧٠٠٠ عشان براند، ده مبلغ مش قليل اكيد كان هيفرق معاك.

تنهد بهدوء قبل أن يقول بصدق:

_ وأنا مقدرش اشوف نفسك في حاجة وأجلها، حتى لو الحاجه دي مش ضرورية، مادام عينك حبتها خلاص لازم تبقى عندك.. وبعدين مش يمكن ربنا يراضيني زي ما راضيتك وييسرلي أموري!

تهاوت دموعها بتأثر بحديثه وموقفه وضغطت على شفتيها بقوة كي لا تنخرط في البكاء الآن، ليغمض هو عيناه بيأس ثم فتحهما يقول:

_ في ايه يا ريهام! في ايه يا حبيبتي أنتِ بقيتِ حساسة كده ليه! من كتر ما بقيتِ تعيطي مبقتش عارف أنتِ كده فرحانه ولا زعلانة.

مسحت دموعها بكفيها وهي تردد بغمغمة:

_ لا أنا كدة متأثرة، وفرحانة برضو.. بعدين معرفش بقى من ساعة ما ولدت وأنا أقل حاجة بتأثر فيا.

اقتربت الخطوة الفاصلة بينهما تحتضنه بقوة بعدما وضعت الحقيبة جانبًا وقالت:

_ ربنا ما يحرمني منك يا عاصم، أنا بحبك أوي.

أحاطها بذراعه الحر حيث يحمل طفله على ذراعه الآخر، وابتسم بحب:

_ ولا يحرمني منكوا يا حبيبتي، أنا اي حاجة بقيت بعملها في حياتي عشان أسعدكوا وفرحتكوا عندي بالدنيا.

أغمضت عيناها وهي تريح رأسها على صدره وقالت براحة تأتي من أعماق قلبها:

_ كل يوم بتأكدلي إن اختياري ليك كان أكتر حاجة عملتها صح في حياتي، بحمد ربنا أن رغم كل الي حصل بينا كان مكتوبلنا نكمل.. رغم الغلط والذنوب الي ارتكبناها بس ربنا كان رحيم بينا وكتبلنا أننا نكمل سوا.. الحمد لله.

قبل أعلى رأسها وهو يؤكد على حديثها بتنهيدة من أعماقه:

_ الحمد لله.

وكان الحمد لله.. الحمد لله على الصحوة مبكرًا قبل فوات الأوان، الحمد لله على رحمته بنا رغم أخطائنا الفادحة، الحمد لله على تطيبه لقلوبنا واختياره لنا ما فيهِ خيرًا لم نكن ندركه.

________________

همهم بلذة وهو يتناول قطعة من الطبق المفضل لديهِ على الإطلاق ألا وهو ” المكرونة بالبشاميل” ليعقب بعدها:

_ يخرابي على مكرونتك يا صفصف رهيبة.

تأوة بوجع حين شعر بكف أحدهم يُطبع على رأسه من الخلف وصوت “يوسف” يقول:

_لم نفسك يالا وإلا والله هنزلك من غير غدا.

نظر له بجانب عيناه بضيق ثم عاد بنظره ل”صفية” التي تضحك عليهما بمرح وتشاركها” لليان”:

_عاجبك كده؟

رفعت كتفها بدلال وهي تقول:

_ جوزي حبيبي يعمل الي هو عاوزه.

شد “يوسف” ظهره بفخر وهو يرفع كفها مقبلاً إياه:

_روح قلبي يا ناس.

ضغط “بدر” على أسنانه بغيظ ورفع حاجبه مستهجنًا:

_ بقى كده! تصدقوا انتوا الاتنين جوز جزم أنا غلطان إن شكرت في حد فيكم تاني.

احتدت ملامح “يوسف” وهو ينوي النهوض:

_ احنا جذم يا…

أمسكته “صفية” سريعًا ضاحكة:

_ خلاص يا جو سيبك منه ده من غيظه.

قطب حاجبيهِ بشكل مضحك وهو يردد:

_ وأنا هتغاظ ليه يا حبيبتي! معنديش الي عندكوا؟

رفع كف “لليان” له يقبله بعمق قبل أن يقول:

_ عندي اهو حلاوة بالقشطة.

أنهى حديثه غامزًا لها بعيناه اليسرى، لتضحك عليهِ وهي تهز رأسها بيأس على أفعاله الصبيانية التي لا تنتهي.

_ والله خسارة فيك الحلاوة بالقشطة دي.

عقبت بها “صفية” ليرد عليها بضيق:

_ ملكيش دعوة.

_ ياض احترم نفسك ده أنتَ في بيتنا!

رددها “يوسف” بذهول من طريقته وكأن الوضع معكوس، لينظر “بدر” ل”يونس” قائلاً:

_ أنا في ضيافة الأستاذ يونس.. مش كدة يا يونس باشا؟

رفع “يونس” نظره له بتكبر:

_ إن كان عليا أنا قولت لبابا يعزم طنط لليان وحسن بس.. بس هو قالي مينفعش ميعزمكش.

ضحك الجميع عليهِ بمرح، بينما ردد “بدر” باشمئزاز:

_ واطي لأبوك.

رفع “يوسف” صوته محذرًا:

_ طب والله كلمة كمان ماهخلي الدكاترة يعرفوا يخيطوا فيك حتى.

_ ناوليني يا ليلو الشوربة دي.

هتف بها “بدر” هاربًا من المواجهة، ليضحكوا عليهِ بيأس فهو لن يتغير أبدًا..

وفي أثناء طعامهما كانت “لليان” تميل عليهِ قائلة:

_ بدر عاوزه اقولك حاجة.

رد بانشغال بتناول الطعام:

_قولي يا حبي.

_ أنا حامل.

انتفضت تناوله كوب ماء حين أخذ يسعل بقوة، ليتجرع الماء دفعه واحده ثم نظر لها بغيظ:

_ ده أنتِ بتحسني اختيار الوقت جدًا! ده وقته تقولي خبر زي ده؟

رفرفت بأهدابها ببراءة تقول:

_ تقريبًا مكنش وقته.

عقب بغيظ أكبر رغم سعادته الداخلية:

_ والله!

_ في ايه؟

تسائل بها “يوسف”، ليحمحم “بدر” بتوتر فهو يعرف جيدًا حساسية “صفية” تجاه هذه الأمور، فردد بحرص:

_ مفيش.. اصل لليان يعني بتقولي أنها حامل.

توترت معالم وجه “يوسف” لوهلة قبل أن يقول بثبات:

_ بجد، الف مبروك ربنا يقومك بالسلامة.

ابتسمت “لليان” بتوتر مماثل:

_ الله يسلمك.

_ الف مبروك يا حبيبتي ربنا يجيبه بالسلامة يارب.

كان هذا صوت “صفية” الذي خرج هادئًا بهِ نبرة من الفرح، لتجيب “لليان” على تهنئتها بتوتر وقد علمت الآن أنها أساءت اختيار التوقيت بالفعل.

بعد قليل كانت “صفية” قد نهضت دالفة للمطبخ ومعها بعض الأطباق وما كادت “لليان” تلحق بها حتى هتف “يوسف” :

_ هاتي يا لليان عنك.

أعطته الأطباق وهي تعلم جيدًا لِمَ يرغب في الدلوف لزوجته.

دلف للداخل ليجدها تعطيه ظهرها وهي تضع الأطباق بالحوض..

_ صفية.

التفت له مبتسمة لتدرك معنى نظراته المتفحصة لها جيدًا، فاقتربت منه وقالت بهدوء:

_ مزعلتش والله، أنا لاحظت نظراتكم بس الموضوع مش مستاهل كل ده.. يعني مش كل ما واحده هتحمل هتبقوا مش عاوزين تعرفوني!

أردفت الأخيرة بمرح طفيف لم يستجيب هو له، حين اقترب منها بتروي ممسكًا كفيها بين كفيهِ وقال بهدوء تام:

_ مش فكرة مش عاوزين نعرفك، كل الحكاية إننا بنخاف على مشاعرك.

تنهدت بعمق قبل أن تقول برضا حقيقي:

_ وأنا كويسه يا يوسف، أنا بجد رضيت بالي ربنا كتبهولي، وكل يوم بيعدي عليَّ وأنا وسطكم وشيفاكم بخير بيخليني ارضى واحمد ربنا أكتر.. مش هكدب عليك من وقت للتاني بفتكر الموضوع وبيأثر في نفسيتي شوية، بس ده طبيعي الإنسان بطبيعته مبيحبش يفقد حاجه او يتحرم منها، ودايمًا عقله بيوسوسله إن الحاجه الي فقدها دي اهم حاجه في حياته رغم إنها ممكن متكونش بالأهمية دي.. لكن مع ذلك يشهد ربنا إني راضية واكتفيت بيونس ومش بطلب حاجه من ربنا قد انه يحمهولي ويكون احسن الناس وبار بينا.

اقترب منها وأمسك رأسها بين كفيهِ ناظرً لها بأعين فاضت من فرط مشاعره:

_ وأنا بحمد ربنا ألف مرة إنك مضعتيش مني، رغم إن العملية بالنسبالك ذكرى وحشة، لكن بالنسبالي كانت طوق نجاة.. كانت نهاية لكل الوساوس الي كانت بتيجي في بالي كل ما اعرف إنك حامل أو أفكر إن ممكن يحصل حمل وتبقي في خطر.. رغم إن قلبي بيوجعني لما بحس إنك متأثرة بالموضوع، بس في نفس الوقت من وقتها وأنا مطمن إنك معايا وبخير وأكتر حاجة كانت منكدة علينا حياتنا انتهت خلاص.. معرفش دي أنانية ولا ايه، بس لو كان خوفي عليكِ ورغبتي إنك تفضلي معايا دايمًا وبخير تعتبر أنانية.. فتبقى كده عادي.

ضحكت بخفوت على جملته الأخيرة، ونظرت له بأعين ينضح منها التساؤل ولكن ليس له بل لها.. فماذا تنتظر أكثر من هذا؟ هل الحب إن لم يُعترف بهِ صراحًة لا يعد حبًا؟! كلماته وأفعاله تصرخ بحبه لها، إذًا حتى وإن لم يعترف فلتذهب كل الاعترافات للجحيم ويبقى صِدق الأفعال…

زفرت أنفاسها بقوة قبل أن تضع رأسها أعلى كتفه محيطة خصره بذراعيها وفعل هو المثل، لتغمض عيناها براحة وعقلها يردد “لقد أرهقني حُبك يا يوسف”!!

العقل هو أكبر عدو للإنسان.. باستطاعته أن يخرب شئ جيد للغاية، وبشأنه أن ينجح شيئًا في باطنه يكمن العفن.. العقل أحيانًا يكون هو السبب الرئيسي لشقاء الإنسان، دونه لكانت الحياة أبسط بكثير.. والحكيم هو من يعرف متى يترك لعقله السيطرة ومتى لا يستمع له من الأساس.

ودائمًا وأبدًا أؤمن أن الحب أفعالاً وليس مجرد أقوالاً.

“تمــــت بحمـــد الله”

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لولا التتيم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى