روايات

رواية لن أبقى على الهامش الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم نداء علي

رواية لن أبقى على الهامش الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم نداء علي

رواية لن أبقى على الهامش الجزء  الثاني والعشرون

رواية لن أبقى على الهامش البارت الثاني والعشرون

رواية لن أبقى على الهامش
رواية لن أبقى على الهامش

رواية لن أبقى على الهامش الحلقة الثانية والعشرون

جاهدت نفسها بضراوة، لم يكن بالأمر الهين أن تتخطى إصابة زوجها وما تعانيه من تخبط والآلام، جمعت شتات حالها وجلست إلى جوار طفلتها قائلة بهدوء مهيب

أنا سمعاكِ يا مرام، عاوزة اعرف بالتفصيل الممل، فاهمة، كل التفاصيل، عرفتي الولد ده ازاي وامتى وليه، ازاي كنتوا بتتقابلوا رغم ان طول الوقت عيني عليكِ انتِ واخواتك

اجهشت مرام في البكاء فنهرتها رضوى بقوة

لا يا قلب ماما، مش وقت عياط وندم، أنا بكلمك بمنتهى الهدوء والتفهم أهو، اتكلمي وقولي لأني لازم ارجع المستشفى لأبوكِ

تحدثت مرام بتردد قائلة

أنا كنت من متابعينه عالفيس، كان بيقدم محتوى تنمية بشرية وكورسات تعزيز الثقة بالنفس وإن الإنسان لازم يبقى قوي و….

رضوى بتعجب : يا شيخة، بقى البيه طلع واعظ وناصح آمين، كده أنا ظلمته

مرام بإصرار : افهميني بس يا ماما، أنا متأكدة انه كويس بس هي الظروف

رضوى : أنا قولت اسمع تفاصيل مش مبررات ودفاع عنه، اتفضلي كملي

مرام : فضلت شهور اتابعه واتأثرت بيه جدا، بقيت ادخل اكلمه خاص واحكيله عن..

رضوى : عن ايه، اتكلمي متخافيش

مرام بحزن : كنت بحكي عن بابا، أد ايه أنا بحبه واد ايه انصدمت فيه، كنت بشكيله من بعد بابا وكرهه لينا

رضوى : ابوكِ عمره ما كرهكم

مرام : وعمره ما حبنا، لو بيحبنا كان خاف علينا، مكناش هنهون عليه، حتى لو اتجوز غيرك، ليه رمانا سنين لوحدنا أنا كنت محتاجة أبويا

رضوى : وبعدين

مرام : كان في البداية مش بيرد عليا، بس مع الوقت بدأ يكلمني هو بنفسه ويقولي إن الأب مستحيل يكره ولاده وإن دي مشكلة وهتعدي بس

رضوى بحدة

خلصي يا مرام، أنا لازم اروح لابوكم، احكيلي بسرعة علشان لما اتصرف ابقى على نور، وبحذرك أهو، أوعى تكدبي في كلمة واحدة عليا

مرام : والله يا ماما مش بكدب، انا فعلاً علاقتي بيه فضلت اكتر من سنة مجرد كلام وبس لحد ما بابا رجع وجه هنا وضربني لما واجهته وقولتله لسه فاكر تسأل عننا، يومها كلمت يوسف وأنا بموت من القهر واليأس فطلب يقابلني وأنا ما صدقت، كان نفسي اشتكي لحد وحضرتك كنتِ طول الوقت حزينة ومكتئبة واخواتي حالهم كان زي حالي، مكنش قدامي غيره هو، اتقابلنا وحسيت انه هيقدر يخرجني من البيت، هبعد عن بابا وتيته، هعيش مع حد بيحبني.

نكست رأسها بتعب فنظرت إليها رضوى بألم وتفهم قائلة

وبعدين، ازاي قدر يقنعك بموضوع الجواز ده

مرام : قالي انه ضمان علشان بابا ميقدرش يبعدنا عن بعض ولا يرفض جوازنا.

اقتربت رضوى إلى أن باتت مرام بين جناحيها فضمتها كما لو كانت سماء تحتوي نجومها اللامعة كي لا تضل طريقها، بقيت صامتة قليلاً إلى أن همست

أنا حاسة بيكِ يا بنتي وعارفة إني سبب كبير في اللي عملتيه، أنا فضلت أجرى سنين ورا وهم، كان عندي أمل احتوي أبوكم لكن للأسف وأنا تايهه وراه نسيتكم وكنت هضيعكم من ايدي، أنا عاوزة اعرف حاجة واحدة بس وياريت علشان خاطري تقوليلي الحقيقة، الولد ده لمسك يا مرام، سلمتيله نفسك

مرام : ابدا والله يا ماما، اقسم بالله لأ، هو طلب مني مرة واحدة بس اروح معاه بيته بس أنا رفضت وبعدها بابا شافنا مع بعض ومن يومها مش اتقابلنا تاني

تنهدت رضوى بقوة، تلتقط أنفاسها التي غابت في الدقائق السابقة في انتظار اجابة ابنتها، ادمعت عيناه وشقت بسمة هادئة ثغرها لتهمس مرارا

الحمد لله، الحمد لله، استرها معايا للآخر يارب

ارتفع نحيبهما، كلا منهما تبكي ألما يفيض، اعترفت مرام بما اقترفته من إثم لم تكن جذوره من غرسها وحدها قائلة

انا اسفة، وعارفة ان ذنبي ملوش مبرر، بس انا كنت خايفة، كنت بتمنى ابعد ولو في الحلم عن حياتي، صدقيني يا ماما أنا اسفة ونفسي تسامحيني.

💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬

وعندما نقتلع أنفسنا من تربتنا التي نشأنا بين احضانها ونبتعد رغماً عنا نشعر بالخوف والغربه تطاردنا باديء الأمر، لكنها تألفنا بعد سنوات وتمنحنا هوية جديدة وروح نتعايش بها، وعندما تحين لحظة العودة نرجع إلى أوطاننا أغراب لسنا كما كنا مازالت تلك الروح الجديدة تصاحبنا ولا ندر من نحن.

ابتسم ياسين بحب إلى والدته، حب صار محاط بخوف من الفقد، فقد باتت تلك الشجرة التي ارتوينا منها هشة ترتجف من فرط الوهن

تحدثت إليه قائلة بضعف:

يابني كفاية بقى سفر، خليك هنا يا حبيبي

ياسين بصدق : ياريت يا ست الكل، والله كنت نازل وناوي استقر، مبقتش قادر على الغربه بس الحياة هنا بقت غاليه وصعبه والولاد ماشاء الله بيكبروا ومصاريفهم بتزيد، أنا مش عاوزهم يتبهدلوا لما يكبروا.

والدته بحزن :

يابني رب هنا رب هناك

ياسين : ونعم بالله، بس ادعيلي يا أمي وان شاء الله اقدر اجمع مبلغ اعمل بيه مشروع يكفي مصاريفنا ونعيش مرتاحين.

والدته : ربنا يرزقك يابني ويحفظك في غربتك، معلش الحمل تقيل عليك ومصاريف علاجي مبتخلصش

قبل يديها ورأسها بحنو وابتسم إليها قائلاً دون تردد

أنا كلي فداكي يا أمي، ده انتِ الخير والبركه وسر سعادتي

والدته بدعاء صادق خالص من كل شوائب الحياة وابتسامة حانية تختلف عن كافة البسمات : ربنا يكرمك ويباركلك في عيالك انت وأماني، اتوصى بيها يابني.

ياسين : وصيها هي عليها، دي مفتريه.

ابتسمت أماني التي اقتربت منهما تحمل بين يديها بعض ثمار الفاكهه وادركت انه يشاكسها فبادلته مزاحه قائلة

مفتريه! يمكن ياخويا وعلشان كده مستعجل عالسفر وعاوز تسبنا لوحدنا.

ياسين بحب : تاني، يابنتي مش اتكلمنا واتفقنا.

أماني : اتكلمنا أه، بس متفقناش.

ياسين : يعني انتِ مش شايفه الدنيا بقت غلا ازاي؟

أماني بحزن : عارفه، بس برده متسافرش.

ياسين : اقعدي بس قطعيلي الفاكهه الأول ولا هتطمعي فيها

امسكت حبة من الرمان وقامت بفرطها بعنايه وناولته اياها قائلة :

ألف هنا، خليك هنا بقى وكل فاكهه براحتك.

ابتسمت والدته ونظر هو إليها بمعنى أنه لو كان الأمر بيده لبقى، فقد فر من قبل هارباً وربما كان السفر خياراً أما الأن فقد بات اجباراً، عليه السفر فعلى ما يبدو أن إحدى فوائد السفر التي سعى إليها قد منحته احساساً جديداَ يسمى الاشتياق إلى حضن زوجته ووجودها.

💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬

بينما خياتنا تدور كما ندور، كانت هي بلا حراك حياتها توقفت عن الدوران وبات الكون بلا معنى ولا غاية.

يعني ايه، يعني ايه بقاله سنتين مريض وأنا، أنا كنت فين؟!

ارجوك يا دكتور ياسر بابا لازم يخف، طب أنا ممكن اتبرعله بأي حاجة بس يعيش.

ياسر بعمليه : والدك حاول كتير وراح لأكتر من دكتور وأنا واحد منهم لكن للأسف مفيش فايده ولأخر مرحله كان بيحاول انك متعرفيش حاجه.

خارت قواها ولم يكن بيدها ادعاء الثبات، لقد أطاح بها قطار الحياة والقى بها بعيداً بينما استمر هو مبتعدا دون اكتراث لهلاكها.

عادت تجر أذيال الخيبه الملطخه بدموع الخوف والندم اقتربت بحذر من غرفة والدها، نظرت إلى وجهه الشاحب وملامحه المرهقه، كيف اندلعت بجسده نيران المرض بتلك السرعه القاسية ومتى استسلم هكذا، هل اشتاق إلى الرحيل والالتقاء بتؤام روحه، أيتركها كما فعلت والدتها، هل ما فعلته هي أحد أسباب انسحابه من الحياه؟

تعالت شهقاتها فاستيقظ طاهر يبحث عنها بلهفة

تحدث إليها بضعف قائلاً:

حبيبة بابا، انتِ رجعتي امتى؟

كاميليا : بابا!

قالتها ولم تجد سواها، هو أبيها كلمة بسيطة أ، ب بداية لكل شيء بالحياة ومع غيابها وحرماننا من نطقها تتوقف من حولنا دقات الأمان.

طاهر بحب : وبعدين يا دكتوره، هو ده اللي اتعلمتيه في الكلية، مفروض تطمنوا المريض ويحس ان لسه في أمل.

كاميليا مبتسمه رغماً عنها

طبعا في أمل يا حبيبي، ان شاء الله هتخف وتبقى…

أشار إليها أن تتوقف عن حديثها الكاذب وابتسم بعذوبة قائلاً

ممكن اطلب منك حاجة، نفسي اطمن قبل ما أموت وانتي بتحاولي تهربي من الموضوع

كاميليا : طلب ايه، حضرتك تؤمرني علطول، والله مش هقول لأ على أي حاجة

طاهر : نكتب كتابك انتي وفارس اخر الاسبوع، قولتي ايه؟

كاميليا : طب خطوبة بس يا بابا

طاهر برجاء : يابنتي ريحي قلبي، أنا نفسي أفرح مستكتره عليا الفرحه ليه بس.

كاميليا دون تردد : حاضر، اللي تشوفه ياقلبي أنا موافقه عليه

طاهر بارتياح : ربنا يسعدك يابنتي.

💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬

تأففت مرام بوجه جدتها التي تقهقه باستمتاع متأثره بأحداث المسرحيه التي تشاهدها بينما مرام وتقوى في انتظار والدتهما التي تقضي ثلثي اليوم إلى جوار مصطفى.

تحدثت مرام إلى جدتها بحدة قائلة:

حضرتك مش سامعه البنات بتعيط، المربيه خرجت وقالت هتتأخر ساعتين قومي شوفيهم يمكن جعانين.

سوسن بغيظ:

وهما دول بيفصلوا أبدا، أنا عارفه امهم مخدتهمش ليه، والله لو مصطفى فايق كنت قولتله يرجعها تترزع تربي عيالها أنا هقعد أعلل من تاني، ده ايه الغلب ده.

مرام : يرجع مين، هو مفيش فايده فيكي يا تيته.

سوسن : جرى ايه يابنت رضوى ما تتكلمي بأدب.

تقوي : خلاص يا تيته، بس قومي شوفيهم حرام عليكي بيعيطوا جامد أوي

سوسن بملل : مش قادره اقوم، بصي ادخلي اعمليلهم رضعة واديهم يرضعوا ويناموا

تقوي : لأ، أنا معرفش أعمل كده

مرام : تعالي يا بنتي نعملهم، أنا هقرأ التعليمات، ده الواحد لو مربي قطط هيصعبوا عليه معرفش ايه ده ربنا يشفيك يا بابا بجد.

سوسن : يارب ياختي، ربنا يشفيك يابني ويقومك بالسلامه ياقلب أمك، أعادت الاستماع بحماس إلى التلفاز وتوجهت مرام وتقوي الي الصغيرتين

هرولت مرام إلى اختها فرغم كل شيء براءتها تدفعك إلى عشقها وحملت تقوى الأخرى بحذر

مسدت مرام فوق ظهر الصغيره تسعى إلى تهدئتها وفعلت تقوي المثل تقلد شقيقتها فيما تفعل، لم تتوقف احداهن عن الصراخ بل ازداد صراخهما وكأنهما يستغيثان من فرط الحزن والوحدة.

تنهدت مرام قائلة : الله يسامحك يا بابا، ذنبهم ايه دول كمان مش كفايه احنا، بصي يا توتي أنا هسيبهم الاتنين معاكي دقيقتين اعملهم الببرونه وارجعلك

تقوي برفض : لأ، أنا خايفه منهم.

مرام : هتخافي من ايه، حرام والله شكلهم هيموت من الجوع.

تقوي بتردد : يوه بقى، أنا مش فاهمه اصلا ماما جابتنا هنا ليه؟

مرام : خافت انها تتأخر علينا، وكانت مفكره ان تيته يا حرام هتموت من الزعل، تيجي تشوفها وهي بتضحك بره

تقوى : طيب روحي اعمليلهم الأكل، وانتوا اسكتوا شويه ايه الدوشه دي.

💬💬💬💬💬💬💬

تساءل فيصل بشيء من الفضول والاجهاد الذي أصابه من حمله لاعباء العمل وادارة المشفى بمفرده دون مساندة مصطفى عن سر اختفاء كاميليا، أين هي؟

اجابه إحدى الأطباء قائلاً بدهشه :

دكتوره كاميليا! حضرتك متعرفش انها قدمت استقاله من فتره، هو مش حضرتك خطيبها برده؟

تجاهل فيصل سؤاله وتحدث بلهجة جاده بها شيء من الدهشه:

استقاله! لأ معرفش، في سبب يعني؟

الطبيب : والدها مريض وحالته ميؤوس منها للأسف

فيصل : مريض ايه يا دكتور، والد كاميليا!

الطبيب : ايوة يا دكتور فيصل، هي اللي قايله بنفسها لما سألناها ليه هتسيب الشغل.

فيصل : تمام، ياريت تشدوا حيلكم معايا اليومين دول لحد ما نشوف بديل ودكتور مصطفى يقوم بالسلامه.

غادر الطبيب وترك فيصل وبرأسه تساؤلات وترقب، كيف ومتى اقدمت على الاستقاله ولمَ لم ينتبه، تنهد بضيق فرغم كل شيء عليه مهاتفتها ربما تحتاج إلى مساعده، نهر نفسه فقد تجاهلته وتصرفت دون الرجوع إليه، ربما ما حدث خير لكلاهما، لا عليه الحديث إليها ان كان طاهر مريضاً بالفعل فكيف سعى إلى الزواج من همس، ضم قبضته بغيظ وغيره عند تذكره لذاك اليوم وهمس بسخط:

استغفر الله العظيم، ربنا يشفي كل مريض، ياترى يا كاميليا ظهرتي في حياتي ليه؟ وهتنتهي حكايتنا ازاي بعد ما كل حاجة اتغيرت وانهارت بالشكل ده؟

استجمع شتات نفسه وهدأ من توتره وهاتفها اكثر من مره إلى أن اجابته بصوت مهزوز قائلة:

أهلا يا دكتور فيصل

فيصل : ازيك يا دكتوره كاميليا، اخبارك ايه؟

كاميليا : بخير الحمد لله

فيصل : أنا اتفاجئت النهارده انك قدمتي استقالتك، الدكتور محمد بيقول ان والدك مريض.

كاميليا : ايوه، متشكره عالسؤال.

فيصل : لو محتاجه أي شيء أنا موجود.

كاميليا : حضرتك أنا مقدمه الاستقاله من فتره، لسه واخد بالك من غيابي النهارده؟

قالتها بشيء من الندم واللوم فأجابها معتذرا

دكتور مصطفى اتعرض لحادثه كبيره وأغلب الوقت أنا بقضيه في المستشفى، فعلا لاحظت غيابك بس حقيقي فكرت ان اخر مكالمه بينا كانت السبب

كاميليا : مش هتفرق يا دكتور، كل موقف بيثبت ان وجودي بالنسبه ليك زي غيابي، كان طبيعي تقلق عليا لكن للأسف بابا كان صح، للمره المليون هو صح، عالعموم كويس ان حضرتك اتصلت، أحب أعزمك على كتب كتابي يوم الخميس الجاي ياريت تشرفنا.

صمت قليلاً ولا يعلم ما يقول، هل يثور بوجهها أم يسعد لابتعادها وتخطيها اياه، ولكن كيف لها أن ترتبط بأخر بتلك السرعه

وجه سؤاله إليها دون مواربة قائلاً بشيء من الحده:

كتب كتاب مره واحده، امتى وازاي ولحقتي تشوفيه فين؟

كاميليا : فارس ابن عمتي، اعتقد حضرتك فاكره

فيصل : اهه، يعني فعلا كان في بينكم حاجه وأنا مغفل مش واخد بالي

كاميليا بثقه : رغم انه مش من حقك تسأل ولا تعاتب بس هريحك يا دكتور، فارس فعلا بيحبني ويمكن انا كمان كان في جوايا مشاعر من ناحيته بس ارتباطي بيك نهى كل حاجة

 أنا مستحيل اتصرف بالوقاحة دي واظن انك فاكر كلامنا اخر مره، أنا وانت كنا بنضحك على نفسنا خايفين نعترف بفشلنا، لكن مرض بابا فوقني للأسف كانت صدمه قاسيه بس أنا استاهل، رخصت نفسي وعملت حاجه ضد تربيتي وشخصيتي، كنت مغيبه شايفه اني داخله تحدي ولازم اكسب، لكن للأسف مراتك كسبت.

فيصل : يعني ايه، هتتجوزي ابن عمتك علشان تبعدي عني؟

كاميليا : لأ، أنا في كل الحالات هبعد، مش عاوزه ولا قادره اكمل اللعبه دي، أنا هتجوز فارس لأن دي رغبة بابا، طلبه الأخير مني.

فيصل بحزن من أجلها : فهمت، اتمنى انك تلاقي معاه السعاده يا دكتوره كاميليا.

💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬

ولا طاقه لحزن أن يقمع تلك الأشعة الساطعة التي تبثها شمس السعادة والفرح، تلألأ الكون بعيني طاهر عندما وقفت طفلته الفاتنه أمام ناظريه برداء أبيض ينافسها جمالاً

فتح ذراعيه ينتظر احتضانها، القت بجسدها وروحها تسبقها إليه، همس إليها بعشق أبوي قائلاً :

أنا عمري ما شفت عروسه جميله بالشكل ده، غير امك الله يرحمها

قالها بصدق وحنين واختبأت هي بين ذراعيه إلى أن تحدث فارس من خلفهما قائلاً :

المأذون وصل يا خالي.

تعمدت كاميليا ألا تنظر إليه لكنه استوقفها قائلاً لطاهر

اسبقنا يا طاهر بيه، هقول لبنتك كلمه سر

طاهر بتعب جاهد في اخفائه : متتأخروش ياض، فاهم

فارس بحب : حاضر، دقيقه بس.

غادر طاهر وحاولت كاميليا فك قبضته التي يحكمها من حولها قائله:

سيب ايدي، خلينا نخلص

فارس بجديه : نخلص من ايه، ده احنا هنبدأ وبعد دقايق هتبقى المدام

كاميليا بغيظ : في احلامك ان شاء الله، أنا بس وافقت علشان خاطر بابا، لكن أنا مش طيقاك من الأساس، روح سافر وعيش حياتك زي ما كنت بتخطط

فارس بوله واعجاب متجاهلاً حديثها :

بحبك يا كاميليا

عضت شفتيها بخجل وابتسم هو ليميل هامساً بالقرب من اذنها

بلاش تكشري تاني، اضحكي علشان خاطري وعلشان بابا

كاميليا بحزن : خاطرك انت لأ، بابا ماشي

فارس : واهون عليكي

أدمعت عيناها قائلة :

ملوش لزوم تمثل عليا، انت كنت هتسافر وهتسبني ولولا تعب بابا كان زمانك مشيت.

فارس بجديه : نفسي افهم بتألفي الحوارات دي وتصدقيها ازاي، يابنتي أنا بحبك، اعمل ايه علشان تصدقي

كاميليا بضعف : أنا مش عاوزه اصدق حد ولا محتاجه حد غير بابا، فاهم!

فارس بغيظ : حاضر، فاهم يا كاميليا، اتفضلي خلينا نخرج وبعدين نتكلم براحتنا.

💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬

ثلاثة أشهر انقضت سريعاً، مازال مصطفى يخضع لعلاج مكثف عله يشفى مما أصابه، مازالت قدمه اليمنى تؤلمه بشده، اصابه شيء من الاكتئاب عندما اخبره الطبيب ان الاصابه كانت قاسيه وربما تترك بمشيته بعض العرج، غضبه كان أهوجاً باديء الأمر ولكن رضوى استطاعت إلى حد بعيد احتواء غضبه.

دلفت إليه فوجدته كعادته صامت، ابتسمت اليه قائلة

وبعدين يا مصطفى، هتفضل بعيد عننا كده ما تطلع تقعد معانا

مصطفى : لو وجودي مضايقك اروح اقعد في أي داهيه

تنفست بعمق وتعب وجلست إلى جواره تتحدث بهدوء وصبر قائلة :

مفروض انت اللي تصبرني وتقولي اطمني متخافيش، مش انت دكتور ومتعود على الحوادث والاصابات، ايه اليأس ده

مصطفى : وانتي هيفرق معاكي ايه، أنا اللي مستقبلي وحياتي كلها هتدمر، هبقى اعرج يا ست رضوى

رضوى : ليه كده ياحبيبي، الدكتور قال بالوقت هترجع زي الأول

مصطفى : لأ يا رضوي، ده كلام احنا بنطمن بيه المرضى أنا بموت من الألم ومفيش جديد

رضوى بحب رغم الأسى، تنهدت بهدوء وضمته بحميمية :

طيب ليه مصمم تحبس نفسك هنا، البنات بيسألوا عليك، حتي أمك يا مصطفى اكيد بتتعب لما تشوفك بالشكل ده

مصطفى بعجز : سيبيني براحتي

رضوى : طيب اقولك خبر يمكن يفرحك شويه؟

مصطفى بترقب : يفرحني، ياريت بس معتقدش ان في حاجة تفرح اليومين دول

رضوى بتوتر : أنا عملت سونار انبارح، والدكتوره قالت حامل في ولد.

لمعت عينا مصطفى بسعاده وأمل ولم يفلح في كبح ابتسامته وانتقلت سعادته إلى رضوى التي قالت بتردد:

بس ياريت متقولش قدام ماما، لحسن لو ولدت ومجاش ولد هتدبحني.

قهقه مصطفى متذكرا ما حدث اثناء ولادة سوزي لطفلتيها وما فعلته والدته ولم يعقب بل اكتفى بايماءة خفيفه ختمها بضمه لرضوى إلى جواره هامساً:

خليكي هنا يا رضوى أنا محتاجلك أوي

💬💬💬💬💬

لحظات النهاية قاسيه وكأنها انتزاع لروح من أخرى، كلاهما يتشبث بشطره إلى أن يعلن القدر أنه قد حان وقت الرحيل.

اقتربت كاميليا من جسد والدها تصرخ بجنون تصيح بمن حولها قائلة:

ابعدوا عن بابا، متغطوش وشه كده يا مجانين، باااابا قوم علشان ميلا حبيبتك، يا باااابا

ضمها فارس بكامل قوته لكن قوة انكسارها كانت أشد فدفعته بغضب تسبه ولا تدر ما تقول

اقتربت عمتها قائلة:

يا حبيبتي حرام كده، استغفري وادعيله

كاميليا بضعف وانفاس متقطعة، عيناها معلقتان بجثمان والدها ودموعها تنهمر بلا توقف : يا عمتو خليهم يسيبوا بابا، شايفه عاملين ايه، هو لسه عايش صدقيني.

قال فارس بجدية موجهها حديثه إلى الرجال المحيطين بطاهر

جهزوا كل حاجة يا رجاله، والغسل أنا اللي هقف عليه

اشتد صراخ كاميليا إلى أن وصل حد الانهيار فحملها فارس واخرجها إلى غرفة بعيده وهمس إلى والدته قائلاً :

خليكي معاها يا ماما، متخليهاش تخرج لحد ما نحضر الدفنه.

💬💬💬💬

دلفت سوزي إلى عش الزوجية الجديد، ترتدي فستان زفافها الأبيض الذي أصر تامر أن ترتديه لربما يمحو من ذاكرته اقترانها برجل سواه، رغم عيوبه ورغم صدها له إلا أنه يعشقها منذ نعومة اظافرها.

نظرت باعجاب إلى أثاث ومحتويات الشقه الفخمه وابتسمت بعدما نظرت بشيء من الفخر إلى هيئة تامر الجديدة ،

لقد فقد الكثير من وزنه مما زاده وسامة، ارتدى ما اختارته له هي، ولكن يبقى بعض التعديلات التي تود اجراءها.

فاقت من شرودها على اقترابه الشديد منها وهمسه قائلاً :

يلا بقى يا سوزي، أنا بحبك أوي ومستني اليوم ده من زمان

سوزي بخوف : ماشي يا تامر، اصبر انت متسربع كده ليه

حملها تامر قائلاً دون تردد أو تجميل لحديثه

هستنى ليه، يعني هي أول مره تتجوزي، فكي كده يا حبيبتي، ده أنا بحلم باليوم ده من سنين.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لن أبقى على الهامش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى