روايات

رواية كواسي الفصل الثالث 3 بقلم نسمة مالك

رواية كواسي الفصل الثالث 3 بقلم نسمة مالك

رواية كواسي الجزء الثالث

رواية كواسي البارت الثالث

رواية كواسي الحلقة الثالثة

” كواسي”..
أخذت الطريق سيرًا على قدميها، لم تتوقف عينيها عن ذرف الدمع، تهبط دموعها على وجنتيها دون بكاء، ما قالته لها صديقتها و ما فعله المدعو خطيبها كسر خاطرها و ألم قلبها الذي لم يعد يتحمل كل هذا الكم من الحزن التي تشعر به..
كان هاتفها يرن مرارًا و تكرارًا دون توقف، لم تنتبه له و بقت شاردة تسير كالمغيبة حتى أوشكت على الاقتراب من منزلها، حينها انتبهت على حالها و أسرعت بتمسح دموعها، و اخفت حزنها ببراعة تُحسد عليها..
صدح رنين هاتفها من جديد لتنظر بشاشته، فعقدت حاجبيها حين رأت رقم دولي يتصل بها..
“السلام عليكم؟! “..
” وعليكم السلام يا آنسة كواسي.. أنا الدكتور ع!!”..
لم تعطيه الفرصة ليخبرها بإسمه حتى، و تحدثت بغضب لكن بلهجة هادئه..
“حضرتك أكيد خت رقمي من عزة صحبتي!”..
اجابها بطريقته المهذبه الرزينة..
“أيوه بصراحة أنا اللي طلبت من إبراهيم زميلي يجيب لي رقمك من خطيبته و حابب! “..
قطعته” كواسي” من جديد قائلة بتوتر وقد اقتربت من منزلها..
” من فضلك أنت هتسيب لي مشاكل أنا في غنى عنها باتصالك ده”..
” أنا مش بكلمك بصفتي دكتور نفسي لأن الواضح من طريقتك إنك ست العاقلين.. أنا حابب أتعرف عليكي أكتر و ندردش سوا شوية لأن إسمك غريب و أول مرة اسمعه وعجبني أوي بصراحة “..
شهقت” كواسي” بصوتٍ خفيض، و توهجت وجنتيها بحمرة الخجل و هي تقول..
” أنا أهلي مربيني كويس يا دكتور و ماعندناش حاجة إسمها بنت تكلم شاب و تدردش معاه.. ف لو سمحت متحاولش تتصل بيا تاني” ..

 

أنهت جملتها و أغلقت الهاتف بوجهه و وضعت رقمه بالقائمة السوداء دون أن تفكر مرتين..
خاصةً حين لمحت والدتها تقف تنتظرها بالشرفة و عينيها تنطلق منها نيران الغضب لو كانت أسهم لاصابتها بمقتل، وقتها أيقنت أن والدتها علمت بشأن نقودها التي أخذتها بعدما صاحت “صفيه” بصوتٍ مخيف جعل الدماء تهرب من عروقها..
“زعلتك زي كل مرة و مشتك تعيطي في الشارع و بتمسحي دموعك قبل ما تدخلي عشان منشوفهاش! اطلعيلي يا كواسي يلي فضيتي الحصالة.. اطلعيلي يابت يالي ملكيش كبير و لا كاسر”..
عوجت “كواسي” فمها يمينًا و شمالاً و فرت راكضة لداخل المنزل و من ثم لشقة جدتها بالدور الأول، طرقت على الباب بخبطات متتالية و هي تهتف برجاء..
“افتحي يا وليه يا تيته.. الوليه أمي هتنزل تنفخني”..
“عملتي أيه المرادي يا بت يا كواسي “.. قالتها جدتها و هي تضحك و تفتح الباب لها، لتقفز “كواسي” داخل الشقة و أغلقت الباب خلفها، ركضت حول جدتها مرددة بتوسل..
” فرقعت ال١٥٠٠ اللي كنت محوشاهم و أمي عرفت و هتنزل تعمل من فخادي شورما.. خبينااااي بسررعة يا تيته أبوس شعر حواجبك اللي طلقاهم علينا دول”..
رمقتها جدتها بنظرة غاضبة مرددة بغضب..
“بتتريقي على حواجبي و عايزانى اخبيكي؟ طيب مش هخبيكي المرادي و خلي أمك تنزل تبططك زي الفطير”..
قفزت” كواسي” عليها فجأة و امطرتها بوابل من القبلات مرددة بتوسل..
” أهون عليكي يا كواسي.. ده أنا حبيبتك اللي إسمها على إسمك”..
طرقات قوية على الباب كادت أن تهدمه تليها صوت” صفيه” تصيح بغضب عارم يُبشر بتدمير الأخضر و اليابس..
“افتحي يا كواسي يا كبيرة.. أنا حفظت كل الأماكن اللي بتخبيها مني فيها و مش هتعرفي تخبيها مني المرادي و لا حد هيقدر يحوشها من أيدي..هموتك يا كواسي.. هموتك يا جامدة يا لي مبعرفش امشي عليكي كلمة”..
” الحقينااااي يا تيتة بالله عليكي.. و رحمة جدو لتخبينااااي منهاااا”.. قالتها” كواسي” ببكاء مصطنع، دارت جدتها حول نفسها و هي تتمتم بسرها..
” اخبيكي فين المرادي يابنت صفيه المفترية.. اخبيكي فين.. فين”..

 

لمعت عينيها بفرحة و ابتسمت ابتسامة واسعة و من ثم جذبتها من يدها نحو إحدى الغرف قامت بفتحها و سحبتها خلفها، لتضرب” كواسي” الأرض بقدميها و هي تقول..
“دي أول أوضة بدور عليا فيهاااا”..
“اصبري يا بت.. أنا هخبيكي في مكان سري محدش يعرفه غيري أنا و جدك الله يرحمه”..
أنهت جملتها و قامت بإزاحة مرتبة السرير قليلاً، و الألواح الخشبيه و ازاحت بعض الأغراض الموضوعه أسفله ليظهر باب خشبي قديم جداً لا تظهر معالمه من كثرة الغبار فوقه، فتحته بصعوبة أمام أعين” كواسي” المنزله، و نظرت لها و تحدثت بأمر..
” انزلي يا بت هنا بسرعة”..
“أنزل فين يا تيته! .. أنتي هتدفنيني ولا أيه يا وليه؟!”..
“يابت دي أوضه أبو أبو حمايا الله يرحمه.. كان راجل وطني و رسام شاطر أوي.. كان بيستخبي هنا من الانجليز و بيحاربهم برسمه و ليه لوح كتير أوي في الاوضة دي ولاده مرضيوش يفرطوا فيها.. انزلي اتفرجي عليها هتعجبك أوي.. بس ده سر بينا يابت يا كواسي هأمنك عليه أوعى تقولي لمخلوق و لا حتى لابوكي “..
ظهر الحماس على وجه” كواسي” التي أظهرت هاتفها و قامت بإشعال الكشاف و دخلت عبر الباب الخشبي للغرفة السرية أسفل الأرض مرددة بانبهار..
” الله يا تيته.. ده المكان هنا ياخد العقل من جماله”..
ساعدتها جدتها على الهبوط بحذر و هي تقول..
“سيبي الباب مفتوح و أنا هعدل السرير و لما أمك تطلع هبقي اشيل المرتبة و اطلعك”..
قالت ” كواسي” و هي تدور حول نفسها و تشاهد اللوحات المعلقة على جميع حوائط الغرفة بأعين منبهرة..
“بس متتاخريش عليا يا تيته إلا أنا جعانة أوي”..
لمحت مصباح قديم بجواره أعواد من الثقاب تهللت اسريراها حين قامت بأشعاله و وجدته مازال يعمل، و بدأت تتأمل اللوحات المعلقة حولها حتى رأت لوحة وحيدة بأعلى الحائط مغطاه بالكثير من القماش و حتى الأكياس البلاستيكية،قادها فضولها نحوها، و مدت يدها حاولت التقاطها إلا أن قصر قامتها لم يسعفها..
تطلعت حولها تبحث عن شيء تقف عليه محدثة نفسها..
“يا ترى اشمعني اللوحة دي اللي محطوطة فوق اوي كده لوحدها و كمان مغطينها؟!”..

 

وجدت مقعد متهالك، فجذبته بلهفة، و صعدت عليه بحرص و أخيراً وصلت للوحة، لكنها لم تستطيع حملها لشدة ثقلها، استجمعت كل قوتها و قامت بحملها، لتصرخ بفزع حين انكسر بها المقعد و اسقطها أرضًا فوقها اللوحة بالغبار الذي كان يغطيها..
” يا وقعتي المهببة عليا و على الفستان الجديد اللي اتبهدل تراااب”..
ظلت تسعل بقوة من رائحة الغبار المتناثر حتى هدأ، و من ثم بدأت تُزيل الغطاء عن اللوحة واحد تلو الأخر لتندهش حين وجدتها مرآة و العجيب إنها مازالت سليمة و لم تنكسر بعدما سقطت بها أرضًا..
أزالت” كواسي” عنها الغبار حين رأت بعض الكلمات مكتوبة عليها بشكل دائري و وجهها يظهر بمنتصفهم..
حاولت قرأت تلك الكلمات مرددة بعدم فهم..
“أرسل….حزني..نفسي..عني.. لي..شخص.. لأمري.. يحمل..أخر يهتم.. و.. بهيئة!.. أيه معنى الكلام اللي مش مترتب ده!”..
ظلت تفكر وقتًا ليس بقليل، و قد اعتبرت تلك الكلمات لغز و أصرت على حله..
“يا ترى ده لغز و لا ايه حكاية المرايا و الكلام اللي عليها ده؟”..
أخذت نفس عميق ونهضت من مكانها و ظلت تسير ذهابًا و ايابًا حول نفسها مرددة بإصرار..
” مش هخرج من هنا إلا لما أرتب أم الجملة دي و أفهم اللي كتابها يقصد بيها أيه!”..
مّر وقتٍ ليس بقليل حتى نطقت بجملة شعرت بعدها بدوار قوي يداهم جسدها زلزل كيانها كله دفعه واحده حين قالت..
“أرسل لي نفسي بهيئة شخص أخر يهتم لأمري و يحمل عني حزني! ” ..

 

فور انتهائها من قولها شعرت بالدنيا تومض من حولها و سقطت من يدها المرآه و تحطمت و تناثرت شظايا زجاجها بارجاء الغرفة ، بينما جسد “كواسي” بدأ يترنجح بوضوح و أوشكت على السقوط فوق قطع الزجاج إلا أنها شعرت بشيئ يقف خلفها تمامًا، لتنتفض بذعر حين رأت يد قوية ألتفت حول خصرها حملتها عن الأرض حتي أصبحت قدميها مبتعدة عن الأرض بمسافة ليست بقليلة، تلك اليد جذبتها بلهفة على جسد عريض أسند ظهرها على صدره، و صوت رجولي همس باذنها قبل أن تفقد وعيها..
“و أخيراً اتقبلنا يا.. كواسي”..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كواسي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى