رواية كانت أنثى الفصل الخامس 5 بقلم لولي سامي
رواية كانت أنثى الجزء الخامس
رواية كانت أنثى البارت الخامس
رواية كانت أنثى الحلقة الخامسة
عند احساسك باحتمال فقدان عزيز
يتوقف العقل عن التفكير
وتتوقف الحواس عن العمل
وتتحطم نظرية قوة التحمل
حتى تجد نفسك غير قادر على التفكير أو التصرف أو حتى التحرك.
فتتيبس كل جوارحك
ولم تجد سوى القلب فقط ما يعمل وبشدة .
فور استماعي لمقولة السائق شعرت وكأن أحدهم طرق علي رأسي بمطرقة غليظة القوام ….
لاشعر وكاني فقدت التركيز والتفكير ،
حتى قدمي لم تعد تتحملني لاتزحزح للاسفل حتى وصلت للأرض
حاولت جاهدة الصمود وأن أظل واقفة …
ولكن يبدو أن اعصابي قد انهارت .
شعرت بتصارع في ضربات قلبي وكأنه يصارع وحش كاسر .
تسارعت انفاسي لانتبه على دموعي التي سقطت على وجنتي دون أن أشعر …
فانتبهت حواسي اخيرا لاستقيم واحاول لملمة شتاتي
فالفقيد غالي وليس بواحد بل إنهم اثنان …
يجب أن اتخطى مرحلة الصدمة …
بل يجب أن اتصرف.سريعا ..
استعدت وعيي لابدأ بمهاتفة مازن وأخباره بما أخبرني به عم خالد توا….
لاطلب منه الذهاب للمدرسة في الحال فهى نفس طريق عودته ربما وجدهم بالطريق …
بينما أنا أخذت اهاتف كل اصدقاءهم ربما ذهبوا مع أحدهم …
ولكن كانت نتيجة كل الاتصالات نفس الجملة/ لا يا طنط مش معايا .
الا اتصال واحد والذي زرع بي قليل من الامل / انس ومروان كانوا معايا يا طنط في حصة الكشافة..
وخرجنا مع بعض بس كان الباص مشي ….
فمروان قال إنه عارف الطريق وهيروح لوحده.
بمقدار ما اطمئن قلبي أنهم بخير …
بمقدار ما اقتلع قلبي من بين اضلعه عند علمي أنهم سيواجهون صعوبة الطريق بمفردهم ….
كيف اطفال بمرحلتي الاول والثاني الابتدائي يواجهون صعوبة المواصلات بذروتها ….
ناهيك عن أنهم لم يواجهوا هذا الموضوع او حتى شبيه له من قبل بمفردهم …
توجهت سريعا تجاه السيارات فالمفترض بعد أن حسب عقلي الوقت الذي مضى …
فأن وقت عودتهم بالمواصلات قد حان .
اخذت ادعو الله واتجرع إليه بالسؤال أن لا يريني فيهم سوءا
وان يردهم لقلبي سالمين .
وصلت لموقف السيارات لارى صف مصطف من السيارات منهم من يغادرهه راكبيه ….
ومنهم من يستقله آخرين …
لأمر على سائق كل سيارة اسأله عن مواصفات ابنائي ربما وجدهم أو ركبوا معه .
ولكن للاسف كانت نتيجة سؤالي لكل من رأيته وسألته لم يرهم أحد .
صدح هاتفي بمكالمة من مازن لافتح المكالمة سريعا واسأله بقلب ملتاع / لاقتهم ؟؟؟
ولكن الإجابة كانت بنفس وقت سؤالي
فقد سألني نفس السؤال لاجيبه والدموع عرفت طريق وجنتي بغزارة ….
خاصة عندما لاح بالأفق بداية غروب الشمس/ لسة … لسة ملقتهمش والمغرب هيأذن …
حاول طمأنتي برغم صوته الذي لا يقل رعبا عني / هنلاقيهم أن شاء الله متخافيش … انا وزميلي بندور عليهم وهنلاقيهم …. هيرجعوا يا شروق …. والله هيرجعوا
لم استطيع التفوه وكاني أصبحت بكماء….
هرولت بين السيارات وظللت أمر على كل سيارة انظر بداخلها دون أن اسأل …
فقد شعرت وكأني لساني قد شل ولم يعد يقدر على الحركة…
بعكس عيوني التي لم تكف عن الأمطار …
ومن أجل احتياجي لرؤية واضحة كنت اكفف دموعي بكفي سريعا حتى استطيع ان ارى امامي وانا ابحث .
ولكن لم تجف دموعي ولم تتوقف يدي عن إزالتها ..
بل لم تلحق كفوفي باللحاق بسرعة دموعي…
وصل بي الحال انني بدأت بإيقاف اي سيارة أجرة تمر من أمامي وانظر بداخلها ربما يجلسون ولا يعرفون اين سيهبطا…
توقعت كل شئ في طريق عودتهم وانا اجاهد مع عقلي في عدم توقع الاسوأ …
الاسوأ الذي انفض عنه عقلي كل برهة والأخرى..
هل من المعقول أفقد فلذات كبدي….
بل والاسوأ من ذلك فقدهم معا ؟؟ كلاهما !!
هذا كثير …..
جن الليل لافقد كل امل في عودتهم….
فإذا لم أراهم بالنهار فحتما لم أراهم في وطأة الليل…
أصبحت ابكي بشدة …
وارتفع صوتي الذي كنت احاول اخماده بقليل من الصبر وبصيص من الامل برؤيتهم مجددا .
التف حولي الناس كنوع من الفضول…
صار الغادي والعائد يتساءل ما بها ؟؟ ..
وانا لست بحال لاجيب عنهم فقط لارضي فضولهم ….
حاولت التملص من تجمعهم لاذهب بجوار الرصيف ولكن فضولهم اكبر من حزني .
نظرت حولي لارى ضباب وخيالات شتى….
فكثرة الدموع حجبت الرؤيا ولم استطيع حتى ان ازيلها …
تراخت أقدامي وهبطت جالسة على اقرب رصيف….
انظر بعيوني التي لم استطيع الرؤيا بها وانا امنن نفسي بعودتهم …..
صدح هاتفي لالاحظ رقم غريب…
فتحت علي الفور لاشعر بعودة انفاسي مجددا عند استماعي لصوت مروان ….
نعم أنه مروان .
هبت بي الحياة بل هبت بي الصحة بأكملها…
لاستقيم وانظر حولي لا اعرف عن ماذا ابحث وهو يخبرني أنه مازال عالقا بأحد الطرق / ماما انا وانس توهنا ومش عارف ارجع .
ابتسمت ….بل ضحكت بصوت صاخب …
ودموع الفرحة امتزجت مع دموع الالم….
لاجيبه بمحاولة اطمئنان / متخافش متخافش يا حبيبي ….
جدع يا مروان انك اتصلت بيا …
جدع يا حبيبي ، انت بتتصل منين يا مروان ؟
من الجانب الآخر وبصوت لطفل مرتعب من فقدان والدته وبصحبته أخيه الذي يبكي خوفا والما / من محل يا ماما معرفش فين !؟
بسرعة وانا اوقف سيارة أجرة واستقل بداخلها / اديني عمو بتاع المحل يا حبيبي ومتقلقش انا جاية حالا.
وبالفعل تحدثت مع صاحب المحال وشرح لي العنوان بالتفصيل …
توجهت علي الفور وانا احمد الله كثيرا أنه كان رجل طيب القلب ذو ضمير حي ..
حتى يجد اطفال تائهين ويساعدهم في الوصول لذويهم ….
بالطبع أخبرت زوجي بمكانهم الذي كان ما زال يبحث ومن شدة رعبة لم يستطيع مهاتفتي …..
وصلنا كلانا للمكان المنشود لأجد اولادي انس ومروان وقد اكرمهم صاحب المحال كثيرا ….
حاولت معه انا وزوجي باعطاءه اي شئ مقابل كرم أخلاقه ….
ولكنه كان اكرم منا وامتنع عن أخذ اي مقابل جراء شهامته ورجولته .
دعوت الله كثيرا ان يمن عليه من رزقه الواسع أضعاف كرم أخلاقه .
استقل زوجي السيارة لاستقل انا واولادي بالخلف احتضنهم واحاول طمأنتهم …
فانس كان يرتعش رعبا وفزعا من تصور أنه لم يلتقي بي مجددا ….
لم يعرف أن شعوري ضعفه مئات المرات….
بينما مروان كان ينتابه كثير من المشاعر المتضاربة كالرعب والخزي من تصرفه، وتحمل الذنب ،وفقدان الثقة بنفسه .
حاولت أن اخفف من حمله لأمسد على ذراعه وانا اتمتم / الحمد لله انكم رجعتوا …. الحمد لله .
وصلنا لمنزلنا واصطف مازن بسيارته علي غير عادته بجوار البناية …
فدائما ما ينزلنا إما بمكان اصطفاف السيارة الدائم لها ( الكراچ)
إما قبل الدلوف للموقف نفسه.
فور هبوطنا من السيارة وجدنا العم خالد سائق الحافلة ومشرفة السيارة ينتظرونا أمام البناية وفور رؤيتهم الولدان هرولا تجاههم يقبلوهم ويهنؤوهم بعودتهم ….
بينما أنا ومازن نرمقهم بكل غضب دفين …
لادعوهم للصعود بالمنزل فالحديث بالشارع غير لائق…
كما أن الموضوع لم ينتهي بعد ليصف مازن سيارته ويغلقها ثم يصحبهم خلفنا للصعود للمنزل.
دلفت انا وابنائي للشقة بعد أن مررت على جارتي لاشكرها على استضافتها لابنتي…
وطمئنتها أن اولادي عادوا بخير …
لاتوجه للردهه اجلس بهم على اقرب أريكة داعية العم خالد وسماح المشرفة للجلوس .
ساد الصمت لحظات وانا احاول تهدئة انفاسي قبل أن أنطق ، وما زلت احتضن اطفالي وادفس رأسي بهم / انتوا عارفين لو مكنوش رجعوا كان ايه اللي هيحصل !؟
ازدرأ ريق العم خالد لتنطق سماح بتلعثم / الحمد لله…. أنهم رجعوا….
قطعت حديثها عندما رمقتها بنظرة غاضبة تكاد أطلق لهيبا من عيوني .
لم اود التحدث أمام اطفالي ….
يكفي ما عانياه طول اليوم لأربت على كتفهم طالبه منهم الولوج بداخل غرفتهم / يالا يا حبايبي ادخلوا انتوا غيروا هدومكم وناموا تلاقيكم تعبتوا اوي النهارده.
استقام الولدان ودلفا غرفتهم لأعود للجلسة ثانية فأجد مازن وكأنه من كثرة الانهاك البدني والنفسي لم يستطيع حتى التلفظ…
لاجلس بمواجهة كلا من خالد وسماح لاتوعد لهم قائلة بصوت يغلفه فحيح الافعى / وديني وما أعبد…
انا لو كان حصل حاجه للاولاد والله ماكنت رحمتكوا ومكنش هيكفيني اسجنكم ….
انتوا متعرفوش الساعات اللي فاتت عدت عليا ازاي ؟؟
دانا قلبي وقف واشتغل مليون مرة ،…
انتوا ناس معندكوش ضمير .
ظلوا يستمعوا التوبيخ دون أن ينطق أحدهم بشئ لاسال السائق باستنكار / قولي يا عم خالد لما طلبت ثمن التوصيل كل شهر انا فاصلت معاك علشان تهمل في اولادي كدة !؟
حاول النطق بصوت خافض / لا يا بنتي …بس وعزة جلالة الله ما أهملت احنا قعدنا ندور عليهم ولما ملقنهمش قولنا تبقي اخدتيهم .
أدرت نظري تجاه سماح التي كانت مطأطأة الرأس لاسألها بتهكم / لما حضرتك ملقتيش الاولاد مش واجبك وشغلك يحتموا عليكي تتصلي بيا؟؟؟
تتاكدي أنهم معايا ولا انتي بتشتغلي أداء واجب والسلام .
اومأت برأسها ومازالت مطأطأة الرأس.
حركت راسي بالرفض مما أراه امامي ….
ليرفع مازن رأسه وكأنه استعاد وعيه وعاد لأرض الواقع وبنبرة لم اسمعها منه من قبل نظر تجاههم نظرة لو كانت تقتل لقتلتهم بالحال / انا بقى مش بهدد….
ومش هقول هعمل أو حصل ايه …..
انا لو اولادي جم في يوم اشتكوا مجرد شكوى من معاملة أو اي شئ يخصكم ….
انا هعرف ازاي اوديكم في داهية واجرجركم من بيوتكم في انصاص الليالي ….
علشان تعيشوا شوية من اللي احنا عشناه.
ثم فجأة هب واقفا دون أن يترك لهم فرصة الرد او الدفاع عن نفسهم ونطق بكلمة واحدة لا اكثر / شرفتونا ….
فور أن انصرفا وكأني القيت من علي اكتافي عبائة الصمود….
لاسقط أرضا بانهيار تام وأطلق كل البكاء والنحيب التي لطالما اخفيته بصدري ……
ليقترب مني مازن ويحتضنني ويحاول لأول مرة احتوائي ….
كما كان هو الآخر اول مرة يراني بهذا الانهيار .
ظللت ابكي حتى شعرت ببكاءه هو الآخر لارفع رأسي فأجد دموعه تبلل وجنته اسندتا جبيننا على بعض وكأننا نساند بعضنا .
انتهى يوم قاسي بكل تفاصيله ….
يوم لا اتمنى عودته أو حتى تكراره لاحد….
ولكني منذ هذا اليوم أدركت كم كانت رحمة الله واسعه واطفالي بين يديه هو عز وجل ….
ظللت طوال الليل الأفكار تداهمني….
فلو فكرنا مجرد تفكير بمنطق الحياة لتوقعنا وقوعهم بمصيدة اصطياد الاطفال واختطافهم ….
وما أكثرهم ناهيك عن كم الحوادث التي من الممكن أن تحدث لهم في وسط الشارع لاطفال بعمرهم يفتقدون خبرة التعامل مع الطريق ومروره لولا لطف الله…
شعر بتقلباتي مازن ليلتفت إلي ويحتضني محاولا تهدأتي قليلا ….
………………………
استيقظت بالصباح لأجد مكان مازن بجواري فارغ …..
بالكاد استطعت أن اتقلب لانظر لهاتفي حتى اعرف كم الساعة …
صعقت عندما رأيت الساعة قد تخطت العاشرة…
كيف لم أشعر بهذا الكم من النوم ؟؟
اعترف أن الامس كان يوم عاصف بتفاصيل نهاره وليلة ….
حتى انه انتهى بعاصفة عاطفية حاول فيها مازن احتوائي….
لتتحول مشاعر احتواءه لمشاعر ضارية ربما أراد تفريغ طاقة الغضب والقلق التي انتابته….
ليكتمل اليوم بكل تفاصيله المتناقضة…..
وأصبح انا ضحية كل هذه التفاصيل…..
لاستيقظ بجسد منهك أكاد اجرر قدمي جرا حتى استطيع نقلها من خطوة لأخرى .
توجهت للمرحاض لاغتسل واحاول التنفيض عن كاهلي كل هذه الأتعاب …..
ثم خرجت وشرعت بإعداد قدح من القهوة لعله يبث بداخلي بعض من الطاقة احاول اكمال مهام يومي بها .
جلست بالصالة محتضنة قدح قهوتي ابثه ثقتي بفاعليته ليبثني مزاج رائق استطيع من خلاله التغلب على همومي .
انهيت قهوتي وأنا أعيد التفكير في مجريات الامس ماذا اذا لم ينتهي الامر هكذا ؟
حتما لم استطيع الصمود بكل ما اتحلى من قوى…
وستنهار كل حصوني….
وربما أصبحت بعدها إنسانة خاوية…..
أو قد يذهب عقلي إذا انتهت مآساة الامس بذهاب اطفالي ……
حتما لم أكن كما انا فلولا لطف الله لتبدلت الأحوال جميعها .
تذكرت دعائي الدائم ( اللهم لا تكلفنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر وارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) لذلك أؤمن أن الله سبحانه وتعالى لم يكلف نفسا أكثر من طاقتها ولذلك فحمدت الله كثيرا ……
استقمت لادلف لغرفة اولادي اوقظهم بعد عناء يوم شاق .
قبلتهم بقبلة يتساوى مذاقها مع مذاق قبلة ولادتهم فكأنهم ولدوا من جديد .
بدأوا في الاغتسال لاشرع انا في إعداد الأفطار لهم….
حتى تعود الطقوس اليومية لمكانها المعتاد من افطار ، ثم مذاكرة، ثم اعداد غداء ،ثم عودة للمذاكرة مرة أخرى حتى النوم…..
ويتخلل كل هذه الطقوس الخلافات والصراعات الأخوية والأصوات العالية وتراشق السباب الطفولية….
والتي بدأت انظر لها بعين الفرح والسعادة بعد أن كنت أرى واصف أفعالهم هذه بالغعل المشين بل وامقته بشدة .
لارى الآن أن كل ما يحدث من حراك بينهم ما هو إلا صورة للسعادة لا نقدرها إلا إذا شعرنا باحتمالية فقدانه ….
فحقا الحمد لله حمدا كثيرا مباركا ….
انتهت طقوس يومي ونام اطفالي مبكرا للاستعداد للذهاب للمدرسة بالغد .
جلست انا انتظر مازن فيبدو أنه سيتاخر قليلا….
لاتذكر انا مشكلة المدعوة هناء ….
التي افحص جوانبها لابدأ باستخراج الخطاب من حقيبتي ودفتر ملاحظاتي …
وأكمل قراءة من حيث توقفت ….
ولكن لم يمهلني الحظ لأجد مازن قد عاد بملامح مكفهرة من أثر عناء العمل…
لارحب به وابدا بإعداد العشاء تزامنا مع اغتساله ولكني لاحظت دلوفة للمرحاض مصطحبا هاتفه فتذكرت عندما استيقظت لاجده مازال ساهرا بصحبة الهاتف .
قطبت حاجبي وأخذ عقلي يفكر في هذه التصرفات الغريبة….
ولكني لم اعلق حينها وشرعت بإنهاء اعداد العشاء .
ظللت انتظر خروجه من المرحاض الذي تأخر كثيرا بالداخل .
طرقت عليه باب المرحاض فإذا به يجيبني / أيوة حاضر يا حبيبتي.
حاولت أخباره بالتسرع / اتاخرت جوة والأكل برد ايه هتنام عندك !؟
فتح الباب وهو مبتسما قائلا / لا خلاص خلصت انا بس كانت معدتي وجعاني.
ركزت انظاري تجاه هاتفه الذي بيده مستفسرة بتهكم / وواخد التليفون بالحمام ليه يا ترى ؟
لاحظت ارتباك ملامحه وهو يوزع نظراته تجاه هاتفه وتجاهي ثم تحدث بتلعثم واضح / ها…… ابدا كنت منتظر تليفون مهم وخوفت يجي وانا في الحمام .
ابتسمت بجانب شفتي بتهكم وانا اسأله بغير تصديق رافعه حاجبي لأعلى / وياترى جالك التليفون .
مازالت نظراته زائغة وردود أفعال مضطربة ليؤكد على احساسي بأن هناك خطب ما ويجب أن لا اصمت عليه ، أجابني باضطراب / لا …. مجاش …. فين الغدا انا جعان اوى .
وبرغم عدم استصاغه للطعام وهو بارد إلا أنه جلس وتناول طعامه المثلج من أثر برودة الطقس دون أن يتفوه بكلمة على غير عادته تحت انظاري المتفحصة مما أثار ريبتي أكثر لاطلب منه هاتفه / هات تليفونك يا مازن عايزة اعمل تليفون .
وكاني القيت عليه كارثة توقف الطعام بحنجرته وأخذ يسعل ويسعل فمددت يدي بكوب ماء التقطه مني واحتساه كاملا حتى هدأ السعال واستقام ساحبا هاتفه متوجها لغرفة نومهم وهو يشكرني على مذاق الطعام الرائع ناسيا أو متناسيا ما طُلب منه منذ لحظات / تسلم ايدك يا حبيبتي الاكل بجد جميل .
ظللت جالسة بمقعدي لم اجيب على مدحه الغير معتاد ولم احاول الدلوف خلفه .
اخذت افكر في ردود أفعاله وأتذكر منذ متى وهو هكذا ….
ربما منذ وقت كثير وانشغالي بالمنزل والاولاد والعمل جعلني لم انتبه لما وصل له .
اخذت افكر في الاحتمالات التي وراء انشغاله الجم بالهاتف هل يعرف امرآة أخرى علي ؟
هل وصل مازن لهذا التدني من الأخلاق ؟
ولكن لحظة جميع الرجال لم يصنفوا تعرفهم على امرآه أخرى بأنه تدني أخلاقي…
بل يروه حق مؤجل إذا اتداعت الحاجة.
وهنا أخذ عقلي يفكر تُرى هل وصل الأمر بمازن بأنه قد يحتاج لامرآة أخرى ؟؟
هل يرى أنني لم استطيع بتلبية احتياجاته ويرى أنني اقصر بها لهذا لجأ لامرآه أخرى .
لم أنكر أنه كثيرا ما كان يريد بعض الأيام الرومانسية نتبادل فيها مشاعر الحب …..
وننسى فيها أي قيود إلا أنني كنت اتحجج كثيرا لانشغالي بالأطفال ….
وذلك لشعوري بالانهاك في يومي مما يضطرني أن الجأ للنوم سريعا اريح جسدي قليلا دون التفكير في ما إذا كان مازن يريد مني تواجدي معه بشكل اخر مميز غير كوني ام أو امرآة عاملة .
السؤال الأهم هل هكذا يصنف رجل خائن ام أنني من دفعته لهذا !؟
وهنا انتفض عقلي رافضا المبدأ نفسه ….
فهل كل ما بيننا انحصر في تلك النقطة ؟؟
وإذا تقاعست عنها بيوم من الايام مرغمة أو باختياري فهل هذا مبرر لعزوفه عني والبحث عن أخريات ؟
فإذا كان لا يقدر انشغالي عنه وانهماكي بمسؤوليات أولاده فحتما لا يستحق حتى مجرد التفكير به .
استقمت ودلفت الغرفة خلفه لاجده على غير العادة مؤخرا قد غط في نوم عميق…..
ظللت واقفة أمامه اتأمل سكونه المريب ….
لم انظر له هذه النظرة من قبل ولم أتوقع أن أفكر في مثل هذه الأفكار ابدا …..
فثقتي فيه كانت لابعد الحدود……
ولكن يجب إعادة النظر في كل افعالي وقناعاتي…
ومن أجل السيطرة على اعصابي وعدم تهوري في ردود أفعاله حفاظا على البيت والأولاد فقد قررت محاولة الوصول لسبب أفعاله اولا ….
وساتعامل معه تحت قانون المتهم برئ حتى تثبت إدانته .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كانت أنثى)