Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل الحادي والستون 61 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل الحادي والستون 61 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الحادي والستون 61 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الحادي والستون 61 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

استيقظ الحاج إسماعيل على صوت بكاء زوجته في الصباح الباكر، فالتفت إليها قائلاً بدهشة: مالك يا حاجه عم تعيطي ليــه اكده على الصبح عاد.
لم تجيبه إنما هبت من فوق الفراش…. مبتعدة عنه وهي يزداد نحيبها، هب هو الآخر وراءها من فوق الفراش بانزعاج قائلاً باستغراب: مش هاتردي عليّ يا حاجه فاطمة.
حدقت به بضيق قائلة بتذمر: آني مش هتتحدت وياك واصل…إلا لما تجيبلي ولدي اهنه.
تنهد بضيق وهو يعود أدراجه للوارء ليجلس على الفراش قائلاً بنفاذ صبر: تاني يا حاجه هنتحدت في الموضوع ده كتير.
ألقته بنظراتها الحارقة هذه المرة قائلة بحدة: ما انت طبعاً راجل وولدك معدش فارج وياك بحاجه واصل، لكن آني اتفلج ولا أشرب من البحر ميهمكشي مني مش اكده….. زفر اسماعيل بغضب هذه المرة.
قائلاً بحدة: كِيف تجولي اكده… عليّ آني ما انتِ خابراني زين، اشمعني دلوك بتتهميني عاد…بإني معيزش اشوف ولدي.
اقتربت منه بسرعة قائلة بحنق: أني من ساعة ما عرفت الخبر وجفاني النوم لكن إنت يا أبو العمدة تنام ولا همك ولدك ولا ولده يحيى حتى.
حملق بها بصمتٍ كبير قائلاً باستسلام: الله يسامحك يا حاجه… في اللي بتجوليه، بس بردك آني هعذرك علشان آني خابر زين إنك موجوعه ومشتجاله جوي.
همست له بحدة: انت السبب من البداية… حرمتني منيه بسبب مرته مهجة…. ونسيت إنه ولدك… زي ماهو ولدي..
تطلع إليها بمرارة قائلاً بهدوء مفتعل: يعني عجبك اللي عمله في البنته اللي صغيرة… دي ساعة ما حدتتني كإنها بتحددتني عن واحد غريب عنينا يا فاطمة… مكنتش خابر إن شغله هيأثر على طبعه اكده.
نظرت إليه باستعجاب وصدمة قائلة بعتاب: بجى انت صدجت حديتها عاد، اكده بسهولة يا حاج.
هز رأسه بحيرة قائلاً: وهيه عم تكذب ليه عاد، وكانت رايداه معيزاش تطلج منيه.
أطرقت برأسها باستسلام حزين قائلة بيأس: خلاص يا ابو العمدة ما عدتش عايزة حاجه من الدنيا  شيء واصل غير إني  اشوف ولدي واطمن عليه جبل ما أموت.
اهتزت مشاعره من الداخل وضمها إلى صدره قائلاً بحنان: اوعاكِ تجولى الكلمة دي تاني واصل، ربنا يخيلكِ لينا ده انتِ الخير والبركة يا فاطمة.
ذرفت دموعها قائلة بألم: مش هرتاح إلا لما أشوفه جدامي عايزة اشوفه يا حاج.
ربت على كتفها قائلاً: حاضر يا حاجه أكيد هييجي جريب اهنه زي ما جالنا شريف صاحبه.
فقالت له بقلبٍ موجوع: أني مش هريتاح جلبي غير لما أشوفه واجف جدامي واطمن عليه بنفسي، ومعاه ولده يحيى تنهد قائلاً: ان شاء الله.. هيحصل وهتملي عينك منيهم كمان لغاية ما تزهجي.
دخل الدكتور فهمي مكتب يحيى بالمشفى في الصباح الباكر، فوجده يتثاءب بضيق فقال له باستغراب: انت اهنه لغاية دلوك ليه، فقال له بهدوء مفتعل: مخنوج مرديتش أروح البيت.
عقد حاجبيه باستغراب قائلاً له: ليه بجى حصل حاجه بينك وبين خطيبتك تاني.
تنهد بحدة قائلاً له بجمود: المرادي مش هيه السبب يا فهمي…. مخنوج من أبوها وأخوها اللي بيجروورا مع نفسيهم اكده اوامر ملهاش عازه عِندي.
ثم صمت برهةً مقطباً حاجبيه بغيظ مستكملاً: منعوها انها تخرج امعاي وده أثر عليه وعليها.
ابتسم فهمي قائلاً بحذر: أي حد في مكانهم هيتصرف اكده…. تطلع إليه بسخط قائلاً بنرفزة: انت بتجول إيه يا فهمي… دي مرتي انت ناسي ولا إيــه عاد.
هز رأسه بالرفض قائلاً: لاه منيش ناسي بس أنتَ نفسيك إذا كنت مطرحهم هتعمل إكده وأكتر…. دي لساتها في بيت ابوها… ومتنساش إن كمان عندينا اهنه في البلد… مينفعش معانا واصل الخروجات والحديت ده عاد.
تأفف مزمجراً بحدة من حديث صديقه قائلاً بعناد: آني مبعرفش آخد راحتي وياها حتى في الحديت لما بروحلها البيت فجلت نخرجوا سوا وأهي مرتي مهياش غريبة وأظن إن آني أكتر واحد هيخاف عليها وعلى سمعتها، ومنيش هسمح لأي حد يتحدت عنيها بأي حاجه عفشه وده اللي هجوله لابوها وأخوها النهاردة.
زفر فهمي قائلاً باستسلام: آني مجدر موجفك بس لساتك، مش فاهم جصدي…. وعلى العموم اتحدت وياهم بهدوء، دي لساتها في بيت ابوها بردك، بدل لا جدر الله يرجع في حديته تاني وتبوظ الجوازة.
اتسعت عيناه بحدة غاضبة قائلاً بنرفزة: ميجدروش يعملوها وإن عملوها منيش مطلجها وهخليهالهم زي البيت الوجف اكده وهرفع عليهم جضية كمان.
هز فهمي رأسه بتفهم قائلا: خلاص اصبر لما تجعد وياهم وأهي هانت أهوه وفرحكم جرب مع عجيقة ولد أخوك اللي صغير.
زفر يحيى بحرارة قائلاً بضيق: آديني صابر لغاية ما نشوف آخرتها إيه عاد.
وجدت مهجة سيارة حديثة الطراز غامقة اللون تعترض طريقها بالعرض بغتةً.
فاتسعت عيونها بصدمةٍ قوية، متجمدة في مكانها لا تستطيع أن تتحرك…. وودت الهرب بعيداً لكن، عقلها شل عن التفكير في هذه اللحظة.
أخرجها من هذا الصمت المطبق…. صوت صاحبها يقول بسخرية لاذعة:- المصيبة بتاعتي رايحة فين بدري على الصبح…!!!
بُهت وجهها كثيراً عندما وجدت زوجها جلال أمامها في عربته… محدقاً بها بنظراتٍ مشتعلة… حاولت مهجة التحرك لكن أطرافها تيبست في مكانها.
طالت نظراتهما كثيراً، وكل واحد منهم لديه تفكيره الخاص بالطرف الآخر… أخرجها من شرودها هذا متابعة حديثه الساخر بقوله التهكمي: مالك إكده يا مصيبة حياتي، ساكته ليه عاد.
ما أن استمعت إلى سخريته حتى أطلقت قدميها للرياح في الطريق العكسي… ناحية فيلته.
هبط من سيارته سريعًا وركض خلفها حتى لحق بها، وأمسكها بقبضته القوية من كتفها لتثبت في مكانها. 
هاتفاً بغضب: إنتِ مفكرة نفسيكِ هتهربي مني آني يا مهجة.
ارتجف جسدها بشدة وهي ترمقه بخوف قائلة بصوت مرتعش: ابعد عني… مش عايزة أعيش معاك…
حاول جلال أن يضبط أعصابه كثيراً بقوله الجامد: مش بمزاجك … ارجعي واركبي امعاي من سكات، لينا مكان نتفاهم فيه.
هزت رأسها بقوة رافضة العودة معه قائلة بحدة: لا مش راجعة… وهتطلقني النهاردة كمان.
اندلعت من عيني جلال بركان من الغضب الكامن بداخله محدقاً بها بنفاذ صبر.
قائلاً بتهديد منفعل: انتِ خابرة إذا ملجتكيش ماشية جدامي دلوك… هاخد يحيى منيكِ ومعتديش تشوفيه بحياتك ولو مرة واحدة.
تحجرت نظراتها الغير مصدقه ما يتفوه به على وجهه العالي قائلة له بعصبية: محدش هيقدر ياخد ابني مني وحتى لو كنت انت… هروح أبلغ عنك في أي قسم وكده كده القانون في صفي.
ضحك جلال هذه المرة بسخرية لازعة، على هذه الثقة الكبيرة التي تبدو في صوتها وكلامها إليه.
قائلاً بتهكم خافت: بجى اكده عايزة تبلغي عني آني يا مصيبة حياتي… مش بجولك مجنونة.
أزاحت يده من على كتفها وواجهته حتى كادت تلتصق به وهي تشيح بإصبعها في وجهه لولا وجود ولدها.
قائلة بنرفزة: اسمعني انتَ كويس أوي… أنا لا كنت مجنونة ولا مصيبة في يوم من الأيام …أنا بس علشان كلامي مش على هواك.
ضبط جلال أعصابه جيداً متجاهلاً كل حديثها الغاضب هذا، قائلاً بخفوت أربكها: طب بذمتك فيه واحدة عايزة تطلج دلوك من جوزها تجرب منيه اكده…. وناجص تدخل صباعها في عينيه التنين.
ثم صمت متأملاً وجه يحيى مردفاً بسخرية لاذعة: يرضيك إكده يا يحيى يا ولدي… واحدة تبجى طالبه الطلاج مني دلوك ومن جنانها عايزة تدخل بحضني طب تيجي إزاي دي جولي، ولولاك انت بس اللي مانعها كانت هتبجى متعلجه في رجبتي دلوك زي الطفلة اللي صغيرة.
تسمرت أطرافها في مكانها، غير مصدقه ما يقوله عليها واتسعت عينيها بغضب شديد وذمت شفتيها بحدة قائلة بعصبية: لا ده انت اتعديت حدودك المرادي أوي.
قابل جلال كل صراخها هذا ببرود تام مقترباً من وجهها يتأمل عينيها بخبث قائلاً بخفوت: هوه آني جيبت سيرتك دلوك يا مصيبة حياتي…. آني بجول واحده.
ضمت ابنها إلى صدرها بقوة من كثرة غيظها منه… ولاحظ جلال عليها ذلك فهمس بتحذير: حاسبي ولدي ليجراله حاجه من ورا جنانك ده عاد.
تنفست بعمق قائلة بسخط: بقولك إيه ملكش دعوة بابني ومش هتبقى أحن عليه  مني… 
تأملها بنظراتٍ مبهمة هذه المرة قائلاً لها بتهديد صارم: بجى اكده طب امشي جدامي دلوك ومن غير حديت تاني واصل وإلا… صمت برهةً متمعناً في وجهها الممتقع.. ثم أخرج سلاحه من غمده مصوباً إياه ناحية وجهها.
جحظت عينيّ مهجة بشدة… مشيراً إليها بحاجبيه بأن تستبقه إلى الى عربته في صمت، تسمرت أمامه والتحدي في عينيها.
فأردف قائلاً بحدة: امشي جدامي بسرعة يالا.. نظرت إليه بازدراء، ثم حدقت بولدها الذي بدأ يستيقظ… محتاجاً إلى الرضاعة.
فضمت شفتيها بغيظ وضمت ابنها بحنان قائلة بحنق ساخر: شكل بابا اتجنن يا يحيى… اللي كان بيعايب عليه.
ثم انصرفت أمامه رغماً عنها، حدجها بغيظ هو الآخر ومشي خلفها، استقلت سيارته بجواره وهي تتأفف بضيق وعصبية.
قاد جلال السيارة بصمت متجاهلاً إياها تماماً، إلى أن استمع إلى صوت آنين ولده يحيى، فانزعج قائلاً بقلق: بيعيط ليه اكده جولي.
تنهدت بحدة قائلة بتذمر: يعني هيكون بيعيط ليه إلا لسبب انه جاع أكيد وعايز يرضع.
ضيق حاجبيه بنفاذ صبر قائلاً لها بغيظ: خلاص رضعيه متسيبهوش اكده جعان.
صُدمت من كلماته قائلة بتوتر: قدامك كده مش هينفع مستحيل، لما نوصل… حدجها بنظراته الغاضبة قائلاً بحنق: هوه ده كمان وجت خناجك وعنادك بردك، بجولك رضعيه.
فقالت له بحدة: وأنا مش هرضعه قدامك… خلاص قربنا نوصل، واهبقى أرضعه على راحتي.
ذم شفتيه بنرفزة متطلعاً إليها صائحاً بها: منيش خابر أتعامل كِيف وياكِ حتى هتعندي امعاي لمصلحة ولدنا بردك.
اختلج قلب مهجة من الداخل في هذه اللحظة، محاولة السيطرة على قلبها الذي يزداد صوت دقاته بكثرة، من أجل كلمته الأخيرة فهذه أول مرة يقول لها ذلك.
ولم تعد قادرة على اجابته المذهولة من تصرفاتها هذه، اشاحت بوجهها بعيداً وهدهدت يحيى ليصمت، حتى لا يزيد من غضب والده.
وصلوا إلى الفيلا فهبطت مهجة سريعاً من العربة وهرولت بولدها إلى الأعلى باتجاه غرفتها…. 
زمجر جلال بانفعال… متأففا من أفعالها وتحديها الدائم له الذي لا ينتهي، ولم ينادي عليها من أجل ولده الجائع الآن.
دخل إلى مكتبه مجرياً عدة اتصالات خاصة بعمله… بعدها كان الإفطار جاهزاً كما أخبره خادمه سعد.
قال له جلال بهدوء: جهز السفرة كمان ساعة إكده، اومأ برأسه قائلاً:- حاضر يا سعات البيه.
صعد جلال إلى الأعلى، فتح باب الغرفة بهدوء دون إستأذان، فوجد ولده نائماً على الفراش، ووالدته واقفةً بالشرفة التي تطل على حديقةً صغيرة شاردة الذهن وهي تعقد ذراعيها على صدرها كأنها تنفصل بفكرها بعيداً عن هذا المكان.
دون أن تستبدل ثيابها، حتى أنها ظلت بحجابها أيضاً وهي توليه ظهرها دون أن تنتبه لوجوده خلفها.
ظل جلال يتأملها بصمتٍ كبير… ودقات قلبه تسارعه، حائراً ماذا عليه أن يفعل معها ومع تصرفاتها الحمقاء التي تجعله رغماً عنه يزيد من قسوته عليها… هداه فكره إلى الهدوء نسبياً في التحدث معها… علها تسامحه هذه المرة.
اقترب منها بخطوات هادئة بطيئة، حتى كاد يلتصق بها من الخلف…. شاعراً بالاشتياق لها كثيراً. 
شعرت مهجة بأنفاس متسارعة وراءها فارتجف قلبها وجسدها بشدة معاً حتى أنها حاولت الابتعاد عنه لتهدأ من توترها الذي يزيد كلما اقترب منها هكذا.
لم يترك جلال لها المجال لتفعل ما تريد، إذ احتضنها من ظهرها محيطاً خصرها بذراعيه بقوة، مغمض العينين مستنداً بذقنه على رأسها، يحاول ضبط انفعالاته الداخلية قائلاً بخفوت: هتفضلي مخصماني اكده كتير… ورافضة تتحدتي امعاي.
شدة مهجة قبضتيها بقوة لتهرب من مشاعرها المتلهفة عليه، مع صرخات قلبها التي تدعوها إلى العفو عنه والصفح، لكنها تماسكت تماسك وهمي قائلة بهدوء مفتعل:- آه ومن فضلك بقى ابعد عني ومتلمسنيش… خليني في حالي.
لم يبتعد عنها جلال كما أرادت بل زاد من إلتصاق جسدها به بقوة شديدة، حتى لا تفر منه منحنياً بجانب أذنها…. حتى يكون تأثيره عليها أسرع وأكبر…. لهذا لن يتركها تفعل ما يحلو لها.
شاعرةً بأنفاسه الحاره تلفح جانب وجهها، جف حلقها من شدة هذا القرب، تحاول ضبط انفعالاتها…. حتى أيقظها هو من عذاب قربه لها بهذا الشكل.
هامساً بصوته الجذاب: وأهون عليكِ اكده يا جلب جلال، امتلكها الاضطراب بقوة في هذه اللحظة، فأغمضت عيونها بقوة حتى تلملم ما تبقى لها من شجاعة لمواجهته قائلة لنفسها بقلق مضحك: وبعدين بقى ابعد عني يا ابن الناس أنا فضلي تكه وأخدك بالحضن.
طال صمتها أكثر هذه المرة فجعله هذا يزيد من الضغط على أعصابها، هامساً بصوت يغلفه الشوق: بس آني خلاص مش طايج فراجك أكتر من إكده…. اتوحشتك كتير جوي يا عمري.
شعر جلال بأن ما يفعله للتو أتى بذلك التأثير الذي يسعى لأجله منذ فترة طويلة حتى شعر بذوبان مشاعرها من صدرها الذي يعلو ويهبط بسب ذلك التأثير الذي جعلها كالمخدرة.
فقد تسارعت أنفاسها وصمتها الطويل هذا جعله يدرك بأن هدفه قد اقترب أخيراً.
فانتهزها فرصة وأدارها نحوه ببطء…. لاحظ آثار تأثيره على وجهها وشفتيها التي تنتفض لا يعلم أهو شوق أم حزن من نوع آخر في قلبها ويظهر بجلاء على شفتيها.
وانتقلت هذه الرجفة إلى جسدها الذي يتمسك به بقوة إلى الآن بين ذراعيه… 
هامسه بصوتٍ معذب: ابعد عني أرجوك أنا خلاص تعبت يا جلال …. تعبت وكفاية أوهام وأحلام عيشتني فيها كفاية… حرام عليك، أنا خلاص عودت نفسي على ان أعيش من غيرك…. سيبني بقى أعيش حياتي زي ما أنا عايزة مع يحيى.
ابتلع جلال ريقه بقوة وصعوبة متمعناً في داخل عيونها الذي يشعر بأنه يغرق بهما وهي فقط من تستطيع أن تنشله منها.
قائلاً بنبرة متحشرجه:- إذا كنتِ جادرة تعيشي من غيري عاد اكده بسهولة زي ما بتجولي، ليه ساعدتيني ووجفتي جنبي وأني فاجد الذاكرة… ليه خدتيني بحضنك وحسستيني بالأمان في وقت مكنتش خابر أي حاجه عن حياتي…
صمت برهةً يلتقط أنفاسه بصعوبة مقرباً وجهه من وجهها متابعاً بهمس:- جوليلي ليه ضمتيني لصدرك وأنجذتي حياتي وكنتِ ممكن جوي اكون ميت دلوك…. قاطعته بوضع أناملها على شفتيه بعفوية.
انتبهت لنفسها بسرعة فأبعدت أصابعها عن شفتيه شاحبة الوجه.. مع اتساع عينيها وهي تحدجه بصدمةٍ قوية…
إذاً فقد تذكر كل شيء الآن ولم تستطيع الكذب عليه ولا على نفسها أكثر من ذلك، لقد ساعدته فهو أغلى عندها من نفسها هي…. فهو عشقها الأبدي وكل شيء في حياتها.
فلما وجدها صامته أمسكها وهزها بخفة من كتفيها، مقرباً وجهه من وجهها أكثر.
ثم عاد عليها كلماته من جديد ليزيد من تأثيره عليها شاعراً بالحرب والصراع بداخل قلبها.
قائلاً بتساؤل: ما تجاوبي ليه ساعدتيني ودافعتي عني بروحك وكان ممكن يحصلك أي حاجه بسببي، وانجذتي حياتي من شوية العصابة اللي اتفجوا يصفوني في وجت ما كنت راجعلك وناوي أعيش وياكِ… جوليلي ليه مسيبتنيش أواجه مصيري وياهم.
صرخت به بتلقائية هذه المرة ودموعها الغزيرة تنهمر على وجهها هاتفة: يارتني قدرت على نفسي مقدرتش…. مقدرتش أتفرج عليك وأسيبك لوحدك قصادهم…
وما أقفش جنبك انت في وقت تكون محتاجني فيه… حتى واحنا مطلقين.. انت بنفسك دربتني على كده ان ما أسيبش الحق يضيع قدام الظلم مهما كان هيحصل ايه.
ازدرد لعابه هذه المرة بسرعة غير مصدق أنها قد بدأت تخرج عن صمتها اللعين هذا وتفرغ ما في قلبها وجعبتها وتتجاوب معه أخيراً.
تأملها بحب قائلاً بلهفة: أكيد عملتي اكده علشان لساتك بتحبيني ومش جادرة تعيشي من غيري ولا تستغني عني، هزت رأسها بالنفي الكاذب.
قائلة بصوتٍ منتحب: لأ قادرة أعيش من غيرك وإذا كنت دافعت عنك فده علشان أخلاقي تمنعني أن أعمل العكس، والتدريبات اللي ادربتها خلتني أساعد أي حد إذا كان في مكانك.
ظهرت على ملامحه الغيرة الشديدة واضحةً على محياه وتخيله لمساعدتها شخص آخر غيره قائلاً بغلظة هذه المرة: كدابة… كدابة… كل اللي بتجوليه كدب ومن ورا جلبك ودجاته السريعة فضحتك دلوك جدامي آني خابرك زين يا مهجة.
هزت رأسها بالنفي بسرعة… وانتزعت نفسها من قبضتيه، بالرغم من كذبها بالفعل قائلة بغضب: لأ انت لسه مفهمتنيش صح يا سعات الباشا المحترم… انت إذا كنت مفكر اني ساعدتك علشان خاطر أوهامك دي فتبقى غلطان، 
وكل الأوهام دي موجوده في خيالك وبس مش أكتر من كده. 
قالت ذلك وفرت هاربة بسرعة إلى المرحاض وأغلقت عليها الباب من الداخل بإحكام.
مستنده إليه بكتفها الأيسر واستكملت بكاؤها بصوتٍ حاد… لامس روحه من الداخل، اقترب جلال بخطواتٍ سريعة نحو المرحاض، ناظراً إلى الباب المغلق أمامه بضيق.
وقف بالقرب من الباب يصتنت إلى صوت نحيبها الذي يتعالى رويداً رويداً…. خشي جلال ليستيقظ ولده من صوت والدته.
فانتقل ببصره إليه قائلاً لنفسه بحنق: المجنونة هتصحيك جبل ما تحدت وياها… وأجول كل اللي نفسي فيه.
طرق عليها الباب بقوة… قائلاً بحدة: كفاياك معاندة يا مهجة عاد… فهتفت به غاضبة: لا مش كفاية واتفضل بقى سيبني لوحدي دلوقتي منيش طايقاك ولا طايقة اسمع صوتك.
تنهد بنفاذ صبر من صوتها الذي يغلفه العصبية العارمة، كاد أن يكسر عليها الباب لكن إذا فعل ذلك لن يوصل إلى هدفه أبداً، شرد بذهنه محاولاً التفكير قليلاً ماذا عليه أن يفعل ويتصرف معها.
قرر جلال ضبط أعصابه بالقوة حتى تلين له وتسامحه قائلاً بغضب مكتوم: بجى اكده طب على كيفك يا مهجة.
تهاوت هي جالسة على الأرض وراء الباب باكية أكثر على صوت نداء قلبها الذي يئن وصوت صرخاته تتعالى من الحنين إليه وإلى إلقاء نفسها بين ذراعيه الذي يحتويانها شاعرةً بأمان لم تشعر به من قبل في حياتها. .
ابتعد جلال عن باب المرحاض متجهاً إلى ولده يحيى، فانحنى عليه وحمله بين ذراعيه، متأملاً لمحياه الصغير، أثناء نومه قائلاً له بخفوت: الحمدلله انك مصحيتش لدلوك من صراخ امك وإلا كنت طربجت الدنيا دلوك جبل ما اتحدت وياها.
ثم قبله بوجنته برفق واحتضنه جيداً، وغادر به خارج الغرفة…. بعد أن أغلق الباب خلفه بقوة متعمداً ذلك…
استمعت مهجة من وسط دموعها إلى صوت الباب المغلق، فارتاحت نفسيتها قليلاً، لخروجه من الحجرة.
هبت مهجة واقفة على قدميها قائلة لنفسها بحزن: لإمتى يا مهجة هتفضلي كده… صمتت قليلاً ثم أستكملت بعناد: لغاية ما هوه يزهق مني ويسبني.
اتسعت عيونها باضطراب وصمتت عند هذه الكلمة الأخيرة متابعة لنفسها بارتباك: افرض فعلاً زهق وسابك…هتقدري تنسيه وتسبيه بسهولة كده…. وهتعيشي وحيدة من غيره إزاي…. ده انت ما صدقتي أنه رجعلك من تاني.
فرت هاربة من صوت تفكيرها الداخلي…  وذلك الصراع الذي لن ينتهي… إلى إلقاء المياه على وجهها بكثرة لتنسى قليلاً ما تعانيه.
غادرت المرحاض… بحذر فسقط بصرها على الفراش الخالي من ولدها يحيى، فانخلع قلبها لرؤيته فارغاً هكذا.
استبدلت ثيابها على عجل من أمرها، والتي قد ابتلت من الداخل جاءت لتركض ناحية الباب بفزع… انفتح باب الحجرة بوجهها فجأة، امتقع وجه مهجة بشدة عندما تلاقت عيونهم سوياً… 
وقف يتأملها طويلاً بشكل مبهم وهو يغلق الباب خلفه بقوة كأنه يهددها قائلاً بغموض تام: إياكِ تكوني فوجتي دلوك.
تراجعت من مكانها للخلف بقلق من كثرة تحديقه بها قائلة بتردد: فين ابني… فين يحيى… وديته فين. قولي….!!!
رفع حاجبه بدهشة مصطنعة قائلاً بسخرية: ابننا تجصدي مش اكده.
شجعت نفسها على مجابهته قائلة بحدة: لأ ابني لوحدي يا سعات البيه، زمجر جلال بعصبية هذه المرة
قائلاً بتهديد: مهجة فوجي زي ما هوه ولدك، فهوه ولدي أني كمان.
هزت رأسها بالنفي سريعاً، ساخرة منه قائلة باستهزاء: بقى ابنك دلوقتي… لسه فاكر ان ليك ابن، يا جلال بيه.
رفع حاجبيه بغضب واقترب منها بغتةً قابضاً عليها بقوة من ذراعها قائلاً بانفعال: إنتِ ناسية إنك كدبتي وخبيتي عليّ خبر حملك…. وأني زوجك آخر من يعلم إن عِندي ولد.
حملقت به بوجه شاحب كصفحةٍ بيضاء، وعينين غاضبتين صائحة به بقولها العصبي: انت السبب… انت السبب في كده… في يوم ما تأكدت إني حامل ولسه هقولك وأفرحك بالخبر زيي بالظبط…. لقيت حضرتك بتردلي الجميل من ناحية تانية…
وبتكسرني من غير لا رحمة ولا شفقة منك، وطلقتني ورمتني أنا وابنك ولا كأني كنت موجوده بحياتك قبل كده، لدنيا مبترحمش ومصير مجهول الله أعلم بيه ….. 
انهمرت عبراتها غزيرة هذه المرة وابتعدت عنه أكثر مردفة بغضب: أنا مستحيل أسامحك بعد اللي عملته فيه أنا وابني، مستحيل…. أنا عايزة آخد ابني وامشي من هنا بسرعة.
استشاط جلال من الغضب لهجومها الشرس عليه، والنيل منه بكلمات تجعله يزيد من قسوته عليها.
قائلاً لها بحدة: جولتلك جبل اكده كان غصب عني وجتها وكنت مضطر  أطلجك علشان شغلي ورجعتك على طول بعد أسبوع، واوعي تفكري اني رميتك لاه زي ما بتجولي… مجدرش جلبي يعملها ويرميكي واصل ولا ده طبعي ولا دي أخلاجي….
هزت رأسها نافية غير مصدقة ما يتفوه به قائلة بحدة مماثلة: كل ده كدب… كدب… وكفاية بقى لغاية كده أنا عايزة يحيى وسيبني أمشي من هنا بقى وخليني  في حالي بعيد عنك. 
اقترب منها بخطوتين واسعتين كأنه سينقض عليها كالثور الهائج، فتراجعت للوراء بتلقائية بذعر وعبراتها تتساقط، ممسكاً إياها من كتفيها ببقسوة.
قائلاً لها بانفعال: مين فينا اللي كداب دلوك بصي لنفسك اكده ها… بصي وشوفي رعشتك من لمسة يدي وفي الآخر تجولي عني آني اللي كداب، آني عمري ما كنت كداب واصل ولا هكون واستحالة أسيبك من يدي تاني تضيعي بعد ما لجيتك يا مهجة.
صُدمت من كلماته تلك وتمسكه الشديد بها، فاهتزت مشاعرها من الداخل لوهلةً محملقةً به بنظراتها الزائغة ولم تستطيع التحدث أو تكذيبه فجسدها بالفعل يرتعد للمسات يديه على كتفيها، وكلماته الحانية تخترق قلبها دون هواده الذي يصيح بها أن تغفر له هذه المرة.
فلما طال صمتها وجدت نفسها بين ذراعيه بغتةً… يحتضن إياها بقسوة قائلاً لها بعصبية:- أني بعشجك يا مهجة بعشجك…. واستحالة اسيبك، وغصب عنيكِ كمان إنتِ ليه لوحدي آني ، مهما تعملي مش هسمحلك تبعدي عني واصل ولا تطلعي من حياتي تاني،
ولا هتخلى عنيكِ ولا عن يحيى ولدي….وخابر زين إن كل اللي بتعمليه دلوك ده من ورا جلبك وبس وعايزة تنتجمي مني علشان اللي عملته فيكِ.
أغمضت عينيها وقد بدأ جسدها ينتفض أكثر وأكثر، غير مستوعبة ما يحدث لها الآن ولا حبه الجنوني هذا غير مصدقه أنه يعشقها إلى هذا الحد ولن يسمح لها بالأبتعاد عنه مهما فعلت
شعر بارتعادها بين يديه فضمها بشدة أكثر إليه ليشعرها بالأمان التي اشتاقت إليه، متيقناً هذه المرة بمدى تأثيره عليها والواضح بجلاء أمام ناظريه.
هامساً بجوار أذنها: اشتجت لحضنك الدافي…. اشتجتله كتير جوي يا أحلى مصيبة حصلتلي في حياتي، ومتحاوليش تبعدي عني تاني واصل، لأنك مش هتجدري تفارجيني يا روح العمدة، جلبك مش هيطاوعك وهيجفلك المرادي كتير جوي.
استيقظت نوال بعد أنا نامت نوماً متقطعاً بسبب عصبية ياسين عليها بالأمس، شاعرةً بالضعف من آثار نفسيتها الحزينة من أجل مهجة التي لم تظهر إلى الآن.
مما أدى إلى تأثير ذلك كله عليها فتعبت أكثر وزادت آلام الحمل عليها، فركضت نحو المرحاض بسرعة قائلة لنفسها: آه تعبانة أوي…. أفرغت ما في بطنها في الحوض.
وهي تتأوه بشدة، طرقت عليها باب غرفتها والدته ولما لم تفتح لها…. قلقت عليها ففتحت الباب ودخلت فلم تجدها في فراشها فاستمعت لصوت تأوهاتها آتيه من المرحاض.
ركضت باتجاهه قائلة بفزع: نوال …. نوال افتحي الباب…. مالك يا بنتي، فتحت لها الباب بملامحها المجهدة.
وكادت أن تهوى ساقطة أمامها على الأرض لكنها لحقت بها وضمتها إلى صدرها قائلة بجزع:- في إيه يا حبيبتي ما كنتِ كويسة امبارح.
انتفض جسدها قائلة بنبرة مرتجفة: تعبانة أوي يا ماما، وحاسة بدوخه جامدة.
تنهدت بقلق قائلة بخوف: طب تعالي ريحي على السرير، وأنا هخلي بابا يجبلك دكتورحالاً فقالت لها بلهفة: لأ انا مش عايزة أنا شوية وهبقى كويسة متقلقيش.
حدجتها بقلق أكبر قائلة بجزع: لأ مش ممكن اسكت شكلك ميطمنش نامي في السرير… وأنا هتصرف.
تمددت بالفراش، ودثرتها جيداً ثم نادت قائلة: يا مها…يا مها… ركضت الأخيرة نحوها قائلة: نعم يا ماما… فقالت لها بهدوء ظاهري: خليكي قاعدة جنب نوال لغاية ما آجي.
اومأت برأسها بطاعة فأمسكت نوال بيد أم ياسين قبل انصرافها هامسة: صدقيني يا ماما أنا هكون كويسه متقلقيش اعترضت قائلة بقلق: لا منا مش هستنى لما يحصلك حاجه لا قدر الله ثم انك لازم تتعالجي كويس…. انتِ ناسية سفرك ولا إيه الأسبوع الجاي .
بعد قليل أتى والد ياسين بالطبيب، وفحصها جيداً ثم كتب لها دواءً بعد أن طمئنهم على صحتها.
بعد انصراف الطبيب قال والد ياسين: الحمد لله ان الدكتور طمنا عليكِ يا بنتي، بس مهم أوي بكرة إن شاء الله تروحي تعملي أشعة وتحاليل قبل ما تسافري، علشان نطمن أكتر تنهدت قائلة: حاضر يا بابا هروح.
أتت زوجته بصينية مليئةً بالطعام لتطعم نوال قائلة: يالا يا حبيبتي قومي كُلي لغاية ما يكون بابا جبلك العلاج وتاخديه بعدها.
زفرت بتعب قائلة: مليش نفس من حاجه خالص يا ماما، هزت رأسها رافضة لحديثها قائلة باعتراض: هتاكلي يعني هتاكلي انت عايزة ابنك ولا بنتك اللي هيشرفنا يطلع ضعيف ولا إيه ده ياسين يموتنا ساعتها.
ابتسمت نوال ابتسامة باهته قائلة: خلاص حاضر هاكل…. بعد قليل استمعت إلى صوت هاتفها يصدح رنينه العالي، فارتجف قلبها فأمسكت بهاتفها قائلة بدهشة: ياسين مش معقول.
فقالت لها والدته: طب ردي بسرعة عليه قبل ما يقلق زيادة ومتنسيش تكملي أكلك… ثم رمقت إبنتها قائلة: يالا يا مها سبيها دلوقتي لوحدها.
غادر الإثنان الحجرة ثم فتحت الهاتف بيدٍ مرتجفة ،بادرها ياسين بلهفةٍ قائلاً بقلق: نوال حبيبتي مالك يا حياتي، أغرورقت عينيها بالدموع… وما لبثت أن أجهشت بالبكاء بمجرد أن استمعت لصوته العذب قائلة بحنين معذب: ياسين حبيبي أنا آسفة أرجوك سامحني… محتاجالك أوي تكون جنبي.
ضبط ياسين أعصابه وقلبه يخفق بشدة من أجلها قائلاً بجزع: يا قلبي أنا مسامحك أصلاً… بس طمنيني عليكِ الأول بابا قالي انه جابلك دكتور… تعبانة من إيه يا عمري.
ارتجف قلبها بقلق قائلة بتردد: أنا…. أنا… كويسة متقلقش عليه، تنهد بشوق ولهفة قائلاً بحنان: أمال أقلق على مين إذا مكنتش أقلق على قلبي اللي بعيد عني.
ارتجفت شفتيها قائلة بخفوت: أنا ظنيت انك لسه زعلان مني ومش هتتصل بيه تاني… بعد اللي حصل بينا امبارح.
تنهد قائلاً بحب: وأنا أقدر بردو ابعد عن زهرتي الحلوة اللي مزينة حياتي، احمر وجهها قائلة بهمس: ياسين…. أغمض عينيه يستمع لصوتها الرقيق قائلاً بعشق: نعم يا روح قلب ياسين.
لامست كلماته المحبة قلبها قائلة بخجل: وحشتني أوي يا ياسين، ومش هزعلك تاني أبداً.
ابتسم ياسين مع اختلاج قلبه قائلاً باشتياق: معقول حبيبة قلبي الصغنن بتقولي الكلام ده ليه أنا.
توردت وجنتيها بحمرة الخجل قائلة بحياء:- بس بقى متحرجنيش أكتر من كده… ضحك ياسين من هذا الأرتباك الذي يبدو ظاهراً من صوتها.
قائلاً بمزاح: أسكت إيه دنا ما صدقت نطقتي أخيراً… بكلام جميل زيك كده يا قمر.
وددت نوال أن تقول له أكثر من ذلك لكن خجلها من متابعة الحديث معه قائلة بهدوء ظاهري: خلاص بقى يالا روح شوف شغلك أحسن.
ابتسم ياسين ابتسامة حانية قائلاً لها بحب: بس أنا مش هلاقي أحسن منك… إنتِ متعرفيش أد إيه عايز الأيام تعدي بسرعة علشان تكوني معايا.
تنهدت باضطراب قائلة بتردد: وأنا كمان يا ياسين… شرد للحظات في صوتها وتخيلها أمامه، مطلقاً بعدها قبلة في الهاتف… جعلت قلبها ينتفض ومشاعرها تتذبذب ولم تعد تقوى على التحدث.
قائلاً لها بعشق: مع السلامة يا عمري هتوحشيني لغاية ما أكلمك تاني بالليل.
شعرت بعد اغلاقه للهاتف بفراغ كبير سيطر على قلبها…. رغم تحسن مزاجها الآن بعدما حدثته… قائلة بهيام: ربنا يحفظك ليه ياسين.
كل هذه المشاعر الجياشة من جانبه جعلت مهجة تشعر بأنه إذا تركها سيغشى عليها في الحال… كما هو الحال معه دائماً.
فمن شدة تأثرها بشخصيته التي لم تقابل مثلها قط في حياتها إلى الآن… تُسبب لها توتراً وفقد لأعصابها، فيغشى عليها في الحال… وبالأخص عندما يظهر لها مشاعره.
أبعدها جلال عنه قليلاً مستنداً إلى جبهتها قائلاً بصوت خفيض:- مهجة متهملنيش لحالي آني رايدك جوي… يا اما…!!! 
شعرت بكلمته الأخيرة في باطنها تهديد ما معين…. جف حلقها لذلك هامسة بنبرة مهزوزة: يا إما إيه…!!!
تفحصها طويلاً ثم تحدث بصوتٍ يغلفه التحذير:- يا إما هسجنك اهنه غصب عنيكِ، ومش هتشوفي حد غيري آني وبس حتى الشمس مش هتشوفك واصل… لحد ما تعجلي…. وتجولي حجي برجبتي.
ثم صمت يتمعن في محياها المصدوم مردفاً بنعومة أذابتها: جولتي إيه يا مهجتي… ولا أجولك يا أجمل مصيبة في حياتي وجعت في حبها.
اهتزت جميع جوارحها لكلماته الذي جعلها لا تدري أهي ناقمةً عليه أم سعيدة من أجل تمسكه بها بهذه الطريقة المجنونة.
وجدت نفسها تنقض عليه وتقبض بيديها على مقدمة قميصه قائلة بحدة: ده واضح كده إن مش أنا بس اللي مجنونة لوحدي وطلع الباشا الكبير كمان أجن مني بســ…. قاطعها جلال بقبلةً قوية فجأةً محتضناً إياها إلى صدره….. 
شاعراً بشتى المشاعر التي تتداخل وتختلط مع بعضها البعض محدثةً… صراعاً قوياً بداخله لا يستطيع وصفه الآن….. سوى ذلك الاشتياق الذي ينمو ويتكاثر في كل ثانيةً ودقيقة نحوها.
تيبست هي بين ذراعيه كالمخدرة… حتى شعرت بأن نبضها توقف هو الآخر عن الخفقان، ولم يبتعد عنها إلا ليرى مدى تأثير قبلته عليها… متفحصاً وجهها وشفتيها التي تنتفض… من المفاجأة.
فأشارت إليه بإصبعها هامسة هي باضطراب العفوي: إنت…. إنت… بوستني صح … ولا أنا بحلم.
فهز جلال رأسه ببطء غامض لا تعرف إجابة سؤالها المضحك هذا.
متابعة بتردد مضحك: طب… طب… بس… أنـــ….  جعلها جلال تبتلع باقي جملتها في قبلةً أخرى أقوى من الأخرى لتدرك بأنها لا تحلم كما تخيل لها الآن.
فذابت قلوبهم مع أنفاسهم المتسارعة… بمزيجٍ من الشوق واللهفة هامساً هو بقوله الناعم:- صدجتي دلوك إنك مش بتحلمي.
هزت رأسها ببلاهة وشرود ذهن بالموافقة قائلة بعفوية:- انا مش بحلم… طب ابعد كده… فاستعجب من كلماتها عاقداً حاجبيه باستفهام.
لكنها لم تترك له مجال للتحدث ليسألها لماذا تريد ذلك، مستكملة حديثها قائلة بتلقائية مضحكة: وسع كده… وسع الطريق علشان الهوا… أنا أكتر من كده وكفاية أوي مش هقدر أعصابي مش متحملة رومانسيتك دي تاني اللي مش واخده عليها… ولازم يغمى عليه دلوقتي… واتصلي على الإسعاف ينوبك ثواب ينقذني.
دخلت والدة مريم على ابنتها إلى داخل حجرتها… كانت تبكي وعندما لمحتها مسحت دموعها بسرعة.
اندهشت والدتها قائلة بجزع: وه مالك يا بنيتي… عم تبكي ليه عاد… تهربت منها قائلة بحزن: مفيش يا اماي مكنتش بعيط ولا حاجه.
جلست بجوارها على الأريكة قائلة بقلق: لاه عم تبكي ومنيش خارجه من اهنه غير لما أبجى خابره ليه بتبكي اكده.
ألقت مريم بنفسها بين ذراعيها، فضمتها لها بحنان مشفقةً عليها، قائلة بجزع: جلجانة جوي يا اماي من حسين وابوي، وخايفة ان يحيى يسيبني بسببهم وآني ماصدجت لجيت سعادتي وياه.
تنهدت قائلة بحنان: متجلجيش يابتي من حاجه ابداً ابوكي هيتحدت وياه النهاردة…. وإن شاء الله خير.
هزت رأسها بقلق قائلة لها باضطراب: لكن يا اماي أخوي معندوش تفاهم… زفرت الأم بحرارة قائلة باستسلام: خابرة يا بتي خابرة…  بس أكيد الدكتور يحيى خابر بطبعه وطبع أبوكي.
هبت مريم واقفة شاردة في حديثها مع يحيى اليوم بالهاتف قائلة بوجع: التنين ممكن يعندوا مع بعض يا اماي.
هزت والدتها رأسها بحيرة قائلة بهدوء مفتعل: متخافيش اكده اكيد مش هيعندوا ده خلاص الفرح جرب والمفروض بردو يحيى ييجي على نفسه شوي علشانك.
إلتفتت إليها بقلق قائلة بلهفة: يحيى مش مصدج اني أبعد عنيه واصل وهوه زي العمدة شجيجه مبيحبش أي حد يتحكم في تصرفاته كلاتها يا اماي.
زفرت والدتها بحيرة أكبر قائلة بجدية: خلاص اصبري يا بنيتي لغاية ما يتجابلوا ونشوف الخبر إيه.
تهاوت مريم على الفراش مذعورة من أثر هذه المقابلة فصوت يحيى بالهاتف اليوم لا ينبئ بالخير أبداً.
تمددت في فراشها بخوف شاعرة بأن عقارب الساعة تمر ثقيلةً، بطيئةً عليها، أدمعت عيونها عندما تذكرت غضبه عليها دون ذنب. 
قائلاً لها بحدة: آني إذا كنت متحمل حسين فا متحمله بس علشان خاطرك، ولو عند امعاي هيبجى جابوه لنفسيه.
ارتبكت أعصابها بشدة هامسة له بقلق: جصدك إيه يا يحيى…!!! زفر بغضب عارم قائلاً لها بعصبية: جصدي مش هجوله دلوك غير لما أشوف أهلك النهاردة.
لمعت دموعها رغماً منها قائلة بخفوت: يحيى انت ممكن تسيبني وتتخلى عني إذا… لم يتركها تستكمل باقي عبارتها قائلاً لها بلهفة: إوعاكِ تجولي اكده تاني…. فيه حد عاجل يستغنى عن مريم حبيبة الجلب.
تنهدت بارتياح وقلبها يخفق هامسه بسعادة: بجد يا يحيى مهما جال اخوي مش هتسيبني واصل.
أجابها بلهفة: طبعاً دنا ساعتها لو الأمر وصل اني اخطفك منيهم هعملها… انتِ مرتي ومحدش يجدر يفرج بيناتنا.
أغمضت مريم عيونها عائدة إلى واقعها قائلة لنفسها برعب: بالرغم من اكده اني لساتني خايفة جوي يا يحيى من اللي ممكن يحصل النهاردة.
جلس يحيى بصحبة والده في غرفة المعيشة قائلاً له: في موضوع اكده عايز اتحدت وياك فيه يا ابوي.
عقد اسماعيل حاجبيه بدهشة قائلاً له: اتحدت يا ولدي جول آني سامعك زين، تردد يحيى قليلاً ثم تحدث بهدوء حذر: يا ابوي اني اكده صبرت كتير وكذا مرة فرحي يتأجل.
تمعن والده في وجهه قائلاً بجمود: ما انت خابر الظروف اللي بجينا فيها وهيه اللي مخلياني ساكت لدلوك ثم ان لازم اخوك يكون موجود ويحضر الفرح ويانا هوه ومرته وولدهم.
تنهد يحيى بضيق قائلاً له: يا ابوي افهمني الله يباركلك آني مش جصدي اني اتجوز من غير ما يبجى اخوي موجود… آني بس عايز أحدد ميعاد وياهم علشان ابجى خابر براي من جواي.
ضم والده شفتيه قائلاً: ما تجلجش يا دكتور اكيد أخوك هيظهر جريب وساعتها هنفرحوا كلاتنا بيك.
صمت يحيى قائلاً له بضيق مكتوم: لميته يا ابوي هصبر …. حسين أخوها وابوها مش هيسكتوا أكتر من اكده وآني مش عايز مشاكل وياهم…. وهيه مذنبهاش حاجه واصل في كل العطلة دي.
تطلع إليه بحيرة ثم تحدث قائلاً بجمود: ميجدرش لا عبدالرحيم ولا ولده يضايجوك بحاجه واصل، هما ناسيين نفسيهم ولا إيه عاد.
هز يحيى رأسه بضيق قائلاً بخفوت:- يا ابوي هما مش ناسيين ولا حاجه بس لدلوك معندهمش أخبار عن أخوي.
تنهد بحدة قائلاً بحزم: يبجى مش جدامك وجدامهم غير الصبر…لغاية ما اطمن على العمدة وبعد اكده تبجى فرحتنا فرحتين.
تنهد يحيى باستسلام قائلاً له: خلاص يا ابوي هصبر بس مش كتير جوي، ثم نهض من جانب والده، فقطب اسماعيل حاجبيه هاتفاً به بحدة: وبعدهالك يا دكتور… ما جولتلك على اللي فيها.
حدجه بصمت ثم تحدث بغضب مكتوم: خلاص يا ابوي آني هسكت ومش هفتح خاشمي واصل.. عن اذنك اروح أغير خلجاتي علشان شوية كمان وخارج تاني.
زفر اسماعيل بحدة بعد انصراف ولده ووجد نور بوجهه تدخل من الباب مبتسمة قائله: ما تزعلش يا ابوي، اخوي غصب عنيه بردك اللي بيعملوا دلوك.
اومأ برأسه قائلاً: خابر يا بتي بس ما باليد حيلة آني بس منتظر العمدة يجي ونفرحه زي ما هو عايز لكن هعمل إيه ويا الحكومة عاد ده جرارهم ولازم ننفذه… وأكيد كل ده لمصلحة جلال ولدي.
ربتت على كتفه قائلة بحنان: حاسه بيك يا ابوي وخابرة كيف بتاعاني… بس كفاية اننا اطمنا على اخوي.
تنهد بارتياح قائلاً: ايوة الحمد لله بس عايزك اليومين دول خلي بالك من امك حالها مش عجبني واصل يا نور .
اطرقت برأسها بالموافقة قائلة بهدوء ظاهري: ولا آني يا ابوي… بس آني مجدرة ظروفها زين ومش بسيبها واصل.
أمسك كفها في قبضته قائلاً بحنان أبوي: ربنا يبارك فيكِ يا بتي، دايماً اكده شايله همنا كلاتنا ومش بتملي منينا واصل.
هزت رأسها مبتسمة قائلة: ولا يهمك يا ابوي انت الخير والبركة كلاتها… ربنا يباركلنا في عمرك ويحفظك لينا يارب.
تلقفها جلال بين ذراعيه بسرعة كبيرة قبل أن تسقط على الأرض أمامه ثم حملها ووضعها على الفراش… برفق وبقلق.
تأملها بعينين متلهفتين  يحتضنها بقوة لصدره قائلاً باضطراب: مهجة فوجي… فوجي.. إنتِ هترجعي  للخصلة دي تاني، وبعدهالك أمال.
لم تعود لوعيها بعد فتأمل وجهها بشرود هامساً لنفسه: آه منيكِ يا مجنناني انتِ… ومخلياني منيش خابر أتصرف وياكِ كِيف.
هب من مكانه وأتى بزجاجة عطر تخصه هو ووضعها تحت أنفها قائلاً بلهفة وقلق: مهجة… فوجي بسرعة مالك إكده… هوه آني جلت حاجه تخليكِ يغمي عليكِ اكده.
هزت رأسها ببطء ولم تفتح عينيها بعد، انحنى جلال نحو وجهها مبتسماً بسعادة عند رؤيتها تريد فتح عيونها قائلاً بصوتٍ عذب: مهجتي … اتحدتي وياي… عاملة ايه دلوك.
فتحت عينيها مترددة في البداية فتقابلت أبصارهم من جديد كأنهم يرون بعضهم لأول مرة وكل منهم يعيش أجمل لحظات حياته…
هامساً بصوته العذب: جلجتيني عليكِ كتير جوي يا مهجتي…. رمقته بنظرات عدم فهم، ونبضات قلبها تعلو كعادتها عندما يكون بهذا القرب الشديد منها.
قائلة بدهشة: بجد قلقت عليه يا جلال، اقترب بوجهه أكثرمن عيونها قائلاً بخفوت: إذا مكنتش أجلج عليكِ انتِ أجلج على مين بس…. جوليلي.
جف حلقها في هذه اللحظة كأنها تحلم كما حدث معها منذ قليل ثم لمعت عيونها بالدموع حابسةً إياها داخل مقلتيها.
قائلة بتردد مرتبك: طب وأنا أصدقك إزاي ممكن أعرف، ابتسم لها عندما بدأت في الاستجابة له وللتحدث معه أكثر من ذي قبل…. محدقاً بعيناها اللتان امتلئتا بالعبرات ثم بشفتيها التي تنتفض.
قائلاً لها بنبرة جذابة: بجى بعد اللي جولته من شوية اكده ولساتك مش مصدجاني لدلوك…
أشاحت بوجهها بعيداً عنه لتحسسه بما اقترفه في حقها منذ زواجهم هامسة من وسط مشاعرها التي تهفو إليه.
قائلة بألم خافت: لأ مش باين حاجه لأن من ساعة ما اتجوزنا وانت على طول غامض معايا…. ولا بتقول أي حاجه ده غير معاملتك القاسية ليـه طول الوقت.
شعر جلال بخطأوه بهذه اللحظة وبأنه بالفعل كان يعاملها بإهمال وقسوة كبيرة  وها قد آن الآوان ليعوضها بالكثير عن ما لاقته معه من عذاب خلال هذه الأيام التي مضت.
مد ذراعه الأيسر أسفل رأسها ليرفع وجهها إليه أكثر من ذلك واضعاً أنامله برقة أسفل ذقنها…. متمعناً عيناها التي ترمقه بمزيجاً من العتاب والشوق..
بمشاعر شتى بداخل جنبات قلبه…. وتلاقت عيونهم كسيمفونية رقيقة تعزف من قيثارةً خاصة بهما فقط.
قائلاً لها بهمس: مهجة عايزك تنسي كل حاجه مرينا بيها إحنا التنين دلوك وتفتكري بس إني رجعت علشانك وبس.
حبست دموعها أكثر حتى لا تنهمر قائلة بقلبٍ موجوع: أيوة رجعت علشان خاطر يحيى لما افتكرت وجوده مش علشاني أنا.
هز رأسه بسرعة نافياً عنه هذه التهمة قائلاً بلهفة عاشق: لاه يا مهجة لاه…. إوعاكِ تجولي اكده تاني، آني رجعتلك حتى من جبل ما ابجى خابر إنك حامل في ولدنا يحيى، في يوم الحادث فاكراه… 
بس من اللي حُصل وجتها ملحجتش أجولك على اللي كان في نفسي أجوله من جلبي ليكِ…. وأحسن حاجه حصلتلي اني كنت وياكِ اهنه حتى وآني مش فاكر حاجه واصل.
ابتلعت ريقها بصعوبة عندما تذكرت هذه الأيام التي كانت بمثابة انتقام لكرامتها منه وفي نفس الوقت… أجمل أيام حياتها مرت بها على الأطلاق، ووقوفه معها في وقت احتياجها له عندما وضعت مولودهما.
صحيح انه كان فاقداً للذاكرة لكن كانت هناك مشاعر جميلة بينهما تشعرها بالأمان في صحبته، هربت دمعةً حزينة من عينيها…. مسحها لها جلال برقة.
مردفاً بحنان: صدجيني يا عمري كان غصب عني كل اللي عملته فيكِ…. جنانك، شجاوتك وحركاتك دي… كلاتها كانت بالنسبة بالي حاجه جديدة عليّ مع طبيعة شغلي خلتني انسى…. كيف اتعامل مع الحريم، علشان اكده كنت بجسى عليكِ في اوجات كتير جوي وآني جاصد أعمل اكده وابعدك عن تفكيري، ورغم اكده حبيتك كيف مش خابر…وعشجتك جوي ومكنتش متخيل إني هييجي يوم وهعشجك طوالي اكده…. غصب عني.
شعرت مهجة بغصة في حلقها شاعرة بالحيرة من جديد فهو يعترف بكل ما كانت تريد سماعه ورغم ذلك لم تستطع التفوه بأي من كلمات تعبر عن ما يجيش بصدرها من آهات وآلام، وعشق وحب…. مشاعر مختلفة تجتاحها.
فلما طال صمتها رفع رأسها إليه اكثر متمعناً في عيونها على مهل هامساً بصوتٍ يكاد يكون مسموعاً: سامحيني يا مهجتي على اللي عملته فيكِ…
أغمضت عيونها بقوة فلم تعد تستطع مجابهته أكثر من ذلك خصوصاً وكل هذا العشق يخرج من قلبه قبل لسانه وكأن عيناه تهمس لقبها وتبثها غراماً لم تكن تحلم به في يوم من الأيام.
شعرت بأنامله تتحسس بشرة وجهها الناعمة، برقة مردفاً بعشق: مهجتي متجسيش عليه أكتر من اكده وفتحي عيونك، اللي عشجتها من وجت ما شفتها ومنسيتهاش واصل…. حتى لما نسيت كل حاجه… كانت عينيكِ بس هيه اللي بتاخدني لبعيد جوي وبحس بحاجات كتيرة فيهم، بس ايه هيه مكنتش خابر.
شعرت بأن قلبها سيختنق من كثرة دقاته التى تزداد وتعلو بسرعة كبيرة من كم هذه المشاعر الهائلة اتجاهها بهذا الشكل.
فتحت عيونها من جديد…. فابتسم لها بشوق كبير أفتقدته هي في حياتها كثيراً وبالأخص الفترة الأخيرة.
حاولت مهجة أن تبدو هادئة ومتماسكة أمام هذا البحر الجارف من المشاعر نحوها… هامسة بعتاب: ليه طلقتني وكسرتني يا جلال….!!!
أمسك بكفها الأيمن برقة ثم قبلها برفق قائلاً بنبره حانيه: صدجيني يا مهجة كان غصب عني طلاجك مني، في نفس اليوم اللي طلجتك فيه كنت لسه مترجي لرتبة جديدة،
وفوجئت برئيسي بالعمل يطلب مني بتنفيذ وعده له بإني أطلجك من أول ما تخلص مهمتك امعاي…. بس آني مطلجتكيش وجتها،
فلما لجي المهمة خلصت بجالها كتير، ولساتك على ذمتي جالي بنفسيه مكتبي وطلب مني وجتها إني انفذ اتفاجنا سوا وأطلجك.
حدقت به بلوعة وابتلعت ريقها بصعوبة قائلة له بعذاب مرير: وطبعاً جيت ونفذتله كلامه زي ما كان متفق معاك وكأنك ما صدقت تخلص مني.
رمقها جلال بنظراتٍ نادمة وآسفه ثم تنهد جلال بحزن عميق من أجلها قائلاً بندم كبير: آني خابر زين اني جرحتك جوي، يا مهجتي لكن ساعتها ضعفت وخف علشان شغلي ميتاثرش، وطلجتك رغم عشجي ليكِ.
أغمضت عيونها بقوة شاعرة بأن يداً قوية أمسكت بقلبها واعتصرته حتى نزف من آلام جُرحها.
فتحت عيناها بحزن وكادت أن تبتعد عنه حتى تجعله يندم أكثر، لكنه تمسك بها جيداً كي لا تفلت من بين يديه.
قائلة له بلوعة غاضبة: مفيش أي سبب يخليك تطلقني يا جلال بيه، ومش معقولة يعني تكسرني الكسرة دي من غير ما تحس بيه وتقول غصب عني… علشان رئيسك مفيش حاجه تقدر تخليك تعملها بواحد بشخصية قوية زيك.
زفر بحرارة شاعراً بأن هناك حاجزاً أخيراً تضعه عقبه في طريقه للوصول إليها…. جعله كل ذلك يفكر باعترافه الأخير لها، علها تصدقه هذه المرة ويسقط هذا الجدار السميك بين مشاعرهما القوية بينهما.
قائلاً بأسف ولهفة: عنديكِ حج يا مهجة تجولي أكتر من اكده، بس احترامي له خلاني كنت مجبور إني أطلجك، ونفذت وعدي له مضطر، علشان كان في يوم من الأيام كنا في مهمة سوا من كام سنة عدت.
وأنجذ حياتي ساعتها من الموت واتصاب مكاني في كتفه، علشان اكده طلجتك وكمان علشان اتجوز بته اللي كان حاطط أمل كبير جوي اني اتجوزها كرد جميل للي عمله امعاي.
انهمرت الدموع من عينيها أكثر، هذه اللحظة وكل ثباتها الانفعالي التي كانت تدعيه طوال الوقت… ذهب أدراج الرياح.
قائلة من وسط دموعها: يعني تطلقني علشان تتجوز غيري يا جلال بعد ما أخدت كل حاجه حلوة كانت جوايا…. وما دام الموضوع كده بقى من البداية … مكنتش علقتني بيك كل الوقت ده، مادام كنت مرتبط من قبلي… 
ثم تحول صوتها فجأة إلى صريخ موجع ودفعته في صدره بقبضتيها مستكمله حديثها بوجع: ليه مقولتليش من البداية قبل ما قلبي يتعلق بيك…. ليه مفهمتنيش إن قلبك محجوز لغيري… وإني عمري ما هيكون ليه مكان جوه قلبك…. ليه تعمل فيه كده حرام عليك. 
لم يجيبها جلال بالتحدث إليها إنما أراد إجابتها بإسلوبٍ آخر مختلف وسريع إلى أبعد حد، فهي بهذا الشكل لم تستمع إليه أبداً ولن تمهله الوقت الكبير للتحدث إليها.
لهذا غضبً بداخله من جنانها الذي جعلها واهمةً لأشياءٍ كثيرة موجودة في خيالها هي فقط لا غير.
فأجابها بطريقته التي ستحقق هدفه ونتيجةً أسرع من الكلام الكثير دون فائدة… لتصفح عنه أيضاً بسرعة أكبر…. إذ وجدت نفسها بين ذراعيه بغتةً، يضمها بكل العشق الكامن بداخله.
هامساً بجوار أذنها بقوله العاشق: آني كنت موافج  بس كرد جميل مش أكتر… ومن جبل ما اشوفك يا مهجتي لكن بعد اكده كل ده راح وبجى سراب وعمري ما كنت هتجوز عليكِ واصل حتى لو مكنتش رجعتك ليه من تاني يا مهجة…. اللي يعرفك ويعيش مع أجن وأشجى بنت عيني رأتها في حياتي ما يتجوزش تاني واصل..
انتحبت مهجة بشدة بين هاتين الذراعين فربت على ظهرها بحب متابعاً بحنان: أني مش عايزك تبكي واصل بعد اكده يا جطعة من جلبي…. هوه اني كنت هلاجي زييكِ فين بس، هوه فيه غيرك مصيبة حياتي.
رفعت رأسها إليه من على صدره…. تحدجه بعتاب كبير قائلة له بقلب موجوع: لأ كنت هتلاقي كتير أوي وخصوصاً إنك حليوه كده و… انتبهت لنفسها حتى وهي تبكي تقول له ذلك.
فامتنعت عن التحدث واستكمال باقي عبارتها التي وجدت نفسها تتغزل به بتلقائية… فابتسم لها جلال بحنان.
قائلاً بمكر: ليــه مكملتيش جملتك… عاد…صمتت ولم تقوى على إجابته لكن دقات قلبها المتسارعة فضحتها وأجابته بما يريد سماعه.
فأردف هو بهمس أمام شفتيها الوديتين قائلاً بنعومة أذابتها: تصدجي الكلمة دي اتوحشتها كتير جوي منيكِ ، حتى جنانك اللي معيزش يطلع من دماغي واصل اتوحشته جوي هوه كمان.
ضمت شفتيها لا تستطيع ان تتفوه ببنت شفه، مع ارتعاش قلبها بقوة بين ضلوعها، أمام مشاعره الفياضة في هذه اللحظة طال الصمت كثيراً هذه المرة… فاقترب جلال أكثر من شفتيها ببطء جميل.
جعلت ضربات قلبها العنيفة هذه المرة لم تعطها إنذاراً أو حتى لعقلها أيضاً… لتمنعه بما ينوي فعله بها.
فقد قبلها بشفتيها بطريقة شلت تفكيرها وأذابت قلبيهما معاً وأطاحت بأي شيء مازالت عالقة في تفكيرها، متذكرةً فقط انها بين ذراعي  معشوقها وزوجها الأول والأخير. 
حتى أنها تعلقت برقبته بعفوية وضمته إليها تبادله نفس مشاعره الجارفة، مستسلمة إليه… وإلى عشقه واشتياقه المتلهف عليها بعد طول انتظار.
ارتدى يحيى ثيابه وصفف شعره للذهاب لمنزل عبدالرحيم، غادر غرفته فوجد والدته تجلس بصحبة ابنتها الوحيدة نور.
رمقته بنظرات متسائلة قائلة: على فين اكده، يا ولدي، زفر بحرارة قائلاً لها: رايح عند مريم يا اماي.
تأملته قائلة بتساؤل: ربنا ييسر لك أمورك يا ولدي وابجى سليملنا عليها كتير جوي. 
هز رأسه قائلاً بهدوء ظاهري: حاضر يا اماي عن إذنكم آني دلوك… غادرهم يحيى واستقل عربته متوجهاً ناحية دار عبدالرحيم.
توقف بسيارته امام المنزل فكان باستقباله والد مريم وشقيقها… دخل معهم إلى الداخل، بعد ترحابهم الشديد بهم إلى غرفة الصالون.
كانت مريم بغرفتها ونبضات قلبها تخفق بقوة من القلق الذي يعتريها وتدعو ربها ألا يحدث شيئاً بينهم تسيء إليها.
تزينت وتجهزت حتى يأذن لها والدها بالدخول إليه قائلة لوالدتها بخفوت متسائل: حسيتي انهم بيتخانجوا ولا أي حاجه حصلت بينهم يا اماي.
هزت رأسها بالنفي قائلة بنبرة خافته: لاه يا بتي متجوليش اكده بعيد الشرعنيكم ، ان شاء الله جولي خير.
كادت أن تجيب والدتها لكن مرور أخيها داخل الغرفة من بعيد عند يحيى، جعلتها تمتنع عن التحدث والباب مفتوح فأسرعت عائدة مرةً إلى غرفتها…. خشيةً من غضب أخيها.
تحدث يحيى قائلاً بهدوء: أني جيت دلوك علشان كلنا نحط النجط على الحروف، ويبجى كمان خابرين ظروفي زين.
أومأ حسين رأسه بالموافقة قائلاً بجدية: صح جولك يا دكتور وده اللي خلانا نتفج وياك على ميعاد ونتجابل النهاردة.
زفر يحيى قائلاً بهدوء مفتعل: تمام اكده طبعاً انتم خابرين زين ان الظروف اللي آني فيها هيه اللي خلتني أأخر الفرح كذا مرة… 
فقال له والدها: واحنا كلاتنا اهنه مجدرين ظروفك لدلوك يا دكتور… لكن اعذرني اني لما لجيت ان الناس بدأ حديتها يوصلني كل فترة عن خروجكم سوا، ساعتها اضايجت ومنعتها من مجابلتك وانت بردك أكيد مترضهاش على خيتك نور.
زفر بقوة ثم تطلع إليه بضيق قائلاً له بغضب مكبوت: مريم مرتي يا حاج عبدالرحيم واللي يمسها بنص كلمة بس أجطعله لسانه ساعتها… دي خلاص بجت على ذمتي يعني عرضي وشرفي آني…. واستحالة افرط في أي حاجه عفشه تمسها.
حدجه والدها بفخر عندما استمع إلى كلماته تلك، وابتسم حسين من غيرة يحيى الشديدة على شقيقته الوحيدة مريم.
قائلاً له بإعجاب: وده اللي احنا مستنينه منيك يا دكتور، ونتعشم فيه بردك….
زفر يحيى بقوة قائلاً بحدة:  لكن اللي ضايجني انكم تمنعوني عنيها وان اجابلها وانا لا سمح الله لا بجابلها في شجه ولا في مكان عفش… آني بنجعد وياها في مطرح مفتوح.
نظر عبدالرحيم إلى ولده ثم إلى يحيى متحدثاً بهدوء ظاهري: خابر اكده زين واحنا خابرينك وعارفين أخلاجك الزينة لكن اللي خلانا نعمل إكده حديت الناس عاد.
شعر يحيى بأنه سيفقد أعصابه هذه المرة بسبب حديث والدها… فهو مثل شقيقه لا يقبل أن يتحكم به أحد.
تنهد بضيق قائلاً  بحدة: جولي مين اتحدت علينا اكده وآني أخليه عبرة لكل أهل البلد.
تحدث حسين على الفور قائلاً له بسرعة: لاه يا دكتور محناش ناجصين مشاكل، دول ناس ملهمش جيمة عندينا واصل…. علشان اكده كان عندينا اقتراح انك تعجل بالفرح أحسن على جد ما تجدر ونجطع وجتها أي حديت عنيكم.
تطلع إليه صامتاً لكن بداخله ثورةً عارمه قائلاً بجمود: الفرح هيبجى مع عجيجة ابن اخوي… وده اللي مخليني صابر لدلوك.
تنفس عبدالرحيم بعمق قائلاً بتساؤل: وميته عجيجة المحروس يحيى اللي صغير، أطرق يحيى رأسه قليلاً… مفكراً بأي شيء يجيبه.
فهذا هو السؤال الحائر الذي لم يجد له إجابه إلى الآن، وسأله لوالده أيضاً ولم يعرفه هو الآخر فالأمر كله متعلق بظهور شقيقه الأكبر.
رف بصره إليه بشرود قائلاً بهدوء: ان شاء الله مش هنكمل شهر وهتيجي والدته بيه اهنه بالبلد متجلجش.
ابتسم حسين قائلاً: يبجى خلاص يا ابوي… احنا الفترة دي نشوف ايه اللي ناجصنا احنا كمان ونعمله، ويكون الدكتور يحيى بالمرة وضب شجته وفرشها براحته.
اومأ والده رأسه بالموافقة قائلاً لهم بجدية: وآني موافج على حديتكم يا ولدي، وماعيزش حاجه تانية غير اكده.
ابتسم يحيى بنفسه قائلاً بهدوء: يبجى على بركة الله آني هبلغ ابوي حديتنا دلوك، وان شاء الله خير.
بعد قليل أتت والدتها بالطعام بعد انصراف الحاج عبد الرحيم وولده  من غرفة الصالون… وبصحبتها مريم ابنتها وهي تمشي ببطء خلفها.
وضعت والدتها الطعام على طاولة صغيرة تكفي لشخصين أمام يحيى الذي كان يرمق مريم بنظرات شوق ولهفة للتحدث معها.
قائلة بترحاب: اتفضل الوكل يا دكتور يحيى البيت بيتك يا ولدي…
ابتسم لها يحيى وعينيه مازالت تطلع إلى مريم الواقفة بجوار والدتها شاعرةً بالخجل من وجودها… وهو يحدجها ببصره هكذا ويغازلها بهما بهذا الشكل الجريء أمامها فاحمر وجهها خجلاً.
قائلا لها بهدوء مفتعل: طبعاً يا اماي هاكل تسلم يدك…. هوه آني أجدر ارفضلك طلب.
فبادلته الابتسامة وهي تفسح المجال لابنتها للجلوس بالقرب منه قائلة بطيبة: بالهنا والشفا يا دكتور.
ثم حدجت ابنتها بنظراتٍ ذات معنى… فهمتها مريم على الفور فزاد احمرار وجهها… مردفةً بقولها الماكر:- اجعدي يا مريم ويا الدكتور وكُلي وياه انت كمان، النهاردة  طول اليوم مزجتيش لجمة في خاشمك يابتي.
حملق بها بدهشة قائلاً بجرأة: طب مادام اكده سيبهالي يا اماي يمكن اني اللي هفتح نفسيها للوكل.
خفق قلبها بعنف من نظراتهم سوياً لها وزاد احساسها بالحرج وضحكت والدتها قائلة بسعادة: خلاص يا ولدي لما اشوف هتجدر عليها ولا لاه عن اذنكم.
ما أن خرجت والدتها حتى سارع يحيى بإمساك يدها وجذبها  لتجلس بجواره على الأريكة.
أحرجت مريم كعاتها قائلة بخجل: يحيى ارجوك ابوي يشوفنا اكده هيجول إيه عاد.
ابتسم  بخبث وهو يقترب من وجهها أكثر متمعناً به وقال بعبث: هيجول إيه يعني، واحد ومرته ملوش صالح بينا دلوك.
توردت وجنتيها من الحياء ومن مغازلته لها بهذا الشكل الجريء والتي لم تعتاده منه إلا في الفترة الأخيرة فقط.
قائلة باضطراب: يحيى أرجوك… طب اجولك كل الوكل الأول لأحسن……
قاطعها بغتةً بإمساك كفيها بين راحتيه ثم رفعهما إلى شفتيه برقة، وقبلهما بنعومة جعلتها تريد سحب يديها من بين قبضتيه بسرعة.
لكنه تمسك بها بقوة حتى لا تتركه قائلاً بخفوت: بجى اكده عايزة تبعدي عني بسهولة اكده.
أحست بخجل عارم ثم هزت رأسها ببطء بالنفي قائلة بخفوت: لاه مجدرش بس بعمل اكده علشان اخوي وابوي، محرجه منيهم مش أكتر.
رفع حاجبيه وهو يتفحصها ثم ابتسم في خبث قائلاً لها: طب كُولي الأول وآني هبعد عنيكِ بس موعدكيش أبعد جد إيــه…. وكمان شرط تاني، توكليني بيدك.
اضطربت اعصابها بشدة… واحتقن وجهها قائلة بتلجلج: لكن… لكن يا يحيى… ابوي ممكـــ … 
قاطعها بقبلة ناعمة على وجنتها اليسرى وهو ينحني ناحيتها بتلقائية، بطريقة أذابتها وجعلتها تصمت ولا تستطيع التحدث محدقةً به بعينين متسعتين… وددت الهرب منه لكنها لم تستطع، فأنفاسه الحارة تضرب صفحة وجهها لا تقوى على مقاومة مشاعره في هذه اللحظة.
فأطرقت ببصرها خجلاً تحاول كبح مشاعرها هي الأخرى نحوه، وشتات نفسها… فازدردت لعابها بصعوبة.
قاطع يحيى هذا الصمت قائلاً بمكر خافت: يبجى انتِ اكده حكمتي على نفسيكِ ومش باعد عنيكِ واصل.
هزت رأسها باضطراب قائلة له بتردد: طب خلاص…خلاص… هوكلك بيدي بس بَعد عني شوي الله يخليك.
رمقها بنظرات حب يتأملها كأنه يهمس لها بعينيه هامساً بعبث: طب يالا وريني الأول اكده…. من غير ما بَعد عنيكِ.
أطعمته مريم قطعةً صغيرة من الخبز في فمه وعينيها تتجول ما بين وجهه المحبب لقلبها والباب.
أمسكها يحيى من يدها التي تطعمه… وهو يرى القلق بادياً على محياها قائلاً بخفوت: عايزك متخافيش من أي حاجه واصل…. طول ما آني موجود.
تأثرت مريم لكلماته كثيراً فاحمر وجهها وأغمضت عينيها تحاول ضبط نفسها بقلبها الذي يرتجف…. فاقترب يحيى أكثر منتهز فرصة إغماض جفونها هكذا…. محدقاً بشفتيها كأنها تناديه لتقبيلهما.
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يقترب منها وأنفاسها المضطربة بالقرب من وجهه هو الآخر، فقبلها سريعاً قبلةً بشفتيها يشتاق لها منذ أن رآها أمامه منذ قليل.
تجمدت مريم أمامه كالمخدرة لا تستطيع المقاومة هائمة في عالمها الوردي معه ناسية أين تجلس ولا أين تعيش، ولا تذكر أي شيء آخر سوى أنها بالقرب من أراده قلبها.
تلاقت أبصارهم عندما فتحت عينيها ببطء…. واختلطت أنفاسهم بأنفاس لاهثه، قائلة له بنبرة مرتجفة: يحيى آني…. قاطعها يحيى بوضع قطعة صغيرة من الخبز داخل فمها…ابتلعتها ببطء.
تمعن يحيى داخل عيونها هامساً: عايزك بعد اكده ما تفكريش إلا بيه آني وبس… طول ما آني وياكِ اهنه ولا في أي مطرح تاني… وعلى فكرة بجى احنا خلاص فرحنا جرب واتفجت مع ابوكِ على اكده يعني شهر وهتكوني امعاي.
تهلل وجهها بالفرحة قائلة له بسعادة: بجد يا يحيى… ابتسم لها مقبلاً يدها قائلاً لها: طبعاً ياروح جلب وعجل يحيى.
كسى الحياء محياها… شاعرة بأنه أجمل لقاء يجمع بينهما منذ أن تمت خطبتها له قائلاً لها بنبرة هامسه: يالا مش هتوكليني بيدك تاني ولا إيه عاد…. فابتسمت برقة قائلة بخفوت: طبعاً هوكلك.
بعد انصراف يحيى من عند مريم جلست شاردة في هذا اللقاء  الغرامي مع حبيبها وزوجها هذا الطبيب العاشق لها… حتى وهم على خلاف فيما بينهم.
تذكرت وداعه لها منذ قليل قبل أن يتركها هامسة بحب: بعشجك يا يحيى مخبراش ازاي … بس كل اللي خبراه اني عشجتك وبس.
مر أسبوع على الجميع وكان جلال قد انتهى من بعض المكالمات الخاصة بعمله مع شريف… عندما دخلت مهجة إليه في مكتبه.
رفع بصره إليها عندما شعر بوجودها من رائحة عطرها الفواح… تفحصها بإعجاب واضح في عينيه… ثم هب من مقعده متجهاً نحوها بخطواتٍ بطيئة متفحصاً إياها.
ألصقها به بقوة وهو يحيطها بذراعيه من خصرها…. متأملاً عيناها بحب قائلاً بهمس: خلاص اكده جهزتي… ولا.
رفعت ذراعيها حول رقبته… وضربات قلبها تشتعل عشقاً له قائلة بحب: آه جهزت ومستنيه أوامر الباشا حبيبي أنا وبس.
ابتسم لها ابتسامة ساحرة أذابتها قائلاً بعبث:- طالما بدأتيها بحبيبي… يبجى نأجل مشوارنا بجى لبكرة.
تطلعت إليه باحراج قائلة له بخجل: جلال أرجوك كفاية بقى تحرجني… أنا جاهزة والكل هناك في البلد مستنينا.
هز رأسه بمكر مافياً حديثها قائلاً بمكر: جصدك مستنينك انتِ بس وتجدري جوي تعتذري…
ضربته بقبضتها في صدره بخفه قائلة بحدة مفتعلة: لأ طبعاً مقدرش أزعلـــ….
قاطعها جلال بقبلة عميقة بشفتيها، أطاحت بكلماتها بعيداً داخل جوفها، وهو يضمها بقوة إلى صدره حتى جعلها تنسى أنهم مسافرون إلى بلده.
ابتسم جلال في داخله عندما وجدها مستسلمة له كما أرادها دائماً طوعاً بين يديه، ولم يبتعد عنها إلا عندما استمعا إلى طرقات هادئة على باب مكتبه.
أخرجهما هذا الطرق من هذا الحلم الوردي إلى أرض الواقع… تجهم وجهه وهو يحدق بالباب المغلق من الداخل…. ثم أخفاها وراءه بسرعة.
قائلاً بحنق: ادخل… فتح مجدي الباب بهدوء قائلاً باحترام: العربية جاهزة يا سعادة البيه.
تردد جلال وهو يمسك بيدها خلف ظهره قائلاً له بجمود: حاضر خمس دجايج وهنكون جاهزين.
انصرف مجدي ثم التفت إلى زوجته الواقفة خلفه و التي امتقع وجهها فأخذت تضبط ثيابها وحجابها.
قائلة بخفوت: الحمد لله ان الباب كان مقفول… وأخيراً هنمشي…. تطلع إليها بغضب ففهمته مهجة فأردفت لتغيظه قائلة بحذر: هوه أنا قلت حاجه زعلتك…. ولا إيــه.
قرب يدها الذي مازال يتمسك بها ووضعها على قلبه، شاعرة بخفقات قلبه القوية تحت كفها وأنفاسه المتسارعة على وجهها قائلاً بضيق مصطنع: لاه مزعلتنيش واصل… أمال ده يبجى إيــه عاد.
حدجته بصمت قليلاً ثم رفعت يدها الأخرى تتحسس وجنته اليمنى بأناملها بنعومة جعلته يريد ضمها إليه من جديد إلى صدره.
هامسة له بعشق: لأ بس العمدة شكله واخد على خاطره مني  وأنا….أنا…
قاطعها جلال هذه المرة وهو يضع ذراعه الأيسر خلف ظهرها هامساً بشوق كبير أمام شفتيها: وأنتِ إيــه جولي….!!
ازدردت لعابها بصعوبة وعيناها تتأمله بخجل قائلة بحياء: وأنا مقدرش على زعله أبداً…
تنفس بعمق مقترباً بوجهه من وجهها متطلعاً إليها باشتياق ومشاعره جارفه تحثه على عدم تركها هامساً بصوتٍ يكاد يكون مسموعاً:- 
خابره لولا بس ان احنا مسافرين دلوك المنيا كنت أخدتك وطلعنا على شرم الشيخ دلوك….
ابتسمت له بحياء قائلة بتردد: إحنا مش اتفاقنا اننا هنسافر شرم بعد عقيقة يحيى وفرح أخوك ومريم.
تنهد وهو يحدق بها باستسلام قائلاً بهدوء مفتعل: ماهو ده اللي مصبرني لدلوك… ثم صمت برهةً وتابع بعدها بنفاذ صبر: طيب يالا بينا علشان مجدي ميجيش تاني اهنه. 
امسكت بكفه وابتسمت له ابتسامة جميلة قائلة له بمزاح: يالا بينا بس متكشرش بقى…
ضحك جلال وهو يجذبها من يدها برفق نحو الخارج… فتح لها الباب السيارة لتستقلها أولاً ثم ركب بجوارها… وناولتها سلوى ولدها مع بعض أغراضه المجهزة من قبل.
احتضنته وهي تتأمله بحنان وحب وعينيّ جلال عليها هما الأثنان تراقبهما قائلاً: يالا يا مجدي اتأخرنا.
رمقته مهجة بترقب وهو يتأملهما فبادلته ابتسامته الجذابة… فأمسك بيدها اليسرى بين قبضته قائلاً بفخر: ولدي شبهي مش اكده.
اومأت رأسها بالموافقة قائلة بمزاح: آه فعلاً…. بس خلي في بالك بقى هيطلع ليه في كل حاجه.
ضحك جلال قائلاً بخفوت: بجى اكده… خلاص كلها كام سنة ونشوف هيطلع زي مين فينا.
هزت رأسها بتحدي هامسة بعناد: هيطلع زيي طبعاً أنا متأكدة يا سيادة المقدم.
ابتسم قائلاً بخفوت: علشان بدل ما يبجى عندي مصيبة واحدة يبجى مصيبتين…. مش اكده.
تذمرت مهجة من جملته الأخيرة متظاهرة بالغضب فوكزها بذراعه جانبها الأيمن.
فقالت له بضيق: متكلمنيش تاني لغاية ما نوصل… طالما أنا وابني بقينا مصايب.
ابتسم من منظرها المضحك قائلاً بمكر: لما أشوف هتجدري على خصامي جد إيه.
طوال الطريق لم تحدثه بالفعل كما وعدته… وكلما نظر إليها جلال تتجاهله…. شعر هو بالغيظ منها وأمسك أعصابه بسبب وجود مجدي، الذي يقود العربة.
ويعرف جيداً أنها ستحدثه بغضب إذا عاندها من جديد، لهذا قرر الصمت طوال الطريق هو الآخر.
أما مهجة كانت تتمسك بصمتها هي الأخرى بالرغم عنها…. رغم قلبها الذي يرفض مخاصمته من جديد.
ظلوا هكذا إلى أن وصلوا إلى الدار… توقفت السيارة أمام الساحة الخارجية للباب الرئيسي.
أتت سعاد تهرول إلى الداخل تصرخ بفرحة:- الست مهجة والبيه اللي صغير جات يا ستي الحاجه…
هبت من مكانها غير مصدقة فقد اشتاقت لهما كثيراً وصادف ذلك قدوم الحاج اسماعيل من غرفته الذي تهلل وجهه بسعادة طاغية.
وهرعا الأثنان نحو الخارج لاستقبالهما… فوجدوا مجموعة من أهالي البلد باستقبالهم بالخارج غير مصدقين ما يرونه أمامهم.
وهو وجود جلال بصحبة زوجته وولده والذي كان بمثابة صدمة لهؤلاء الأهالي… ورغم ذلك فرحوا جميعاً بوجوده.
وقام جلال بالتسليم على البعض منهم برزانه كعادته فقال له أحدهم بدهشة: نورت البلد يا عمدتنا… ألف حمدلله على سلامتك.
فأجابه قائلاً بهدوء: الله يسلمك ويسلمكم كلكم…. اقترب والداه من هذا التجمع وهم مندهشون مما يرونه أمامهم ومن كثرة هذا العدد من أجل مهجة وولدها فقط.
إلى أن استأذن منهم جلال وبصحبته زوجته وولدها… التي كانت تمشي بجواره وقلبها يخفق بشدة من هذا اللقاء المترقب بينه وبين والديه.
تجمد كل من الحاجه فاطمة وزوجها اسماعيل في مكانهما غير مستوعبين وصول ولدهم بصحبتها فهذه مفاجأة لهم.
لم يمهلهم جلال الوقت كثيراً ليستوعبوا مفاجأته بل ركض جلال باتجاههم محتضناً والدته بقوة… التي لم تتمالك دموع الفرح وانهمرت من عيونها كثيراً وضمته إلى صدرها.
قائلة بحنان: ولدي حبيبي ضنايا… الحمدلله ان لساتك بخير يا جلب أمك… آني مش مصدجه انك واجف جصادي دلوك وفي حضني.
شعر جلال بأنه عاد طفلاً صغيراً وهو بين ذراعيها مقبلاً لها بجبهتها ويديها قائلاً بسعادة: اتوحشتك جوي يا اماي… آني ولا حاجه من غيرك.
بكت والدته أكثر بسعادة قائلة له: مخبرش جد إيه جلبي كان محروج عليك يا ولدي.
اقترب منه والده ودموعه تسبقه هوه الآخر قائلاً بلهفه: وآني يا ولدي ماتوحشتنيش آني كمان ولا إيــه عاد.
إلتفت إليه بسعادة قائلاً بحب: كِيف تجول اكده يا ابوي، ده انت الخير والبركة… وبسرعة احتضنه والده بين ذراعيه هو الآخر… غير مصدق بأنه بين ذراعيه ولده الكبير باكياً هو الآخر مثل زوجته.
كانت مهجة تراقبهم وحدقتيها ممتلئةً بالدموع السعيدة من أجل والديه الذين حرموا منه منذ عدة أشهر.
فقال له والده: ليه مجلتلناش يا ولدي… إنك جاي النهاردة، ابتسم جلال له قائلاً: اتفجت مع مهجة مرتي اننا نعملها مفاجأة ليكم اهنه.
فقالت له والدته بفرحة طاغية: وأحسن مفاجأة… حصلتلنا كلاتنا والحمد لله انك بخير واطمنت عليك يا ضنايا… ثم حدقت بمهجة التي ما زالت ترمق الجميع بنفس الصمت الباكي.
قائلة لها بضيق ظاهري: تعالي واتأسفيلي اهنه… عن عدم جولك لولدي عن ابنه يحيى اللي صغير.
احتضنتها مهجة بلهفة، بذراع واحدة لأنها تحمل ولدها النائم على صدرها قائلة بندم: آني آسفه يا اماي حجك عليّ غصب عني.
فابتسمت لها قائلة بطيبة: خلاص مسماحكِ بس علشان خاطر يحيى حبيبي، هاتيه اشيله عنيكِ ده آني متوحشاه جوي.
ناولتها إياها ثم وقف جلال بالقرب منهم يتأملهم متسائلاً عن شقيقه وشقيقته نور… فشاهد من بعيد نور تركض نحوهم.
فاحتضنها جلال رافعاً إياها من على الأرض قائلاً: حبيبتي نور كيف حالك يا جلب أخوكِ… التمعت عيناها بدموع السعادة قائلة له: الحمد لله بخير يا أخوي طول ما انت بخير.
أحاطها جلال بأحد ذراعيه من كتفيها ثم دخل الجميع إلى غرفة المعيشة… جلس الجميع سعداء بقدوم ولدهم وزوجته وحفيدهم الوحيد.
دخل عليهم  يحيى وهم يتحدثون… الذي اخبره والده بالهاتف بقدوم شقيقه وهو بالمشفى… هب جلال من مقعده متهلل الوجه قائلاً بلهفة: يحيى أخوي اللي صغير أخيراً جيت.
ابتسم له يحيى واقبل نحوه بلهفه هو الآخر واحتضنه بقوة قائلاً: حمدلله على سلامتك يا اخوي… آني مش مصدج عيني واصل انك واجف اهنه جدامي.
ضحك جلال له قائلاً: منا جلت أعملها مفاجأة ليكم اهنه ومردتش آجي إلا لما أنفذ حديت ابوي كمان.
تذكر والده هذه اللحظات العصيبة التي مرت بهم بسبب طلاقه لزوجته قائلاً له: كنت بجول اكده من ورا جلبي يا ولدي… انت خابر زين اكده.
جلس بجواره قائلاً بحنان: ولا يهمك يا ابوي… ما انت ان معملتش اكده… يمكن مكنتش ابجى موجود دلوك بيناتكم من تاني، ويمكن علشان اكده…
ربنا نجاني من الموت مرتين.. مرة واني راجع لمرتي وهيه اللي أنجذت حياتي، والمرة التانية بعد ما ولدت مهجة ولدي بأسبوعين.
واللي بسببها آني افتكرت كل حاجه ورجعت بعدها لمرتي وابني من تاني.
تأملته مهجة في هذه اللحظة بكثير من المشاعر التي تتداخل بقلبها وتتماسك جيداً حتى تصعد معه لمنزلها بالأعلى.
أتت سعاد وهي تطلق الزغاريد لعودة الجميع سالماً وبالأخص وجود جلال بينهم… الذي سعد بالتفاف الجميع حوله من جديد.
قامت بوضع العديد من الأطعمة الفاخرة أمامهم على المائدة… ترأس جلال المائدة وبجواره زوجته وبالناحيه المقابلة لها تجلس والدته وشقيقته نور وأيضاً يحيى لكن والده جلس بالمقابل لجلال ولده.
قائلاُ بسعادة: أخيراً اتلمينا على ترابيزة واحدة من زمان جوي ماجعدناش اكده… إلهي ما يغيبك تاني يا ولدي.
ابتسم له جلال قائلاً: ربنا ما يحرمني منيكم واصل… يا ابوي، ولا من وجودكم بحياتي..
بعد انتهاء الجميع من الطعام أتت نعيمة تهرول ناحية مهجة قائلة: حمدلله على سلامتك يا ستي… أول ما سعاد خبرتني انك وصلتي بخير انت وسعات البيه جيت بسرعة.
ابتسمت لها مهجة قائلة: الله يسلمك يا نعيمة…. يحيى نايم جوه خلي بالك منيه زين.
اومأت براسها بالموافقة قائلة: حاضر يا ست هانم عن إذنك هروح اشوفه… فاشارت إليها بصمت بالانصراف.
بعد قليل صعدت مهجة بالأعلى لمنزلها… فتحت باب غرفتها تتأملها باشتياق كبير.
جالسةً على الفراش بحيرةً من امرها وفي الأوراق الذي مازال لا يعلم عن وجودها زوجها إلى الآن.
هامسة لنفسها بقلق: يا ترى هيعمل ايه لما يعرف ان البيت بقى بإسمي واسم ابني والأرض بتاعته اللي بقت ملكي وملك يحيى.
تنهدت بضيق قائلة بريبة: ربنا يستر بقى من عصبيته لما يكتشف الحقيقة… ثم هبت من مكانها واتجهت ناحية حقيبة صغيرة تحتفظ بها داخل الخزانة.
فتحتها وتناولت الأوراق بيد مرتعشة قائلة لنفسها بخفوت: أنا أحسن حاجه ان أسيب له الأوراق دي على مكتبه…. وهوه يتفاجىء بيها بقى وربنا يسترها من عنده.
وبالفعل وضعتها على مكتبه بسرعة قبل صعوده إلى الأعلى هو الآخر… ثم خرجت تاركة الحجرة بلهفة عائدة إلى حجرتها لتستبدل ثيابها بثياب أخرى أكثر راحةً لها.
كان جلال بالأسفل جالساً بصحبة أهله يتناقش معهم على موعد محدد لفرح شقيقه وعقيقة ولده.
علم بأن والده يريد الأثنان معاً من مهجة زوجته من قبل… قائلاً لوالده بهدوء: يبجى اتفاجنا يا ابوي… الفرح بعد اسبوعين من دلوك ومعاه عجيجة ولدي يحيى.
تهلل وجه يحيى بسعادة عارمة قائلاً: أخيراً فرحي اتحدد… ربنا يحميك لشبابك يا أخوي 
فقال له والده بمزاح: بجى ما صدجت أكيد مش اكده… كنت بجولك اصبر ومش راضي تسكت… لغاية أهوه ربنا بعت أخوك وهتبجى فرحتنا فرحتين.
فأطلقت والدته الزغاريد قائلة هي الأخرى: ألف مبروك يا ولدي الحمد لله اني عشت لليوم ده يا ولدي… ألقى يحيى بنفسه بين ذراعيها قائلاً بحب: الله يبارك فيكِ يا اماي… آني فرحان علشان انتِ امعاي وأخيراً وشك عرفته البسمة من تاني.
احتضنته قائلة بحنان: ربنا ما يحرمني منيكم واصل… ولا من جعدتكم الحلوة دي تاني أبداً.
تأملهم جلال قائلاً: ألف مبروك يا يحيى وبسرعة اكده اجهز النهاردة  وروح واتفج ويا الحاج عبدالرحيم على الميعاد اللي جلنا عليا وشوف اذا كان هيناسبه ولا لاه.
هب واقفاً بالقرب منه يشعر بالسعادة قائلاً له: حاضر يا اخوي… هروح كمان شوي وهبلغكم لما ارجع من عنديهم..
في المساء صعد جلال إلى منزله بالأعلى فوجد البيت هادئاً… فاستغرب… فتح باب غرفتها فوجدها نائمة على الفراش.
تطلع إليها بحيرة… لنومها هكذا ومازال الوقت مبكراً، اقترب منها يتأملها… فارتعب قلبها فهي بالحقيقة ليست نائمة فهي خائفة مما سيفعله بها.
عندما يقرأ الأوراق… دعت ربها بأن لا يكتشف كذبها عليه الآن ويتركها لحالها… بالفعل تركها قائلاً لنفسه: أكيد تعبت من السفر… ولا تكون لساتها مخصماني ماني خابرها زين مجنونة وتعملها.
فتنهد بغيظ من أفعالها ثم دخل إلى المرحاض ليستحم، جلس في حجرة مكتبه يتفحص الأوراق بدهشة فقرأ محتواها فاتسعت عيناه بصدمة كبيرة قائلاً بخشونة: مهججججة… 
يتبع..
لقراءة الفصل الثاني والستون والأخير : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!