روايات

رواية قابل للكتمان الفصل الثالث 3 بقلم خديجة السيد

رواية قابل للكتمان الفصل الثالث 3 بقلم خديجة السيد

رواية قابل للكتمان الجزء الثالث

رواية قابل للكتمان البارت الثالث

قابل للكتمان
قابل للكتمان

رواية قابل للكتمان الحلقة الثالثة

الفصل الثالث
_________________
في منزل فوزي والد ضحي، و بداخل غرفة ضحي كانت تجلس في الغرفة تحاول خلع الوشاح من فوق شعرها وتلتقط الدبابيس منه و توخزها بداخل قطعة من الأسفنج الملون أمامها وهي شارده في عرض الزواج من ذلك الأستاذ زميلها بالمدرسه، حيث ما ألقي ذلك الأستاذ عليها من كلمات ليس بالشئ الهين.
الأمر بات صعب حقا كانت تتمنى باي لحظه أن يتقدم إليها اي شاب وستوافق على الفور فهي
بدأت فرص خطبتها تتضاءل مع مرور كل يوم، فيما كان كل من حولها لا يرحم بأسئلتها و فضولهم، مما جعلها تشعر وكأن الأمر بيديها؟ بيديها تختار الشخص المناسب؟ و بيديها أن تتزوج في أسرع وقت ممكن؟ وبيديها تسير الحياة كما تريد!
لديها يقين كبير بنسبة 70% أو ربما أكثر أن هناك فتيات يتزوجن لسبب واحد فقط، وهو للتخلص من أحاديث الناس عنهن، وليس لأنهن يريدون الارتباط نفسه، وفي بعض الأحيان يضطرون للتخلي عن حقوقهم البسيطة حتى تسير الأمور بسرعة و يتزوجوا… وهي على يقين أيضاً أنهم لو أسكتوا الناس وأسرهم دون التدخل في حياة الآخرين، ستكون الحياة أفضل للجميع، وخاصة للفتيات.
أخفضت رأسها بيأس وإحباط ولم تستطيع الإنكار فهي أيضا باتت مثل تلك الفتيات تريد الزواج لاسباب أخرى خارج نطاق المعقول، تريد الارتباط حتى تتخلص من لقب عانس!
تريد الارتباط حتى تتخلص من احاديث الجميع حولها ومن ضمنهم أهلها! تريد الارتباط حتى تتخلص من الاستيقاظ على شيجار جديد بين والدها ووالدتها! تريد الارتباط حتى لا تضيع فرصتها في الإنجاب! تريد الارتباط حتى تكون عروس وتجرب فستان الزفاف مثل اي فتاه تحلم بذلك اليوم! تريد الارتباط حتى عندما تجلس في أي تجمع أسري لا يلقوا عليها من كلمات مسمومة! لا يعلم احد غير الله كيف تعاني منها طوال الليل .. و تريد الارتباط حتى لا يمر العمر بسرعه أكبر وتجد نفسها وحيده في هذا العالم الذي لا يرحم النساء العازبات .
لكن أليس يقول الواقع أن الارتباط يكون عندما نجد الشريك المناسب والزوج الصالح لنا والحبيب الذي نكون على يقين بأنه مستعد يقود باقي العمر معآ دون أن يرحل ويتركنا في منتصف الطريق ويغدر بنا، ويكون سند وأمان لنا.. أليس من المفترض أيضا أي فتاه مقبله على الزواج تفكر في المسؤوليه الصعبه التي في انتظارها قبل أن تفكر في التخلص من لقب عانس .
هزت رأسها بيأس والدموع تملأ وجهها فكيف وصلوا الى هذا التفكير الغريب، أيكون العيب بهم أم في المجتمع؟
أزدردت ريقها بملامح متألمة تفكر هل تخرج الآن وتخبر والدها بان يوجد عريس سيتقدم لخطبتها قريباً أم تنتظر وتفكر بجديه أكثر! لكن يجب ان تضع في الحسبان بان الفرصه لا تأتي مرة أخرى.. رفعت رأسها لتنظر الى المراه بخجل وحزن من نفسها فهل ستفرط في حقوقها بالفعل وتتنازل! فاذا كانت ستتنازل قبل الزواج فماذا سيكون بعد.
وفجاه بدأت تتعالى اصوات خناق والدتها و والدها كالعاده من الخارج بصوت عالٍ
= انا مش قلت لك يا هانم تقوي القميص ده عشان عاوز اخرج هو انتٍ خلاص ما بقتيش تسمعيلي كلمه في البيت ده .
تنهدت بقله حيله ونهضت تغلق الباب عليها
وضغطت بيديها فوق أذنيها بقوة لا تريد سماع صوتهم! فهذا يجعلها تشعر بالضغط أكثر و الاستسلام الى رغبه الزواج حتى تتخلص من تلك المعاناة وترتاح … وكأنها على يقين تام بان الزواج بذلك الوقت من ذلك الشخص سيكون الراحه إليها وليس الدمار .
❈-❈-❈
في المساء، كان آدم يجلس بجانب إبن عمه حسنين في الصعيد بالخارج أمام الاراضي الزراعيه، فهو كل حين وآخر يأتي لزياره اقاربه الذي يسكنون بمسافه ليست قليله عنه، ارتشف الشاي قبل أن يعقب متسائلاً باهتمام
= وبعدين يا ولد عمي ناوي تفضل كده طول العمر لوحدك ولا إيه؟ موضوع بنتك وعملت اللي عليك وزياده واديك بقيت متاكد وعارف اللي فيها انها عمرها ما هتقرب منك وتعتبرك أبوها رغم أنك مش مخليها محتاجه حاجه.. يبقى بقى تعمل اللي ربنا امرنا بيه وتشوف نفسك وبلاش تظلمها اكتر من اكده .
رفع آدم عينيه إليه بغرابة و سأله بعدم فهم
= مش فاهم يا حسنين قصدك ايه .
تنهد بعدم رضا علي حاله قبل أن يتحدث بجدية
= قصدي ان انت تتجوز وتشوف حالك يا آدم! طالما بنتك الوحيده ما بقتش عاوزك في حياتها وكرهتك يبقى اعمل عيله غيرها و اتجوز وخلف كمان، ولا هي حاجه عيب ولا حرام
أتسعت عيناه باستنكار وهتف قائلاً بخيبة أمل
= اتجوز وأخلف بس إيه يا حسنين بعد ما خلاص قربت علي الأربعين! انا عارف انه مش عيب ولا حرام بس الموضوع عندي يختلف وبعدين انا نسيت الجواز ده من زمان هاجي اعمله دلوقتي .
هز رأسه بضيق وغضب منه و تتمتم بصوت جاد
= اذا كان اللي عندهم 70 و80 سنه بيتجوزوا انت لسه هتفكر يا آدم كفايه عمرك إللي ضيعته في المحاكم ورا بنتك عشان تثبتلها انك اب كويس وتستحقها وفي الآخر خسرت وهي بعدت عنك وأنت عمرك بيضيع وبقيت لوحدك، ما تبصلهاش بالسن يا ادم انت محتاج فعلا واحده في حياتك ومحتاج كمان اولاد عشان يعوضوك عن بنتك كفايه حرمان لنفسك مش فاهم اصلا رافض الفكره ليه ما انت الحمد لله معاك اللي يقدر يخليك تتجوز بدل الواحده إثنين يبقى ايه اللي يمنع
حاول أن يهدأ حاله ليهدأ أيضاً قلبه الذي ينبض بقوة، و قال بصوت حزين للغاية
= العيب فيا أنا يا أبن عمي! ما بقتش قادر على فكره ان ادخل حد في حياتي واظلمه.. و بعدين عيال ايه اللي هاجيبهم وانا في السن ده و هلحق افرح بيهم واربيهم امتى ولا هيفضل مكتوب عليا اخلف وملحقش افرح بعيالي قدام عينيا ويتربوا بعيد .
هز رأسه يائسًا من صديقه و إبن عمه “آدم” ، و رد بجمود
= استغفر ربنا يا آدم العمر بيد الله انت مالك متشائم أوي كده، ما انا ياما زمان كنت بتحايل عليك وكان دايما جوابك لما اخلص من موضوع بنتي واهي كبرت و فضلت بعيد و انت كمان كبرت وفضلت لوحدك.. وبعدين زي ما بتبص لقدام بص كمان من ناحيه تانيه انك هتكبر وتعيش وبعد الشر يعني عنك هتموت لوحدك يبقى ليه يا ابن الناس! ما تجيب واحده تشيلها همومك وتساعدك وصدقني الحل انك تتجوز ويبقيلك اولاد ثاني هم اللي هيعوضوك شويه عن بنتك اللي قدام عينك ومش طايلها.. وبعدين هتكون اول ولا اخر واحد يعني يتجوز ويخلف في سن الاربعين ما تيجي تسمع العجب عندنا في الصعيد.. ده ساعات ربنا بيطول في عمرهم وبيشوفوا أحفاد احفادهم كمان
زفر بحنق متأففًا من محاصرته وقبل أن يرد بالرفض التام صمت دقائق وبدأ يفكر بحديثه الأخير فهل بالفعل سيظل ويموت وحيد دون أن يرعاه أحد ويكون جانبه فهو بدأ أن يفقد الأمل في عوده ابنته له بعد أن سيطرت عليها خالتها من كل النواحي، ويجب أن يكون صريح مع نفسه إحتمال كبير ان تظل ابنته طول الحياه بعيداً عنه.. ضيق آدم عينيه بدهشة هاتفاً بتوتر شديد
= طب يعني حتى لو سمعت كلامك مين دي اللي هتستحمل تتجوز واحد زيي على طول حزين و متشائم من كل حاجه حواليه .
أجاب حسنين و الفرح يرسم بسمة تملئ ثغره بعد أن بدأ يلاحظ تأثره بحديثه هذه المره أخيراً
=ولاد الأصول كتير أنوي أنت بس وانا اجيبلك بدل الواحده 10.. وإذا على حزنك والحاله اللي انت دخلت نفسك فيها بارادتك وياما حاولت معاك تطلع منها وانت اللي سايب نفسك، بكره ده كله هتنساه اول ما تشوف بنتك ولا ابنك بين ايديك وهم بيكبروا .
شعر بغصة علقت في حلقه و قلبه يخفق بقوة من كلمات إبن عمه التي اثرت فيه ذلك الحلم الذي تمناه كثيراً بشده! رغم انه تحقق يوماً ما ولديه الآن طفله لكنها لا ترغب بوجوده جانبها ولم يعيش معها لحظات الابوه ان تكبر امامه ويرعاها وتناديه بابي، يا الله كم عاش معاناه كبيرة وهو يحارب الجميع علي امل أن ينتصر في النهايه ويحصل على ابنته لكنه مع الاسف خسر الكثير.. لكن هل من الممكن أن يعود و يشعر بتلك الأحاسيس التي افتقدها مع ابنته الأولى وينجب طفله اخرى غيرها ترغب بوجوده .
زفير حار اخرجه بقوة وهو يتطلع الى السماء الغائمة بشرود
= معقول الحلم ده ممكن يتحقق بعد السنين دي كلها ويبقيلي طفل من تاني.
مسح على وجهه بيده بضيق شديد صحيح لم تكن تلك المره الوحيده التي يفتحه بموضوع الزواج والانجاب وأن يكون له أسره من جديد لكن تلك المرة ظل يفكر مرات عديدة حتي شعر بذبول جليّ علي ملامحه، وهتف بهمس جارف
= الله يسامحك يا حسين بعد ما كنت خلاص نسيت الجواز والخلفه واتلاهيت في همي من بنتي الوحيدة، هتخليني ارجع من تاني وافكر بالاولاد .
❈-❈-❈
في اليوم التالي بداخل المنطقه كانت اصوات الأغاني والفرحه تنبعث من ذلك حفل الزفاف، وذهبت ضحى لتبارك وتهني فشقيق العريس يكون زوج نرمين صديقتها وعندما وصلت ضحى جذبت علي الفور صديقتها الى جانب حتى تتحدث معها بموضوع ذلك العريس لعلها تريح تفكيرها وترشدها الى الطريقه الصحيحه .
تغَّضن وجه نرمين بالصدمة الكبيرة قبل أن تهتف بغضب شديد
= لا ده انتٍ باين عليكي اتهبلتي خالص يا ضحى! عايزه تتجوزي واحد شارط عليكي ان بعد ما يتجوزك هيتجوز تاني عادي! وانتٍ المطلوب منك توافقي على الشرط ده غصب عنك ليه ان شاء الله معيوبه ولا ماسك عليكي ذله .
عضت ضحي شفتيها تجلي حنجرتها بحثا عن كلمات تسعفها لمحاورتها قائله بتوجس
= وطي صوتك يا نرمين انا ما قلتلكيش ان انا وافقت انا لسه بفكر .
في ذلك الأثناء كان منذر يمر في الطرقات يبحث عن المرحاض وعندما انتهي تحرك ليعود الى الأسفل حيث الزفاف فشقيق العريس يكون صديقة وهو من عزمه على الزفاف، وقبل ان يخطي خطوه للخارج استمع إلى أصوات مبهمة تأتي من الداخل، كانت أصوات عاليه قادمه من الداخل توقف بفضول ليرى ما الذي يحدث و اذا كان يريد احدهم المساعده!. لكنه تفاجأ بفتيات يقفون و يتحدثون ومن بينهما أحدهم يتحدث بصوت عالٍ.
= تفكري في ايه يخربيتك ما الجواب باين من عنوانه، ده حتى ما استناش أنه يتجوزك وبعد كده يفكر في واحده ثانيه! لا ده قبل ما يتجوزك بيعرفك أنه راجل عينيه زيغه و ما بيملاش عينه ست واحده! مالك بتبصلي كده ليه عشان بقول لك الحقيقه ما هي ملهاش معنى غير كده؟ مش هختلف انه مش بيعمل حاجه عيب ولا حرام وده شرع ربنا احسن ما يروح يعاشر واحده في الحرام زي غيره.. بس يا حبيبتي هو بيعمل لنفسه حاجه تشفع له ومش هتفيدك لكن هو ولا فكر في مشاعرك
ولا انك بنت بنوت وما سبقش ليها الجواز ولا الكارثه الثانيه اللي انتٍ ما فكرتيش فيها انه عنده 40 سنه وما عندوش اولاد خالص و احتمال يكون هو اللي بيرفض الموضوع عشان يقعد يبدل الستات براحته من غير أزمات !.
ازداد تجهم نرمين وهي تضيف باستياء
= انا مش فاهماكي بجد يا ضحي الموضوع باين من اوله لاخره غلط وانتٍ لسه بتقوليلي هفكر هو للدرجه دي ضغط أهلك و الناس عليكي في وقت طويل من حياتك علشان تتجوزي ممكن يوصلك انك تتنزلي التنازل ده وتيجي على نفسك وتعملي حاجه انتٍ رافضاها ؟.
ضجت ملامحها بوجع لا يطاق وآلمها قلبها لفكرة المواجهه لما تمر به من قسوه المجتمع بل شعرت بقلبها يذوب اكتواءً بنيران، أشاحت ضحي بوجهها عن مرمى بصر صديقتها وردت بخفوت دون أن يرف لها جفن
= مش موضوع تنازل وبس يا نرمين! دول بقوا يؤذوني نفسيًا وهم عارفين كده وبرده بيضغطوا عليا؟ تعبت و زهقت من كلمه مش هنفرح بيكي بقي يا حبيبتي؟ ولا الجملة اللي نفسي الغيها من القانون الإنساني«هما الناس عميوا ولا ايه ما شاء الله عليكي ده انتٍ قمر» ده انتٍ دخلتي التلاتين يا خرابي ده انتٍ كسرتي التلاتين، خلي بالك البنت زي الزهره لو دبلت خطابها بيقلوا.. هم الرجاله اتعاموا ولا ايه؟ معلش.. انا قلقانه عليكي الحقي اتسطري
خايبه مش هتعرف تعيش مع ولادها دي لو لحقت اصلا تخلف!
نغزها شعور الألم البالغ معاودًا الخيبة على هيئتها لأن بالنسبة لها الأمر نفذ صبرها ومع ذلك نظرت بعينين معذبتين إلى وجهها تحاول التحلي بالصمود الذي دائما تمثله أمام الجميع
رفعت ضحي يدها تمسح دموعها الخائنة
وبدأت تتحدث بصوت باهت عن ذلك الألم بين طيات روحها
= عاوزاني بعد كل الكلام ده بقى اعمل ايه ويكون موقفي ايه؟ مش بإيديا على فكرة ان انا عديت ال 30 وكمان داخله على الاربعين وما فيش حد بيتقدملي ولا اتجوزت ولا اتخطبت.. بيالمني الضغط من الناس والنوعية دي من الأسئلة؟ هما بيحاسبوني على آقدار مش بتاعتي ولا بايدي !!
كان منذر مزال يقف ويستمع الى الحديث رغم أنه تأكد لا أحد يريد المساعده لكن لا يعرف لما لم يرحل وظل مكانه خلف الحائط وقد بدأ يشعر بالفضول أكثر ليعلم آخر الحديث، بينما ملقيا بنظره جانبيه لـ” ضحي” التي كانت تقف تبكي بشدة.. توتر قليلاً من ان يراه احدهم و حينها سيكون في موقف محرج، لكن تجمدت نظراته عليها وهو يرى ملامحها واضحه، لم تكن عينه زائغه يوماً ولم يلفت نظره أي إمرأه مهما كان جمالها.. ولم يكن شخص فضولي يتدخل في حياه الآخرين!
ولكنه لن ينكر إنجذابه للاحاديث الدائره بينهما عن هذه الفتاه ولا يعلم لما؟ أبتسمت بإنكسار وترطبت عينيها بفعل الدموع وهي تتابع حديثها بتحشرج
= شوفي كده أي قعدة منزلية فيها ولد و بنت
هتلاقيهم بيقولوا للولد تحب تطلع إيه يا حبيبي لما تكبر؟ البت بقي مش بيسالوه على طموحها بيدعوا لها تكبر وتتستر ومهما نجحت مهما عملت هتلاقي دايما اللي يقفلك وتقول لك؟ يا شيخة بلا خيبة مش هيفضلك غير بيتك وجوزك مهما نجحت مهما عملت مهما كافحت؟ في الآخر برده لو ماتجوزتش هيقولوا باىِرة و فاتها القطر.. ولسه بعد كل ده بتساليني ليه ضغط الناس و المجتمع ما اثر عليكي عاوزه بعد كل ده ما ياثرش عليا ازاي ؟..
رمقتها بضعف شديد ومالت شفتاها في ابتسامة مريرة وهي تتابع ببطء ثقيل
= يا نرمين انا تعبت حقيقي، تعبت من كل حاجه واللي تعبني اكتر الموضوع مش بايدي وبتحاسب عليه؟ بتحاسب عشان عديت سن ال 30 وما فيش عرسان يتقدموا ولا اتجوزت !!.
شعرت نرمين بالعطف نحوها تعترف بانها كانت قاسيه معها رغم انها تعلم ما الذي تمر به لكنها لا تريد ان تقع نفسها في كارثه وتندم بعد فوات الأوان لذلك كانت حاسمه معها، ربتت علي كتفها بحنو كنوع من الدعم قائله بتأثر
= بس يا حبيبتي خلاص ما تعيطيش، سواء عديتي ال 30 ولا لسه في العشرين حتي! الكلام ده هنسمعوا وانا كنت زيك وما فيش بنت في المجتمع ده هتعدي غير لما تسمعلها كلمتين يسدوا بدنها ومعاكي أن كل ما البنت تكبر الكلام بيزيد ويتعبها اكتر.. عشان كده الحل في ايدينا إحنا ما نسمع لهمش انتٍ اتجوزتي ولا اتطلقتي هيتكلموا.. هيتكلموا بلاش تتسرعي عشان بس شويه كلام مش بيخلص.. مش جايز يكون في نصيب كويس مستنيكي قدام بلاش توافقي تدفني نفسك بالحياه
ابتعدت قليلا وهي تقول بإحباط شديد و الدموع تملأ وجهها الذابل
= والنصيب الكويس ده هيجي امتى هو انا كل ده ومش مستنيه يا نرمين انتٍ عارفه انا بقى عندي كام سنه دلوقتي هستنيه اكتر من كده إيه! وبعدين جو ما حدش عارف اللي جاي ايه واكيد اللي جاي احسن وبلاش تستعجلي هو اللي جايبني ورا وبيحصل في الافلام والمسلسلات انما على ارض الواقع اللي نحن عاوزينه مش بيحصل .
استدارت تنظر لها هاتفة بإصرار وغيظ
= وعشان مش بيحصل نرمي نفسنا في النار بايدينا ونرجع بعد كده نعيط ونقول ليه بيحصل لنا كده بس يا ضحى بطلي هبل انا متاكده ان انتٍ لو وافقتي على الهبل ده هتيجي بعد اسبوع واحد وهتضربي نفسك 100 جزمه انك وافقتي.. يا بنتي ما تفوقي ده مش موضوع واحد مش عاوز يغضب ربنا ولا صريح معاكي من الاول وبيقول لك اللي فيها ده واحد عينه زيغه ومش مريح ولو وافقتي على زوجه واحده هيجيبلك الثانيه والثالثه بعد كده وهتكوني في حياته على الهامش غير موضوع الخلفه اللي انا متاكده اصلا وشاكه فيه انه هيمنعك منه اما انتٍ بنفسك قلتلي لسه بيقول لك في شروط تانيه هيقولها لك بعد ما الموضوع يدخل في الجد؟؟ و لما هي اولها كده بيقول لك هيتجوز عليكي امال بعد كده هيشرط عليكي بايه وبعدين اصلا إيه يشرط عليكي دي وليه .. هو مش الجواز برده إتفاق بين الإثنين مش واحد يشرط والثاني ينفذ
وقفت ضحي أمام صديقتها صامتة، الحزن والحيرة واضحة عليها عينيها أحيطت بهالات تعب، العذاب غشي على وجهها الذابل لتظهر كوردة مكسورة.. ومستسلمه!. هزت نرمين رأسها بعدم استيعاب بأنها بعد كل ذلك الحديث ولم تؤثر عليها وهتفت بنبرة حادة
= يا نهار ابيض انتٍ لسه بعد كل اللي قلته بتفكري وساكته ضحى اعملي اللي انتٍ عاوزاه دي حياتك مش حياتي.. انا مالي انا حذرتك وانتٍ حره بس ما تجيليش بعد كده تعيطي وتقوليلي أعمل ايه انا شلت ايدي من الموضوع خلاص .
تحرك منذر بعد أن استمع للحوار الدائر بالكامل بخطوات بسيطة لكنه كان أكثر حرصًا على عدم افتضاح أمره بأنه كان هنا، وكانت ملامح وجهه غامضة نوعاً ما فالكلمات تدور حول عقله نحو شيء واحد فقط! فلما لأ؟ أليس مناسبة للأمر؟ بل ستكون اكثر شخص مناسب و ربما تكون هذه التي يبحث عنها حتى تكون قابلة للكتمان.. شابة لا تفكر سوي بالارتباط فقط مهما يكلفها الأمر ولا يهمها شيء آخر! من يكون ذلك العريس؟ أو عمره أو ماذا يعمل أو أخلاقه أو أي شيء من هذا القبيل.. فضغط المجتمع عليها سيجعلها تستسلم إليه بالتأكيد دون اعتراض .
اقترب منه صديقه مصطفى اخو العريس هاتفاً مبتسماً
= في ايه يا منذر انت فين كل ده.. كنت بدور عليك. تعالي عشان عاوزك تسلم على حد معرفه كان صاحبنا زمان.
نظر له مطولاً بحرج ثم تحدث هامسًا له بارتباك
= هاه كنت بدور على الحمام.. بقول لك ايه يا مصطفى مش اللي هناك دي نرمين مراتك هي مين اللي واقفه معاها دي اختها .
عقد حاجبيه باستغراب والتفت نحو الخلف ينظر الى ما يشير لكن لم تكون الرؤيه واضحه حيث تقدم بعض النساء الى الداخل، ليقول بتعجب
= فين دي؟ مش واخد بالي وبعدين نرمين ملهاش اخوات بنات.. اكيد واحده من صحابها ولا قرايب العروسه .
أمسك منذر يد صديقه وأشار مجدداً باصرار قائلاً باهتمام غامض
= طب معلش بص كويس يا مصطفى تاني البنت اللي واقفه قصادها دي و جسمها مليان شويه ولابسه أسود في أبيض.. هي تقربلها ايه واسمها ايه .
❈-❈-❈
في منزل معاذ لج إلى الداخل ليجد زوجته تجلس واجمة الملامح عابسة النظرات، حتي أنها لم تلقِ عليه التحية، اتجه مباشرة نحوها جالس فوق الأريكة أمعن النظر فيها متسائلاً بفضول
= ياسو! حبيبتي قاعده بتعملي ايه؟ وايه الكتاب اللي في إيدك ده .
مطت شفتها السفلى قائلة بعدم اهتمام
= أبدا دي مجله عن حب ودعم المراه لنفسها و ازاي تكون زوجه في بيتها وبتتكلم كمان عن المشاركه بين الأزواج في البيوت وحياتهم اليوميه
امتعض وجهه على الأخير وهتف بغضب
= طب احرقي أو أرمي الحاجات دي عشان هي اللي بتهدم البيوت، قال مشاركه قال! قومي اعمليلي العشاء أحسن بدل الحاجات اللي بتقرايها دي
ضربت بيدها على فخذها هاتفة بحنق
= تأكل إيه يا معاذ حرام عليك مش فطرت واتغديت واتعشيت تحت عند امك وطلعت هنا وخليتني اعمل لك صينيه بسبوسه واكلت نصها ولسه عاوز تتعشى بعد كل ده.. اموت واعرف بتودي الأكل ده كله فين وانت شبه خله السنان كده.
هز رأسه ناظرآ لها متسائلاً بصدمه
= هو انتٍ بتعدي عليا الأكل ولا ايه يا بسمة وانتٍ ايه اللي مضايقك اكل كام وجبه في اليوم
دققت النظر في وجهه بهدوء زائف، ثم عنفته بغيظ مكتوم
= ولا متضايقه ولا نيله اتفضل يا حبيبي المطبخ قدامك أهو وروح اعمل اللي انت عاوزه .
أخذ من طبقه الفاكهه الذي جانبه صابع موز وبدأ في تقشيره ليتناوله وهو ينظر لها بحدة مرادفا بعدم تصديق
= نعم! هو انتٍ عاوزاني أروح أعمل لنفسي الأكل كمان؟ امال انتٍ لازمتك ايه؟ مش هي دي برده مهمتك في البيت الظاهر كتر الحاجات اللي عماله تقرايها قصرت عليكي
أبتسمت له ابتسامة صفراء وهي ترد قائله ببرود
= لا يا حبيبي مش محتاجه تقصر عليا عشان ده الواجب والصح ان الزوج عادي جدآ ممكن يقوم يعمل لنفسه اكل وشرب وكمان ينظف مكان ما بيقعد مش ملزمه الزوجه ليل ونهار تعمل وتطبخ .
لوح لها بيده وهو يرمي قشر الموز بالأرض بعدم مبالاة تحت صدمتها ونظراتها المشمئزه من طريقته تلك، هاتفاً بازدراء
= وانتٍ ما تقوميش تعمليلي ليه ان شاء الله
ما انتٍ زي القردة اهو قدامي ما فيكيش حاجه
وضعت يديها على رأسها ضاغطة عليها وهي تقول بتبرم
= قال يعني لو تعبانه هتساعد، روح يا معاذ من قدامي وشوف عاوز تاكل ايه عندك في المطبخ جوه شوفلك اي حاجه خفيفه مش محتاج تطبخ ولا حاجه عشان كل وجع الدماغ ده.. مش هتنقص ولا هتزيد حاجه لو قمت حطيت لنفسك سندوتشين واكلتهم وسديت جوعك اللي مش بيتسد ده.. وشيل القرف اللي انت رميه على الارض ده كمان انت مش قاعد في الشارع! ولا لازم تستنى كل حاجه اعملها بنفسي !.
لوي شفتيه بسخرية لاذعه وهو يقول بعدم رضا
= سندوتشين! ومالك جايه على نفسك كده ليه، وبعدين مين قال لك ان انا عاوز اكل حاجه خفيفه انا عاوزك تقومي دلوقتي تطبخيلي محشي .
نظرت إليه بحقد وهي تجيب إياه بتشنج
= لا ده انت زودتها أوي وقلبك جايبك.. محشي ايه الساعه ١١ بالليل.
أبتسم معاذ بسماجه وهو يرد بصوت مستفز
= نفسي فيه وعاوز اكله دلوقتي عندك مانع!
رمقته بنظرات مزعوجة من أسلوبه الفج عده لحظات، ثم اعتدلت في جلستها أمامه و صاحت بحنق صريح
= بص يا حبيبي و يا روحي؟ خليك دائما عارف حاجه مهمه، أن اللي هيستحملك في الدنيا دي هي انسانه واحده بس، وهي امك !! مش انا يا روح امك فااتفضل كده ذي الشاطر روح لامك تعمل لك المحشي اللي عاوزه.
❈-❈-❈
بـعـد مـرور أسبوعين.
أمام النيل كان يجلس منذر فوق مقعد وهو ينظر أمامه بملل وتأفف فمعاذ أصر أن يخرج بصحبته اليوم على غير العاده، وها هو قادم اليه وهو يحمل بيده اكواب حمص الشام و تتمتم بصوت خافت
= ادي يا عم حمص الشام اللي بتحبه، قولي بقى نفسك فيه تاني وانا اعمله لك تحب ندخل سيما زي زمان .
نفخ الآخر بضيق شديد ثم قال بامتعاض
= في ايه يا معاذ انا مش مراتك يا حبيبي انا اخوك فمش لازم لما تعوز مني حاجه تعمل كل الليله دي قلتلك تعالى دغري على طول.. و وفر على نفسك وعليا.
أجاب أخيه بإبتسامة يخفي توتره و الحرج الذي يشعر به عندما فهم أخيه ملعوبه
= جري ايه يا عم منذر هو انت على طول كده قفشني وبعدين في ايه يا سيدي لما نخرج مع بعض بقيلنا كتير أوي ما شفناش بعض وكل واحد مشغول في حياته .. يعني على الاقل زمان كنا بنتجمع كلنا في بيتي يا اما في بيتك مع مراتاتنا ونتغدى انما من بعد ما طلقت قفلت على نفسك وما بقيناش نشوف بعض خالص .
لوي شفتيه بسخرية مريرة وهو يردد بفهم
= آه انا كده فهمت سبب الخروخه هي امك كلمتك ولا ابوك؟
أردف معاذ في وجهه تحت نظراته المتعجبة و عيناه المتسعة من الصدمة
= منذر هو انا اللي مقفوش اوي كده ولا انت اللي بتقرأ الطالع أنت عرفت منين ان ابوك هو اللي قال لي روح اتكلم معاه في موضوع الجواز وشوف دماغه فيها ايه .
أخذ منذر نفس عميق وكان مستاء جدًّا من أفعال أسرته فهو يعرف جيد لما يصيرون هذه المره أن يتزوج بسرعه خوفاً من أن يكون مازال يفكر في زوجه اخية بسمة، رفع عيناه بوجهه و هدر من بين أسنانه بصرامة شديدة
= بص يا معاذ عشان اجيبلك من الآخر رجوع لغاده مش هرجع ولو الدنيا اتقلبت على بعضها مش هرجع لي البني ادمه دي تاني ابني بقى مش ابني محدش لي دعوه بحياتي، والمره دي فهمهم ان انا لما اعوز اتجوز انا اللي هختار انا سبتهم المره اللي فاتت يتحكموا في حياتي لما أبوك راح طلب ايديها من غير ما ياخد رايي وانا عشان ما رضيتش أصغره وافقت وقلت اهو أعيش معاها ممكن تطلع فعلا بنت ناس وكويسه انما شفت معاها اسود ايام حياتي فمش مستعد بعد ما خلاص خلصت منها ومن اللي شفته في حياتي معاها ارجع تاني للقرف ده بايدي .
عقب الآخر علي كلماته قائلاً بجدية
= يا عم بالراحه في ايه الناس عماله تبص علينا انا مش عارف بيركبك عفريت ليه كل ما تسمع اسم البنت دي خلاص اهدى ما حدش اكيد هيغصبك على حاجه مش عاوزها، وانا مش عارف اصلا ابوك ليه طلبها للجواز لما انت ما قلتلوش انا اتفاجئت بيه واحنا هناك لما كان بيطلب ليا نسمه انه اتكلم كمان على غاده ليك فكرت ان انت اللي طلبتها منه مع انك ما جيتش معانا وبعد كده فهمت اللي فيها ان ابوك عاوز يجوزنا احنا الاثنين سوا .. بس والله ما كنت راضي على حكاية يجوزك من غير ما ياخد رايك ويدبسك دي .

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قابل للكتمان)

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى