روايات

رواية فطنة القلب الفصل الحادي عشر 11 بقلم سلمى خالد

رواية فطنة القلب الفصل الحادي عشر 11 بقلم سلمى خالد

رواية فطنة القلب الجزء الحادي عشر

رواية فطنة القلب البارت الحادي عشر

رواية فطنة القلب الحلقة الحادية عشر

(وَإِنْ كُنْتُ أَمَلِي اَلْوَحِيدَ ، فَسَوْفَ أَتْرُكُكُ ! )
توتر.. خوف يقبض قلوب الجميع، قطوف.. مازن.. مريم.. ياسين.. جميعهم يخشى حدوث شيء لياسمين، فيكفي ما حدث لها، تقدم مازن نحو قطوف متمتمًا بصوتٍ حزين:
_ أنا عارف أنك قلقانة على ياسمين.. بس هي بإذن الله هتقوم بالسلامة.. وهترجع معانا القاهرة.
ابتسامة ساخرة علت شفتيها، تعجب على أثرها مازن، فأسرعت قطوف تتمتم بصوتٍ حاد عنيف:
_ والله! حقيقي مش عارفة من غيرك كنا هنعمل إيه… أنت أكتر بني آدم كل ما اديله الثقة يضيعها، قولتلي سيبي موضوع اختك وأنا هتصرف فيه.. وقولت هثق فيك كفاية اللي عملته بس الظاهر أن كل كلمة قولته عليك كان صح.. أمك قالت هسبلك قطوف.. وهي هتركز مع ياسمين.. واهوه اختي في المستشفى وأكيد أمك هي السبب وبعتت حد يخلص عليها عشان تاخد ورثها.. فاكر دي اختي اللي سبتهالك أمانة يا مازن.. اختى اللي اتكسرت بسببك يوم حفلة شهادتها.. أنت لو في ذرة احترام لنفسك تسبني في حالي أنا واختي وأحنا هندبر نفسنا.
تلون وجهه بحُمرة الغضب، عيناه المنفعلتان بشدة، ملامحه المخيفة التي أرعبت مريم وتجنبت رؤيتها قطوف، هتف مازن بنبرة باردة حاول اخفاء آلامه:
_ معاكي حق… دخول حد في حدود متخصهوش بتقلل منه.. وانا غلطت بس خليكي فاكرة الكلمتين دول.
تركها وغادر المشفى بأكملها، لم يرغب بتواجده أكثر من هذا، وقرر العودة للقاهرة، ولكن وهو يدلف للسيارة، أشار لأحد رجاله مرددًا له بحدة:
_ تأمنهم لحد ما يخرجوا وتفضل معاهم مش عايز مخلوق يقرب منهم فاهم!
حرك هذا الرجل رأسه وبقي مكانه يراقب كل شيء، في حين انطلق مازن عائدًا للقاهرة دون أن يصدر كلمة، فهو يعلم أن والدته لم ترسل أحد.
****
:_ يا مصيبتك يا جمال.. أنا مش قولتلك متقربش منها دي مش مراتك!
قالتها والدة جمال بحدة، في حين تغيرت ملامح جمال بشكلٍ مخيف، يشعر برغبة شديدة في طعنها بالمزيد، هتف جمال بصوتٍ مخيف:
_ لو مخلوق فكر يبعدني عنها مش هرحمه فاهمة.. ياسمين بتاعتي..
لطمت والدته على صدرها بعنفٍ، تشعر بفاجعة ما سيحدث لهذه الفتاة، في حين حمل جمال حقيبته متوجهًا نحو الخارج قائلًا:
_ أنا هختفي شوية.. بس لو شوفتيها قوليلها إنها مِلك جمال.
تركها واختفى سريعًا، في حين جلست والدته تبكي على حال ابنها وما يفعله بها.. فهو سوف يدمر الجميع أن بقى هكذا!
***
خرج الطبيب من غرفة فركضت نحوه قطوف تتسأل بتلهف:
_ طمني يا دكتور اختي كويسة؟!
اجابها بشكلٍ عملي:
_ الحمدلله العملية عدت.. واضطرينا نستأصل جزء من الكبد لأنه اضرر جدًا.. وحاليا بخير وبكرة هتتنقل اوضة عادية.
انهى حديثه ثم غادر المكان، في حين بقيت قطوف تشعر بتعبٍ شديد، تقدمت منها مريم قائلة بصوتٍ مواسي:
_ حمدلله على سلامتها.. وأن شاء الله تقوم بالسلامة.. هستأذن أنا يا قلبي عشان الحق اسافر واروح لماما.
حركت قطوف رأسها مرددة ببسمة باهتة:
_ معلش يا مريم تعبتك معايا.. لما توصلي كلميني ماشي.
حركت مريم رأسها في ايجابية، وغادرت سريعًا قبل أن يلحق بها ياسين، في حين هتفت قطوف دون أن تنظر نحوه:
_ تقدر تمشي.. اختي هقدر ادبر أمرها.. مش محتاج تقف وتتعب نفسك.
شعر ياسين بغيظٍ من قطوف، ثم ردد بنبرة باردة:
_ لولا اختك هي اللي تعبانة مكنتش حتى شوفتك ولا اتقابلنا.. ثم قبل ما تفتحي بوقك دا ولسانك ماسك الكل غسله.. فكري شوية بعقلك ولا أنتِ مودتهوش صيانة.
حدجته بنظراتٍ حادة، بينما ابتسم ياسين ببرودٍ ثم تركها وغادر المشفى كي يأخذ أقرب فندق من هنا ويجلس به فهو بالنهاية لا يستطيع تركهم.
*****
طرقات خفيفة وصلت لمسمعه، فسمح للطارق بالدلوف فما كانت سوى زوجته، جلست على أحد المقاعد بتوترٍ، بينما رمقها مهران بنظرةٍ متعجبة يردد:
_ ماذا بكِ؟!
ازدردت حلقها بصعوبةٍ، تردد متسائلة:
_ هو يعني يا سي مهران مينفعشي تأچل مروحك لهنيك هبابة!
حرك مهران رأسه بنفيٍ، يغمغم بضيق:
_ قمت بتأجيله يومين لأجلك.. ولكن لن أقوم بالتأجيل ثانيةٍ.. هيا احضري لي الشاي.
نهضت تحمل الخيبات، في حين نظر لها مهران يحرك رأسه بيأسٍ من زوجته يردد بين نفسه:
_ ستفسدين الولد بحنانك الزائد!
*****
:_ ايوة يا استاذ مازن الآنسة ياسمين بخير واللي اضرر جزء من الكبد فقط، متقلقش عليها هي هتتنقل اوضة عادية كمان ساعات.
قالها الطبيب بهدوءٍ عبر الهاتف، في حين تنهد مازن براحة شاكرًا إياه بلطفٍ:
_ طب بشكرك يا دكتور وحقيقي ممتن لحضرتك وعلى اتصالك.
ابتسم الطبيب بهدوء:
_ العفو، أنا شوفت الخوف في عينيك وعشان كده رنيت وحسيت انك مهتم.. متقلقش لو في جديد هبلغك.
أغلق معه مازن، وبقي جالسًا مكانه، يفكر ما الذي عليه فعله، فقام بإغلاق هاتفه وإخراج شريحة منه ثم وضع الشريحة الجديدة يرسل إلى ياسين رسالة كي يعلم أن هذا هو رقمه الجديد.
******
صباحًا..
انتقلت ياسمين إلى غرفة عادية، وبقيت قطوف جوارها تمسك بيدها في خوفٍ، الدموع تملأ حدقتيها، وكأنها أم تهاب خدش صغير يمكن أن يؤذي صغيرها، بدأت ياسمين بتحريك يدها، تفتح عينيها بألم بات يتشكل على معالمها، نهضت قطوف من مقعدها تقترب أكثر بلهفةٍ قائلة:
_ ياسمين حبيبتي سمعاني؟!
بدأت تتأوه بعض الشيء تجيب:
_ آآه.. قـ..قطوف.. أنتِ معايا!
هبطت دموع قطوف بشدة، تردد بصوتٍ مرتجف:
_ معاكي.. معاكي يا نور وعيون قلبي.
زحفت ابتسامة صغيرة مجهدة على فاه ياسمين، تردد بصوتٍ بدأ يتعافى:
_ وحشتني أوي.
نظرت لها قطوف بحنان يحمل بطياته العتاب مرددة:
_ طالما وحشتك ليه بعدتي عني وسبتني لوحدي!
نظرت لها بحزنٍ، تجيبها بألمٍ ظاهر:
_ عشان كل حاجة اتغيرت.. ولما كله اتغير خوفت.. بابا اختفى.. مازن اختفى كله بدأ يروح.. خوفت تروحي زيهم وعشان.. عشان كده قولت اسيب أنا الأول.
حركت قطوف رأسها بنفيٍ تهمس بصعوبة بسبب دموعها:
_ يا بت أنتِ أهم حد بحياتي.. ازاي هبعد عنك.. وازاي تفكري بكده! متخفيش من حاجة يا ياسمين وحقك هجيبه من مازن وأمه!
تطلعت لها ياسمين بتعجبٍ متسائلة:
_ مازن وعمتو مرڤت! هما مالهم؟!
بدأت قطوف بسرد ما حدث معها فيما كان خاص بقدوم مرفت وخطتها في البحث عن شقيقتها، انتهت قطوف من سردها حتى شجارها معه بالمشفى، لتردف ياسمين بعتابٍ:
_ ليه يا قطوف عملتي كده؟! مازن دا اطيب حد ممكن تقابليه!
نظرت لها بسخرية قائلة:
_ دا أنتِ اللي طيبة.. أكيد أمه هي اللي بعتت حد عشان يعمل فيكي كده.
حركت ياسمين رأسها بنفيٍ، ثم قالت بتأكيد:
_ لاء مش هي ولا مازن.. قطوف اللي عمل كده واحد جاري بالبيت اللي سكنت فيه.. ودا مكنش طبيعي.. كان بيتحكم فيا وكأني مراته ولما مسمعش كلامه كان يشدني من الطرحة بتاعتي… ويبهدلني.
حدقت بها قطوف قليلًا بشكٍ، ثم تمتمت بصوتٍ متوتر:
_ هو لسه موجود بالعمارة؟!
حركت ياسمين رأسها بعدم معرفتها، في حين نهضت قطوف من مكانها وهي تحاول استيعاب أن هناك كارثة فعلتها مع مازن، نظرت إلى ياسمين وقررت أخذ عنوان منزلها يجب أن تسأل بهذا الموضوع.
*****
وصلت قطوف لمبنى الذي تقطن به شقيقتها، وصعدت نحو الأعلى، ولكنها وجدت سيدة مسنة امام باب الشقة، ضيقت حدقتيها قليلًا، ثم حركت فمها متسائلة:
_ هو دا البيت اللي فيه شقة ياسمين العطار؟!
نظرت لها زينب قليلًا ببعض التعجب، ثم اجابتها:
_ آه.. وأنا صاحبة البيت.
اتسعت عين قطوف بصدمةٍ، ثم أسرعت تندفع بكلماتٍ عنيفة كي تتأكد من شكوكها:
_ دا أنتِ وابنك هتروح في ستين داهية بعد اللي عمله فيها.. ومش هسيبكم إلا لما يتجازى والبيت كله يتقفل!
ارتجفت تلك السيدة بخوفٍ، تردد بنبرة مرتعدة:
_ لا ابوس ايدك أنا مش حِمل بهدلة.. وابني أنا هرجعه تاني للمستشفى أنا غلط أصلًا لما هربته.
:_ هربتيه!!
قالتها قطوف بصدمةٍ، في حين نظرت زينب للأسفل بخزى تسرد الحكاية:
_ آه، ابني كان متعلق بمراته جدًا وهي توفت في حادثة ومن بعدها بقى تعبان وبقى يتخيلها كتير.. راح مستشفى امراض نفسية وعقلية.. وللأسف طلع مريض وحجزوه بالمستشفى.. صعب عليا إني اسيبه هناك وفضلت مدة كبيرة بحاول اشوف طريقة اخرجه بيها واعالج.. وكلمت حد من الممرضين وساعدني اخرجه.. خليته بعيد عني شوية عشان محدش يعرف مكانه.. ووقتها اختك جت هنا تأجر.. صحيح هي مش شبه مراته اوي بس هي كان في شبه بينهم.. ابني جه وشافها وكنت خايفة يفتكرها مراته… وهو عارف أنها مش هي بس الشبه اللي بينهم خلاه عايزها اكتر.. ولما حد يقرب منها أو هي تعمل تصرف ميعجبهوش بيتعصب ويتحول لوحش.. وياسمين وقفت في وشه وهو..
صمتت زينب عن الحديث، في حين بقيت قطوف تحاول إدراك ما تتفوه به هذه السيدة، هذا يعني أنه مريض.. هل بقيت شقيقتها مع مريض تم تهربيه، نظرت لها قطوف بحدة تتمتم بصوتٍ غاضب:
_ وابنك دا فين؟!
ازدردت حلقها بصعوبةٍ تتمتم:
_ هرب.. وقالي اقولها أنها يعني..
:_ أنها ايه أنتِ بتنقطني بالكلام!
حدة ظاهرة بنبرات قطوف، في حين اكملت زينب وهي تشعر بأنها يجب أن تنقذ هذه الفتاة يكفي ما فعلته بها:
_ أنها من املاكه ولو حد قرب ليها هيموته أو هي قربت من حد!
ترجعت عدة خطوات في صدمة، كيف ستنقذ شقيقتها من هذا المأزق الضخم، مازن! نعم هو ولكن كيف.. كيف ستحدثه وقد وبختها بقسوةٍ على شيء لم يفعله.
****
بدأ التحقيق مع ياسمين التي اوضحت كامل البيانات التي تخص جمال، في حين عادت قطوف جوار شقيقتها، ولكن تضاعف الخوف لديها أكثر عليها، وصراع عنيف يدور بداخلها كيف ستصلح ما حدث!
****
تقطع حبة التفاح لشقيقتها التي تعافت بشكلٍ كبير، تشعر بشرودٍ حتى كادت أن تجرح يدها، فأسرعت ياسمين مرددة:
_ قطوف.. خلي بالك!
انتبهت قطوف لما بين يديها ولكن ملامحها باهتة للغاية، في حين نظرت لها ياسمين بتفحص ثم قالت:
_ على فكرة المفروض تتكلموا وتتصالحوا!
انتبهت قطوف لحديثها ونظرت لها بصمتٍ، في حين ابتسمت لها ياسمين في حنو قائلة:
_ كلميه يا قطوف.. واكسبي مازن.. أنتم اتكتبتوا لبعض ليه بقى متصلحش حياتكم.
شعرت قطوف بحرجٍ شديد من حديثها، في حين ضحكت ياسمين على تورد وجنتي قطوف ثم تمتمت بهدوءٍ دافئ:
_ بصي أنا حاسه كده إن مازن بقى واخد مكان كبير بحياتك وأنتِ بتقوحي ومش عايزة.. عشان محدش يتريق ويقول أن دا اللي بتقولي عليه مستحيل اهو بقى من نصيبك وبتحبيه.. هسألك سؤال ماشي!
حركت قطوف رأسها في ايجابية، في حين اكملت ياسمين ببسمة قائلة:
_ أنهي أحلى وامتع انك تلصحي عربية باظت من حد ولا إنك تبوظ حاجة مهمة بتعمليها وتصلحيها بنفسك وتتصلح فعلًا!
رمشت بعينيها عدت مرات، ثم اجابت بصوتٍ تائه:
_ مش عارفة بس أن حد يجبلي عربية واصلحها ليها مُتعتها بس روتيني أوي.. على عكس لما بعمل حاجة وتبوظ وأقدر اصلحها دا هيبقى احلى وكمان هيحمسني.
اتسعت ابتسامة ياسمين عندما وصلت لمبتغاها، تردد بانتصار:
_ فهمتي!
قطبت قطوف جبينها بعدم فهم، في حين حركت ياسمين رأسها بيأسٍ تفسر مبتغاها:
_ قصدي أن حياتك أنتِ شايفة أنها ممكن تبوظ مع مازن لو اتجوزت.. وأنتم اتجوزتوا وحياتك باظت خلاص بعد ما كانت أكتر حاجة بتهتمي بيها وبتحاولي تنجحيها.. حاولي تصلحي علاقتك بيه.
نظرت لها قطوف بدهشة، شقيقتها التي كانت ستصبح زوجة له هي الآن من تنصحها كي تستقيم حياتها، ربتت ياسمين على يدها تردد:
_ على فكرة أنا مش زعلانة من أنك اتجوزتي مازن.. أنا خوفي انكم تبعدوا عني وتسبوني خلاني مش عارفة اتصرف بعدت عنكم.
ابتسمت قطوف براحة شديدة من كون شقيقتها لا تفكر به وأنها لم تكن هي الشخص الذي أخذ منها حبيبها، في حين تأملت ياسمين بسمتها وتنهدت بتعبٍ من محاولة اقناع شقيقتها.
****
حاولت قطوف الاتصال بمازن، ولكن وجدت خطه مغلق، لم تفهم ما السبب ولكن شعرت بالقلق عليه، بينما بقى ياسين يعد ذاته كي يذهب إلى مريم ويتقدم للزواج بها، في حين بقى مازن بشقته الخاص والتي لا يعلم عنها أحد لا يريد رؤية قطوف يكفي حديثها المسيء له.
*****
:_ أمشي براحة يا ياسمين.
قالتها قطوف بخوفٍ عليها، في حين تمتمت ياسمين بضجرٍ:
_ يا قطوف خلاص والله الجرح لَم خالص وأنا كويسة يمكن لو اتحركت جامد اتوجع بس أنا بخير.
نظرت لها في حدة، في حين اشاحت ياسمين بوجهها بعيدًا، نظرت قطوف للزهور الخاصة بها فوجدتها لا تزال مزهرة، زحفت بسمة صغيرة على شفتيها فقد غابت كثيرًا عنها وظنت أنها ستجدهم قد ذبلوا ولكن كان يوجد عاشق لهم.
ضيقت ياسمين عينيها، ثم تسألت بشكٍ:
_ أنتِ بتبتسمي ليه هاه!
اختفت ابتسامة قطوف فجأة، تنظر لشقيقتها بتوترٍ، ثم قالت بعصبية تخفي توترها:
_ بقولك إيه.. هو أنتِ كمان مش عايزاني ابتسم!
ضمت ياسمين ذراعها لصدرها، تنظر لها بسخطٍ، في حين ازداد توتر قطوف مما جعلها تردف بغيظٍ:
_ خلاص متبصيش كده.. عشان الورد والزرع بتاعي كنت مفكراه بيموت ولما جيت لقيته زي ما هو وفي حد بيسقيه.. ارتاحتي.
رفعت ياسمين حاجبها ببسمة متشفية، تردد ببعض الخبث:
_ وهو مين الحد دا؟!
حدجتها بنظراتٍ نارية، في حين تعالت ضحكت ياسمين تردد:
_ خلاص خلاص.. عرفت مين… بس أنا بدأت أشوف حبة حب كده مخلين عيونك بيلمعوا.
توردت وجنتي قطوف بحرجٍ، في حين ضحكت ياسمين عليها وقررت السير للداخل، وما أن دلوفا لم يجد احد فراغ كبير يملأ المنزل، حركت قطوف عينيها بقلقٍ مرددة:
_ هو مازن فين أنا فكرت أنه في البيت؟!
ابتسمت ياسمين بمكرٍ، ثم اردفت وهي تبتعد عن شقيقتها:
_ خلاص روحي الشغل ليه هناك وأنا هروح الأوضة أنام.
تركته كي تتيح لها مساحة، وبالفعل حملت قطوف حقيبتها تتوجه نحو الأجانس لترى مازن.
****
وصلت إلى الأجانس وصعدت نحو الأعلى، وما أن دلفت للمكتب، فلم تجد أحد، بقيت دقائق تحاول فهم ما يدور ولكن توقف عقلها، حتى اتي صوت محمود يردد:
_ الاستاذ مازن مجاش هنا من ساعة حادثة الانسة ياسمين.. بيبعتلي الشغل ولو في حاجة مهمة بيجي غير كده محدش يعرف طريقه.
نظرت له قطوف باختناق، لم تتوقع هذا رد الفعل منه، تسألت بتوترٍ:
_ طب يا محمود أنت ممكن تعرف هو فين! قولي عشان خاطري لأن أنا مش عارفة أوصله.
حرك محمود رأسه بنفيٍ، فوجد عينيها تلتمعان بحزنٍ شديد، تنهد قليلًا ثم قال:
_ ياسين العطار بس اللي يعرف طريقه.
تجمدت قطوف قليلًا، ثم همست دون أن تستدير:
_ ماشي شكرًا.
هبطت من أعلى الدرج مغادرة المعرض، ترفع هاتفه بترددٍ، بقيت دقائق تفكر بحيرةٍ من الاتصال، ثم فجأة ضغطت على الاتصال تنتظر الإجابة، وبالفعل اجاب ياسين بدهشة:
_ خير يا قطوف؟!
ابتلعت لعابها بتوترٍ، مرددة بصوتٍ متحشرج:
_ هو مازن فين؟!
صمت ياسين قليلًا ثم اجابها بصوتٍ هادئ:
_ للأسف مش هقدر أقولك لأن حلفت مقولش مكانه ولا أي حاجة.. اعذريني يا قطوف.
حركت قطوف رأسها بترددٍ، ثم قالت:
_ ماشي شكرًا.
ظنت أنها اغلقت ولم تعلم بأن ياسين لا يزال يستمع لها، فوقفت بالجوار حتى لا يراها أحد تهتف بصوتٍ باكي تخبئ وجهها بين راحتي يدها:
_ مكنش قصدي ازعلك كده.. ارجع عشان خاطري يا مازن.. أنا مش بعرف اقعد من غيرك.. أنا.. أنا بحبك.
ابتسم ياسين ما أن استمع لكلماتها، ثم اغلق الهاتف ينهض من مكانه يستعد للذهاب إلى مريم وأخيرًا قد أتت هديتها وسيذهب اليوم، نظر للساعة فوجدها لاتزال باكرة فقرر أن يتحدث مع مازن ويخبره بما سمعه.
وصل للرقم مازن الجديد وقام بالاتصال به، وما أن اجاب حتى تمتم بصوتٍ مبهج:
_ ايوة يا عم النمس!
تعجب مازن من طريقته، يغمغم بدهشة:
_ في إيه يا عم.. نمس إيه اللي بتقول عليه!
اتسعت ابتسامة ياسين يردد:
_ قطوف قالت أنها بتحبك!
:_ هي قالت كده ليك؟!
تساءل مازن في ترقب، في حين نفى ياسين ذلك يجيب:
_ لاء.. هي رنت تسأل عليك فين! تقريبًا كده شكلها بيدور عليك بقالها كتير، المهم هي فكرت انها قفلت الخط وكان لسه شغال وقعدت تعيط واعترفت بحبها بينها وبين نفسها.
عبست ملامح مازن قليلًا، يهمس بضيق:
_ أنت ليه سبت المكالمة شغالة.. أنت مش عارف أن دا غلط ويعتبر تجسس.
:_ بقولك ايه متفكرنيش بابويا… أنا لما صدقت هربت منه وجيت مصر.. بص اقفل بدل ما ألقيه جاي هنا مع أن متوقعهاش في ابويا لأنه بطة في نفسه مش بيحب السفر خالص.
ضحك مازن على حديث، يردد بصوتٍ يأس:
_ ربنا يهديك يا ياسين، مش عارف ليه حاسس أنه هيعملها معاك وهيجي فجأة.
حرك راسه بفزعٍ، يردد:
_ يا أخي أرحمني من لسانك دا.. طب اتقدم للبنت البومة دي وبعدها يجي.. أنا نفسي اتقدم يا جدع.
ضحك مازن عليه بشدة، في حين أردف ياسين بسعادة وهو يتطلع للساعة:
_ أنا هقفل عشان ألحق ألبس واروح اتقدم لمريم.. واخيرًا مفيش حاجة هتعكر صفو اللحظة دي.
حرك مازن رأسه بيأسٍ، يردد بتنهيدة:
_ ربنا ييسرلك أمورك.
أغلق معه مازن وبقي يفكر بقطوف، في حين كاد ياسين أن يرتدي ملابسه ولكن وجد الصوت الجرس يعلو، ظن أنه أحد يريد شيء، فذهب نحو الباب وما ان فتحه حتى جحظت عينيه من رؤية والده، نعم أنه مهران العطار ولكن كيف!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية فطنة القلب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى