روايات

رواية فطنة القلب الفصل الأول 1 بقلم سلمى خالد

رواية فطنة القلب الفصل الأول 1 بقلم سلمى خالد

رواية فطنة القلب الجزء الأول

رواية فطنة القلب البارت الأول

رواية فطنة القلب الحلقة الأولى

الحاج محمد العطار.: دا أب لبنتين مراته متوفية عنده اجانس عربيات ومرتاح ماديًا بيحب الحياة العادية وعايش في البيت عادية الديكور بتاعها هادي..

قطوف محمد العطار: عندها 24 سنة بتحب الميكانيكة أوي خريجة آدب علم نفس.. مش بتشتغل بمهنتها 😂😂 زينا عادي… بس من صغرها بتحب العربيات وبتحب تصلح فيها.. وهي بترد علطول ومش بتصبر أي حد بيصايقها

ياسمين محمد العطار: عندها 22سنة خريجة تجارة جديد.. بتحب أي حاجة فيها ارقام.. كانت عادية جدًا لحد وفاة مامتها واتحولت وبقت تخاف من كل حاجة.

مرفت العطار: اخت محمد وبتحب المظاهر ومش بتحب اخوها🌚

مازن العطار: ابن مرفت.. عنده 26 سنة.. عايش حياته وخريج كلية حقوق.. بيحب خاله اوووووووي.

مريم: صديقة قطوف وأخصائية نفسية.

في شخصيات هتظهر تاني وهيكون دور رئيسي بس مع الأحداث هتعرفهم.

المواعيد اتنين وخميس بإذن الله بليل طبعا الفصل♥ ويارب التزم😂
أي سؤال حطوه بالكومنتات + نزلت بالشخصيات اهوه عشان في ظلام الذئاب لقيتكم في اولها مجوزين الواد لاخته🤦‍♀️ 😂 والمرة دي لحقتكم عشان في حد قال مازن يبقى اخو ياسمين 😂
فِطْنَة اَلْقَلْبِ

«قطوف الياسمين»

بقلم سلمى خالد ” سماسيموو”

سبحانك اللهم بحمدك سبحان الله العظيم.

الفصل الأول

( سأبقىٰ خاصمك)

توقفت أنفاسه بلحظةٍ، وتوقف عقله عن التفكير، يريد الرد ولكن انعقد لسانه عن الحديث، في حين رفعت نور حاجبها في تعجب متمتمة:

_ مالك يا مازن؟ ساكت كده ليه؟!

حرك رأسه في نفي، يبتسم بتوترٍ استطاع اخفاؤه قبل أن تلاحظه:

_ مفيش بس اتفاجأت بيكِ هنا.. بتعملي ايه هنا؟!

عوجت فمها في ضيق، تردف في حنقٍ:

_ اخويا كان تالتة ثانوي والمفروض اقدمله في الكلية وجيت معاه عشان ماما مش قادرة تروح معاه.. بس مقولتليش بتعمل ايه هنا؟!

ابتسم في مكرٍ، يجيبها بنبرة هادئة يقفز من أعلى السيارة:

_ مفيش ليا صاحب هنا وبزوره.

عقدت حاجبيها في دهشة، متسائلة:

_ ازاى! أنتِ متخرج من يجي 4 سنين؟

ضحك مازن في خفة يتخيل قطوف بهذا الشحم، ثم اجابها مشيرًا لداخل السيارة كي تدلف لها:

_ لا ماهو عنده أخ ولد وهيدخل الجيش وعشان يهرب فـ بيعيد السنة عشان ميدخلش الجيش.

حركت نور رأسها في ايجابية، ثم علت البسمة ثغرها تردف في سعادة:

_ هتوديني فين؟!

استدار كي يدلف للسيارة يستعد للقيادة، يجيبها وهو يشغل محرك السيارة:

_ شاوري ونروح.

بقيت دقيقتين تفكر، ثم اندفعت عنها الكلمات قائلة:

_ اخويا لسه جوا الجامعة خلينا نروح أي كافيه قريب ولما يخلص هيرن عليا واجيله.

حرك مازن رأسه وانطلق معاها، يهمس في سره:

_ سامحيني يا ياسمين.

نطقت نور نتطلعة له في اهتمام قائلة بنبرة فضولية:

_ بس قولي يا مازن يعني إحنا نعرف بعض مدة كبيرة وأنت تعرف عني كل حاجة وأنا لاء.. فين باباك مش بسمعك بتجيب سرته خالص ولا حتى والدتك يمكن خالك هو بس اللي بتحكي عنه.

زفر مازن في ضيق من اسئلتها، ثم اجابها باقتضاب:

_ والدي مسافر من وأنا صغير ومشوفتهوش، وأمي.. أنا عايش معاها وخالي بروح ليه كل يوم وبقعد معه.. في أي اسئلة تانية.

تعجبت نور من نبرات صوته المتضايقة، لتردف في حيرة:

_ هو أنا عملت ايه ضايقك!

اوقف مازن السيارة فجأة، ونظر لها في حدة يغمغم بصوت مختنق:

_ كونك بتحكي كل حاجة دا مش ذنبي إنما أنك تسألي في حاجة متخصكيش يبقى بتخنقيني يا نور.

تشكل الذهول على ملامحها، تشعر بالدهشة من تعبيرات وجهه الغاضبة، لم يحدثها أحد تكذا من قبل، لتنطلق منها كلمات غاضبة:

_ أنت أزاي بتكلمني كده؟ أنت شايف نفسك على ايه؟

ابتسم في سخرية، ثم تمتم ساخطًا:

_ والله أنتِ اللي جيتي تتكلمي معايا وتدلقي بالكلام يبقى من حقي أشوف نفسي.. ثم اعتقد أن مفيش بنت تسمح لنفسها تسمع نت ولد شاب اعزب يقولها أنتِ موزة ويعاكس فيها وهي تفرح ويبقى كرمتها وجعها من طريقة كلامي.. صح ولا ايه؟

صُدمت نور من حديثه وألتمعت الدموع بحدقتيها، في حين رأى مازن ملامحها الباهتة من أثر حديثه القاسي الذي كان بمثابة سوط يجلدها دون رحمة، زفر مازن في ضيقٍ من نفسه فهي ليست المخطئة الوحيدة بهذه العلاقة، تمتم بنبرة هادئة:

_ بصي يا نور.. لو هنتكلم بصراحة علاقتي بيكِ غلط كلها من أولها لأخرها… ومش نافعة ودا مش معناه إنك وحشة أنتِ في ألف حد يتمناكِ.. بس الفكرة أنا اتربيت على أن البنت مينفعش تصاحب ولد والعكس صحيح.. وعشان كده الكلام طلع مني كده… اقولك على حاجة البنت اللي صعبة المنال هي اللي الرجل بعمل كل المستحيل عشان يتجوزها ويملك حاجة مش في ايد غيره… بيحس إنه مسك كنز ويوم ما الكنز دا هيضيع هيخاف ويترعب من أنه يضيع لأن وقتها هيفتكر هو تعب إزاي عشان ياخدها… ففكرة البنت تصاحب ولاد عادي وتنفتح اكتر وأكتر دا بيأذيها مش بيديها كل اللي نفسها فيه… جربتي تسألي سؤال لنفسك هل أنا شايفك إزاي.. طب هل الناس لو شفتك معايا هيقولوا ايه؟

طب لو جه خطيبك أو شخص بتحبيه أوي وسألك في يوم كنتِ مرتبطة قبل كده أو ليكِ صحاب ولاد قبل كده وبتهزري معاهم عادي وفي هزار بالايد عادي.. هتجوبي تقولي ايه.. عملتي حساب اللحظة دي… ليه نخسري شخص بتحبيه في مقابل وقت هيعدي وصحبك أو الشخص اللي ارتبطي بيه دا ممكن في لحظة يبعد ومش هيفتكرك.. أنتِ فاهمني يا نور؟!

دموعٌ تنحفر بوجهها، وجنتيها تمتلأ بالحُمرة، نظراتها لا يوجد بها سوى خذلان، مدت يدها تزيل تلك الدموع ثم هتفت بصوتٍ مبحوح:

_ أنا وفهمت قصدك.. وأنت المفروض متربي على كده بتعمله ليه من الأول؟!

صمت مازن ولم يستطع الحديث، في حين مدت نور يدها لتفتح باب السيارة تتطلع نحوه للمرة الأخيرة تتحدث في ألم:

_ أنت اتكلمت وسمعتك.. وأنا هقولك جملة واحدة يا مازن.. اللي أنت بتعمله أكبر بكتير من غلطي على الأقل مش بنصح وأنا في قلب الغلط أو سبب فيه.. لكن أنت عارف الصح ايه وبتعمل عكسه.. ابقى بص في المرية وشوف مين فينا اللي ممكن يخسر اللي بيحبه بجد.

غادرت نور السيارة في حين بقى مازن يستمع لحديثها في صمت، كلماتها تتردد بأذنه، هل بالفعل سيأتي اليوم ويفقد من يحب؟

هو تربى على أنه ولد.. شاب يفعل ما يحلو له فلن يكن ذنبه مثلما الفتاة تفعل!

ولكن نسى أن هناك حساب لن يفصل بينه وبين الفتاة سيصبح الأثنان في تساويٍ، خلق الله لك قلب وخلق للفتاة قلب، خُلق آدم من طين وخُلقت حواء من طين، وخلقت حواء من ضلع آدم وأصبح آدم لا يستطيع ترك حواء

فكيف لك يا بني آدم آلا تصبح صفحة بيضاء كما تريد أن تصبح الفتاة هي الأخرى صفحة بيضاء لا بل ناصعة البياض؟!

**

رفع المنديل كي يمسح قطرات العرق التي تغرق جبينه، يحاول اظهار الثبات ولكن فشل في ذلك.

ضرب محمد على المكتب في عنف، يتطلع نحو المرتعب أمامه في شرسة لم يراها من قبل، يزمجره في عنف:

_ قسمًا بالله يا نادر لولا كان في عيش وملح بينا كنت سجنتك.. العيش والملح مهانوش عليا عشان أنا ابن حلال إنما ابن الحرام هو اللي بتهون عليه… من النهاردة مشوفش وشك هنا تاني.. وإلا لو لمحت ظِلك معدي مش هيكون ليك عندي داية… فــــــــــــاهم.

حرك نادر رأسه في ايجابية سريعًا، وفي حين هدر محمد في غضب:

_ بـــــــــرة.

هروال نادر سريعًا للخارج، في حين انهارت قوة محمد وجلس على المقعد في تعب بات ظاهرًا عليه، يحاول أن يستمد طاقته ولكن باتت المحاولة فاشلة، دلف محمود له كي يخبره ببعض المهام ولكن وجد ملامحه باهته، نظراته مرهقة للغاية، ركض نحوه في سرعة يردف بنبرة ملتاعة:

_ حاج محمد أنت كويس؟!

اشار محمد نحو جهاز قياس السكر، وسرعان ما فهم محمود سر ارهاقه، ليسرع بجلب الجهاز واعداده كي يقيس مستوى السكر، وبعد دقيقتين اظهر الجهاز أن مستوى السكر عالي بالدم، ليسرع بجلب الانسولين واعطاؤه له.

مر وقت كان محمود يقوم بكامل الأمور حتى يسترد الحاج محمد جزءًا من عافيته، فقد ساعده على الاستلقاء على الأريكة، وبالفعل بدأ محمد بالحديث في تعبٍ لاتزال نبراته تحمل شوائب منها:

_ معلش يا محمود تعبتك معايا.

ابتسم محمود في هدوء يجيب:

_ تعبك راحة يا حاج…

ثم اضاف في قلق:

_ بس حضرتك كده مينفعش تبقى لوحدك في الشغل كده ممكن حد يستغل تعبك ويوقع كل شغلك!

ملأ الحزن حدقتيه، يعتدل في جلسته في ارهاق، ثم اجابه وهو يضع وجهه بين راحتي يده:

_ أعمل ايه طيب.. أنا مش هقدر اوقف بناتي في الأجانس.. الأولى بتاخد قرارها من دماغها وممكن تهد المعبد على اللي فيه… والتانية لو حد نفخ جنبها ممكن تنهار… ومفيش غير ابن اختي هو الوحيد اللي هيقدر يشيل الشغل ويحمي بناتي.

شعر محمود بشفقة عليه وذهب نحوه يربت على كتفه في تعاطف مرددًا في حيرة:

_ طب ما تكلمه يقف معاك!

ابتسم في سخرية متمتمًا:

_ وفكرك متكلمتش معاه… اتكلمت وهو مش عايز يشيل مسؤولية المكان.

حرك محمود رأسه يردف في هدوء:

_ حاول معاه تاني… تعبك والشغل اللي عملته يستحق إنك تشتغل عشانه وتختار حد موثوق فيه تحطه مكانك.

ربما بضع كلمات صغيرة قالها لم يشعر بأنها ذات اهمية لمن يسمع، ولكن كانت بمثابة هذا السهم الذي انغرس بصدر اليأس كي يقضي عليه ويعود الأمل من جديد، حرك محمد رأسه في ايجابية، يقرر مقابلة مازن بالغد كي يجعله نائبًا لأعماله، نهض من مكانه يقرر العودة فقد تأخر الوقت وهو يريد أن يقضي مشواره الذي بات يقوم به بكل اسبوع دون ملل أو كلل.

*****

أمام الجامعة..

سارت ببعض التوتر للداخل، ولكنها توقفت فجأة ما أن تذكرت أنها نست بطاقتها الشخصية مع مازن، نفخت في ضيق من عدم انتباهها لشيءٍ مهم مثل هذا، وقررت العودة سريعًا كي تحضرها، وبالفعل وصلت للخارج ولكنها رأت سيارة مازن تسير مبتعدة عن الجامعة، تعجبت قليلًا ولكنها اسرعت في اخراج هاتفها كي تتصل به يعود، بقت عدة دقائق يعطيها خارج نطاق التغطية، حاولت الوصول له بكل الطرق ولكنها لم تستطع، نفخت في ضيق وتوترٍ:

_ ليه يا مازن سبتني.. دا الموضوع مش هياخد اكتر من نص ساعة.

ادمعت حدقتيها وقررت أن تنتظره لتتحرك تجلس بالقرب من النافور الموجودة أمام الجامعة، ولكن مرت ساعة ولم يأت حتى الآن، نهضت من مكانها تنهمر الدموع بغزارة على وجنتيها، وتحركت تركب سيارة أجرة ( تاكسي) كي تعود للمنزل، تهمس بداخلها في ألم:

_ أنا كله ليه بيبعد عني.. ماما ماتت وأنا صغيرة.. قطوف مكنتش قادرة تخلي بالها مني أغلب الوقت.. بابا مسافر علطول ومش بيقعد معايا.. حتى أنت يا مازن بدأت تبعد عني واحدة واحدة.

وضعت وجهها بين راحتي يدها تبكي على ما هي فيه، تشعر بالوحدة موحشة، تكاد تفترسها بشرسةٍ دون رحمة، وصلت للمنزل بعد وقتٍ قضته في البكاء والتلوي من الألم، ثم انطلقت للحديثة تجلس بجوار زهرتان صغيرتان واحدة تحمل لونًا بنفسجي والأخرى تحمل لونًا ابيض، ظلت تتأملهم في شرود لا يشغل تفكيرها سوى سؤال واحد

لِمَ يبتعد عنها الجميع بهذه الطريقة المؤلمة منذ طفولتها؟!

**

امسك بهاتفه ليرى الساعة فقد بقى لوقتٍ بسيارة ولم يعد يعلم كم بقى بها؟، زفر في ضيقٍ من انهاء بطارية الهاتف ثم امسك بالشاحن الخاص بها وإيصاله بالسيارة كي يشعله وما أن فتحه حتى رن هاتفه برسابة تعلن عن محاولة ياسمين عشرات المرات بالرن عليه ولم تجده، جحظت عينيه في صدمة، ثم اسرع باشعال المحرك السيارة وبالفعل ما أن وصل لم يجدها، حاول الاتصال بها ولكن لم ترد، كرر المحاولة ولكن وجدها أغلقت هاتفها، علم أنها غاضبة منه وسيحتاج لطريقةٍ كي يصالحها، حرك رأسه في يأس يضرب جبينه في غيظ قائلًا:

_ غبي كان لزمًا تنسى يعنى.. الله يسامحك يا نور.

غادر من المكان يعود للمنزل، يشعر بالضيق من نفسه، فهي تحتمي به وهو خذلها بهذه المرة، فبات يشعر باختناق يزداد من كونه قام بـ خذلناها، لا يريد خذلناها كما فعل به والده ووالدته، مسح وجهه في اختناق يحاول بقدر المستطاع السيطرة على ضيقه، فهذا أكثر شيئًا يمكن أن يخرجه عن شعور ويحول حياته.

**

داخل عيادة نفسية…

طرقت قطوف على الباب في هدوء، ثم ادخلت نص جزعها تنظر للداخل قائلة ببسمة مريحة:

_ ادخل ولا ألف وأرجع؟

ضحكت القابعة على المكتب، ثم نهضت سريعًا كي تستقبل صديقتها في حبور، تردف بنبرة فرحة:

_ وحشتني أوي يا قطوف.

ضمتها قطوف في اشتياق، تردف بصوتٍ مرح:

_ امتى هتتخطبي يابت بدل ما أنتِ قاعدة كده على المكتب فاضل تاكة وهتفقسي.

ضربتها على كتفاها في غيظ، ثم اردفت وهي تهندم ملابسها قائلة بغنج:

_ الدكتور مريم مش هتتجوز أي حد يا ماما.. لزمًا يبقى عارف تاريخي العظيم في المجال.

:_ أنتِ هتحوري يا مريم.. تاريخ ايه اللي عايزاه يعرفه.. هو حد يعرفك غيري اصلا والكام طفل اللي بيجولك عشان ينطقوا صح.

قالتها قطوف في سخط، في حين منحتها مريم نظرات متضايقة قائلة في غيظ:

_ ايه اللي حدفك عليا!

تحركت من امامها لتجلس على الاريكة باريحية، ثم تمتمت بصوتٍ يحمل غيظًا مكتوم:

_ هو في غيره قارفني في حياتي.

زفرت مريم في يأس، تتقدم منها في خطواتٍ هادئة قائلة:

_ مازن.

ابتسمت بسخطٍ، ثم اردفت بنبرة مغتاظ وقد تلون وجهها بحُمرة العضب:

_ آه لو اطول أبطحه بحاجة في دماغه واعمله عاهة مستديمة.. ياما نفسي أخلص عليه بس ماسكة نفسي بسبب بابا.

رفعت مريم حاجبه، ثم صفقت بيدها تدفع لها كلماتها الساخرة:

_ برفو قاعدة ما قاتلة قُتله.

امسكت قطوف بالوسادة التي بجانبها وألقتها عليها تصيح بها في غيظ:

_ بت أنتِ متنرفزنيش.

صكت مريم على أسنانها في غضب من تهورها الدائم، ويدها التي تسبق عقلها، لتردف في انتقم:

_ طب اتصدقي بقى أنك هتتجوزي مازن!

شهقت قطوف في استنكار، ثم هدرت بعصبية مفرطة:

_ أنا استحالة اتجوز البني آدم دا.. دا لو آخر انسان على وجه الأرض عمري في حياتي ما هوافق عليه أنتِ فاهمة.. ومتكرريش الجملة دي تاني عشان متغباش عليكي.

لوت مريم فمها في سخرية، في حين نهضت قطوف من مكانها تستعد للذهاب قائلة:

_ هروح بقى.

تبدلت ملامح مريم سريعًا لذهول، ثم اسرعت في الحديث:

_ أنتِ زعلتي من…

قاطعتها قطوف ببسمة تعلو ثغرها متمتمة:

_ عارفة أنك بتغظيني وإن دا كلام عادي يا مريم.. أكيد مش هروح اخد بعضي واهرب عشان كلمتين هزار.. ثم أنتِ عارفة كويس إن لو حد ضايقني بالكلام برد عليه بدل الطاق عشرة..

ثم غمزت لها قائلة:

_ ثم أنتِ يا باشا الوحيدة اللي لو زعلت هروح اقولها عشان نتصالح علطول ونفضل سوا.

ابتسمت لها مريم في حبور، في حين أكملت قطوف وهس تتقدم نحو الباب:

_ أنا همشي عشان بابا قولتله هعدي عليكي خمسية في العيادة واروح بس كده.. بس متقلقيش في زيارة والمرة دي عند طنط.

ابتسم لها مريم، في حين غادرت قطوف للعودة سريعًا.

**

وصلت قطوف للمنزل وعلى شفتيها ابتسامة تتمتى ألا يعكر صفوها أحد، ولكن سرعان ما اختفت ما أن رأت ياسمين تجلس جوار الزهور وصوت بكاؤها يعلو، ركضت نحوها سريعًا لتجلس قائلة في قلق:

_ مالك يا ياسمين.. حصل ايه؟ مازن ضايقك؟

نظرت لها بأعين حمراء من كثرة البكاء، تجيبها بنبرة متألمة:

_ مازن أصلًا ملقتهوش قدام الجامعة… نسيت البطاقة بتاعتي معاه وجيت خرجت عشان اخدها لقيته بيتحرك بالعربية رنيت عليه تلفونه فاصل شحن وفضلت مستنية يرجع ملقتهوش وروحت.

عادت تبكي من جديد، تتمتم بصوتٍ تجرع الآلام:

_ هو ليه كل بيبعد عني؟ هو أنا وحشة ولا عشان مشوفتش أمي وشبعت منها فـ كله بيبعد عني؟

ضمتها قطوف سريعًا لها وكأنها ابنتها تتمتم بصوتٍ حنون للغاية:

_ بس يا هبلة بيبعد عنك إيه؟ دا أكيد حصل حاجة معاه عشان كده مقدرش يكون معاكي؟ دا ممكن أمه تكون جتلها جلطة وخلصتنا منها وهو راح يلحقها.

ضحكت ياسمين على حديثها، فهي تعلم عمتها جيدًا ولا تحبذا الجلوس معها، وأيضًا مرفت تخشى قطوف بسبب شخصيتها المندفعة وأنها بلحظة يمكن أن تخسر حياتها ومظهرها بسببها لذا تأخذ الحذر منها، ابتسمت قطوف في حب، تمد يدها تمسح دموعها قائلة بنبرة حانية:

_ ايوة كده خلي الشمس تنور.. أنتِ أهم حد لي حياتنا يا ياسو واوعي تخلي التفكير العبيط دا تاني يتمكن منك… كلنا بنحبك ووجودك في حياتنا هو سعادتنا… بس أحيانًا الظروف بتتجمع في وقت واحد وعشان كده فهمتي الكل غلط بس.

حركت ياسمين رأسها في ايجابية، لتنهض قطوف تساعدها على النهوض كي تصعد لغرفتها، كي تغفو كما تفعل بكل مرة تبكي بها وتغفو بعدها مباشرة، وبالفعل غفت ياسمين سريعًا.

****

وصل للمنزل وصف سيارته، ثم صعد للشقة وما أن دلف حتى استمع لصوت والدته تتمتم:

_ أخيرًا شرفت.

تنهد مازن بضيق، فهو لم يعد يحتمل حديث والدته المسمم، أردف في اختناق:

_ خير يا أمي؟!

انتفضت من مكانها، تصيح به في غضب:

_ ايه خير دي! احترم نفسك وأنت بتكلمني أنت فاهم..

حاول التماسك أمامها، ثم أردف بهدوء:

_ حاضر.

أكملت مرفت بصوتٍ هادئ:

_ من بكرة تروح لخالك وتقوله عايز اشتغل معاك.

:_ نعم.. دا اللي هو إزاي؟!

قالها في ذهول ممزوج باستنكار، في حين تهجمت ملامح مرفت سريعًا تردد بهجوم:

_ زي الناس يا نن عين أمك… هتروح تشتغل معه ولو سمعتك بتعترض على حرف يبقى اعتبرني موت بنسبة ليكِ وجوازك من بنت خالك أنا مش راضية عنها..

ثم اضافت بخبث:

_ وتاريخك يا قلب أمك مع البنات هحكيه كل لياسمين.. وشوف البسكوتة اللي فاكرة إنك بتحميها وبتحافظ عليها هيجرى ليها ايه لو عرفت حاجة عن تاريخ الأسود واللي الكل مخبيه عنها عشان ضعفها.

صُدم مازن من طريقتها، ولكن سرعان ما علت بسمة ساخرة على شفتيه، فماذا سيقول؟ فمن يخذل مرة يخذل مليون مرة، حرك رأسه في ايجابية يردد باقتضاب:

_ حاضر بكرة هروح لخالي واقوله عايز اشتغل معاك، أي اوامر تانية؟!

لوت فمها بسخطٍ ثم اشاحت بيدها قائلة:

_ لاء.

تركها مازن ودلف لغرفته، تنبرز عروقه بشدة، يتطلع أمامه في غضبٍ جامح، ثم بكامل قوته ضرب الحائط بقوة شديدة، حتى جُروحت بشدة وبدأت تنزف بغزارة، جلس على الفراش في تعب يحاول السيطرة على انفعالاته، أصبح لايطيق الجلوس بالمنزل ولا مقابلة أحد ولكن أخبره خاله بمرةٍ

( لو هربت من المسؤولية مرة، مش هتعرف تهرب في المرة التانية، وأنت أتخلقت في الدنيا يعني مفهاش راحة.. اتخنق شوية بس ترجع تاني لمكانك)

أغمض حدقتيه في ارهاق شديد، ثم نظر ليده التي لا تزال تنزف الدماء ونهض من مكانه يحضر بعض الأدوات الطبية كي يعالج يده، فليس هناك من يمده بالرعاية، وبالفعل بدأ بعلاج يده حتى قام بضمادتها، أمسك هذا الجهاز الصغير ثم قام بالضغط عليه لتنغرس به هذه الشوكة، أعاد كل شيء مكانه ثم رفع نفسه على الفراش و أمسك بهاتفه باليد اليمنى المعافاة، وحاول الاتصال بـ ياسمين مرة أخرى…

**

رأت قطوف رقم مازن على هاتف ياسمين، حاولت التجاهل ولكنها لم تستطع لتمسك الهاتف في سرعة ترد بنبرة باردة:

_ خير عايز ايه؟!

نظر مازن للهاتف يتأكد من أنه رقم ياسمين، ثم عاد مجددًا ليهتف في دهشة:

_ هي ياسمين فين؟!

:_ والله! لسه فاكر أن في ياسمين أصلًا.. ولا بقولك ايه اما أنت مش اد الأمانة وعامل فيها ديك البراري وواخدها عشان توصلها للجامعة وسبتها تروح لوحدها بتاخدها ليه من الأول يا سبع البرمبة هاه!

قالتها قطوف في غيظ شديد، في حين صك مازن على أسنانه في غيظ قائلًا من بين أسنانه:

_ والله اسباب تخصني ملكيش دخل فيها.

رفتت قطوف حاجبها في غيظ، ثم قالت بنبرة مستفزة:

_ والله والاسباب دي بقى تخص تاريخك القذر ولا الحاجة الوالدة جلها جلطة من اعمالها السودا وروحت تلحقها.

أحمرت عين مازن بغضبٍ شديد، يقبض على يده المصابة حتى عادت تنزف من جديد يهدر في عصبية:

_ بت أنتِ أنا ساكت وعامل احترام لوحدة زيك.. إنما هتسوقي فيها هعرفك مقامك.. لمي لسانك اللي هيعدي عليه قطر يفرمه ويخلصنا منه.

:_ تعرف مقام مين يا دلعتي دا أنا ألقبك زي الصرصار كده لما بياكل بالشبشب على دماغه…

نطقت بها في اندفاع شديد، ثم استرسلت بصوتٍ غاضب يحمل الاختناق بين طياته:

_بص ياض أنت أنت فورت دمي وضغطي عالي بسببك.. غور من وشي وأخر مرة ترن على أختي واقطع علاقتك بينا وخلصني…

أغلقت المكالمة وهي تتنفس في غيظ، تهمهم بكلماتٍ تحمل ضيق، في حين تطلع مازن للهاتف في ذهول ثم صك على أسنانه في غضب جامح يتمتم بصوتٍ يحمل تحدي:

_ أنا كنت هخلع من موضوع الشغل دا بس وربي يا قطوف لـ انا راشق في الشغل دا مخصوص عشان أكفر سيئاتك.

ألقى الهاتف بعيدًا، ثم بقى يفكر كيف سينتقم منها فهو لن يتوقف عند هذا الحد، وبالفعل لحت على شفتيه بسمة صغيرة يتمتم بصوتٍ يحمل نوايا الانتقام:

_ أنا هعرف إزاي أقهر قلبك كويس!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية فطنة القلب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى