روايات

قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام الجزء الثاني 2 بقلم شيماء هاني شحاتة

قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام الجزء الثاني 2 بقلم شيماء هاني شحاتة

مجموعة قصص الأنبياء كاملة (جميع القصص) بقلم شيماء هاني شحاتة
مجموعة قصص الأنبياء كاملة (جميع القصص) بقلم شيماء هاني شحاتة

قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام الجزء الثاني

فما كان من القوم ان أجابوا: ” أن تعرف جيدا أن آلهتنا لاتنطق!!”

وهذا الرد هو ماكان ينتظره ابراهيم منهم فقال: “حسنا إذن، كيف تعبدون صنما لاينطق ولايسمع ولايرىولايعقل ولاينفع ولايضر!! أين عقولكم!!..”

واعترف ابراهيم وحكى لهم ماحدث وسألهم لم لم يتحرك كبير الآلهة لأنقذ الآلهة الأخرى قبل أن يحطمها إبراهيم بفأسه!!؟

ولكن قوم سيدنا إبراهيم لم يكونوا يعقلون ما يقول، وغطى ظلام الشرك على عقولهم، فثاروا وقرروا حرق سيدنا ابراهيم نصرة و انتقاما لما فعله بآلهتهم..

بدأ التحضير لحرق ابراهيم..

 

 

فجهز قومه حفرة عظيمة، ملأووها بالأخشاب والحطب، وأشعلوا فيها نارا هائلة مخيفة..

ولم يكتفوا بذلك، بل أرادوا أن يجعلوه عبرة، فجاؤوا بمنجنيق كبير ليقذفوا منه ابراهيم فيسقط بشدة الى حفرة النار..

تجمع الناس ووقفوا على مسافة من حرارة النار الملتهبة فى الحفرة..

ربط الكفار سيدنا ابراهيم وشدوا وثاقه، ووضعوه فى المنجنيق ليلقوا به الى النار..

أصدر كبير الكهنة أمره بأطلاق المنجنيق لقذف سيدنا ابراهيم الى النار..

وفى تلك اللحظة الحاسمة،، تنزل سيدنا جبريل ووقف عند رأس ابراهيم يسأله: “يا ابراهيم اطلب أى شئ تريد!!”ه

قال ابراهيم: “لا اريد شيئا سوى رضا الله”..

وانطلق المنجنيق..

وأصدر الله الأمر إلى النار: “يانار كونى بردا وسلاما على ابراهيم..”

سقط ابراهيم فى حفرة النار، أحرقت القيود التى كانت تربطه فتحرر منها، ولم تمسه النار بسوء أبدا..

ظل ابراهيم جالسا فى الحفرة يسبح ويشكر فى اطمئنان تام رغم النار من حوله، حتى خمدت النار تماما وانطفأت..

خرج ابراهيم من النار سليما معافا، لم تمسه النار بأذى كما أمرها الله عز وجل..

انتشر الخبر عن معجزة نجاة ابراهيم من تلك النار العظيم، وجاء الناس من كل حدب وصوب يريدون أن يقابلوانبى الله..

وهنا أحس ملك البلاد وقوم ابراهيم بالخوف والقلق على عرشه ومكانته فى ظل شعبية سيدنا ابراهيم المتزايدة، فأمر بإحضار سيدنا ابراهيم لمقابلته..

فأتى ابراهيم الى الملك وسأله الملك: أأنت تدعو إلى إله جديد!!؟

 

 

رد سيدنا ابراهيم: “إنه ليس سوى إله واحد هو الله وحده لاشريك له”..

فسأله الملك: “ماذا الذى يستطيع ربك أن يفعله وأنا لا..!؟

قال ابراهيم: “ربى الذى يحيى ويميت”

قال الملك: “أنا أحيى وأميت”

ربما الملك كان يقصد الكذب للخروج من الموقف أو ربما قصد أن لديه جنود يقتلون بأمره، واذا أراد يعفوا عمن حكم عليه بالموت واعتقاده أنه كذلك يملك أمر الحياة والموت للناس!!.

ابتسم ابراهيم لضيق أفق ومحدودية ذكاء ذلك الملك، فالله أعلى وأكبر من ذلك..

قال ابراهيم:”فإن الله يأتى بالشمس من المشرق، فأت بها من المغرب!!”

“فبهت الذى كفر”

سكت الملك من ذهول الموقف ولم يجد ردا لتحدى سيدنا ابراهيم عليه السلام..

انصرف ابراهيم، وترك الملك غارقا فى العجز والاحراج والندم لتحديه ابراهيم..

ذاع صيت سيدنا ابراهيم فى البلاد المجاورة، وظل ابراهيم يدعو قومه للايمان مرارا وتكرارا، ورغم مارأوه بأم أعينهم من معجزات فلم يؤمن بسيدنا ابراهيم من قومه إلا رجل واحد هو سيدنا لوط عليه السلام وامرأة واحدة وهى السيدة سارة التي تزوجها فيما بعد، فقط اثنان من كل هؤلاء القوم..

حتى أبو سيدنا إبراهيم، رغم دعوات ابراهيم المستمرة له بترك عبادة الاصنام والايمان بالله، فلم يصدقه وظل يحاربه كما قبل..

فقرر سيدنا ابراهيم أن يهاجر من بلده ليبدأ فى نشر دعوته الى الله..

 

 

بعد أن خرج من بلده اتجه اولا الى مدينة تدعى “أور”، ثم مدينة تدعى “حاران”، ثم اتجه الى “فلسطين”، ثم الى “مصر” من بعدها، ومعه الشخصين الوحيدين الذين آمنا معه من قومه!!

مرت السنين طويلة وابراهيم مستمر فى دعوته، وكانت السيدة سارة زوجته لاتنجب..

وحينما كان ابراهيم فى مصر أهداه الملك السيدة هاجر لتقوم على خدمتهم، وظلت السيدة هاجر ملازمة لهما..

حتى قررت السيدة سارة أن تعرض على سيدنا إبراهيم الزواج من هاجر حتى ينجب منها الولد الذى طالما تمناه..

وقد كان، تزوج سيدنا ابراهيم عليه السلام من أمنا هاجر، وأنجبا ولدا سمياه “اسماعيل”..

ورغم كبر سن السيدة سارة وعدم قدرتها على الإنجاب، فقد قرر الله مكافأتها على صبرها ورزقها هى الأخرى بولد هو سيدنا “إسحاق”..

كان ابراهيم مستمرا فى دعوته، ولكن عقله الفضولى المستنير الباحث عن اجابات لكل شئ ظل مشغولا باستمرار فى تساؤلاته عن اسرار الكون والخلق!!.

حتى سأل ابراهيم الله عز وجل ربه فى يوم قائلا: “رب أرنى كيف تحيى الموتى”

قال له الله سبحانه: “أولم تؤمن!؟”

فرد إبراهيم بأنه بالطبع مؤمن ولكنه يريد أن يرى قدرة الله بعينه حتى يطمئن قلبه!!

فأمره الله بأن يأتى بأربع من الطير، ويذبحها، ويضعها متفرقة على قمم الجبال..

ففعل ابراهيم ماأمره به ربه، ثم رد الله الروح للطيور وأحياها بأمره، فطارت الطيور إلى ابراهيم عليه السلام..

كان الوحى من الله يأتى الى سيدنا ابراهيم عليه السلام أثناء نومه..

حتى استيقظ سيدنا ابراهيم يوما، فأمر السيدة هاجر أن تحمل ولدهما اسماعيل وتجهز متاعهم للسفر..

سار ابراهيم بهما الى ارض مزروعة كبيرة، وظل يمشى ويمشى حتى وصلوا الى صحراء شبه الجزيرة العربية، وهى صحراء قاحلة لازرع فيها ولاماء ولاطعام.

 

 

أنزل ابراهيم ولده وزوجته من على ظهر الدابة التى كانوا يركبونها، وترك معهم جراب به قليل من الطعام وبعض الماء لايكفى ليومين!!

ثم تركهما فى ذلك الوادى الخالى من الناس وذهب..

أسرعت خلفه السيدة هاجر تسأله كيف يتركهما فى ذلك المكان المقفر الخالى من البشر!!..

لم يرد عليها سيدنا ابراهيم وتركها وأكمل مسيره..

هنا فهمت السيدة هاجر وجرت خلفه وسألته: “أهذا أمر من الله لك؟”

فرد ابراهيم: “نعم”

فما كان من امنا هاجر المؤمنه الا ان تقول: آلله أمرك بهذا ؟ اذهب فلن يضيّعنا الله !!

سار إبراهيم متمالكا مشاعره حتى اختفى خلف الجبل، فوقف سيدنا ابراهيم عليه السلام ورفع يديه الكريمتين تضرعا الى الله سبحانه وتعالى داعيا اياه: “رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ”

كانت حرارة الشمس حارقة فى ذلك الوادى، ولامكان لتحتمى به، مر يومان وانتهى كل ماتركه ابراهيم من طعام وشراب لهما!!.

حتى أن لبنها قد جف ولم تجد ماتطعم به ابنها اسماعيل، وتروى عطشه وعطشها..

تركت أمنا هاجر طفلها يبكى من شدة الجوع والعطش، ومشت مهرولة تبحث عن الماء..

حتى وصلت الى جبل يسمى “الصفا”، فصعدته هاجر بحثا عن اى أثر لانسان او ماء او زرع..

لكنها لم تجد شيئا، فنزلت مرة اخرى مهرولة الى حيث جبل اخر فى الناحية المقابلة يسمى “المروة”، فصعدته ايضا تنظر وتبحث، فلم تجد شيئا!!

 

 

عادت أمنا هاجر الى طفلها فوجدته مستمر فى بكائه الشديد، فظلت تسعى بين الصفا والمروة علها تجد اى شى أو اى اثر لحياة..

وبعد السعى للمرة السابعة وقد خارت قواها تماما، جلست بجانب ابنها الذى بح صوته من شدة البكاء..

وعندما بدأ اليأس يتسلل الى نفسها، أدركتها رحمة الله، وبينما الطفل اسماعيل يضرب بقدميه وهو يبكى، انفجرت تحت قدميه بئر زمزم..

ظلت أمنا هاجر تغرف الماء بيدها وتسقى ابنها وتشرب، وهى تسبح وتشكر الله على أنه لم يضيعهما..

بدأت بوادر الاستجابة لدعوة ابراهيم السابقة حين دعى الله: ” فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ”..

فقد بدأت بعض القوافل تستقر فى المكان، حيث جذب الماء الوفير فى بئر زمزم الناس للعيش بالقرب منه!!

كبر اسماعيل قليلا، وبدأ الله يهيئه للنبوة من بعد أبيه..

وفى يوم رأى ابراهيم رؤيا، ورؤيا الأنبياء وحى من الله..

فذهب الى ابنه اسماعيل قائلا: “يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك، فانظر ماذا ترى؟”

فما كان من اسماعيل رغم صغر سنه إلا أن يقول: “يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين”

وصل سيدنا ابراهيم واسماعيل عليهما السلام الى المكان الذى سيتم فيه الذبح..

رقد اسماعيل مستسلما لأمر الله راضيا، واستل ابراهيم سكينه، ورفعها فى الهواء، وبينما هو يهوى بها على رقبة ولده، فدى الله سيدنا اسماعيل بكبش عظيم..

فى تلك اللحظة تحول كل الحزن والألم بداخل الاب وابنه الى فرح وشكر لنعمة الله وفضله..

جزى الله سيدنا ابراهيم وسيدنا اسماعيل عنا خير الجزاء وجمعنا بهم فى جنان الخلد..
ولهذا نحتفل بعيد الأضحى تكريما لتفانيهم فى طاعة الله والاستسلام لأوامره..

 

 

حتى ذلك الحين لم يملك الممنون معبدا أو مكانا للصلاة أو التجمع مثل تلك المعابد الضخمة التى يبنيها المشركين..

فأصدر الله سبحانه أمره إلى إبراهيم واسماعيل أن يتعاونا على بناء الكعبة المشرفة..

والتى ستستمر الى يوم الدين فى كونها أعظم بيت لله فى الأرض..

بدأ ابراهيم واسماعيل فى جمع وتقطيع الأحجار من الجبال، وحفروا الأرض ليصنعوا للكعبة أساسا متينا..

استمر العمل شهور طويلة حتى على البنيان واكتمل..

وأراد ابراهيم أن يضع علامة مميزة حتى يبدأ منها طواف الناس وينتهى حول الكعبة، فظل يبحث عن حجر لونه مختلف ليتميز عما حوله، فأتت له الملائكة بالحجر الأسود، قبله ابراهيم ووضعه فى مكانه بالكعبة..

 

 

{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ . وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ . وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ . رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة:125- 129].

يتبع قصة سيدنا لوط عليه السلام …

لقراءة الجزء التالي : اضغط هنا

لقراءة جميع قصص الأنبياء اضغط على : (مجموعة قصص الأنبياء)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى