روايات

رواية غوثهم الفصل الحادي والسبعون 71 بقلم شمس محمد

رواية غوثهم الفصل الحادي والسبعون 71 بقلم شمس محمد

رواية غوثهم الفصل الحادي والسبعون

رواية غوثهم البارت الحادي والسبعون

رواية غوثهم
رواية غوثهم

رواية غوثهم الحلقة الحادية والسبعون

“رواية غَـــوثِـهِـمْ”
“الفصل الواحد والسبعون”
“يــا صـبـر أيـوب”
____________________
علا صوت الفؤاد باكيًا وهو يشكو
ومن غيرك يا مولاي يسمع الشكوىٰ..
توهت في الدُنيا وضاع مني الأمان
فعدتُ لكَ راكعًا أبحث عندك عن المأوىٰ..
ربي إن كل الحُب دون حُبك لا يُجدي
وماهو الحُب إن لم يكن حُبك وماهي الجدوىٰ..
ربي إن الفؤاد عاصيٌ يُحب الهوىٰ
وآسفى لكَ إني ضعيفٌ والقلب مني يهوىٰ..
_”غَـــوثْ”
__________________________________
كل العالم لم يَكُن هو العالم من غيرها..
وماهو العالم إن خلا يومًا من حضورها؟
فحتى النفس لم تكن نفسًا إن لم تكن في مكانها،
ولا أنا حتى أنا إن لم أكن موجودًا لأجلها..
فأنا وإن ضِعتُ مني سأكون حتمًا حاضرًا في جفونها
أنا المرء الشريد تغربت حائرًا أبحث عن مكاني،
ولم أجد المأوى إلا بين جفونها..
فلقد سمعتُ عن ذراعينِ يحتضنا المرء،
لكن لأول مرةٍ تحتضني الجفون
وأنا أراني في عيونها،
وحينما سُئلتُ كيف وصلتُ لطريقها،
كان الجواب أن كل الطُرقِ ضياعٌ إلا طريقها.
<“الصبر مفتاح الفرج، والهدوء باب الأخلاق”>
هتفت “فاتن” حينها بلهفةٍ بعدما عاد لها الأمل من جديد بشأن أسرة أخيها الفقيد:
_ياريت يا “مادلين”، عارفة أنا إيه اللي مخليني أبعد عن “يـوسف”؟ هو إني واثقة إنه مرتاح مع أمه واخته وعيلته، “يـوسف” الروح رجعتله من تاني برجوع أمه وأخته.
في هذه اللحظة فُتِح الباب عليهما وصاحب الفعل يسأل بنبرةٍ هادرة قتلت الاثنتين محلهما:
_مين دول اللي عايشين ؟؟ ومين اللي قالكم؟..
الآن فقط يدرك المرء أن الموت ليس فقط في الجسد أو بالإصابة إنما هناك قتلٌ من نوعٍ أخر، وهو القتل الغير رحيم خاصةً مع السهام الحادة المطلوقة من العينين الحادتين نحوهما، لقد وقف بالخارج يستمع لحديثهما كاملًا بعدما أراد أن يلج لأمهِ؛ لكن الحديث ثبته محله وقد تسمر بالأرضِ مكانه ما إن وصله هذا الحديث لتقوم “فاتن” من محلها بجسدٍ أرتجف كُليًا وقد أصبحت قدماها مثل الهُلام الضعيف لم تقوْ على حملها، بل كأنها ضُربت فيهما حتى شُلت عن الحركة تمامًا..
وقف “نـادر” يسألها بعينيهِ عن مقصد حديثها فيما ركضت “مادلين” نحو باب الغرفة تُحكم إغلاقها ثم هتفت بنبرةٍ أظهرت عُجالتها في الحديث وهي تهتف بلهفةٍ:
_”نـادر” !! لو سمحت ياريت نتكلم بالهدوء والراحة علشان محدش يعرف حاجة وياريت اللي سمعته دا محدش يعرفه أصلًا، فيها أذىٰ لمامتك دي، علشان خاطري.
حرك رأسه نحو والدته التي وقفت أمامه خائفة من رد فعله وكأن الكذب حتى فَلَّ عنها وتركها أمامه ضائعة وهو يرمقها بهذه النظرات وما إن رأى الخوف في عينيها أقترب يسألها بنبرةٍ جامدة:
_أنتِ كنتي عارفة إن هما عايشين أصلًا؟.
هزت رأسها مومئةً له بخوفٍ مما جعله يُصدم من الجواب وقد اقتربت منه “مـادلين” تسحبه من يديه وأجلسته أمامها وهي تقول بنبرةٍ رغم توترها وإرتجافة وتيرتها خرجت ثابتة بعض الشيء:
_بص يا “نـادر” أنا بعزك ودايمًا شايفة فيك حاجة كويسة بخلاف تصرفاتك بس دايمًا مقتنعة إن أفعالك دي بتكون غصب عنك علشان كدا بقولك إن الموضوع دا ميخصناش، ودي حاجة تخص “يـوسف” لوحده، حاجة بينه وبين عمه وبين أبوك، لكن أي حاجة تانية لأ.
توجه بنظراته إليها وكاد أن يتحدث ويُعاند كعادته لكن الأخرى أوقفته بنبرتها الحادة وهي تقول بثباتٍ من جديدٍ:
_من غير ما ترد يا “نـادر” ملناش دعوة وياريت دا شيء ميخصكش لأن كلنا ملناش دعوة.
تحدث هو بنبرةٍ جامدة يوقف حديثها هادرًا في وجهها بانفعالٍ وهو يقول:
_أنا مش عيل صغير يا “مادلين” هتحذروني وأخاف على نفسي من الكلام، يعني إيه ناس ميتة تصحى تاني كدا ويطلعوا عايشين؟ وكانوا فين أصلًا والأهم فوق كل دا، مين عارف ومين السبب، أفهم اللي حصل الأول أنا مش عيل صغير وسطكم.
نظرت كلتاهما للأخرىٰ وهو يتابعهما بعينيهِ يحاول التوصل لأي شيءٍ مما يدور بين الجميع وكأن الموقف يشبه صورة عائلية تجهز هو للإنضمام إليها فوجد نفسه خارج إطار الصورة، أما “مادلين” فألقت أمامه قصائص الحوار بأطرافه دون تفاصيلٍ وحينما انتفض من محلهِ ليخرج خارج الغرفة وجد والدته تتشبث بكفهِ وهي تقول بنبرةٍ أقرب للبكاء وهي تتوسله:
_علشان خاطري أوعى تقول لخالك وأبوك، أبوس إيدك أنا مش عاوزاهم يأذوا “يـوسف” لو حد فيهم عرف مضمنش رد فعلهم، أبوس راسك وإيدك كفاية اللي شافه وهو بعيد عنه أمه.
اخفض عينيه سريعًا نحو كفيها القابضين على كفهِ ورفعهما ثانيةً وهو يقول بسخريةٍ لاذعة يُلقي بتهكمهِ عليها:
_على أساس إن أنا اللي امتعت أوي معاكِ؟ أنا لو هسكت فهسكت بس علشانك مش علشان حد تاني، رغم إنك طول عمرك مُشتتة بيننا وعمرك ما خدتي القرار الصح، دايمًا واحد فينك ييجي على التاني عندك، وأخرتها !! أنا برضه باخد بواقي أمومة.
نزلت دموعها وهي أمامه فيما أزاح هو كفيها ونفضهما عن يده وقبل أن يُكمل حركته بأكملها وجد “مادلين” تحذره من جديد بقوةٍ يعهدها الجميع منها:
_أظن يعني مش حابة أقولك إن محدش برانا إحنا التلاتة هينفع يعرف حاجة، خصوصًا مراتك وجوزي، وحط تحت مراتك دي ١٠٠ خط، أنتَ راجل كبير واعي وعارف شغل الستات أخره إيه يا “نـادر”.
تهجمت ملامحه وسكت تمامًا بل وقرر أن يُعاند الجميع، سيضرب بكل مخططاتهم عرض الحائط وينفرد بما يحلو له، هو لم يكن صغيرًا حتى يحصل على الأوامر ويتعرض للتأديب، هو كبير بما يكفي وصاحب سُلطة قوية، لذا ترك الغرفة وتوجه إلى مكان والده وهو يُقرر القرار الأخير في قرارة نفسه.
أما بالأعلى فقد تأكلت أعصاب “فاتن” خشيةً من رد فعل ابنها الأهوج، لقد خشيت من تحرك ابنها مُنصاعًا خلف كرهه لـ “يـوسف” وحقده عليه، خشيت أن يكون رد الفعل نتج عن تصرفٍ أهوجٍ من فتى طائشٍ لازال يتصرف بأفعال صبيانية ليحتج على الوضع العام…
__________________________________
<“لا تسألوني من أنا، فأنا معها لم أكن أنا”>
هيا نطير معًا خلسةً من حياةً خشت أن تطيب لنا،
وهيا نسعد سويًا في طرقاتٍ لم تحمل غيرنا، فأنا وأنتَ معًا مثل الطير بجناحيهِ يُنسج لحنًا والحُب له كان مُسمعًا، لقد أتيت مثل ربيعٍ وجعلتني أتساءل ماذا لو لم يتسم قلبك بالقوة لكي يخون العهد، ليصبح من بعد ذلك يصون كل عهد بما فيهم أنا “عـهد”؟ هذه الحُرة مثل الطيور كانت تفكر وهي تجلس بجوارهِ أثناء صمته وهو ينظر أمامه، لقد أنهى مهمته وطلب منها أن يتجولا معًا في طرقات المدينة وتحديدًا منطقة “وسط البلد”..
سار بها لقرب كورنيش النيل وجلس برفقتها، كانا كلاهما صامتًا عن الحديث، هو يطالع النيل أمامه كعادته يحب السكوت وهي تراقبه وتراقب النيل أمامها حتى لقطته بطرف عينها يطالعها ثم ابتسم بسمةً بدت ساخرة أو مُتعجبة، هي بدت غريبة لها لذا سألته بتعجبٍ:
_بتبصلي كدا ليه؟ وإيـه اللي مضحك؟.
هتف مُفسرًا بنبرةٍ هادئة وهو يقول بعدما ثبت عينيه عليها يهتف بكل صراحةٍ تعهدها منه جيدًا بدون أي تزييفٍ في الحقائق:
_بصراحة يعني؟ مش مصدق إني وصلت لمرحلة زي دي في حياتي، يعني عملت كل اللي كنت بتريق عليه، على أخر الزمن أنا قاعد قدام النيل ومعايا واحدة، ومين كمان؟ مراتي، حاجة غريبة شوية بصراحة.
رفعت حاجبيها بغير تصديق وقد ارتسمت بسمة تمتزج بين السخرية والتعجب على حديثه فوجدته يزفر بقوةٍ ثم هتف بنبرةٍ هادئة:
_اتكلمي أنتِ أحسن، علشان مبعرفش أتكلم.
ابتسمت بيأسٍ ثم هتفت بنبرةٍ هادئة بعدما نظرت أمامها تراقب حركات المياه الهادئة مع لمعة الأضواء المتوازية مع حركات المراكب الشراعية:
_للأسف مبعرفش أتكلم برضه، بحب أغني بس، وبما إني هنا أكيد مش هعرف أغني يعني، علشان كدا خلينا ساكتين أحسن إحنا الاتنين يا “يـوسف” يمكن لو حد فينا أتكلم يزعل التاني أو يفكره بحاجة تزعله.
أشعل سيجارته أثناء الحديث الذي خرج منها وتذكر اللقاء الثالث معها ليس لقاء السكين وليس لقائها مع أسرتها بل اللقاء الذي جعلته يبكي فيه حينما غنت نفس الأغنية التي كان يستخدمها كإسقاطٍ على حاله مع أفراد أسرته، وحينما طال الصمت من جديد هتف هو بما جعلها تنتبه له وكأنه أسرها بنبرته الرخيمة قائلًا:
_عارفة؟ أنتِ السبب أني أعيط، وأعيط بحرقة كمان يا “عـهد” حسيت إني عيل صغير وأنا واقف بسمعك وكأن فيه “يـوسف” تاني خرج مني علشان ينهار على صوتك، لسه فاكر صوتك وإزاي كنتي بتغني بحرقة أوي كأنك حاسة بكل حاجة زيي ودي كانت أول مرة أحس إن فيه حد شبهي، وأول مرة أعيط من سنين.
بدت ملامحها مشدودة بعض الشيء أمامه ورفرفت بأهدابها كثيرًا وكثيرًا فوجدته يضيف بنبرةٍ هادئة بعدما اتصلت الأعين ببعضها وهو يقول بنبرةٍ هادئة بعض الشيء وكأن ما يفسره هو مرسومًا أمام عينيه:
_ساعتها كانت تالت مرة أشوفك فيها، أول مرة السكينة لما حطتيها على رقبتي، وتاني مرة وأنتِ مع مامتك وأختك وتالت مرة لما غنيتي كان ياما كان، ساعتها بقيت مش مصدق كم الصدف وإزاي فيه حد ممكن يكون بنفس وجعي باختلاف الظروف كلها، فساعتها وقفت اسمعك، بخلاف إن قصة الأغنية الحقيقية توجع أصلًا بس لما اتحطت مع ظروفنا بقت بتوجع أكتر..
سألته بنبرةٍ مهتزة كُليًا بعدما صدمها بحديثه النابع عن تفاصيلٍ هائلة توحي بمدى قوة ذاكرته:
_وهي إيه قصة الأغنية الحقيقية؟.
حينها كان ينظر أمامه وقد أعاد بصره من جديد لها وحرك كتفيه وهو يقول بنبرةٍ هادئة يخبرها بعدم علمه الحقيقة كاملةً:
_الحقيقة إني معرفش إيه هي الحقيقة، طلعت إشاعات كتير جدًا بسبب الموضوع دا، أقوى إشاعة فيهم واللي انتشرت إن “بليغ حمدي” لما “وردة” طلعت في التلفزيون في لقاء بعد انفصالهم واتسائلت فيه “إيه اللي حصل بينك وبين “بليغ”
قالتلهم بكل تكبر وكبرياء ممكن تملكه ست في الدنيا وغالبًا بسبب وجعها منه “مين “بليغ” دا؟” وكأنها بتنكر معرفتها بيه بكل صراحة، المهم إن”بليغ” عرف وشاف اللقاء فكتب أحلى وأرق عتاب ممكن حد يعاتب بيه حبيبه كتبه وهو بيوصف بيتهم الحنين اللي كله شاهد على حبهم لبعض فيه.
وبدأ الأغنية بوصف بيتهم، بيقول:
كان ياما كان…
الحب مالي بيتنا ومدفينا الحنان.
ابتسم بسخريةٍ يعلم هو سببها وتعلمها هي أيضًا وخاصةً إن كان مصدرها هو الألم على ما فات عليه وقد استأنف حديثه من جديد مُتابعًا بقوله المهتز:
_بعدها عاتبها بالكلام وسألها عن نفسه لما إتقال إنها نسيته، وسألها في الأغنية بصراحة على لسان “ميادة الحناوي” وهو بيقول بنفس العتاب الرقيق:
_حبيبي يا أنا يا أغلى من عينيا نسيت مين أنا..؟
طالعته بتأثرٍ وعينين ترقرق بهما الدمع وقد حقًا أثارت القصة الأصلية مشاعرها وتألمت كما لو أنها هي صاحبة القصة ليضيف هو من جديد بعدما نظر أمامه بشرودٍ:
_ساعتها هو رد على السؤال وحب يفكرها بنفسه بس بطريقة حنينة وكتب ليها من جديد يرد على نفسه في السؤال اللي سأله ليها يفكرها هو مين لما قال:
“أنا الحُب اللي كان، اللي نسيته قوام من قبل الأوان،
نسيت اسمي كمان، نسيت يا سلام على غدر الإنسان”.
طالعها من جديد بعدما أسرته هي بعينيها، لقد قرأتها ولم تكذبها، حقًا أخبرها بخوفهِ منها، خشى أن يكون مثل صاحب القصة وتنتهي بهذا الألم ليجدها هي تمسح عينيها وهتفت بنبرةٍ مختنقة من البكاء الذي جاهدت لتواريه خلف حديثها:
_أتطمن، أنا مش زي “وردة” يا “يـوسف”.
ابتسم ساخرًا لها وسألها بنبرةٍ هادئة يشاكسها أو يقصد مراوغتها بقولهِ:
_مين “يـوسف” دا تعرفيه؟.
ضحكت له على سخريته وهتفت بكل تلقائية تجاوبه دون أي تفكيرٍ في عاقبة ما تفوهت به:
_حبيب عيوني.
حرك رأسه نحوها بسرعةٍ بالغة نتجت عن دهشتهِ بسبب جملتها فيما توترت هي وكادت أن تهرب من أمامه بعدما انصهرت خجلًا وفكرت بكل جدية أن تركض من أمامه كما تفعل لتجده يمد كفه يمسك كفها وقال بنبرةٍ هادئة رخيمة يعبر بذلك عن طمئنته لها:
_أظن عادي يعني، بس اللي مش عادي إنك تفكري تهربي كدا وتمشي، هنا مش السطح علشان تطلعي تجري منه، قدامك النيل أهو يوفي بالغرض.
لكزته بكفها الحر في كتفه ليضحك عليها ثم هتف بنبرةٍ هادئة يراوغها بقولهِ:
_بس حلوة منك يا “عسولة”.
تضرج وجهها بحمرة الخجل فيما تنفست الصعداء ثم هتفت وهي تتجول بعينيها في ملامحهِ بكل حرية وكأن شغفها هو الذي دفعها للتجول في ملامحه أو ربما هروبًا من نظراته التي تأسرها:
_عارف؟ أنا بحس إنك معايا بتحاول بكل طاقتك تخفي عني كذا “يـوسف” تانيين، بشوفها في عينك إنك عاوز تداريهم وتطلع واحد بس، واحد أنا مش بشوفه غير معايا أنا، لدرجة إني بقيت أسرح فيك وأسأل أنتَ مين، واللي أنا شايفاه دا مين فيكم؟ وعندي إحساس قوي إنكم مش واحد.
صدقت في حديثها بكل حروفه فيما ظهر الخوف من جديد في نظراتهِ وهو يحاول الثبات أمامها ثم هتف بنبرةٍ هادئة يحاول من خلالها طمئنتها بجملتهِ مُبتسمًا:
_ميهمنيش عيونك شايفني مين، يهمني بس أنهم شايفني.
ابتسمت هي الأخرى له ثم نظرت أمامها وهو يتابع حركتها الخجولة حينما شعرت بكفه يتسلل لكفها ثم هتف بنبرةٍ هادئة يمازحها بكل ثباتٍ وهو يقول:
_طب إيه ؟ يلا نروح.
تحركت معه حينما شد كفها ثم وقف ووقفت أمامه وهي تنظر لهاتفه الذي وضعت صورة عينيها بداخلهِ ليكَون حلمًا لم تتوقعه هي، يبدو كأنه أحبها بالطريقة التي كانت تتمناها وقد أحتوته هي وسط المدينة التي تغرب من شمالها لأقصاها.
__________________________________
<“كانت فرصة لحسن القرار، لكن القرار نفسه رحل”>
منذ الأمس وهي حبيسة بداخل غرفتها، تغلق على نفسها بعد تهورها فيما فعلت وفيما أعطت من نتائج كان يخشاها القلب الأخر، منذ الأمس لم تعرف عنه أي شيءٍ تحديدًا منذ أن عادت التغطية لهاتفها ووجدته حاول الإتصال بها مرارًا لكنها لم تُعطيه جوابًا يُطمئن قلبه حينها، والآن انقلبت الموازين تمامًا هي من تحاول الوصول له وهو لم يناولها هذه الراحة، ألقت الهاتف وشدت خصلاتها تُخلل أصابعها بداخلها وهي تقبض على منابت شعرها، أرادت أن تبكي وحقًا بكت حينما تذكرت نظرته لها وهو يطالعها بعينين نطقت كلتاهما بوجعٍ جامٍ، لقد ظن أنه يُريح نفسه ويريح حينما يصارحها ولم ينتبه أنه بذلك حملها فوق طاقتها..
لقد عذب فؤداها بحديثهِ، كيف أخبرها بهذه السهولة وكيف آمن لها؟ والأهم لما هربت هي منه؟ هل حقًا خشت منه؟ هل حقًا أراد قلبها أن يهرب منه ومن بداية الطريق قبل أن تقف عالقةً في منتصفهِ؟ منذ متى وهي تهتم بأحدٍ؟ لقد عاشت طوال عمرها مرحة وذكية وتتمتع بدهاءٍ، كيف انقلبت الأمور عليها هي؟..
في شقة “قـمر” كانت في إنتظار “يـوسف” الذي تأخر عن موعد قدومه لتناول العشاء وقد وقفت في الشرفة تتابع الطريق حتى توقفت السيارة ونزل منها مع زوجته وحينها ابتسمت ثم دلفت نحو المطبخ تقوم بتجهيز الطعام له، بينما هو صعد لطابق زوجته وأوصلها أمام الشقة ثم هتف بنبرةٍ هادئة يودعها بقولهِ:
_تصبحي على خير يا “عـهد”.
ابتسمت له وهي ترد بنبرةٍ هادئة:
_وأنتَ من أهل الخير يا “يـوسف” شكرًا على كل حاجة، وشكرًا على اليوم دا، وشكرًا إنك معايا كمان، دي أهم حاجة يا “يـوسف”.
تحرك الخطوات الباقية يقف أمامها ثم ضمها بين ذراعيه بُغتةً حتى اتسعت عيناها من فعله الغريب، لم تتوقع أن يفعل هذا الشيء وقد جمدها محلها وتيبس جسدها فور عناقه لها، فيما تركها ولثم وجنتها ثم كعادته وهتف بنبرةٍ رخيمة:
_أنتِ حبيب عيون “يوسف”.
قال جملته ثم تركها تقف محلها تزدرد لُعابها فيما تحرك هو تمامًا من أمامها يفل مثل السراب وقد فتح الباب من أمها التي طالعتها بخبثٍ حينما دارت لها “عـهد” وسألتها بتشككٍ من نظرتها الموجهة نحوها:
_أنتِ شوفتي حاجة ؟.
ابتسمت الأخرى بتهكمٍ ثم ضمت ذراعيها عند قفصها الصدري وهي ترد عليها بنبرةٍ ضاحكة:
_قصدك الحضن والبوسة؟ لأ مشوفتش حاجة.
اتسعت عينا “عـهد” من جديد فيما أولتها “مَــي” ظهرها وهي تحاول وأد ضحكتها، للحق هي لم تنكر سعادتها لابنتها، تعلم أنها تستحق أن تفرح وتعيش هذه الحياة برفقة رجلٍ يستحق لقب الرَجُل ومن غيره يستحق فتاة مثل ابنتها؟ جوهرة ثمينة تلمع في العيون الأصيلة التي تملك صفة التمييز بين الشيء النقي وبين المختلط، وقد دلفت “عـهد” تجلس على الأريكة بخجلٍ من أمها التي نطقت بخبثٍ وهي تحول قنوات التلفاز:
_بس خلاص شكلك الحمد لله اتعودتي.
رفعت “عـهد” رأسها نحو أمها ترمقها بعينين مُتسعتين وقد غمزت لها الأخرى وهي تضيف بنفس الخبث:
_على حضنه يا ست “عـهد”.
تضرج وجهها بحمرة الخجل وكادت أن تبكي بسبب موقفها المُحرج حتى ضمتها “مَــي” التي هتفت بنبرةٍ هادئة وهي تمسح عليها بحنوٍ كمن تمسح على هرتها الصغيرة التي ظلت تموء طلبًا لاحتوائها:
_يا عبيطة دا جوزك وأنا أمك، محدش فينا غريب عنك، ويهمني إنك تفرحي وشكلك فرحانة أوي أوي كمان، لو مش فرحانة مش هتيجي وشك منور كدا، قولتلك يستاهلك وهو محدش غيره.
ضمتها “عـهد” وأغمضت عينيها تستعيد صورة ملامحه من جديد وهي تقول بنبرةٍ تراوحت بين الهدوء والهيام بحبيبها الأول والأخير:
_والحقيقة أني مش شايفة غيره يا ماما.
وصل “يـوسف” شقته وبدل ثيابه بأخرى بيتية مريحة عبارة عن طقمًا بيتيًا باللون الأسود وجلس بجوار الغالية يضع رأسه على كتفها وهو يمسك في يده ورقة يلعب بها ويصنع بها أشكالًا غريبة، نفسها الموهبة النادرة التي يمتلكها في تحويل أي شيءٍ في يديه إلى شيءٍ أخر لكن نفسه عجز عن ذلك معها حتى أتت البارعة في ذلك، وقد ابتسم حينما تذكر كيف تواقح وعانقها حينما تأكد أن والدتها تراقبهما من خلف الباب..
أتت “قـمر” تضع الطعام أمامه وأمام والدتها التي ربتت على كتفه حتى يعتدل لتناول الطعام وقد بدأ في ذلك معهما و جلست “قـمر” تتناول الطعام معه وحينها تحدثت “غالية” تسأل باهتمامٍ:
_برضه “ضُـحى” لسه زي ماهي من إمبارح؟.
حركت رأسها موافقةً بخيبة أملٍ وقد عقد “يـوسف” مابين حاجبيه بحيرةٍ ووزع نظراته بينهما روحةً وجيئة وسأل بنبرةٍ حملت عدة مشاعر متباينة وهو يستفسر بقولهِ:
_مالها “ضُـحى” ؟! فيه حاجة؟.
ارتبكت “قـمر” وحركت رأسها موافقةً وقد فهم أنها تخشى التحدث أمام والدتها التي ضيقت جفونها بريبةٍ زائفة وهي تسأل بتهكمٍ:
_من أولها كدا هنخبي على بعض؟ قولولي بدل ما أعرف أنا بطريقتي، حصل إيه عمالين تتهمزوا فيه بعيونكم كدا؟.
بدأت “قـمر” في سرد الموقف بأكملهِ وكيف أنتهت قصة “ضُـحى” مع “إسماعيل” قبل أن تبدأ من الأساس، أخبرته كيف رحلت وتركته وكيف عجزت عن التواصل معه منذ الأمس وقد أغلق هاتفه تمامًا، وقد فهم “يـوسف” لما تغيب رفيقه عن التواصل معه، فيما أنهت الأخرى حديثها ثم هتفت بنبرةٍ مُتلجلجة تعبر عن توترها وهي تقول:
_وفيه حاجة كمان..
انتبه لها “يوسف” مُحركًا رأسه باستفسارٍ لتقول هي بخوفٍ منه:
_أنا قولتلها متشيلش هم وإنك هتحل الموقف دا وأكيد طالما هو صاحبك أنتَ أكيد مستحيل تتخلى عنه وعن أختك وهي اتعشمت خير فيك وأكيد هتخلي “إسماعيل” ميزعلش منها.
هز رأسه مومئًا بسخريةٍ هو يقول بشرٍ طفيفٍ:
_دبستيني بس بشياكة يعني ؟.
حركت رأسها موافقةً وهي تغمض جفونها بطريقةٍ تمثيلية فزفر مُطولًا وترك محله لتوقفه هي من جديد بنفس التلجلج السابق:
_وفيه حاجة كمان بصراحة..
انتبه لها من جديد بعدما مط شفتيه بيأسٍ لتقول هي بترقبٍ لرد فعلهِ:
_هي خايفة خالو يرفضه بعد اللي عرفته وأنا قولتلها إنك برضه هتخلي خالو يوافق عليه ويتمم الموضوع وهي مستنية الموضوع يكمل زي ما كان.
نظر لأمهِ التي ابتسمت بسخريةٍ وهي تشير نحو ابنتها تقول بنبرةٍ ضاحكة توضح له حقيقة شخصيتها:
_دي “قـمر” حبيبة قلبك، أشرب يا حبيب أمك.
ضحك رغمًا عنه ثم تحرك نحو “قـمر” يُلثم قمة رأسها وعبث في مقدمة خصلاتها وهو يقول بخضوعٍ تامٍ لها:
_فداها، وأنا مقدرش أكسفها، دي رَد الروح.
ضحكت “قـمر” بسعادةٍ ثم تركت محلها وتشبثت بكفهِ وهي تقول بنبرةٍ حماسية:
_ خدني معاك بقى علشان أشوف هتصلح الموقف إزاي.
كادت أن تتحرك معه كما هي حتى وجدته يسحب غطاء رأسها يضعه عليها ثم هتف بنبرةٍ محذرة وهو يشير نحو رأسها:
_متنسيش بس تاني يا “قـمورة”.
تحركت معه نحو الداخل تجاه شقة خالها وقد دلف هو يُلقي عليهم التحية بحجة الإطمئنان على “عُـدي” ومع كثرة التحدث معهم ومشاكسته لأسرة “فضل” طلب أن يتحدث مع “ضُـحى” وقد دلفت معه “قـمر” التي دلفت معه لأختها التي كانت تبكي وما إن رأت الأخرى بكت أمامها من جديد، أما “يـوسف” فسألها بنبرةٍ جامدة:
_أنا مش عاوز عياط، عاوز سبب للعياط دا، بتعيطي علشان مين يا “ضُـحى” والأهم بقى عياطك دا سببه هو ولا الموقف نفسه؟.
هتفت بنبرةٍ مختنقة بعدما اعتدلت تقف أمامه تُبريء نفسها من أي إتهاماتٍ قد توجه إليها:
_بعيط من غبائي، إزاي عملت كدا ومشيت وسيبته؟ أنا كأني بقوله أني خوفت منه بجد، واحد جاي يصارحني وأنا بكل غباء طلعت أجري منه كأني بأكد خوفه، بس والله أنا كان غصب عني، أنا عمري ماتخيلت إن دي حياته، شكله أصلًا مش باين عليه خالص، صدقني أنا والله مش وحشة بس اتخضيت.
أمسك كفها يُجلسها على الفراشِ ثم سحب المقعد يجلس أمامها وهو يقول بنبرةٍ هادئة وبرغم ذلك لم تنفك عنها القوة:
_بصي يا “ضُـحى” علشان أنا مش بجامل حد وعمري ما كنت بتاع كلام حلو متذوق، أنا طول عمري ليا صوت من دماغي، وكلامي يتحسب عليا وأتحاسب عليه، بس “إسماعيل” لو لفينا الأرض كلها مش هنلاقي في طيبته، شخص قلبه على الأبيض خالص لدرجة إنه عمره ما رفع عينه في حد وزعله منه حتى اللي مزعلينه، أول شخصية أفتكرها عملة نادرة ومن بعده لقيت “أيـوب” الاتنين بالنسبه ليا مفيش منهم، واللي يخليني أسلم “قـمر” لـ “أيـوب” وأبقى راضي كدا أكيد دا مش قليل، ونفس الحوار مع “إسماعيل” لو بأيدي أختار ليكِ يبقى هو مش حد غيره، علشان المعدن الأصيل مش موجود الأيام دي..
مسحت دموعها وسألته بنبرةٍ باكية وقد انتبهت لتوها أنها أمام أكثر الناس درايةً بها وقد تستطع أن تبوح أمامه بخوفها:
_طب وفكرة إنه مكشوف عنه الحجاب دي؟ أنا أكيد هقلق منها، أنا مش ملاك علشان أشوفها حاجة عادية، بس ليا حق أخاف وفي نفس الوقت أنا شايفة إنه عادي مفيش أي حاجة باينة عليه، أبوس إيدك ريحني يا “يـوسف”.
رفع كفه يربت على رأسها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_يا هبلة، دا كلام حد يصدقه برضه؟ مش هكدب عليكِ بس الأول كانت الأمور صعبة أوي عنده، كوابيس وخوف وقلة نوم واضطرابات كتيرة هو مسكتش عنها والحج “نَـعيم” لف بيه على المشايخ كلهم لحد ما الدنيا بقت أهدا، وبكرة “أيـوب” يعالجه خالص وكل حاجة تبقى تمام، بصي، شوفي قلبك هيقولك إيه، أقعدي كدا كام يوم فكري في الموضوع من تاني وأنا واثق إنك هتحسبيها صح، بس أهم حاجة تفكري بالعدل مش بالعقل، ونصيحة من أخوكِ “إسـماعيل” فعلًا محتاجك معاه، كفاية إنك هتاخدي راجل مش شايف غيرك أنتِ وبلغة حبيبنا مطروف العين بيكِ.
ابتسمت “قـمر” بحالمية وهي تقول بحبٍ بالغٍ عند ذِكر حبيبها:
_شوفت؟ غايب وسيرته بتحضر بكل خير برضه، ربنا يحفظه حبيبي، قدوة برضه ومثل أعلى في طرف العين.
ضحكت “ضُـحى” من بين دموعها وضحك “يـوسف” بيأسٍ ثم سحب كف شقيقته التي جلست بملامح ضاحكة ثم قالت بحماسٍ حيوي كما شخصيتها:
_معلش أنا معذورة، فضلت أدعي ربنا سنتين يكرمني بيه، يعني لازم أحلق عليه أحسن يكون حد تاني بيدعي بيه تبقى مصيبة سودا فوق دماغي ودماغ أهلي، النوع دا أنقرض باين معرفش دا موجود إزاي.
هتف “يـوسف” بسخريةٍ عليها وكأنه يُغار حقًا من حبها للآخر:
_تلاقيه ياختي كان عامل بيات شتوي.
انتشرت الضحكات في الغرفة من جديد وقد ضم “يـوسف” الاثنتين بين ذراعيهِ واحدة على يمينه وواحدة على يسارهِ ثم هتف بنبرةٍ هادئة وهو يمسح على ذراعيهما:
_ربنا يفرحني بيكم وبالواد ابن الكئيب اللي اسمه “عُـدي” ويقدرني وأكون سبب يعوضكم عن أي حاجة وحشة، زي ما ظهوركم كدا كان سبب صلح كل الحاجات اللي باظت جوايا وملتقش دوايا غير عندكم هنا.
وضعت “قـمر” رأسها على كتفهِ ووضعت “ضُحى” أيضًا رأسها وقد بدأت تبكي من جديد فيما وزع هو نظراته بينهما ثم تحدث بمرحٍ وهو يهتف بمراوغةٍ:
_طب مش كنتوا قولتوا كنت جيبت “عـهد” في النص؟.
رفعت الإثنتان رأسيهما من على كتفيه يرمقانه بنظرةٍ مشدوهة ثم ضحكوا معًا من جديد وهو أيضًا وكأنه هنا عاد لصباه من جديد، لم ينس العمر الذي مر عليه بدونهم لكنه على الأقل هنا معهم يسرق من الزمن لحظات سعيدة آملًا أن تدوم طويلًا.
__________________________________
<“مرحبًا في المحطة الآمن بكل العمر”>
مع حلول الليل وتخطي الوقت للمنتصف كان “أيـهم” جالسًا يتحدث في الهاتف مع “تَـيام” الذي يخبره عن أرقامٍ هامة خاصة بالعملِ وهو يدونها بداخل الدفتر الخاص به، وأمام كل رقمٍ يضع قيمة أخرى خاصة بالحساب الإداري لعملهم، مُهمة صعبة تحتاج إلى الدقة وقد حمد ربه أن “إيـاد” لم يكن هنا حتى لا يظل يسأل عن كل شيءٍ، وما إن أنهىٰ عمله تحدث بنبرةٍ منهكة:
_ولا، أنا خلاص فصلت، روح شوف حالك بقى ولا نقي لون الحيطة اللي مخليك تشد في شعرك ومنكد على البت بسببه دا، وأنا هروح أدور على حاجة أطفحها، خدتوا صحتي يهدكوا يا بُعدا.
هتف الأخر بسخريةٍ ردًا على حديثهِ بما يبرأه:
_هو شغلنا إحنا؟ ماهو شغلكم أنتوا، على العموم ياعم أنا تحت أمرك بس لون الحيطة دا مش ذنبي دا ذنب النقاش الله يسامحه، الحمد لله إننا لسه مخترناش عفش كان زماني بلطم دلوقتي.
ضحك الأخر وأغلق معه الهاتف وكاد أن يتحرك محله من على الأريكة بصالة الشقة الواسعة المُصممة على أحدث التقنيات والتصميمات لكنه تفاجيء بها تخرج من المطبخ وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
_والله ما أنتَ متحرك من هنا..
جلس محله من جديد بأعصابٍ مرتخية فوجدها أمامه فردت خصلاتها وارتدت منامة حريرية باللون الأسود تلائم بشرتها متوسطة اللون وحملت في يديها صينية معدنية بها شطائر الخبز الفرنسي بأنواع مختلفة من الطعام ومعها أكواب الشاي الخاصة بهما ثم وضعتها أمامه وهي تقول بنبرةٍ هادئة تشير نحو الطعام:
_بصراحة يعني كنت معدية بالصدفة سمعتك بتتكلم من شوية بتقول إنك جعان وكررتها تاني وقولت هتقوم تاكل، وأنا جعانة بصراحة، علشان كدا قولت ناكل مع بعض.
أقترب منها يسألها بخبثٍ حتى يراوغها وهو يقول:
_هما مش بيقولوا إن الست مش ملزمة برضه؟.
ضحكت له ثم هتفت بتعالٍ:
_هما يقولوا اللي يقولوه، لكن أنا محدش يمشي كلمته عليا، بعدين يعني لو معملتش كدا علشان جوزي هعمل كدا علشان مين؟ ولو مهتمتش بيك ههتم بمين؟.
عاد للخلف يقول بدهشةٍ من حديثها وطريقتها:
_لا حول ولا قوة إلا بالله !! فيه إيه يا ستي مالك؟.
حركت كتفيها بلامبالاةٍ وهي تبتسم له فوجدته يطالعها بشكٍ حتى زفرت بقوةٍ ثم هتفت بنبرةٍ ثابتة وقوية بعض الشيء:
_طب بص، هصارحك، أنا من غير لف ودوران كنت في تجربة الحمد لله إني خرجت منها حية أصلًا، تجربة خلتني أكره الرجالة كلهم بما فيهم رجالة عيلتي كمان، وبقيت بياعة بدرجة مرعبة، بس لما دخلت هنا وشوفت الوضع أنا معنديش استعداد أخسرك وأخسر “إيـاد” ممكن تكون أنانية مني وممكن تكون حاجة غلط، بس أنا حابة إن دا يكون بيتي علطول، حابة الحياة هنا وحابة دوري معاكم هنا، أنا لو أنا و “إيـاد” محتاجين بعض قيراط، فأنا محتاجة ليك ٢٤ قيراط، محتاجة إني أكون متطمنة هنا، صحيح هي مش هتبقى علطول وردي علينا يعني، بس أنا عن نفسي هنا بستغل فرصة النعم اللي ربنا كرمني بيها، ابن ألف حد يتمناه، وراجل كل ست تتمنى تكون معاه.
أحيانًا يتغلب مكر “حواء” على قوة الرجل، لكن ماذا إذا اتصفت “حواء” بالقوة والمكر معًا؟ بالطبع سيقع الرجل فريسة سهلة الصيد أمام صفاتها، هي ذكية بدرجةٍ كُبرىٰ، تعلم أن الحياة تنقلب في غضون ثوانٍ والمكان القوي فقط هو الذي يقف أمام الحياة ثابتًا، بينما هو سألها بثباتٍ حاول الإتصاف به من جديد بعدما دهورته بحديثها:
_طب أنتِ بتقولي كدا ليه يا “نِـهال”؟ هو عندك شك إني ممكن أكون بحبك أو حتى لو مش عاوزك أنا هقبل بأي حاجة بيننا؟ غير كدا أنا مكانش في نيتي إني أحب أو حتى أدخل ست حياتي، بس أنتِ مش ست عادية، أنتِ جيتي متفصلة على أحلامي اللي من قبل كدا أصلًا، يعني لا قبلك ولا بعدك ولا ينفع حتى تتقارني بحد.
ابتسمت بانتصارٍ ثم قالت بنبرةٍ هادئة:
_وهو دا اللي أنا عاوزاه منك، لا قبلي ولا بعدي وبرضه أنتَ لا قبلك ولا بعدك، جوزي وحبيبي وصاحبي والراجل الوحيد اللي حبيته في كل حياتي.
أشار على نفسه مستنكرًا وهو يسألها برأسهِ ليجدها تحرك رأسها موافقةً عدة مرات وابتسامتها تزداد اتساعًا وحينها نظر حوله ثم سألها بنبرةٍ هادئة وخبيثة في آنٍ واحدٍ:
_أنتِ قولتيلي “إيـاد” راح فين؟.
ضحكت له ثم قالت بخجلٍ حينما وجدته يطالعها بنظراتٍ فهمتها هي على الفور:
_عند بابا “عبدالقادر” تحت وبايت مع عمه “أيـوب”.
ضحك بخبثٍ ثم عاد من جديد يطالع صينية الطعام وقال بحماسٍ وهو يحرك كفيه معًا باشتهاءٍ لتناول الطعام:
_حلو آكل براحتي بقى.
تلاشت بسمتها وهتفت خلفه مستنكرة جملته:
_تاكل براحتك ؟؟.
حرك رأسه موافقًا فوجدها تضربه بكفيها معًا في كتفه ليضحك هو الأخر ثم أمسك شطيرة الطعام ووضعها في فمها هي لتبدأ تلوك الطعام في فمها فيما بدأ هو يقول بنبرةٍ هادئة بعدما فهم سبب فعلها وحديثها الغريب عليه وكأن مكرها لم ينطوي عليه:
_أنا مش عبيط وفاهم كويس أوي إنك بتحاولي تتأقلمي هنا وعاوزة تتأكدي إنك مش بديل لحد، سواء عندي أو عند ابنك، وأنا متعمد أخليه ابنك أنتِ علشان أنتِ الأحق بيه، هي لو أمه بالدم أنتِ أمه بالحب والقلب اللي مضلل على قلبه، منكرش إن في بداية ظهورك كان التفكير فيكِ كدا، بس أنا لما عاشرتك رجعت عيل تاني بيحب، مش أب وراجل كبير، أنا هنا محتاجك زيي زي “إيـاد” يمكن هو يقدر يطلب كدا منك بس أنا مش هقدر، على العموم أنا بحبك وأنتِ مش بديل لحد وحتى لو هي ظهرت تاني فهي ملهاش وجود لأن صاحبة المكان الأصلي ظهرت خلاص.
ضحكت أخيرًا له ثم أقتربت هي منه تضع رأسها على صدرهِ وهي تقول بنبرةٍ هادئة بعدما طمئنها بحديثهِ وقالت بنبرةٍ قلقة وحزينة للغاية وهي تضم جسده بذراعيها:
_أنا مرعوبة وخايفة أوي، خايفة الحياة اللي هنا تطلع لفترة قصيرة وأرجع تاني لوحدي الناس تفضل تبصلي وتلومني إني خربت بيت أصلًا كان خربان لوحده وأنا كل اللي عملته أني أنقذت نفسي منه، حتى محدش أهتم يعرف الغلط على مين، أنا الست اللي صممت على الطلاق وخربت البيت على نفسي ونكدت على أهلي، بس أنا كنت بموت كل يوم جوة، ومكانش فيه حد أقدر أقوله كدا، كلهم كانوا بيلموني، ومحدش مرة واحدة فكر يدافع عني غير أختي، ياريتني كنت شوفتك أنتَ الأول على الأقل عمري ما كنت هحس إني ست ناقصني حاجة زي ماكانوا بيقولولي.
ضمها بذراعيهِ يحتويها كما يحتوي صغيره تمامًا وكأنه خُلق لكي يكون أبًا يبرع في هذا الدور وما إن شعر بدموعها تُبلل ثيابه مسح على رأسها وخصلاتها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_أنا هنا أهو ومعاكِ زي ماقولتي صاحبك وجوزك وحبيبك والحمد لله مبقيتش أخوكِ خلاص فترة وراحت لحالها..
ضحكت من بين دموعها وضحك هو الأخر ثم استأنف حديثه بعدما لثم جبينها ليضيف بنبرةٍ رخيمة:
_أحكي وأشكي من اللي زعلك كله وأنا هسمعك والله، طب تصدقي إني عمري كله كنت بتمنى إن حد يثق فيا لدرجة تخليه يحكيلي؟ شوفتي بقى إننا بنلاقي اللي عاوزينه فيكِ؟.
أغمضت عينيها بسلامٍ وهي تبتسم وتتمسك به، لو كان والدها في مرةٍ واحدة فقط ضمها بين ذراعيه وحارب لأجلها بدلًا من الحرب لأجل سمعته وعمله لكانت شعرت بمشاعر أخرىٰ غير هذه، لكن والدها جعلها تتجرع منه القسوة وعاشت معه في جفاءٍ جعلها تتعجب من أي شخصٍ يقدر على الاحتواء ويعطي غيره الحب، بينما هو أخفض عينيه نحوها ثم هتف ساخرًا:
_طب ما تقولي من بدري إنك عاوزة تنامي في حضني، شغل ستات بصحيح، بس عسل والله ربنا يحفظك.
__________________________________
<“لم تسعفني القرارات، فقط النتيجة تصدمني”>
جلس “نادر” حتى شروق الشمس في حديقة البيت..
لم يقو على إخبار والده ولا حتى خاله، شيءٌ ما أنبئه بخطورة هذا الفعل، لم يعلم لما توقف لآخر لحظةٍ، ثم جلس يتذكر أي ملابسات للحادث حينها لكن عقله لم يسعفه أيضًا، نفسها النتيجة المجهولة، لكن “قـمر” ووالدتها على قيد الحياة؟ كانت صدمة له بكافة المقاييس، لقد تذكرها من جديد وتذكر كيف كان يشاكس “يـوسف” حينما يصر على حملها وعلى اللعب معها، بينما الأخر فكان يثير غيظه أنه يملك شقيقة وهو لم يملك أي أخوات حتى حينها “نـادر” صمم أن يأخذها معه تبيت عندهم لكن أمام الرفض القاطع من الجميع أضطر هو أن يبيت هذه الليلة بجوار “يـوسف”.
زفر بقوةٍ وركل الطاولة بقدمهِ فأتت “شـهد” تبحث عنه وسألته بتعجبٍ من جلوسه هنا حتى حلول الصباح:
_”نـادر” !! أنتَ قاعد هنا ليه؟.
زفر بقوةٍ ثم هتف بجمودٍ دون أن ينتبه لنفسهِ:
_حلي عني يا “شـهد” أنا مش ناقص.
طالعته بحاجبٍ مرفوعٍ فيما سحب هو هاتفه ثم زفر بقوةٍ في وجهها ورحل وترك المكان وهو يقول بنبرةٍ جامدة:
_أنتِ هتبصيلي لسه، أديني سايبهالك.
ضربت كفيها ببعضهما وجلست محله السابق وفي غضون ثوانٍ تحركت خلفه لتجده خرج من البيت تمامًا ويبدو أنه سوف يلجأ للركض وذلك لأنه خرج من البيت بملابسه البيتية كما هي، ويبدو أنه حقًا يشعر بالضيق أو أن ما يُخفيه بداخل قلبه أكبر من قدرة تحمله.
__________________________________
<“مرت الأيام من جديد وأتى ما حسبناه البعيد”>
بعد مرور عدة أيام قليلة تحديدًا في منتصف الأسبوع الثاني، لم تتغير حينها الأحوال كثيرًا بل ظلت كما هي، “مُـنذر” يُقيم في بيت “نَـعيم” الذي تحجج أكثر من مرة حتى لا يرحل ويتركه، وقد استعاد “سراج” صحته من جديد إلى حدٍ ما، و “إيـهاب” يباشر العمل بأكملهِ، أما “إسماعيل” فهذا الصبي يبدو أنه أختار الطريق الأكثر وعورة، ظنه مُمهدًا له لكنه تفاجيء به يرفض سيره، لقد أغلق هاتفه تمامًا وأمسك غيره قديم التصميم فقط يحمل شريحة الأرقام الخاصة به..
تجهز “مُـنذر” للرحيل وحمل حاجته تمامًا ثم فتح باب الغرفة وخرج منها يحتضن عمه الذي ربت على ظهره قائلًا بثباتٍ:
_هستناك ترجعلي تاني، أوعى حارة “العطار” تاخدك مني
رد عليه “مُـنذر” بثباتٍ بعدما ابتسم له وتشبث بعناقهِ وتذكر كيف أهتم به في الأيام السابقة وكيف وفر له كل سُبل الأمان والراحة حتى أنه لأول مرة يختبر هذه المشاعر، لم يعلم كيف كان يعيش مثل أدوات الزينة هناك وهنا كأنه محور الأكوان بالنسبة لعمهِ والشباب، وقد خرج لـ “يوسف” الذي وقف في انتظاره بالخارج وما إن خرج له حمل عنه الحقيبة يضعها بداخل السيارة ليصله صوت “نَـعيم” يحذره بقولهِ:
_أنتَ روحت اتخطفت هناك، عينك على الواد بدل ما أكلك يا ابن “الراوي” تحطه في عينك أظن أنتَ عارف اللي فيها.
راقبه “يـوسف” بنظراته الحانقة وقبل أن يتحدث دلف شخصٌ أخر يلقي التحية عليهم بقولهِ:
_السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
توجهت الأبصار نحوه ليبتسم هو بحماسٍ ثم هتف بنبرةٍ هادئة وملامح بشوشة مفسرًا سبب تواجده:
_الحقيقة إني جيت هنا علشان الحج “نَـعيم” كلمني وأنا مقدرش أرد كلمته، أتمنى أكون ضيف خفيف الوجود عليكم.
ترك “نَـعيم” ابن شقيقه وأقترب من الأخر يحتضنه وهو يقول بنبرةٍ حماسية ومُحبة لهذا الذي يقف أمامه بكل أدبٍ:
_يا أهلًا يا أهلًا بالغالي، البيت نور بيك يا “أيـوب”.
ربت “أيـوب” على ظهرهِ ثم قال بنبرةٍ هادئة بعدما أبتعد عنه هو الأخر وقال بثباتٍ بعدما توسعت ضحكته:
_البيت منور بأهله، أؤمر أنا جيت علشانك.
سحبه من كفهِ وهو يتجه به نحو البيت من الداخل وأضاف بنبرةٍ ضاحكة يثير بها غيظ “يـوسف” و “مُـنذر”:
_لأ تعالى معايا جوة علشان أخاف على أخلاقك.
ضحك “أيـوب” وسار معه نحو الداخل حتى دلفا سويًا لمكتب “نَـعيم” الذي جلس بعدما أجلس الأخر مقابلًا له وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_شوف، أنا معرفش سبب حبي ليك، بس واثق إن ربنا بيحبك ورزقك بحب عباده كمان، أي حد يقدر يتطمنلك بمجرد ما يبص في وشك، كل ما أبصلك بتمنى إني كنت أربي نفس تربيتك، بس الحمد لله برضه ربيت رجالة، المهم علشان مقلقكش في الكلام، اللي برة دا ابن أخويا، وموضوع كبير يطول شرحه، عاوزك تعتبره أخوك، أنا بوصيك عليه زي ما وثقت إنك في ضهر “يـوسف”، عاوزك تخلي بالك منه وتحطه في عينك، تساعده وتاخد بيده، ممكن؟..
ابتسم له “أيـوب” وأشار على عينيهِ يقول بنبرةٍ هادئة مذعنًا له بكل ترحيبٍ دون أن يبخل عليه بأي شيءٍ:
_من عيني دي قبل عيني دي، وهو مش غريب يعني، اللي منك ومن “يـوسف” يعتبر أخ ليا، توكل على المولىٰ ثم عليا وبإذنه الواحد الأحد أنا مش هخيب ظنك، تؤمرني بحاجة تاني؟.
ربت “نَـعيم” على كفه وهو يقول بنبرةٍ مُحبة وماثلتها النظرة التي أحتوته داخل العيون أثناء قولهِ:
_ميأمرش عليك ظالم ولا يبعدك ربنا عن طريقه ولا يضللك سبيل ولا تعرف العتمة سكتك، يا رب تفضل زي ما أنتَ قدوة كدا، وتبقى دايمًا وسيلة للناس يا “أيـوب”.
بعد مرور دقائق رحلت السيارة الخاصة بـ “يـوسف” نحو حارة “العطار”، غريبٌ جديدٌ يذهب إلى هناك لغرضٍ معلومٍ وطريقه مجهولٍ، لكن الأمل كله على الخالق أن يُكلل مسعاهم بالنجاح ولأول مرة يردد “مُـنذر” بقلبٍ يأمل بكل ثناياه:
_يا رب…يا رب ألاقيه.
كان يرددها بكل أملٍ وفي الحقيقة هو يعلم بداية الطريق جيدًا ويعلم أنه يُراقَب من جهة الآخرين ويعلم أن أعينهم تتربص له، لكنه تجاهل كل ذلك وسيبدأ في الطريق أولًا، هم من الأساس يريدون ما يريده هو، لكنه الأقوى في الخطوات والأسرع في الركض، أما “يـوسف” فأراد أن يقوم بتوصيله ثم يأخذ زوجته ويرحل لحفلة ميلاد “مادلين” التي أصرت عليه أن يحضر حتى لا يثير الشكوك نحوه، بينما “أيـوب” فكان يود الذهاب إلى الحارة قبل موعد صلاة العِشاء لكي يُقيم الصلاة، للحق هو لم يكترث بالعالم كثيرًا وكأنه خُلِقَ ليكون زاهدًا في هذا العالم…
__________________________________
<“أنا آسف حقًا، لم أقصد أن أكسر قلبك”>
“فيه لسه رُكن في قلبي عاوز يبتسم”
تلك الجملة التي كتبها الكاتب الراحل “صلاح جاهين” ليعبر عن حال آخرين مثله برغم كل ما أصاب قلوبهم لازالت تبحث عن البسمة، لازال القلب يُبرر سبب التعاسة ويُفتش عن الفرحة، يُريد أن يبتسم ويرد أن يكون سببًا في شفاء الجرحىٰ، هكذا جلس “إسماعيل” في محل عمله بعدما أخرج كل طاقته به دون أن يظهر أي سببٍ أو حتى أعراض حزنه، لقد حاول تخطيها تمامًا ولم يجبرها على تقبله، قد يكون أخطأ في ذلك أو من المؤكد أنه أخطأ في ذلك، لكن عزة نفسه تفرض عليه ألا يقلل من نفسهِ…
شعر بالضجر من جلسة المكتب ومن الروتين الذي شارف على عشرة أيام منذ لقائهما الأخير وقد خرج من المكتب بعدما تمطع بجسدهِ للخلف ثم استعاد لياقته وخرج مفرود الجسد ومشدود القوام ومر من بين الطاولات ليجدها هي تجلس على طاولةٍ منهما بمفردها !!
ضيق جفونه بوضعٍ استكشافيٍ يتبين هويتها ليجدها أمامه حقًا ولم تكن مجرد خيالات وما إن قرر الهروب من المكان حتى لا يلتقي بها خوفًا أن تكون هنا برفقة أصدقائها وجدها تقف من محلها تُناديه بلهفةٍ دون أي إهتمامٍ بالمكان:
_”إسـمـاعيـل” !!.
أغمض عينيه بشدة وفتحهما من جديد ثم هتف بنبرةٍ هادئة بعدما أقترب منها يُجبر شفتيه على التبسم لها وكأن شيئًا لم يكن من الأساس:
_أهلًا يا آنسة “ضُـحى” نورتي تحبي حاجة معينة؟.
تعجبت من طريقتهِ وخاصةً حينما كاد أن يرحل لتتسرع بفعلٍ أهوجٍ لم تحسبه أو حتى تفكر في عواقبه حينما أمسكت رسغه توقفه عن الحركة:
_أنتَ زعلان مني ودا حقك، بس مش من حقك تعاملني كدا كأني غريبة، بقالي ١٠ أيام مش عارفة أوصلك، وتليفونك مقفول، لو كنت رديت عليا مرة واحدة أكيد ماكنتش هاجي أضايقك هنا، بس أنا عاوزة أتكلم معاك.
أخفض رأسه نحو كفها وما إن أدركت هي فعلها ابتعدت عنه كمن لدغت جلدها الحية الخبيثة من أسفل الرُكامِ وقد زفر بقوةٍ ثم أشار لها أن تجلس وجلس مقابلًا لها وأشار للعامل دون أن يسألها:
_اتنين مانجا لو سمحت.
نظرت له بعينين باكيتين وهي تفكر كيف يطلب طلبها المفضل، ثم عادت وتذكرت أنه كان يراقب أدق تفاصيلها فمن المؤكد لن يغفل عن مشروبها المفضل، ثم عادت تلوم نفسها أنها كانت على وشك خسارةٍ كبرى، أو ربما خسرته حقًا وهو يحاول الإبتعاد عن النظر إليها متحاشيًا لقاء الأعين، وقد نطقت بنبرةٍ أقرب للبكاء:
_معاك حق تزعل مني ومن رد فعلي، بس أنا مقصدتش اللي أنتَ فهمته، أنا كل همي إني خوفت أي كلام يقال بعد كدا يزعلك مني، خوفت اسأل أجرحك وخوفت أعرف أي حاجة تانية توجعك وفي نفس الوقت أنا كنـ…
بترت حديثها حينما أوقفها هو ليُكمل محلها بقولهِ:
_خوفتي مني يا “ضُـحى” ؟!.
نزلت عبرات من عينيها ثم قالت بنبرةٍ باكية:
_خوفت عليك والله، خوفت أخسرك وأنا مش عاوزة أخسرك يا “إسـماعيل” والله كان غصب عني أني أسيبك وأمشي، بس أنا ساعتها مقدرتش أسمع حاجة تانية، آسفة على رد فعلي الغبي، بس مش عاوزاك تزعل مني.
حرك رأسه موافقًا بقلة حيلة ثم هتف بنفس الضعف وهو يقول من جديد مُضيفًا إلى حركته:
_عادي يا “ضُـحى” ولا يهمك، أنا مش زعلان منك أكيد أنتِ معذورة وأنا مقدر موقفك، وكدا كدا يعني مفيش حاجة هتتغير، ألف شكر على مجيتك لهنا.
تبدلت ملامحها كُليًا تطالعه بغير تصديق وكأنها تظنه يمزح معها ثم اندفعت في وجههِ تسأله بغير هوادة أو تفكيرٍ:
_هو إيه دا !! وموضوعنا يا “إسماعيل” أفهم من كدا إنك كنت بتخلع مني؟ ولا أنتَ ماصدقت حِجة قوية تظهر قبل ما تتدبس فيا؟ على العموم شكرًا ردك وصل.
رفع أحد حاجبيه ينطق بنبرةٍ جامدة ردًا على غوغاء حديثها:
_هو مش كان قلب الترابيزة دا عند الرجالة بس؟ بتقلبي عليا الترابيزة ودلوقتي بقيت أنا اللي بياع؟ أنا اللي خدت ديلي في سناني وطلعت أجري؟ لأ فيكِ الخير والله، على العموم، أنا خلاص صرفت نظر.
سحبت حقيبتها واستعدت للرحيل بعد جملته الأخيرة وهي تقول بنبرةٍ رغم هدوئها إلا أنها خرجت مُهددة أو ربما مُحذرة:
_على العموم براحتك كدا كدا مش هتلاقي زيي تاني وأنا كنت راضية بيك زي ما أنتَ، بس أنا هروح أقول لأبويا العريس اللي قولتلك عليه طلع عيل وطفش، بعدما عشمني بالجواز منه، وهقوله على اسمك علشان تبقى عيل في نظره يا “سُـمعة” وأبقى وريني هتنول الرضا إزاي؟…يا سـمج.
هتفت كلمتها الأخيرة في وجههِ بغيظٍ منه ثم تحركت تمامًا من أمامها ليضحك هو ببلاهةٍ على حديثها ونظراتها التي أوحت بتمسكها به ثم خرج خلفها ينادي عليها وقبل أن تخرج من المحيط بأكملهِ سد عليها الطريق وهو يقول بنبرةٍ قلقة:
_”ضُـحى” !! أنا مش عاوز هزار، يا بنت الناس موافقة بجد؟ لسه في مصايب سودا متعرفيش عنها حاجة، هتقبليها ولا برضه هتديني ضهرك وتمشي كدا؟ اللي جاي أصعب.
سحبت نفسًا عميقًا ثم التفتت له تنطق بثباتٍ وهي تطالع عينيه الصافيتين لها دون أي حزنٍ أو ضيقٍ:
_وعلشان اللي جاي صعب أنا عاوزة أكون معاك فيه، سبق وقولتلك اللي يسيب الدنيا كلها ويجيلي أنا عندي استعداد أكونله دنيا لوحده، أعقل الكلمة تاني، هتتأكد من جوابي.
رحلت من أمامه وهو يطالعها بدهشةٍ وما إن ركبت سيارة الأجرة التي كانت في إنتظارها انفرجت شفتاه عن بعضهما بضحكةٍ واسعة زاحمت ملامحه في الوقت والحال ورفع كفه يحك فروة رأسه وهو يقول بسخريةٍ مرحة:
_شكلي كدا اختارتها صح.
__________________________________
<“صغيرٌ لم يفقه شيئًا سِوىٰ كل شيءٍ”>
في منطقة نزلة السمان..
جلس “إيـهاب” برفقة “نَـعيم” الذي أنتظر ضيوفه في مضيفة بيته لتخرج لهما “جـودي” برفقة خالها الذي بضيقٍ واضحٍ في ملامحهِ وما إن جلس حدثه “نَـعيم” بنبرةٍ عالية وهو يقول بضجرٍ:
_أفرد وشك يا “سراج” الناس جاية بالأصول.
زفر بقوةٍ فيما قالت “جـودي” بنبرةٍ حزينة:
_بس أنا يا جدو مش عاوزة أشوفهم أصلًا، خليني جوة مع “سمارة” وحد يقولهم إني مش هنا وخلاص، أكدبوا يعني.
ابتسموا لها جميعًا وبعد مرور دقائق دلفت “سمارة ترشد جدة الصغيرة ومعهما “أحمد” عمها وقد أشار لها “إيـهاب” بعينيهِ حتى جاورته تجلس مع الصغيرة التي تحدثت جدتها بتهكمٍ:
_هي الحلوة دي مش هتيجي تسلم؟.
حركت رأسها نحو خالها الذي أشار لها فتركت محلها وذهبت ترحب بجدتها وعمها وقد هتفت جدتها بسخريةٍ:
_إحنا جينا أهو علشان محدش بس يقول علينا مش سائلين، لازم البنت تعرف إن ليها أهل متبقاش سايبة كدا وصوتها من دماغها ملهاش كبير، اللهم أحفظنا دا الواحد يخاف.
حديثها كان كالعادة لاذعًا تهكميًا يخلو من الأدب وقد تحدث “إيـهاب” ردًا عليها بكل وقاحةٍ دون أن يعير الجالسين أي إهتمامٍ أو حتى يراعي سن هذه المرأة:
_بالبلدي يعني خايفة تكون زيك، اللهم احفظنا يعني.
كتمت “سمارة” ضحكتها وكذلك “نَـعيم” فيما رفع “إيـهاب” حاجبيه بتحدٍ سافرٍ لهذه المرأة، وبعد مرور دقيقة واحدة دلف “مُـحي” بهيبته التي ترتسم عليه عند ظهور الغُرباء وقد جلس وسطهم بعدما ألقى عليهم التحية وجاور “جـودي” التي عقدت ملامحها بحزنٍ ليسألها بسخريةٍ:
_خير زعلانة ليه ؟.
هتفت بنبرةٍ خافتة في أذنه بنبرةٍ طفولية:
_عمو جاي ياخدني أقعد عندهم كام يوم، وأنا مش عاوزة أروح هناك خالص، وكله قال لازم أروح علشان هو عاوز ياخدني علطول و “سراج” و “عمهم” مش راضيين، مش بحبهم أصلًا يا “مُـحي”.
رفع عينيه يراقب الوضع وحديث عمها ثم غمز لها ورفع رأسه يغمز لـ “سمارة” التي فهمت سبب حركته وكادت أن تبتسم لكنها عادت لعبوس وجهها وأضاف الآخر يوجه حديثه لزوجة أخيه:
_معلش يا مدام، هنتعبك معانا، هاتي الدوا بتاع “جـودي” علشان طالما هتروح معاهم نكتبه للأطفال هناك، مش حضرتك عندك أولاد برضه؟.
وجه سؤاله لـ “أحمد” الذي هز رأسه مومئًا له ففسر “مُـحي” سبب الحديث بقولهِ:
_طب ربنا يحفظهم، أنا دكتور “مُـحي” صيدلي تحت التدريب لسه، معلش بقى “جـودي” واخدة فيروس في المعدة ماشي اليومين دول في الجو، لو عندك أطفال خدلهم العلاج الأول علشان بيتعدوا بسرعة، اكتبلك الدوا ليهم؟.
نظر “أحمد” لأمهِ التي لوت فمها بحركةٍ شعبية شهيرة فيما أرادت “جـودي” أن تثبت اللعبة فتصنعت إنها تسعل عدة مراتٍ وبعد مرور دقائق رحل عمها ووالدته بدونها فقط اطمئنوا على صحتها لتركض هي نحو “مُـحي” تفرد ذراعيها ليحملها بمرحٍ بعد نجاح خطتهما وهو يقول أمام الجميع:
_مين دا اللي يفكر يقرب منك؟ دا أنا أكله بسناني.
ضمته بكلا ذراعيها وهي تقول بنبرةٍ ضاحكة:
_أنتَ بقيت شاطر خالص يا “مُـحي”.
ضحك “نَـعيم” لهما ثم جلس محله وأشار لـ “سمارة” وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة:
_افردي وشك بقى محدش هياخدها منك أهو.
ضحكت “سمارة” بحماسٍ ثم قالت بنفس الفرحة:
_طب علشان الخبر الحلوة دي أنا ععملكم عصير دلوقتي.
تحركت بسعادةٍ بالغة بعدما تأكدت من عدم رحيل الصغيرة وقد نظر “إيـهاب” في أثرها مبتسمًا وهو يحمد ربه أن عبوس وجهها تم فكهِ وحلت الفرحة محلهِ وللحق هي فرحة للجميع وليست هي فقط، فحينما أراد الأخر أن يجبرهما على هذا الشيء كان هو أول الشاعرين بالضيق.
__________________________________
<“صدر القرار أخيرًا، إلى اللقاء”>
في أرضٍ مُحايدة بحارة “العطار” جلس “عبدالقادر” مع “مـلاك” ومعهما “بيشوي” و “أيـهم” و “جابر” الذي كان يحاول بكافة الطرق تأجيل زفاف ابنته الكُبرىٰ، لحين هتف “عبدالقادر” يُلقي أوامره بقولهِ الذي خرج بكل إصرارٍ:
_نهاية القول عاوز نص إكليل ومصمم يبقى “بيشوي” هيحدد لما يروح الكنيسة، وشهر واحد بس وتبقى مراته لا أكتر ولا أقل ودا آخر القول طالما دي قعدة رجالة كبار مش عيال بتلعب، قولت إيه يا أستاذ ؟!..
زفر “جـابر” بقوةٍ وهتف بلامبالاةٍ:
_اللي تشوفوه، بشوقكم.
تحدث “مـلاك” بلهجةٍ آمرة بعد طريقة الأخر:
_طب بما إنه بشوقنا بقى، يبقى مبروك يا جماعة، ربنا يبارك يا “بيشوي” تستاهل كل خير يا حبيبي.
ابتسم “عبدالقادر” باستفزازٍ للأخر فيما بارك “أيـهم” لرفيقه الذي سعد بشدة وظهرت الفرحة في عينيهِ بعدما أنهى الفترة التي شعر فيها بالبؤس بعدما كاد والدها يفرض عليه خِطبة لمدة عامين، لكن يبدو أن الطرقات شائت أن تتلاقى بعدما ظنا أن التلاقي مستحيلًا..
__________________________________
<“فتنة الزاهد تزداد إغواءًا”>
أوقف “يـوسف” السيارة أسفل بيتهِ بعدما أوصل “مُـنذر” إلى بيت عائلة “عابد” ولسوء حظه أن حسن حظهم أن أفراد العائلة كانوا خارج البيت، لكن سيحين موعدهم لا محالة من ذلك، وقد وقف ينتظر زوجته وبجواره وقف “أيـوب” الذي ما إن رآى “قـمر” تنزل برفقة والدتها واقتربت منه حينها هتف بنبرةٍ هادئة:
_استغفرك ربي وأتوب إليك.
أقتربت منه تسأله بنبرةٍ جامدة بعدما استمعت له:
_فيه إيه يا شيخ “أيـوب” !! أنتَ متجوز ذنب؟ كل ما تشوفني تفضل تستغفر؟ ما تفضها سيرة وخلاص بقى.
ابتسم لها وأقترب منها يهتف بتفسرٍ أمام شقيقها:
_لأ مش متجوز ذنب، بس متجوز فتنة كل ما أشوفها خيالي يسرح مني لبعيد، فعلشان كدا بستغفر ربي وبطلب منه يغفرلي إذا كنت ضعيف قدام غواية الفِتنة دي، شوفتي بقى؟.
ابتسمت بخجلٍ له فيما مد كفه يمسك كفها وهتف بنبرةٍ هادئة بعدما أقتربت منه والدتها:
_روحي يلا مع والدتك وأنا هروح مع “آيـات” وهبقى أكلمك كمان شوية، يلا يا “قـمر”.
تركته ورحلت مع والدتها وهي تطالعه بعينيها حتى رحلت تمامًا من المكان وتبعها هو ورحل خلفها ليذهب مع شقيقته وخطيبها في هذه المهمة التي يكرهها لكنه كان مجبورًا عليها، بينما “يـوسف” أخذ زوجته التي نزلت له ترتدي فستانًا باللون الأخضر الزُمردي وحجاب رأسها باللون الأسود لكي يتناسب مع الفصوص السوداء التي زينت الأكمام وقد أصر أن ترافقه لحفلة ذكرى مولد “مادلين”.
كالعادة أعجبته طلتها لكنه بما أنه قليل الحديث أوضح ذلك بنظراتهِ وإبهامه ثم فتح باب السيارة لكي تجاوره ويشق طريقه إلى هناك حيث مكان الحفل وقد سبقه إلى هناك “عُـدي” برفقة “رهـف” حتى لا تُثار نحوهما الشكوك.
بعد مرور فترة من القيادة أوقف السيارة أمام المكان الفاخر الذي تم تحديده لأجل الحفل الخاص بـ “مادلين” وقد دلفت “عـهد” معه بتوترٍ بالغٍ وشدة أعصابٍ لاحظها هو لكنه حاول بقدر الإمكان أن يكون أمامها طبيعيًا لكي تتصرف بطبيعتها هي الأخرىٰ، وقد أختار طاولة بعيدة الأنظار بعض الشيء يجلس عليها معها وهي تراقب المكان بعينيها..
صدح صوت هاتفه برقم شركة عمله الأساسية فاستأذن منها وتحرك يجاوب على المكالمة وهي وافقت بتلقائيةٍ ووقفت محلها لتأتي إليها “شـهد” التي كانت تراقبها منذ دخولها معه وقد تسنت لها الفرصة حينما وجدتها بمفردها وسألتها بتعالٍ حينما وقفت مقابلةً لها يفصل بينهما الطاولة الزجاجية:
_أنتِ بقى “عـهد” ؟.
رفعت عينيها نحو صاحبة الصوت وقد تعرفت عليها وقالت بسخريةٍ على الفور:
_آه، أنتِ بقى “شـهد” ؟.
ضحكت الأخرى باستعلاءٍ وهي تقول ردًا عليها:
_أوه، شكلك مهتمة بقى ومركزة يا “عـهد”.
ابتسمت بثقةٍ وهتفت بنبرةٍ هادئة تحاول بقدر الإمكان أن تكون طبيعية أمامها رغم علمها المسبق بعلاقتها بـ “يوسف”:
_الحقيقة إني مش فاضية والله، بس هي بتبقى فلتات كدا بتيجي من الناس توضح إنهم هما اللي مركزين مش إحنا على العموم فرصة سعيدة يا مدام “شـهد”.
تعمدت الإتكاء على أحرف كلماتها لتلفت نظرها حتى اندفعت الأخرى تقول بثباتٍ كأنها تحذرها أو ربما تزيد خوفها:
_بصي أنا واجبي أقولك خلي بالك من نفسك، خصوصًا طالما بقيتي مع “يـوسف” هتطيري وتطيري وتطيري من تاني، ومرة واحدة هيرميكي مفاجأة ويرمي اللوم عليكِ، خلي بالك أحسن تقعي يا “عـهد”.
ابتسمت “عـهد” بثباتٍ من جديد وهي ترد عليها بقولها القوي الذي لم يعرف أي اهتزازٍ أو خوفٍ حتى، بل نبع عن ثقةٍ كبري:
_وماله، عادي وقعت كتير بس كل مرة “يـوسف” كان بيلحقني في الوقت المناسب، يعني حتى لو وقعت بسببه هلاقيه برضه بيلحقني من تاني، وهو ما شاء الله عليه سريع أوي حتى جه يلحقني أهو.
أشارت برأسها خلف “شهد” التي التفتت تطالعه خلفها لتجده تجاوزها وجاور زوجته وهو يقول بأسفٍ بعدما وضع كفه في خصرها بتملكٍ واضحٍ:
_معلش الشغل أتصل وكان لازم أرد علشان أعرف أفضالك.
ابتسمت له فيما رحلت “شـهد” من المكان وقبل أن ينطق هو أوقفته “عـهد” وهي تقول بشرٍ بالغٍ:
_متقلقش، أنا سدادة، بس ليا طاقة.
ابتسم بمراوغةٍ ثم غمز لها وأقترب يلثم وجنتها كما يفضل هو دومًا فيما تورد وجهها خجلًا حينما تلاقت نظراتها بنظرات “فـاتن” التي ابتسمت لها قبل أن تقترب منها وترحب بها.
في الخارج وقف “سـامي” يتحدث في الهاتف مع “ماكسيم” والآخر يملي عليه أوامره كما أعتاد ثم أضاف بتكهنٍ كعادته يبلغه بالقنبلة الجديدة الذي كان يستمع إليها الأخر بفتورٍ:
_على العموم علشان أنا بحبك وأنتَ بتسمع كلامي أنا محضرلك مفاجآة حلوة يا “سامي” وهي إن “يـوسف” لقى أهله اللي خبيتهم أنتَ و “عاصم” عنه ومش بس كدا، دا كمان لقى أخته وجوزها، مين بقى يا ترى؟ جوزها “أيـوب” ابن “عبدالقادر العطار” حبيبك ولا أقول عدوك اللدود؟.
أراد أن يكون سببًا في نشر الخراب للأسف، وحقًا وحتمًا فتحت أبواب النار في وجه الجميع ليصاحبها الجحيم، فكونوا على استعداد لأن الرحلة لم تبدأ بعد، هي فقط تجهزت للرحيل.
__________________
لا تنسوا الدعاء لإخواننا وتذكروا أن الدعاء هو السلاح الوحيد، تذكروا أهل فلسطين وسوريا والسودان واليمن ولبنان وكل بقاع الأراضي العربية.
_______________________

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غوثهم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى