روايات

رواية غمرة عشقك الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء السابع والثلاثون

رواية غمرة عشقك البارت السابع والثلاثون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة السابعة والثلاثون

هربت حبيبة من عينا ابراهيم التي تحقق معها بصمت قاتم مرعب….يوصل الرجفة لقلبها
وجسدها الهزيل..الذي يضخ عرقاً من قوة تأثير الصدمه والخوف…..
كانت النظرة من عينا ابراهيم عنيفة وتحمل عدت انفعالات متضاربة…. بها صراع هائج….والمشاعر مختلطه… مابين غضب وخذلان و….. وأخيراً صدمة في ابنة عمه التي يعتبر رباها على يداه….. كيف تخون الثقة وتطعنه بهذا الشكل المخزي…… كيف لتلك البريئة ان تكذب وتغش الجميع بالادب والاخلاق العالية الذي اكتشف الان انهم غطاء ستر
يخفي اسفله انحلال اخلاق وصلت إليه بسبب
حبها الوهمي لشاب مستهتر كشقيق زوجته……..
حينما طالت نظراته القاتمة عليهما وطال وقوفه امامها زادت انتفضت قلبها بذعر…. وعقلها مرتعب يفكر بهستريه عن كيفية النجاه من تلك الماساة التي وقعت بها…..
اتكات على ذراع احمد عنوة عنها وهي لا تعرف ان تمسكها به واختبئها خلفه بهذا الشكل يزيد الامر سوءاً ويتضاعف غضب ابراهيم نحوهما…..
بلع أحمد ريقه وارتجف جسده تاثراً من لمستها ورعبها……فما كان منه إلا ان يتحدث مع ابراهيم
قائلاً بهدوء…….
“ابراهيم ممكن تسمعني الموضوع مش زي مانت فاهم…….”
ربما كان غضب ابراهيم ينتظر اشارة اخيرة لكي ينفجر في وجهه وتثور شياطينه عليهما……لكم
أحمد بقوة اسفل فكه جعل الاخير يقع جانباً
تارك حبيبة بمواجهة مصيرها المحتوم…..
بلعت حبيبة ريقها ونظرت لعيناه بزعر وداخلها تتمنى
ان تصاب بالاغمى او تبتلعها الأرض.. اي شيءٍ حتى تهرب من تلك العيون الحادة والوجه القاسي..والالعن
الموقف بأكمله…….
وجدت ابراهيم ينظر اليها بغضب وصمت مهيب…..
رغم الصمت إلا انها تهان بشدة من نظرات عيناه
الصريحة نحوها بانها…… غشت الجميع وخانت
الثقة…….
هو محق وهي تستحق ان تحيا هذا الرعب بسبب
تهورها وقلة احترامها لعائلتها….اغمضمت عينيها
وهي تبكي بعدما راته يرفع كفه لصفعها…..
انتظرت الصفعه وهي تبكي وتشهق وداخلها تود
نيلها فهي للأسف تستحقها هي وكل الاهانه التي
ستاتي بعدها………
عند انتظارها سمعت صوت الصفعه تهبط لكنها لم تشعر بالوجع….لم يلمسها كف ابراهيم حتى…..
فتحت جفنيها ببطئ وهي ترتجف بخوف…لتصطدم
ابصارها بظهر أحمد ومن رؤية وجوههم المتقاربة بتحدي علمت ان تلك الصفعة تلقاها احمد على صدغه بدلاً منها…….
نزلت دموعها اكثر ووضعت يدها على فمها بصدمة
لتجد احمد يستدير لها وبطرف عيناه وبهمسة قوية قال…….
“اطلعي على فوق ياحبيبة…..اقفلي اوضتك عليكي…….اطلعي وقفه ليه…….”اخر جملة صرخ بها جعلها ترتجف وهي ترجع للخلف ثم صعدت على السلالم بسرعة هاربة من بطش ابن عمها…….
مسك ابراهيم احمد من ياقة قميصة وهو يصرخ
فيه بوحشية………
“وصلت بيك الوساخة انك تضحك بعقل عيلة
صغيرة ملهاش في شغل الخمس ورقات
بتوعك……وصلت بيك الوساخة انك تطلعني
بقرون………طب ياخي احترم النسب اللي بينا…..
بتشتغلني انا اي شايفني ****…..”
حاول احمد ابعد يد ابراهيم عنه وهو يقول
بتهمل……
“ممكن تهدى وتسمعني…… انا عارف اني غلطان
بس اقسم بالله كل اللي كان بينا مكالمة تلفون…
اقسم بالله مافي حاجة اكتر من كده… حتى ايديها
ممسكتهاش…….. اقسم بالله مكالمة تلفون بس… وحبيبة ملهاش ذنب…. انا اللي غلطان… متمدش
ايدك عليها يابراهيم خد حقك مني انا……”
هزه ابراهيم من ياقة قميصة مجدداً وهو يسبه
بوحشية مهيناً اياه بقوة……..
“اخد حقي منك !!…… اقسم بالله ما هرحمك يا
أحمد…. انت عيل ****والوساخه بتجري في دمك…….. لا هي احترمتني ولا انت احترمت
النسب اللي مابينا…… اول مرة قبلتك فيها
قولتلك بنات الناس مش لعبه وانت عندك اخت
وحذرتك بدل المرة اتنين انك تبعد عنها……تروح تلبسني انا القرون وانت ماشي معاها
ومستغفلني…. ومقضينها والهانم عاجبها
الحوار……… وشغلين*****عليا وعلى اهلها……”
جز احمد على اسنانه وهو يسمع السب والشتأم
تهطل عليه كلمطر لذا اندفع قائلاً بتهور…….
“انت فاهم غلط….. انا عايز اتجوز حبيبة…… ومتفق معاها على كده….. بس بعد ما تخرج عشان اكون لقيت شغل……..”
زادت نظرات ابراهيم قتامه فقال بازدراء…..
“وانت تفتكر انا ممكن ادي بنت عمي واحد زيك….”
ضيق احمد عيناه قائلاً بغيظ…..
“ومالي انا يعني……..”
حرك ابراهيم شفتيه بشراسة ممزوجه بالقرف
وهو يقول…….
“أبداً حشاش…. متتأمنش على عرض……اللي زيك اخره يعلق بنات الناس و يضحك عليهم
بكلمتين متذوقين عشان يلين دماغهم وياخد
اللي عايزه منهم برضاهم……”
زاغت عينا احمد بحرج فقال بتردد……
“انا مش كده……انا بحب حبيبة وفعلاً عايز اتجوزها…….وبعدين انا مبشربش… ”
اوما ابراهيم بقوة وقال ممتعضاً…..
“بتشرب وبياتك عند ماندو اكبر دليل انك ماشي في السكه دي ومكمل……..”ثم قرب وجهه منه وهو يهسهس بصوتٍ خافض مهيب……
“اما حبيبة فدي نجوم السما اقربلك منها……سمعت
بنت عمي يوم ماهتتجوز…….. هتجوز واحد محترم………مش واحد حشاش صايع……..انت متنفعهاش وهي متنفعكش……..سامع…….”
عاند احمد بقوة أمام عينا ابراهيم الغاضبة…..
“لا مش سامع هي بتحبني وانا بحبها……وانت ملكش
اي حق تمنعني عنها…….طالما طالبها بالحلال……”
ابتسم ابراهيم بازدراء قائلاً بسخرية وهو ينظر اليه ملياً……….
“طالبها بالحلال…..انت عندك كام سنه….دا انت عيل ياخي دا انت لسه مكملتش العشرين…….” ثم صمت قليلاً….. واضاف وهو يربت على كتفه بقوة تكاد تقسم كتفه نصفين……. “اسمع كلمة زيادة وهتكون بموتك ابعد عنها……ومشوفش وشك هنا تاني….اللي رحمك من ايدي اختك….. عشان هي اللي مابينا دلوقتي… لو كده انا كنت طلعتك على نقاله……بعد القرف اللي سمعته……… ”
على الناحية الاخرى قد صعدت حبيبة لشقة سمر طرقت عليها بقوة وهي تاخذ انفاسها بصعوبة….
فتحت سمر الباب بفزع ناظر لحبيبة بقلق….
“مالك ياحبيبة في إيه…..ووشك مخطوف كدا
ليه…..”
قالت حبيبة من بين انفاسها العالية….
“احمد تحت في مدخل البيت……وابراهيم…..
ابراهيم بيضربه….سمعنا واحنا بنتكلم تحت وعرف كل حاجة بينا…..”
ضربت سمر على صدرها بفزع بينما اتسعت عيناها وهي تسحب حبيبه لداخل الشقة ثم اغلقت الباب
عليها قائلة بهلع……
“خليكي هنا عشان امك ومرات عمك ميحسوش بحاجة……”قالتها وهبطت سريعاً على السلالم بقلب
يخفق برعبٍ….
عند وصولها وجدت ابراهيم يمسك اخيها من ياقة قميصه ويصرخ في وجهه بوحشية وشر يتطاير بعيناه…..بينما كان اخيها يتحدث معه ببرود مغلف بتحدي…….وكانه صاحب حق……….وضعت يدها
على فمها وهي ترى كدمه حمراء اسفل فك اخيها
بينما صدغه احمر وصوابع غليظة مرسومه
عليه……..
اغمضت عينيها بقوة وسحبت نفساً قوياً وهي تتجه بسرعة بينهم واقفه امام ابراهيم بحزم ومسكت
ساعديه بيداها الاثنين في محاولة منها لحماية
اخيها من بطش يده……
جفلة حواس ابراهيم بصدمة وارتجفت ملامحه بغضب وهو يراها تقف امامه كحاجز صلب تحمي
اخيها منه………
نظر لعينيها فوجدها رغم قوتها وعمقها القاتم تترجاه
بلين ان يتوقف……..
هذا المشهد يذكره بأول لقاء بينهما… وشتات مابين
اول لقاء والموقف الحالي الذي يحمل عدة مشاعر
عنيفة تنفث عن غضب مشتعل في صدره……
همست سمر بقلبٍ ملتاع…..
“ممكن تهدى وتسمعني…….احمد وحبيبة مفيش حاجة بينهم…….انت فاهم غلط…..”
جفل بدهشة اكبر وهو ينظر اليها بقوة وقد سكنت انفاسه الهادرة لبرهة وهو ينظر بتعجب لها وكانه يراها لاول مرة وحينما وجد صوته سالها ومزالت يداها متمسكه بساعديه……..
“انتي كنتي عارفه…….”
اومات بتردد وهي تعلم ان الغضب كله سيندفع نحوها هي وحدها…..وللأسف هي مرحبه بالامر
لكي تبعد الخطر عن اخيها وابنة عمه…….التي حتماً ستنال عقاب قوي على تسكعها السابق مع أحمد…..
نفض يداها بقوة وهو يصرخ في وجهها بقوة جعل
الرعب يدب اكثر من الازم في اصولها…..
“كنتي عارفه وبتداري عليه……كنتي عارفه وساخته
وموفقه عليها……غطيتي عليه وانتي عارفه ان بيلعب بقلب عيله…….ممكن يضيعها في اي لحظة……”
قالت سمر بحرج وهي تحاول تهدئته…..
“انت فاهم غلط يابراهيم احمد مش كده وحبيبة بنت محترمه………وصدقني مكنش في بينهم
حاجة اكتر من مكالمة تليفون…..وهو غلطان وهي كمان….بس عشان خاطري اهدى……..الموضوع هيتحل من غير كل ده…..هما عيال وغلطه…….”
مسك ذراعها بقوة وهو يقول بوحشية
مهينة….
“وانتي ياعقله ياكبيرة مغلطيش لما داريتي عليهم……….”
سحب احمد يد ابراهيم عن اخته وهو يهدر
بجسارة امامه……..
“سمر ملهاش دعوة…..كلمني انا……. قولتلك اني مش بلعب بيها…….انا بحبها وعايز اتجوزها………”
دفعه ابراهيم هادراً بتشنج…..
“نجوم السما اقربلك منها…..امشي اطلع برا…ورجلك متعتبش البيت دا تاني…….”
اتسعت عينا سمر وهي تنظر لابراهيم بصدمة…
معقبة باسمه……
“ابراهيم……”
نظر لها نظرة اخرستها فجعلها تقف مصدومة وهي ترى نظرة أحمد المتردده في الرحيل…..مما جعلها
تزدارد ريقها وهي تشفق عليه بعدما قراءة
خوفه……فقالت هامسه برفق……
“روح يا أحمد…….متخفش على حبيبة انا
معاها…..متخفش……”
دفعه ابراهيم مجدداً بغضب وهو يكبح رغبته في صفع سمر محاولاً السيطرة على مشاعره
الثائرة بسبب وقاحة الاثنين امامه……
“اطلع برا…….. واياك تقربلها تاني……سامع…..”
راته يغلق الباب الحديدي في وجه اخيها مما
جعلها تقول وهي تتأوه داخلها بغيظ……
“مش كده يابراهيم…….دا اخويا على فكرة….. ”
اشار لها بصمت وهو يتوعد لها بشراهة…..
“هششش…….انتي ايامك الجايه معايا هتبقا سواد……..اطلعي على فوق…..”
اتسعت عيناها وفغرت شفتيها قائلة
“انت بتقول إيه……”
“اطلعي ياسمر…….ولا استني……هي البت فوق
عندنا صح………”تراجع صاعداً للاعلى على السلالم قبلها والشياطين تتراقص امام عيناه المتواهجة……
صعدت سمر خلفه وهي تحاول منعه بخوف….
“اعقل يابراهيم البت مش حمل ضربة…..هتفضحها قدام ابوها وامها حرام عليك الموضوع مش
مستاهل…….”
حينما وجدته يسرع الخطى وملامحه تنذر بالشر والخطر
حتى ضربت على وجنتها بهلع وهي تولول
بارتعاد….
“يارب عديها على خير…..يارب استرها…….الله يسامحك يا أحمد…..خربت الدنيا فوق راسي وراسها…….”
……………………………………………………………..
دخل كالثور الهائج للشقة وكانت سمر تهرول خلفه
اتسعت عينا سمر وهي ترى ابراهيم يسحب حبيبة
بقوة من حجابها بمنتهى الهمجيه وعدم الرأفة بالفرق الجسماني بينهما…. فكانت حبيبة كعصفور صغير
امام ثور مثله……..
صرخت حبيبة بوجع وهي تحاول افلات الحجاب من بين قبضته دون ان تضطر لخلعه…….
اسرعت سمر بعد ان ذأبت الصدمة من عليها لتخلص
المسكينة منه صارخه برعب…..
“حرام عليك يابراهيم…. البت هتموت في ايدك…..
حرام عليك……”
صرخ بوحشية تصيبها بزعر كلما صرخ هكذا
في وجهها…..
“اطلعي انتي منها…. لسه حسابي معاكي جاي
جاي……. متستعجليش……..”
كانت تحاول ان تكون حائل بينهما بينما يدها تسحب الحجاب امامه بينما ظهر حبيبة منحني بسبب تلك المسكه التي تكاد تزهق روحها بينما الدموع تكاد
تعميها من شدة الهسترية التي وصلت لها….
صرخت سمر مجدداً وهي تحاول معه فقد
وصل لحالة جعلت الغضب يعمي قلبه والجنون
يمحي الشفقة على تلك المسكينة التي ستموت
بين يداه…….
“ابوس ايدك يابراهيم سيبها….. امك وامها هيطلعوا على الصوت….. والحوار مش هنعرف نلمه لو حد غيرنا عرف….. عشان خاطري اهدى البت هتموت
في إيدك…….”
نزلت دموع حبيبة وهي تحني راسها بوجع بسبب مسكته القوي بحجابها…. ثم قالت برجاء وهي تبكي…..
“حقك عليا يابيه…… والله غلطه ومش هتكرر تاني
انا اسفه….. انا آسفة……… عشان خاطري يابيه
روحي بتروح………عشان خاطري… ”
انحنت سمر بهستريه تقبل يده القابضة على حجاب حبيبة ترجوه برعب على حبيبة…..
“ابوس ايدك يابراهيم سبها…. البت هتموت في إيدك…….”
فك قبضته أخيراً نافضاً اياها بعنف مما جعل حبيبة تقع أرضا وهي ترفع راسها لتصرخ بوجع وهي غير
قادرة على رفعها بشكلاً طبيعي…….
انحنت سمر عليها وبدات بتدليك رقبتها وتحريكها يميناً ويساراً حتى تخفف تصلب الرقبة وتشنج عضلاتها….. وهي تهمس برفق….
“معلش حركي رقبتك معايا عشان تفك……..”
بكت حبيبة وهي غير قادرة على رفع راسها
بشكلاً طبيعي…..هامسة بتأوه…..
“مش قادرة ياسمر….. رقبتي وجعاني…. آآه…..”
لوتها سمر بشكلاً مفاجئ جعلت حبيبة تصرخ وهي تضع يدها مكان الوجع……..
اثناء وقوفه امامهم القى عليهم نظرة قاتمة
وهو يصرخ في ابنة عمه قائلاً بعنف…..
“هاتي التلفون اللي معاكي……”
اغمضت حبيبة عينيها وهي تمسك يد سمر تطلب منها العون والحماية منه….فهزت سمر راسها لها بقلة
حيلة وتلك المرة كانت واثقه ان الوقوف امامه الان لهو الغباء بعنيه…….
صرخ ابراهيم بقوة حينما راى حبيبة مزالت
جالسة ارضاً مكانها…..
“انتي مش سامعه هاتي التلفون يامحترمه… ولا
مستنيه تبلغي الباشا اخبارك….. متقلقيش اخته
موجوده وهتقوم بالواجب…..ماهيه وصلة
الوصال اللي مابينكم……”
اغمضت سمر جفنيها بقوة واطبقت على شفتيها وهي تكبح غضبها فهي من اوصلت نفسها لهذا
المكان وعليها التحمل……… للنهاية ستتحمل
نوبات جنونه وغضبه الذي كان الآن أصعب
واسواء مما ظنت……
نزلت دموع حبيبة وهي تنهض وتليها سمر….ثم اخرجت حبيبة هاتفها من جيب الاسدال واعطته
له وهي تنظر أرضا بحرج…لكن سريعاً رفعت راسها حينما سمعت تكسير هاتفها غالي الماركة بين يداه
فقد اطبقه بعنف بين كفيه ببساطه…….
نظرت حبيبة لعينا ابن عمها ثم للهاتف الذي انزله ارضا داهساً عليه بالحذاء الأسود وهو يرمقها
بغضب ممزوج ببريق الانتقام…. وكانه نال منها
ولو قليل….
اذا أردت ان تحرق دماء احدهم حطم هاتفه الغالي
بين يداك وسترى الحسرة تنبض في عيناه الحزينة
وكانه طفل فقد عزيز على قلبه وبعد حطام هاتفه
اصبح يتيمًا دون صديق ؟!…..
نظرت حبيبة للهاتف الذي تحطم لاجزاء ثم لعينا سمر وانفجرت في البكاء دون صوتٍ….. فقط الدموع بدات تجري على وجنتها بسرعة وجسدها بدا
يرتجف من شدة ما تحياه……..
صرخ ابراهيم فيها وقد اشتعل كل الغضب بداخله دفعه واحده……
“اخرسي….. ياحبيبة….. تكسير التلفون مش هيرحمك من بين ايدي…. انطقي الواد دا بتكلمي معاه من امتى….”
صمتت ولم ترد وهي تنظر لسمر تطلب منها الحماية…… فقالت سمر بتمهل….
“ابراهيم كفاية كده…. حرام عليك انت بوظت اعصابي واعصابها…..”
نظر ابراهيم لها نظرة قاتمة وهو يشير على غرفة النوم قائلاً بهدوءٍ ما قبل العاصفة…..
“ممكن تدخلي اوضتك وتسيبني اتكلم مع بنت عمي زي مانا عايز……”
انتفض جسد حبيبة وهي تمسك بذراع سمر التي لم تتحرك من مكانها بل ظلت واقفه تنظر اليه بغضب وتحدي……….
“متسبنيش ياسمر…. متسبنيش ونبي……” ثم نظرت لإبراهيم قائلة بصوتٍ يرتجف رعباً…..
“انا هقولك على كل حاجة يابيه… هقولك والله…
بس خليكي معايا ياسمر…….عشان خاطري….”
رق قلب سمر فنزلت دموعها وهي تسحب حبيبة لاحضانها مربته على كتفها وهي تقول بشفقة….
“بس ياحبيبتي….. اهدي… اهدي بس…..” ثم
نظرت لإبراهيم ترجوه للمرة المليون ان يتركها
ويكتفي بما فعله…. لكنه كان متصلب الرأي
وهو يهدر مجدداً بخفوت مهيب……
“انطقي ياحبيبة…….”
رفعت حبيبة راسها وهي ترتجف امامه….
“بقالنا اكتر من سنة بنتكلم….في التلفون……”
هز ابراهيم راسه بصدمة وهو يشعر بخنجر حاد اخترق ظهره….. سالها وهو ينظر اليها بخزي……
“خرجتوا لوحدكم قبل كده……….من غير كدب….
انطقي……”
اومات حبيبة وهي تمسح دموعها بظهر يدها….
“خرجنا……..بس في اماكن عامة والله العظيم…..
واوقات بنبقا مع ناس صحابنا…..”
قال ابراهيم تلك المرة بنبرة اقل خفوت وهو
يرمقها بقوة…….
“شايفه ان اللي عملتيه ده صح……..شايفه نفسك احترمتي اهلك ونفسك…..وصونتي الثقة اللي
ادنهالك……..شايفه نفسك صح يابنت عمي…..”
هزت حبيبة راسها وهي مطرقة رأسها بحرج
تبكي بانكسار….. والخزي من نفسها يزداد كلما زاد العتاب على ذنبها……..
“انا غلطانه يابيه…… انا غلطانه….. بس اوعدك مش هيحصل كده تاني….. غلطه ومش هتكرر يابيه
حقك عليا…….”
قال ابراهيم بصوتٍ قاتم مهيب…….
“هي فعلاً مش هتكرر……. خروج من البيت بعد كده بحساب…. انا اللي هوديكي الجامعه وهجيبك…
واي مشاوير تانيه هتبقا مع رحمة……وانا عارف رحمة مش هتخبي عني حاجة ولا هتستغفلني…..مش هتعمل زي ما مراتي عملت معايا……..”القى نظرة
على سمر التي اطرقت براسها وهي تشعر بتعب من تلك المصارعة القوية التي خاضتها حائل بينهما….
رفعت سمر عيناها فوجدته ينظر اليها بقوة
اجفلت حواسها وقبل ان تهرب من نظرات
السفاح التي تحيط بها سمعته يقول بنبرة متوعدة……..
“كلامنا لسه مخلصش ياسمر….وحسابي معاكي بعدين……..”
القى عليهن نظرة خاطفة مليئه بالغضب الممزوج بالاحتقار لكونه كان الابلة بين ثلاثتهم…..
انتفض جسدها للمرة التي لا تعرف عددها حينما سمعت صوت باب الشقة يغلق بقوة……ومعها تركت حبيبة لشهقاتها العالية حرية البكاء دون قيود
فجلست أرضا بانهزام تنتحب بحسرة…..
القت سمر نظرة صامته عليها ثم سمعت رنين هاتفها
اخذته من على المنضدة لتجد اخيها المتصل رفعت
راسها للسقف وهي تزفر بتعب……..ثم سحبت نفسا عميقا وهي ترفع الهاتف على اذنها ليسمع احمد سريعاً صوت بكاء حبيبة فيشعر بقلبه يهوى متحطم
وهو يسال اخته بقلق……
“سمر………مالها حبيبة هو مد ايده عليها…….”
ردت سمر عليه بغلاظة….
“حقه….حقه يكسر دماغك ودماغها….ويهزقني بسببكم مانا اللي داريت عليك من الاول….يارب
تكون ارتاحت يا احمد….بوظت كل حاجة بصياعتك
واستهتارك……خليت البت تتهان من ابن عمها
وتقف قدامه شبه الكتكوت المبلول لا عارفه تدافع
عن نفسها ولا عارفه تنطق بحرف واحد يرحمها
من بين ايده………”
اتى صوته به لهفة وخوف وهو يسألها…..
“سمر ردي عليا ورحمة ابوكي….هو ضربها……شتمها قالها إيه…….ردي عليا………”
نزلت دموعها وهي تقول برجاء ممزوج بالغضب منه…….
“حبيبة كويسه يا أحمد…..بس ابعد عنها…..لو بتحبها ابعد عنها وسبها في حالها وتقي شر ابراهيم وشر ابوها لو عرف اللي بنت عملته من وراه…….اتقي
الله يا أحمد وحسى بيا لو مرة واحده…….ابن
عمها يبقا جوزي…..ولي بتعمله ده هيخرب حياتي انا……ارحمني يا احمد وارحمها وكفاية لحد كده……..”
اغلقت الخط بعدها في وجهه ثم مسحت دموعها وهي تتجه نحو حبيبة التي مزالت تبكي في أحد الزوايا ضامه ساقاها
لصدرها وتنحني بخزي ساندة راسها على ركبتها
وهي تبكي بلا توقف……….
اشفقت سمر عليها فجلست جوارها ثم ضمتها لصدرها ومررت بعدها يدها على كتفها
بحنان…. وهو تقول لها بمواساة…..
“اهدي ياحبيبتي….كل حاجة هتتحل……..اهدي
عشان خاطري كفاية عياط………..”
قالت حبيبة بنبرة باكية ملامه وهي بين احضان سمر…..
“انا اللي غلطانه يا سمر…..حتى لو احمد هو السبب
بس انا اللي وفقت من الأول اكلمه واخرج معاه….
مش احمد بس اللي غلطان انا كمان غلطانه اكتر منه…… ابراهيم عنده حق انا خونت الثقة…..انا انسانه
مش محترمه……..انا زبالة زي زي مُنى وغيرها…
انا مفرقتش حاجة عنهم…….”
ربتت سمر على كتفها قائلة….
“هشش بطلي هبل…..متقوليش كده على نفسك…..مشكلتك بس انك هبلة….بتفكريني بواحده صاحبتي كانت حزينة زيك كده وهبله……وما شاء الله عليا مش بقابل غير النوعيه دي في حياتي……
آه ربنا يسترها من ابن عمك كمان اكيد محضرلي وصلة نكد محصلتش…….”ثم اضافت سمر بمرح طفيف…..
“بفكر الحق انا الاول ونكد عليه……”
ابتسمت حبيبة بحزن وهي تخرج من احضانها…قرصت سمر وجنتها برفق ثم القت
نصيحه لها اكثر واقعيه واشد صراحة…….
“ايوا كده…..فكي….. تبات نار تصبح رماد…اهم حاجة تبعدي عن اخويا…….اخويا صايع ياحبيبة….. اسمعي مني انتي تستهلي حد احسن من احمد…. انا اخته واعرفه اكتر منك ومن نفسه…… اشتري
مني…….. وانسي اللي بينكم واعتبريه محصلش…
والايام كفيلة تنسيكي…. ”
التوت شفتي حبيبة هازئة…..فالايام كفيلة فقط لتذكرنا بالوجع……..كلما حاولنا النسيان……
…………………………………………………………….
رفع عيناه العسلية على باب المكتب المتواجد بالفيلا
ليجدها تدخل بهدوء حاملة بين يداها صنية انيقة عليها فنجان من القهوة وكوب ماء وقطعة حلوى
انحدرت عيناه على هيئتها كانت ترتدي(جمبسوت..)
ملتصق على جسدها والسروال الخاص به قصير
يكشف نصف ساقاها البيضاء الامعه…. كانت تربط
شعرها على شكل ذيل حصان يتدلى بجمالاً خلف ظهرها….. لم تضع شيءٍ على وجهها فكان ناضراً
ناعماً صافياً بدون مصبوغات…….باستثناء شفتيها
التي طلتها بحمرة وردية لامعة…….
اسبل عيناه وهو يعود للملفات بين يداه محاول التغاضي عن تلك المشاعر التي اشتعلت بعد
رؤية الجميلة الهشة أمامه……
وضعت حنين صنية القهوة جواره قائلة
بصوتٍ رقيق……
“جبتلك القهوة بنفسي…..”
ادعى الاقتضاب وهو يكتفي بايماءة
بسيطه….
“شكراً……..”
عضت على شفتيها بغيظ لكنها تحملت وهي تتجه إليه ثم جلست على مكتبه من الناحية الاخرى
وهي تسأله بهدوء….. بينما عيناها تتابع ما
يفعله……
“انت بتعمل إيه……”
رد عز الدين بفتور….
“زي مانتي شايفه…….. بشتغل…….”
قالت حنين بحنق…
“هو الشغل ده ليل ونهار…. حتى يوم اجازتك…. شغااال………”
رد وعيناه متعلقه في الأوراق….
“آآه شغال….. في اي اعمله غير الشغل…..”
قالت بانزعاج وهي تسحب الاوراق من بين
يداه…..
“في انك تقعد معايا….. انا زهقانه…. الحمل جاي
معايا بزهق……”
كبح غضبه وقال بفتور……
“الفيلا عندك طويله وعريضه… اخرجي في الجنينة انزلي البسين….. اعملي اللي انتي عيزاه…..”
مسكت ذراعه وهي تقول بصوتٍ حاني….
“تعالى ننزل البسين سوا….. فاكر اول مرة نزلنا فيها
فاكر قولتلي إيه……”
هز راسه نافياً ببرود…. “لا مش فاكر…….”
حركت ساقاها اما عيناه بدلال قائلة
“تحب افكرك……”
تأتأ بشفتيه بامتناع سمج…. وعاد للملفات…..
عضت حنين على شفتيها وهي تميل امامه وتتناول بيدها طبق الحلوى ثم استوت في جلستها وهي تبدأ
التهامها بغيظ……. امام عيناه التي تسترق النظر لها من تحت جفونه……..
قالت بكبرباء وهو تلتهم الحلوى بغل…
“انا كمان مش فاكره اي حاجة…..”
قال عز الدين بوقاحه وهو مزال ينظر للأوراق
بين يداه……
“لو كنت فاضي كنت فكرتك…….”
التهمت قطعة أخرى من الحلوى…..وهتفت
بقرف…
“مش عايزه افتكر…. سبني في حالي……”
رفع حاجبه بتهكم…. “مين اللي جاي لمين………”
“آآه صح…… ماشي انا همشي بس بعد ما شرب القهوة اللي جبتها…..” مدت يدها لتاخذ الفنجان
الماكث جواره لكن قبل ان تلمس الفنجان قبض عز الدين على يدها قائلاً بامتناع….
“قهوة إيه…. انتي اتجننتي…. القهوة غلط على الحمل…….”
حاولت الافلات من بين قبضته قائلة….
“فنجان في اليوم مش هيأثر…. وبعدين انا اللي عملاها……..”
قال بجفاء….
“عملاها عشاني…… مش عشانك……”
قالت حنين بتبرم…..
“آآه دا كان قبل كلامك……”
قال بغيظٍ وهو ينهض من مكانه…..
“وبعدين معاكي……اسمعي الكلام بقا…. ”
اهتز قلبها برجفة قوية وهي تراه يقف امامها اثناء جلستها على سطح المكتب…… وقد دب الضعف لاصولها امام شموخ هيئته وهالة الرجولة
المحيطه به والوسامة الغير عادية التي يتمتع بها……..
وجدته ينظر لوجهها ثم لشفتيها… فاهتزت
حدقتيها بتردد…..
“بتبصلي كدا ليه…..”
اشار عز الدين بعيناه على زوية
شفتاها…
“في حاجه متعلقة في شفايفك……”
“اي دي…..” سالته وهي ترفع يدها على فمها كي تمسحها لكنه اوقفها وهو يمسك يدها ويميل
في لحظة خاطفه ممتص بشفتيه ولسانه زاويه
جوار شفتيها اغمضت عينيها بضعف وخفق قلبها
بجنون وهي تهمس بأسمه……
لكن لحظة الدفئ تبخرت و لم تطول إلا
ثانيتين ثم ابتعد عنها قائلاً بهدوء…..
“كانت النوتيلا لزقه عند شفايفك مكان الكيك اللي كلتيه……”
اومات براسها بشتات وهي تسبح في عيناه
هائمة……لتجده يميل على فنجان القهوة
وياخذه ثم يرتشفه منه بهدوء امام عيناها
الضائعة في حبه…….
سالها بهدوء يخفي خلفه مشاعر تحترق….
“انتي كويسه النهاردة……”
اومات براسها وهي غير قادرة على الحديث…..
فسال مجدداً…..
“وخدتي علاجك…..”اومات من جديد دون حديث
فقال مغتاظ…..
“اي اللي حصلك للسانك ياحنين هانم…..”
لعقت شفتيها وهي تقول بخفوت…
“عز……انا بعد بكره عندي معاد كشف مع
الدكتورة…… هتيجي معايا……ولا لا……”
رد بفتور مقصود………
“لو فاضي هاجي معاكي……..لو كده هخلي اية تروح معاكي……..صحيح ان بلغتها بحملك… اتصلت بيكي مش كده…. ”
اومات وهي تقول بحرج……
“ايوا……و زعلت اني مبلغتهاش بنفسي….”
احتسى من القهوة وهو يقول بوجوم……
“فعلا من حقها تزعل….كلنا من حقنا نزعل…عشان
دي حاجه متتخباش…….”
قالت حنين بصوتٍ شاجن حاسم….
“ولحد امتى ياعز…….هتفضل تعتبني وتبعد عني بطريقه دي…….”
قال بنبرة واجمه…..
“انا لا بعاتبك ولا ببعد….خلينا كده احسن عشان خاطر اللي في بطنك……”
احتدت نظرات حنين فقالت
باستهجان….
“والله وانا هفضل معاك بشكل ده……”
ظهرت بوادر من الانفعال على وجهه وقال…
“اي شكل……ومالوا الشكل ده….بهينك.. بضربك حبسك……..مانا بتعامل معاكي عادي وسيبك
براحتك……..”
قالت بعيون تترقرق بهما الدموع…..
“اهو بتعامل معاكي عادي دي وجعاني……”
رد عليها بمرارة….
“وانا موجوع اكتر منك……”
اتجهت اليه قائلة بوله…..
“طب مانا بحاول ياعز………..وانت…….”
رد بنبرة متعبه تحمل بين طياتها الكثير…..
“انا تعبان ياحنين….تعبان…….وكل اللي عملتيه كسرني…….”
عقدت حاجبيها مرددة بذهول….
“كسرك………….. لدرجادي…..”
اوما بوجوم وهو ينظر لعيناها بعذاب…..
“واكتر انتي متعرفيش انا حبيتك قد إيه….”
قالت باللهفة…….
“مانا كمان حبيتك………ولسه بحبك…….”
رد عليها هازئاً…..
“واضح…….واضح ياعيوني……..”اتجه الى مكتبه مجدداً وعاد الى اوراقه ببساطه وكان شيءٍ
لم يكن……. لذا صاحت حنين بغيظ…
“عز احنا مش هنفضل كده شوفلك حل….”
القت عليه نظرة غاضبة….. بينما قال هو ببرود….
“الحل انك تخرجي دلوقتي وتسبيني اكمل شغلي….”
دبت على الارض بقدمها وهي تنظر اليه برجاء لكنه لم يلتفت لها مما جعلها تخرج من المكتب بانهزام
وعيناها غارقة في دموع……..
عند خروجها تركا ما بيده بتشنج وهو يرجع رأسه
للخلف بتعب وجسده باكمله في حالة فوضى
وشوق لها…….
………………………………………………………………
بعد خروجها من المكتب ضاع التركيز لديه وبات لا يطيق الجلوس في مكتبه……خرج يشتم القليل من الهواء المنعش…..فجذب انظاره جلوسها على الحشائش الخضراء جالسه جلست القرفصاء
وامامها طبق كبير مليء بالمانجو…….كانت تاكل
بنهم وهي تبكي !!….
عقد حاجبيه بدهشة وهو يرى دموعها المنهمرة بينما
يداها تدس ثمرة المانجو بفمها……
اطبق عز الدين على شفتيه ومطهما باستياء
ناظراً للسماء وهو يشكي بقلة حيرة…….
“انا كده عرفت…..ان الجوازه دي تكفير ذنوب
عن اللي عملته في حياتي……..”
ثم اتجه اليها وجلس على الأرض جوارها وهو ينظر للامام حيثُ الساحة الخضراء ثم المسبح…….
“ممكن افهم بتعيطي ليه……”
نظرة اليه بحنق……وقالت
“مبعيطش…..عادي…….تاخد مانجا… “مدت
يدها نحوه بثمرة من المانجو……
نظر هو لها وقال بامتناع…..
“مبحبش اكلها كده………بحبها عصير……”
قالت بقلب امٍ…. “تحب اعملك عصير…….”
“لا مش عايز…….”قالها وهو يخرج منديلاً من
جيبه ويعطيه لها……فنظرت اليه باستنكار
قائلة….
“اي ده……”
قال وهو يمسح حول شفتيها بالمنديل قائلاً
ببساطه…….
“تقريباً وشك بياكل معاكي……..”
ابتسمت عنوة عنها وهي تراه يخرج منديل اخر ويمسح عينيها الباكيه قائلاً بحنق….
“ممكن تبطلي عياط…….انتي بتتنفسي نكد…….”
قالت بغيظ منه مندفعه بشكلاً طفولي….
“كله بسببك……….انت اللي بتخليني اعيط…..”
لوى شفتيه باستهجان قائلاً…..
“انتي اللي بتحبي العياط……مستغربك بجد… ”
اطبقت على اسنانها وهي تقول بغضب ممزوج
بالغيرة……
“يسلام……… مستغربني على اساس انك عمرك ما شوفت واحده بتعيط….آآه اكيد الهوانم الاربعه
كانوا فرافيش……..مدلعين الباشا……”
اخرج زافرة واجمه وهو يقول بغرابة من امره
وعلاقته المعقدة معها…… ومع نسائه قبلها…..
“سبحانه الله كانوا مريحني ومدلعني
وطلقتهم…….وجيت عند واحده مبتعرفش تعمل حاجة في حياتها غير العياط وماسك فيها ….حقيقي احنا صنف عايز الحـرق…….نحب اللي يتعبنا ونتعب اللي يحبنا….”
جزت على اسنانها وهي تنظر امامها بكبت
ولم تجد رداً مناسب يخرسه……
بينما قال عز الدين وهو ينظر لجلستها باستنكار…
“قعدي عدل….. القعده دي هتتعب ضهرك وبطنك…”
بدون تعليق تحركت و جلست ممدت الساقين ثم نظرت اليه بطرف عيناها لتجده ينظر لساقاها
الممدة امامها….. والمكشوف نصفها بسبب سراول (الجمبسوت..) القصير…….. لعقت شفتيها وهي
تقول بتردد…
“بص قدامك ياعز……”
حرك حاجبيه وهو ينظر امامه ويبتسم من زاوية واحده بسخرية…….
ثم بدأ الجو اكثر هدوءٍ بينهما والهواء يداعب وجوههم ورائحة الزهور والجو الطبيعي المنعش
اعطى مزيج رائع دافئ مليء بالحنين….. مما جعلها
ترفع ثمرة المانجو اليه بعد ان قشرة احد جوانبها…
انتبه الى ماتفعله فنظر لها مستنكراً فقالت برقة تذيب الثلج…..
“كُل معايا…..طعمها حلو اوي في الاكل على فكرة…. احلى من العصير……”
ضيق عيناه وقال بمرح طفيف….
“انتي شايفه كده……”
اتسعت ابتسامتها بجمالاً وهي توما براسها بسعادة…
وامام عيناها خضع القلب فاخذ منها الثمرة وبدأ باكلها بحرص وصعوبة…. فهو لأول مرة يجرب
اكلها بتلك الطريقة……. لطالما كانت المانجو
ومعظم الفواكه بنسبة له كوب عصير صحي
ليس إلا…….

وامام عيناها خضع القلب فاخذ منها الثمرة وبدأ باكلها بحرص وصعوبة…. فهو لأول مرة يجرب
اكلها بتلك الطريقة……. لطالما كانت المانجو
ومعظم الفواكه بنسبة له كوب عصير صحي
ليس إلا…….
بدأت حنين تتابعه وهي تاكل…. لتجد بذرة المانجو انزلقت ووقعت على بنطاله الثمين…… فانفجرت
ضاحكة…… بينما هو نظر اليها بضيق وهو يحمل
البذرة باطراف اصابعه بقرف ثم وضعها في
الطبق…….
لذا لطخت حنين اصبعها في ثمرة مانجو ذأبه
ثم مررت اصبعها على انف عز الدين وهي تقول باستفزاز……..
“كده عشان يبان انك كلت مانجا….” ثم غمست اصبعها مجدداً ومررته حول شفيته….وهو يرمقها بشرر وتوعد…..بينما هي تقول بهدوء…..
“فين اللحوسه بتاعت المانجا ياعز…..انت بنظام ده هتدخل موسوعة جينس….انا اول مرة اشوف
واحد بياكل مانجا بروقان ونضافه دي……آآه.. ”
تاوهت ضاحكة فحينما كانت تمرر اصبعها حول شفتيه فتح عز الدين فمه وحاول عضها في لحظة
خاطفة لكنها تداركت الأمر وهي تنهض راكضه
من امامهم……
ركض عز الدين خلفها وهو يمسح وجهه بالمنديل
بقرف…
لفت حنين راكضه حول المسبح بينما لحق بها عز الدين وهو يقول بتوعد…..
“تعالي هنا ……عشان احط وشك كله في
قلب الطبق……”
شهقت وهي تضع يدها في خصره ضاحكة….
“يسلام طب وريني كده هتعملها ازاي…..”
قال وهو يقترب منها بتوعد….
“قربي وانا اوريكي…..”
ركضت قبل ان يلتقطها…….
“تعالي ياحنين……الجري غلط عليكي يامجنونة… ”
بالفعل عند جملته وقفت متذكره أمر حملها…..بل ووضعت يدها على بطنها وبدت ملامحها محتقنة
بالالم…….هوى قلبه أرضاً وهو يقترب منها بقلق…
“مالك ياحنين……..بطنك وجعتك…….”
قالت حنين وهي تنحني بتعب……
“اوي ياعز…..ارجع ورا….ارجع ورا… ارجع مش قادره اخد نفسي……..”
بالفعل رجع للخلف خطوتين ليجد في الثالثة قدمه
تنزلق في الأسفل……..ليقع سريعاً في المسبح……
كركرة ضاحكة وهي تنظر له بشماته بينما ممر هو يده
على وجهه المبلل وهو ينظر لها بشر….. قائلاً
بغضب…
“بتستهبلي ياحنين……. طب والله ماسيبك…..”
وجدته يخرج من المسبح مندفع نحوها بقوة صرخت بخوف قائلة……
“عز مكنش قصدي على فكره….. انا فعلا مكنتش قادره اخد نفسي…..” وجدته قارب على الإمساك بها وعيناه تضج شراراً…..لذا افتعلت المسكنة وهي تمسك بطنها بتعب…..
” آآه بطني ياعز مش قادره…… ”
ابتسم هازئاً وهو يجريها في كذبها مدعي القلق….
“مالها بطنك ياعيوني…… وريني كده…..”
فغرت شفتاها بعدم فهم….. “ها……”
“وريني ياعيوني بطنك…….” وجدته يكرر الجملة وهو يحملها على ذراعيه سريعاً بعدما شتتها كما أراد…… صرخت حنين بدهشة وحركت ساقاها
بهلع وهي تراه يتجه بها نحو المسبح….فقالت برجاء……
“لا ياعز….. انا اسفه….. بالله عليك لا…. عز….. انا
حامل…… عز……” صرخت حنين حينما شعرت
بالماء البارد يتخلل بشرتها….
عانقة رقبته بيداها وهي عنوة عنها تقذف مابفمه
من ماء ابتلعته من المسبح على وجه عز
الدين……الذي توسعت عيناه معقباً بتقزز وهو
يمسح وجهه….
“اي ده….. هو الحمل جاي معاكي بقرف…. وهبل وعياط…..”
اومات براسها وهي تعانقه في قلب المسبح…..
قائلة بمكر انثوي…..
“كله من ابنك استحمل…….”
مط شفتيه بعناء حقيقي معها وعقب
على جملتها……
“اديني مستحمل……”
دفنت حنين راسها اكثر في عنقه وهي تبتسم…..
بينما هو لم يقاوم احضانها تلك المرة بل ضمها الى صدره بحنان في قلب المسبح….. فهمست بضعف وهي تجد يده تسير على ظهرها ومنحنياتها بشوق
و رغبة شديدة تشعل جسده…….
“وحشتني……..”
ابتلع عز الدين ريقه وهو يبتعد عنها قليلاً بينما وجهه
ملتصق بوجهها وعيناه العسلية تطوف على ملامحها
وشفتيها باشتياق…….همست حنين امام عيناه
بضعف اكبر وهي تشعر بانفاسه تعانق انفاسها
والعيون في تشابك عاطفي عنيف…….اما عن
القلوب فالخفقات بها تكاد تقتل من شدة قوتها….
“انا بحبك ياعز……والله بحبك……..”
تجرأت وقربت شفتاها منه وبدات في ملامست شفتيه بقبلات ناعمة كلمسات الفرشات…..
بلع ريقه وهو تارك لها حرية التعبير عن مشاعرها
بتلك القبلات الناعمة الهشة الخجولة…….
مررت يدها على عنقه وهي تلامس بشفتيها وجنته هامسة باعتذار وهي تبث حبها بقبلات غير منتهية
من كثرة نعومتها وصدقها…….
“انا اسفه…… اسفه ياحبيبي………..انا بس كنت
خايفه……..”
همس بصعوبة من بين ما تفعله به….ويؤثر عليه بجنون…….
“كنتي خايفه مني…..خايفه مني انا ياحنين……”
قبلة شفتيه وهي تهمس من فوقها بعذاب…..
“غلطه ياعز…..اوعدك مش هتكرر تاني….بس كفاية كده….. انت بتوجعني……..”
نظر لها ورغم التأثير البادي على ملامحه وعيناه
إلا انه عاتبها بوجوم….
“انا موجوع اكتر منك…..موجوع ونفسي انسى كل اللي الهبل اللي عملتيه…..”
قبلة شفتيه مجدداً قبلات سطحية وهي تهمس بنعومة ودلال…….
“عز…..زيزو……انا بحبك……بحبك اوي…..وانت
لسه بتحبني…..صح….بتحبني ياعز…..”
“لا…..”
صدمها بهذا الجواب وقبل ان تترك العنان لدموعها بانهزام وجدت شفتيه الساخنة تعانق شفتيها بقوة بينما يده تجذبها من شعرها بقوة عاطفية محاول بث حبه لها دون أحرف ابجدية سخيفة…..فالافعال في الحب اثرها في القلب باقي مهما قيل من قصائد
واشعار تظل الأفعال اثرها ملموس للروح
والقلب………..
حينما فصل القبلة العميقة القوية التي المت شفتيها
لدرجة انها تاوهت عدت مرات بين يداه ولم يرأف
بها بل تعمق اكثر واقوى وكانه يعاقبها دون كلام
على انها السبب الأساسي في جموحه عليها…..
بعد كل هذا البعاد…….
لم تظن ان بعد تلك القبلة سيحملها خارجاً بها من المسبح الى غرفتها ثم يضعها امام باب الحمام
قائلاً بفتور لا ينتمي لي حرارة قبلته المؤلمه…
“ادخلي غيري هدومك عشان متبرديش…وانا هدخل
اغير هدومي في اوضتي……..”
سالته حنين بتعجب وهي عاقدة الحاجبين…
“اوضتك !!….. انت برضو هتنام بعيد عني……”
تغاضى عن السؤال واشار مجدداً على باب الحمام…….
“ادخلي ياحنين غيري هدومك…..”
مسكت ذراعه وهي تنظر لعيناه بشجن…..
“عز انا كنت فكره ان بعد اللي حصل تحت اننا…
هنرجع مع بعض زي الاول…. ”
نظر للوزتيها الجميلتين والتي تلمع بالحزن ودهشة……فقال وهو يمرر يده على وجنتها برفق…..
“حنين…. كل حاجة مع الوقت بتتنسي…… اديني ودي لنفسك فرصة………واكيد هنرجع زي الأول
ادخلي غيري عشان متبرديش……. وانا هروح
اغير هدومي…. ”
راته يخرج سريعاً امام ابصارها المذهولة…. لماذا هذا الكبرياء…. رغم العشق النابع بعيناه مزال هناك كبرياء لعين يعكر صفو حياتهما…… يبدو انها وصلت معه
لحائط صلب اختراقه يتطلب منها اكثر مما
ظنت…………
في منتصف الليل كانت تتقلب على الفراش بعدم راحه وهي تشعر بنيران الغيظ تحرق صدرها….
فكرة ان يمتنع عن النوم جوارها ويتخذ غرفة اخرى
بعيداً عنها تحرقها على نيران باردة…….هل هي
جرب يخشى على نفسه منه…….
عضت على شفتيها بحرج وعاتبت نفسها عابسه…
فهي أذاقته نفس الشعور حينما اصرت ان ينام
بعيداً عنها في احد الغرف…..بينما هو نام على الاريكة وقتها حتى لا تتأكد اخته في امر
خلافهما……
وفي نفس اليوم تتذكر جيداً انه كان يروي ظما عطشه كاي رجل من زوجته وحبيبته لكن هي
يومها سحبت نفسها من بين يداه وقابلته بالرفض
والنفور الذي يصيب اي رجل في مقتله……
كيف كانت قاسية بهذا الشكل وكيف سمحت لنفسها
ان تكون لعبه بين يدي ميرال…والاهم كيف تتنازل عن حقها فيه وكيف تدمر بيتها بهذا الشكل المخزي…
كيف كانت بهذا الغباء……وكيف عفى هو وتغاضى
عن كل هذا في سبيل الحب والادمان عليها…..
كان دوماً يحارب بصدق لأجل نجاح تلك الزيجة… بينما هي كانت تحارب دائما وأبداً لافساد تلك الزيجة بكل ما تحمله من حب ومشاعر صاخبة…..
زفرة بعذاب وهي تنهض عن الفراش… ثم ارجعت شعرها للخلف وهي تسير حافية القدمين على الارض
الامعة بينما كانت ترتدي في الاعلى قميص نوم قصير باللون السكري…… كان قصير وناعم على جسدها……..
فتحت باب الغرفة واتجهت للخارج حيثُ الغرفة الماكث بها عز الدين……
اطرقت على الباب بخفة وهي تنادي على اسمه بعذوبة……فاتاها رده الرخيم……
“ادخلي ياحنين……”
وكانه القى تعويذة غراميه عليها…..اغمضت عينيها وخفق قلبها وهي تفتح الباب…….
حينما ابصرته كان ممدد على الفراش عاري الصدر ببنطال بيتي….همست حنين وهي تنظر لعيناه
بشوق…..
“ممكن انام جمبك……”
كانت تظن انه سيرفض او سيرد ببرود…لكن ما فعله صدمها….فقد مد ذراعه لها قائلاً بحنان……
“تعالي……ياعيوني…..”
نزلت دموعها وهي تدفع جسدها لاحضانه لتجده يضمها بقوة وهو يتأوه بتعب هامساً بنبرة حارة…
“لو كنتي اتاخرتي دقيقتين بس….كنتي هتلقيني عندك…….”
دفنت وجهها في صدره وهي تهمس باعتذار….
“انا اسفه…….”
مرر يده على كتفها وهو يعتذر بصعوبة بالخطأ
الواقع عليه منذ البداية….ولولا عناده وتصلبه معها
لكان انقذ علاقتهما ولم يصل معها لتلك النقطه المؤلمة……….
“انا اللي غلطان من الاول ياحنين…..كان لازم افهمك
من الاول….بس غضبي عماني….حقك عليا…..”
قبلها من قمة راسها ثم دفن انفه في شعرها وهو
يضمها اكثر بين ذراعاه القويتان محاول اشباع
شوقه من ضمها لصدره…….همس بخفوت اوصل
رجفة الرغبة لجسدها بضعف…..
“وحشتيني ياحنين……وحشتيني اوي…..”
رفعت راسها ونظرت له بعيناه الباكية وهي
تساله بتردد……
“بتحبني ياعز…….”
تأتا بشفتيه بنفي مما جعلها تنظر اليه بصدمة ممزوجه بالوجع لتجده يبتسم تلك الابتسامة التي تزيد وسامته أضعاف مضاعفه…….وهو يمسك
ذقنها قائلاً بحرارة…..
“انا بعشقك ياعيوني…….عارفه يعني اي بعشقك…”
هزت حنين راسها بغباء وهي تنظر لعيناه العسلية بهيام…..لتجد ابتسامته تزيد عبساً وهو يلامس
شفتيها بشفتيه قائلاً……
“هقولك……….”
شعرت به يداهم شفتيها بقوة في قبله تبث عشقه واشتياقه لها……..غرزت اصابعها في شعره وهي
تتأوه باسمه بضعف……بينما هو جن جنونه وهو يجذب جسدها الناعم اكثر لاحضانه…….
خلال لحظات قليلة تحولت القبلات العنيفة المتبادلة لعاصفةٍ هوجاء قويه لفت كلاهما بجنون معها…….
وقتها تعلق كلاً منهما بالاخر يبثه عشقاً واشتياقاً
فاق حدود احتمالهما………..
تاوهت حنين بضعف هائمة بين احضانه وهي
تسمعه يقول بحرارة……
“كل حاجة فيكي وحشتني ياحنين…..”وجدته يلثم عنقها وهو يهمس بحرارةٍ……..
” انتي اجمل واحده قبلتها…..اول واحده خطفت قلبي وخلتني ادمنها…..واعشق قربها……بحبك ياحنين……. بحبك ياعيوني…. ”
لم تتوقف شفتيه بل ازدادت انهمار على حنايا وجهها وشفتيها……وهو يهمس بالكثير والكثير عن عشقه لها وادمانه بها وتاثيرها القوي عليه…….حتى خفقات قلبه كانت جنونية تضرب كفها الموضوع على صدره لتاكد
وثيقة موثقة عن عشقه الجنوني لها……
…………………………………………………………….
تمايلت في الفراش بتعب كقطه اتعبها الدلال….
مررت يدها جوارها فوجدت الفراش خالي…
فتحت عيناها ببطئ وهي تبحث عنه بين أرجأ
الغرفة……..خفق قلبها للحظة بحماقة وهي تحاول
التأكد من ان ما عشته ليلة امس كان واقعاً وليس حلم……
سحبت نفسها بارتياح وهي تلقي جسدها على الفراش مجدداً ناظرة للسقف وهي تبتسم
ببلاها……
ماذا حدث أمس……قد جنت وجن معها ولفت بهما دوامه قوية تحمل مشاعر جامحة لكلاً منهم……
عضت على شفتيها وهي تتذكر تلك الليله
الجامحة………وممارسة الحب معه بعد الفراق لهو أجمل للذة حصلت عليها منذ فترة طويلة منذ ان
تركت للشياطين حرية العبث في حياتهما
وتركت لضعفها ومخاوفها القيد الذي يحرك
مصائر كلاهما……
وضعت يدها على بطنها وتحسست اياها وهي تنظر
للسقف بعمق نظراً وتفكيراً……
اليوم لن تسمح لنفسها أولاً ثم لاي شخصاً آخر انتزاع
حياتها منها…… مهما كلفها الأمر يجب ان تكون اقوى
واصلب في حربٍ العدو الوحيد بها هو نفسها الضعيفة……..وثقتها المهتزه……
يجب ان تكون زوجة صامدة وام قويه…. فمن يسكن بين احشائها الان ينتظر حياة مثالية واسرة…اسرة كاملة ينتمي لها…..هذا حقه يا حنين…..لا تنزعي
حقه منه بغباءك وتسرعكِ رجاءاً…….لا تفرقكِ بين
أب و ابنه ولا تكوني سبب في مرارة الهجر بينكما
فانتِ جربتي عذاب الفراق وشعورك من بعده لم
يكن سواء الندم…….وهو كذلك الامر…. تعقلي
رجاءاً فرص الحياة واحده……..والحب واحد….
وانتِ هائمه بحبه كما حالة عاشق لكِ وبجنون
فماذا تريدين أكثر من ذلك ؟!………
حركت راسها للناحية الاخرى وهي تنظر لباب الغرفة
المغلق هل خرج مبكراً وتركها دون حتى ان
ييقظها……
تخللت اصابعها شعرها وهي تعود للسقف حالمة في البعيد بخيالها الذي يتذكر كل ماهو واقعي في ليلة
أمس………
صدح هاتفها جوارها فعقدت حاجبيها فهي لم تدخل
الغرفة به……… اخذته من جوارها ثم نظرت للشاشة المُضيئة لتجد اسمه ينير هاتفها……
ابتسمت وهي تضع الهاتف على اذنها قائلة بصوتٍ
خافت رقيق…….
“انا زعلانه منك……”
وصلتها ضحكة رجولية خافته خفق قلبها معها
وهي تسمعه يقول بمداعبة……
“انتي علطول زعلانه مني…. نفسي مرة تكوني راضيه عني…….”
تبسمت شفتاها وقالت…..
“ممم راضيه طبعاً عنك……. بدون شك……”
اتى صوته الوقح……
“عارف كان باين عليكي اوي امبارح…..”
همست حنين بدلال…..
“عز…………. آلله……”
عقب عز الدين بمداعبه وهو يضحك….
“آلله !!…………… وحشني دلعك ياعيوني……”
برمت شفتيها وهي تعاتبه….
“لو وحشتك كنت صحتني من النوم مش اقوم ملقاكش جمبي…….”
زفر بوجوم مبرراً……
“غصب عني عندي شغل…. وكذا اجتماع مهمين النهادرة…..”
عبس وجهها وهي تساله بتردد…..
“اوعى تقولي انك مش هتحضر معايا كشف الدكتوره……… عز انا عايزك تيجي معايا…..”
اوما بصوتٍ حاني وبملاطفه قال….
“اكيد هاجي معاكي…. انا طلعت بدري عشان الحق اخلص وروح معاكي…. قوليلي الكشف امتى….”
نظرت للمنبة الموضوع على المنضدة ثم اجابته بحماس……..
“الساعه اربعة العصر…… يعني كمان تلات
ساعات…… هتلحق…….”
صمت قليلاً ثم اوما بانصياع قائلاً…..
“هلحق ان شاء الله وهاجي اخدك من قدام الفيلا
الساعة تلاته ونصه……… اتفقنا……”
اومات وهي تقول بصراخ جنوني مفعم
بسعادة…..
“اتفقنا…….انا مبسوطه اوي…….. بحبك ياعز…”
ضحك عز الدين قائلاً بحبٍ
جارف…..
“وانا بعشقك ياحنيني……..”
قالت حنين سريعاً……
“انا هضطر اقفل معاك عشان اخد دش كده وانزل افطر ويدوبك احضر نفسي واستناك……واعى
تتاخر……”
اتاها صوته الحاسم قائلاً بعمق…..
“مش هتاخر تلاته ونص هتلقيني عندك……يلا
باي ياحبيبتي….. ”
أغلقت الخط بعدها وهي تنهض من على الفراش
تلف الغطاء حول جسدها وهي تتجه للحمام……
…………………………………………………………….
نظرت في ساعة معصمها التي تشير للخامسة
مساءاً……زفرة بوجوم وبوادر الحزن اشتبكت
بعينيها البنية…….
اسبلت جفنيها وهي تتحسس بطنها ثم نظرت مجدداً
لباب غرفة الكشف الطبي ثم لممر العيادة الجالسة
بها على أحد المقاعد…….
وعدها انه سيصطحبها للعيادة بنفسه….لم يوفي بوعده كعادته…..ثم ابلغها بعدها انه سيقابلها في العيادة وعليها ان تنتظره هناك……..
نظرت امامها بحزن قاربت على الدخول ولم ياتي
بعد……قد اتى دورها اكثر من مرة وقد امتنعت
ودخلت امامها اكثر من خمسة نساء حوامل يتم
فحصهن ويخرجا مبتسمين وجوارهن أزواجهن
ممسكين بيدي بعضهما والفرحه ترقص في
عيونهم……..
رفعت عيناها على المرأة الجالسة امامها…كانت
حامل في شهرها الأخير….وكان زوجها جالس جوارها يمسك بيدها ويتحدث معها بحنان
واهتمام مبالغ فيه……..وهي تبتسم تاره وتتكأ
على كفه بوجع تارةٍ اخرى وكانها قاربت على الولادة…..
اسبلت حنين جفنيها بحزن…..هل سيكون معها يوم الولادة ام سينشغل عنها كما انشغل اليوم وتركها
وحدها……..
انتبهت الى خروج الممرضة التي اشارت لها بدخول
قائلة بلطف…..
“الدكتوره في انتظارك يامدام حنين……”
اومات حنين براسها وهي تنهض عن مقعدها ثم
اتجهت للباب وقبل ان تدلف للغرفة تراجعت في لحظة الأخيرة وهي تقول بخفوت وحرج……
“مش هينفع النهاردة…..هاجي للدكتورة مرة تانيه….”
عادت ادراجها وهي تخرج امام ابصار الممرضة المندهشة من امرها……
حينما خرجت من المبنى نزلت دموعها وهي تنظر للسماء بيأس…….
تحركت وعدلت الحقيبة على ذراعها وهي تتجه للسائق الواقف امام السيارة ينتظرها….حينما
وصلت اليه قالت بهدوء……..
“خليك هنا……محتاجه اتمشى شوية على رجليه….”
بعدها استدارت وسارت في الشارع الأنيق بين العمائر الشاهقة الفخمة و اشجار الورود التي تصف
امام كل بنايه بجمالاً لتعطي منظر بديع اكثر منه
راقي………..
كانت تسير محاولة السيطرة على احزانها وكبح غضبها نحوه….فهي وعدت نفسها انها ستكون
اقوى من ذي قبل……..لكن عنوة عنها قدرتها محدودة
وتحملها ضئيل خصوصاً معه……تثور وتجن وتلبس
ثوب الحماقة وتفسد كل شيء…..لا تود ان تفسد كل
شيءٍ لكنها غاضبة…….غاضبة جداً….هل العمل اهم منها ومن ابنه……تود ان تعيش تلك اللحظة معه
تغرق في اهتمامه ويلاحقها كظلها في تلك الاشهر
مهتم بكل تفصيلة تخص ابنهما…..إنهُ الاول لماذا
يتهاون في الأمر وكانها انجبت له عشرون
طفل قبله…..ومافي بطنها لا يشكل فرق
معه ؟!….
سمعت صوت سيارة تمر بجوارها لم تكلف نفسها
بنظر….فقد كانت شاردة غاضبة…..لكن سائق السيارة
انتبه واوقف السيارة وخرج منها……عاقد الحاجبين
منادي عليها وهو يلاحقها في الخطى….
“حنين……”
خفق قلبها وانتبهت أخيراً لوجوده فاستدارت ناظرة اليه وقد لمعة عيناها بدموع حينما رأته…….
كان صادق وسيظل صادق في تلك النظرة…انها شفافه وحزنها يظهر للاعمى وغضبها يلمع في
عيناها رغم خضوعها امامه واقفه تنتظر اقترابه
منها…
حينما اقترب عز الدين منها مسك ذراعيها بين
يداه سائلاً بقلق…..
“بتعيطي ليه…….”
ضربته في صدره بانفعال ونزلت دموعها وهي
تحاول التملص من بين يداه بتشنج…….ضحك
عز الدين وهو يسحبها لاحضانه معتذراً….
“خلاص يامجنونه حقك عليا….غصب عني والله
الاجتماع كان مهم….ومكنش ينفع الغيه…”
حاولت الافلات منه قائلة بتشنج…….
“الشغل والاجتماعات اهم مني ومن ابنك……ابعد عني ياعز…….”
ضمها لاحضانه قائلاً بصوتٍ حاني عميق…..
“مش اهم ياعيوني……انتي وهو اهم حاجة عندي في الدنيا…………خلاص بقا ميبقاش قلبك اسود…… التاخير ده كان غصب عني والله……خلاص ياعيوني………”قبل وجنتها من الجهتين ببطئ وحرارة فضربته في ذراعه قائلة بحرج…..
“احنا في شارع غلى فكرة…….”
حرك حدقتيه قائلا بمكر……
“قولي لنفسك حد يعاتب حد في الشارع….قوليلي
كشفتي ولا لسه…….”
ردت بضيق….. “لسه…..”
مسك كفها واتجه للناحية الاخرى حيثُ مبنى
عيادة الطبيبة ثم قال……
“طب كويس….لحقتك برضو……يلا بينا نطلع…..”
زمت حنين شفتيها بحنق منه
وقالت……
“على فكرة انا اللي اخرت نفسي…..”
اجابها باستفزاز…. “شطورة…….”
ضربته في كتفه وهي تقول من بين اسنانها
بغيظ…..
“انت مستفز……..”
نظر للفستان الانيق التي ترتديه ثم لشعرها المتدلي
بتهذيب خلف ظهرها ثم لعيناها البنية الامعة
و رد عليها بعدها بنبرة مداعبة….
“وانتي قمر…….. اي الحلاوة دي…….”
عضت على شفتيها ضاحكة….لتجده يعانق خصرها
بذراعه مقربها منه أكثر هامساً ببحة عميقة….
“بحبك…..”
كانت ممدة على سرير الكشف حينها وضعت
الطبيبة سائل لزج على بطنها ثم بدأت بوضع جهاز
السونار……ثم بدات بتمريره على بطنها وهي تشير
للشاشة الكبيرة امامهم…..قالت الطبيبة بابتسامة
لطيفة…….
“الحمدلله الحمل تمام ومفيش اي مضاعفات…والنونه
تقريباً ولد….هنتاكد اكتر الشهر الجاي……”
اتكأ عز الدين على يد حنين وهو يبتسم فبادلته هي الابتسامة قائلة بحب…..
“نفسي يطلع شبهك……..”
داعبها بعيناه التي تلمع بالحب وقال…..
“بس انا عايزه يطلعلك في كل حاجة إلا العياط…”
فلتت من بين شفتاها ضحكة خافته وهي تنظر لشاشة بحنان الأم واللهفة تبرق في عيناها
الجائعة لمشاعر الامومة………
تحكي عن شوق أم تنتظر مرور الأشهر القليلة
حتى تسنح لها الفرصة بحمل رضيعها بين
يداها كي تشبعهُ حبًا وحناناً وقبلات غير
منتهيه……
مالى عز الدين عليها وطبع قبله فوق جبهتها
وهو يتمم المباركة لها التي تأخرت اكثر من
الازم……
“مبروك ياعيوني……..عقبال مايبقى معانا…”
انها تلامس نجمة من السماء…..حقاً تتمنى ان تقف الحياة عند تلك اللحظة فالمشاعر بها أجمل وادفئ
مما ظنت……..
……………………………………………………………..
قد ترك له ماندو الغرفة وذهب لاحد سهراته الليليه……اما هو فمكث على الاريكة ينفث من السجار المحشو يحرق صدره وهو يجلس جوار صديقه كرم الذي اتاه سريعاً بعد ان اتصل به واخبره ما حدث معه….
ارجع أحمد شعره للخلف بقوة يكاد يقتلعه وهو يتمتم بتشتت…..
“انا مش عارف اعمل إيه….. انا هتجنن….. معقول
يكون مد ايده عليها وسمر مخبيه عني……”
مط كرم شفتيه وهو يكمل وصلت التقريع
نحوه…
“يعني حتى لو مد ايده عليها هتعمل إيه…. دا في مقام اخوها الكبير…. واي حد مكانه هيعمل اكتر من كده………. انت غلطان برضو من الأول….. ياخي كنت
حتى احترم النسب اللي بينكم عشان خاطر اختك…”
تشنج احمد ولوح بيداه قائلاً بنزق…..
“جرالك اي ياكرم…. انا جايبك عشان تحزني وتبكيني اللي حصل بقا…… انا بحبها ياكرم بحبها…… ومقدرش مكلمهاش ولا اتواصل معها…….”
هز كرم راسه بغيظٍ منه قائلاً…..
“ودلوقتي عارف تتواصل معاها…. كلهم عرفوا اللي بينكم……… قولي حاولت ترن عليها على التلفون…”
ارجع أحمد راسه للخلف وهو يسحب من
سجارته بضياع……..
“رنيت من خط قديم……. لقيته مقفول…….”
رد كرم باستياء…..
“يبقا اكيد سحب منها التلفون……”
سحب احمد من سجارته مجدداً بغيظ وهو
يتمتم من تحت اسنانه……
“اعمل إيه……….. مش عارف دماغي هتفرقع…..”
سحب كرم السجارة من فم احمد ودسها في
المنفضه وهو يقول بازدراء…
“بطل القرف اللي بتشربه ده…. ارحم نفسك……. فوق شوية عشان نشوف هنعمل اي في العك اللي عكيته……..”
برر سريعاً لصديقة بحسن نيه…..
“يابني انا قولتله اني بحبها وعايز اتجوزها…..” ثم
اشار على نفسه وهو يقول بعصبية….
“يقولي انت حشاش…. وعيل انا عيل ابن
ال*****…….”
زفر كرم وهو يسمع سبه للمرة المليون في ابراهيم………فقال بملل منه…..
“يابني لسانك مش كده….. وبصراحة بقا عنده حق
انا لو في مكانه مش هطلعك على رجلك….”
احتدت عينا أحمد وهو ينظر لصديقه
بتهكم…
“واضح ان انا جايبك عشان تحط عليا مش
تحلها معايا…….”
نظر كرم لمكاناً اخر وهو يفكر بصوتٍ عالٍ
معه…
“هحلها معاك إزاي…. مانت بتقول تلفونها مقفول….
لو نعرف حد يوصلنا ليها تكلمها وتطمن عليها بنفسك…….”
تمتم أحمد مفكراً…….
“ايوا احنا عايزين حد نعرفه كويس يوصلنا بيها….
بس مين هو…………” توسعت عينا أحمد فجأه
وهو ينظر نحو كرم بقوة…. بينما ارتعد كرم
بتوجس قائلاً……
“بتبصلي كدا ليه…… اكيد مش انا…….”
هز احمد راسه مضيف
بجدية…
“لا مش انت……… نور……”
عقد كرم حاجبيه بتعجب…..معقباً…..
“نور…… نعم اي دخل نور في الحوار ده….
مالها نور باللي بينك وبين حبيبة…..”
مالى في جلسته محاول اقناع صديقه
بهدوء….
“ياكرم افهم لو نور راحت زارت حبيبة بحجة انهم صحاب وراحه تطمن عليها هعرف اكلم حبيبة من تلفونها وطمن عليها…….”
ساله بحيرة…والغيرة تلمع في عيناه…..
“ومين بقا اللي هيكلم نور ويرسيها على الحوار…”
نظر له أحمد بطرف عيناه….. فقال كرم
بحنق…
“انا………. لا انسى…….”
اقنعه أحمد بهدوء….وهو يمسك معصمه…..
“رقمها معايا…… هرن عليها من عندي تاخد التلفون وتتعامل انت معاها……”
نفض كرم يده وهو يقول باستهجان….
“روح كلمها انت………..مليش دعوة بيكم…. ”
ضيق احمد عيناه متسائلاً…..
“يعني مش مضايق اني هكلمها……انا قدرتك الاول وقولتلك خد انت كلمها……. مترجعش تزعل…..”
حينما لم يجد رداً منه مسك الهاتف واتكا على الشاشة وبسهولة واخرج رقم نور ثم اجرى اتصال بها….
وحينما وضع أحمد الهاتف على اذنه
غار كرم فجأه واندفعت الدماء براسه ثم
نزع الهاتف قائلاً بخشونة….
“انا اللي هكلمها……… وبعد مقفل معاها تمسح ام رقمها من عندك……”
عقد أحمد حاجبيه قائلاً باستهانه…..
“انت اهبل اي يعني لو رقمها معايا… ماهي اللي ادتهوني……وبعدين لما بعوزها في حاجه ضروري
برن عليها……صفي النيه شوية…….”
جز كرم على اسنانه حينما فتح الخط على اذنه وهمست نور بصوتها الناعم…..
“هاي يا احمد………… اي الأخبار………”
ابتعد كرم عن المكان خارجا من الغرفة البسيطه
الى السطح…….ثم حدثها بعصيبة….
“معاكي كرم ياستاذه نور……ياللي بتوزعي رقمك
على الشباب……”
خفق قلبها من الناحية الآخرى بلهفة لكنها تلاشت مشاعرها وهي تركز على هجومه المبالغ فيه…
“انت بتقول اي يا كرم……..وزعت رقمي فين
انا……..”
صاح ثائراً بجنون…..
“رقمك بيعمل اي في التلفون أحمد…..”
ردت ببساطه بها لمحة قوية من الجرأة…..
“عادي يعني اي فيها….احمد زي اخويا….مفهاش حاجه لو معايا رقمه اطمن عليه….وبعدين انا طلبت
رقم تلفونك قبل كده وانت اللي رفضت….مضايق
لي دلوقتي……”
اصبته الدهشة وهو يسالها
بتجهم…….
“نور انتي واعيه للهبل اللي بتقوليه…..”
قالت بهدوء محاولة توضيح وجهة نظرها….
“اي الهبل اللي انا بقوله…….انت غريب اوي على
فكرة….الموضوع عادي…… مش معنى اني معايا
رقمه اني اكون بحب فيه وبتواصل معاه كل يوم………”
اشتعل صدره كأتون متوهج ثم اندفع
بغيرة……
“تعرفي انك عايزه حد يربيكي…….”
قالت نور بجسارة….
“في انتظار علاء الدين……….”
حينما صمت بغيظ من تلك الجرأة التي تحيا بها سمعها تضحك بجمالاً ناعماً وراقي ككل ما بها….ثم حينما تلاشت ضحكتها سالته بهدوء…….
“ممكن اعرف كنت عايزني في إيه……”
ارجع شعره المجعد الغزير للخلف وهو يخبرها
بحرج بعدما تذكر الموضوع الاهم……..
“حبيبة……”
عقدت حاجبيها متسائلة…..
“مالها حبيبة…..انا برن عليها من الصبح تلفونها مقفول…….”
اخبرها كرم بوجوم……
“الموضوع ان….اهلها عرفه انها بتكلم احمد…وسحبه منها التلفون و…..وتقريبا ممكن يكون مدوا ايديهم عليها……..”
قالت نور باندفاع وحزن على صديقتها….
“اي التخلف ده…..واي فيها يعني هو الحب حرام…”
لوى كرم شفتاه هازئاً……
“واضح ان كل حاجة عندك عادي…..”
اغتاظت نور منها فقالت بجدية صارمه…
“لا طبعاً في حدود في اي علاقة حتى لو كانت حب…..بس هي معملتش حاجة غلط عشان توصل انهم ياخدوا تلفونها ويضربوها……دي بنادمه مش بهيمه….وبعدين لو حبيبة دي ولد وعمل كده…هيعمله
فيها كل ده……بالعكس دول هيعملوا نفسهم مش واخدين بالهم…….”
رد كرم مبرراً…..
“الراجل راجل وست ست…..”
“دا كلام الناس الجاهله…..” ثم شعرت بتسرع في
الرد فاعتذرت بحرج…… “سوري ياكرم….بس انا
مبحبش الجمله دي……”
تحدث كرم بوجوم وعقلانيه……
“حبتيها او محبتهاش….دا المجتمع اللي عيشين فيه……..اسمعي يانور سمعت البنت هنا زي عود الكبريت……لو النار لمسته ملوش قيمه…لازم البنت تحافظ على نفسها سمعتها وحياتها…ومتسلمش
قلبها غير لجوزها……..انا مش برمي الغلط على
حبيبة بس احمد كمان غلطان وبيستهبل بس
هنا الغلط كله بيترمي على البنت واهلها…احنا
المفروض نحمد ربنا ان اللي عرف الحوار ده بس
ابن عمها مش اهلها وشارع اللي عيشين فيه……
قدر ولطف………..”ثم صمت قليلاً قائلاً….
“نور احنا عايزينك تروحي تطمني عليها ولو عرفتي
تخلي احمد يكلمها من على تلفونك للمرة الاخيرة
اعملي كده…..هو عايز يطمن عليها……باي طريقه…
خايف يكون ابن عمها اتغابى عليها وضربها….”
اتى صوتها المتفاهم وهي تقول
بهدوء….
“اوكي……….هروحلها بكرة وطمنه عليها………”
ساد الصمت قليلاً بينهما لياخذ كرم انفاسه
بتوتر قائلاً بهدوء…..
“نور انتي كويسه……”
ابتسمت وهي تعبر عن مكنونات مشاعرها
ببساطه…
“لم سمعت صوتك بقيت كويسه اوي…..”
همس بصوتٍ يحارب مشاعره وشوقه لتلك الاميرة الصغيرة صاحبة الشعر الاسود الناعم والطويل……
“نور……..”
اتى صوتها الهادئ ببراءة….
“سمعاك يا كرم…….”
قال بتردد….. “لازم أقفل……..”
اومات من الناحية الاخرى بتفهم…لكنها
سالته بتردد……
“تمام……….هو انا ممكن اطلب منك طلب…..”
رد سريعاً وكانه يعلم ماذا
تريد…..
“لا………. لا يا نور…..”
عضت على شفتها وهي تبرر
الامر…..
“مفيهاش حاجه يا كرم لو اتكلمنا……..”
قال كرم بصوتٍ صارم……
“فيها اخوكي صاحبي….وانتي زي اختي الصغير…”
اتى صوتها الحانق……
“اها عشان كده خايف تطمن على اختك الصغير…
اوكي يا كرم……….زي ما تحب……….باااي……”
اغلقت الخط دون ان تنتظر رده….. معبره عن غضبها بتلك الطريقة…… مما جعله يزفر بكبت وهو يحاول
تهدأت مشاعره الثائرة بجنون بعدما سمع
صوتها الناعم الجميل الفاتن…….
آه يانوري لماذا انتِ جميلة لدرجة تربكني وكاني قديسٍ لم يعبث يوماً مع جنس حواء…….
………………………………………………………………
كانت جالسة على الاريكة ضامه ساقيها لصدرها محاولة نسيان خوفها من أمر تهديده لها
صباحاً…… الصداع يتافقم في راسها من كثرة
التفكير…….
لأول مرة تراه هكذا كان همجي بشكلاً لا يصدق…
تهجم على ابنة عمه ولولا وقوفها بينهما لكان
ابرحها ضرباً…….هل جن كان ممكن في نوبة
غضبه تموت الفتاة في يده……..
المشهد لا يفارق عقلها غير مصدقة انقلابه بهذا الشكل……..هل عند نوبة غضبه يكن بهذهِ الوحشية
لوهلة ارتعبت منه….لكن قلبها المدله بحبه اعطاه الف عذر……..هي أخطأت في اخفاء الأمر عنه……لكن
ماذا كانت ستفعل قد تحدثت مع جوزين الكناري سبب كوارثها الآن……..وكلاً منهم برر الأمر بانهنا اصدقاء وليس بينهما ما يدعي الريبه…..وعلى
الرغم من ذلك تركت الامر مفتوح ولفتها دوامة زواجها من ماهر وتليها الاحداث الاكثر صعوبة وتناست أمرهما بتدريج………
يحق له الغضب منها….لكن يعطي للأمر اكبر من جحمه يجب ان يعذرها هذا اخيها لن تسلم رقبته
له……..ستصل معه لنفس النقطه…….ان علم منها
او علم بتلك الطريقة………سيثور غضباً وياكل
الأخضر واليابس كما فعل…….
دب الرعب في قلبها وهي تسمع صوت خشخشة المفاتيح ثم يليها فتح باب الشقة…….
ظلت جالسه مكانها بانتظار العاصفة الترابية التي ستعمي عيناها وتخنق انفاسها……..
دخل الشقة بخطوات هادئه…..ثم القى نظرة عليها
ولم يكلف نفسه بالاكثر بل اتجه لغرفتهما….
رفعت حاجبها وهي تمتمت بارتياب……
“شكل الجاي كله سواد فعلاً………..” ثم لوت
شفتيها وغمغمت بتوعد انثوي…….
“اللهم طولك ياروح……….لو فضلت على الحال دا يابراهيم هعملك بمعاملتك……..وهتتعب والله
في الآخر…….مش سمر اللي يتنفضلها….. ”
انكتمت سريعاً حينما وجدته يخرج من الغرفة
وقد احضر ملابس بيتي مريحة له ثم اتجه بها
للحمام بنفس الصمت الذي يستنزف صبرها……
بدات في تقليم اظافرها باسنانها بغيظٍ متمتمه…
“طلع هدومه لوحده….وهيحضر الحمام بنفسه…
على كده مش هيرضى ياكل……دا واضح ان قالب
عليا بجد……. مش كلمتين في ساعة غضب…..”
جزت على اسنانها وهي تنتظره على احر من الجمر
وقد بدات في الانفعال وبد هذا على ساقاها التي تهتز بقوة غير مسيطرة على اضطرابها الملموس…
حينما خرج أخيراً من الحمام اتجه بعدها بهدوء لغرفة الأطفال واغلق الباب عليه………
اغمضت عينيها بقوة لثوانٍ ثم فتحت عيناها وهي تنهض ناويه على الشر معه…. فما ذنبها هي حتى
يتجاهلها بتلك الطريقة المزعجة المهينة لروحها
المتمردة………..
بدون الطرق على الباب فتحت بقلة تهذيب ودخلت الغرفة لتجده ممد على السرير الصغير منشغل في الهاتف……..
صفقة الباب خلفها بقوة حتى ينتبه لها… لكنه كان بارداً هادئاً…. وهو يطردها….
“اطلعي برا ياسمر…….”
همست ذاهله…. “نعم……”
تجنب النظر إليها رغم انها كانت ترتدي منامة
تقريباً محتشمه عن ملابس العروس التي
اتحفته بها طوال هذا الشهر…….تماسك برابطة الاجش وقال بصرامة…….
“اسمعي الكلام واطلعي برا………عشان متجنش عليكي…….”
فغرت شفتيها قائلة ببراءة……
“تجن عليه……… عملت اي لده كله انا……”
مسح على وجهه وهو يهرب من عيناها قائلا
بنفور………
“اطلعي برا ياسمر……. عدي اليلادي على خير….”
سالته وهي متسمرة مكانها….
“انت هتنام هنا يابراهيم…..”
رد عليها بجفاء…..
“ايوا هنام هنا…….. عند سيادتك مانع…..”
قالت بصوتٍ مغوي……
“ايوا عندي مانع…. عيزاك تيجي تنام في حضني…”
خفق قلبه بعد جملتها لذلك اشتعلت عيناه بغيظٍ منها
وهو يراها تتلاعب به….. مخادعه قطعة السكر…..
كل النساء مخادعات جميلات….. لكنكِ من بينهن
فذة أشد خداع و أشد فتنة واكثرهن قوة…….
ودليلاً على كلامي ان عيناكِ السوداء الامعة
تبرق باغواء وتراهن بحماقة على خضوعي
اليكِ…..
ما حذرتي ياشرسة يامخادعه انني لن ارضى حتى
ان كانت المكافأة النوم بين احضانك الدافئة…..
“انا هنام هنا…….. روحي نامي في اوضتك…..”
نظرت له بانزعاج…..وسألت….
“يعني كمان مش هتاكل…..”
صاح بانفعال غريب….
“لا مش هطفح……. ممكن تخرجي وتسبيني…..”
لمعة عيناها بتحدي وهي تقول بصلابة…..
“انا لو خرجت من هنا يابراهيم هاخد بعضي وروح عند امي…. وانت حُر بقا……”
“اااااااايه……” قالها وهو يقطع المسافة بينهما في لحظة ويحتجز جسدها خلف الباب المغلق….ثم
سند كف يده على الباب جوار وجهها وهو يميل
عليها بشرٍ متسائلاً…….
“هتروحي فين ياسمر………”
بلعت ريقها بخوف وامام حضرة حضورة الطاغي وضخامته انسبت الشجاعه من بين يداها وذاب التحدي امام نظراته القوية…….
حاولت افتعال المسكنة ممثله البكاء وهي
تقول بصوتٍ باكي…
“مانت برضو بتعاملني وحش يابراهيم….. دخلت
البيت مرمتش السلام عليا حتى وكاني شفافه قدامك…… حتى دخلت جبت هدوم من جوا
وخدت دش وطلعت برضو شوفتني ولا كانك شايفني وفي الآخر تقولي هنام هنا ومش عايز
اكل…. لا وبتطردني من الأوضة……. اسميه
اي ده…..”
استفزته وكانه هو المذنب فصاح وهو يضرب
الباب جوارها بقوة افزعتها……..
“سميه انك غلطي…. غلطي وكنتي مستغفلاني…
لا واخوكي ركبلي قرون بعد ما حضرتك دريتي عليه…….. بالله عليكي مفكرتيش للحظة في البلاوي اللي ممكن تطلع بين اتنين مراهقين بيحبوا في بعض في التلفون……..مفكرتيش ان ممكن اخوكي يضيع
البت في اي لحظة……. حبيبة عيله ياسمر….. وانا واثق انها اول مرة تكلم مع شاب…… واخوكي من
غير مانتي تقوليلي صايع وبتاع بنات ومقضيها مع
اي واحده شوية…….بيضحك على اي بت بكلمة حلوة عشان يوصل للهو عايزه…..”
نظرت له بصدمة قائلة باندفاع……
“احمد مش كده يابراهيم وحبيبة محترمة….. و…”
قاطعها بصرامة قائلاً……
“حبيبة محترمة….مشكلتها انها طيبة بهبل….
واي بنت من النوع ده بيبقا سهل اوي يضحك
عليها……… ولي زي اخوكي بيعرفوا يصطادو
كويس اوي النوعيات دي عشان تبقى سهله لما
تيجي رجليها……..”
لوحت بيدها وهي تصيح بنبرة فولاذية صلبة…..
“انت مش ملاحظ انك بتهين اخويا… وبتظلمه… أحمد بيحب حبيبة…..اقسم بالله بيحبها…..”
نظر ابراهيم لها بقوة قائلاً بحزم….
“اللي بيحب بجد…. بيحب النور مش الضلمه…. ومتنتظريش مني احترم واحد غفلني ودخل
بيتي من ورايا وحط عينه على اهل بيتي….
ولا احترام نسب بينا ولا حتى عمل اعتبار
للعيش والملح اللي كان بينا…….”
بررت سمر بحرج…….. “أحمد لسه صغير……”
رمقها ابراهيم بتهكم قائلاً باستهجان….
“لا اخوكي مش صغير…….. انا كنت اصغر منه
وعارف الاصول كويس ومتعدهاش…….واخوكي اتعدى الاصول وخان العيش والملح…… والغريبة انه
كان بيبجح قصادي الصبح…. بحبها وعايز اتجوزها…..
طب مش لما يشوف نفسه الاول…. ويبطل القرف اللي بيشربه….يلم نفسه ويمشي عدل…. يتخرج من الجامعه ويشتغل وبعدين يبقا يفكر في الحب والجواز……”
ثم نظر لعيناها بقوة واضاف بعتاب…..
“مش مصدق انك استغفلتيني……وداريتي على اخوكي في الغلط………يخساره……”
ترجته بعينيها قائلة بحزن وتبرير…..
“بلاش البصه دي يابراهيم……كان غصب عني…يعني
كنت عايزني اقولك إيه…….”
ابتعد عنها وهو يمسح على وجهه بغضبٍ….
“تقوليلي اللي عرفتيه….مش تفضلي ساكته ومدريه عليهم…..”ثم اضاف بضيق وهو يجلس على
حافة الفراش……..
“على الاقل كنت لميت الحوار من غير مضطر امد ايدي عليها……..انا عمري ما رفعت ايدي على واحده ياسمر…..وانتي واخوكي خلتوني اعملها ومع مين
مع حبيبة العيلة اللي مربيها على ايدي…….”
صاحت سمر فجأه بانفعال وهي تفرغ مشاعر
الغيرة لأول مرة امامه والتي لا يشعلها
سواء اهتمامه المبالغ فيه نحو ابنة عمه….
“حبيبة……. حبيبة……. حبيبة……انت عايز تجنني وكانك بتحبها وغيران عليها من احمد….راعي
شعوري شويه دي مش اختك دي بنت عمك……….”
جفلت حواسه لبرهة وهو ينظر لجنونها والغيرة
التي لمعة في عيناها في لحظة………ليقول بنبرة
حانقه…….
“دي في مقام اختي الصغيرة وانتي عارفه كده كويسه…….”
قالت منفعله بغيرة……
“لا عارفه….. بس راعي مشاعري……. انا برضو عارفه
انك كنت هتتجوزها قبل ما تشوفني…..”
نهض من مكانه منزعج ورد عليها ذاهلاً…..
“انتي اتجننتي دي عيله…..”
هدرت بتمرد انثوي والغيرة تنهش في
صدرها….
“لا مش عيله…….. مش عيله يابراهيم وانا وانت عارفين كده كويس…. بس تمام….. طالما شايفني
غلطانه…. واستاهل عقاب حضرتك انك تعزل
نفسك بعيد عني تمام….. اعمل ما بدالك……وانا
مش هقولك انت بتعمل إيه…..” فتحت الباب وخرجت من الغرفة صافقة الباب خلفها بقوة….ثم
اتجهت للغرفة واغلقتها عليها وهي تحتضن الوسادة
باكية……..ثم تركت العنان لدموعها……ومعها ضعفها
وقلة حيلتها امامه سطوة من أحبت..

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى