روايات

رواية عقاب مؤجل الفصل السابع 7 بقلم ناهد خالد

رواية عقاب مؤجل الفصل السابع 7 بقلم ناهد خالد

رواية عقاب مؤجل الجزء السابع

رواية عقاب مؤجل البارت السابع

رواية عقاب مؤجل الحلقة السابعة

” وهل يمكن لخطأ واحد أن يكلفني حياة!؟”
-عملتي ايه مع والدتك؟
سأل بها عاصم بهدوء وهو يجلس بجوارها بعد أن عاد من عمله, ردت دون أن تنظر له:
-سامحتني.
انفرجت أساريره واتسعت ابتسامته وهو يردد بفرحة حقيقية:
-بجد! أخيرًا, الحمد لله غُمة وانزاحت.
نظرت له بجانب عيناها وهي تسأله باستنكار:
-مالك فرحان كده؟ وكأنها أمك أنتَ!
تنهد وهو يبتسم لها بحنو:
-هي صحيح مش أمي والموضوع ميخصنيش اوي, بس مش متخيلة زعلي عليكِ الفترة الي فاتت وأنا شايفك مطفية وزعلانة طول الوقت ومش في ايدي حاجة اعملها وحاسس إني عاجز, تعرفي لو كنت عارف إني لو روحت لمامتك واترجيتها وبوست رجليها كمان عشان تسامحك كانت هتسامحك مكنتش اترددت وعملتها بس للأسف أنتِ شايفة هي حتى مرضتيش تدخلني.
طالعته بشرود أثناء حديثه ولم يظهر على وجهها أي ردة فعل لِمَ تسمعه فقط تنهدت بعمق قبل أن تقول متغاضية عن حديثه:
-ماما قالتلي اروح افطر معاها بكرة.
أخفض عيناه بيأس حين تغاضت عن حديثه ولم تعلق عليهِ, ولكنه حاول الابتسام وهو يقول:
-طب ده كويس عشان تقربوا من بعض أكتر.
ابتلعت ريقها وهي تشعر بالحرج مما ستقوله ولكنها زفرت أنفاسها وقالت بهدوء:
-هروح لوحدي.
لم تسمع منهِ رد لتنظر له بتعجب فوجدته يطالعها بهدوء أو هكذا يبدو لكن حين تعمقت في نظرته رأت حزن كامن خلف هدوءه ويأس احتلَ مقلتيهِ, مرت ثانيتان قبل أن يقول مبتسمًا بهدوء:
-متوقع, يعني مرضيتش تدخلني من باب البيت أكيد مش هتعزمني على الفطار!
التفت لتكون في مواجهته ووجدت نفسها تهتف بلا تردد:
-لا هي قالتلي براحتك, يعني لو حبيت اروح لوحدي أو معاك.
تجمدت ملامحه وهو يسألها:
-وأنتِ الي اخترتي تروحي لوحدك.
أومأت بهدوء وهي تهتف ببرود:
-ممكن تفطر عند طنط عشان متفطرش أول يوم لوحدك.
التوى جانب فمه بابتسامة مريرة وابتلع غصة قاسية قبل أن يقول بسخرية مبطنة:
-متشليش همي, هفطر هنا عادي.. أكيد مش هروح لأمي لوحدي واقولها مراتي عند أمها أصلها مش طيقاني ومش عاوزاني اروح معاها, أنتِ عارفة إن أمي متعرفش حاجة عن موضوعنا ولا هي ولا اخواتي, مفيش غير بابا بس الي يعرف.
أردفت بلامبالاة:
-براحتك, هقوم انام.
وتركته ودلفت لغرفتها ببساطة! دون الاهتمام بهِ وكأنها لم تغرز الحزن في قلبه للتو, أسند رأسه لظهر الأريكة وهو يغمض عيناه ليس إرهاقًا بل يأسًا, حزنًا, ألمًا فقد تجمعت عليهِ كل المشاعر السلبية في هذه اللحظة, وعقله يتساءل لمتى سيستمر عقابه؟ ألم يحن وقت العطف عليهِ بعد؟
—————
قضت اليوم مع والدتها وشقيقتها وقد انتعش قلبها بهذه الأجواء العائلية التي افتقدتها حقًا لأشهر طويلة, دلفت لشقتها بابتسامة واسعة وهي تتنهد براحة لعودة الأمور لمجراها, قطبت حاجبيها باستغراب حين قابلها الظلام يعم الشقة هل مازال عاصم في العمل؟ أضاءت الأنوار ونظرت لساعة الحائط لتجدها قاربت على التاسعة مساءً , خلعت حذائها ودلفت متجهة لغرفتها لتغير ثيابها ولكنها وجدت باب غرفته مغلق إذًا هو هنا! فتحت الباب بهدوء وأضاءت الأنوار وبالفعل وجدته نائمًا فوق الفراش, لم تتوقع وجوده ولم تتوقع خلوده للنوم الآن!
اقتربت منهِ بهدوء قبل أن تهتف باسمه عدة مرات حتى استجاب لها لينظر لها باستغراب:
-ايه ده جيتي بدري ليه؟
ردت بهدوء:
-مش بدري! الساعة 9
اتسعت عيناه صدمًة وهو يسألها:
-9 ايه؟
زفرت بضيق وهي تجيبه:
-9 بليل مالك؟
مسح وجهه بكفه بهدوء قبل أن يقول:
-مفيش بس نمت بدري متخيلتش إن الوقت عدى كده.
رفعت حاجبيها بدهشة متسائلة:
-بدري من امتى؟
-من لما جيت من الشغل الساعة 4 كدة.
رددت بدهشة وهي لا تستوعب أنه لم يستيقظ على موعد الإفطار:
-يعني مفطرتش؟
نهض من فوق الفراش بهدوء وهو يردد:
-هصلي المغرب والعشاء وابقى افطر.
وتركها متجهًا للحمام دون حديث آخر..
وهي وجدت قدماها تقودها للمطبخ لتتفحصه فلم تجد شيء صالح للأكل سوى الأجبان وأشياء أخرى للإفطار صباحًا وليس إفطار صائم, وقفت مستندة على حافة الرخام وهي تتساءل بتعجب:
-هو كان هيفطر ايه! ده مجبش فطار معاه!
تذكرت صباحًا حين عرضت عليهِ طهي الطعام له قبل الذهاب لوالدتها لكنه رفض بهدوء وأخبرها أنه سيجلب طعامًا معه حين يعود من العمل لكنه لم يفعل.
خرجت من المطبخ متجهه لغرفتها وبدلت ثيابها ثم اتجهت للجلوس أمام التلفاز بهدوء وهي تريد أن ترى ماذا سيفطر إن لم يجلب معه طعامًا إذًا لديه مخطط آخر ربما سيطلب دليفري !
خرج من غرفته وهو يتحدث في الهاتف يبدو أنه يحدث أحد زملائه في العمل تابعته بعيناها في الخفاء حتى دلف للمطبخ واستمعت لصوت باب الثلاجة يُفتح إذًا هو ليس لديهِ أي مخططات كما ظنت!
لم ترى شيء بعدها ولم تعرف ماذا فعل فقط حل السكون لقليل من الوقت قبل أن تنهض هي بضيق مقررة اقتحام المطبخ بأي حجة لترى ماذا يفعل ولكنها صدمت حين وجدت المطبخ فارغ, متى خرج منهِ ولم تشعر بهِ ! تحركت لغرفته فوجدت بابها مفتوح وصوته يصدح من الداخل أطلت برأسها منهِ لتراه جالسًا فوق الفراش وأمامه الحاسوب الخاص بهِ وهاتفه فوق أذنه ما زال يتحدث بهِ يبدو أن من يحدثه مرتبط بما يفعله على الحاسوب, نظرت جوار الحاسوب لتبصر كوب من الشاي بجوار قطعة من الخبز الذي يعرف ب ” التوست ” وفوقها طبقة خفيفة من الجبن الأبيض, هل هذا هو إفطاره!
ابتلعت غصة قوية انتابتها فجأة وهي تتذكر تلك المائدة الشهية التي أعدتها هي وشقيقتها في منزل والدتها والتي احتوت على أشهى الأكلات, وهو يكتفي بقطعة من الخبز وكوب من الشاي! ألم تعرض عليهِ أن تطهو له قبل ذهابها! لِمَ رفض إذًا؟
-هو حر مش هو الي رفض!
رددتها بجمود قبل أن تعود لمكانها جالسة أمام التلفاز دون اهتمام وهنا تساءلت متى أصبح قلبها قاسي هكذا تجاهه؟ ضحكت بسخرية وهي تتذكر كيف كانت تحدثه وقت الآذان لتتأكد أنه يتناول إفطاره الآن قبل أن تتناول رشفة ماء حتى, هذا وقد كانت زوجته سرًا والآن وهي زوجته بالعلن لم تهتم لأمره ! سحقًا لسخرية القدر.
وقضت ساعة كاملة تفكر, في كل شيء منذُ تزوجا مرة ثانية,وتقارن بين الآن وسابقًا لتجد فرقًا شاسعًا كأن عاصم الذي كان قبل ثلاث سنوات ليس نفسه عاصم الذي معها الآن حتى هي لم تصبح نفسها.
-سرحانة في ايه؟
انتبهت لصوته لتنظر له بهدوء قبل أن تسأله:
-أنتَ مجبتش فطار ليه معاك؟
تنهد بهدوء قبل أن يرد:
-عادي محستش ليا نفس قولت هاكل أي حاجة.
-أنتَ شايف إن حياتنا دي هتنفع؟
رددتها بشرود وهدوء مريب, وهو انتفض قلبه وجلاً وهو يستشعر القادم, لكنه رد بهدوء صادق:
-أنا عمري ما همل إني أوصل لمسامحتك يا ريهام, حتى لو فضلنا على وضعنا ده سنين المهم في الآخر تسامحيني.
نظرت له بأعين دامعة وهي تقول:
-أنتَ صح, بس ده لو في احتمالية إني اسامحك.
انتفض من مجلسه مقتربًا منها وهو يسألها بلوعة:
-وليه لأ؟ ليه متدنيش فرصة تانية ؟ أنا غلط عارف بس حتى أنتِ غلطي ووالدتك سامحتك ليه أنتِ كمان متسامحنيش.
ابتسمت بوجع وهي تقول:
-في فرق شاسع, الأم مهما قسيت عمرها ما تقدر متسامحش ولادها مهما عملوا, لكن أنتَ مش ابني يا عاصم عشان يبقى عندي القدرة الرهيبة لمسامحتك, أنا حاولت.. صدقني حاولت بس مش قادرة, وجودنا مع بعض هيخليني طول عمري بفتكر ذنبي وغلطي في حقي وفي حق ربنا, هيخليني طول الوقت بفتكر وجعك ليا وتخليك عني, عارف.. لو كملنا حياتنا عادي وحملت في يوم هرجع لذكريات اليوم إياه بكل تفاصيله, فرحتي مش هتبقى طبيعية بسبب ذكرياتنا السيئة سوا, الموضوع صعب واحنا بنضيع عمرنا في تجربة فاشلة, أنا مش بلومك ولا بشيلك ذنب بالعكس أنتَ من حقك تعيش حياة طبيعية مع مراتك وتستقر بقى لكن أنا مش هقدر أوفرلك الحياة دي.
سألها بحذر وقلبه تسارعت دقاته حتى كادت تصم أذنه:
-قصدك ايه؟
سقطت دمعة وحيدة من عيناها قبل أن تقول بنبرة مخنوقة:
-احنا لازم نطلق, احنا حاولنا نكمل بس فشلنا, خلي كل واحد فينا يبدأ من جديد على نضافة ويتخلص من عار الماضي يمكن ننجح .
وكان رده ابتسامة غريبة زينت ثغره وهو يردد:
-لو كنت تخيلت للحظة قبل جوازنا العرفي إني هعيش كل ده وهتعذب كدة, كنت قطعت لساني قبل ما اعرض عليكِ الجواز ده وقتها, قولتلك لازم نكون مع بعض بدل ما نستنى 4 سنين … ياريتنا استنينا 10 سنين بس من غير كل العذاب ده عالأقل وقتها كنا قدرنا نكمل باقي حياتنا سوا.
وهل جملته الأخيرة توحي بانتهاء القصة؟ وهل اتخذ عاصم قراره كما اتخذت ريهام قرارها!؟
كل إنسان من حقة فرصة ثانية ولكن هل كل إنسان يستطيع إعطاء فرصة ثانية؟ نحن بشر ولسنا ملائكة وقلوبنا رغم صفاءها إلا أنها حين تحمل ضغينة أو كرهًا تجاه أحد من الصعب أن تعود لصفائها كما كانت, قيل أن العفو عند المقدرة, وحين لم يكن لديك المقدرة الكافية لن تجد للعفو طريقًا…”
” تـــــمـــــت بــــحـــمد الله ” 💖

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عقاب مؤجل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى