روايات

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الفصل الرابع والخمسون 54 بقلم ماهي أحمد

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الفصل الرابع والخمسون 54 بقلم ماهي أحمد

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الجزء الرابع والخمسون

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) البارت الرابع والخمسون

رواية عروس الالفا (الهجينة 2) الحلقة الرابعة والخمسون

الحياه كالورده ، كل ورقه خيال وكل شوكه حقيقه خُلقنا من حاء الحزن وگذلك من حاء الحب وكل منهما يُكمل الأخر ، الفؤاد يخبرني بأن الحب رحمه
والعقل يقنعني بأنهُ نقمه ، ربما الحب أمل وربما يكون الألم ، وما بين ذاك وذاك اقبع أنا ، أقبع هنا
يبدو الأمر وكأنه شبه صدمه لحظيه مرت على عيون “ياسين” عند رؤيه دماؤها المتناثره بين كفيه ، ثني ركبتيه يضمها داخله شعر وكأن الأنفاس تُسلب منه ، حاول تجميع الكلمات من بين شفتيه لكي ينطق حروف أسمها شين تليها ميم يليها سين أحرف سهله وبسيطه وعلى الرغم من بساطتها لم يقدر على نطقها شعر بصدمه ، صدمه ذكرته بحدث مر ، حدث مر عليه أكثر من عشر سنوات وكأن كل شىء يتجدد من جديد وكأن عقله عاد اجبارياً بالزمن الى ما حدث قبل هذا
شعر بوميض ابيض داخل عقله يأخذه الى رحله للماضي يتذكر بها تلك الليله ، الليله التي نزفت بها القلوب دماً ليله موت “عمار” تجمد الوقت في تلك اللحظه الدماء المتناثره وهو يضمه داخل صدره كل شىء يتكرر وكأن الزمن يُعاد من تلقاء نفسه تحولت صورتها أمامه الى صورته وكأنه يراهُ بدلاً منها ، هنا جحظت عين “ياسين” يتذكر ما حدث بالتفصيل في تلك الليله القاتمه عندما فقد “عمار” روحه ، تذكر صرخته والامه تذكر كيفيه موته عندما سلب “العربي” روحه بأنتزاع قلبه من داخل صدره وجد لسانه ينطق حروف أسمه بدلاً عنها بنبره هامسه :
_عمـــــــار
—————-(بقلمي مآآهي آآحمد)——————
ساعه وربما أكثر تقف “غدير” خارج القريه أمام منزله ، تحديداً أمام محل الدراجات الخاص بهِ تنظر للمصابيح بأعمدة النور بحزن رفعت رأسها تصوب عينيها ناحيه شرفته حتى وجدته يزيح الستائر من على نافذته وقع بصره عليها طالعها باستغراب على وقفتها هذه بمنتصف الليل توترت “غدير ” فور رؤيته استدارت عائده ثم قام بمناداتها بأعلى صوته :
_غديـــــر ، استني
ارتفعت نبضاتها عند سماع صوته وسعت من خطواتها تعيد خصلات شعرها خلف أذنيها بأرتعاشه واضحه على كفها ، أنطلق كالسهم نحو الخارج ساحباً سترته القطنيه من على الأريكه يرتديها مهرولاً على الدرج خرج من مدخل منزله يبحث بعينيه عنها بعدما ابتعدت وما أن وقع بصرهُ عليها حتى ركض صوبها اوقفها وهو يلهث بقول :
_أيه يابنتي مش بناديكي موقفتيش ليه ؟
لم تجب عليه بالكلمات بل أجابت الدموع التي لمعت بعينيها بدلاً عنها وتابع هو وقد استدار يطالعها بتركيز :
_مالك ياغدير فيكي ايه ؟
حاله من الصمت قد نالت منها مد كف يده يربت عليها بحنان يشير بعينيه بقول :
_ طب تعالي معايا
وافقته “غدير ” وما أن اتجها الى محله أمطرت السماء فجأه بدون إنذار ، وكأنها تحمل إشارة معها بأن كل شىء سيصبح على مايرام ، استدار يطالعها بقول :
_مدي شويه الجو اتقلب في ثانيه
وسعت من خطواتها تسير خلفه وكانت النتيجه تجلس معهُ في محله ، تنتظر حديثه ، طمأنها “بدر”
بنظراته وكفه الذي حاوط كفها حيث جلس القرفصاء أمامها يطالعها يرى قطرات المطر على خصلاتها ثوانٍ وأتى سؤال “بدر” بعدما أزاح خصلاتها المتناثره على وجهها بكف يده ، أعطاها ابتسامه قبل قوله برفق :
_مش ناويه تقوليلي مالك ؟
هزت رأسها بالرفض أبت الأجابه لا تعلم كيف قادتها قدماها الى هنا وقفت تستعد للمغادره بقول :
_أنا ماشيه
قالتها وتحركت لترحل ولكنه لحق بها يقطع الطريق أمامها وقد حسم أمره حين نطق :
_رايحه فين يامجنونه في الجو ده أنتِ مش شايفه المطر عامل ازاي بره ، لو طلعتي بره المحل دلوقتي أكيد هتتعبي
أشار لها بعينيه على المقعد بقول :
_اقعدي ياغدير لو مش عايزه تحكي ماتحكيش وانا مش هسألك على حاجه بس ماتمشيش في الجو ده ممكن
قالها بعيون راجيه فجلست على المقعد بعدما أشارت برأسها بالموافقه ادار ظهره يحضر كوب من الشاي الساخن حتى تشعر بالدفء بيوم شديد البروده كهذا مد كفه بالكوب قائلاً :
_خدي ياغدير اشربي كوبايه الشاي دي عشان تدفي
مدت يدها المرتجفه من قسوة البروده التي غزت جسدها اقترب “بدر” وقد شعر بارتجافه جسدها فقال بنبره حانيه :
_باين عليكي سقعانه
انتزع سترته القطنيه من على جسده يحاوطها بها وهو يقول :
_البسي دي هدفيكي
_طب وانتَ
قالتها مسرعه بلهفه ، برزت الابتسامه على ثغره حين شعر بخوفها قائلاً :
_هطلع اجيب چاكيت تاني من فوق
استدار يستعد للرحيل ثم نظرت للأرضيه وهي تحاول أن تجمع الكلمات كي تكون جمله مفيده ، جمله أوقفته مكانه دون حراك حين قالت:
_هو أنا ينفع اثق فيك يابدر
ترك مكانه ودار ناحيتها يحثها على القول بعيون بان بها الصدق في قوله :
_أنتِ شايفه ايه ؟
أجابته “غدير” بنظره رضا تطالعه ببراءه وهي تقول :
_أنا مطمنالك
كلماتها بالرغم من أنها قصيره ولكنها أدت دورها جيداً وقد غزت قلبه ابتلع ريقه وأعطاها ابتسامه قبل قوله برفق :
_يبقى احكيلي ياغدير
نطقت غدير بألم:
_ياســــين مش من البشر زينا
سحب المقعد بكف يده يجلس مقابلها وقد بدا على وجهه الأهتمام سائلاً :
_ يعني ايه
———————-
الشتاء لياليه بريئه اذا كنت بداخل غرفتك يحتضنك الفراش ويبعث دفئه داخل روحك ، وشديد الرعب أذا كنت بالخارج تحتضن من تحب ودماؤه متناثره على كفك ، لا زال “ياسين” يتذكر تلكَ الرجفه التي هزت قاع قلبه حين رأى فقيده وفلذه كبده بين يديه استجمع ذاته المشتت وحاول ان يخرج الكلمات منه صحيحه غير متقطعه وهو يقول بدموع قد فرت من عينيه :
_طب ازاي وانتَ كنت معايا دايماً طول الوقت ومابتسبنيس
—————————-
تابع “بدر ” سؤاله بقول :
_ يعني ايه ياغدير مش من البشر زينا
نطقت بقهر :
_يعني مستذئب ومش بس هو
————————
شعر “ياسين” بقطرات الماء تتساقط عليه فرفع رأسه ليجدها الأمطار التي امتزجت بدموعه حين فاق من شروده ،كانت “شمس” مازالت على حالتها بين ذراعيه تطالعه بنظره مستغيثه من عينين صارا بحراً من الدموع تهتف بصوت شبه هامس من شدة ألمها :
_مكانش هو اللي بتكلمه يا ..
استجمعت ذاتها وهي تقول بنبره متقطعه يتخللها الألم :
_ياياسين ، كل ده من وحي خيالك ، عمار مات .. من .. من عشر سنين
كلماتها مع تذكر ما حدث تلك الليله أكاد اجزم لو أن القلوب تصدر صوتاً حين تنكسر لأصمك أنكسار قلبه الأن
————————
أخبرها “بدر” ساخراً:
_مستذئب !!
طالعها بعينين بان عدم التصديق بهما :
_اسمعي ياغدير لو مش عايزه تحكي بلاش بس ماتسرحيش بيا احنا هنا مافيش حاجه اسمها مستذئبين احنا مش في فيلم على ال mbc2 احنا عايشين في الواقع في قريه الصاوي والواقع بيقول مافيش حاجه اسمها مستذئبين
رده جعل الدموع تتحجر بعينيها وقفت مغادره بقول :
_كنت عارفه أنك مش هتصدقني ، بس كنت عايزه احكي مع حد اللي واجعني ومش عارفه جتلك أنتَ ليه ؟
استعدت للمغادره ولكنه اوقفها بكفه بعدما رأى الصدق بعينيها متابعاً :
_أنتِ بتتكلمي جد ياغدير يعني ياسين فعلاً مش من البشر
أشارت برأسها بالموافقه وتابع بقوله وهو يشير بعينيه على المقعد :
_طب اقعدي واحكيلي كل حاجه
————————
ان ظُلمه الليل وبرودته تختلف بعدما اعطاها البرق في السماء بريقاً يخصه ، واصدر الرعد صوته بهذه الأجواء الشتويه الممطره يراها تغلق عيونها تلفظ أنفاسها بصعوبه وهي تقول :
_أنا مش عايزاك تخاف عليا
وتابعت بقوله المأثور الذي طالما طمأنها بهِ :
_ أنا عايزاك تطمن ، أطمن ياياسين
لم تكمل حديثها وقد لفظت انفاسها الأخيره قبل أن تغلق عينيها جحظت عيناه ، ليرى حالتها هذه انقبض قلبه شعر بفقدها هي الأخرى وهو يقول بذعر:
_ لا لا لا ، مش هتموتي مش هسيبك تروحي مني زي ماهو راح
تفقد نبضها ، كادت نبضات قلبها ان تقف من كثره ضعفها وهذا شىء لم يسمح هو بهِ طالما مازال حياً
—————————–
ذكرت كل شىء من البدايهٍ ، بدايهً من نشأتها مع شقيقها “داغر” وكيفيه اقتحام “هدير” الى حياتهما المظلمه وكيف تعرفوا بـ “ياسين” والحرب التي نشأت بينهم وبين “العربي” سردت لهُ عن” عز وعن غرام” حتى عن “عمار” وكيفيه قتله ، لم تترك فرداً من العائله الا وذكرته بحديثها ولا تركت شيئاً الا وقد سردته لهُ من البدايه الى تلك اللحظه وقد استدارت وعادت الى النظر أمامها وهي تمسح دموعها بقول :
_وأول ما دكتور على ضرب ياسين بالقلم حسيت انه اتكسر والعيله اللي بحلم بيها من زمان اتفككت نظرة ياسين لدكتور علي ، نظره بعمري كله ما شوفتها منه قبل كده ، نظره انكسار ، وكأن ضهره اتكسر وهو دايماً اللي بيظهر بمظهر القوي اللي مافيش حاجه تقدر تكسره في يوم
اقترب منها يمسح عبارتها الساخنه من على وجنتيها برفق فتابعت “غدير “بقول:
_حتى في عز وجعه بيداريه باستفزازه لغيره وبيحاول يضحك في وسط ما هو مكسور من جواه ياسين شخصيته غريبه غير اي حد ممكن تقابله في يوم ، مايفهمهوش الا اللي يعاشره ولو حب بجد مهما حصل مابيطلعش اللي حبه من قلبه
—————————-
حملها “ياسين ” بين ذراعيه يطوقها بُحضن ضيق وكأنهُ يخشى تسرُبها من بين ذراعيهِ فيضيع ، تمتم بكلمات نابعه من قلبه بصدق :
_ماتسبنيش ياشمس ، ماتسبنيش يابنت المهدي ده أنا لسه فاكر رعشة قلبي لما شوفت اللي مني ملفوف في الكفن مش هتحمل اشوفك مكانه
كان يهرول بأسرع ما يمكن بين طرقات المدينه بأقصى سرعته شعر بفقدها وكأن المدينه مليئه بالموتى ، كلما مر بشارع شعر بقلبه يحتضر خوفاً من فقدانها والنتيجه هو هنا يستنجد بمن كان الأقرب لهُ بقول :
_حضر كل حاجه زي زمان ياعم نصير
نطق “عم نصير “مستفسراً :
_وهتتحمل
أجابه بعدم يقين :
_مش عارف ، بس مش هقدر اتفرج عليها وهي بتمـ ـوت
—————————-
الطريق طويل حقاً ، يبدو على “مشيره” الأنتهاء اوقفت سيارتها في أحد الأركان بالقرب من القريه حيث الطريق من القاهره الى الصعيد حتى وصلت الى هنا تبعد عن القريه بضعه كيلو مترات تزيح مياه المطر بمساحات الزجاج الأمامي تنتظر وصول شخصاً ما حتى صعد الى سيارتها يلتفت يساراً ويميناً من حوله وما ان صعد ، اغلق باب السياره من خلفه وبدأ بقول :
_أنا خلاص عملت اللي أنتِ قولتيلي عليه فين بقيت فلوسي ياست
صمت لثواني متسائلاً :
_مش ناويه بقى تقوليلي أسمك ايه
حدثته “مشيره”بغيظ :
_وأنتَ مالك أنتَ هتصاحبني عملت اللي قولتلك عليه ولا لاء
أشار برأسه بالأيجاب :
_عندك حق بلاش اعرف اسمك بس اديني بقيت حقي بقى
اجابته نافيه :
_مش قبل ما اتأكد فعلاً أنك خلصت عليها
_حقك ، والحق مايزعلش ياست ، ياست البنات
قال اخر كلمتين ببطىء غامزاً لها ، يخرج هاتفه من جيب بنطاله وقام بتشغيل الفيديو المصور وهو يطلق عليها طلقاته رأت الحزن بعيون” ياسين “عند رؤيتها تصاب بعيار ناري هكذا ابتسمت بخبث تضيق عينيها قائله :
_برافو عليك أنتَ كده تستاهل بقيت حسابك
أخرجت كيس من النقود تضعه بيده قائله :
_ابعتلي الفيديو ده بقى على الواتس وبعدها مش عايزه اشوف وشك تاني
التقط كيس النقود يبعث لها الفيديو عن طريق الواتساب يهبط من السياره راحلاً عنها بقول :
_التعامل معاكي حلو ياست وفلوسك أحلى واي خدمه تاني هتلاقيني سداد
تركها تحت نظراتها الخبيثه تراهُ يبتعد عن سيارتها أعادت الفيديو للمره الثانيه تحدث نفسها شامته بما حدث قائله :
_كنتِ هم تقيل على القلب ياشمس وأخيراً عرفت أخلص منه
—————————-
صفعت باب الغرفه خلفها بضجر ، أتى “يزن” من خلفها سائلاً :
_هو في أيه ياساره أنا عملت ايه عشان تزعلي الزعل ده كله
تعالت شهقاتها واستدارت تطالعه وتابع بقوله مستفسراً :
_ليه ، ليه العياط ده كله فهميني على الأقل الزعل ده من أيه
اقتربت منه تطالعهُ وكأنها تحفظ تقاسيمه بعينيها قائله :
_ده مش زعل منك ده خوف عليك ، يزن أنتَ مش فاهم أنا ماليش غيرك في الدنيا دي لا أب ولا أم ولا حتى اهل
بتر حديثها بأنفعال :
_طب ما أنا زيي زيك احنا بندارى فيهم عشان مالناش غيرهم ياساره هما اهلنا بعد ما اهلنا الحقيقين سابونا ورمونا هما اللى اخدونا في حضنهم من بعدهم
بكت بحسره لا تنقطع وهي تقول :
_عارفه ، اي كلمه هتقولها انا عارفاها وحفظاها بس النهارده خوفت عليك وأنتَ عايز تروح تقف في وش ياسين ، عشان تبعده عن علي تفتكر أروح فين ولا كان هيجرالي ايه لو مكانش ياسين مسك نفسه وزقك او طلع غضبه فيك
مسحت دموعها بعنف وهي تقول :
_ده ياسين يايزن ماتنساش
طلب منها “يزن”برفق :
_طب أهدي ، ممكن تهدي بقى
مسح بظهر يدهُ دموعها من على وجنتيها قائلاً بنبره حانيه يطالع عينيها الغارقه بالدموع :
_ياسين اتغير ولو مكنتيش شايفه ده أنتِ وزهره يبقوا مابتشفوش ، بدليل انه قدر يمسك أعصابه ويتحكم في نفسه قدام علي
قالت بانفعال :
_أيوه بس أفرض
_مافرضش ، مافرضش ياساره دي حقيقه باينه قدامي ياسين أتغير ومش بس مع شمس مع الكل وحتى مع نفسه ، ماتخافيش عليا منه ، ياسين دلوقتي مابقاش يتخاف منه أكتر مايتخاف عليه والدليل انتِ شوفتيه بعنيكي
كلماته أثرت بها ، لم تكن لتوافق على كلامه أبداً ولكنها خضعت بالأخير من أجله هو ، مسح على خصلاتها برفق بكف يده في محاوله لتهدئتها وما أن انتهى حتى وجد خصلاتها الكثيفه بين أصابعه اثر العلاج بالكيماوي خبىء خصلاتها بعدما كور كفه ولاحظت هي ارتباكه :
_في ايه يايزن
هز رأسه نافياً :
_ابداً ولا حاجه ، الأمور بس تهدى هنا في القريه ونروح انا وانتِ نعمل شويه تحاليل صغيره كده عشان نشوف نتيجه العلاج موافقه
أيدت اقتراحه بخوف مما ينتظرها قائله:
_أكيد هاروح وربنا يستر
———————————
في دقائق لم يتغير الكثير ، ارتبكت الأوضاع لا يعلم “نصير” ماحدث ولكنه توجه الى الخلف يحضر ما طُلب منه ، وضعها “ياسين” على الفراش بداخل الكوخ ينتظر “نصير ” ولكن الثواني لا تمر شعور شديد القبح تملك منه ، شعور بالعجز وهو يراها هكذا كل ثانيه تمر لها قيمتها بمثل حالتها وما أن أتى “نصير “بطلبه حتى مزق ملابسها العلويه ورأى جسدها حتى أسرع بسحب اقرب مفرش بجواره ووضعه عليها قائلاً :
_الرصاصه جت في ضهرها تحت رقبتها بعشره سم
نبهُ “نصير “محذراً:
_خللي بالك وأنتَ بتشيلها لا تكون قريبه من العمود الفقري اي حركه كده ولا كده ممكن ماتقومش منها
دفعه ياسين في حركه مفاجئه فتراجع للخلف على اثرها مصدوماً وهو يتابع في حديثه المنفعل:
_ماتقولش كده ، امسك لسانك يانصير
قالها بنبره حاده مما جعل “نصير ” يثبت على حديثه :
_أنا بنبهك عملتها قبل كده في مراتي وماقمتش منها عشان كده بنبهك ، ايدك اللي بتترعش تثبتها
وقلبك اللي ملاه الخوف تجمده وخللي بالك الوقت مش في صالحك
ابتلع غصه مريره في حلقه وهو يكمل بثبات باتر عبارته :
_وطالما الوقت مش موجود يبقى ماضيعهوش
انا طالع وواثق اني هشوفها وهي قايمه بالسلامه
قال كلماته مغادراً الكوخ واضعاً المشعل الخاص بهِ بجواره ، وتركه ورحل أما عنه فقد اقترب منها ببطىء بعدما أربكه “نصير” بما قاله أخذ السكين وضعها على المشعل ، ينظف الدماء الموجوده على ظهرها اغمض عينيه يستشعر مكان الرصاصه بلمساته لها وما أن انتهى حتى تخللت أظافره بداخل جسدها يلتقط الرصاصه ببطء شديد حتى أخرجها وبعد ثواني سمع “نصير ” من الخارج صرخاتها المكتومه من شده الألم عند وضعه السكين على ظهرها
————————-
يا من هُداك أضاء كل مكانً…
يامن هداهُ فوق كل بيانِ.
يا من أحاط بكل شيءٍ علمه يا واحداً في الملك مالك ثاني..
يا مبدعًا في كل شيء خَلقه..
ومصرف الأقدار في الأكوانِ.. لبَيك من دمعي.. لبَيك من بصري.. لَبيك من قلبي.. لبَيك من روحي.. لبيك من وجداني
من جديد هو هنا بمسجد القريه ربما قبل الفجر بساعه يردد بصوته العذب الذي يشرح القلوب ويطرب الأذان يردد في سكون الليل يروح عن نفسه بكلماته ، يشعر بالسكينه عند ترديد ابتهالاته
يقلب حبات سبحته بأصابعه ولكن توقف بمنتصف ابتهالاته ، وقف وكأن انعقدت الكلمات على طرف لسانه لم يستطع انهاء ابتهالاته وقد فرت الدموع رغماً عنه عند تذكر ما حدث بين الأشقاء منذ ساعات قليله فهو يعتبر نفسه شقيقهم الثالث تنهد “بربروس” تنهيده حاره ثم أستغفر ربه بنبره خافته وعاد من جديد يستكمل ابتهالاته أتت “مارال ” تصعد الدرجات الصغيره التي تؤدي الى دخول المسجد ، وقفت بالخارج تدور بعينيها في المكان حتى تأكدت بأن لا أحد بالمكان سواه رفعت الشال من على كتفها تغطي بهِ رأسها تتخذه كالحجاب أتت من خلفه تناديه بهمس ومن كثرة شروده بابتهالاته وصوته لم يقدر على سماعها جلست أمامه ناطقه بصوتٍ مغلف بالرضا :
_صوتك حلو أوي يابيدقوس بيدخل القلب من غيي استئذان وبيييح الودان تعيف ده
ضيق ما بين حاجبيه سائلاً :
_مارال !! مالذي أتى بكِ الى هنا بانتصافه الليل
سألها “بربروس”بفضول فأرضت فضوله بقول :
_أنا قلقت عليك يابيدقوس أنا عايفه كويس علي وياسين بالنسبالك أيه حتى لو ماحدش حس بيك بس أنا عايفه اللي جواك وعايفه كويس أوي أنتَ حاسس بأيه
هز “بربروس”رأسه نافياً فأكدت “مارال”عليه:
_حتى لو نفيت اللي جواك عشان ماتبانش ضعيف قدامي أثي الدموع لسه باين في عنيك
لم يعلق “بربروس”على ما قيل فلم يكن يرى أن هناك رد ولكن نظرات الحزن التي وضحت بعينيه اجابت بدلاً عنه ، صمتت هي لثوانٍ تقترح عليه :
_عايف ، بيقولوا الكلام بيييح :
ابتسم بسمه بسيطه يعيد ما سردته بقول :
_بماذا ؟
أشارت برأسها تعيد كلمتها ببطىء :
_بــــيـــيــيـح
اعتدلت بجلستها وبدأت بالشرح :
_عايف زمان لما كنت ببقى مخنوقه من اخويا كنت بفضل احكي لماما عن اللي واجعني مع اني عايفه ومتأكده أن هي مش هتيد عليا ولا هتقدي تعملي حاجه بس بحس اني خيجت اللي جوايا وساعتها بحس بالياحه اتكلم معايا ممكن الكلام يييحك جيب مش هتخسي حاجه
ابتسم موافقاً على اقتراحها وبدأ بالتصريح بكل ما يدور بصدره ويؤرقه :
_أتعلمين .. حتى بزمني لم استشعر شعور الأخوه من قبل لم أشعر بهِ الا معهم وبوجودهم ، فقد ولدت وحيد و لم أشعر بالحنين لأحد كما شعرت بهِ معهم ، نعم نختلف بالأزمان ولكننا نتوافق بالقلوب
وعلى الرغم من اختلافاتنا الكثيره ولكننا نشبه بعضنا أكثر شعرت بضياع كل هذا الأن وكأن جدار الأخوه ينهار بينهما وهذا ما حزن قلبي كنت أشعر دائماً بأننا كالمثلت ثلاث أضلع لا يمكن لضلع أخر الدخول بينهما او ثنيه مهما حدث ولكن خُيب ظني بعد ما حدث
قال ما بداخله وكأنه ازاح حمل من على صدره سحب نفس عميق وقد شعر بالراحه بعد قوله ردت على ما قاله بقول :
_بيقولوا مصايين البطن بتتعايك ومهما بعدوا هييجعوا والمثلث هيفضل مثلت يابيدقوس عشان أنتَ وعلي وياسين مافيش حاجه تقدي تفصل ما بينكم في يوم حتى لو أنتَ مكنتش شايف ده بس أنا شيفاه وبوضوح كمان ، وبعدين تعالى هنا قولي أيه اللي كنت بتقولوا من شويه ده ، ده مكانش قيأن (قرأن) على فكيه
ابتسم يوضح لها بنبره مغلفه بالحب :
_هذا ما نسميه بالأبتهال الابتهال الديني تضرع إلى الله سبحانه وتعالى ، وهو بسط الذراعين مقابل الوجه او رفعهما الى السماء والأبتهال المقصود بهِ التضرع الى الخالق والألحاح بالدعاء أفهمتي ما اقصده يامارال
هزت رأسها بالأيجاب وقبل أن تستكمل سؤالها شعر بربروس بقدوم أحدهم من الخارج وقف مسرعاً يضع بكف يدها مفاتيح المسجد النسائي وهو يقول :
_أحدهم قادم انتظريني بالأعلى فقد حان موعد الأذان
ركضت “مارال ” من امامه تنفذ ما قاله سريعاً ثم دلف الى المرحاض ليتوضأ من جديد لكي يتلو أذان الفجر ، خرج بعدما توضأ واقترب من مكبر الصوت يقوم بتشغيله وبدأ بقول الأذان بصوته العذب التي اعتادت عليه جلست بالطابق العلوي كما أخبرها تسمعه وتسمع صوته شعرت بقشعريره تقشعر لها الأبدان ودخلت كلمات الله قلبها وهو يرددها بدل من أذنها تلك اللحظه تنهدت وشعرت بالراحه عند سماعها كالمعتاد
——————————-
لم يأتِ في باله حتى في أسوء الكوابيس أن يحدث هذا ابداً ألف كيف وكيف لكل سؤال يخطر بباله الأن حل الصمت على كليهما ، يجلس بالخارج بجوار “عم نصير ” الأن سكون الكون قبيل الفجر والهواء البارد ، قطع الصمت سؤال “عم نصير ” الذي سأله اثناء جلوسه جواره وهو يقول :
_ ايه اللي بيحصل يابن الصاوي
وكأنه ينتظر سؤاله حتى يخرج ما بداخله أي شخص اذا سأله سيخرج ما بمكنونه باستفاضه ولكنه وجد نفسه قائلاً :
_ مش عارف
صعوبه البوح تكمن في قلب يقول أخبره وبين عقل يهمس ستندم ولكنه بدأ بقول:
_حاسس ان الدنيا كلها كاسره بخاطري ، بدوس عليا بكل قوتها ومش مكفيها زي ما تكون بتقولي كل ما تعاندني هقف في وشك أكتر ، أنا حاسس بخوف لأول مره في حياتي والنهارده خوفت ، خوفت اخسرها زي ما خسرت اللي قبلها زي ما تكون كل حاجه جايه معايا بالعكس ومابقيتش فاهم ولا عارف هي الدنيا عايزه مني أيه
تنفس “ياسين “بعمق تتسارع عباراته وتحدث فؤاده بدلاً عنه :
_ انا حاسس اني زرع شيطاني في ارض بور زرع طلع من بذره مجهوله رماها الريح
مع ان انا عمري ما اختارت ابقى كده ولا حبيت الحياه اللي أنا عايشها أنا كنت عيل صغير لما علي قالي ماتسبنيش في الدنيا لوحدي وقرر أني ابقى معاه كان فاكر أنه بطوله العمر الدنيا مش هتأذينا بس كل ما نعيش فيها أكتر بدوس علينا أكتر ياعم نصير ، وانا مابقيتش قادر اتحمل قسوتها اكتر من كده ، وانا بشوف أعز ما ليا بيضيعوا مني واحد ورا التاني والمطلوب مني أني أكمل واعيش وانسى وانا لا بعيش ولا حتى بعرف أنسى
قال “ياسين ” كلماته بغضب فنطق “عم نصير “مهوناً :
_كل ما الدنيا تقفل باب في وشك هيتفتحتلك شباك ودي حقيقه محدش ينكرها ، ماتركزش على الباب المقفول بص دايماً على الشباك عشان تقدر تكمل وتعيش ياياسين الشباك ده ممكن يكون أي حاجه حلوه بتحصل معاك أنتَ مش واخد بالك منها الباب المقفول هو اللي فات والشباك المفتوح هو اللي جاي
وصل الى مسامعه اذان الفجر ابتسم وهو يقول :
_ربنا بيناديك ياياسين يابني ، بيقولك تعالى اشكيلي همك بدل ما تشكيها للعبد اللي زيك
تركه ورحل تحت نظراته المستغربه يتوضأ للمره الثانيه يطلب منه :
_تعالى ياياسين امسكلي الطرمبه دي عشان اعرف اتوضا يابني من جديد
تحرك باتجاهه يراه يتوضأ بصعوبه أمسك بطرمبه المياه يضخ المياه بأتجاهه وعند انتهائه أشار له نصير ممسكاً بمضخه المياه بدلاً عنه :
_يلا ، يلا عشان تتوضا معايا ووعدك انك هتحس براحه محسيتهاش قبل كده في حياتك
بدأ بالوضوء وما ان انتهى حتى أغلق مضخه المياه ومسح عينيه أنهى كل شىء مستجيباً لما يأمره بهِ وقد وقف بجواره مؤدياً الصلاه من خلفه وما أن ركع لله عز وجل وجد نفسه يدعي هاتفاً :
_يارب ، أنتَ الأقرب لعبدك من حبل الوريد ، انتَ اللي بتدخل بين الشخص وقلبه أنتَ اللي عارفنا افضل منا ، وأنتَ الشاهد على اللي في قلبي ليها ياالله.. أرشدني بقيت بلا حيله امنحني مخرج مناسب عشان تعبت والقلب تعب من الخذلان ، أشفيها يا الله رجعهالي من جديد أنا عبدك الفقير بطلب منك تبقيها حيه وتبعد عنها اي شر حتى لو كنت انا الشر ده أبعدني عنها لو كنت هأذيهل في يوم
اطال سجوده مما جعل “عم نصير” ينتهي من أداء صلاته تاركه خلفه مع الله وما أجمل المكوث مع الخالق ، مهما حدث ومهما مر علينا من شهور وربما من سنين فالراحه بالعوده الى الخالق لا تقدر بثمن وسبحان مغير الأحوال من حال الى حال من جعل ياسين يعود للخالق العظيم
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عروس الالفا (الهجينة 2) )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى