روايات

رواية عابثة باسم الأدب الفصل الرابع 4 بقلم سارة أسامة نيل

رواية عابثة باسم الأدب الفصل الرابع 4 بقلم سارة أسامة نيل

رواية عابثة باسم الأدب الجزء الرابع

رواية عابثة باسم الأدب البارت الرابع

عابثة باسم الأدب
عابثة باسم الأدب

رواية عابثة باسم الأدب الحلقة الرابعة

«عابثة باسم الأدب»
٠<الخــــــــــــــاتمة>٠
إنني قد أتيتُ تائبًا ومضيتُ
فحملتُ الهدى صادقًا في المدى
أنت ربٌ رحيم..
يا إله الورى .. تُهتُ فوق الثرى أبتغي عزةً أعطني نُصرةً..
دمعةٌٌ قلتها … توبةٌ قلتها ساجدٌ للإله نطقتها الشفاه.
أنت ربٌ رحيم..
انبلج النهار من جديد في حياتها وانتشر الضوء على ضفافها، وأخيرًا أصبحت غرفتها مُضيئة، ففور أن ولجت دُرّ لغرفتها أخذت تفتح النوافذ والشُرفات رغم أن الشمس تسارع للغروب..
خرجت لشرفتها ورفعت رأسها تنظر للسماء وأغمضت أعينها بسكون وهي تتذكر هذا الحديث الذي سمعته قبل إغماءها، تتذكر حديث الفتيات، وقبل هذا كله تتذكر نداء الله…
حديث المعلمة التي كانت تتحدث عن الحديث القدسي الذي هزّ بدنها فور أن أفاقت من إغماءها يطوف بعقلها وقد التصق بقلبها..
قال اللهُ تعالى: يا ابنَ آدمَ، إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي؛ غَفَرْتُ لكَ على ما كان فيكَ، ولا أُبالِي. يا ابنَ آدمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي؛ غَفَرْتُ لكَ، ولا أُبالِي. يا ابنَ آدمَ، لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرضِ خطَايا، ثُمَّ لَقِيْتَني لا تشرك بِيْ شَيْئا؛ لأتيْتُكَ بِقِرَابِها مَغْفِرَةً.
سال دمعها وخرجت همسة من قلبها قبل لسانها:-
-أنا بحبك أوي يارب .. بحبك والله .. أنا آسفة على كل إللي عملته، وبوعدك يارب إن شاء الله إن مش هعمل كدا تاني ومش هرجع للطريق ده، بس كون معايا وأعني وتوب عليا يارب، وحبب لقلبي كل ما يُرضيك يا الله..
ودلفت دُرّ لغرفتها وأخذت تعبث في أدراجها حتى حصلت على ما تُريده، دفتر ملون رقيق كانت قد ابتاعته لعشقها لدفاتر التخطيط وهذه الأشياء..
جلست أمام مكتبها بحماس وأعين تشعّ طاقة وأخذت تُخطط للقادم .. لحياتها الجديدة مع الله، فقد اتفقت مع خديجة التي أصبحت رِفقة صالحة لها على أن تحضر الحلقات معهم وأن تبدأ في حفظ القرآن الكريم بداخلها أمل أنها ستستطيع وسيكون الله خير مُعين لها..
لقد أخبرتها خديجة بالكثير، عن الخطوط العريضة التي ستساعدها كثيرًا، وعندما جاء الحديث عن الهاتف انكمشت دُرّ بوجل لكن أخبرتها خديجة بوجود الكثير المفيد على شبكات الإنترنت وأنه يمكنها إستغلاله في الكثير من الأشياء المفيدة..
أخذت دُرّ تكتب الاشياء التي تريد فعلها وأهدافها الجديدة، تحدثت بحماس قائلة:-
-واحدة واحدة هتعلم وربنا هيكون صاحبي وهحكيله عن كل حاجة، هو مش هيسبني أبدًا ولا أنا هسيب بابه تاني، أهم حاجة دلوقتي ألتزم بالصلاة والأذكار وهروح أحفظ القرآن .. أنا متحمسة أووي أووي..
استقامت وذهبت تجاه فراشها ابتلعت ريقها بتوتر وهي تنظر لأسفله لكنها تشجعت وعزمت أمرها لتُخرج هاتفها .. قامت بفتحه ووضعه للشحن ثم أخرجت كُتيب صغير مجموع به العديد من الأذكار، بحثت عن أذكار المساء حتى وجدتها وبدأت في ترديدها بسكينة وهي تستشعر كل كلمة بها .. مع انتهاءها كان يُرفع أذان المغرب …انتفضت وتركت ما بيدها وخرجت للشرفة جالسة تردد الأذان وتدعو كثيرًا ما بين الأذان والإقامة ودموعها تتساقط دون شعورها، وبلهفة اتجهت للمرحاض للوضوء تحت تعجب من في المنزل من سرعتها وتغير حالتها.
تسائلت والدتها خديجة بتعجب وقلق:-
-دُرّ حبيبتي مالك مستعجله على أيه .. في حاجة حصلت.
ابتسمت دُرّ وقالت:-
-لا يا ديجا .. كل خير .. أنا بس بتوضى علشان أصلي المغرب في وقته وهخلص وهاجي أجهز معاكِ السفرة علشان العشا لأن جعانه أووي.
تعجبت خديجة من سماعها هذا الحديث من دُرّ، فهي لم تكن ملتزمة بصلاتها إلا نادرًا ولا تصلي الصلاة بأوقاتها، ما هذا الحرص الغريب، وكيف تحولت حالتها هكذا سريعًا فهي قبل أن تخرج من المنزل كانت مازالت في فقعتها..
لكن هذا جعل قلب خديجة يرفرف سعادةً لهذا التغيّر الملحوظ، رددت خديجة بسعادة:-
-ربنا يتقبل يا حبيبتي، وأنا هصلي أنا كمان وبعدين نرصّ الأكل، أنا عملالك صنية مكرونة بالباشميل إنما أيه … من إللي قلبك يحبها..
قبلت دُرّ وجنتي والدتها قبل أن تهرع لغرفتها قائلة:-
-ربنا يتقبل منا ومنكم يا ديجا .. أحلى مكرونة بالباشميل من أحلى خوخة في الدنيا، تسلم إيدك يارب..
وبعد أن انتهت دُرّ من صلاة المغرب جذبت هذا الكُتيب الصغير وهي تتذكر قول الله بعدما أخبروها “إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ” لتقول بعزم:-
-لازم أعمل حسنات كتير علشان سيئاتي وذنوبي..
وتنهدت دُرّ تضع كفها فوق صدرها:-
-يا سلام على شعور الراحة والسكينة إللي أنا حاسه بيه دلوقتي، أنا عمري ما حسيت الإحساس ده … إحساس جميل أوي .. علشان كدا البنات إللي كانوا في المسجد وخديجة كان واضح عليهم الراحة والسكينة، أمال وأنا لسه على الباب وحاسه بكدا أمال لما أدخل بقاا هأحسّ بأيه .. طمأنينة جميلة أوي..
ابتسمت وهي تردد أذكار ما بعد الصلاة ليلفت إنتباهها في هامش الكُتيب عن فضل قراءة آية الكرسي دُبر كل صلاة، أن من قرأ آية الكرسي دُبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت..
همست دُرّ قبل أن تترك الكتاب:-
-إن شاء هلتزم بيها وكل حاجة جديدة أتعلمها هستمر عليها..
بعد قليل كانت الأسرة ومن بينهم دُرّ يلتفون حول مائدة الطعام بينما كان الجميع ينظرون لدُرّ بتعجب، فقد كان وجهها يشع بالسعادة والطاقة وتتناول الطعام بشهية عالية..
تحدث والدها يتسائل بينما ينظر لزوجته:-
-أنا مبسوط علشان شوفتك بخير يا دُرّي، قوليلي بقاا كان مالك يا حبيبتي وأيه سبب الحالة إللي كنتِ فيها.
توقفت دُرّ عن تناول الطعام وتركت الملعقة وتنهدت قائلة:-
-كانت فترة إنطفاء ومتلغبطة من جوايا بس إن شاء أنا بقيت بخير ومش هتتكرر تاني يا بابا بإذن الله..
لم يُريد الضغط عليها فيكفي أنها أصبحت بخير وعادت بحالٍ أفضل مما كانت عليه وقال براحة:-
-الحمد لله يا بنتي .. ربنا يجعلك دايمًا بخير يا دُرّ.
قال شقيقها بمزاح:-
-تلاقيها كانت بتخلع بس من الكلية والصحيان بدري يا حاج والمحاضرات والذي منه…
رمقته دُرّ بغضب قائلة:-
-ليه هو أنا أنت ولا أيه يا سي عِزّ … الحمد لله يا حبيبي أنا من يوم السبت هنزل الكلية وهرجع لمحاضراتي..
قالت والدتها بتذكر:-
-طب دُرّ حبيبتي كلمي أصحابك لأنهم قلقانين عليكِ جدًا وجُم لغاية هنا علشان يطمنوا عليكِ..
-صح يا ماما .. أنا فعلًا قصرت معاهم، إن شاء الله هكلمهم..
وأكملت تقول بحماس:-
-صحيح كنت عايزه أقولكم على حاجة..
نظر الجميع لها بترقب لتُكمل:-
-إن شاء الله أنا من بكرا هبدأ أحفظ قرآن، أنا اتعرفت على بنات كويسه أوي، وفي معلمة بتيجي المسجد وبتحفظ فأنا هحفظ معاها أيه رأيكم..
اندهش الجميع من هذا القرار المفاجئ وخاصةً والدتها فهي كانت دائمًا تخبرها بالذهاب لكن كانت دُرّ ترفض أو تتعلل بالإنشغال، قالت والدتها بتشجيع:-
-دا أيه القرار القمر ده … مبسوطه بيكِ أوي يا دُرّى .. ربنا ينفع بيكِ يا حبيبتي وييسرلك الحفظ، وشدي حيلك بقا علشان إللي تحفظيه تحفظهوني معاكِ، الصحبة الصالحة رزق ونعمة من الله، وأنا مبسوطة إن ربنا رزقك بيهم وكمان أصحابك من الكلية كويسين أوي تجريهم معاكِ كمان..
هتفت دُرّ بتحمس:-
-إن شاء الله يا ماما .. أنا ناويه على كدا..
قال والدها بدعم:-
-ربنا ينفع بيكِ يا حبيبتي ويهديكِ دايمًا لما يحب ويرضى..
-يارب يا بابا .. أنا إن شاء الله هنزل بكرا قبل الصلاة وهحضر أول درس وبعدين هحضر الجمعة ونصلي وهرجع البيت..
نظرت خديجة لزوجها نظرات ذات مغزى وكاد أن تُجيب دُرّ لكن سبقها زوجها يقول:-
-بالتوفيق يا حبيبتي بس متتأخريش لأن في موضوع مهم عايزين نكلمك فيه بس مكانش في الفرصة نكلمك الفترة إللي فاتت وأنتِ كنتِ قافلة على نفسك فمكانش مناسب …وفي ضيوف قرايب خوخة جايين بكرا..
عقدت دُر وجهها وتسائلت بفضول:-
-خير يا بابا في حاجة ولا أيه.!
ربتت خديجة فوق كتفها وقالت:-
-بس ظبطي أنتِ أمورك وهنقولك على كل حاجة..
استقامت دُر وقالت:-
-تمام يا ماما .. روحي أنتِ إرتاحي وأنا هنضف السفرة وأغسل المواعين وهعمل الشاي وأجيلكم..
ازدادت دهشة خديجة فقد كانت دُرّ دائمًا ليلًا تنعزل عنهم بغرفتها فلأول مرة بعد وقتٍ طويل تتفاعل هكذا بجوّ أُسري معهم..
ردد شقيقها وهو يحمل الأطباق:-
-وأنا هساعد دُر يا خوخة .. روحي أنتِ ارتاحي..
وبنشاط لم تعتد عليه دُرّ أخذت ترتب المطبخ وتجلي الأواني وقامت بصنع الشاي لأسرتها قبل أن تحملهم حيث جمعة أُسرية مليئة بالحنان والراحة قد افتقدتها كثيرًا بعدما كانت تعتكف الليل بغرفتها..
نظرت لوجوه أفراد أسرتها وهمست بداخلها بإمتنان:-
-اللهم لك الحمد يارب..
رُفع أذان العشاء فانصرف الأب وبصحبته أبناءه حيث المسجد، وهرعت دُرّ للوضوء وتلوذ بغرفتها للصلاة بحرص..
بعدما انتهت حرصت على جمع محاضرتها الفائته بعدما فتحت هاتفها وهي تتفحص المجموعات الخاصة بالكُلية وقادها شغفها حتى ظلت تبحث عن سلاسل دينة أخبروها بها الفتيات لتندمج في سماع محاضرات مؤثرة جعلت أعينها تفيض بدموع الندم وعلمت أمور جديدة لم تكن تعلمها..
انتبهت للوقت فنقرت بعض النقرات لتُهاتف أصدقاءها بمكالمة جماعية وبمجرد أن بدا الرنين لتجد الجميع يسارعون بالإجابة متلهفين وغرق عليها وابلٌ من التساؤلات، تحججت أنها كانت مرهقة ورغبتها في المكوث بالمنزل والإنعزال قليلًا..
قالت صديقتها رغد فجأة:-
-أقولك بقاا على الخبر المُفرح يا بت يا دُر .. فاكرة الكاتبة إللي بتنشر باسم عاشقة الليل إللي كنا بنتكلم عنها..
تجمدت دُر وارتعش بدنها وأخذ قلبها ينبض بجنون، أغمضت أعينها وابتلعت ريقها الجاف وهي تُجيبها بتقطع:-
-آآه … فكراها .. مالها..
أكملت تقول:-
-الفيس والجروبات مقلوبة يا دُرّ .. تعرفي .. مسحت روايتها كلها من واتباد والفيس وكلمت الناس إللي ناشرين روايتها يمسحوها .. دي حتى مسحت حسابها، شكلها تابت وعرفت الذنب إللي بترتكبه وربنا تاب عليها، إحنا فرحانين أوي علشانها حقيقي الحمد لله إنها فاقت قبل فوات الأوان..
أردفت سالي تقول:-
-طب ما يمكن يا رغد حذفت حسابها وهترجع تاني، يمكن ملت وزهقت مثلًا وحبت تبعد وخصوصًا إن الناس قايمه حرب عليها..
أجابتها رغد بنفي:-
-لا يا سالي .. دي بعدت خالص عن الساحة دي، وإللي يأكد كدا إنها طلبت من الأشخاص إللي كانوا بينشروا روايتها إنهم يحذفوها، لو كانت عايزه تبعد زي ما بتقولي وهترجع كانت حذفت حسابها بس أو خرجت منه ومكانتش حريصة إن روايتها تتحذف من جميع المواقع .. بس المهم الحمد لله إنها رجعت، في ناس كتير أوي فرحانه إنها أخدت الخطوة دي .. والله الناس لسه فيها خير..
تنحنحت دُرّ وقالت:-
-الحمد لله … ألا صحيح يا بنات.. كنت عايزه أقولكم على حاجة..
استمع لها الجميع بتحمس لتخبرهم:-
-أنا من بكرا هبدأ حفظ قرآن .. أيه رأيكم نحفظ سوا ونشجع بعض وتيجوا معايا للمعلمة في مسجد عمر ابن الخطاب إللي عند البحر..
أيدتها رغد بقولها:-
-خطوة ممتازة يا دُرّ .. أنا والله كنت بفكر في الموضوع، يلا بينا .. أيه رأيكم يا بنات..
أيدها الجميع وقد انتشرت روح التحمس والعزيمة بداخلهم:-
-موافقين … هنبدأ معاكِ يا دُرّ…
انتهت المهاتفة ووضعت دُر الهاتف جانبًا وتمددت فوق فراشها بسعادة وللمرة الأولى بعد وقتٍ طويل أتى ليلها عامرًا بالنور والسكينة، وأغمضت أعينها بإطمئنان لا تخشى النوم والكوابيس المخيفة..
✲ ✲ ✲ ✲ ✲
ظلّ يعمل ليُنهي بعض الأعمال وعقله شارد بزاوية أخرى، رفع رأسه ووضع كفه فوق موضع قلبه الذي يعلو به خفقات غريبة عند تذكر تلك الشهقات الدامية، ولا يعلم حقًا لماذا عقله يربط بين هذا الموقف وبين تلك الكاتبة التي تدعى “عاشقة الليل”؟!
لماذا هذا الربط العجيب ولماذا تلك المشاعر التي يعلو صوتها بداخله، يشعر بتيهة وتبعثر لا يعلم سببه؟!
شعر بخنقه تجثم فوق صدره فترك ما بيده وسار تجاه الشرفة ثم خرج والسماء ترتدي الليل، اصتدم بوجهه برودة لطيفة فأخذ يتنفس بعمق بينما يرفع رأسه نحو السماء وأغمض أعينه والسكون ينتشر بالأرجاء..
همس برجاء:-
-يارب .. أنا مش عارف في أيه بس حاسس نفسي متلغبط أوي، بس هكون صريح ومش هكذب على نفسي .. أنا قلبي وعقلي مشغول ومش عارف ليه!!
يمكن آن الأوان بقاا علشان أتجوز، يا الله القلب ده مش عايز يعصيك أبدًا فكن معايا.
وظلّ قليلًا يتأمل النجوم ثم دلف للداخل ليجد والدته تلج للغرفة مبتسمة قائلة:-
-حارثة أنت لسه صاحي .. طب كويس والله.
جلس فوق الأريكة لتجلس بجانبه وأردف:-
-كان عندي شوية شغل يا رورا خلصتهم وهصلي ركعتين وأنام، أيه شكلك فرحانه في أيه..
أخبرته بسعادة:-
-بكرا الجمعة يا حارثة أخيرًا..
ابتسم بلطف وقال بمرح:-
-متحمسة تجوزيني أوي يا رورا، إن شاء الله خير..
وصمت قليلًا متذكرًا تلك المشاعر الفوضاوية التي يشعر بها بتلك الآونة ليُكمل بتعجب:-
-يمكن الموضوع ده جه في وقته المناسب بالظبط، أنا متفائل خير إن ربنا يرزقني الحب الحلال ويرزقني زوجة قلبها نقي .. وأنا هديها كل الحب المتخزن في قلبي السنين دي كلها .. أنا تارك كل شيء لترتيب ربنا ومش هشغل بالي بحاجة ولا أفكر.
ربتت روحية فوق كتفه وهتفت بحنان:-
-أنا واثقه إن ربنا كاتبلك خير كتير أوي يا حارثة، ربنا ترتيبه واختياراته كلها رحمة وحنان وسعادة، أنت أحسنت التوكل على رب العالمين في كل خطوة في حياتك وربنا هيكون عند حُسن ظنك فيه..
دُرّ بنوته جميلة جدًا ومسمعتش عنها ألا كل خير، إن شاء الله لو خير هتكون من نصيبك، هي هتكون محظوظه بيك أوي يا حارثة بجد، ومش بقول كدا علشان أنت ابني، دي شهادة أشهد بيها أمام الله، ودول بنات ناس مش أرضى ليهم أذية أبدًا، لو شايفه ابني مش كويس مكونتش هسعى أبدًا إن أظلم بنات الناس معاه..
همس حارثة بشرود بداخله وهو يشعر أن ثمة شيء عجيب، يجد قوة خفية تدفعه نحو هذا المجهول:-
-اسمها دُرّ … دُرّ..
نظر لوالدته وقال:-
-الله يباركلك يا أمي، أنا ولا حاجة دون ستر ربي، ويارب أكون عند حُسن ظنك دايمًا..
استقامت قائلة:-
-ربنا يرضى عنك ويراضيك يا حارثة، يلا يا نام وارتاح، تصبح على خير..
وخرجت والدته وبقى هو في غمرة تشتته وحيرته؛ مشاعر عجيبة تعتريه والمُحيّر في الأمر أن ثلاث أطراف تتجاذبه بذات القوة؛ عاشقة الليل، الباكية، دُرّ..
لم يكن هكذا من قبل، لم ينشغل عقله بأي فتاة .. والمُدهش أن جميعهم مجهولات، كيف يجعل هذا الشعور يخفت، كيف يجعله ينتهي!!
ظلّ حارثة على هذا الحال حتى يأس لينهض يصلي ركعتان يختم بهم يومه وهو يسأل الله أن يمحو هذا الذي بداخله..
انتهى وتمدد فوق فراشه لكن قبل أن يغفو أمسك هاتفه وأخذ يردد أذكار النوم لكن لفت إنتباهه الكثير من الاشعارات من تطبيق الفيسبوك..
قاده فضوله فأخذ يتفحص ليتفاجئ بالكثير من التعليقات على المنشور الذي كان قد رفعه منذ سبعة أيام تقريبًا، بعضًا يؤيده والأخر يسب عاشقة الليل، لكن المفاجئ له كان بعص التعليقات التي تنصّ أن عاشقة الليل قد قامت بحذف جميع روايتها من على جميع المنصات وحذف حسابها وانسحبت من الساحة ويبدو أنها تابت..
اندهش في بادئ الأمر، لكن سعادة غامرة ملأت قلبه لا يعلم سببها، أقنع نفسه أنها بالتأكد لتوبتها وعودتها إلى الله، أنكر فكرة أن تكون كما يقول البعض أنها زهدت الأمر وخرجت وستعود مرةً أخرى، يشعر أنها خرجت من هذا الطريق للأبد..
وضع هاتفه جانبًا وأرجع رأسه يضعها فوق الوسادة مغمضًا أعينه وابتسامة واسعة مرقوشة فوق فمه جاهلًا عن تلك الترتيبات الربانية التي جعلها الله له بكل رحمة وعناية لكنه كان دائمًا متيقن بما سيأتي من عند الله..
✲ ✲ ✲ ✲ ✲
طردت الشمس الظلام وأتى يومٌ جديد يحمل بين طياته الكثير من الأمل والرحمة والعطاء.
استيقظت دُرّ بنشاط غير معقود قامت بما خططت له بطاقة وحماس، أتى وقت ذهابها لحلقة حفظ القرآن فتحدثت مع أصدقاءها وتجمعوا وذهبوا نحو المسجد ليقابلوا خديجة واصدقاءها وقد نشأت بينهم صداقة قوية وأطلقوا على تلك الجمعة اسم اتفقوا عليه وهو [اشدُد بِه أزْرِي] وتعاهدوا على الإخلاص والوفاء ونفع بعضهم البعض..
همست دُرّ بدعاء صادق به صلاح النية برجاء:-
-اللهم اجعلني خيرًا لنفسي ولمن حولي يا الله، اللهم استعملني ولا تستبدل بي.
انتهوا من حفظ القرآن وردده الفتيات على أذان الجميع وأذان معلمتهم وجلسوا مترقبين خطبة الجمعة..
ارتفع صوت الخطيب لكن فور أن ولج هذا الصوت لأذن دُرّ حتى انتفض داخلها، فهو نفسه ذات الصوت الذي سمعته بالأمس من أسفل وكان يتحدث بحديث كان رسالة لها من رب العالمين..
بينما بالأسفل كان حارثة هو من كان يرتقي المنبر، فالشيخ الذي يجمع كثير من الشباب في حلقات لتعلم الدين ومن باب التشجيع وحثهم على العلم والبحث يجعل لكل واحدٍ منهم خبطة جمعة ولا يأتي الأمر إلا بعد تدرب وعلم، وكان اليوم يوم حارثة، ولم يكن محور خطبته إلا عن التوبة، والحرص أن نكون أشخاص نافعين لغيرنا فبدلًا من جلد العاصي الغافل بالكثير من العبارات السلبية المُحطمة، نمدّ له يدنا ونُعينه على العودة ونكون جسرًا يعبروا من خلاله لله..
وختم حديثه بقوله:-
-العائد إلى الله كُن على يقين أنه لن يتركك الله، سيُسخر لك من يُعينك ويقربك إليه، قد يكون صُحبة أو شخص أو رسائل يبعثها لك ويرشد قلبك لها ويجعلك تفهم مغزاها، كُن على يقين أنك وأنت بطريقك لإرضاء الله سيُهدي الله خطواتك وسيكون لك صاحبًا، فهذا وعد الله حين قال جلّ جلاله (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَـمَعَ الْـمُحْسِنِينَ)..
وانتهت الخطبة التي استمعت لها دُرّ بتركيز وشعرت وأنها رسالة أخرى لها، همست بداخلها:-
-شكرًا يارب على لطفك وكرمك .. وربنا يجازي الشخص ده خير يارب ويزيده كمان وكمان..
عادت دُرّ لمنزلها بعدما ودعت أصدقاءها لحين اللقاء القادم، بدلت ملابسها مسرعة واتجهت نحو الشرفة وهي تحمل بعض الأشياء..
افترشت الأرض مبتسمة وأخذت تزرع شتلات من الورود والزرع بسعادة، وضعت شتلة الياسمين وهي تشتمها بنهم لتغمغم:-
-آآهٍ لو تعلم عن مدى عشقي لك يا زكيّ الرائحة..
دلفت خديجة والدة دُر للغرفة وهي تهتف:-
-دُرّ حبيبتي .. أنتِ رجعتي..
أجابتها دُرّ وهي بالشرفة:-
-تعالي يا خوخة أيوا رجعت..
-أيه يا بنتي اختفيتي جوا ليه كدا .. أنتِ مستعجلة على أيه .. آآه قولي بقى بتزرعي..
هتفت دُرّ بمرح:-
-أنا لقيتك مشغولة مع الحاج قولت أخلص الزرع وأجي أشوف أيه سرّ الروايح إللي بتهلّ من بدري دي …حلويات أحلى شيف في المنطقة كلها..
جذبت والدتها المقعد ثم جلست وهي تتنحنح قبل أن تقول بجدية:-
-دُرّ .. أنا عايزه أتكلم معاكِ في موضوع مهم، أنا عارفه إن المفروض كنت عرفتك من بدري بس معرفتش أكلمك وأنا شيفاكِ كنتِ في الحالة دي وقولت لغاية ما تفوقي..
تعجبت دُرّ من حديث والدتها وأسرعت تقول بوجل:-
-خير يا ماما .. قولي عالطول .. حصل حاجة!!
ابتسمت خديجة وقالت بحسم بصوتٍ مليء بالسعادة:-
-لا يا حبيبتي خير، دُرّ أنتِ متقدملك عريس .. ومش أي عريس يا دُرّ، وهما جايين إن شاء الله بعد العصر.
تجمدت دُرّ وتطلعت بوالدتها بأعين متوسعة مصدومة، في مثل هذا التوقيت!! هي الآن ليست مؤهلة لتلك الخطوة بينما تُشيد حياة جديدة، لا تريد أن يُعيقها عائق..
رددت بتشتت ودهشة:-
-النهاردة وبعد العصر ولسه جايه تقوليلي يا ماما، أنا مش مستعدة للخطوة دي دلوقتي..
تنهدت خديجة ثم قالت بهدوء:-
-بصي يا دُرّ واسمعيني كويس يا حبيبتي، هو يبقى ابن أعز صديقة ليا وبنت عمتي كمان، هتبقى زيارة عائلية لأننا متقبلناش بقالنا كتير جدًا ومن ساعة ما اتجوزنا والحياة أخدتنا من بعض .. حتى أنتِ مشوفتهاش قبل كدا ولا اتقابلتوا .. أبوكِ سأل عن حارثة واللهم بارك يا دُر .. اقعدي معاه مش هتخسري حاجة يا حبيبتي ومحدش هيجبرك على حاجة..
كان قد اختنق الحديث بالنسبة لدُرّ حين اخترق اسماعها اسم “حارثة”، نفس الاسم لصاحب هذا المنشور، هل من الممكن أن تكون صدفة اسم لا أكثر؟!
تزايدت خفقات قلبها لسببٍ مجهول وتردد بأسماعها تلك الجملة التي قالها هذا الشخص الذي كان بالمسجد..
العائد إلى الله كُن على يقين أنه لن يتركك الله، سيُسخر لك من يُعينك ويقربك إليه، قد يكون صُحبة أو شخص أو رسائل يبعثها لك ويرشد قلبك لها ويجعلك تفهم مغزاها، كُن على يقين أنك وأنت بطريقك لإرضاء الله سيُهدي الله خطواتك وسيكون لك صاحبًا، فهذا وعد الله حين قال جلّ جلاله (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَـمَعَ الْـمُحْسِنِينَ)..
هل من الممكن؟! هي مازالت على الأعتاب وبمجرد أن عادت فقط انهمر عليها الخير وانصب عليها صبًا، هل صحيح أن الذنوب تحجب الكثير من الخير؟!
نزلت بقلبها سكينة وطمأنينة لتُردد بشرود:-
-خلاص يا ماما مفيش مشكلة أنا مش هخسر حاجة، أنا كل اعتمادي واستنادي على الله وواثقة إن هيبشرني بكل خير..
¤عصرًا بمنزل دُرّ..
الأسرتان يجلسون للتعارف وتعويض ما فاتهم وما قطعته الأيام، وخديجة وروحية أخذوا يبثوا لبعضهم البعض أشواقهم بلهفة..
بينما في داخل غرفة دُرّ، كانت تعقد حجابها الطويل بطريقة ساترة ورقيقة، نظرت لوجهها الصافي بالمرآة الذي تنبض به الحياة والراحة، ابتسمت لتقول:-
-أيه السُكر ده يا بت يا دورا .. حقيقي الحجاب ده وبالطريقة دي مكونتش أعرف إن هيبقى جميل ورقيق كدا .. أنا إزاي كنت معترضه عليه ومش حباه .. دا جميل أوي، اللهم لك الحمد أنك شرحتي قلبي ليه وحببته لقلبي، ويارب كل حاجة تراضيك وبتحبها حببها لقلبي..
صمتت قليلًا ثم قالت:-
-أنا توكلت عليك يارب .. لو خير قربه ليا وقدره ليا ولو شرّ ابعده عني، لو هيعطلني ويبعدني عن طريقك إللي لقيته أخيرًا ابعده عني يارب..
وخرجت دُرّ لتدلف بخطوات ثابتة نحو حياة مختلفة تمامًا مليئة بالخير، مازالت فقط في البداية وستندهش بما سيُعطيها الله من خير، توبة صادقة بقلبٍ صداقًا حقًا..
يدٌ أخرى تمتد لها وقد ساقه الله لها ليكون جسرًا ومعينًا لها إلى الله..
وبمجرد أن جلست أمام حارثة وتلاقت خيوطهم أخيرًا قال حارثة وقد انتابته حالة غريبة فور أن وققت أعينه عليها:-
-دُرّ .. اسمك جميل أوي يا دُرّ..
هذا الصوت تعلمه جيدًا … رفعت رأسها تنظر له بأعين متوسعة وهي على وشك الإنهيار والبكاء لهذا القدر الغريب بل الغريب جدًا، يفوق قدرتها على الاستيعاب، وسألت مباشرةً لتُريح قلبها:-
-أنت كنت إمبارح في مسجد عمر بن الخطاب والنهاردة خطبت خطبة الجمعة..
عمل عقل حارثة ولا يعلم كيف خرج تساؤله هو الأخر ولا كيف جاء هذا الأمر بعقله:-
-الباكية؟! أنتِ الباكية؟
أخفضت رأسها بحزن والدهشة تغمرها وأدركت أنه حقًا نفس الشخص بقى فقط أن تعلم هل هو نفس صاحب هذا المنشور..
تبخر تشتت حارثة وتفرقت حيرته وشعر أن قلبه وأخيرًا قد رسى على شاطئ النجاة، ليردف بسعادة:-
-ربنا رزقك قلب طاهر يا دُرّ ومليان بحبه وجعلك من الأوّابين..
ألجمتها الصدمة .. هل صوت بكاءها الذي وصل إليه أمس لم يُفسره سوى بالطُهر؟!!
كانت الرسالة واضحة جدًا …لقد قرأت رسالة الله لها بشكل صحيح..
✲ ✲ ✲ ✲
بعد مرور عام.
تتكوم دُرّ فوق فراشها تبكي بحرقة شديدة وهي تحتضن كتاب بين أحضانها بشدة، ففي أحد الأيام وجدت منشور على تطبيق الفيس بوك، أحدهم يسب عمر بن الخطاب شعرت بالغضب الشديد وتأجج فضولها لمعرفة كل شيء عن هذا الصحابي الجليل .. نعم كانت تقرأ من قبل لكن الآن أدركت المعنى الحقيقي للقراءة الحقّ، أكانت تقرأ عبث وتاركة معرفة من هم الصحابة ومن هو رسول الله..
فأهداها حارثة الذي أصبح زوجها بعدما عقدا القِران بعد مرور خمسة أشهر كتابًا لسيرة وحياة عمر بن الخطاب لتعلم دُرّ أنه قد فاتها الكثير والكثير..
وحين وصلت لمقتل الخطاب لم تتمالك نفسها وانفجرت باكية بحرقة حتى ألامتها أعينها وهي تقرأ كيف كان يمرغ أميرة المؤمنين، الفاروق أبي حفص خده في التراب ويقول لولده عبد الله “ويلٌ لعُمر إن لم يغفر له ربُه غدًا” وحين أخذ يلحّ على حذيفة بن اليمان وهو يحتضر هل اسمه من ضمن المنافقين الذين أخبر الرسول بأسمائهم لحذيفة .. الفاروق يتسائل هل اسمه من ضمن اسماء المنافقين وهو أحد المبشريين بالجنة!!
هل هذا عمر بن الخطاب الذي يسبه مجموعة من الجُهال، وانفجر بداخلها الفضول والحماس لمعرفة صحابة رسول الله وكيف كان معهم..
ستعلم عنهم كل شيء .. هي محرومة والشوق يأكلها…
هرعت دُرّ ترتدي ملابسها، فستان واسع من لون الزمرد وحجاب طويل بلون الفانيلا حين وصلتها رسالة يخبرها حارثة بأنه اقترب من المنزل..
هبطت للأسفل لتجده ينتظرها وعلى محياه إبتسامة حانية، دلفت للسيارة فوضع باقة من الورود فوق قدمها واقترب منها يطبع قبلة حانية فوق جبينها وهمس:-
-الورد لدُرّ .. أحلى فسحة ويوم مليان بالمفاجأت للجميل إللي ختم عشر أجزاء، غير إن النهاردة بيصادف أول خطوة لكِ في طريقك..
رددت دُرّ بحماس وسعادة:-
-حارثة حقيقي أنا فرحانة وحاسه إن هطير.. الحمد لله يارب الحمد لله .. الفضل لله وليكِ ولمجموعة أُشدد به أزري، ولسه هكمل وهختمه إن شاء الله، شكرًا يا حارثة على كل حاجة عملتها علشاني ومساندتك ليا، أنت نعمة ربنا ورزق وخير هحمد ربنا عليه دايمًا.
أمسك يدها يُخلل أصابعهم معًا ورفعها يُقبلها بعشق وهمس:-
-لو تعلمي كم أعشق تلذذ نطق حروف اسمك يا دُرّي، قلبي بها ناطق، أمامك أفقد إدراكِ، فإني حين أجدُك أفقد لغتي وكلماتي..
احمرت وجنتيها وشعرت بقلبها ينبض بعنقها فتتنهدت براحة وهي تحمد الله بداخلها، من يُصدق بأن ثمة شخص بسبب منشور به بعض الكلمات أنقذها من الظلام كادت أن تندثر به للأبد أن تصادفه ويجعله الله لها داعم…
نعم، كان قدرُ الله مغمور بالرحمة والحنان والعناية…..
والآن … ووسط هذا الجمع الغفير من الُمحبيين أمام جناح لأحد دُور النشر تقف دُرّ وسط الكثير من المحبيين للكاتبة درّ وليس عاشقة الليل تتلمس كتابها الأول الذي طُبع على الأوراق تبتغي به وجه الله، لقد تخطت هذه العُقدة وتعافت لكن تلك الموهبة التي حباها الله بها لم تخفت وظلت تطاردها لتُقرر العودة لكن تلك المرة ليست كعابثة باسم الأدب لكن باعثة باسم الأدب..
نعم هي ذات الأحرف لكن شتان ما بينهما بخلاف الترتيب..
ستروي عطشها لهذه الموهبة لكن بالوجه الذي يُرضي الله..
ستكون خيرًا لنفسها ولمن حولها…
ستكون تلك الكلمات شاهدةً لها لا عليها..
النجاح والمجد تذوقته لكن مع الله له نكهة أخرى لا مثيل لها..
عند الله ستجد كُل شيء .. كل ما يتمناه قلبك وأكثر..
-تمت بحمد الله-

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عابثة باسم الأدب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى