روايات

رواية ساكن الضريح الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم ميادة مأمون

رواية ساكن الضريح الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم ميادة مأمون

رواية ساكن الضريح الجزء الحادي والثلاثون

رواية ساكن الضريح البارت الحادي والثلاثون

رواية ساكن الضريح الحلقة الحادية والثلاثون

نظراً لكبر سنها و مرضها المزمن ، هي لا تقوى على الاستيقاظ مبكراً لتؤدي صلاتها، فبالله من هذا المزعج الذي قاده القدر حتى يأتي و يدق بابها الان.
رفعت السيدة مجيدة جزعها العلوي، نافضة غطائها من عليها، تصيح بصوت جاهور.
-الله يخرب بيتكم، اروح ارتاح منكم فين دلوقتي،
اذا كان الراجل الكبير بيخاف يعمل صوت و هو قايم من جانبي عشان مايصحنيش، تقومو انتو تيجو و تخبطو عليا دلوقتي.
اتاها صوت شقيقتها المفزع من الخارج
-افتحي يا مجيدة، الحقيني يا اختي.
ضمت السيدة مجيدة حاجبيها واستندت بيداها على الفراش الي ان وقفت من عليه وهي تهتف.
-يا لهوي ماجده ادخلي يا بت، ايه اللي حصل يا اختي.
دفعت ماجده الباب فاتحه اياه، لتفزع شقيقتها بالرعب الواضح على وجهها.
-الحقيني يا مجيدة البت اختفت.
ضربت الحاجه مجيدة يدها على صدرها بشهقة
-اختفت يعني ايه هي مش كانت نايمه جانبك يا مده…. انتي.
ماجدة بدموع غزيرة
– ايوة طول الليل و هي نايمة جانبي، و حاسه بيها لحد ما المنبه ضرب قومت عشان اديها علاجها و اصلي الفجر،
لكن مالقتهاش، قولت يمكن نزلت لوحدها الحمام و مارضيتش تصحيني، جريت عشان اشوفها فيه بس برضو مالقتهاش.
الحاجة مجيدة فارضة حسن النية
-طب اهدي يمكن قاعدة لوحدها في ركن هنا ولا هنا، و لا دخلت اوضتها تنام فيها.
ماجدة نافية
-انا دورت عليها في كل حته، و مالك جوه في اوضتهم انا سامعه بيقرأ قرأن يعني لو كانت دخلت ليه كنت هاسمعه بيكلمها.
مجيدة موبخها على تشاؤمها هذا
-انتي هاتقفيلها في وشي و تقعدي تندبي ليه، وسعي اما اقول لجوزها واخليه يلحق يشوف البت راحت فين.
اندفعت كالسهم نحو الخارج، و هي من خلفها و اتجهت الي بابه قاصدة فتحه دون استئذان،
و قبل ان تتفوه أحدهن بكلمه، تنفسو الصعداء وهم يروهم على هذا الوضع، هي غافية على قدمه، و هو يتلو القرأن بصوت عذب.
اردفت مجيدة مبتسمة بمحبة لهم
-اطمنتي على بنتك يا ماجدة، اهي دورت على امانها و جات نامت في حضنه اها.
جففت ماجده دموعها براحة يدها، وابتسمت لهم هي أيضاً بفرحه
-ايوة اطمنت يا اختي ربنا يريح بالهم و يطمنا عليهم دايماً يا رب.
صدق مالك على آياته و التفت إليهم بانزعاج هامساً
-انا بقى اللى خلاص فاض بيا منكم ومن فضولكم انتو اللي الاتنين، ثم على صوته فجاءه….
ممكن تقفلوا الباب ده وتسيبونا في حالنا بقى شويه، اطلعوا برررررره…
انفزعت السيدتان و زجوا بعضهم للخارج سريعاً و هم يضحكون، لتهتف مجيدة في اختها.
-ادخلي نامي يا ماجدة، و اعرفي ان مافيش حد في الدنيا دي هايحب بنتك و يخاف عليها اد مالك، و ادعليهم يا حبيبتي ربنا يهدي سرهم.
ماجدة موافقاها الرأي مؤمنة على كلامها
– امين يا رب يا مجيدة ياختي.
انتفضت الجميلة الغافية، أثر صياحه و غلق الباب بقوة، لتفتح عيناها و تعتدل جالسة ضاممة نفسها بخوف الي صدره متشبثة جيداً بكنزته الرياضية و بدء جسدها يرتجف.
مالك مهدئاً لها
-بس اهدي يا شذى، مافيش حاجه انتي معايه و في حضني اهو.
رفعت وجهها قليلاً لتتقابل ماستيها مع بندقيتيه..
حتى تطمئن، هي معه هو حبيبها امانها و مالك قلبها، تنهدت و اغلقت عيناها و اراحت رأسها على كتفه.
حملها بين يديه، و اتجه بها نحو الفراش، مددها عليه، و حاول فك يديها من حول عنقه لكنه فشل، لتجبره على التمدد بجوارها رغماً عنه، و هو يتأفف ليهمس في اذنيها.
-ماتفتكريش ان كده ممكن اسامح او ارجع عن القرار اللي اخدته، اللي قولته هانفذه يعني هانفذه يا شذى.
كأنها طفلة صغيرة تصرخ رافضة ما يقوله لها أباها، غمرت وجهها في صدره، ليشعر بغزارة دموعها على كنزته، فتنهد و انزل يدها من علي عنقه، ليلفها حول خصره قاصداً ان يضمها بقوه اليه، ليحاول ان يفهمها.
شذى كفاية بقي انا بجد حاولت كتير معاكي، بس زي ما انتي تعبانة انا كمان تعبان جداً و مابقتش قادر اتنازل اكتر من كده، و متهيألي
اننا لما نسيب بعض، اقدر اخد بالي و اكون جانبك بصفتي ابوكي او حتى اخوكي الكبير يا شذى.
-للللاء
أخيراً خرج صوتها الممتلئ بالاهات و الشهقات، رافضه ما يقوله او حتى مجرد التفكير فيه.
-مش عايزاك ابويا، و لا حتي اخويا، عايزاك تفضل حبيبي و جوزي، اوعي تسيبني او تبعد عني، ااااانا اسفه.
لتمس قلبه بكلمتها التي لا يستطيع ردعها ابداً.
-حبني
اغمض عينيه بقوه، متنفساً الصعداء، واضعاً يده خلف رأسها قاصداً ضم وجهها الي صدره بقوه هامساً لها.
-نامي يا شذى، و من بكره بأذن الله هاتبدئي تحضري الدروس اللي قولتلك عليها.
اومئت له برأسها متوهمه بأنه قد عفي عنها
-حاضر، بس انت ماتسيبنيش.
❈-❈-❈
نائمه في فراشه براحه تامة، مستمدة الراحة و الامان لمجرد استنشاقها رائحته، فتحت عيناها تبحث عنه بشوق، لتصتدم بالواقع الأليم، امانها غير موجود!!
انفزعت برعب من مخضعها و هي تتفقد الغرفة بأكملها، تبحث عنه و لم تجده.
جرت للخارج تصرخ بأسمه تريده هو لا غيره،
ترجلت على الدرج سريعاً، تكاد تتعثر عليه من شدة سرعتها.
لينفذعوا و هم جالسين من صوتها و شكلها،
فهي تترجل بمنامته الشتوية ذات الاكمام الطويلة لكن بنطالها ضيق و ملتصق جداً بقدمها، وشعرها مفرود على ظهرها وغير مرتب.
وعلى اخر درجتان من السلم، سقطت على وجهها.
ليجرو عليها والدتها و خالتها قاصدين إيقافها.
ماجدة بشهقة
-اسم الله عليكي يا حبيبتي، حاسبي يا شذى كده برضو يا بنتي.
شذي بصراخ
-مالك فين يا ماما؟
مجيدة ساخره منها ضاممه اياها الي صدرها
-احمدي ربنا انه راح شغله و ماشفكيش وانتي نازله كده، و الا كان زمانه ماطلع جننوته عليكي.
ليصيح الشيخ حسان و هو يرحل خارج البيت قاصداً تعنيفها
-و لا كان هيتأثر مالك طول عمره مايعجبهوش الحال المايل، و خلاص فاق
من الغومه اللي كان فيها.
لم يفهمو ما يقوله، و بالأصح لم يهتموا بما يقوله كثيراً، لكنها تفهمت عليه، لتنهار بالكامل و تعود لصراخها، و جذب شعرها كالمعاتيه…
-انا عايزة مالك، عايزاه يجي.
وقفت والدتها تحاول تهدئتها، بينما فتحت خالتها الاتصال بينها و بين ابنها.
أجاب مالك الاتصال و هو بزي العمليات، مستعد لإجراء جراحه عاجله.
-الو ايوه يا امي
السيدة مجيدة برجاء
-مالك سيب اللي في ايدك و تعالي بسرعه، شذى من ساعة ما صحيت من النوم، و هي عماله تصرخ وتنادي عليك،
و لما عرفت انك مش موجود، عمالة تصرخ وتشد في شعرها و منهارة على الاخر.
مالك باندهاش
-دا على اساس اني قاعد في البيت اللي جنبكم، اقفلي يا أمي، و قولي للهانم اني مش هاسيب شغلي، و اشتغل دادة ليها.
مجيدة محاوله استعطافه
-طب حتى قولها كلمتين هديها بيهم يا بني عشان خاطرها يا مالك دي شذى برضو يا ولاا.
اه يا شذى يا من يرى الجميع كيف احبك، لكن انتي تغلقي عينك و تطلبيه دائماً.
مالك بهدوء
-افتحي الكاميرا زي ما علمتك و اديها الموبايل يا أمي.
مجيدة بموافقة
-حاضر يا حبيبي،
فعلت مثلما قال و اقتربت منها، ليراها على وضعها هذا و يستمع الي والدته التي تحاول تهدئتها،
-بس يا حبيبتي امسكي التليفون، بصي مالك اهو يا شذى.
صمتت عن صراخها ملتفته الي ما في يدها، لترى حبيبها عبر شاشة الهاتف، لتردف هامسة و هي تعض على طرف اصباعها.
-مالك.
اغمض مالك عينيه يحاول الا يثور عليها:
-ممكن افهم ايه اللي انتي عاملاه في نفسك ده، هو انا مت يا شذى.
شذى ببراءه
-لاء انت سيبتني.
مالك منزعجاً
-سيبتك وروحت فين انا في شغلي، وعندي عمليه مهمه دلوقتي، ومش ناقص ضغط على اعصابي، ممكن تبطلي بقى صريخ و عياط، و تاخدي علاجك و تفطري يا شذى.
شذي كاتمه صراخها
-تعالي يا مالك، انا خايفه ماتسبنيش لوحدي.
مالك مهدئاً لها و لنفسه
-هاخلص شغلي و اجي، بس يا ريت انتي بقى تسمعي الكلام و تاخدي العلاج بتاعك.
ما كان منها الا ان تطيع أمره، لكنها انزعجت لأنه لم يعقب على مظهرها، ظنت ان والده قد صدق في قوله
فهمت واقفه من علي الدرج لتظهر له جسدها بالكامل.
ليلفت نظره جلوسها على الدرج بالأسفل، و بهيأتها الخاصه به هو فقط.
مالك بصوت مرتفع
-ثانية واحده كده، انتي نازله لحد تحت بالبيجامه، و بشعرك كمان يا شذى.
الأن تهطل دموعها على وجنتيها، لا لأنزعاجها بل فرحاً لألتماسها غيرته عليها.
مالك بزمجره
-انتي لسه واقفه مكانك يا هانم، طب اقسم بالله يا شذى لما اجيلك لأكسر دماغك الناشفه دي.
انفزعت أثر صراخه عليها، والقت الهاتف لوالدتها و جرت صاعده للأعلي سريعاً.
أدارت والدتها الهاتف، ليراها هو تصعد الدرج بسرعه فائقة.
ليبتسم هو على حب صغيرته، و خوفها منه، و يغلق الهاتف دون الحديث مع احد.
❈-❈-❈
كانت عيون صديقه المندهش تماماً، متعلقة به
ليستفهم قائلاً
-بتبص لي كده ليه؟
حسام بعدم تصديق
-هي دي شذى مش كده، اللي انت لسه كنت بتقولي هاتكتب البيت بتاعي بعد ماتشتريه بأسمها و هطلقها؟
مالك متنهداً بقلة حيلة
-انا عارف بقى يا حسام، هاتجنني معاها، لا قادر ابعد عنها ولا قادر أقرب ليها و انسى اهانتها ليا،
انا حكيتلك انت عشان كنت حاسس اني لو ماتكلمتش، هايحصلي حاجه، و خوفت من كتر مانا ضاغط نفسي اني اخد قرار غلط.
حسام موضحاً له
-القرارين غلط يا مالك
مالك ناظراً الي صديقه
-مالهاش قرار تالت يا حسام يأما اتغاضى عن إهنتها ليا و اسامحها.
يأما أطلقها و ابعدها عني، بس لازم تكون تحت عنيا برضو.
اردف حسام
-و في الحالتين ده هيكون عقاب ليك انت مش ليها يا مالك، تقدر تقولي عايز تطلقها ازاي و انت بتحبها كل الحب ده.
هاتقدر تشوفها رايحه جايه قصاد عينك، وتغض بصرك عنها يا مالك.
بلاش دي حتى لو ده حصل و طلقتها، جيبت منين فكرة انها هاتقبل تعيش في البيت اللي انت شاريه ليها. ًََ
❈-❈-❈
يقولون ان مريض الاكتئاب دائم العزله، منطوياً على حاله، لكن أميرتنا الجميلة عاندت حتى في هذا،
و إن كان الاكتئاب يسجن صاحبه في قفص الحزن، ستبدل هي هذه القاعدة وتفتح لنفسها باب القفص، لتطير بحثاً عن السعادة.
صعدت مهرولة الي غرفتها، بعد أن ألقت الهاتف بين يدي والدته، اغلقت الباب خلفها و استندت بظهرها عليه، ضمت كفيها الي صدرها، لتحاول ضبط شهقتها و هي تبتسم بحب، و سماء عيناها تمطر دمعاً،
نظرت الي فراشهم و اتجهت اليه، تمددت في مكانه تستنشق رائحته العالقة في وسادته، بالأساس لم يتركها منذ الكثير، لكن هي تشعر انه غائب عنها ضهر من الزمن،
تريده هو لا غيره، و ستغير تلك الفكرة التي امتلكت عقله، لن تتركه يفعل بها هذا، يقول انه سيعطيها حريتها، بل هي تريد أن تظل سجينته هو.
اعتدلت من مخضعها فاجئه، و لمعت عيناها بفكره، ابتسمت و انطلقت الي المراءه تنظر لنفسها فيها وتتحدث بصوت مسموع….
-براڨو عليكي يلا جهزي نفسك بسرعه، عشان تقدري تجهزي كل حاجه قبل ما يجي.
أمسكت فرشاتها وبدئت تمشت شعرها، جمعته بالكامل في كعكه كبيرة، و جذبت اول شئ أهداها زوجها به، إسدال الصلاة ارتدته على عجاله، و التفتت لتتجه للخارج سريعاً.
دلفت الي غرفة والدتها، و فعلت مثلما طلب منها تماماَ، جذبت حقيبة دواءها و بدئت تبتلعه حبه ورا الاخري، كما هو مدون عليه ثم جرت للخارج سريعاً.
❈-❈-❈
هاتان الشقيقتان لا يهدأن ابداً، حيث جلست كل منهن تشغل نفسها بإعداد شئ معين من الطعام، و هن يثرثرن كعادتهم.
الحاجه مجيدة بضحك
-ههههههههه طب و النبي هما الاتنين عاملين زي القط و الفار.
ماجدة تاركة السكين من يدها
-و الله ياختي انا اللي زهقت منهم هما الاتنين، شويه يبقو عاملين زي عصفورين الكناري لذاذ كده وهما مع بعض،
و تحبي تملي عنيكي منهم، و شوية بقى اجارك الله، يبقو مش طيقين بعض و يقلبو على بعض لما جننوني.
-ههههههههه ما هو الحب كده يا بت، انتي نسيتي و لا هو محمد العسال مكانش قط معاكي، قال علي رأي الست….
الحب كده وصال و دلال
-الله الله يا حاجة مجيدة يا عسل، اعد يا ست اعد.
كان هذا صوت المشاغبة الصغيرة، التي ولجت عليهم و هي تتمايل من علي صوت دندنة خالتها.
اردفت ماجدة بنظرة ضاجرة
-بقى دي اللي كانت عاملة تصرخ و تشد في شعرها من شوية.
شذي بدلع
-الله بقى يا ماما، هو انتي يعني عجباكي رقدتي في السرير قوي.
تدخلت الحاجة مجيدة نافية
-لاء يا روح خالتك، احنا مش عايزين غير سعادتك و ان ضحكتك الحلوه دي ماتفارقش وشك ابداً.
شذي ضاممه حاجبيها
-شوف شوف مين بيتكلم، مش دي مامتي اللي كانت هاتضربني بالشب.. شب امبارح.
تصنعت مجيدة الغضب و علا صوتها بغضب
-بت اتعدلي لأحسن اقوم اقطعه عليكي، مش اضربك بيه بس.
جرت عليها تقبل رأسها و هي تضحك بمرح.
-هههههههه بهزر معاكي يا مجودة، هو انتي علطول خلقك ضيق، و نرفوزه كده.
ماجدة مصدقة على كلامها
-اه اختي مجيدة طول عمرها عصبية و نرفوزه، و ياه بقى لو حد وقف قصادها، و ماعملش اللي هي عايزاه.
شذي جالسه على مقعد بجوارهم ناظرة الي خالتها
-انتي هاتقوليلي يا مامتي، دانا من ساعة ما جينا هنا، و انا واخده بالي من الموضوع ده كويس اوي.
الحاجة مجيدة بحزم
-انتو هاتلأفوني لبعض ياختي انتي و هي و لا ايه، يلا يا ماجدة اخلصي خلينا نخلص الاكل،
و انتي ناوية تساعدينا و لا هاتطلعي تجهزي نفسك لحد ما نخلص الاكل، و بعدين نروح الدرس سوي.
شذي بابتهاج
-لاء انا عايزه اعمل حاجه تانية غير اللي انتو بتعملوه ده، و بعدها هاجهز و اروح معاكم.
ماجدة
-حاجة ايه دي اللي عايزة تعمليها يا شذى.
شذي بمرح و عين براقة
-عايزة اعمل رز بلبن.
وضعت الحاجة مجيدة قبضتها تحت ذقنها مبتسمة لها مردفة
-بت يا شذى انتي بطبقي المثل اياه.
شذي بمكر
-مثل ايه دا يا خالتو.
-المثل اللي بيقول ان اقصر طريق لقلب الراجل معدته يا روح خالتك.
❈-❈-❈
حضرت معهم تلك الجلسه الذي يطلقون عليها بالدرس، هي عبارة عن جلسة تفسير و تحفيظ للأيات، يتضمنها بعض النساء، و من تعطيهم هذا الدرس وتحفظهم سيدة ذو وجه بشوش.
و بعد أن انتهو و عادوا سوياً، اعدو طعام الغذاء على الطاوله، لتجلس ماجدة و مجيدة
و الشيخ حسان على مقاعدهم يستعدون لتناول طعامهم،
بينما جلست هي على الاريكة الخشبية عيناها على الباب الكبير.
حزنت والدتها من أجلها، فهي علمت ما يدور بعقلها و اردفت….
-شذي تعالي يا حبيبتي كلي، انتي مافطرتيش و اخدتي علاجك على معده فاضية.
شذي مؤكدة
-هاتستني مالك لما يجي يا ماما.
لتحدثها خالتها
-طب اتصلي بيه وشوفيه خرج من المستشفى ولا لسه، ولو لسه هناك يبقى تيجي تاكلي و لما يجي ابقى كلي تاني معاه.
شذي و قد ادمعت عيناها
-كلمته كتير و مش بيرد عليا.
-يبقى ماتتصليش بيه تاني.
كان هذا صوت الشيخ حسان، الذي افزعها و نفضها عن جلستها لتهب واقفه، و تنول عنها خالتها حق الرد، تتحدى زوجها أمامهم.
-اومال تتصل بمين يا شيخ حسان، دا جوزها وليها حق عليه، تتصل بيه وقت ما تحب يا خويا.
الشيخ حسان معنفاً
-و هو جوزها ده ص… و لا بلطجي ماورهوش حد غيرها، ده دكتور جراح قد الدنيا، بيداوي قلوب الناس مش فاضي للعب العيال ده.
لقد ظهر كرهه لها أمام الجميع، ولا تعلم ما السبب، كيف لذلك الكهل المحب للجميع، و الذي يحبه الجميع أن يحمل لفتاه صغيرة
مثلها في قلبه ضغينة.
نظرت اليه تلومه بدموعها، و تطلق سراح قدميها صاعده الي مخبأها، هاربه من أمامهم جميعاً.
❈-❈-❈
عاد حبيبها إلي البيت، في تمام الرابعة فتح باب غرفته ليجدها جالسة على الأرض، مستنده بظهرها على خزانة ملابسهم،
ضاممه ركبتيها الي صدرها، و وجهها احمر أثر الدماء المحتقنه به.
انقبض قلبه عليها، جلس على الفرش في مقابلها سائلاً.
-قاعده لوحدك كده ليه.
لم تلتفت اليه و همست
-مش عايزه اقعد مع حد.
-طب ليه حصل حاجة ضايقتك؟
هذه المره تولت هي لغة الإمارة لتقول كلمتها ناظرة له بتحدي و امر
-انا عايزة ارجع بيتي، مش عايزة اقعد هنا.
بمجرد ان توفهت بتلك الكلمه، علم انها اصتدمت في الحوار مع والده.
-برضو ليه يا شذى.
وقفت امامه صارخه، تنهمر الدموع من عيناها بشده، منفعله بطريقة هسترية، لدرجة انها بدئت تخدش وجنتيها بأظافرها.
-كده مش عايزه اقعد هنا و خلاص، انا اصلاً مافيش حد بيحبني هنا، حتى انت كمان مش بقيت تحبني، و اصلاً انت عمرك ما حبتني.
مالك محاولاً السيطرة عليها، ضاممها الي صدره بانفعال…
-ايه اللي انتي بتعمليه ده، حرام عليكي بقى انتي بغبائك ده تعبتي نفسك و تعبتيني معاكي.
جلس بها ارضاً و اجلسها على قدمه، و هو مغلق على جسدها بيديه.
شذي بدموع تحرق صدره
-حرام عليك انت، انا حاسه اني بتخنق هنا مشيني من هنا و الا هاموت نفسي.
تباً لهذا المرض اللعين، ابهذه السرعه تملك منها الاكتئاب، لتصل الي اخر مرحله به الا و هي الانتحار.
ابعد مالك وجهها عن صدره، مندهشاً مما تقوله.
-اوعي تجيبي السيرة دي او تقولي كده تاني، مش عايز اسمعك بتجيبي سيرة الموت على لسانك تاني.
عادت مره اخرى تلتصق بصدره، بعد أن شعرت بخوفه عليها.
-طب لو بتحبني بجد خليني امشي من هنا.
رجعني شقتنا.
ضمها مالك الي صدره اكثر مهدأً لها رابتاً على جسدها بيديه
-طب ممكن افهم حصل ايه بس عشان ابقى فاهم.
-مافيش بس مش عايزة اقعد هنا و خلاص،
قالت جملتها هذه و هي تحاول التودد له مثل هره صغيرة تلتمس الحنان من صاحبها.
مالك وهو يبتلع لعابه و يبعدها عنه برفق
-احمم مش هاينفع يا شذى، انا قولتلك قبل كده اننا هانقعد التلات شهور الحرم هنا، و بعدين ماتستعجليش قريب قوي هاتروحي بيتك
وقف من علي الأرض معطيها ظهرها، مستنداِ على مكتبه.
لم تعي ما يدور برأسه، وقفت تضمه من الخلف محتضنه خصره النحيل بين يديها الرقيقتان، مريحه رأسها على ظهره.
-طيب هاستني لحد ماتخلص اللي وراك و نروح سوى من هنا، عارف انا عملت ليك حاجه انت بتحبها اوي، عملتلك رز بلبن، هاروح احضر ليك الغدا و اجبلك كل الاطباق من تحت.
لتتركه و تجري نحو الباب ليفاجئها هو بأيقافها قبل أن تفتح الباب…
-انا صايم يا شذى.
تفاجئت برده هذا، و ضمت حاجبيها له متسائلة
-صايم ليه احنا مش في رمضان، و لا النهاردة الاتنين و لا الخميس.
مالك و هو يفهمها
-بس النهاردة الثالث عشر من شهر رجب اول الايام القمرية زي ما بيقولو.
طب ليه انت لوحدك بس اللي صايم، ماقولتليش ليه عشان أصوم معاك، أو حتى خالتو و بابك هما كمان مش صايمين.
مالك موضحاً لها
-بأختصار لان ابويا وامي أصحاب أمراض مزمنة، و ماقولتش لحضرتك عشان العلاج اللي انتي بتاخديه.
عادت شذى اليه منحنية الرأس تفرق اصابعها ببعضهم
-خلاص مش هاخد العلاج ومن بكره هاصوم معاك.
جلس مالك علي مقعد مكتبه يشلح حذائه، و هتف ساخراً
-لاء و النبي، اذا كنتي و انتي بتاخديه عامله فيا كده و مطلعه عليا جنونتك
دي، اومال بقى لو بطلتيه هاتعملي فيا ايه.
تألمت من سخريته و جلست على الفراش بهدوء
-بس انا مش مجنونه، ماتقولش عليا كده.
مالك و هو يتمدد بجوارها
-حاضر مش هاقول كده ممكن بقى تسيبيني انام الساعة دي، و أبقى صحيني على أذان المغرب، عشان افطر على الرز بلبن بتاعك.
سريعاً ما اقتربت جالسه منه، و بفرحه عارمه اجابته
-حاضر انا هافضل قاعدة جانبك هنا واول ما المغرب يقرب يأذن هاروح احضر ليك كل حاجه.
اومئ لها و اغمض عينه، ليشعر بأصبعها الرقيقة و هي تتشابك في اصابعه القوية.
شعر بالراحة الكاملة الان، و كأن تعب اليوم كله ذهب هباء عنه، لينعم بقسط من الراحة و يغض في نوم عميق.
❈-❈-❈
اعدت له صنية ممتلئة من الاطباق التي، يشتهيها و يحبها، و لم تسهو بالطبع عن حلواه المفضله، و صعدت بها إلى الأعلى حيث غرفته.
و بكل رقة غلغت اصابعها في شعراته القصيرة هامسه له بهدوء.
-مالك حبيبي اصحي الاذان بيأذن.
فتح عينه لتقابل عيناها، شامله وجهها بالكامل، ثم ارتكزت على شفتيها الرقيقتين التي تهمس له دائماً بأرق كلمه.
شذي مستغلة نعاسه و عدم تركيزه
-حبني.
مالك كالمسحور بها.
-بحبك.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ساكن الضريح)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى