روايات

رواية ساكن الضريح الفصل الحادي عشر 11 بقلم ميادة مأمون

رواية ساكن الضريح الفصل الحادي عشر 11 بقلم ميادة مأمون

رواية ساكن الضريح البارت الحادي عشر

رواية ساكن الضريح الجزء الحادي عشر

رواية ساكن الضريح الحلقة الحادية عشر

صوت النساء و الاناشيد الإسلامية ملئ البيت، لقد اقبلو جميعهم مهنئين السيدة مجيدة، فارحين من أجل ابنها طبيبهم العزيز، و الذي لم يمنع نفسه ابداً اذا طلبه أحدهم للكشف عليه.
وسط كل هذه الفرحه، كان هو ينزل من علي الدرج برأس متخبط، لا يعلم اذا كان قد لان قلبه بالفعل لتلك الصغيرة ام ماذا؟
بالأول كان يريد كسر رأسها، يريد ازلالها، حتى لا تسحره، لا توقعه في شباكها، لكن و على ما يبدو…
أنه قد وقع، و كسرت أنفه حين لمست وجنتها موضع قلبه.
-مالك
مالك
مالك!!
خرج من المنزل وسط صيحات والدته و خالته عليه، ولم ينتبه الي ندائهم.
تخطي حشد الرجال الملتفين حول ابيه، و الذين حاولو الاقتراب منه ليهنؤه، لكنه رحل عنهم دون أن يرد على أحدهم حتى التحية.
الي ان هادته قدماه للمكان الوحيد الذي يأنس به، و يلقى بكل همومه فيه (الضريح)
صلى فرضه و ركعتين استخارة، جلس يقرأ في كتاب الله العزيز، الي ان غفى بدون ارادة.
و في منامه رأي…
شيخ طويل القامه، وجهه ابيض مثل اللبن، يشع منه نور جميل يرتدي جلباب ابيض و يعلو رأسه وشاح أخضر.
يقترب من مجلسه، و يشاركه وحدته.

 

الشيخ : السلام عليكم يا طبيب القلوب.
مالك بتردد : و عليكم السلام و الرحمة، حضرتك تعرفني!
-انت مالك.
ضحك مالك له مستفهماً وساخراً.
-بتسألني عن حالي، و لا بتنطق اسمي؟
-لاء بوصفك! اسمك مالك، و صفتك مالك.
مالك بدهشه : طب اسمي مالك و دي معروفه، لكن صفتي دي بقي اللي مش فاهمها
انا املك ايه بقى انشاء الله!
-تملك حب الناس، تملك احترام الكل ليك، تملك حسن الخلق، و تعرف دينك كويس،
و تملكها هي كمان!
التفت برأسه علي من كان يشير الشيخ بيده، وجدها تقف على بعد منهم، ليكمل الشيخ…
تملك قلبها، و طاعتها لك، و عليك أن تطيعها، و تحسن عشرتها أيضاً.
مالك بهجوم : قصدك اخضع ليها.
-ماقولتش كده، الرجال قومون عن النساء، و حواء خلقت من ضلع ادم عليه السلام، فعليك تعليمها أصول دينها أولاً، وتطبعها على طبعك انت ثانياً.
-و اذا كنت مش عايزها.
-هي امانك و مأمنك، سكينتك و مسكنك، و انت لها و هي لك، فارضي بما قسمه الله لك.
و تزوج من ذات الدين، إن جاء المال شكرت، و إن ضاق الحال صبرت.
-و ليه انا اللي اتجبر،
الشيخ مبتعداَ عنه بأبتسامه: انت لا تجُبر على شئ، و لكنك تجَبر خاطر انيستك في دنياك، هي لك و انت مالك قلبها.
❈-❈-❈

 

عاد الي منزله، وجد والدته تجلس وحدها تنتظره، وسط سكون المنزل.
-حمدلله على السلامه، جري ايه يا دكتور، في حد برضك يسيب معازيمه، و الناس اللي جاين يهنوه، و فرحانين عشانه و يمشي كده، ننادي عليك انا و خالتك ماتردش علينا.
-كنتي عايزة مني ايه تاني؟
مش خلاص مشيتي اللي في دماغك، و عملتي كل اللي انتي عايزاه.
التمست غضبه لكنها اقتربت منه، و ملست على كتفه بوجه مبتسم.
-عملتلك الصالح، عارفه انك زعلان، بس صدقني مش هتنفعك و تصونك غير بنت خالتك.
-بتقولي ايه انتي مش كنتي قاعده و هي بتحكي اللي حصلها،
بنت خالتي اتكشفت على واحد غريب عنها قبلي، انتي ظلمتيني يا أمي.
-بالعكس انا اللي ماكنتش اعرف، انك ظالم يا دكتور!
ال و انا اللي قولت ابني متعلم في بلاد بره، دكتور كبير و عارف دينه على أصوله.
عمره ما هيكون زي كل الرجاله المتخلفين، اللي بيفكرو في نفسهم و بس، طلعت ماتفرقش حاجه عنهم.
-انا بفكر في نفسي! انا ماقولتلكيش اني عايز اتجوز اصلاً.
و انتي عارفه كويس، اني رافض الموضوع من أساسه.
-و اديك اتجوزت، قبلت بقى او رفضت بقت على ذمتك و بتحمل اسمك، و نايمه في فرشتك مستنياك يا عريس.
انا ماغصبتكش على الجواز يا بني، بالعكس انا بصونك و بعفك و بديك جوهرة.
ادفنت في التراب غصب عنها، عليك انت بقى انك تلمعها، و تظهر للناس بريقها.
مالك بغضب

 

-مش هلمسها انتي فاهمه، و زي مانتي طلبتي مني، هاكون ليها اب و بس مش حاجه تانيه يا أمي.
ثم تركها و صعد للأعلى.
مجيدة في سرها
-هانشوف هتصمد اد ايه يا دكتور.
لترفع صوتها له.
-جهز نفسك ليوم الخميس يا حبة عين امك، عاملينلك ليلة لفرحتك، و هنأكل اهل الله يا ولاااا.
التفت اليها بوجه غاضب، و هتف
-كمان! حتى دي ماستنتيش تاخدي رأيي فيها.
ليضرب بيده علي دربزين الدرج معبراً عن الغضب بداخله، و يجري من امامها قاصد غرفته.
فتح الباب عنوه، وجدها نائمه كالملاك تتصبب عرقاً، أثر حجابها الملتف حول وجهها.
خشي ان تكون حرارتها مرتفعة، جلس بجانبها يتحسس جبهتها و وجنتها، و يحل وثاق حجابها من حولها.
أنتفضت بفزع أثر لمسته، و فتحت عيناها لتقابل ظلام ليله.
مالك ساخراً منها
-وانا كل ما هقرب منك هتخافي كده.
شذي و هي تحاول ربط حجابها
-ااااانا مش خايفه منك و لا حاجه، بس اتخضيت لما لقيت ايد حد على وشي.
امسك يدها مجبرها على الصمت، و ترك الحجاب.

 

-بتعملي ايه سيبي البتاع ده من ايدك، انتي مراتي، دلوقتي يحقلي اني اشوفك من غير ما تخبي حاجه عني، طول ما باب الاوضه دي مقفول علينا.
احنت رأسها خوفاً منه، و خجلاً من عينه في نفس الوقت.
-طب ممكن ماتجبرنيش على حاجه، و تسبني لحد ما اتعود عليك.
مالك ساخراً
-تتعودي عليا، لاء اطمني اللي بالك فيه ده مش هيحصل، انا اصلاً مش شايف انك تصلحي ليا زوجه، لكن بقولك كده عشان اديكي حريتك، ومتكونيش مقيضة زي يوم ما جيتي هنا فاكره.
التمست نبرة الكره و السخرية في كلامه، لتعاديه هي أيضاً، و تناطحه بالكلام.
-لاء و على ايه، وسع حضرتك كده شوية، انا هاروح انام في اوضتي.
قبل أن ترفع الغطاء عنها، كانت يده متمسكة بيدها بقوه.
-انسى!
انتي مش هتخرجي بره الاوضه دي الا بأمري،
تركها من يده، و اتجه نحو خزانة ملابسه، و هو يكمل.
-مش عايز اي حد فيهم يعرف بأى حاجه تحصل بنا هنا.
لم يتلقى منها رد، التفت لها بعد أن جذب ملابسه.
-ماسمعتش كلمة حاضر يعني؟
شذي بهجوم

 

-هاقول حاضر على حاجه مش فهماها!
-اممم ابتدينا وجع القلب، يعني يا حلوة اي كلام يتقال ما بينا هنا مايخرجش بره، لا امك و لا امي يكون عندهم علم بيه.
مفهوم
شذي بجمود : اه طبعاً مفهوم.
-تمام شاطرة برافو عليكي، عايز اسمعها منك علطول الكلمه دي.
-طيب رايح على فين، مش قولت هتنام هنا.
-هاروح اخد شاور واغير هدومي دي، و لا تحبي اغير هنا.
-اتفضل يا ابيه روح مطرح مانت عايز.
رفع حاجبه الأيمن مستنكراً، قبل أن يغلق باب الغرفه عليها هتف ساخراً.
-ابيه مين بقى اسكتي، مش انا بقيت جوزك، تقدري تقوليلي يا مالك كده عادي…
شذي مئنبه لنفسها
-عشان تبقى تخافي، و تترعبي كل ما يقرب منك، انبسطي دلوقتي؟
اهو قالك على اللي جواه، و انك ماتعنيش ليه حاجه، نامي ياختي و ماتفكريش ان دكتور اد الدنيا زيه، ممكن ينزل لمستواكي انتي.
❈-❈-❈

 

استيقظت من نومها على صوت رنين الهاتف المزعج، وصوت اذان الفجر يصدح من مأذن المساجد المحاطة بمنزلهم.
اعتدلت حتى تغلق الهاتف، لكنها أيقنت انه هاتفه هو.
بحثت بعيناها الناعسة عنه، لتجده يفترش ارض الغرفه ممدد جسده عليها، و غارقاً في نوم عميق.
شذي لنفسها
-عملت كده ليه بس، ما كنت سبتني روحت نمت في اوضتي، تلاقيك ماعرفتش تنام على الكنبه، جسمك هيوجعك من نومة الأرض دلوقتي، و كمان الدنيا برد عليك.
اغلقت الهاتف واتجهت له، انحنت على ركبتيها بجانبه حتى تيقظه من نومه.
-ابيه مالك ايوووووه على دماغك يا شذى؛ ما هو قال ماقلوش يا ابيه، ييييي بصي واحده واحده كده عودي نفسك.
بطرف اصابعها اقتربت من كتفه، حاولت ايقاظه بهدوء.
-مالك مالك اصحى.
فتح عينه ليلتقي بوجهها الجميل، فابتسم لها دون أن يشعر.
-عايزة حاجه؟
-لاء بس المنبه بتاع تليفونك رن، و الفجر إذن.
-يا خبر ازاي ماسمعتهوش، وسعي كده خليني اقوم اتوضي.
حاولت الوقوف، لكنها تأوهت من ألم قدمها،
اسندت على كتفه، فأمسك بخصرها، و عاونها لتعود الي الفراش.
خجلت من لمسته، لكنها فرحت بقربه.
شذي هامسه

 

-هاتروح تصلي في الجامع؟
نظر الي عيناها، أومئ برأسه دون أن يتحدث.
ابتعد عنها معطيها ظهره.
-عايزة اروح اصلي معاك.
وقف صامتاً مندهشاً من طلبها هذا، ثم التفت إليها.
-تروحي فين؟
-اصلي الفجر معاك في الحسين، مش انت هاتصلي هناك.
-اه بس الوقت متأخر، تقريباً مافيش حريم بيبقو موجودين هناك.
-بس انت هتكون موجود، حتى لو مش هتبقى معايا، اول ما أخلص صلاة، هالقيك مستنيني مش كده.
مالك معجباً بكلامها
-خليها وقت تاني يا شذى، بلاش الفجر انا اخاف عليكي، و كمان عشان وجع رجلك.
فرحت جداً بداخلها انه يتحدث معها بطريقة سلسة، و هبت واقفه تترجاه وتقفز كالاطفال .
-لاءه و النبي خدني معاك، انا كويسه اهو متاخفش عليا.
التقط يدها قبل أن تسقط، و هو يضحك على طفولتها، و جذبها اليه!
-هههههه شوفتي كنتي هتوقعي ازاي.
شذي بحب و عين لامعه:
-طول مانت معايا هاتسندني
ابتلع لعابه بصعوبه، و تحشرج صوته في حنجرته، مبتعداً عنها و هو يضم حاجبيه، وبدون ان يعي ما يقوله اجابها.
-احم البسي أسدالك عليكي، و تعالي ننزل نتوضي يلااا
❈-❈-❈

 

الصلاة في معادها تريح القلب، تنير الوجه، فما بالك بأن تصليها في بيتٍ من بيوت الله، بجانب احد ال بيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.
كان هناك البعض القليل من النساء، و بعد الصلاة، جلسو يتهامسون و ينظرون إليها.
هم بالأساس كانو يتابعون النظر لها، من وقت ان ترجلت خارج سيارته، و اقترب منها لتستند على مرفق ذراعه.
تحدثت أحدهم و هي سيدة تقترب من عمر خالتها.
-حرماً يا بنتي.
شذي :جمعاً ان شاء الله.
-انتي عروسة الدكتور مالك.
-ايوة انتي تعرفيه يا حجه؟
-و هو في حد في حي الحسين كله، مايعرفش الدكتور مالك و لا عيلته.
ربنا يباركلك فيه، عريسك راجل الدنيا كلها تشهد بكرمه، و ادبه، و أخلاقه.
شذي بفرح :طب عن اذنك عشان مستنيني بره
-استنى اتسندي عليا، شكلك رجلك بتوجعك.
-هاتعبك معايا.
-لا تعب و لا حاجه، تعالي تعالي اهو نتسند على بعض.
كان يقف ينتظرها أمام سيارته ،شاهد خروجها من المسجد ،اقترب حتى تستند عليه.
لكنه توقف منحني الرأس، عندما لاحظ وجود احدهن بجانبها الي ان اقتربو منه، ليجد من تملس على كتفه .
-ارفع راسك يا دكتور، و سلم عليا.
-الحجه أمنه! ازيك يا أمي عامله ايه؟
-بخير يا حبيبي الف مبروك، عروستك زي القمر، خلي بالك منها، يا واد دي قرة عينك دي.
اجعلها ملكة بيتك، تجعلك تاج على رأسها يا ولدي.
مالك مبتسماً

 

-تسلميلي يا أمي يا رب، اتفضلي معانا نوصلك.
-لاء يا حبيبي انا بيتي قريب، يلا خد عروستك و روحو، و ابقي خليها تيجي تحضر الدرس معانا.
-حاضر من عيوني، السلام عليكم يا أمي.
و بعد أن تركوها، بدؤ يتحركو بسياراتهم.
شذي بفرحه من كلام تلك المرأه العجوز.
-انا مبسوطه اوي حاسه براحه نفسيه رهيبه، و كمان كلام الست دي فرحني جداً.
َمالك ساخراً
-ماتفرحيش اوي كده، اظن انها لو كانت عايشه وسطنا، و تعرف حقيقة جوازنا مكانتش قالته.
وعلى فكره دي اول و اخر مره تطلبي مني انك تصلي الفجر بره البيت مفهوم.
اختنق صوتها و ظهرت في نبرته ملامح الحزن.
-طبعاً مفهوم، بس ماكنش له لزوم تفكرني بيه، لأني مش نسياه، وعرفاه كويس اوي.
أوقف سيارته و التف حولها حتى يخرجها، و يسندها لكنها خذلته، و تخلت عن يده متجهه للداخل.
-من فضلك ابعد عني، مش عايزة أعود نفسي على انك تكون سند ليا، خليني اقدر اتسند على نفسي.
-تمام اتفضلي، و ده يكون احسن ليكي، على الاقل تعرفي تبقى قوية، و تعتمدي على نفسك.
اخترقت كلماته صدرها، كرصاصة خرجت من فاه سلاح نافذ، تعرف طريقها لتشق قلبها، و تقسمه الي قسمين.
و بلحظه و بدون ان يلتف خلفه، كان يسبقها للداخل و يلج، ليتفاجئ بوجودهم في بكرة النهار، جالستان بجانب بعضهم، و كأنهم منتظرين عودتهم.
الحاجه مجيدة : يا صباح الهنا و الورد و الياسمين، على على العرايس الحلويين.
مالك ساخراً : كمان بقيتي تقولي شعر يا ام مالك.
-طب رد الصباح الاول، يا شيخ مالك.

 

تحفز وجهه ،و انطلق للأعلى، غالقاً اي نقاش معاهم قبل أن يبدء.
-صباح الخير عن اذنك، الحق اناملي ساعتين قبل ميعاد سفري.
تفاجئت شذي برده هذا ،و لم تسطيع التحدث، هو لم يمهلها حتى ان تستوعب ما نطق به.
وقفت في زهول الي ان وضعت والدتها ذراعها حول كتفيها، ضاممه اياها اليها.
ماجدة :شذي تعالي يا حبيبتي اقعدي، طمنيني عليكي يا بنتي.
احنت رأسها بحزن وجلست بينهم.
-انا كويسة يا ماما، ماتخفيش عليا.
-كويسة ازاي، و انتي وشك حزين ،و ليه اصلاً خرجتي بدري، و انتي رجلك وجعاكي، هو مالك هو اللي غصبك على كده يا شذى.
رفعت رأسها، وسريعاً ما نفت حديث والدتها.
-لاء يا ماما مالك ماغصبنيش على حاجه، بالعكس ده انا اللي اتحيلت عليه، اروح اصلي الفجر معاه في الحسين.
الحاجة مجيدة بأبتسامة : شاطرة يا بت، ايوة كدة عايزكي تاخدي عليه بسرعه، و كل اللي نفسك فيه، و عايزه تعمليه تقوليله هو بس عليه.
نظرت إليها بلوم، كأنها تنطقها بلسانها.
-كيف افعل ذلك، و انتي تعلمين حقيقة وضعنا، تعلمين بأنه رافض الزواج مني، و مع ذلك تريديني ان أمتلك قلبه.
تفهمت العجوز عليها، و قصدت أبعاد والدتها عنهم، حتى تسطيع التحدث معها.
-قومي يا ماجدة حضري ليهم الفطار، و نطلعه ليهم في اوضتهم، عشان يفطرو سوي قبل ما مالك يسافر.
-فطار ايه دلوقتي، استنى لما يبقى يصحى من نومه يا مجيدة، سيبيه يرتاح شوية.
-يا بت قومي، ما هو على بال ما تعمليه و شذي تقعد معايا شوية، يكون هو قرب يصحى.
ماجدة :انتي شايفة كده طيب يا اختي، حاضر اديني قومت اهو.
ظلت عيناها تراقب خطوات اختها، الي ان اختفت، و سمعت بأذنيها أصوات رنين أدوات الطهي.
-شيافة في عنيكي نظرة حزن ليه، احكيلي حصل ايه ما بينكم، و انتو مقفول عليكم باب واحد.
شذي بجمود : متوقعه انه يحصل ايه، بين اتنين لسه مش بقالهم شهر عارفين بعض، في يوم و ليلة لقو نفسهم متجوزين.
مجيدة بتفهم : متوقعه انهم يبدؤو ياخدو على بعض، يبقو امان بعض، حتى لو لسه مايعرفكيش عرفيه انتي، خليه يتمسك بيكي، و يقولك ماتسبنيش.

 

-ازاي بس يا خالتو، و هو بيقولي عايزك تعتمدي على نفسك، و تبقى قوية من غيري.
– و ماله لما يقولك كده، طب ما انتي فعلاً لازم تبقى قوية.
مانا قصاد عينك اهو، ام لدكتور اد الدنيا، و زوجه ليشخ كل الناس بتحترمه و تاخد منه المشورة، لكن شوفتيني ضعفت مرة، و لا واحد فيهم بيقدر يتنيلي كلمه.
بس مش خوف مني، لاء دا حب، و احترام و خوف عليا.
اسمعيني كويس يا قلب خالتك، عشان تكسبي عقل و قلب جوزك.
لازم تخليه يحبك و يحترمك، و يخاف عليكي من النسمه، و ماتخفيش مش هتاخدو لا وقت و لا مجهود كبير.
أصله يا عين امه يبان جامد من برة، لكن من جواه عامل زي الطفل، تعلميه و تطبعيه و تشكليه على مزاجك.
-شكلك انتي اللي متعرفيش ابنك، دا رافض اني أتدخل في اي حاجه تخصه، اذا كنت ماعرفش انه مسافر غير دلوقتي.
-يبقى تطلعي تحضريله لبسه، و تشوفي طلباته، و تتكلمي معاه بهدوء، افتحي اي حديث مابينكم، حتى لو لقيتيه رده جامد، متحاوليش تزعلي، و اتكلمي معاه و خلاص يلا مستنية ايه.
-حاضر يا خالتو هاطلع، و ربنا يستر بقى.
صعدت الدرج بخطوات متئلمة، و في أثناء صعودها، عادت والدتها لتجلس بجوار اختها.
-الله هي شذي طلعت، مش قولتي هاتقعد تتكلم معاكي شوية.
-لاقتها تعبانة و عايزة تنام، قولتلها تطلع ترتاح، و لما يقومو من النوم، نبقى نفطر كلنا سوي.
-مانا قولت كده برضو، و معاملتش حاجه، بس انا خايفه يا مجيدة، يكون مالك حاسس انه اتسرع في الجواز منها، و رجع يلوم نفسه.
-كلام ايه دا، طب بكرة تشوفي بنفسك، شذي هتتعلق بمالك ازاي، و هو هيحبها و يخاف عليها ازاي.
❈-❈-❈
فتحت باب الغرفه، و دلفت منه، وجدته يقف بجانب الفراش، و بيديه الهاتفان تبعها.
-افتكرتك نمت؟
-كنت مستنيكي تعالي، و اقفلي الباب وراكي.
فعلت مثلما طلب منها، و ذهبت له متمنيه الا يعاملها بسوء.
-نعم عايز حاجه؟
-عايزك تاخدي الموبايل، اللي بسببه حضرتك دبستينا في الورطه دي.
شذي بغضب هامس :ورطه بقى بتسمي جوازك مني ورطه!
-مالهاش اسم تاني، هو كده فعلاً.
-مش عايزة منك حاجه ،هات موبايلي القديم، و خليلك موبايلك ،ابقى هادي بيه اللي تستاهل.
امسك رسغيها بعنف مجبرها على النظر له….
-انا مش بهادي حد، و لا جايبه ليكي هديه، انا جايبه عشان هاخد موبايلك المتهكر ده و اوديه للشرطة.
و عشان لو حصل حاجه، و انا مش موجود تقدري تتصلي بيا.

 

شذي بحب مغلف بكلمات ملامه : مش قولتلي اعتمد على نفسي، عايزني اتصل بيك ليه بقى.
بحر عيناها تحول إلى تيار مد يسحبه بداخله، يجزبه بشدة و هو مستسلم و مرحب به.
مالك بهدوء :عشان لو الواد ده جيه هنا، و انا مسافر تتصلي بيا، و الحق اتصرف.
-طب ما تاخدني معاك.
بدء ضغط اصابعه يلين من علي لحم ذراعيها.
ضم حاجبيه الكثيفين بغرابه.
-اخدك معايا فين، انتي عارفه انا رايح فين، و لمين.
شذي بدلال حزين : اعرف منين انت ماقولتيلش، و انا كنت عايزه اسافر اسكندريه عشان اعرف جدول امتحاناتي، و اجيب الملازم بتاعتي..
علامات القلق بدت عليه، افاقته من دوامة سحرها.
-لاء مافيش سفر، لو عايزه حاجه من هناك انا هاجبها ليكي، لكن انتي مش هتخرجي من هنا.
ابتعد عنها، التف حول الفراش، و القى بجسده عليه، محاولاً الاستسلام للنوم، هروباً من نظراتها.
فقررت ان تعمل بنصيحة والدته!
تجرئت و جلست بجانبه، متحدثه مرة أخرى.
-يعني خايف عليا، عارف انه ممكن يجي، و انت مش هنا، و مع ذلك عايز تسيبني أوجهه لوحدي، طب ما هو اكيد هياخدني معاه غصب عني و…..
-بتقولي اييييه؟
صياحه افزعها و تخشب جسدها، حين اعتدل و اجتذبها بين ذراعيه، وبلحظه كانت مستقرة فوق قدمه
-مين ده اللي ممكن ياخدك ، خلي حد يحاول يقرب منك كده، و انا اقطعه بأديا دول.
القرب بينهم أشعل لهيب في صدرها، تشعر بأنفاسه الحارقه تكوي أنفاسها، و ترسل لها رسائل منذرة بطقوس الخطر.
وضعت كفيها على صدره، همست بشفاتيها المقربه من ثغره.

 

-ليه يا مالك، هتعمل كده ليه.
لم يستطيع ساكن الضريح ان يتحكم في مشاعره، الان قربها منه أكثر، و بكل رقة كانت شفاتيه تعرف طريقهم، لينقض على ذلك الفم الصغير، لأول مرة يتذوق ملاذه لمدة دقائق.
و لأول مره لم تخشاه، بل و تتقبل منه قبلته متجاوبه معه.
و بعدها ابتعد عنها، ممدداً علي ظهره.
-عشان انتي مراتي، و شايلة اسمي يا شذى.
تفاجئت برده الذي صدمها، وامتلئت عيناها بالدموع.
-بس عشان كده!
انقلب على وجهه، و اغمض عينه بألم.
– ايوة طبعاً، من لحظة ما كتبنا الكتاب، وانتي بقيتي ملكي، بتاعتي انا،
يعني مش حرة نفسك، و ماحدش يقدر يخدك مني، طول مانتي على ذمتي.
نامي يا شذى و خليني انام شوية، قبل السفر بقى.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ساكن الضريح)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى