روايات

رواية زحليقة إلى زحل الفصل السادس 6 بقلم آية محمد رفعت

رواية زحليقة إلى زحل الفصل السادس 6 بقلم آية محمد رفعت

رواية زحليقة إلى زحل الجزء السادس

رواية زحليقة إلى زحل البارت السادس

رواية زحليقة إلى زحل الحلقة السادسة

(المحارب حنتوش!..)
هروب مؤمن من ساحة المعركة لم يكن بالجديد عليه أبدًا، لطالما كان يختلج المشاكل مع أصدقائه ويطمث بها يونس الذي كان يجيد التحكم بالامور عن جدارة، استدار اليه ثم حانت منه نظرة ساخرة اتبعها قوله المستهزأ:
_الاموات مش بيكونوا بالبشاعة دي.
اغلق مؤمن فمه وهو يشير له بدهشة:
_أمال بيكون شكلهم ازاي… هجتهد لما أوصل للخلطة اللي هتنجيني من البومة ده.
واستطرد بعصبيةٍ:
_متشغلش بالك بيا… ركز في مصيرك البائس واللي هتعمله مع الشيء مجهول المصدر ده!.
رفع حاجبيه بذهولٍ، اتبع جملته المستنكرة:
_على أساس انه هيكتفي بجثتي مثلًا، ما أكيد دورك جاي بعدي!
ببسمة واسعة وصدر رحب اجاب:
_على الاقل هتفيدني بالوقت اللي هحط فيه خططي العبقرية للنجاة من السفرية النحس دي.
كاد يونس باجابته ولكنه تفاجئ بسحابة من اللون البنفسج تسحب جسده بقوةٍ لمكانٍ يتوسط الكهف الغريب، وارتفع من حولهم ساتر مهيب من السحب ذات اللون الأسود القاتم، كانت سحب مرئية اللون رغم لونها المظلم، مرر يونس يده من بينه ظنًا من أنها ستعبر للجهة الأخرى ولكنه وجدها صلبة عاتية كالحجر القاسي، فانتصب بوقفته ليتطلع لمن أمامه بهدوءٍ، استعرض المدعي (حنتوش) عضلاته بعنجهيةٍ، فبدى مختال فخورًا بقوته، امتلاكه جسدًا قويًا هكذا يجعله في أسمى درجة من الغرور، راقبه يونس بعينٍ متلصصة وهو يفرد ذراعيه الضخم، وزحف تجاهه ليقتص منه مثلما يفعل دائمًا مع البشر، وزن يونس فكرته الصاعدة عن كناية هذا القناع، فتفادي ضرباته يحرافيةٍ، واندفع باستخدام ساقه على السحب فدفع جسده الصغير مقارنة بهذا الوحش، ليمر من أسفله، فتسلق جسده حتى وصل لوجهه، فسدد لكمة قوية لزجاج الشفاف الذي يختبئ من خلفه، فاستجاب لقوة قبضته وتهمشم انصياعًا له، القى يونس جسده أرضًا، وما أن لامست قدميه الأرض حتى سقط جسد المحارب العظيم كشوال بطاطا تدرج وتلاشى كأن لم يكن له وجود من الاساس، تفتت الستار من حوله والجميع يراقبون ما يحدث بصدمةٍ وعدم تصديق، وخاصة رجال زحل، جحظت عين مؤمن الذي صاح بصدمةٍ:
_من لكمة واحدة! حنتوش يا غالي ريحت واستريحت.
راقبه كبيرهن بذعرٍ وارتباك فشل باخفائه، فأشار لاتباعه بثبات مخادع:
_سنمنح البشري وعائلته رحلة سعيدة إلى زحل.
وقف يونس قبالته، وردد بخشونة ما ان لمس خوفه الصريح منه:
_لا أريد الذهاب لاي مكان… أريد العودة.
اعترض على حديثه مبديًا بقوانينه:
_لا أحدٌ يستطيع اخراجك من هنا سوى ملكة زحل… تلك هي القوانين.
زوى حاجبيه بدهشةٍ:
_وأين أجدها؟
وزع نظراته بينه وبين المنطقة التي تشمل ملابس من تبخر بالهواء كأن لم يكن، وخاصة مع تعامله بشخصٍ خطير لا يمتلك القوة الجسمانية للمحاربة، بل يمتلك ما سيفتك بهم جميعًا، عقله الذي ساقه لنقطة ضعفهم، فقال:
_وأين سيكون مكان الملكة الا بزحل.. هي بنفسها ستكون باستقبالكم للترحيب بكم بالأعلى.. بعد أن أرسل اليها ما حدث هنا بالتحديد.
وأضاف بمكرٍ:
_كما أن ليس هناك طريق للرجوع للأرض الا من الأعلى!
جذبت مسك مؤمن من تلباب قميصه تشير له بحماسٍ:
_بجد هيطلعونا كوكب زحل!
لف قبعة البيجامة التي ترتديها حول يده لتصيح هي لقيطة يده، ليخبرهما بهدوء مخادع:
_أنا مش عايز أسمع نفسك… الرحلة المنيلة دي كانت فكرتك.. الله أعلم هيودونا على فين تاني!
فُتح من أمامهم بوابة ضخمة دائرية لتظهر المزلقة المزخرفة بشعار زحل على حافة المركبة التي تحتل المزلقة، وبلا حيلة صعدوا للمركبة الغريبة مع احد الكائنات الأغرب من رحلتهم الغامضة تلك، فانطلقت بهم في نطاق منزلق كالزوحليقة، لتصل بهم بعد أقل من ساعة لبوابة مدون عليها ببنطٍ عريض غامض
“بــــوابـة زحــــــــــل!”
مخزون هائل من الأحجار ذات اللون الأخضر الفاتح، تموج بحرفيةٍ لتزين البوابة المشعة بهالة من اللون البنفسج، ومن أمامها عمالقين بأجساد تشبه البشر لحدًا ما مع اختلاف ملامح الوجه، ولون البشرة الغريب، انزلقت المركبة على السياج الغامض الشبيه بالغبار الأبيض، لتندفع بهم داخل المملكة، وجميع من حولهم يتأملهم بدهشةٍ وكأنهم من يمتلكون ملامح عجيبة وليس هم الأغرب لأعينهم على الاطلاق، مروا من بين الصفوف حتى توقفت بهم المركبة أمام قصرًا فخمًا الصعود اليه كان يحتاج لنفسٍ عميق، فبين كل درجة والاخرى الف ميل، وارتفعًا شاق للغاية، فلم يكن على التابع الا حملهم ووضعهم أمام بوابة القصر الداخلية، فما ان ضغط التابع على أحد الحجارة الموضوعة جانبًا حتى تفتت من أمامه بلمسة ضوئية مبهرة، ومن ثم أشار لهم:
_تفضل بالدخول أيها المحارب مولاتي الملكة بانتظارك.
جذبه مؤمن اليه ليهمس له بقلقٍ:
_هما هيسلخونا مكان حنتوش ولا أيه العبارة!
دفعه بعيدًا عنه وهو يشير له بتحذير:
_مؤمن أنا مش طايق نفسي، سبيني في حالي بدل ما انجز انا مهمتهم واقتلك وقتي!
صرخت بهما مسك وهي تراقب الكائنات التي تحيط بهما برعبٍ:
_ده وقته خناق، بدل ما تفكروا هنعمل ايه في اللي احنا فيه ده ولا هنرجع تاني ازاي!
ابتعد عنه وهو يعدل من ثيابه بتقززٍ، ثم اتبعوا ذاك المخلوف الى الداخل..
قاعة فخمة يزخرفها العديد من الصخور ذات اللون الأخضر، ومن حولها صولجان النيران تحيط بها، ويتوسطها عرش مهيب من اللون الأسود، على حوافه تمثال يشبه الأفعى في استطالة جسمها، ويمتلك أجنحة من جلد، كأجنحة الخفاش، ولها أنياب ومخالب حادة، إلا أنّ الصورة العامة تتفق حول حيوان خرافي واحد التنين، أو “Dragon” باللغات اللاتينية، وهو اللفظ المشتق من الاسم “Drakon”، الذي يعني الأفعى العظيمة، مظهره كفيل ببث الرعب بقلوبهم، وخاصة حينما انسدل ستارًا تفاجئوا بوجوده لتطل من خلفه من تدعى بالملكة”إرثا”، تغندجت بجسدها السمين الأزرق حتى اعتلت العرش الذي أصدر صرير مستغيث لحمولة تفوق حاجته، مالت مسك تلك المرة على مؤمن تخبره بضحكة مكبوتة:
_الستات طول عمرهم مشرفينا بالاحجام حتى بعيد عن الارض..
ضحك وهو يشاركها المزح:
_الكرسي مش هيشلها المدة دي.. هينفجر بيها بس يا ترى جواها دم وكرات حمرا زينا ولا جواها ايه؟
قالت بضحكة مرحة:
_هنعرف دلوقتي لما يتفدغ بيها.
مررت انظارها الدائرية المخيفة عليهم ببطءٍ، وكأنها تحاول التعرف على هذا الشجاع الذي هزم محاربها القوي، فسكنت على يونس، ارتسمت بسمة على وجهها المقزز ذو الاهداب النامية جوار شفتيها الغليظة وهي تردد:
_مضى عهدًا طويلًا منذ أن حظيت بزوجًا غير حنتوش.. والآن سأحظو بزوجٍ رائع من البشر.
برق يونس بعينيه وهو ينحنح بمشقةٍ:
_ماذا تعنين؟
أشار باصابعها التي تشبه المخالب، فتشكل من أمامها رجلًا رفيع الجيد، يحمل رأسه كالقبعة، فصاح وهو يشير بيده:
_ساحر زحل في الخدمة مولاتي إرثا.
قالت وهى تغلق عينيها باسترخاء:
_فلتخبره بقوانين النزال الذي خاضه منذ قليل.
أشار بعصاه المضحكة وهو يفرد مجموعة من جلود غريبة، وردد بعشوائيةٍ:
_اعذريني مولاتي مضى وقتًا لم أعود به لقوانين مملكتنا.
حصل على مبتغاه فقال:
_حسنًا لقد وجدتها.
واستدار اليهم وهو يقول ببسمة لم تكن مناسبة بخبره التعيس:
_وفقًا للقوانين من يتمكن من الفوز بالنزال عليه بالزواج من الملكة، وقد تمكن المحارب العظيم حنتوش من قتل كزيما زوج الملكة السابق لذا تزوجها حنتوش والآن سيكون الحظ الأوفر لك بالزواج من الملكة الى أن يهزمك أحد من المحاربين حينها سيحظى بشرف الزواج بها.
اغلقت مسك فمها الذي يكاد يصل للارض وهي تردد بصدمة:
_عيني عليك ياخويا… تبقا أخر صبرك امنا الغولة دي وأيه بيقولك ليك الشرف!
أضاف مؤمن وهو يربت على كتف يونس:
_طول عمري بقول عليك محظوظ.
واسترسل استشهاد لكلامه:
_يعني انت بعد ما تتجوزها مش هتعيش في سلام هتحارب لحد ما حد يجيب اجلك عشان يدخل على عشماوي بدالك واسمك هيدخل أبواب التاريخ من وسع يا ابن المحظوظة!
ود لو انهى حياته، ولكن ما يشغله الآن البحث عن طريقة للفرار من هذا المأزق الحتمي، فاضاف الساحر قائلًا باستياءٍ:
_هنيًا لكِ مولاتي، وإن كنت أتمنى أن يكون من عطارد أو من رجال المريخ الاشداء، ولكن الحظ اوقعنا تلك المرة مع البشر.
ومنح يونس نظرة مهينة وهو يستكمل:
_ لا بأس به الى أن تحدث المعجزة ويصل لنا محارب أخر من العوالم الاخرى.
ردد مؤمن بضيقٍ:
_انتوا بتقفشوا فراخ.. سيبونا نرجع الأرض ودورلها على فأر براسين من المشتري بضاعتهم لوز اللوز.
كلماته لم تكن مفهومة اليهم، فاستدارت الملكة برأسها للساحر وهي تخبره بحزن:
_مغلوبة على أمري يا برعوم، انت تعلم بأن تلك المشعوذة قامت باغلاق أماكن النزاعات بكل الكواكب، لم يتبقى لنا الا كوكب الارض فانتظرنا لاعوام حتى تمكن احدٌ منهم من هزم حنتوش!
وأشارت اليه بتحذير:
_عليكم بتأمين مكان النزال عسى أن يقع به بشريًا قوي البنية فأنا لا أراه بمثل القوة التي أبلغنا عنها ضارم!
منحه الساحر نظرة اخيرة قبل ان يخبرها بمكر وبسمة خبيثة:
_حسنًا يا مولاتي فلنجري له اختبارًا أخير!
وقبل أن ينتهي من كلماته التف من حول اجسادهم طاقة هائلة من النيران، والصادم بالأمر بأنها لم تسبب لهم بالآذى، كان ملمسها كالهواء البارد على عكس كنايتها، التفت حول أجسادهم لتبتلعهم وسط دهشة وذهول الجميع، لتلقي بهم بمكانٍ أشبه بمغارة علي بابا من كثرة الكنوز التي تحيط به، وما أصابهم بالصدمة ما تمكنت أعينهم من رؤيته!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زحليقة إلى زحل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى