روايات

رواية ديجور الهوى الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الجزء الثاني والثلاثون

رواية ديجور الهوى البارت الثاني والثلاثون

ديجور الهوى
ديجور الهوى

رواية ديجور الهوى الحلقة الثانية والثلاثون

من أحببت؟!”
سؤال واحد في خاطرها..
استيقظت شمس من نومتها على الفراش الغير مرتب…
غفيت رغمًا عنها بعد ساعات طويلة من استماعها لمناقشة فهمت بعضها والبعض الآخر لم تفهمه…
وحينما استيقظت واعتدلت في الفراش وجدت الباب مفتوحًا ولكنه ليس على أخره، لتنهض فورًا وتخرج في الغرفة وتذهب إلى كل مكان في أرجاء الشقة لتجدها فارغة، ووجدت ميدالية المفاتيح متواجدة على الطاولة في الخارج…
جلست على الأريكة بانزعاج…
اين هو؟!!.
إلى أين تذهب هي حتى لو رغبت في الرحيل؟!!..
ذهب دون أن يعطيها أي تفسير؟!!.
ألم يأتي في عقله وخاطره بأنها قد علمت بعض الحقائق؟!، أم انه يعلم بأنها قد سمعت ولكنه لا يهتم بها…
جنون ينتابها حقًا بسببه هو وحده…
لم تكن تعرف عنه شيء، بل هي التي كانت دومًا تصارع نفسها حتى تخبره حقيقتها ولكنه شريف!!!!!
كيف؟!
من شريف؟!!!
من ثائر؟!
عليه أن يوضح، أو أن يقول شيئًا….
لتعلم من أحبت…
من الرجل التي عشقته؟!!….
______________
ازدواجية..
كان يخاطب نفسه بأنه متناقض، لديه معايير مزدوجة رُبما…
يجلس في سيارته منذ أن رحلت عائلته تقريبًا يدور بها ثم يتوقف في أي مكان ليجلس ساعة ويقودهة ثم يتوقف في أي مكان دون سبب أو معرفة لما يريده أو إلى اين يذهب…..
يشعر بالضيق الشديد، بسبب تصميم شقيقه على فتح بئر من الأوجاع، وغاضب من نفسه جدًا أنه تحدث معه بتلك الطريقة بل أخذ يسخر من نفسه…
يأوي راقصة في بيته لأنه يهواها، لن ينكر هو يهواها وبشدة، وبطريقة تزعجه وتقلقه جدًا لن يكذب على نفسه حتى لو فعل هذا أمامها أو حتى أمام هلال مدعيًا العكس..
كانت تصرفاته خير دليل ودومًا تفضح مشاعره، مشاعره التي لم تتحرك تجاه أي أمرأة، على العكس هو منذ أن بات مراهقًا يشعر بأن المشاعر ما هي إلا هراء، الرجل يتزوج المرأة المناسبة له والتي تستطيع أن تصبح زوجة جيدة وأم إلى اطفاله، وكذلك المرأة تختار الرجل الذي يستطيع أن يفتح بيت ويكون أب جيد لاطفالها، رُبما تصبح بينهما (عشرة)، لكن الحب هراء وجنون لا أكثر….
حتى أي أمرأة تزوجها كانت لديها علاقة سابقة أحداهن كانت أرملة، والثانية والثالثة كانت مطلقة، كان يبحث عن أمرأة مناسبة قد تشغل عقله وتجعله يتوقف عن التفكير، قد تشغل حيز في حياته بدلا أن يستسلم إلى أفكاره التي ستقضي عليه لو بات متفرغًا، يعلم بأنه يتحمل ذنب كبير لأنه كان يتزوج دون أن يخبرهم حقيقته..ولكن ليس بوسعه..
كان الجميع يفسر حالته ظاهريًا بأنه رجل ماجن لا أكثر يرغب في الزواج للمتعة..
ها هو شريف الذي يغضب على شقيقه من اجل حبه إلى أمرأة….
يحب راقصة بعد تلك السنوات، يفهم ما يعني أن يحب رجل أمرأة ليس لأي سبب، اخيرًا بدأ يستوعب معنى ان يحب شخص شخصًا أخر ليس لأي سبب مادي أو ملموس، يحبه لأنه يحبه، لا يطمع في أي شيء أخر….
وبعد حبه لراقصة يعاتب شقيقه بكل جحود على تمسكه بالمرأة الوحيدة الذي يحبها في حياته، أليس هذا جنون؟!!!….
كان مواساته الوحيدة بأن فردوس تسير في دمائها دماء شخص هتك حرمة منزلهما رُبما هذا هو الفارق!!
لترد نفسه عليه رادعة أياه بجنون وسطوة لتخبره بأن من تتعرى أمام الرجال لترقص أمامهم أليس هذا ذنب يجب أن تتحمله هي الأخرى بدلا من الغرق في عشقها؟!!!!
الكثير من الأفكار المزعجة والتي تغضبه، وخرجت هي من أفكاره لتغضبه أكثر وهي تتصل به…
لم يجب عليها في المرة الأولى ولا الثانية، لكنها قامت بالإتصال للمرة الثالثة عليه، ليجيب عليها في ضيقٍ رُبما هناك شيء هام يحدث معها:
-الو.
“أنتَ فين؟!”
كان يجيب عليها ببساطة:
-وأنتِ مالك أنا فين.
تحدثت على الهانف بحنون حقًا من وقاحته:
“يا بجاحتك يا شيخ، انا نزلت من البيت يا ثائر وعايزة اشوفك ولا تحب اقولك يا شريف اناديك بأيه؟!”
_____________
“اشتقت لعينيك التي تُربك قلبي”.
#مقتبسة.
كلما تتقلب في نومتها الطبيعية -دون أن تتناول المنوم- وتبتعد عن أحضانه تشعر به يجذبها مرة أخرى إليه بقوة شخص يقظ ليس ناعسًا أبدًا…
غير أنها شعرت به ينهض أكثر من مرة ويعود، فهي إذا لم تتناول الأقراص المنومة الخاصة بها يكون نومها خفيفًا جدا تشعر بكل شيء يدور حولها…
وفي نهاية المطاف كانت مستقرة على ذراعيه، رأسها فوق صدره وهو لا يستلقى بشكل كامل…
وما جعلها تستيقظ صوت أذان العصر لتجدها نائمة على صدره ورغم أن الغرفة معتمة إلى حد كبير إلا أنها استطاعت أن تشعر بأنفاسه وعينه الغير مغلقة لتتحدث فردوس…
-كمال أنتَ منمتش خالص ولا ايه؟+.
صوتها كان يظهر أنها ناعسة وكان به بقية نوم.
ليتحدث كمال بعد تنهيدة متعبة خرجت منه:
-يعني بغفل شوية وبصحى.
هو لا يستطيع النوم بالفعل عقله مشغول…
كلمات شقيقه ترن في صغاه، لقد شعر بالتعب أصبح لا يقدر على تحمل هذا كله حقًا، لا شيء يواسيه، كل شيء يزعجه، يحاول تمزيق نفسه حتى يرضى ويرتاح الجميع، يحاول كثيرًا أن يرضي الجميع ولكن مهما فعل محاولاته ليست كافية لا أحد بخير حوله ومحاولاته لا تكفي أي شخص…
هو نفسه ليس بخيرًا…
ما الحل؟!
هتفت فردوس بنبرة هادئة هي تشعر بأن هناك شيء بها قررت سؤاله، هي متأكدة بأن هناك شيء به جديد لا تفهمه:
-مالك يا كمال؟!
تأخر السؤال..
تأخر كثيرًا إلى الدرجة التي لا تجعله لم يعد يمتلك إجابة عليه….
كيف يشرح لها همومه؟!!
كيف يخبرها بما يدور في عقله؟!!..
ليس فقط لأنه يعرف أن ما حدث مؤخرًا لا يستطيع أن يخبرها به ولكن لأنه ما عاد يستطيع الشرح لا يستطيع أن يخبر أحد ما يتواجد في عقله وقلبه متعب جدًا، شاخ قلبه مما يمر به…
سألها مدعيًا جهل ما تقصده:
-مالي يا فردوس يعنب ما أنا عادي قصادك اهو.
هتفت فردوس بجدية رغم أنها تدرك بأن ما بينهما لن ينتهي بسؤال بسيط لمعرفة ما يتواجد به ولكنها لا تستطيع منع نفسها:
-مش حاسة انه عادي، حاسة أن فيك حاجة يعني.
هبط برأسه تاركًا قُبلة دافئة على رأسها وحاول أن يكون في مستواها يحتضنها بشكل محكم أكتر…
وهنا تعالت ضربات قلبها وشعر بها ليحاول الحديث معها في أمر قد شغله:
-أنتِ مبقتيش تصلي خالص يا فردوس؟!.
تزايد ارتباكها بشكل كبير..
وحاولت الهجوم في الرد عليه:
-اشمعنا يعني ليه بتسأل؟!
نظر في عيناها بعمق ليسألها بنبرة عادية:
-عادي بسأل.
بتخاذل كانت تجيب، فهي دومًا كانت ملتزمة بصلاتها حتى قبل أن ترتدي الحجاب ولكن في الفترة الأخيرة أصبحت غير منتظمة، مشوشة إلى أقصى درجة….
-بقطع.
تمتم كمال بنبرة هادئة:
-حاولي تنتظمي.
هتفت فردوس بنبرة جافة ومنزعجة:
-طيب واكيد انا بحاول مع نفسي مش مستنياك تقولي.
يبدو أنها لا تستطيع السيطرة على لسانها حتى ولو كانت تشعر بالراحة في قُربه والرغبة في البقاء في أحضانه إلى الأبد، وقبل أن يستوعب ما قالته ويحاول الرد عليها باغته هي بسؤال مهتم حقًا فهي تشعر بأن هناك خطبٍ ما به شيء لا تفهمه تلك المرة:
-مش هتقولي مالك برضو؟!.
هتف كمال بجدية فهي أخر انسان قد يستطيع اخبار ما يشعر به الان تحديدًا وهو يعبث في خصلاتها بأعين مرهقة:
-تراكمات.
صمت حل عليهما يتأملها وتتأمله، وقت هادئ أعطته لنفسها، نظراته تحكي عن حب وعشق كبير لم يختفي كمان كانت تعتقد في الفترة الاخيرة ولم يساعد الزمن في إخفاءه، وحزن وومتاهة كبيرة…
عينه تقص الكثير وتربكها جدًا، لأنها تضعفها، هذا القرب صعب جدًا..
فطالت النظرات لوقت طويل حتى شعرت بالقلق من هذا القرب الذي لا تتحمله لوقت طويل كان أسوء قرار وجوده معها في غرفة واحدة والنوم معها، لا تستطيع فعل هذا لأنها لن تستطيع أن تتحكم في مشاعرها وهو بجانبها وبهذا القُرب الذي بالمناسبة تريده وبشدة ولكن تخشى عواقبه…
وكانت الذريعة هي أنها أفسدت جمال اللحظة وهي تقول مقاطعه هذا التواصل البصري الحميمي..
-في حاجة عايزة اقولك عليها مرضتش أقولك عليها لما رجعت يليل علشان متقلقش.
ضيق كمال حاجبيه وسألها مستفهمًا:
-حاجة ايه؟!.
هذا التواصل البصري والعناق الحميمي لم يكن هناك شيء قد يوقفه إلا هذا الخبر..
-أفنان وقعت على السلم ورجلها اتكسرت واتخيطت في دماغها بس هي كويسة يعني…
__________
هي سبب سقوطها حينما وضعت قدمها فوق عبائتها قاصدة حتى تسقط، مازالت لا تعلم السبب الحقيقي وقتها الذي جعلها تتصرف بتلك الطريقة المتهورة، لم تكن يومًا أمرأة قد تضر أي شخص إلى تلك الدرجة التي من الممكن أن تتسبب في موته………..
كانت تخشى حقًا أن يحدث لها شيء كبير بسببها، لم تستطع العودة إلى المنزل خوفًا من هذا………
لكن هناك شيء أخر ستموت من كثرة التفكير به منذ أمس ولا تستطيع التوصل إلى إجابة….
هل من الممكن أن يتزوج رجل أمرأة لها علاقة سابقة بل يتخطاها وينجب منها بتلك السهولة والسرعة؟!!..
لولا أنها تعلم بأن شريف قتله لظنت بأنها ليست أفنان التي قرأت الرسائل بينها وبين حسن وأنها فتاة أخرى………
هناك شيء لا تفهمه حقًا..
وستقتلها فردوس بسبب غموضها تلك الأيام لم تعد تفكر معها في شيء جديد بل أصبحت صامتة أغلب الوقت لا تخبرها بخططها كما كانت تفعل، ولا تستمع إليها ولا تنفذ مخططاتها…
ولجت والدتها إلى الغرفة بانفعال كبير حتى أن الباب اصطدم في الجدار لتقول:
-رجعالي وش الفجر بسبب الست فردوس بتاعتك؟!.
نهضت إيمان من فوق فراشها متحدثة بضيقٍ:
-قولتلك يا ماما فردوس كانت تعبانة ومكنش ينفع اسيبها لوحدها، ليه بقا كل ده؟!.
قهقهت والدتها ساخرة ثم غمغمت بقهر على عمر ابنتها الذي يضيع هباءًا ولأنه لم يعد في العمر أكثر مما فات هي تريد أن تفرح بها:
-هو مفيش غيرك يقف جنب فردوس؟ وبعدين ما جوزها جنبها، فردوس دي اللي قاعدة في بيت اللي قتلوا اخوها ومتجوزه من اخو اللي قتل اخوها ولا وقفت حياتها ولا غيره زيك يا خايبة، علشان قراءة فاتحة وكان لسه في مشروع خطوبة وقفتي حالك وحياتك لغايت ما كسرتي الخمسة وثلاثين خلاص…
صاحت إيمان بغضب وانزعاج من فكرة ذكر عمرها دومًا:
-أنا مبقتش صغيرة فعلا علشان تتحكمي فيا وعلشان تبقى طريقتكم معايا كده، الحياة مش كلها جواز وبس.
-كويس أنك عارفة أنك مبقتيش صغيرة، اللي قدك معاهم عيل واتنين وتلاتة وأنتِ موقفة حياتك واه مصير كل بنت تتجوز والحياة كلها جواز أنتِ عملتي كل اللي نفسك فيه، والواحد سايبك براحتك ويقول بكرا تعقل وبكرا تفهم بس بكرا مبيجيش ولعلمك انا هقول لابوكي انه يحيب ابن عمك ونقرأ فاتحة..
صرخت إيمان بهياج وانفعال:
-لا انا مش هتجوز بالطريقة ولا هتجوز واحد واخدني اربي عياله وأنتِ عارفة.
تمتمت والدتها بتهكم وتتفوه بكلمات تحفظها أغلب الناس:
-ده اللي عندنا، مدام عريس جالنا هنقعد معاه ونديله فرصة لازم هنبطل عِند مهوا طول ما أنتِ سايبة نفسك فرصتك بتقل، وبعد كده تنسي فردوس دي خالص، انا غلطانة اني مقطعتش علاقتك بيها من ساعتها ولو معملتيش أنتِ كده بنفسك انا اللي هروحلها وأقولها تبعد عنك…
______________
“الأخوان معاطفٌ دافئةٌ، وآبار من الحب الذي لا ينضب”.
#مقتبسة
لا يعلم كمال بعد أن أخبرته فردوس بتلك الكلمات ميف نهض على الفور دون كلمة واحدة كلن يرغب في رؤيتها والاطمئنان عليها فقط…
خرج من الغرفة وتوجه صوب غرفة شقيقته، كان على وشك أن يفتح الباب بدون استئذان من كثرة قلقه ولكنه سيطر على نفسه وطرق الباب ليفتح له -بعد دقيقة تقريبًا-
فتح له داغر بعد أن نهض من فوق الأريكة وهو يراقب أحاديثها مع صغيرها الذي منذ أن استيقظ كان ملتصق بها وهو من أيقظهما بعد غيبوبة غرق فيها كل شخص منهما….
أقترب كمال منها واحتضنها بقلق وذعر رهيب من هيئتها، وقبل أن يتفوه بأي شيء احتضنته أفنان متحدثة بنبرة هادئة:
-متقلقش يا كمال أنا كويسة الحمدلله دلوقتي.
ابتعد عنها كمال وجلس على طرف الفراش متحدثًا بلهفة وقلق حقيقي:
-ازاي ده حصل وليه محدش قالي ولا اتصل بيا؟!.
تحدث داغر هنا بنبرة هادئة:
-مرضناش نقلقك يا كمال وأنتَ مش هنا ونخضك، قولنا لما تيجي تعرف أحسن.
عقبت أفنان وهي تنظر إلى فهد برجاء:
-انزل يا فهد روح خلي ام شيماء تغديك.
ثم نظرت إلى داغر نظرة ذات معنى بان يتركها بمفردها مع شقيقها، كانت تنظر له برجاء حقيقي…
فهي تريد الحديث من دون الطفل أو من دونه!!
أو الاثنان لا يعلم…
ليتحدث فهد بنبرة عاطفية لا يرغب في ترك والدته:
-خليني معاكي يا ماما، هتغدى معاكي.
تحدثت أفنان بهدوء محاولة مراضاة طفلها حتى يرغب في الهبوط:
-كل كويس وتعالى تاني وبعدين انا مش هأكل برجر وأنا قولت ليهم يطلبوا ليك وزمانه جاي.
كانت تتحدث بجدية قررت أن تجعله يتناول وجبته المفضلة وهو برجر اللحم التي لا تسمح به كثيرًا له وتحاول دومًا صُنعه في المنزل من أجله ولكنه يحبه من الخارج، فقررت فعل هذا من أجله اليوم، بسبب ما مر به ليلة أمس…
أردف داغر بنبرة مقتضبة:
-يلا يا فهد علشان تأكل ونروح مع بعض نشتري علاج ماما اللي ناقص.
التنزة مع والده رغم انه على غير وفاق معه في أغلب الأوقات وتناول البرجر يجعله يخضع قليلًا لذلك ترك قُبلة على وجنتي والدته كان يتمناها أخر أن يعطيها أياها بل يتتوق لما هو أكثر من ذلك ولكنها الحواجز النفسية التي قد تعوقك عما ترغب…
شبك الصغير يده في يد داغر وغادر الاثنان تحت انظار أفنان السعيدة من هذا المشهد والقلقة في الوقت ده..
ليتحدث كمال بنبرة خافتة، حنونة:
-حصل ده ازاي يا أفنان؟!.
عقبت أفنان بنبرة عادية وهي تشرح له الوضع:
-كنت لابسة عباية طويلة شوية، ونازلة على السلم قابلت ايمان وسلمت عليها وتقريبًا اتكعبلت في العباية وكان لسه داغر محذرني منها..
ضيق كمال عيناه وتحدث باستغراب رغم معرفته الإجابة فلا يتواجد أي أمرأة تدعى ايمان يعرفها أي شخص في المنزل أو تدخله وتصل إلى الدرج غيرها:
رغم شكوكه إلا أنه سأل ليقطع الشك باليقين:
-ايمان مين؟!.
أبتلعت افنان ريقها وعقبت بلا مبالاة:
-خطيبته وصاحبة فردوس..
مازالت تتجنب نطق اسمه الشخص الذي ترك ندبة في قلبها تعتقد أنها لن تزول أبدًا..
ما الذي تفعله هنا؟!
على الرغم من علاقة فردوس القوية بها إلا أنها لا تأتي إلى المنزل دومًا لقائها بها يكون في الخارج…
وهي كانت متواجدة على الدرج في الوقت الذي سقطت به شقيقته حسب روايتها للحدث هل تلك صدفة؟!!..
ام أنه من يحاول أن يصطاد الأخطاء لها لأنه لا يحبها لسبب يجهله ببساطة هو لا يشعر تجاهها بالراحة رغم أنها في نظر الجميع ضحية وبالفعل رؤيته للاحداث توحي بهذا..
سألته أفنان بتوتر:
-ماما عرفت؟! عملتوا ايه مع شريف؟! طمني يا كمال.
هتف كمال بتوضيح بسيط:
-عرفت يا أفنان ومتقلقيش احنا وضحنا ليها كل حاجة لدرجة انها مش حابة تفتحه تاني لا معاكي ولا غيره كان عتابها الوحيد سكوتنا بس خلاص يعني الموضوع عدى، هي بس هتلاقيها في اوضتها لانها بستوعب الموضوع وممكن ميكنش حد لسه قالها اللي حصلك.
تمتمت أفنان بحرج:
-يعني خلاص هتقول لفردوس كده.
ضحكة ساخرة منه خرجت ليقول بعدها بتعب ونبرة لا تصل إلا لسواها:
-شكلي مش شجاع كفاية اني اقول لفردوس واتحمل عواقب الموضوع لوحدي، اخوكي رافض وجدك رافض، بس أنا مصمم، لأن فردوس مش هتسكت لو شريف سلم نفسه وخد حكم مخفف زي ما هلال بيقول، لو معرفتش الحقيقة الموضوع هيكون مقلق.
تحدثت أفنان بدهشة وهي تسأله بعدم فهم:
-هتعمل ايه يعني؟! ما هيكون قرار محكمة…
كيف يخبرها بأن زوجته المَصون وجد أسفل وسادتها سلاح، بل وعلم أنها تدربت عليه وترغب في قتل شقيقه، الذي بالمناسبة يتعهد أن لو فردوس تسببت في فضيحة لشقيقته سيقوم بقتلها…
من ناحية شقيقه الغاضب والمتهور ومن ناحية أخرى زوجته التي ترغب في الانتقام والحل بينهم يبدو أنه معجزة..
سألها كمال بجدية يريد سماع ما تريده هي لعله يقوم بظلمها كما اخبره شقيقه:
-أفنان لو أنتِ مش عايزة فردوس تعرف عرفيني، قوليلي أنتِ عايزة ايه وايه اللي يريحك وأنا هعمله.
عقبت أفنان بنبرة رقيقة وصادقة:
-انا غلطت يا كمال واتعاقبت او لسه بتعاقب وهفضل اتعاقب طول ما أنا شايفاك وشايفة شريف مش مبسوطين ولا حياتكم مستقرة بسببي لاني دمرتكم أنا عايزة الحل اللي يريحكم انتم، انا رديت بحالي وراضية بيه وبتأقلم عليه بس عمري ما هحس بالراحة طول ما أنتم حياتكم بايظة بسببي.
ابتلعت ريقها ثم قالت بجدية ولم تكذب عليه:
-صحيح لما قولتلي قبل ما تمشي انك هتقول لماما وبعدها لفردوس انا اضايقت، اضايقت ان اللي حصل يتفتح قدام حد تاني، بس انا واثقة فيك انك اكيد هتعمل الصح لينا كلنا…
نظر لها كمال بامتنان على الأقل هي تثق به..
على الأقل كلماتها قد تداوي القليل مما فعله به شريف…….
أردف كمال بنبرة متهكمة قليلا من حاله:
-ياريت الكل يكون شايف كده زيك.
ثم حاول تغيير الموضوع متمتمًا:
-عاملة ايه مع داغر؟!.
عقبت أفنان بصدق وراحة:
-لو قبل ما اقع على السلم احنا مكناش بنعمل حاجة غير اننا بنتخانق، لو بعد امبارح فهو ساكت وبس كل شوية يسألني حاسة بايه ويسكت ويراقبني ومهتم بعلاجي وبكل حاجة، انا بقلق من تقلباته اوي.
هتف كمال بتوضيح محتفظًا بجزء من الحقيقة وهو عدم انجابه الذي اخبره عنه، لكن يظن بان عليها معرفة هذا القسم:
-داغر بيحبك يا أفنان..
توردت وجنتيها وخجلت لتقول ساخرة رغمًا عنها:
-أنتَ كمان كلام جدي هيأثر فيك؟!.
-انا مبقولش افتراضيات ولا بقول اللي حاسه، داغر قال كده ليا لما سألته ليه مطلقكيش لما جه.
هتفت أفنان بنبرة متوترة:
-هو قالي انه مبيحبنيش ولا عمره ما حبني.
تمتم كمال بنبرة متفهمة الوضع بينهما رغم انه لاي عرف تفاصيل محادثتهم:
-ممكن يكون طريقة الكلام كانت غلط، وكالعادة هو مبيعرفش يقول الحقيقة ولا يصارح، هو جلنف مع الستات من زمان وأحنا كلنا عارفين…
ضحكت أفنان رغمًا عنها وهو كان يقصد بأن يخرجها من حالتها تلك، ويبدو أنه نجح…
فهي تتذكر فترة شبابه ومراهقته، تتذكر كرهه الحقيقي للنساء بل تهربه حينما تحاول أي فتاة الاقتراب منه…
عقب كمال بوضوح :
-احنا مش عايزينك تعملي حاجة غصب عنك ولا بنعاقبك بوجود داغر، سواء جدك او انا، احنا سايبينكم تتفاهموا مع بعض، يمكن يكون ليكم فرصة مع بعض، لو فعلا مش عايزة وعايزة تطلقي قوليها واحنا نخلص الموضوع حتى لو هو مش عايز، مش معنى انك غلطتي انك تعيشي مع واحد غصب عنك.
ابتلع ريقه ثم أردف محاولا بث الطمأنينة بها:
– انا سببتكم الفترة اللي فاتت علشان تشوفوا الأمور هتمشي ما بينكم ازاي، احنا لو وافقنا على جوازك منه مكناش بنعاقبك، بل هو كان متفق معانا انه هيطلقك اول ما يسافر ويعدي فترة مناسبة وترجعي هنا، بس كل واحد انشغل في حاجة انتِ وشريف في موضوع حملك، واحنا في تعب ماما، وهو في سفره.
قبل ليلة أمس هي كانت ترغب في الخلاص منه، بأي ثمن…
ترغب في الفرار وبدون ذرة شك واحدة، لكن ليلة واحدة كانت كفيلة بأن تجعلها متردده بشأنه، لا يخفى عنها احاديثهم عن لهفته، والتي رأتها في عينه بوضوح عند استيقاظها، يده الدافئة التي كانت تحتضن كف يدها، بعد رحيل الجميع وتصنعها النوم، محاولته في تعديل الوسادة مهتم في كل تفصيلة قد تؤرقها وتزعجها، حمله لها حتى صعودها الغرفة حينما عادت، حتى منذ استيقاظها يكرر سؤاله عن حالتها، وكأن الشخص الذي يراها مخطئة بل ساقطه، ويتمتع بإذلالها قد ذهب وأتى شخص أخر مهتم ومراعي يخشى عليها أي شيء…
كان يفعل هذا من قلبه كما شعرت ليس مجرد تأدية إلى واجب، فحتى لو تصنع لهفته أمام الجميع لن يستطع تصنعها أثناء وجودهما في المستشفى…
أصبحت مشوشة الآن لا تستطيع الرد بثقة بأنها ترغب في الانفصال عنه، لا تدري لما تقوم بالمغامرة، هي نفسها لا تعلم هل تصلح لأن تكون زوجة لأي شخص…
أو تستمر في حياتها مع رجل ما…
لا تعلم كل هذا..
لكن ليلة واحدة كانت كفيلة بأن تقوم بجعلها تشعر بالحيرة والارتباك لم تعد تمتلك الثقة لأن تعطي إجابة واضحة وهي رغبة في الابتعاد عنه…
لما قد ترتبك وتقلق في الإجابة الآن وتغامر من أجل مشاعر غير واضحة ومهشمة؟!.
هتف كمال بابتسامة هادئة:
-روحتي فين؟! الرد صعب للدرجة دي؟!..
ثم أسترسل حديثه بنبرة اخوية مطمئنة:
-قوليلي عايزة ايه وانا هعمله والله من غير ما حد يضغط عليكي.
سألته بعدم فهم:
-تفتكر داغر يستحق فرصة؟!.
عقب كمال بنبرة مرحة بعض الشيء:
-هو علشان صاحبي فانا اقدر اقول يستحق بس في حكاية الجواز دي انا مضمنهوش.
ابتسمت قليلا ليعقب بجدية:
-انا مش محتاج اقولك مين داغر يا افنان، داغر ده اتربي في بيتنا ومعانا طبعه زينا وسواء كملتوا او مكملتوش هو جزء من العيلة دي واخويا وصاحبي، لكن انا مقدرش اقولك غير شوفي أنتِ حاسة بايه.
عقبت أفنان بجدية لا تدري كيف تخلت عن خجلها معه:
-معرفش انا لسه مش كويسة يا كمال بعد اللي حصل ومعرفش انا هنفع أكون مع واحد ولا لا سواء داغر او غيره، وكمان هو محيرني، محيرني اوي مش فهماه، كل ساعة بحال، فاهم قصدي؟!.
ابتسم لها..
فإذا لم يفهم هو ما يقصده من سيفهم؟!…
هو لديه أمرأة تجعله على وشك الموت ليفهم ما يدور بعقلها..
-اديله فرصة لغايت ما اجازته تخلص لانه اكيد اصلا مش هيطول، وشوفي أنتِ حاسة بايه.
تمتمت أفنان بنبرة مدللة:
-علشان خاطرك.
-يا سلام علشان خاطري انا بس؟!.
أصيبت بالاحراج ولم تستطع الإجابة…
ليحاول تغيير الموضوع بموضوع أخر يؤرقه:
-هو في واحدة في حياة شريف؟!.
أسترسل كمال حديثه بنبرة جادة:
-أنتِ اكيد عارفة كل حاجة عنه ومبقالكيش كتير هنا، في واحدة انا سمعتها بتتكلم هناك كان مخبيها واحنا هناك، انا خايف يكون ماشي في السكة دي من قعدته لوحده الموضوع بالنسباله بقا سهل…
جاءت في عقلها شمس ولكنها نفضت الأمر من رأسها……
هو بنفسه اخبرها بأنه قطع علاقته بها…
شعرت بالحيرة هي لا تعلم فهو لم يعد يخبرها بالامر والاتصالات بينهما ليست كثيرة تلك الفترة..
ولكن شيء واحد قالته بثقة:
-دي مش اخلاقه لو اتجوز كان قال لكن استحالة تكون في واحدة في بيته او اي حاجة من الحاجات دي اللي ممكن تكون في بالك.
لوي كمال شفتيه بتهكم:
-بقولك سمعتها بودني يا أفنان.
-اكيد في حاجة غلط استحالة يعمل كده، او يمكن في سوء تفاهم.
تمتم كمال بنبرة جادة:
-اتمنى انه يكون زي ما بتقولي يا أفنان، المهم متقوليش ليه على اللي حصلك علشان ده دماغه خربانه ممكن يجي ده اتجنن خالص كل ما السنين بتعدي بيتجنن اكتر.
-لا متقلقش انا فعلا ناوية معرفهوش حاجة وهنبه على فهد برضو.
ثم قالت بنبرة صادقة وعاطفة قوية:
-فردوس كانت معايا في المستشفى وهي اللي كانت واخدة فهد في حضنها، وجت مع عمو بكر الصبح وساعدتني وحقيقي مكنتش متوقعة ده منها، بس وقفت جنبي لغايت ما خلاص كنت بروح في النوم…………
_________________
“ستجد الحب حتماً حين تؤمن بكل قواك القلبية أنّك تستطيع تحمل كل نقطة عذاب ستواجهك في هذا الطريق، وحين تؤمن وتستوعب جيداً أنّ الحب تضحية، ووفاء، وحنان لا ينتهي”.
#مقتبسة
انا احـب .. والـكاف ما زالـت تُكابر..
#مقتبسة
***
“في السيارة”
كانت شمس تجلس على المقعد المجاور إلى مقعده…
بعد إلحاح طويل منها بأنها تود رؤيته بأي ثمن، مخبره أياه بأنها تعرف حقيقته وعليهما أن يتحدثا..
والغريب أنها منذ أن قامت بمقابلته تجلس بجانبه في صمت، وهو يدخن سجائره بشراسة رهيبة..
ليقاطع الصمت الموجود بينهما فتحدث ساخرًا:
-عايزة تتكلمي بس منطقتيش يعني من ساعة ما جيتي؟!.
هل هو وقح بالفطرة أم ماذا؟!
تخطاها في الوقاحة حقًا…
صاحت شمس بغضب كبير:
-هو أنتَ مش شايف أنك المفروض تتكلم؟! بقولك أنا سمعت أغلب كلامكم.
تمتم شريف بعد أن سحب نفس من السجارة المتواجدة بين أصابعه:
-طيب الف مبروك انك سمعتي مطلوب مني ايه أو اعملك ايه؟!..
قالها بحيرة حقًا ليسترسل حديثه بجدية:
-أنسب حل تروحي تبلغي عني.
سألته شمس بجدية وكأنها لم تسمع شيئًا تريده هو أن يتحدث:
-انا عايزة اعرف كل حاجة، انا محتاجة اعرف انا بحب مين؟! مين الراجل اللي انا بحبه وقاعدة في بيته، مين الراجل اللي كان هيتجوزني لولا اني كنت اشجع منه واعترفت بحقيقتي، كنت هتتجوزني وأنتَ بتكدب عليا؟! وياترى كل واحدة اتجوزتها كانت عايشة معاك انك ثائر ولا شريف؟!
غمغم شريف بنبرة مختنقة:
-مفيش حد يعرف اي حاجة، أنتِ اول حد يعرف الحقيقة دي.
سألته شمس بريبة وكأنها ترغب في تأكيد:
-أنتَ قتلت واحد بجد؟!.
أردف شريف بهدوء مميت وكأنه لا يقول شيئًا:
-اه خنقته بايدي وانا بتخانق معاه، بعد ما مخليتش في جسمه حته سليمة.
ابتلعت ريقها بتوتر:
-مش ندمان؟!.
-لا ولو رجع بيا الزمن هعملها تاني، لأنه ميستحقش يعيش.
أسترسل حديثه بالحقيقة الوحيدة التي تهدأ من الثورة المتواجدة به كل ليلة، ولأنه يرغب في ان يخرج ما يتواجد بداخله:
-اي شخص ينتهك حرمة بيوت الناس وعرضهم ميستحقش يعيش علشان ميعملش كده في حد تاني، وده العقاب اللي يستاهله.
أبتلع ريقه يتحدث بنبرة غريبة عليها ولأول مرة يخبر احدهم بما يتواجد بداخله حقًا:
-تعرفي انه في عز ما كان بين ايديا عرض عليا اني اسيبه وهيتجوزها وأنا كملت ضرب فيه كأني مسمعتش حاجة لان ده مش حل بالنسبالي ولا هيطفي النار اللي جوايا، كل يوم لما بسمع عن اي حادثة بقول كويس اني قتلته كان زمانه بيعمل كده في حد تاني اللي بيعمل كده عمره ما يتوب…
توترت من نبرته لتتحدث بجدية وكأنها تخاطب نفسها كان هذا عزائها لنفسها كل ليلة بأنها سيأتي يوم وسوف تكفر عن ذنبها، وسوف تتوب توبة نصوحة عن ذنوبها:
-اي شخص مهما كان بيعمل، يمكن كان يتوب.
خرجت منه ضحكة ساخرة ليقول بعدها:
-ده اللي بيعمل ذنب بيتحمله هو وهو اللي يشيل شيلته، ده مكنش زاني ده مغتصب في فرق كبير الاولاني بيشوف حد شبهه من عينته وكل واحد بيتحمل ذنبه، لكن التاني بيهتك عرض وبيلوث واحدة ويخليها تشيل الطين العمر كله مع انها مغلطتش وحتى لو غلطت مينفعش يكون ده عقابها..
هبطت دمعة من عيناها لتتحدث بنبرة قلقة:
-انا مكنش قصدي اسمعكم يا ثائر، أنا علطول كنت حاسة ان في حاجة غريبة فيك، أو أن وراك حاجة مش مفهومة بس مجاش في بالي كده أبدًا.
ابتسم لها ليأخذ نفسه من سيجارته ليقول بهدوء:
-أنا طول عمري بتاع مشاكل لدرجة اني لما قتلت واحد واتخانقت معاه اقرب الناس ليا شافوا اني ممكن اعمل كده عادي من غير سبب..
تنهد ثم تحدث بعدها:
-أنا تعبان وواضح ان ملهاش حل غير اني اسلم نفسي.
تمتمت شمس بذعر:
-لا تسلم نفسك ايه انا مش هسمح بده، أنا مليش غيرك يا ثائر، وبعدين أنتَ قولت انه اغتصب أفنان انا سمعت أغلب كلامكم، يعني اكيد ده يخفف عنك موضوع القتل.
قال شريف بانزعاج شديد وغضب يحرق الأخضر واليابس:
-لو عايز اشهر باختي، مكنتش قتلته من الأول، انا لما قتلته اتوترت وخوفت كانت أول مرة في عمري أخاف ملقتش نفسي غير اني بجري وبهرب لغايت ما بقيت في القاهرة قدام بيت هلال وابوه، وهما نصحوني أسلم نفسي وهما هيتصرفوا.
سألته شمس باهتمام كبير:
-ومعملتش كده ليه بعدها؟!.
أردف شريف بسخرية:
-كلمت أفنان اطمن عليها قالتلي انها حامل ومش عارفة تعمل ايه، وساعتها كانت اتجوزت داغر ويومين وجابها عندي، مبقتش عارف اصلا اقولهم ازاي وبأي وش، مكنتش عارف اقولهم مصيبة تانية وخصوصا ان امي تعبت اوي ودخلت المستشفى..
هتفت شمس بغباء:
-مفيش حل طيب دلوقتي؟!.
-الحل اني اسلم نفسي والموضوع هيبقى مخفف وان هلال هيكون له صرفه خصوصًا انه كان قتل خطأ بالنسبالهم وطبعا هتحاسب على هروبي، بس في المقابل المفروض ان كمال هيحكي لمراته كل حاجة.
هي سمعت عن أمرأة تدعى فردوس ولكنها لم تفهم الأمر كله:
-انا مش فاهمة ايه علاقة مرات اخوك بالحوار.
ضحك بتهكم من حاله ثم غمغم:
-هي أساس الحوار كله، اللي قتلته كان اخوها، اللي بعد ما بيتهم ولع كان قبلها كمال كاتب كتابه على فردوس، جدي عرض عليهم بحكم أننا نسايب وخلاص اهل والفرح قرب يقعدوا عندنا في البيت لغايت ما يخلصوا بيتهم ويرجعوه زي الاول، وهو خان الأمانة دي…
ابلتع ريقه ليسرد لها وكأنه حقًا يرغب في الحديث فهو طوال الوقت يحاول إغلاق الموضوع وكتمه أو رُبما تأجيله، لكن الآن وقت الانفجار:
-فردوس فاكرة اني اتخانقت مع اخوها يوم فرحها هي واخويا وقتلته، متعرفش اخوها عمل ايه، محدش يعرف غير كمال وجدي وداغر جوز افنان، فهي منكدة عيشة كمال وعايشة معاهم في البيت وبتحاول بكل الطرق انها تجيبني ولولا اني معايا حد زي هلال مظبط ورقي كان زمانها جابتني من بدري اوي..
سألته شمس بفضول:
-وهي لسه على ذمة أخوك؟! والاتنين عايشين مع بعض عادي؟!.
هتف شريف بلا مبالاة:
-اللي اعرفه انهم بيتخانقوا طول الوقت وكمال من شهر وشوية اتجوز عليها…
ضيقت شمس حاجبيها وهي تسأله باستنكار رهيب:
-وهي لسه على ذمته حتى بعد ما اتجوز؟!
غمغم شريف بسخرية من تلك العلاقة الغريبة والغير مفهومة:
-تخيلي، بيحبوا بعض، انا زي ما بستغرب لاخويا انا بستغرب انها قاعدة معاه برضو حتى لو بأي وضع، كأنهم جايين من كوكب تاني.
نظرت له بضيقٍ لتتحدث شمس بنبرة متهكمة من سطحيته:
-بيحبوا بعض، اللي بيحب حد مبيعرفش يبعد حتى لو كانت ايه العواقب، وهما يمكن تخطوا مرحلة الحب حاجات اللي زيك مش هيفهمها، اللي بيحب حد بيتقبل عيوبه وبيرضى بيه
ثم أسترسلت حديثها ساخرة:
-الا صحيح يا استاذ بما اني محتارة اقولك يا ثائر ولا شريف، ايه البجاحة اللي كنت فيها دي؟! مش عايز تتجوزني ومتكبر اوي علشان البيوتي سنتر، وبعدها بعدت لما عرفت اني رقاصة، وأنتَ قاتل وهربان يعني، كنت جايب بجاحتك دي منين؟!.
ابتسم ليتحدث بمرح لا يتناسب مع الموقف حقًا:
-من نفس المكان اللي أنتِ جيباها منه.
-لا والله انا مش فاهمة أنتَ كنت نافش ريشك عليا ليه؟!، وأنتَ اصلا ماشيلي ببطاقة مزوره.
أشار إليها متحدثًا بسخرية:
-احسن ميكنش معايا اثبات خالص.
-لقح عليا يا حبيبي، حلو شغل التلقيح ده.
ثم سألته بنبرة لم يفهمها:
-وبعدين أنتَ مقولتش ليه ليا الموضوع ده من قبل كده؟!.
تحدث شريف بلا مبالاة:
-اقوله قبل كده زي ما اقوله دلوقتي مفرقتش كتير كلها محصلة بعضها، وبعدين لما اقولك انا قاتل حتى قبل ما اعرف حقيقتك، هيبقى ايه موقفك او موقف اي حد غيرك؟!.
هتفت شمس بجدية ومشاعر صادقة:
-لو كنت قولتلي كنت هسألك سؤال واحد وهو ليه؟! لاني بحبك عارفة أن هيكون عندك مبرر، انا حبيتك وبصدقك، بصدق الكلمة اللي بتقولها، بصدق ان استحالة يكون واحد زيك عمل حاجة تأذي حد، او حتى لو عمل انها هتكون من غير سبب أنا بحبك من قلبي، لدرجة ان عيوني لو شافت عيبك وأنتَ نفيته انا هقول أنا عامية وأنتَ اللي صح.
كلماتها تداوي..
تداويه حقًا، ولأنه لا يستشعر كذبها، بل صادقة في كل حرف، مشاعرها غريبة، يا ليته في جرائتها حقًا في التعبير عن نفسها ومشاعرها او مصارحة اي شخص بحقيقته دون ان يخشى شيء….
هي فريدة من نوعها على الرغم من هذا كله
أسترسلت شمس حديثها بعتاب طفيف:
-لكن أنتَ مسمعتنيش او مفيش راجل بيسمع واحدة، ولا بيصدق مبرراتها..
هتف شريف بنبرة خافتة:
-لو مسمعتكيش او حاسس انك كنتي تايهة في حياتك مكنتش قعدتك في بيتي، احنا موضوعنا معقد يا شمس، واحنا الاتنين وجودنا في حياة بعض أزمة، اصلا معرفش حياة كل واحد فينا ناقصة مصايب علشان نترمي على بعض.
انهى حديثه بسخرية حقيقة كلاهما يتواجد في حياته ما ينقصه بالأخص هو…
تمتم شريف بنبرة فاترة:
-انا كلمت واحد كنت ماسك تشطيب عمارته من كام سنة وهو هيأجر ليا شقتين فيها، اول ما يسلمني المفتاح هوديكي هناك، والعمارة كلها ساكنة تمليك ماعدا الشقتين كانوا إيجار جديد وأنا هأجر منه الاتنين.
هتفت شمس باستغراب:
-وأنتَ هتعمل ايه بالشقة التانية؟!..
قال بتوضيح أحمق:
-عادي هروح واجي علشان اطمن انك بخير ومفيش حد مضايقك مش هكون موجود طول الوقت أكيد، بس على الأقل اكون واثق انك كويسة.
ثم أسترسل حديثه ساخرًا:
-صحيح ايه مفيش جديد في حوار إيطاليا؟!..
توصلت شمس بصعوبة بالغة مع مريم في صباح اليوم لتخبرها بأن الرجل مختفي وجميع أرقامه مغلقة وهنا صدق حس ثائر او شريف لا تعلم بما تناديه بانه كان محق، هي تعرضت لعملية نصب…
تمتمت شمس بحماقة تشعر كذبتها الواضحة:
-مهوا الراجل شكله عنده حالة وفاة فمختفي.
-اه الله يرحمه ويرحم فلوسك…
زفرت شمس بضيقٍ ثم قالت:
-شكلها مفيهاش إيطاليا اتنصب عليا علشان ترتاح، شكلك قريت عليا الراجل مختفي.
تمتم شريف بجدية:
-احسن علشان مفكرتيش تسأليني او تقوليلي قبلها وأنا كنت هقولك وهفهمك الدنيا ماشية ازاي.
سألته شمس باستغراب:
-ومدام أنتَ عارف الدنيا ماشية ازاي ليه مفكرتش تسافر أنتَ؟!.
-انا لو عايز اسافر كنت هسافر طيران مش بحر كمان، بس انا اللي مكنتش عايز ابعد ولا اسيب أفنان ولاني عارف اني اخرها هسلم نفسي وهروبي مش هيطول.
نظرت له بخوف حقيقي ليتحدث بهدوء مطمئنًا اياها:
-وقبل ما أسلم نفسي انا هظبط حياتك يا شمس وهعرفلك مين ابوكي، وهحل ليكي كل حاجة، علشان تكملي تعليمك وبعدها تعرفي تشتغلي وتعرفي تعتمدي على نفسك من غير ما تضطري تخلي حد يستغلك او عين تبصلك وتنهش في جسمك لمجرد انك مش لاقية حل تاني.
تمتمت شمس والدموع تنهمر من عيناها بعاطفة قوية:
-وأنا هعمل ايه بكل ده وأنتَ مسجون ومش معايا؟!!.
سألها شريف ساخرًا:
-كل ده مش عاجبك؟! أنك تلاقي ابوكي وانك تشتغلي ويكون ليكي حياة نضيفة مش عاجبك؟!
صاحت بهياج شديد:
-هو أنتَ ليه مش مصدق أنك عندي أهم حاجة في الدنيا واغلى حاجة ومستعدة أعمل اي حاجة علشانك، اه عايزة كل ده، بس مش عايزاة في مقابل انك تفترق عني او تتسجن…
هتف شريف بعد تنهيدة حارة خرجت منه:
-المشكلة اني مصدق، ومصدق أكتر اني للأسف حبيت.
ضيقت عيناها تسأله بشراسة وهي تمسح دموعها:
-أيه اللي للأسف حبيت دي؟!!! هو أنتَ رامي عينك على واحدة رابعة ولا ايه؟! ولا نقول خامسة.
كاد يصفعها حقًا وهو يجيب:
-هو ده كل اللي فهمتيه؟! حبيتك أنتِ يا شمس بس احنا هنضر بعض.
تحدثت شمس بتهكم:
-ولا علشان شكلك طلعت من عيله كبيرة مهوا اكيد عيلتك كبيرة مدام كل حاجة متسهلة ليك وعايش براحتك، فأنا مش هناسبك يعني حتى لو اتغيرت؟!.
-بالعكس أنا شايف أنك تستحقي حياة أفضل وحد أفضل مني..
قاطعته شمس بكبرياء:
-بس أنا عايزاك أنتَ مش عايزة حد افضل منك، عايزاك وأنتَ قتال قتله ورد سجون مش مشكلة.
ردد كلمتها باستنكار شديد:
-قتال قتلة ورد سجون؟!!.
-وأنا رقاصة ده التوافق الحقيقي اللي أنتَ مش شايفه.
عقب بسخرية من حاله:
-تصدقي أنا هخليهم قتلة فعلا مش قتيل واحد.
-خلاص ياخويا بهزر معاك بلاش يكون خلقك ضيق.
تمتم شريف بنبرة عادية:
-ماشي، يلا انزلي روحي واتاكدي ان محدش مركز معاكي وأنتِ داخلة البيت.
تحدثت شمس بذكاء يجعله غير قادر على النطق:
-لا متقلقش انا حتى لما قابلت الدكتورة بتاعت الصيدلية اللي في وش بيتكم لما شافتني خارجة من البيت افتكرتني افنان اكمننا نفس الطول وقريبين من جسم بعض وراحت قالتلي أنتِ لبستي النقاب ولا ايه قولتلها اه وباركتلي…
هي كارثة حقًا!!
كان من المفترض انه يخاف بأن يعرف أي شخص حقيقته لكنه الآن ليس خائفًا، وكأن الحب يكفي ليشعرك بالأمان والاحتواء وانه لا بأس بأي شيء شريكك سيتقبلك حتى لو كنت غارق في الوحل…
لم تشعره شمس بأنه مكشوف أمامها بل اشعرته بأنه في أمان..
منطقة أمنه بعيناها اللوزية الساحرة دون أي مجهود منها…..
____________
كانت تقوم بترتيب الفراش من بعد خروجه وترتيب الغرفة بأكملها، لا تدري هل كان صحيحًا ما فعلته اخباره الأمر بتلك الطريقة ليبتعد..
لو ابتعد اليوم ماذا عن الأيام القادمة؟!!…..
فستبقى عُقدتنا الحقيقية أننا نفكر في عواقب الأشياء أكثر مما نفكر بما نرغب به…
نفكر بعواقب اللحظات السعيدة أكثر من عيشها هي نفسها…
انتهت من ترتيب الفراش ليأتيها اتصال من ايمان تسألها هل سترافقها في صالة الألعاب الرياضية لتخبرها بأنه لا، ستأتي غدًا…
بعدها أخذت تخبرها بالشجار الذي دب بينها وبين والدتها لتخبرها فردوس بأنها أخطأت في التأخير والجلوس معهم في المستشفى بلا سبب يُذكر، وان حتى والدتها لو رغبت في أن تبتعد عنها هي محقة لأنها رُبما تعتقد أنها هي من تجعلها لا ترغب في الزواج…
“قولتلك اقعدي معاه صلة القرابة غير والجواز غير، اقعدي اسمعيه واتكلمي معاه وادي نفسك فرصة”.
في هذا الوقت ولج كمال ليستمع إلى كلماتها وما ان رأته تحدثت بنبرة هادئة:
“اقفلي دلوقتي وهكلمك تاني سلام”.
وانتهت المكالمة بينهما ليتحدث كمال سائلا أياها:
-بتكلمي مين؟!.
أجابت عليه بنبرة عادية:
-بكلم ايمان.
جلس على طرف الفراش بجانبها ليتحدث بنبرة غامضة بالنسبة لها:
-سمعت من أفنان انها كانت هنا جيالك ولما افنان وقعت راحت معاكم المسشتفى.
تحدثت فردوس بتلقائية:
-ايوة كنت تعبانة شوية ومروحتش الجيم فجت تشوفني، وفضلت طول الليل معانا في المستشفى…
وحينما استشعرت بأنه رُبما يعلق على زيارتها فهي لم تشعر بشكه بها:
-عندك مشكلة ولا ايه انها جت البيت؟!
عقب بنبرة هادئة ليخمد ثورتها المشتعلة رغم ضيقه الشديد من ايمان:
-البيت بيتك زي ما هو بيتنا تستقبلي فيه زي ما أنتِ عاوزه.
هتفت فردوس باختناق:
-البيت عمره ما هيكون بيتي.
تجاهل الهراء الذي يخرج من فمها ليس لأنه أصبح لا يزعجه ولكن على الأقل بدأ في الاعتياد عليه….
تمتم كمال بنبرة ساخرة:
-ماشي زي ما تحبي.
تحدثت فردوس بارتباك:
-بيتنا يعتبر خلص، أنا قولت اقولك.
هو ينتظر الخطوة التالية…
او الرغبة التالية التي تقلقه، يتمنى ألا تكون تفعل هذا رغبة في الابتعاد عنه..
أسترسلت فردوس حديثها بنبرة متوترة وهي تعيد خصلة هاربة من خصلاتها خلف اذنيها الذي يتدلي منها حلق أبيض يتماشى مع منامتها التي بها خطوط بيضاء:
-الراجل هيديني المفتاح بكرا..
نظر لها منتظرًا التكملة لتتحدث بألم لا تجد شخص تخبره بمخاوفها غيره وحتى لو هناك هي تريده وهذا هو الجنون بحد ذاته..
-حاسة اني مش هعرف ادخل البيت.
لم يشعر بالصدمة من حديثها إلى حد كبير…
يعلم أن فردوس لا تستطيع التخطي، حتى أنها حتى الآن وبالرغم من ذكرى وفاته التي تكون حداد بالنسبة لها لا تستطيع حتى الذهاب لزيارة قبره…
تحدث كمال بنبرة هادئة:
-فردوس ما تجربي تروحي لدكتور او دكتورة نفسية، مش يمكن ترتاحي..
وقبل أن تتخذ وضعية الهجوم تحدث كمال برفقٍ:
-علشانك والله قبل ما يكون علشان أي حد تاني، مش يمكن الخطوة دي تساعدك تتخطي…
-أنتَ بتشتغلني يعني؟! وفاكر اني لو روحت هيعالجوا اللي فيا، اللي فيا ده علشان حق اخويا متاخدش..
تمتم كمال بنبرة حازمة:
-فردوس انا مش بتكلم في حقوق ولا عايز اتخانق؛ انا بتكلم معاكي بجد، اي حد لما بيفقد حد عزيز عليه بيمر بصدمة وبحالة نفسية والاغلبية بيحتاجوا حد يساعدهم على التخطي، انا مش عارف اخرجك من اللي انتِ فيه ولا أنتِ عارفة تخرجي نفسك، ليه ميكنش ده الحل…
حديثه مقنع إلى حد كبير..
ورغم جنون الفكرة على رغبتها الانتقامية، إلا أنها اقتنعت بها لتحاول أن تكابر متمتمة:
-معتقدش انها هتفرق كتير انا مش محتاجة دكتور، انا اخويا اتقتل، مات مقتول، مماتش لوحده وانا اللي مش عارفة اتعايش.
تمتم كمال بنبرة هادئة وإصرار:
-طريقة الموت مش هتفرق يا فردوس في حتة العلاج النفسي الكلام ده تقوليه لما نقف في المحكمة، انا بتكلم في نفسيتك، ماما نفسها بعد وفاة بابا كانت بتروح لدكتورة نفسية وساعتها ساعدتها جدًا….
لم يجد منها رد سوى نظرات متربصة وغاضبة تنظر له تمنع نفسها من تعقيب أخر قد يزيد من حدة الشجار بينهما….
ولكنها تفكر وهو علم هذا من نظراتها……
سألها مغيرًا الموضوع:
-روقتي السرير وعيشتي الحياة مجاش في بالك اني منمتش كويس وممكن انام تاني؟!.
أردفت فردوس بارتباك:
-عادي انا مبعرفش اقعد في الاوضة والدنيا مكركبة..
كانت صادقة في تلك النقطة من ضمن التحول الجذري الذي حدث لها خلال تلك السنوات هي الترتيب لطالما كانت دومًا شخصية غير مرتبة، مبعثرة، عاشقة للفوضى…
وفي الوقت نفسه هي تريد أن تنتهي من كل شيء ولولا اتصال ايمان لكانت انتهت وهبطت من الغرفة حتى لا تقابله مرة أخرى…
غمغم كمال بنبرة عادية:
-انا كنت ناوي انام ساعة كمان..
كان يرغب في النوم قليلا قبل أن يهبط للذهاب إلى زيارة داليا.
لتتحدث فردوس بجدية:
-ما تنام مش ماسكاك يعني؛ انا اصلا رايحة اشوف افنان…
عقب كمال بهدوء:
-افنان مع ابنها وجوزها دلوقتي وقالتلي هتنام شوية.
حاولت التهرب ثانية وهي تقول:
-هروح اشوف طنط منى.
امسك معصمها متحدثًا بمكرٍ:
-بس هي بترتاح من السفر.
-هنزل أكل.
تمتم كمال وهو يرفع كف يدها يقوم بتقبيل باطنه بعمق وحرارة:
-ماشي براحتك مدام جعانة بس لو بتهربي مني خليكي….
عقبت فردوس كاذبة مدعية الجراءة:
-وأنا ههرب منك ليه يعني؟!.
-أنا عايز اكون جنبك وبس واي حاجة تانية انا صابر عليها عارفة ليه؟! عمرك ما سألتي السؤال ده.
نظرت له بفضول رغم عن خجلها المميت وكأنها تزوجته ليلة أمس، طوال تلك السنوات لم ترافقه إلا ليلتان اثناء نومه مرة في المكتب والمرة الأخرى في الغرفة التي كان ينام بها…
أرضى فضولها ليهمس بجانب أذنيها:
-لاني مش عايزك تكوني عايزة وبس قد ما أنا عايزك راضية، راضية عن كل حاجة
حقًا كادت أن تذوب في كلماته ويده التي تسللت إلى خصرها تقربها منه رغمًا عنها، صوت أنفاسها مضطرب وعالي جدًا، هذا التواصل يقلقها…
يقلق ثباتها والهالة التي رسمتها حولها، لا شيء ازعج قلوبهما سوى صوت هاتف كمال، ليخرجه من جيبه ويجد أن المتصل داليا…
هنا تغيرت المعادلة لتبتعد فردوس بوجه مقتضب غاضب حينما قرأت الاسم وكانت تلك الشعرة الفاصلة بين الحلم والواقع، وبدأ الحلم في الزوال…..
هناك طرف ثالث….
طرف ثالث تحاول نسيان وجوده حتى ولو لمدة ساعات ولكنها الحقيقة لم يعد حبيبها ملكها هي بمفردها…
نهضت وتوجهت صوب المرحاض مغلقة أياه بعنف خلفها، لينزعج كمال مما حدث ويحك خصلاته بضيقٍ، ثم نهض وخرج من الغرفة بأكملها ليجيب عليها فهي تشعر بالقلق عليه بالتأكيد، وحاول استيعاب قلقها هذا لأنه واجبه احتوائها هي الأخرى مادامت في حياته، حتى ولو كان للقلب ساكن يغلق الباب خلفه….
______________
منذ أن أخذ يربط هاويتها بهاوية الرجل الذي من المفترض زوج سابق لوالدة الراقصة التي يعشقها صديقه الاهوج…
وهو يشعر بعدم الراحة، وبالفعل تذكر أنها قد سمعها ذات مرة أثناء ثرثرتها مع مريم بأن والدها لديه سلسلة مطاعم، وأنها تنحدر من عائلة من بني سويف…
لم يتذكر تلك المعلومة إلا الآن!!
ماذا عليه أن يفعل؟!..
كيف يتصرف في أمر هكذا؟!!…
صديقه الذي يكن بمنزلة شقيق له هو من يوجع رأسه بسبب طلباته العجيبة…
وللأسف هو يقوم بتنفيذها..
خرج من الغرفة بعد أخذ ميدالية مفاتيحه مقرر المغادرة إلى المنزل أو الذهاب عند صديقه وبمجرد أن خرج من غرفته وسار بضعة خطوات حتى وجد تجمع غريب أغلب الفتيات يلتفون حول شخص لم يستطع تحديده سوى بعد دقيقة تقريبًا حينما وجد فتاة من العاملين في المكتب والتي تقضي فترتها في التدريب هي الأخرى تبتعد وتقترب من مكتبها ليستوقفها هلال سائلا:
-هو في ايه؟!.
وخرجت الإجابة بسيطة من الفتاة:
-بشرى جالها اتصال ان باباها جاله جلطة وفي المستشفى فاحنا بنهديها لانها كانت بتعيط.
وأتت بشرى بنفسها بعد حديث الفتاة بثواني قائلة من بين دموعها:
-بعد اذنك يا متر أنا مضطره امشي علسان اسافر والد تعبان وفي المستشفى.
كانت الدهشة تعلو وجه الجميع حينما قال هلال بنبرة غير مفهمة ولا يمتلك تبرير واضح:
-هسافر معاكي……

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ديجور الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى