روايات

رواية ديجور الهوى الفصل الأول 1 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الفصل الأول 1 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الجزء الأول

رواية ديجور الهوى البارت الأول

رواية ديجور الهوى الحلقة الأولى

اذكروا الله
__________
– كتب علينا ان نقضي نصف العمر في إشتياق وانتظار لقاء من نحبهم وأن نقضي نصف العمر الآخر في وداع من أحببناهم.
– محمود درويش 📚.
‏«لا نشتكي الأبعاد..أوجع غربةٍ هي غربة الأرواح في الأجسادِ»⠀
‏— أحمد بخيت
– إنّ كل مصيبة تنزل بأحد من البشر، تشتمل دائمًا على شيء يفرحنا.
– دوستويفسكي 📚.
__________
في الخامسة والنصف صباحًا…
ذلك الوقت الذي يكن غريبًا يختلط فيه ظلام الليل المُهلك ووحشته ببداية إشراقة جديدة وصباح يوم جديد، تتجدد فيه آمال الناس وطموحاتهم ورغباتهم حتى لو كانت تلك الرغبة ليست سوى وجبة شهية سيقومون بصنعها من أجل الشعور بلذتها..
أو استقبال يوم روتيني مفعم بالمهمات التي يجب عليهم انهائها…
لكن ذلك الليل كان مُريب ومُهلك عليه، عليه هو فقط….
ليلة لا يتمناها إلى ألد اعدائه حقًا من قسوتها عليه، لا يستطيع حتى استيعاب فظاظة ما سمعه؛ وما ارتكبه من جريمة شنعاء…
لكنها ليست جريمة..
أجل ليست جريمة هي حق دفاع عن شرف تم إهداره، لكن…
ما العمل؟!!!!!
حسنًا سيعطي لنفسه الأوسكار من أجل ارتكابه جريمة قتل، لا يريد الإفصاح عن سببها ولا يريد أن يتحاكى الناس عنها، حسنًا يستحق وسام الشجاعة أيضًا…
ولكن ماذا بعد؟!!..
أصبح هارب…
نعم هو قاتل وهارب، مسميات ثقيلة جدًا لا يستوعبها عقله بالرغم من تهوره، دائمًا كانت تخبره عائلته بأن لسانه ويده تسبق في كثير من الأحيان عقله ولكن لم يصل خياله الجامح إلى أنه سيصبح يومًا قاتل…
بعد الكثير من الركض والكثير من السير وركوب السيارات، بات يقف هنا أمام منزل صديقه المقرب والتي لم تنتهى صداقتهما بالرغم من اختلاف المحافظات فبعد أن عاد إلى بلدته بعد التخرج ظل التواصل بينهما مستمر..
ملابسه التي يرتديها في ذات الوقت يظهر عليه أثار غريبة فهو يرتدي ملابس أنيقة ولكنها ليست مهندمة ووجهه مريب حتى ظن بعض من يراه يسير معهم بأنه شخص مجنون..
قرر أن يدق الباب ليس لديه حلول كثيرة مع الأسف، ليست لديه أموال في الوقت الحالي من أجل أن يجد سكن مناسب وفي الوقت نفسه لا يعرف غير هلال، ولا يستطيع العودة من حيث أتى وإلا السجن سيصبح مصيره أو بمعنى أصح الإعدام……
بداخل المنزل…
كانت دقات قوية ومتوترة تم قرع الجرس بشكل مفزع جعله ينتفض من فراشه، وخرج من الغرفة ثم خرج من الشقة بأكملها وهبط على الدرج حتى وصل إلى الباب الخاص بالبناية..
فتح هلال الباب ليجد أمامه صديقه بوجه شاحب وملابس مهترئةأردف هلال بتوتر رهيب فما الذي أتى بصديقه اليوم من بلدته ويوم حفل زفاف شقيقه هذا شيء مثير للعجب..
-في أيه يا شريف؟!!.
غمغم شريف بتوتر شديد:
-أنا في مصيبة يا هلال ومفيش غيرك أروحله مكنش معايا موبايل ولا أي حاجة علشان أعرف أتصل بيك قبل ما اجي حتى ربنا وحده اللي يعلم أنا ازاي جيت هنا.
أنقبض قلب هلال فهناك كارثة بالتأكيد هذا الحديث لا يبشر بأي خير…
قاطع حديثهم هبوط “عادل” والد هلال من الأعلى متمتمًا:
-مين اللي بيرن الجرس بالشكل ده يا هلال؟!.
غمغم هلال وهو يستدير محاولًا أن يتحدث بشكل طبيعي:
-ده صاحبي يا بابا..
_________
بعد مرور سبع سنوات تقريبًا…
تجلس فردوس في نصف جلسة على الفراش ذلك هو اليوم الوحيد الذي تسمح لنفسها بالانهيار، لا تدعي القوة كما تفعل في أي يوم أخر في السنة، لا تخرج من غرفتها ولا يحاول أحد من القانطين بالمنزل الاحتكاك بها، فاليوم هو ذكرى اليوم الذي أحتضنت فيه شقيقها ميتًا وهي بفستان زفافها..
لن تنسى ولو مر سبعون عامًا وليست سبع سنوات..
ولج إلى الغرفة في الصباح الباكر ليجدها معتمة تمامًا وصوت شهقاتها مسموعًا بمجرد دخولك الغرفة…
هذا هو اليوم الوحيد التي تسمح إليه بأن يمارس دوره كزوج لها وتعطيه من الصلاحيات كيفما يشاء أو لتكن صريحة كيفما تحتاج منه…
تجعله يدخل غرفتها ليس هذا فقط، بل يقترب منها ويجلس بجانبها لتحتضنه وتشهق في أحضانه وتبكي بجنون…
هذا ما يفعله كل عام وكأنه تقليد لا يدري حقًا..
ولكنه يستمتع به ويحبه..
يكره حبه لانهيار حبيبته بين أحضانه بينما هو لم يستطيع أن يجعلها تشعر بالدفئ والأمان والحب والجنون، المتعة كل تلك الاشياء التي يجب أن تشعر بها المرأة في أحضان زوجها…
كانت فردوس تنتظره وتعلم جيدًا بأنه سيأتي اليوم…
جذبها إلى أحضانه بقوة، فهو يشتاق ويرغب في هذا العناق من بين العام والأخر…
ينتظر عناقها باكية أي بؤس يعيش به قلبه؟!!
متى أنقلب الوضع إلى تلك الدرجة؟!..
أنقلب في لحظة لا يفهمها…
تمتمت فردوس بألم في نبرة هامسة:
-أنا قلبي واجعني أوي يا كمال، نار قايدة فيا.
تبلغ فردوس من العمر ثلاثون عامًا، بينما كمال يبلغ من العمر خمسة وثلاثون عامًا، حينما ألتحقت فردوس بكلية التجارة كان كمال يتخرج منها، قد تظن بأن قصة الحب قد بدأت من هنا ولكنها في الواقع بدأت من ذلك اليوم التي أتت فيه فردوس وهي تبلغ من العمر خمسة أعوام وشقيقها عشرة أعوام وقطنوا مع عائلتهما في البناية المتواجدة أمام منزل عائلة (كمال) بالشرقية………..
هبطت دمعة من عين كمال فهي لا تدرك حجم خسارته وأنه قد خسر مثلها، خسر في تلك الليلة أيضًا، يريد أن يخبرها
“أعلم يا عزيزتي، أنا أشعر بقلبك أكثر منكِ”
“أنا أيضًا اتألم كثيرًا ولكن لا تشعرين”
“أحبك كل يوم أكثر من اليوم الماضي”
“لم يمت قلبي ولا يريد أن يكف عن حبك بالرغم من محاولاتي أو ما اسميها محاولات وما هي إلا كذب”
“مازالت أريدك واتأمل حياة جيدة معك لكن مرارة الواقع كفيلة بأن تصفعني كل يوم”
لكن ليس بوسعه الحديث فهو يعلم جيدًا أن صوته سيغضبها رُبما هذا الظلام التي تجلس فيه جيد نوعًا ما..
شدد من أحتضانه لها وكأنه بتلك الطريقة يخبرها بالكلمات الكثيرة التي لا يستطيع أن ينطق بها….
غمغمت فردوس بألم رهيب:
-حسن كان كل حاجة في حياتي مكنش ليا غيره، كان هو ضهري بعد أمي وابويا وكل حاجة ليا، مات ومعرفتش أعمل حاجة، حتى وجودي هنا ذنب أنا حاسة بيه.
بعد نطقها لجملتها الأحيرة كأن مراكز الاحساس اليوم كانت قوية، قوية لدرجة جعلتها تبتعد عنه كمن لدغتها عقربة، وتنظر له نظرات ساخطة…
وعقلها أيقظها فهي تبكي في أحضان من كان السبب..
نعم هو سبب رئيسي رُبما لو أخذ الجاني عقابه لم تكن تشعر بهذا الألم كله…..
أردفت فردوس بغضب:
-أنا بستغرب يا كمال ازاي كل مرة بتيجي تاخدني في حضنك وتيجي تشوفني وأنا بعيط، أيه بتفرح لما تلاقيني موجوعة؟!.
-بلاش كلام ملهوش لازمة يا فردوس ربنا يهديكي.
خرجت ضحكة ساخرة منها من بين دموعها، ثم أردفت:
-كلام ملهوش لازمة؟! أنتَ ليه محسسني أنك أنتَ الضحية؟!.
أردف كمال في نبرة متماسكة رغم أن كل خلية في جسده تريد أن تصرخ بها:
-فردوس أنا جيت علشان أطمن عليكي زي…
قاطعته وهي تقول ما كان هو على وشك قوله:
-زي كل سنة بس أنا المرة دي عايزة اكون لوحدي ممكن؟!.
كأنها ترجوه..
سخر منها بداخله فهو يريد سؤالها حقًا متى كانت معه؟!!
حتى ترغب أن تكون بمفردها الآن…
لكنه قرر أن يلتزم الصمت فلا يصح أن يضع الملح فوق جرحها فهو يشعر بها مهما فعلت وأدعت القوة..
نهض كمال بكل هدوء وغادر الغرفة قاصدًا الذهاب إلى غرفته….
____________
في المساء..
يجلس كمال في المكتب الخاص بجده “توفيق” الذي مازال في السعودية يعتمر للمرة الثامنة تقريبًا وقد قام بحجتين في السابق، وسيعود في الغد….
دخل بكر، عم كمال الذي يبلغ من العمر خمسة وأربعون عامًا ويعمل في شركة السياحة الخاصة بوالده كما يعمل كمال بها أيضًا ولكنه يعمل في أحد البنوك.
تمتم بكر وهو يجلس على المقعد المتواجد أمام المكتب:
-أيه قاعد لوحدك كده ليه يا كمال؟!.
هتف كمال بعد تنهيدة طويلة وقد انتبه لوجود عمه فهو قد شرد تمامًا:
-أبدًا كنت قاعد مع ماما بعد صلاة الفجر ونامت وروحت احاول انام تاني معرفتش فجيت أقعد هنا مش أكتر.
-روح اقعد مع مراتك سايبها ليه حتى النهاردة سنوية حسن ومخرجتش اليوم كله من اوضتها.
ضحك كمال بألم ثم نظر إلى بكر نظرات ساخرة ختمها وهو يبتعد عن مواجهته بنظراته قائلا:
-هو من امته يعني كنت مع مراتي علشان تستغرب إني سايبها دلوقتي؟! ده حالنا أيه الجديد هو حضرتك مش عارف يا عمي ولا أيه؟! ده البيت كله فاهم، وبعدين متقلقش على فردوس بكرا هتلاقيها نازلة ولا كأن في أي حاجة هو يوم ومش بتزود عن اليوم ده، واليوم اللي بعده هتنزل تدور على أي حد تمسك فيه.
أدرك بكر الألم الذي يشعر به ابن أخيه الذي يكن بمثابة ابن له وتحدث بهدوء:
-عارف بس حالكم ده ميرضيش حد يا ابني، وبعدين هي ولا عايزة تطلق ولا عايزة تلين دماغها أومال عايزة أيه؟! شريف ومش موجود، وعدى بدل السنة سبعة عايزة نعمل ايه يعني، احنا لغايت دلوقتي مش فاهمين أصلا حاجة زيها.
غمغم كمال بوضوح:
-عايزة حق أخوها وهي فاكرة أنها لو فضلت على ذمتي هتوصل لحاجة وأنا بمنعها توصل لحاجة وادينا قاعدين بنلف حوالين بعض.
تحدث بكر بتلقائية ولكن كان جاد ويعي كل كلمة تخرج من فمه:
-أنتَ لازم تتجوز.
ردد كمال كلمة بكر الأخيرة باستنكار:
-أتجوز؟!..
هز بكر رأسه في إيجاب وهو يقول بنظرة سريعة على حياته:
-أنا عيشت سنين مع مريم الله يرحمها وأحنا بنترجى طفل من الدنيا بس مكنش نصيبنا نخلف رغم أن مكنش في عيب في حد فينا، واتجوزت دعاء وهي مصممة نعمل حقن مجهري….
أبتلع بكر ريقه وأسترسل حديثه بجدية بحتة:
-شبابك هيكون له لازمة لو في عيل بيكبر قصاد عينك، متضيعش سنين تاني من عمرك مستني رضا فردوس مهما كنت بتحبها، وأحنا عارفين أن فردوس مش هتصفى مهما حصل، لو السنين اللي فاتت مكنش في بالك العيال هيجي وقت بعد كده تندم.
أسترسل بكر حديثه متمتمًا بجدية:
-أتجوز وده حقك يا كمال لو أتنازلت عن حقوقك كزوج متتنازلش عن حقوقك أن يكون ليك طفل من صلبك وأنك متقعدش تضيع سنين لغايت ما توصل لسني أنا دلوقتي بقول حتى لو خلفت أنا كبرت هقعد معاه كام سنة وأموت واسيبه في الدنيا رغم اني كنت بسعى بس يمكن رفضي اني رفضت حلول كتيرة زي مثلا الحقن المجهري ولغايت دلوقتي بس بحاول اقتنع.
-بعد الشر عليك يا عمي، ربنا هيرزقك أن شاء الله وهيتربى في عزك بإذن الله وهتشوفه عريس كمان.
أبتسم له بكر ثم غمغم بجدية:
-متشغلش بالك بيا يا كمال أهم حاجة فكر في كلامي السنين اللي بتروح مش بترجع يا ابني.
حسنًا للمرة الأولى الذي يتحدث معه أحد بتلك الطريقة…
وهذا الحديث يخرج من عمه الذي بمثابة شقيق له الفرق بينهما عشر سنوات فقط، عمه الذي شهد معاناته…
لأول مرة يقوم شخص بلفت نظره لأمر هكذا….
يبدو أنه من كثرة ما يتواجد في حياته قد غفل عن رغبته في الانجاب، أخذ يتذكر القائمة الطويلة التي كان يضع فيها الأسماء الذي يرغب في أن يطلقها على أطفاله….
ويخبر فردوس بها أثناء خطبتهما…
لكن كيف؟!!…
يتزوج من أمرأة غير فردوس؟؟!!..
_____________
في وقت الظهيرة…
تقف شمس البالغة من العمر ثمانية وعشرون عامًا في المركز تقوم بوضع صبغة الشعر على خصلات شعر رأس المرأة التي تجلس أمامها، كعادة يوم روتيني..
وتدندن الأغاني الشعبية التي قامت بتشغيلها وأحيانًا ترقص معها تحت مشاهدة النساء لها فقد أعتادوا المشهد..
لكن أثناء وضعها الصبغة وجدت جسد صغير يدخل إلى الصالون وهو يحمل باقة من الزهور…
فغمغمت في سرعة وحماس بعد أن تركت رأس المرأة بلا اهتمام فالاهم قد جاء:
-فهد..
تمتمت المرأة في استنكار:
-أنتِ سايبة شعري ورايحة فين يا شمس؟!!.
تحدثت شمس في سرعة متجاهلة حديثها وهي تذهب ناحية الصغير متمتمة بصوت عالي حتى يصل إلى أحدى الفتيات التي تعمل معها:
-بوسي هتكمل ليكي تعالي كملي شعر مدام ياسمين.
أقتربت شمس من الصغير وتركت قُبلة على وجنتيه بعد أن انخفضت لمستواه ليطبع أحمر الشفاة التي تضعه على وجنتيه:
-ازيك يا فهد عامل ايه يا حبيبي؟!.
أردف فهد بابتسامة واسعة يقوم بتنفيذ كلمات ثائر:
-الحمدلله يا طنط شمس.
استنكرت شمس ذلك وهي تغمغم:
-طنط شمس أيه قولي يا شموسة.
-حاضر يا شموسة خالو باعتلك الورد ده بمناسبة طلاقه.
خرجت منها ضحكة مائعة وهي تجده يمد لها باقة الزهور ويعقب بتلك الكلمات ثم أردفت في خجل:
-شكرا يا فهد تاعبينك معانا.
أردف فهد ببراءة:
-ولا يهمك أنا هخرج بقا علشان خالو مستنيني برا.
هزت رأسها في إيجاب وهي تترك قُبلة على أخرى على وجنتيه ثم ركض الصغير ليغادر المكان كما أعتاد أن يكون مرسال بينهما في بعض الأحيان..
جاءت سوسن التي تبلغ من العمر ثمانية وأربعون عام تقريبًا، جاءت من الداخل متمتمة وهي تجدها تعتدل ممسكة بباقة الزهور:
-أيه ده يابت؟!.
عقبت شمس بدلال وهي تلتقط وردة من الوردات المتواجدة في الباقة وتضعها في خصلاتها الناعمة والطويلة:
-ثائر جايبلي ورد وعن اذنك بقا هدخل جوا علشان هيكون عندي مكالمة.
خرج لفظ بذئ من شفتي والدتها وهي تذهب من أمامها..
-كان ناقصنا سي ثائر ده كمان.
“في الخارج”
خرج فهد من الداخل بحماس وأول شيء لفت نظر ثائر بمجرد أن رأه هو أحمر الشفاة المتواجد على وجنتيه أخرج ثائر منديل ورقي متواجد في جيبه وقام بمسح ما يتواجد على وجنتي الصغير قائلا:
-يا بختك يا عم فهد ياريتني كنت أنا.
لم يفهم الصغير ما يقوله فهو لم يرى هيئته لذلك تحدث:
-مش فاهم؟!.
هتف ثائر بنبرة هامسة غير مسموعة:
-لما تكبر هقولك…
ثم أردف بعد أن انتهى وأمسك يده قاصدًا الذهاب إلى المنزل:
-يلا علشان أمك عماله تتصل وصدعتني عارف لو روحنا وكالعادة اعترفت ليها بكل حاجة هوريك العين الحمراء.
-عيب عليك يا خالو.
تمتم ثائر بسخرية:
-أهو أنا كده قلقت أكتر.
__________
كان يجلس في غرفته بعد أن ترك شقيقته وابنها..
وألتقط هاتفه بعد أن ضغط للاتصال بها، لتجيب هي على الفور فهي تعلم بأنه بعد ربع ساعة تقريبًا من إرسال الصغير لها في أي موقف يقوم بالإتصال بها كانت المرة الأخيرة -بعد انقطاع لمدة عام تقريبًا- منذ ثلاثة أشهر تقريبًا بعد أن أخبرها بأنه على وشك الطلاق وأخبرته بأن يتحدث معها حينما يكون رجل مطلق..
نعم هذا سبب ولكن السبب الأساسي لا تتفوه به..
ثائر ذلك الشاب الذي يكن في بداية الثلاثينات من عمره، وسيم بالنسبة لها تجده أجمل رجال الأرض على الرغم من أنها لا تعجب بأي شخص بسهولة وترفض الارتباط رفض صريح بأي شخص طبيعي لأنها تعلم أنها لا تصلح..
وترفض من الآخرون التي تعرف غايتهم جيدًا منها…
ولكن منذ رؤيته منذ سنوات لم تستطيع سوى الوقوع في حبه الذي كان متبادلًا على الأغلب ولكنها ترفض دومًا لأسباب لا تفصح عنها له ولكنها تعرفها جيدًا…
جاءه صوتها الناعم الذي يلعب على أوتار قلبه:
-ألو.
عقب بجدية لا تليق به:
-ألو؟! وبعدين ينفع اللي عملتيه في الواد ده مش خايفة على سمعته لو حد شافه باللي على وشه ده.
سمع صوت ضحكاتها الرنانة وهي تقول:
-يا سلام..
– أنا غيرت منه على فكرة.
حاولت أن تغير مجرى الحديث متمتمة:
-بعدين في حد يعمل اللي بتعمله ده؟!.
-ما أنتِ عاملة في قلبي كتير ومحدش سألك بتعملي ايه.
هتفت محذرة أياه:
-ثائر أنا بتكلم بجد.
عقب بكل هدوء:
-وأنا بتكلم جد الجد كمان.
تحدثت شمس باستنكار شديد:
-هو في واحد أول ما يطلق يبعت ورد مش عيب كده؟!.
قال ثائر ساخرًا:
-هو أيه اللي عيب يا شمس، وبعدين ما كفايا بقا بقالنا سنين وأنتِ مش راضية.
لا تصدق وقاحته لذلك أردفت في تهكم وغيرة تجعلها تتأكل من الداخل:
-وعلى أساس أن السنين دي كلها أنتَ معتزل صنف الستات، وقاعد مستنيني ده أنا مجرد ما بقولك لا بلاقي بعدها الحتة كلها بتتكلم على خبر جوازك من واحده جديدة.
– انا غلطان ياستي ومتربتش توبيني على أيدك واكسبي فيا ثواب.
تمتمت شمس بدلال وتتفوه بكلمات تعرف أنها كاذبة لأنها لن تفعل ولا تستطيع الموافقة:
-ممكن أفكر المرة دي، بس تقعد كام شهر كده وبعدين نتكلم.
جاءها صوته المتهكم:
-هو أيه اللي كمان كام شهر نتكلم دي؟!
-مش أنتَ لسه مطلق امبارح باين؟!.
عقب ثائر ساخرًا:
-أيوة ياختي، بس أنتِ بتعامليني زي اللي له عدة أنتِ عبيطة يابت؟!.
أردفت شمس محاولة أن تختلق أي حجة:
-أفرض يا حبيبي الناس طلعت عني سمعة إني لامؤاخذة كنت ماشية معاك وأني خربت على مراتك ترضاها ليا؟!!.
-لا مرضهاش، خلاص نقرأ فاتحة ولا حاجة ونكتب بعد أربع شهور أيه رأيك؟!.
قالت شمس نافية قبل أن تغلق المكالمة:
-لا مفيش اي حاجة هتحصل ولا هنتكلم في اي حاجة غير لما تعدي فترة مناسبة، يلا باي يا قلبي.
لم تنتظر رده لتغلق المكالمة على الفور تاركة أياه يستشيط غضبًا…
___________
في اليوم التالي..
بعد استقبال الجميع للحاج توفيق خلد إلى النوم لعدة ساعات ثم استيقظ وجلس مكتبه يتابع ما حدث أثناء غيابه..
-ست فردوس.
قالت تلك الكلمات أحدي النساء التي تعمل في المنزل، إلى فردوس التي تقف في المطبخ تقوم بإعداد فنجان لنفسها:
-يا نعم.
عقبت المرأة بهدوء:
-الحاج توفيق عايزك في أوضة المكتب.
أستدارت فردوس لتنظر لها في استغراب متمتمة:
– عايزني أنا ليه؟!..
تمتمت المرأة بلا مبالاة:
-معرفش قالي أقولك أنه عايزك أنا لسه موديه ليه قهوته قالي خليها تعمل فنجان قهوة ليها وتيجي.
زفرت فردوس بضيقٍ واستدارت مرة أخرى لتستكمل عمل القهوة الخاصة بها وهي تفكر فيما يريدها هذا العجوز؟!!…
لن يتركوها في حالها على الأغلب..
بعد وقت…
دخلت فردوس إلى غرفة المكتب الخاصة بالجد “توفيق” لتجده جالسًا خلف مكتبه ينظر إلى بعض الأوراق مرتديًا نظارته الطبية..
-تعالي يا بنتي.
أقتربت فردوس ووضعت القهوة على المكتب ثم جلست على أحدى المقاعد الموجودة أمام المكتب قائلة في انزعاج:
-في حاجة؟!..
ضحك توفيق ثم غمغم مداعبًا أياها:
-أصلي لاحظت أنك مجتيش تقوليلي مبروك أو أهلا وسهلا يا حاج توفيق زي الكل ما عمل فقولت أخليكي تيجي يمكن تحسي على دمك وتقولي، وطبعا أنتِ شايفاها غريبة….
قاطعته فردوس بسخرية متجاهلة نصف حديثه الأول:
-اه شايفاها غريبة أصل مفيش حد بيحب يتكلم معايا في البيت ده ولا أنا بحب أتكلم مع حد وكلكم عارفين فليه اللف والدوران؟!.
أردف توفيق بهدوء:
-صفي قلبك يا فردوس علشان ترتاحي وتريحي اللي حواليكِ عمرك بيضيع يا بنتي والله نص دعواتي المرة دي كانت ليكي أنتِ.
أنفجرت فردوس به في انفعال شديد:
-مش محتاجة منك تدعيلي كان الأولى تفكر في عمري اللي بيضيع قبل ما تهربوا شريف، كلكم ساعدتوا شريف يهرب بعد ما قتله استخسرتوا في ابنكم الإعدام بس شوفتوا الموت حلال في اخويا أكمنه مورهوش ضهر لا أب ولا أم ولا حد أهتم ما أنا وهو مقطوعين من شجرة.
تحدث توفيق في صدقٍ وحنان لا تشعر به ولا تفهمه:
-أنتِ زي بنتي يا فردوس وقيمتك من قيمة أي حد في البيت وأكتر والا مكنتش سيبتك تطيحي في أي حد في البيت وكل مرة أسيبك براحتك من غير ما أقولك تلت التلاتة كام.
تمتمت فردوس في نبرة مكتومة:
-بلاش الكلام اللي ملهوش لازمة أنتم سايبني هنا علشان تحت عنيكم سايبني علشان خايفين لو مشيت أجيب شريف بس والله العظيم لو أخر يوم في عمري هجيبه يا عم توفيق وأنتَ عارف كده كويس.
-حاولي تنسي مش علشان حد علشان نفسك، قعادك في اوضة وجوزك في اوضة السنين دي كلها غلط، صفي قلبك وخدي جوزك في حضنك وانسي يا فردوس وسيبي الزمن هو اللي يتصرف وياخد الحقوق.
أخذت نفس طويل وشعرت بالاحراج والغضب في الوقت نفسه ثم نهضت وقالت:
-قهوتي بردت يا عم توفيق عن اذنك واضح أن مفيش حاجة مهمة نتكلم فيها.
-عمر عقلك ما هيلين أنا عارف بس حاولي تسمعي صوت قلبك ولو لمرة فكري في كلامي يا بنتي..
رحلت دون قول كلمة واحدة…
الحديث الذي خرج من فمه ليس جديدًا عليها فهي تعرف كل ذلك….
لكنها لا تستطيع فعل ذلك لو مرت ألف سنة لا تظن بأنها سوف تستسلم لقلبها أبدًا أو هكذا تظن…
______________
في المساء أتى كمال وبعد تناول العشاء جلس في المكتب مع جده يتناقش معه في بعض الأشياء الخاصة بالعمل أثناء غيابه لكن غير توفيق مجرى الحديث تمامًا وهو يقول…
-هو داغر كلمك؟!.
نظر كمال باستغراب إلى جده فهما يتحدثا في العمل ما الذي جعل الحديث يأتي إلى تلك النقطة ولكنه أجاب عليه بتلقائية:
-يعني بقاله كتير اوي متصلش بيا فقولت يمكن مشغول عموما أتصالاته الفترة الأخيرة كانت بتقل، بس ليه بتسأل يعني؟!.
غمغم توفيق بتوضيح إلى المغذى الخاص بسؤاله:
-أصل بقاله فترة مبيتصلش خالص وحتى من كام يوم أتصلت بيه مردش عليا وأنا قلقت عليه.
تمتم كمال في نبرة عملية:
-مش عارف، هو عموما اخر سنتين اتصالاته قلت عن الطبيعي من ساعة ما قال أنه أتجوز…
استوعب كمال ما قاله ثم غمغم بنبرة ذات معنى وغضب مكتوم :
-لازم يطلقها يا جدي مينفعش تفضل متعلقة كده السنين دي كلها ايه لازمتها؟! وقولتله نخلص الإجراءات ويطلقها من عنده مفيش فائدة مش فاهم هو عايز ايه وأخر مرة اتخانقت معاه، بصراحة أنا مش عاجبني أنها تفضل على ذمته السنين دي كلها، ولو فضل محكم رأيه من غير سبب مقنع أنا هخلي أفنان تخلعه بقا ونخلص.
قال توفيق بتوتر لا يدري سببه:
-لما بس يظهر ويتكلم هبقى أكلمه في الموضوع ده بلاش استعجال وبعدين أيه المشكلة يعني؟!!..
قاطعه كمال بغضب حقيقي:
-هو أيه اللي أيه المشكلة؟!!! بقالها سبع سنين على ذمته وهو مش عايز يطلق ومش عايز ينزل، تقولي ايه المشكلة؟!!!!.
حاول توفيق أن يتفادى غضب حفيده قائلا:
– أنا قلبي مش مطمن أحسن يكون حصله حاجة…
جعله جده يشعر بالقلق…
فهل من الممكن أن يكون قد أصابه شيء؟!!!….
هناك شيء غريب يحدث ويجب عليه معرفته في أقرب وقت……

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ديجور الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى