روايات

رواية حكايات سنفورة الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم روان رمضان

رواية حكايات سنفورة الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم روان رمضان

رواية حكايات سنفورة الجزء الرابع والأربعون

رواية حكايات سنفورة البارت الرابع والأربعون

رواية حكايات سنفورة الحلقة الرابعة والأربعون

البارت الرابع والأربعون🌸
وَإنَّ مِن مُذهِبَاتِ الأحزَان كَثرةُ الصَّلاةِ علَى النَّبيِّ ﷺ
فلنبدأ يومنا بالصلاة عليه💜
_______________
أمسك يدها وسار معها لأعلى فوق السطح يُتابعان النجوم التي تُزين السماء بحب، ينظر لها تارة، وللنجوم تارة أُخرى
ويالا قلبه من تحمل كلا المشهدين.
كان الصمت يعم المكان عدا صوت أنفاسه العالية وكأنه يرُكض منذ زمن، ولكنه لا يركض بأقدامه وإنما بقلبه الذي أحبها بكل جوارحه حتى صار مُتيما بها لأبعد حد.
كانت تقف تحت ضوء القمر الخافت والذي يعكس ضوئه عليها، لتكّون أمامه صورتها الجميله، وهو لا يفعل شىء سوى أن يتأملها دون أن يكل أو يملل وكأنها لوحه فنية، وهي للحق لوحته الفنية التي أبدع فيها الخالق.
لتقول هى بتوتر تكسر الصمت:
“هتفضل باصصلي كدا كتير؟”
“أيوجد شيء أجمل مِنك لأنظرَ له”
تحدث معها بلغة عربية منقمة، لا تعلم مما خُلق هذا الرجل والذى في كل مرة يسلب علقها بحديثه التى تعجز عن إيجاد ردآَ له، وللحقيقة هو لم يكن بحاجةِ لردها،
“أفضل بس كل شوية تكسفني، مش كفاية اللي عملته تحت”
قالت حديثها بغيظ منه، بينما هو علت ضحكاته عليها وهو يتذكر حينما كانا أسفل وهم ليُقّبل وچنتيها ولكن رآهم والده، والذى أخذ يضحك على توتر ملامحهما ثم تركهم ورحل.
“لأ دا بابا عادي، منا ياما كنت بقفشه هو وماما، قام هو حب يُردهالى يعني”
ضحكت وهى تتخيل ما يقول، ثم تذكرت شيئا هاما لتقول:
“صح يا زين…انا لما دخلت أوضتك قبل كدا شوفتك معلق صورة على الحيطه ومعاك بنت، مين دي..”
أغمض عينيه وهو يتذكر تفاصيل هذا اليوم والذي حُفر في عقله.. مشهدها وهى تدور حول نفسها بتلك الملابس فضفاضة لأول مرة… ليهتف:
“انتِ”
نظرت له بتعجب، كيف تكون لها وهي لا تتذكرها لتسأله مرة أُخرى:
“بس انا مش فاكره الصورة دي، كنت أول مرة أشوفها.. وبعدين مش هو تعليق الصور حرام برضو؟”
أومأ لها ليُأكد صدق حديثها وهو يقول:
“هو فعلا حرام… فاكرة لما قولتلك خلاص مينفعش نتكلم ولا تدخلي أوضتي ولا أنا أدخل أوضتك علشان خلاص كبرتِ ومبقاش ينفع؟.. ساعتها الموضوع نفسه كان صعب بالنسبالي ومكنتش عارف هقدر اتحمله ولا لأ،
كنت شايل الصورة دي معايا ف عملتها برواز وعلقتها لحين ما انتِ تيجي لكن بعدين عرفت أن تعليق الصور حرام وانا وقت ما علقتها كنت لسه صغير ومكنتش أعرف،
بعد ما عرفت كل مره كنت باجي أشيلها صدقيني مكنتش بقدر، وغصب عني سبتها ومقدرتش أشيلها، وأنتظرتك انتِ لما ترجعيلي بس وانتِ زوجتي ساعتها هقدر لأنك خلاص بقيتي جنبي”
ظلت تنظر له دون أن تنطق، يالله هل عانى كل هذا لأجلها؟ وهي من كانت تغضب منه وتنهره وكرهته لأنه أبتعد عنها وكرهت الألتزام لانه كان السبب!!.
أمسكت يده وهي تنظر فى عينيه ثم هتفت بقوة:
“دا مش مبرر ليك يا زين يخليك تغضب ربنا علشان حد حتى لو كان الحد دا انا، عصيت الخالق لأجل مخلوق؟
مش يمكن كان ربنا قبض روحي في اي لحظة؟ مهما بلغ حُبك ليا يا زين… أوعى تعصي ربنا علشاني أو علشان اي حد مهما كان”
نظر لها بصدمة ولم يصدق أن ذلك الكلام يخرج منها هي تحديدا، رُغم أنه كان يشعر الذنب طوال الوقت، إلا أنه ظن أنها ستسعد بهذا الكلام، ولكنها خيبت ظنه مما أدخل السرور على قلبه وهو يهتف بحنو:
دلوقتي بس أتأكدت إني اختارت صح… اختارت اللي تعيني على طاعة ربنا مش متجوزها لمجرد إني بحبها”
إبتسمت له وكم تشعر بالسعادة أيضا ثم قالت:
“ودلوقتي يلا بقى علشان نروح نشيل الصورة”
أومأ لها بحب وهو يُمسك يدها ثم سار معها وقد نزلا إلى أسفل ثم دخل غرفته مجددا وهي معه، ولكنها لم تدخل وتوقفت على الباب، ليضحك بشدة وهو يهتف:
“تعالي أدخلي مش هعملك حاجة متخافيش، لو عايز أعمل حاجة كنت عملتها فوق السطح وإستغليت إنه مفيش حد..لكن انا مؤدب لحد ما يتقفل علينا باب واحد وساعتها بقى…”
تركى باقى جملته مُعلقة وهو يغمز لها مما جعلها تشعر بالدوران أثر تخدر وجهها، وهي تشعر بالخجل الشديد منه، ضحك مجددا على ملامحها ولم يُرد أن يُحرجها أكثر ثم أمسك الصورة وأنزلها من على الحائط وقام بوضعها داخل خزانته، ثم إقترب منها وهو يقول ببسمة:
“حلو كدا؟”
أومأت له وهي تبتسم أيضا ثم تذكرت شيئا آخر لتقول:
“صح..نفس اليوم دا، ليه لما شوفتني فى أوضتك اتعصبت ومشيت وانت بترزع الباب زي الطور الهايج..”
قطعت حديثها وهى ترى نظراته الحادة نحوها ولكنها ضحكت وهي تُكمل:
“والله مش قصدي.. بس وقتها فعلا مشوفتكش غير كدا، مهو مكنش فيه مبرر للي عملته، حتي ياسمين سألتها قالتلي بسبب اني غيرت فى مكان بره وسبب تاني، ودا مكنش سبب مقنع اوي يخليك وتعصب بالشكل دا، قالتلي هبقى أقولك وقتها ومقالتش”
“أولا هعاقبك على لسانك اللي بينقط عسل دا بس مش هنا، فى بيتنا وبطريقتي،
تاني حاجه بخصوص إني مشيت متعصب فهو من ضمن الأسباب إنك غيرتي لبسك برا ودا غلط، مينفعش تكوني بنت مسلمه وتغيرى لبسك خارج بيتك وعند حد وخصوصا لو عندهم رجال حتى لو مش موجودين مينفعش،
لكن كان السبب الأكبر وقتها لما شوفتك بتلفي وكنتِ لابسة محتشم لأول مرة وقتها مقدرتش أشيل عيوني من عليكِ لحد ما فوقت لنفسي وإن دا غلط وأطلقت بصري،
وكان لازم أمشي وقتها لأن لو فضلت الله أعلم كان ممكن اعمل اي”
“كان ممكن تعمل اي؟ انت بالذات يازين أكتر إنسان محترم انا شوفته فى حياتي وبتخاف ربنا ومستحيل تعمل حاجه غلط”
“لكن انا برضو بشر مش حجر، لما أشوف الأنسانة اللي محبتش غيرها في أوضتي وشكلها حلو اوي وبتلف وانا انسان أعزب مش من حقي أضعف؟ اذا كان سيدنا يوسف واهو نبي ربنا قال( وهم بها لولا أن رأى بُرهان ربه)
يعني هو كان كان هيضعف بس ربنا أنقذه، فمجيش أنا أقف قدام الفتنة واقول هقدر اصل انا شيخ وملتزم! مش صح لأن كلنا بشر ومش حجر يا روان لكن بنحاول نتقى ربنا على قد ما نقدر، وعلشان كدا ربنا أمرنا بغض البصر، لاني لو مكنتش بصلتك وقتها مكنتيش فضلتي معلقة في عقلي ومكنتش قادر اشيلك من تفكيري وانا شاب وملتزم اهو، بالك بقى باللي بُعاد خالص، رغم أنه كان غصب عني لأني أتفاجئت بيكي قدامي مكنتش اعرف أنك موجودة!!”
هُنا فقط أستشعرت أهمية غض البصر، يالله..،
الله لا يُحّرم علينا شيئا إلا وهو خيرا لنا،
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
التفت لمن يضع يده على كتفه ليجده رجلا عجوزا لا يعلم كيف ظهر أمامه ويبدو عليه الوقار، جلس جواره وهو يبتسم له ثم قال:
“يعني تبقى قاعد في بيت ربنا وشايل هم الدنيا والآخرة؟”
نظر له ولم يتحدث، لقد أخطأ العجوز، فمنذ متى وهو يحمل هم آخرته؟ فقد دنياه هي ما تشغله، لم يفكر ولو لمرة واحدة في آخرته.
ابتسم له بحزن وهو يقول:
“وهي الدنيا فيها حاجة تفرح ياعم الشيخ”
“معاك حق، هي فعلا الدنيا مفهاش حاجه تفرح”
رفع بصره نحوه مرة أُخرى وهو مُتعجب، فقد ظن بأنه سوف يقص عليه جمال الحياة ولكنه خيب ظنه، ضحك على ملامحه المُتعجبه ليقول مرة أُخرى:
“مالك اتصدمت له كدا.. هي فعلا الدنيا مفهاش حاجة تفرح، ربنا كمان هو اللي قالنا (يا أيها الأنسانُ إنك كادحاُ)
الدنيا دي يابني دار شقاء، الراحه فى الجنه بس، لكن تعرف اي بقى هو الشقاء اللي بجد؟”
انتبه له بكل حواسه وهو يستمع له بإنتباه، ليُكمل هذا العجوز كلامه مرة أُخرى وهو يقول:
“انك تكون بعيد عن ربنا ومبتصليش، هنا بقى يجتمع عليك شقاء الدنيا وشقاء الاخرة، أوعى في يوم يبني تنسى إنك جاي الدنيا دي علشان تبني لنفسك مكان في الجنة،
أوعى تخلي الدنيا تلهيك عن أخرتك، اصل الدنيا دي كدا كدا فانية وكلنا هنموت، يعني دي نتيجة حتمية، متخليش الشيطان يضحك عليك،
فوق لنفسك قبل فوات الآوان يابني ووقتها مش هيكون فيه حتي فرصة للندم أو أنك تتغير.
أومأ له وهو يستشعر حديثه، ثم تحدث هو أخيرا وهو يبتلع ريقه ويقول:
“طب لو خانقت مع والدتي علشان مش عايزه تجوزني البنت اللي انا بتمناها وانا زعقت معاها وغلطت لكن هي كمان غل…”
“متكملش، وهي كمان اي، غلطت فيك؟ وانت عايز تعامل أمك زي ما هي عاملتك حتى لو غلطت فيك؟ نسيت إن ربنا قال(ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا) نسيت فضل أنها حملت فيك تسع أشهر وربتك وعلمتك وياما سهرت عليك ليالي؟ وكل دا ناكر فضلها؟،
الأم مش عايزة غير سعادة إبنها، كنت تقدر تحايلها لحد ما توافق وهي مكنتش هترفض، لكن متقومش تقاوح وتخانق فيها وتبقى ابن عاق،
تخيل لو مت وهي غضبانة عليك دلوقتي، هتكون ميت مرتاح؟”
فوق لنفسك ياعمر قبل فوت الآوان علشان متفوقش في وقت مينفعش فيه الندم”
تعجب كيف علم إسمه، هم ليسأله عن إسمه ولكنه اختفى فجأة في العدم، مثلما ظهر أيضا من العدم.
إنتفض بفزع وهو يستيقظ من النوم ووجد نفسه مازال في المسجد، يالله هل كان هذا حُلم؟
يُقسم أنه يتذكر تفاصيله وكأنه كان حقيقة، وهذا.. وهذا العجوز ذو اللحية البيضاء والذي يشع النور من عيناه
لم يكن حقيقة؟.
ذهب ليتوضأ وهو يتذكر كلام ذلك الرجل الطيب والذي أتى له لينتشله من الظلام الذي كان يُحيط به، وقف يُصلي بخشوع وهو يبكي كطفل صغير مُذنب، ظل يدعو الله أن يغفر له ويسامحه على ما اقترف فى حقه من ذنوب
وما قاله لوالدته.
وعلى ذكرها، أنهى صلاته وهو يتجه للمنزل مرة أُخرى وينوي إصلاح ما أفسده، دخل المنزل والذي وجده يعم بالسكون، دخل غرفتها حتى وجدها تجلس على السرير ومجرد أن رأته حتي اشاحت بنظرها عنه وهي تمسح دموعها، يالله وصلت به لأن يكون هو سببا فى بكائها
اقترب منها بألم وسار نحوها وهو مطأطأ رأسه أسفل دلالة على إعترافه بما أقترف فى حقها.
“ماما” نطقها بحزن شديد وهو يجلس جوارها ولكنها لم تُجب عليه، مما جعل دموعه تتساقط ثم بكى وهو يضع رأسه على قدمها وهتف ببكاء:
“انا.. انا آسف والله مش عارف قولتلك الكلام دا ازاي، انا بس كنت زعلان منك علشان مبقتيش تهتمي بيا زي زمان وانتِ عارفة انا متعلق بيكي أد اي، ومتعود على دلعك وأهتمامك بيا لأني أبنك الوحيد”
كانت ستضعف وتسامحه ولكنها يجب ألا تُسامحه بسهوله فهو قد أخطا فى حقها لذا ظلت صامتة،
أحتضن وجهها بين كفيه وهو يقول بدموع
“علشان خاطرى يا ماما انا آسف قولت كدا علشان كنت متعصب، وخلاص مدام مش عايزاني أتجوزها مش هتجوزها”
رفعت بصرها له لتتأكد مما قال، ليهز رأسه يؤكد لها صدق حديثه، تهللت أساور وجهها بفرحة لكونه أختارها هي ولم يختار تلك الفتاة، والذي شعرت منها بالغيرة الشديدة لأنها كانت السبب فيما حدث منذ قليل.
أخذته فى حضنها أخيرا ثم قالت بدموع:
“انا محبتش حاجه فى الدنيا دي أكتر منك يا عمر، حتى ولو كنت بنشغل عنك كتير، لكن انت عمرى وحياتي كلها،
انا كمان آسفه علشان أنشغلت عنك وصدقني هسيب كل حاجة وأفضل جنبك، متتخيلش اللي قولتهولي من شويه قطع قلبي ازاي واتمنيت الموت ولو اني أسمعك تقولي الكلام دا”
كانت تتحدث بصدق فهي رغم إنشغالها عنه سيظل هو طفلها المدلل، ظل عمر داخل أحضانها حتى هدأ واستكان ثم نام في أحضانها.
فقد عاتب كلا منهما الآخر وأخرج ما يحبسه في صدره منذ زمن وهو يراها منشغله عنه، وهاهي عادت المياة لمجراها من جديد
♡لا حول ولا قوة إلا بالله♡
تحدث “أحمد” وهو يجلس مقابله ثم أخذ نفسا عميقا وقال:
“مفيش حاجة هتحصل عليها بالساهل يا يونس، دا غير فيه حاجة مهمة لازم تعرفها”
صمت وهو يرى نظرته التى تحدثه على الاستكمال، ليُكمل وهو يحاول أن ينقى كلماته لكي يستطيع أن يوصل له ما يريد بطريقه بسيطة.
“بما إنك لسة داخل الإسلام جديد، لو لاحظت هتلاقي حياتك الأول كانت ماشيه زي الفل، لكن بعد ما أسلمت هتلاقي بيحصل معاك ابتلاءات كتير،”
نظر له بتعجب فهذا ما كان يفكر به، وقد ظن أن بدخوله للاسلام سوف يحصل على كل ما يريد، وكأن الأخر قرأ ما يفكر به ليكمل حديثه:
“ودا بقى الفرق بين المسلم وغير المسلم،
لأن غير المسلم لما بيعمل خير في الدنيا ربنا بيرده ليه في الدنيا برضو علشان يوم القيامة لو قال لربنا انا عملت كذا، ربنا هيقوله وانا رديته ليك في كذا،
اما المؤمن بقى فهو أجره في الآخرة وكل خير بيعمله هيتردله في الآخرة،
المؤمن دايما على ابتلاء يا يونس، ودايما ربنا بيحطه فى اختبارات علشان يشوف صدق توبته،
مش يمكن انت تكون اسلمت علشانها؟ مش لازم ربنا يختبر صدق توبتك انت اسلمت علشان عايز تبقى مسلم ولا علشانها؟ ”
“لا أحمد، أقسم لم أدخل في الأسلام لأجلها”
“هتعرف مع الابتلاءات بقى يا يونس، هنشوف هتقدر تتحمل فعلا ولا لأ، هتصبر وتحتسب أجرك عند ربنا ولا لأ،
اعرف أنك هتقابلك عواقب كتير، أتمني أنك تقدر تتخطاها وتكون صبور”
كان يونس يستمع له وكل خلجة من خلجاته منتبه له، ليذيد كلام “أحمد” من حماسه، نعم سوف يصبر ويحتسب كل هذا عند الله، لقد قرأ كثيرا عن الجنة وأحبها لذا فهو على أتم الأستعداد لتحمل أي شيء مقابل الجنة،
وبخصوص رغد فهو سوف ينتظرها لحين توافق
ولكن هل سيتطيع فعلا أن يتحمل ما سوف يواجهه؟.
نظر “لأحمد” بإمتنان كبير وقد أحبه بشده، فهو قد أرتاح له منذ أن كانوا مجتمعون معا وأصبحا أصدقاء
“شكراََ لك كثيرا يا أحمد”
🌸لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير🌸
سارت الأيام سريعا دون حدوث شىء جديد
حيث تعمقت علاقه كلا من أحمد ويونس واصبحا أصدقاءَ
ورغد تواظب على قراءة سورة البقرة وقد تحسنت كثيرا
، اصبحت حالة روان سيئة والمرض بدأ مفعوله معها مُبكرا وزين لم يتركها البته
عمر تحسنت علاقته كثيرا بوالدته وتركت كل شىء لأجله
أما عن ليث فلم يسع العالم فرحته بعودة أمه لها ومازال ينعم بدفء أحضانها وقد عادت للنطق من جديد
وتم عقدها مرة أُخرى على زوجها السابق، ورغُم فرحته برجوعها إلا أنه طوال الوقت يُعاتبها بعينه لأنها تركته لتتحمل هي كل ما حدث وحدها ولن تشاركه ليتحملان سويا.
🌸🌸
دخلت حجرته تُناديه ولكن وقع قلبها بفزع وهي تجده يبكي بحزن، اقتربت منه تحتضنه وهو تربت على رأسه ثم قالت:
“مالك يا عمر.. اى اللي حصل بتعيط ليه”
مسح دموعه وهو يُخفى وجه عنها ثم قال:
“م.. مفيش حاجة يا ماما”
“لو مقولتش مالك وزعلان ليه انا مش هكلمك تاني”
نظر له لثوانِ وهو يهتف بحزن:
“وحشتني اووي يا ماما، صدقيني انا حاولت أنساها بس مش قادر، حاسس اني هموت من غيرها”
قال حديثه ثم أجهش في البكاء وهو مازال داخل أحضانها
، ترغرغت الدموع في عيناها هي الأخرى، ولدها يعاني بسببها ويبدو أنه حقا يُحب تلك الفتاة، ورغم أنها لا تحبها إلا أنها لن تقف فى وجة سعادة إبنها:
“خلاص يا عمر طالما بتحبها اوي كدا أتجوزها بس انا مش هحضر الفرح لاني مبحبهاش ومش هكون راضيه عنها”
“لأ يا ماما انا مقدرش أعمل حاجة وانتِ مش راضية عنها حتى لو مش هتجوز خالص يكفيني انك معايا حتى لو هعيش عمرى كله حزين وهى مش معايا”
تأثرت هي بشدة بينما هو عاد للبكاء مرة أُخرى وهو يستغل تأثرها وصوت بكائه يرتفع ، لتقول هي بتهكم:
“وانا مقدرش أكون سبب لتعاستك ياعمر، خلاص انا موافقه عليها مدام انت بتحبها”
ليبتعد عنها أخيرا وهو يمسح دموعه بخبث وقد نجحت خطته دون أن يخسر رضاها، أمسك تلك القطرة وهو يدخلها في جيبه فقد وضع منها حينما فشل في البكاء.
“انتِ أحلي ام فى الدنيا كلها وانا بحبك اوووي يا ماما”
سعدت حينما رأت فرحته والتي كانت نابعه من داخله بصدق، فلن يكون عمر اذا تخلى عن شيء يُريده بتلك السهوله، ولكنه تصرف بذكاء كي يكسب رضاها ولا يخسرها،
فهو يستغل حبها له منذ أن كان صغيرا ويتصرف هكذا حينما كانت ترفض شىء،
♡♡♡
وضع الطعام في فمها رُغما عنها، وذلك لأنها مؤخرا لم تعد تأكل جيدا وقد تدهورت صحتها كثيرا وظل هو جوارها وترك كل شىء لأجلها
“يازين خلاص كفاية والله ما قادرة، شبعت”
نظر لها بطرف عينيه وهو يقدم لها المعلقه لتأخذها تحت نظراته المهددة، وبعدما أطعمها قام ليلبسها حذائها ولكنها رفضت بشدة، بينما هو لم يسمع لها ثم ألبسه لها
“وكدا يلا علشان منأخرش على الدكتورة”
أومأت له وهي تُمسك بيده وتستند عليه حتى وصلا إلى السياره، فتح لها الباب وساعدها للجلوس ثم ركب هو الآخر وساق للمكان المنشود.
طرق باب الدكتورة بعدما انتظرا دورهما حتى أتى ودخل زين وحده بناءا على طلب الطبيبة ولكنه قد تأخر، لتقوم هي وتراه،
كانت تشعر بالتوتر الشديد هذة المره ولا تعلم السبب وقفت أمام الباب والذى كان مفتوحا قليلا وهم لتطرقه أولا ولكنها سمعت ما جعلها تترنح في وقفتها:
“للاسف الشديد حالتها بتدهور وبقى احتمال ضعيف شفائها من المرض لأنه تمكن منها”
ولكن كان الأعجب من حديث الطبيبة هو رد فعل زين
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
عند رغد كانت تجلس تُفكر فى كلام الطبيبة بشرود وقد أتخذت قرارا ما، وجدت “محمد” والد حور يقترب منها وهو يسير ويستند على عكازه فقد تحسنت حالته كثيرا عن السابق، أقتربت منه تُساعده على الجلوس
ثم جلست هي الأُخرى
“كويس إنك جيت يا عم محمد علشان كنت عايزاك فى موضوع”
ابتسمت بحنان لذلك الرجل الذي لا توجد بينهما صله قرابه بالدم، ولكنه كان خير داعم لها وكأنها إبنته التى لم ينجبها
“خير مش مرتاحلك”
“حقك بصراحة لو انا منك مش هرتاحلي”
ارتفعت ضحكاته على مشاغبتها ثم هتف بحنو”
“انتِ قوية يارغد، وهتقدري تتخطي كل دا انا متأكد”
وكأنه قرأ ما تُفكر به، لتُجيبها بتهكم:
“كنت… كنت قويه ياعم محمد، من ساعة ما جيت وتحديدا لما قعدت وسطكم وشوفت حنانكم وانا بقيت ضعيفه، زى ما يكون ما صدقت لقيت كتف أتكأ عليه وانا واثقة إني لو وقعت هلاقيكم،”
“طب ما دي حاجه كويسة”
نظرت له عدة لحظات ثم أردفت:
“لأ ياعم محمد مش حاجه كويسة، انا مبقتش حابه اللي انا فيه دا، حتى لو خسرت عليتي كلها انا لسه عندي نعم كتيرة اوى لا تعد ولا تحصى واللي للاسف انا مش قادرة استمتع بها”
“ومش قادرة تستمتعي بيها ليه؟ دي فترة وهتعدي”
“عارف لما تفضل متماسك متماسك وأول ما حد يقولك مالك تفضل تعيط؟ اهو دا بقى نفس حالتي من لما جيت هنا شوفت الحنان اللي أفتقدته، وكأنكم بتعاملكم معايا أدتولي الرخصة اني أخرج كل أحزاني وبقيت شخصيه ضعيفه هشة،
انا عايزه أرجع رغد القوية المرحة اللي مفيش حاجة بتأثر فيها، هناك انا كنت قوية لاننا عايشين وسط الحروب والدمار لأ وكمان حامدين ربنا وراضيين وطول الوقت واحنا متوقعين نفقد اي حد من عيلتنا.
لكن رغم دا كله صبورين ومعندناش وقت اننا نحزن ونكتئب، عندنا صبر عجيب ياعم محمد لدرجه لما شهيد بيموت احنا فى جنازته بنزفه كأنه عريس رغم حزننا عليه، بس كفايه انه رايح الجنه عند ربنا بعد ما تعب بما فيه الكفايه.
لكن انا بقيت فين من كل دا؟ بقيت ضعيفة وهشه وحاسه كمان بعدم الرضا او بالضيق مني للضعف اللي بقيت فيه؟
متغافلة جميع نعم ربنا عليا”
“متشيليش نفسك فوق طاقتها، بكره يعدي كل دا وتتجوزي الواد يونس ويبقوا عندكم عيال وأسرة وتعيشوا مبسوطين”
وعلى ذكر إسمه لاحت منها إبتسامة خافته وهي تتذكره، وللحق فقد أشتاقت له بشده، لتُجيبه وهي تقول:
للاسف ياعم محمد مش كل حاجه بنكون عايزينها بنحصل عليها، كل اللي بتقول عليه جميل، لكن مش هقدر عليه وانا كدا، لازم أرجع لرغد القديمة، البنت اللي شوفتها أول يوم جات فيه البيت دا، مش اللي قاعدة قدامك
دي، ودا مش هيتحقق غير بطريقة واحدة”
نظر لها وهو يُحاول فهم ما ترنوا إليه وإستبعاد تلك الفكرة التي أتت إلى عقله، ولكنها هزت رأسها تؤكد له ما يُفكر به.
ثم وقفت وسقطت دمعة من عيناها وهي تقول ببسمة ممزوجة بألم:
“أيوة يا عم محمد… أنا هرجع فلسطين”

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حكايات سنفورة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!