روايات

رواية حب بين نارين الفصل الخامس عشر 15 بقلم نورهان ناصر

رواية حب بين نارين الفصل الخامس عشر 15 بقلم نورهان ناصر

رواية حب بين نارين الجزء الخامس عشر

رواية حب بين نارين البارت الخامس عشر

رواية حب بين نارين الحلقة الخامسة عشر

كانت تقف خلفه تمامًا ترتقب بعينيها ظهور ذاك الشخص المجهول ، الذي حدثها عنه بأنه هو من سيخبرها بالحقيقة كاملة ويوضح لها الغموض الذي يلفه وكيف تزوجها ويملك كل الإجابات لكل تلك التساؤلات التي تدور في فلك عقلها .
فتح مراد الباب بهدوء ، إزدرقت لميس ريقها ببطء بينما كانت تخفض رأسها للأرض لا تعلم لما إنتابها التوتر فجأةً وعندما وصل إلى مسامعها صوته وهو يتحدث بلكنة تركية مرحباً.
إتسعت حدقة عينها بصدمة كبيرة عندما إلتقطت أُذُنها أحرف إسم ذاك الشخص ، على الفور جرت قدمها لتتقدم بضع خطوات لتتأكد مما وصل إلى مسامعهاوسمعته منه ، كانت تنظر لها بأعين تلتمع بالدموع وهي تراها تبتسم لها هتفت لميس بصوت جاهدت لإخراجه من حلقها فخرج مُـتقطعًا وهي تقول بإرتباك ولا تستوعب ما تراه :
_ جدتي ! أهذه أنتِ ؟ مـاذا تفعليـ…ـن هُـ..ـنـا ؟ أنا لا أفهم شيئًا……
قاطعتها جنار ببسمة وهي تقول:
_كلميني عربي يا لميس !.
صدمة تليها صدمة ، أحست فجأةً بالدوار يلفها وترنحت في وقفتها ، رآها مراد فـ أمسك بكتفيها وهو يقول بقلق
_لميس انتِ كويسه؟ .
لم ترد لميس على حديثه بل لم تنتبه له من الأساس إستندت بيدها على كتفه من دون وعي ، وهي مازالت تنظر إلى وجه جدتها وتقول بداخل عقلها ولكنه وصل إلى مسامعهم :
_ أنـتِ بتــتـكـلمي عــربي؟ .
أومأت جنار بهدوء: أيوة .
صمتت قليلًا تراقب ملامح حفيدتها التي إفتقدتها كثيرًا ثم وجهت حديثها إلى مراد وهي تقول :
_مراد ممكن تجبلها كوباية ماية بعد إذنك؟ .
قبل أن يرد مراد نطقت لميس هذه المرة بعد أن أجلّت صوتها لتقول وهي تستغرب ما يحدث الآن أمام عينيها ، أخذت تحدث عقلها أولاً جدتها تتحدث العربية وطوال حياتها كانت تتظاهر أمامهم بأنها لا تفهم لغتهم تقصد العربية وهي الشخص الذي أخبرها مراد بشأنه وفوق كل هذا هي تعرفه أيضًا ما هذا الذي يحدث رأسي يكاد ينفجــر من هذه الصدمات :
_ أنتِ كمان عارفاه ده ، ده خاطفني ! ؟.
تحدثت جنار بهدوء وبسمة صغيرة :
_هفهمك كل حاجه ، بس ممكن تهدي شوي ، وبعدين تعالي ندخل جوه ولا هنكمل كلامنا كدا على الباب لاحظي إني ست كبيرة والوقفه كتير مش كويسه عشاني ! .
لاحظت جنار سكوتها وأدركت أنها شاردة لم تستوعب بعد ما رأته فاقتربت منها وأمسكت بيدها وقالت :
_ طب تعالي يلا هقولك كل حاجه وهديكِ إجابات لكل الأسئلة إللي بيدور في عقلك دلوقت ! .
أنهت حديثها وهي تسحبها معها نحو غرفة المعيشة بعد ما أحضر مراد لها كأس الماء ، ولكن لميس لم تنتبه عليه صدمتها كبيرة أقرب الناس إليها يفعل كل هذا يدبر لاختطافها معقول .
تمتمت جنار بتوتر وهي ترى حالتها تلك:
_ طيب يا مراد سيب أنت الماية هنا وسيبني أنا وحفيدتي شوي مع بعض ! .
أومأ مراد ووضع الكأس على الطاولة الصغيرة ثم إنسحب بهدوء إلى داخل إحدى الغرف .
بعد ذهابه وضعت جنار يدها تتلمس وجنتي حفيدتها متحدثة بحنان وهي تنظر صوب عينيها التي تتحاشى النظر إليها :
_خدي يا لميس اشربي شوية ماية علشان تستوعبي إللي هقولهُولك وهسيبك أنتِ تحكمي ! .
رفعت لميس رأسها ونظرت إليها مطولًا وفي عينيها نظرة عتاب ، إقتربت جنار منها وقامت بإحتضانها وقد آلـمــها قلبها أن تنظر حفيدتها لها بتلك النظرة ثم تشدقت قائلة بحزن :
_أرجوك يا لميس بلاش النظرة دي لما تسمعيني أكيد هتـ….
قاطعتها لميس بعد أن وضعت كأس الماء وقد إرتشفت منه القليل ثم قالت بصوت مرتفع نسبيًا:
_ إزاي يا جدتي هان عليكِ تخليني أعيش في العـ”ـذاب ده إني مخطوفة؟ قدرتي إزاي تحطي إيدك معاه و وطول الوقت خلاتيني قاعده مع واحد غريب .
حركت جنار رأسها بدموع :
_مش غريب ده جوزك .
نظرت لها لميس بتهكم وهي تتحدث بدموع:
_ إزاي عملتي فيا كده ؟ ليه إيه هي أسبابك ده واحد بيكرهني وعايز ينتقم مني على إيه مش عارفه مش عارفه أنا عملت إيه؟ قوليلي أنا عملت إيه؟ ليه كده؟ أنا مش قادرة أستوعب أنتِ يا جدتي تعملي كدا هانت عليكِ ماما إزاي بس؟؟ .
قالت جنار وهي تربت على ظهرها :
_ حبيبتي أنا أسفه ، أسفه يا قلبي بس والله ما عملت كده إلا لمصلحتك ! .
هتفت لميس بدموع وهي تضم يديها إلى صدرها :
_ مصلحتي في إني اتخطف وواحد كل يوم بيهددني إنه هيقتـلني وكمان ..
صمتت قليلًا عندما كادت تخبرها بمحاولته التهـجـ”ـم عليها ،ثم استطردت قائلة :
_كل يوم وأنا عايشة في عـذ”اب قاعدة مع راجل غريب عني داخل طالع عليا وبيقولي كلام زي السـ”ـم أنا ….
_ أنا أسفه هفهمك والله ما عملت كده إلا علشان خايفه عليكِ !
أردفت لميس بدموع:
_ من إيه ؟ .
صمتت قليلًا ثم إبتلعت ريقها ، عندما رأت إنتحاب جدتها هدأت قليلاً وتابعت :
_وانا عايزة أفهم كل حاجه وهديك فرصة توضحي وأنا سمعاك الرسول صلى الله عليه وسلم علمنا وقالنا”التمس لأخيك سبعين عزر ” مش هحكم عليك إلا أما أسمعك وأنا بديكِ فرصة توضحي !! .
تعلقت جنار بيدي لميس متحدثة بحزن:
_ وانا مش عايزه أكتر من إنك تسمعيني .
شردت قليلاً ثم تابعت بحزن شديد:
_هقولك أنا إزاي إتعرفت على مراد وإزاي دخلت اللعبة دي شوفي من يجي 14 سنة عم والدتك أحمد اتصل عليا و…..
“عودة إلى الوراء ”
_السلام عليكم ورحمه الله وبركاته !
أجابها العم أحمد بتوتر:
_وعليكم السلام !.
هتفت جنار بقلق فقد إستشعرت نبرة صوته المتوترة تلك :
_خير يا أحمد في إيه قلقتني مال صوتك كده؟ .
هتف العم أحمد بحزن :
_مفيش حاجه متقلقيش كدا ،
ولا هو يعني عشان رنيت عليكِ .
صمت قليلاً ثم تابع وهو يحاول إزاحة القلق الذي إنتابها :
_أنا عارف إني مقصر معاكِ ومش بتصل بس معلش الدنيا تلاهي بقا وانتِ ست العارفين …
قاطعته جنار وهي تقول بحزن:
_ آه فعلا معاك حق ! .
قال العم أحمد بهدوء بعد لحظة صمت :
_طيب أنا كنت قاصدك في خدمه كدا ؟
تحفزت أذان جنار بانتباه:
_خدمه إيه ؟
_ الأول أنا هنا في تركيا ! .
ضيقت جنار عينيها باستغراب:
_في تركيا بتعمل إيه ليك شغل هنا يعني؟ .
قال العم أحمد بهدوء :
_ لا بس إسمعيني بس الأول ! .
أومأت جنار بقلق:
_ ماشي !
_ مبدأيًا كده أنا عايزك تجيني شقتي إللي هنا ضروري وهفهمك كل حاجه ! .
ضيقت جنار عينيها بفضول :
_ ليه؟.
ضحك العم أحمد مردفًا :
_زي ما أنتِ متغيرتيش الفضول هو هو .
صمت قليلاً ثم تابع :
_ياستي لما تيجي هتعرفي بس بقولك إيه الموضوع ده سر بيناتنا مش عايز حد يعرفه ولا حتى فيروز ، و إوعي تقوليلها إني هنا ! .
قالت جنار بقلق :
_خير يا أحمد والله قلقتني كدا أنت كويس؟ .
_أنا كويس بس تعالي وهفهمك كل حاجه ! .
تحدثت جنار بتوتر :
_تمام ماشي أنا جايه بس فيروز بتسيب معايا لميس هعمل إيه؟.
صمت العم أحمد لدقيقة يفكر ثم أردف بما جاب على خاطره :
_فكري يا جنار وخليها تروح مع والدتها المستشفى وتحججي بأي حاجه مش عايز حد يعرف أرجوك الموضوع ده مهم بالنسبة ليا ! .
_طيب تمام أنا هتصرف ! .
أغلقت جنار معه ووضعت الهاتف بجوارها وهي تفكر في سر هذه المكالمة المفاجئة ونبرة صوته الحزينه وغير ذلك لما لا يريد أن يعلم أحد بوجوده هُنا ، تنهدت بضيق ثم قالت :
_لما أروح هفهم منه كل حاجه بدل الحيرة إللي أنا فيها دي ! .
أنهت حديثها ثم إتجهت إلى غرفة إبنتها التي كانت تهمُ بالخروج ، تنحنحت جنار بهدوء ثم قالت :
_فيروز حبيبتي هل أنتِ ذاهبة الآن ؟ .
أومأت فيروزة باستغراب ثم قالت:
_أجل ، ما الأمر أمي ؟ .
_ ها ليس هناك شيء فقط –توترت ثم تابعت – أها تذكرت ليّ صديقه مريضة سأذهب لأراها اليوم هلا أخذتِ لميس معكِ المشفى لا يمكنني أن أخذها معي كما تعلمين ! .
_حسنًا لكن لا تتأخرِ في العودة حفظكِ الله! .
تنهدت بارتياح بعد خروج ابنتها وحفيدتها الصغيرة ثم بدلت ملابسها وإتجهت إلى عنوان شقة أخ زوجها .
بعد وقت كانت تقف أمام باب الشقة أخرجت هاتفها واتصلت به تريد التأكد من أمر ما قبل دخولها ، مرت لحظات قبل أن تسمع صوته من الطرف الآخر من الهاتف وهو يجيبها بتوتر شديد:
_وصلتي؟.
أومأت جنار بإرتباك:
_أحمد أنت مش لوحدك في البيت صح؟
إبتسم أحمد بهدوء ثم قال:
_لأ مش لوحدي معايا ضيوف متقلقيش مش هنكون لوحدنا !
قالت جنار وهي توضح له سبب سؤالها :
_ أنت عارف إني واثقه فيك ومش قصدي بس هو ده دينا وأنت عارف …..
قاطعها العم أحمد بهدوء وهو يبتسم على تفكيرها فقليل من يفكر بتلك الطريقة الآن ثم أجابها بهدوء :
_ عارف قصدك ودي حاجه تسعدني إن لسه في حد بيفكر كده ومهتم وحريص على تنفيذ تعاليم الإسلام كده وفعلا أخويا الله يرحمه أحسن الإختيار !.
أردفت جنار بخجل:
_ المهم أنا على الباب ! .
مضت دقائق وفتح العم أحمد الباب ، فقالت جنار بتساؤل :
_خير جبتني على ملى وشي حصل إيه؟ .
تحدث العم أحمد بهدوء:
_ طيب أدخلي وهفهمك مش هنكلم واحنا على الباب كده !
هزت جنار رأسها بإيجاب ثم دخلت معه جلست في غرفة المعيشة والتوتر بلغ منها حدًا كبيرًا ، هتف العم أحمد وهو يحاول تلطيف الجو:
_تحبي تشربي حاجه الأول؟ .
نفت جنار برأسها بتوتر :
_مش وقته ، إيه هو الموضوع إللي محدش لازم يعرفه على فكرة أنا على أعصابي من وقت ما كلمتني ! .
_ هقولك إسمعي …….
ثم بدأ يقص عليها ما حدث لعائلة مراد من أول الحادثة إلى أن تولى هو رعاية مراد ، فقالت جنار بدموع :
_هو في ناس كده معقول وصلت بيهم يعتـ”ـدوا على طفله بريئة .
صمتت قليلًا ثم تابعت بحزن شديد :
_وهي ماتت ولا عاشت وإيه اللي حصل لأمها وهي فين دلوقت؟ .
أردف العم أحمد بحزن :
_البنت ماتت بس لكن أمها عايشه ومش عايشه …زي ما قولتلك عايشه في صدمة ، وهي حاليا في مستشفى للأمراض النفسية والعقلية!
_مين إللي عمل كده فيهم عرفتوه؟.
أجابها العم أحمد بحزن:
_ إحنا لحد دلوقت مش عارفين بس التحقيق قال إن عصابة المافيا اللي شغالين مع أبو مراد هما إللي عملوا كده لأنه كان عايز يسيبهم ! .
نظرت له جنار بصدمة:
_هو كان شغال مع المافيا طب ليه ؟ ليه مش عارف إنه كده هيضيع نفسه وعيلته؟ .
هتف العم أحمد بنفي :
_لأ طبعاً صحبي مش كده أبداً مستحيل يكون ليه علاقة بالناس دي !
تمتمت جنار بحيرة وهي تمسح دموعها بيدها:
_أمال إيه طيب أنا مش فاهمه حاجه مش بتقول إنه إتقبض عليه بتهمه الإتجار في المخـ”ـدرات وبيع أسـ”ـلحه .
_القضايا دي متلفقاله هو معملش أي حاجه من دي طول عمره راجل عارف ربنا كويس وماشي صح وعلى الصراط المستقيم !.
قالت جنار باستغراب:
_ أمال إيه إللي حصله حيرتني معاك؟.
_في واحد ندل كده هو إللي عمل فيه كده ولفقله القضايا دي كلها ! .
سألته جنار بحزن:
_مين هو؟.
ضغط العم أحمد على حروفه بغضب وهو يقول اسمه :
_عز الدين الحديدي ! .
_طليق فيروزة !.
قالتها جنار بعيون متسعة فأردف العم أحمد بأسف:
_لا مش طليقها ده جوزها ! .
عقدت حاجبيها باستغراب ثم هتفت بدهشة:
_جوزها إزاي يعني ده طلقها بنتي بقالها سنه ونص هنا معايا .
_مهو رجعها لعصمته قبل شهور العدة تنتهي فهمتي ! .
احتدت نظرات عينيها وهي تهتف من تحت أسنانها بغيظ مكبت :
_ أنا طول عمري ما إرتحت للراجل ده ولا كنت بطيقه بس كنت بسكت عشان بنتي بس طلع هو إللي عامل كل ده لا والمصيبه أن بنتي لسه علي ذمته ! .
_المهم دلوقت أنا هقولك على حاجه كده ! .
_حاجه إيه هو في أسوء من إللي سمعته ده ؟.
أكد العم احمد بغيظ :
_ آه ، عز شغال مع المافيا ! .
_إيه مع المافيا ؟ .
_ إللي حصل حصل ومش هنعرف نغيره المهم لميس دلوقت ! .
تمتمت جنار بقلق :
_مالها حفيدتي؟ .
رد عليها العم أحمد بحزن :
_في خطر على حياتها !
قالت جنار بتوتر:
_ إزاي يعني؟ .
تنهد أحمد بخفوت ثم أخذ يحدثها بشأن التعهد على حياة الصغيرة :
_ ازاي يعمل كده دي بنته ؟ .
_ شوفي هي حاليا مفيش على حياتها خطر لأنه محافظ علي عهده معاهم وهما كمان محافظين فيروز متعرفش حاجه عن التعهد ولا حتي إنه رجعها لعصمته متقوليش ليها حاجه هي هنا في أمان في تركيا المهم بقا أنا كنت عايزك في خدمه مراد الولد ده يبقي ابن صحبي محمد الله يرحمه من وقت إللي حصل لعيلته وهو عايش في صدمة ولا بيتكلم ولا بيبدي أي ردة فعل خالص بقاله فترة علي الوضع ده وأنا ملقتش أحسن منك للمهمه دي أنا عارف إنك بطلتي شغل من زمان بس لسه خبرتك زي ماهي دكتوره نفسيه ممتازة.
صمت أحمد لثواني حتى تستوعب حديثه ثم تابع :
_ الولد دخل في اكتئاب حاد ونفسيته متأزمه من الحادثه إللي حصلت لعيلته وكل يوم حالته بتسوأ عن اليوم إللي قبله مع إن فات أكتر من سنة على الحادثة بس هو لسه عايش في أحداثها و…….
قاطعته جنار بتساؤل:
_طب ليه مدخلتو……..
رد العم أحمد بحزن:
_وأنا مردتش أدخله مستشفى للأمراض النفسية زي والدته مش ده سؤالك لأن كده الولد مستقبله هيضيع هناك أنتِ عارفه وده هيأثر علي حياته فيما بعد وطبعا فترة العلاج هناك هتاخد وقت وأنتِ دكتورة وعارفه وأنا ميرضنيش مستقبله يضيع خصوصًا وهو طالب متفوق دراسيا وناوي يدخل هندسه إن شاء الله.
_هو عنده كام سنه؟ .
العم أحمد بحزن: ماشي في ال17 لسه ما تمهمش شوفي أنا ظبطله الأوراق بتاعته وهو السنه دي داخل أولى ثانوي وعايزُ يفوق من الحالة اللي هو فيها ويخرج يشوف حياته بقى وكفاية تأجيل ده المفروض يكون في تانيه ثانوي بس هقول إيه اتضطريت أأجل دراسته .
صمت قليلًا ثم تابع بحزن :
_ربنا يصبره … وأنتِ هتساعديني خصوصا لما يعرف إنه بيتعالج برة المستشفى هيتحسن أكتر وهو ولد قوي وهيتحسن بسرعه إن شاء الله !.
_ واضح إنك تعرفهم كويس ! .
ابتسم العم أحمد بهدوء :
_طبعا محمد ده كان أعز أصحابي منه لله إللي كان السبب بس عارفه مشكلته إنه كان طيب زياده عن اللزوم ياما حذرته من عز ده بس بقا القدر كان ليه رأي تاني أنا بطبع شغلي السابق ليا نظرة في الناس ولما شفت عز ده مرتحتلوش المهم بقا أنا حكيت كتير موافقه تهتمي بيه وتعالجيه؟ !
_وده سؤال طبعاً موافقه أنا حبيته من قبل ما أشوفه!
_أنا كنت عارف بردو إني أحسنت الاختيار يا مرات أخويا أنا مش هلقي في حنيتك وتعاملك مع مرضاكِ بس أهم حاجه فيروز متعرفش حاجه ولا أي مخلوق فاهمه ؟ .
وبالفعل من بعد هذه المحادثة أصبحت جنار طبيبة مراد الخاصة وتأتي لزيارته عندما تذهب فيروز لعملها وبصحبتها إحدى الممرضات لكي تعاونها إذا ما حدثت له مضاعفات أثناء الجلسة .
“عودة إلى الواقع”
تجاهلت لميس كل ماسمعته من جدتها وأخذ عقلها يردد همهمات ترجمتها شفتاها لتخرج منها تلك الكلمات :
_هو مش كده ؟ .
قطبت جنار حاجبيها باستفهام:
_هو مين يا لميس؟.
تمتمت لميس ببكاء:
_هو مراد صديق طفولتي مش كده هو الوحيد إللي اتصحبت عليه هو إللي كنتي …..
شردت جنار وهي تتذكر شيء ما بعد حديث لميس هذا .
“عودة إلى الوراء”
كانت تجلس على الأريكة وهي تخيط بعض الملابس عندما قطع عليها ما تفعله إرتفاع نغمة هاتفها المحمول ، وضعت الملابس من يدها وأخذت الهاتف رأت الإسم المدون توترت كثيرًا قبل أن تجيب ثم تلفتت في أرجاء المنزل كان المنزل هادئ حيث ذهبت فيروز إلى عملها وليس هناك أحد سواها والصغيرة لميس .
_ أيوه يا أحمد في إيه؟ .
جاءها صوت أحمد يهتف بحزن شديد :
_لازم تيجي حالا مراد عمال يصرخ ومش راضي يهدى أبدًا !.
اعتدلت چنار بتوتر:
_ أنت فكرته بحاجه حاولت تضغط عليه؟ .
_لأ ومش وقت الكلام ده تعالي وأنتِ هتفهمي.
مسحت جنار على جبهتها وهي تهتف بتوتر:
_بس أنا معايا لميس فيروز مشيت علي المستشفى وسابتها معايا وأنا مش هينفع أسيبها لوحدها في البيت !.
_خلاص هاتيها معاكِ دي طفله ومش هتفتكر حاجه !
_ ماشي تمام !.
أغلقت معه واتجهت إلى غرفة لطيفه تشع ألوان وبهجه بألوانها الجميله ومحاطه بعدة ألعاب والكثير من الدمى من كل الأشكال والألوان ، تجلس طفله على أرضية الغرفه تلعب بعربة صغيرة وتبتسم ببراءة ثم هتفت ببسمة عندما وجدت جدتها تقترب منها :
_جدتي !
انحنت جنار لمستواها تهتف بحب وهي تربت على وجنتيها :
_حبيبة جدتك أنتِ ، هيا تعالي معي سأصطحبُكِ في نزهة جميلة ما رأيك؟ .
صفقت لميس بفرحه طفوليه :
_نعم ، نعم (Evet ، Evet).
بعد مرور نصف ساعة كانت جنار تقف أمام باب المنزل وبصحبتها الصغيرة لميس وبعد لحظات فتحت الممرضة الباب ، فقالت جنار بتوتر :
_ ماذا حدث أين أحمد؟ .
تحدثت الممرضة بعملية:
_سيدتي الوضع ليس جيدًا في الداخل !
_ أنا قادمة …
قاطعها العم أحمد وهو يقول للممرضة :
_ أبقي معه بالداخل وحاولي تهدئته ! .
ثم صمت قليلاً ووجه حديثه إلى جنار ووقعت عيناه على الصغيرة المتشبثة بجدتها ثم إبتسم في وجهها وانحنى ليحملها:
_ القمر عامله إيه؟ .
قالت لميس ببسمة:
_ أنا بخير (Ben iyiyim) .
_يجعلك بخير دايما ! .
ثم أنزلها على الأرض ، تحدثت جنار بتوتر:
_ إيه إللي حصل؟.
_ مش عارف أنا صحيت من النوم لقيته عمال يصرخ كده زي ما أنتِ سامعه ، ومفيش علي لسانه غير لميس وبس !
_ دي حاجه كويسه ! .
قال أحمد باستغرب:
_ إزاي يعني مش فاهم؟ .
ابتسمت جنار وهي توضح له :
_هو كده بدأ يرجع للواقع وأظهر رد فعل وده معناه إنه بدأ يفوق من صدمته وهيرجع طبيعي بإذن الله!
زفرأحمد بأمل:
_ يارب هنعمل إيه دلوقت هنسيبه يصرخ كده؟ .
_ولا حاجه إحنا هنسيبه يخرج كل الوجـ”ـع إللي جواه وده هيساعده يخرج كل الكبت والالـ”ـم إللي عايش معاه وكان حابسه طول الوقت ! .
بداخل إحدى الغرف كان يجلس وهو يضم ركبتيه إلى صدره وهو يخبئ رأسه بينهما ، بينما ينتحب بقوة ويبكي بشدة وهو يصرخ فتحت لميس باب الغرفة وولجت إلى الداخل وبخطوات بطيئة إقتربت منه ووضعت يدها على كتفه ثم قالت بحنان
_مش تزعل أنا لميس ! .
تظن الصغيرة أنه يناديها هي ، توقف مراد عن البكاء ورفع رأسه لينظر إليها وجدها تبتسم له بصفاء وهي تمسح بيدها دموعه ، إتسعت حدقة عينه بذهول ثم رفع يديه ليمسك بوجهها وهو يدقق النظر فيها ثم جذبها إلى داخل صدره وهو يضمها بقوة ويبكي في آنن واحد ثم هتف بدموع :
_لميس أنتِ رجعتي كنت عارف إنك هترجعيلي يا حبيبتي وحشتيني أوي !.
بالخارج تنهد أحمد بحزن وهو يرى الممرضة وهي تخرج من غرفة المطبخ :
_ أسيل ماذا تفعلين؟
هتفت أسيل الممرضة وهي تشير بعينيها إلى الصنية في يدها :
_ كنت أعد عصير للصغيرة سيدي !.
أومأ العم أحمد بهدوء ثم تابع حديثه ولكنه توقف بضع لحظات وقال وهو يضيق عينيه باستغراب :
_مراد سكت وبطل يصرخ !
_آه فعلا معاك حق هو كده إرتاح شوي ! .
أنهت حديثها وهي تتلفت حولها فهتف أحمد مستفسرًا:
_ بتدوري على إيه؟
ردت جنار بتوتر:
_لميس لميس فين؟ .
_متقليقش الباب مقفول أكيد مخرجتش هتلاقيها هنا في الشقه بتلعب واسيل كانت جايبالها عصير ! تعالي نشوف مراد بقا !.
أومأت جنار واتجهت معه إلى غرفة مراد وعندما وطأت أقدامهم الغرفة إعتلت الدهشة وطغت على ملامحهما ، حيث كان يجلس مراد وهو يضع لميس على حجره وهو يضمها إلى صدره ويمسك بيده كأس العصير ويقربه من فمها بحنان ، بينما الممرضة تجلس بالقرب منهما وعلى وجهها إبتسامة صافية كأنها تشاهد شيئاً عجيباً .
نظرأحمد وچنار لبعضهم البعض باستغراب ولم يتحدث أحدهم بكلمة ، ثم اقتربت منه وأشارت إلى الصغيرة لكي تنهض من على حجرهِ، ثم وجهت حديثها إلى مراد قائلة:
_ مراد تعالي معايا .
ثم مدت يدها لكي تسحب لميس ولكن مراد كان الأسرع وأمسك بيدها وقال بنبرة لا تقبل النقاش:
_سيبيها ! .
نظر أحمد إلى جنار بأعين متسعة لايصدق مراد تحدث أخيرًا منذ عام ونصف لم يسمعه يتحدث حتى جنار نفسها لم تتمكن من جعله يتحدث ولو لمرة واحدة أثناء جلستها معه لتأتي تلك الصغيرة صاحبة العيون السماوية وتجعله ينطق .
أكمل مراد حديثه وهو ينظر إلى لميس التي تبتسم له بصفاء :
_أنا ماصدقت لميس رجعتلي ! .
نظرت جنار إلى أحمد بصدمة وكادت تتحدث فأشار إليها أحمد بأن تلتزم الصمت ، فتابع مراد بهدوء وهو ينظر إليها بينما هي تبتسم له :
_ممكن تسيبوني مع أختي شوي ، عايز أقعد الاعبها شوي مكنتش بلعب معاها كتير عايز أعوضها عن إللي فات شوي !!
_مراد دي مش لميس أختك !.
نظر مراد لها بغضب :
_لا هي !
ثم نظر إلى لميس وتحدث وهو يبتسم لها :
_ أنا مين؟.
ابتسمت لميس ببراءة:
_مراد ! .
يادلها مراد الابتسامه وهو يردف بسعاده:
_هي أختي شوفتي !.
تنهدت چنار ونظرت إلى أحمد الذي أشار إليها بدوره للخروج من الغرفة بينما جلست الممرضة بصحبتهم تراقب حنيته وحديثه اللطيف مع تلك الصغيرة
بالخارج تهاوت على إحدى المقاعد بذهول لا تستوعب ما حدث توا ، اقترب العم أحمد وجلس على المقعد المقابل لها فتحدثت هي أولا:
_أنا مش مصدقه إللي حصل!!
_إهدي كده وفهميني أنتِ إللي دكتورة مش أنا إيه تفسيرك للي شوفناه ده؟
قالت جنار بتوتر:
_ ده فقد الذاكرة! .
توسعت أعين أحمد بصدمة :
_إزاي بس ده مفيش أي حاجه عقله سليم وأنا قولتلك إنه مكنش فيه حاجه لما وصلت و..؟
_هقولك وافهمك دي حالة بتحصل لما بتمر بصدمة نفسية كبيرة وصعبة زي إللي حصلت لمراد كده العقل الباطن بيكون في حالة غياب عن الوعي مبيبقاش مدرك لأي حاجه وبيدخل صاحبه في مود اكتئاب حاد بيخليه لا ياكل ولا يشرب ولا حتى يتكلم بيبقى عايش في الدنيا ومش عايش عقله مغيب وجسمه حاضر وده إللي حصل مع مراد ولو حصلت إستجابة أو أي مضاعفات في حالته العقل الباطن بردو مُصر إنه ميخرجوش عن الوهم إللي هو كان عايش فيه قبل الحادثة ماتحصل .
توقفت وهي تنظر له فرأته يوليها كامل اهتمامه فتابعت وهي تردف ببساطة :
_يعني ببساطة مسح من ذاكرته إللي حصل كله يوم الحادثة بكل حاجه فيه و وبالتالي عقله دلوقت مـخليه عايش في وهم إنه كل حاجه كويسه وإن أخته رجعت ومفيش حاجه حصلت من الأساس هو بيفترض كده إنه بيحميه لما يخليه ينسى كل حاجه حصلت معاه ودي حالة نفسية واردة جدا مع إن وظايف عقله كويسه ومفيش أي أثار في دماغه تدل على فقدان ذاكرة أقصد المنطقة المسؤولة عن الذاكرة في العقل البشري بس عقله الباطن فرض عليه الوهم ده على أساس يريحه من عذابـ”ـه وألمـ”ـه وهو اختار إنه ينسى بإرادته و متنساش ده رجع وشاف أمه وأخته في وضع فظيع .
صمتت قليلًا ثم تابعت بحزن :
_ أنت مشوفتش كان ماسك لميس جوه إزاي مش عايز يطلعها من حضنه أبدا وأعتقد إن دي نفس المسكه إللي كان ماسك بيها أخته يوم الحادثة للأسف هو دلوقت مقنتع إن أخته رجعت له ومازال تحت تأثير الصدمة .
سألها أحمد بحزن بعد أن استمع لحديثها كله :
_يعني فقد الذاكرة ده مؤقت …؟
_أيوة لأن مؤشراته الحيوية سليمة ومفيش أي أثار جانبية ومع ذلك أحب أطمنك الحاجه إللي حصلت دي ليها جانبين سلبي وإيجابي الجانب الإيجابي إنه الحمدلله بدأ يرجع للواقع حتى لو الواقع إللي هو فرضه على نفسه وعايش فيه حتى لو كان وهم إن كل حاجه كويسه ومفيش حاجه حصلت بس أهو تقدم عن مرات كتير وبدأ يتكلم وده كويس أما الجانب السلبي هو بقى لو فضل على حاله ده وأصر يعيش في الوهم ده ومرضيش يفتكر وينفي بنفسه الوهم ده …
قاطعها أحمد قائلاً بنبرة قلقه :
_يعني إيه ؟ممكن يفضل على الوضع ده كتير مش معقول فهميني!
_شوف هو لو قواه العقليه كويسه جدا
هينفي هو بنفسه الوهم إللي عايش فيه ده بعد فترة وهيفتكر بمعني تاني إنه هيفوق لما يلاحظ إن إللي معاه جوه دي مش هي نفسها لميس أخته!!
_طب وكده مش هيتنكس تاني أو تحصله مضاعفات ؟
_لا لو حصل مضاعفات فهي هتبقي في صالحنا لأنه هيبتدي يفتكر و هيرجع للواقع إن شاء الله !
أومأ أحمد بهدوء:
_طيب ده كده في العموم صح للحالة دي أنتِ بقا تشخيصك لمراد يقول إيه؟ .
ابتسمت جنار بهدوء:
_ شوف مراد ذكي جدا ومع الوقت هيفوق من الصدمة دي أنا واثقه وقواه العقليه سليمه يعني الموضوع مش هياخد وقت كتير خلينا سايبينه براحته ومنحاولش نفكره بأي حاجه هو بنفسه هيفتكر وأنا واثقه إنه هيفوق بإذن الله !
قال أحمد بهدوء:
_طيب تمام كده أنا عايزُ يرجع لطبيعته خلال الفترة دي قبل ما تبدأ الدراسه كفاية تأجيل بقى ! .
_إن شاء الله ! .
_طب ولميس حفيدتك هتعملي إيه؟ .
تنهدت جنار مردفة بتوتر:
_ شوف دلوقت يؤسفني أقولك إن لميس دلوقت بقت جزء من علاج مراد وهي إللي هترجعه للواقع زي ما قولتلك هو مع الوقت هيكتشف إنها مش أخته!
_طيب وهتعملي إيه مع فيروز هتقوليلها إيه؟ .
_ فيروز مشكلتها سهلة هي كده كده بتسيب لميس معايا وبتروح شغلها وأنا هبقى أجيب لميس معايا وبصراحه يعني ده أقل حاجه نعملها عشان مراد كفايه أن أبوها هو سبب إنتـ”ـحار والده ونقل ممتلكاته فدي أقل حاجه نقدمها لمراد وأنا مش هسيبه إلا لما يتحسن ويبقى أحسن من الأول!
ابتسم أحمد مردفًا بامتنان:
_فعلا أخويا زين ما اختار وهو ده العشم بردو طيب تعالي نشوفهم بيعملوا إيه؟ .
كانت الممرضة تجلس بالقرب منهم لميس تلعب بإحدى العربات الخاصة بمراد وهو ينظر لها فقط كأنها الوحيدة في عالمه لا يرى غيرها ، وهكذا إستمرت فترة العلاج وفي كل مرة يلاحظ مراد شيئاً مختلفاً في تلك الصغيرة مثل أنها في بعض الأحيان تقول بعض الكلمات التركية .
وعند رؤيتها لتلك الطبيبة تنهض من جواره وتركض إليها وتعانق قدماها وتقول لها تلك الكلمة الغريبة بالنسبة لمراد “büyükanne” وفوق كل هذا أنها ولا مرة باتت معه بذات الغرفة أو ليست أخته…تذكر في إحدى المرات عندما قال لهم عن سبب عدم وجود أخته معه بالغرفة ولِما لا تنام معه بغرفته أليست أخته الصغيرة صاحبة الإثنا عشر .
ولما ليست معه طوال الوقت وتذكر أن الطبيبة انزعجت بشدة لأن لميس كانت تُصر على رأيها مثل مراد وترغب بالبقاء معه لفترة أطول وبصعوبة بالغة تمكنت من منعها وأخذها معها إلى غير ذلك من أمور بدأت تتضح أمامه وشيئا فشيئا ازداد شعوره بأن تلك الصغيرة ليست أخته وأشياء أخرى مثل أن الصغيرة لميس لم تكن تحب الدمى بل أكثر ما كانت تلعب به عربات مراد .
وتدريجيا بدأ عقله يسترجع ذكرياته وأن أخته الحقيقية كانت من عُشاق الدمى ولم تكن تحب أن تلهو بألعابه الصبيانية وغير ذلك كله عيون أخته الصغيرة كانت خضراء وليست زرقاء ،وعند هذا الحد تذكر كل شيء من ليلة الحادثة وما حدث لأخته ، وأخيراً اتضحت الرؤية أمامه كلها وبدأ بنفسه ينفي ذلك الوهم الذي كان يعيش به .
ولكنه مع ذلك لم ينكر أنه تعلق بتلك الصغيرة وأحبها من كل قلبه وبات لا تغمض عيناه حتى يراها ويحكي لها العديد من القصص ويلاعبها ، كما لاحظت جنار أن مراد تحسن كثيرًا عن ذي قبل وهاهو بدأ يهتم بمذاكرته وعادت الحياة طبيعية واستطاعت لميس أن تخرجه من قوقعته ليكون شابا يواجه الحياة بصورة طبيعية ، كما تعلقت لميس به أيضاً وعدته صديق لها ..صديقها الصدوق كما أسمته .
توددت العلاقة بينهما كثيرًا فحتى بعد أن استعاد مراد عافيته كان يصر على أن تحضر جنار حفيدتها معها وهي لم تمانع لأن الصغيرة منذ نعومة أظافرها لم يكن لها أصدقاء مثل الأطفال في سنها بل فُرضت عليها العزلة مُبكرًا ،وهكذا توالت الأيام تليها الشهور ثم السنيين.
وفي إحدى المرات كانت المرة الأخيرة التي ترى فيها لميس صديقها الصدوق لأن الوضع اختلف لم تعد تلك الطفلة الصغيرة بل صارت شابة والتحقت بالمدرسة الإعدادية بعامها الأول ومراد كان بآخر عام في الثانوية وانتهى من امتحاناته وكان مقبل على دخول الجامعة وكان عمره أنذاك يقارب التاسعة عشر *لأجل ذلك كانت جنار تصر على أن يرتدي مراد ذاك القناع خشت أن تتعلق لميس به لاسيما أنها كانت متعلقة به منذ الصغر أو أن تحبه إن علمت أنه هو صديق طفولتها لأنها بطبيعة الحال لا ترى مستقبلاً يجمعهما .
_ هيا يا صغيرتي حان وقت الرحيل ! .
كانت تجلس على قدمه رغم إحتجاج جدتها كما أن مراد أخبرها أنها صارت الآن كبيرة ولا يصح أن تجلس على قدميه هكذا كما أنه أجنبي عنها ولكنها كانت تصر على رأيها وتتعلق برقبته
_Hayır !
رمقتها جدتها بنظرة حادة إلا أن لميس تابعت بضيق :
_لا أريد ترك صديقي الصدوق لنجلس بعض الوقت ! .
تبسم مراد في وجهها وتحدث بلغتها بعد أن تعلم القليل وبات يجيد التحدث بالتركية بطلاقة :
_الفتاة الجيدة تسمع كلام جدتها ولا تعترض ! .
_Tamam !
ثم إتجهت إلى جدتها وأمسكت بيدها وقالت بينما تسير مع جدتها إلى خارج المنزل:
_Güle güle!(وداعاً)
ابتسم مراد وقال لها :
_! Allah ‘a emanet ol
(في أمان الله)
“عودة إلى الواقع”
حدقت لميس بعيني جدتها تردف بدموع:
_هو ساكته ليه هو ده إللي كنتي بتاخديني معاكي ..؟ هو ده صديقي الصدوق مش كده ساكته ليه قولي ؟ .
قالت جنار بتوتر:
_ لميس أنا ..
قطعت باقي كلماتها فور رؤيتها لمراد الخارج من غرفته فنهضت سريعًا وقالت :
_الإجابه دي تلاقيها عند مراد جوزك إساليه هو !
ثم إبتعدت عن لميس واقتربت من مراد وهمست له بشيء تحت نظرات لميس المستغربة :
_أنا مقولتلهاش غير عن الجزء المتعلق بالنصب والإحتيال على والدك ودخوله السجن
الباقي أنت قولها عليه وقولها على التعهد وليه أنا وفقت تتجوزها ماشي ! .
كان بإمكانها اخبارها بكل شيء ولكن ارادت أن يخبرها مراد ليقطع بنفسه حبال الوصال التي نمت في داخلها منذ صغرها .
سألها مراد بضيق :
_أمال أنتِ حكتيلها إيه ده كله ؟ .
_حكتلها إزاي إتعرفت عليك يا صديقها الصدوق .
ثم إبتسمت وقالت وهي توجه حديثها إلى لميس التي تطالعهم بنظرات مشتعلة :
_باقي إجاباتك هتلاقيها عند مراد هو اللي هيكملك الحقيقه إللي ، مقدرتش أقولها ليك وهتعرفي ليه أنا دخلت في ده كله وجوزتك مراد عل فكرة أنا إللي طلبت منه كده وهو هيوضحلك ماشي ! .
وقبل أن ترد لميس كانت جنار قد ذهبت وأغلقت الباب خلفها ، نظرت لميس لمراد وقالت :
إللي قالته جدتي صح أبويا هو إللي عمل كده
في والدك عشان كده خطفتني واتجوزتني عشان تزلني وتنتقم منه فيا أنا وحتي جدتي موافقاك أنا مش مصدقه إنكم لعبتوه في حياتي كده كلكم خدعتوني .
صمتت ثم صاحت ببكاء :
_أنا مش هسامحكم أنا ذنبي إيه في ده كله ؟ .
_ ذنبك إنك بنت واحد ******

يتبع…

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حب بين نارين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى