روايات

رواية جحر الشيطان الفصل التاسع 9 بقلم ندى ممدوح

رواية جحر الشيطان الفصل التاسع 9 بقلم ندى ممدوح

رواية جحر الشيطان الجزء التاسع

رواية جحر الشيطان البارت التاسع

رواية جحر الشيطان
رواية جحر الشيطان

رواية جحر الشيطان الحلقة التاسعة

المحب لا يعرف الفراق أبدًا……

فلاش الكاميرا لا يكفُ عن إلتقاط الصور لجسد ( حسن) المجسى ارضًا، قوات الشرطة تُحيط بالمكان، تفحصه بدقة ، نظرات الدهشة مصوبة نحو ( عائشة ) التي تنزوي بأحد ألأركان تحاوط ذراعيها في قداميها مسندة ذقنها إلى ركبتيها تنظر بأعيُن غائرة وجلة بوجوه الجميع، أنتفضت بغتة واقفة ما ان لمحت والدتها تدخل بِـ لهفة لتغدو سريعًا ترتمي بين ذراعيها تستتر من العالم فيها، حاوططها ( لمار) بكلا كفيها تبثها بالأمان، ابتعدت على صوت والدها، يتساءل في لهفة ونبرة قلقة :
– عائشة .. أنتِ كويسة يا حبيبتي؟
شهقت ( عائشة ) باكية تُلقي بذاتها بين ذراعيه، تشد بقبضتيها على ملابسه كأنه الأمان الذى لا تود البعد عنه، أمان لطالما طمئنها ولفها بسكينة تتطامن إلى قلبها، أمان لا يوجد مثله نظير، فـ امان الأب وحنان قلبه وبسمة عينية وضمتهما ودفء ذراعيه لا يمكن أن يكون في مثله، يظل دائماً هو الملاذ والمتسع مهما ضاقت الحياة.
ما زال ( ادهم ) يحتويها بكفيه يهدأها حتى فجأة رفعت رأسها تنظر لعينة مباشرةً، وقالت:
– بابا .. هو فين إسلام و وليد؟ حتى زين مشفتهوش؟ أنا عايزة اروح ادور عليهم.
تبادل ( أدهم، لمار ) النظر في دهشة ، لم تلبث طويلًا أن تلاشت ما أن قال ظابط في ود واحترام :
– أنا آسف جدًا يا سيادة اللواء لمار وأدهم ولكن لازم ناخد المتهمة.
أدارت ( لمار ) رأسها تطبق جفنيها في ألم، لم تتوقع يومًا ان تُلقي القبض على قطعة من قلبها وبتهمة قتل!
لم ينتظر الظابط أكثر، بل جذب عائشة ليكبلها بالأصفاد…
وأمام أنظارهما ساقت أبنتهما إلى سيارة الشرطة، لتدمع عينا لمار وهي تهمس في حسرة موجعة :
– عملتِ ايه في نفسك يا عائشة؟
شعرت بكف ( أدهم ) يطوق كتفها وهو يهمس في خفوت بجوار اذنها :
– خير ان شاء الله، مش هنسيبها وهتخرج متقلقيش قولي يا رب.
سارت معه للخارج لترفع عينيها إلى السماء تناجي الرحمن بفؤادها أن يمر هذه الأيام على خير، ولا يأذها في احد من احبتها مجددًا، ترجوه أن يرفق بحال ابنتها وحالها، وتسأله العوض والجبر.

☘️اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد ☘️

بأقدام مرتشعة خطت داخل المشفى .. تتطلع حولها في إشتياق للغائب الذي كانت تضج روحه فيها، المشفى ليست كما هي بها شيءٌ ناقص .. بسمة غائبة، وفرحة ضائعة ، الجميع في حالة حزن اطباء ممرضيين مرضى، فـ الغائب ليس اي أحد أنه شخص كان يغمر الجميع بحنانه وكرمه، بذل جهده لفرحة من حوله.
و بذل كُل مالهُ في سبيل الله.، للفقراء والمحتاجين والمساكين ، لم يقُل لأدخر المال قد أحتاجه غدًا ! إنما كانَ يقول قد لا يأتي عليَّ غدًا، فلماذا أدخر مالاً لن ينفعني
لم تشعر ( خديجة ) بدمعها الذي يهوى على وجنتيها وكم حمدت نقابها في تلك اللحظة الذي تتوارى خلفه الدمعات، وقفت أمام الحجرة التي بداخلها ( وعد.) تستجمع رباطة جأشها تتنهد وتزفر عدة مرات ثم ادارت المقبض و دلفت وهي ترفع نقابها مشرقة المحيا ببسمةٌ تتألق على ثغرها جلست بجوارها تُحادثها ربما تُبدي اي ردة فعل.
لم تلبث ان بدأت تتلو القرآن بصوتٌ سجي مطرب الاذان.
كان ( رحيم ) يسير بطريقه للمشفى شارد الذهن مشتت، موجة غريبة تمتلكه من الضياع، وسوس له الشيطان قائلًا :
– لماذا لا تطلقها ؟ لماذا ستدفن نفسك مع امرأة شبه حية!
ولماذا ستحافظ عليها؟
سيركض عمرك دون ان تشعر أن ظللت بحوارها، أتركها وتزوج بأخرى.
وابل من الأفكار تجتاحه بلا هوادة وهو يسير كـ المتغيب كأن ثمة من يشده من يده ويفكر بدلًا عنه، وطأة قدميه المشفى وفجأة حدق فيها مزهولًا لا يدرِ متى وصل؟
ثُم انفض رأسه وتابع طريقة بوقار ورزانة، استمع لصوت خديجة فعلم انها بالداخل فطرق الباب وانتظر قليلًا حتى أذنت له، فدخل بصمت واتجه إلى الأريكة وجلس عليها دون ان ينبس، مما آثار عجبها لكنها رجحت ذلك لارهاقه البادي على وجهه المنهك، عادت لقراءتها مجددًا، رويدًا رويدًا بدأ رحيم يطرف باجفانه في ثقل غير قادرٍ على فتحهما كأن ثمة من يغلقهما عنوة، المته رأسه حتى احس بانها ستنفجر فظل يحركها يمنى ويسر دون صوت، صفير حاد اخترق اذنه ليسدهما وهو يميل بمرفقيه إلى فخذيه، ولم يلبث إذ إن عاد بجسده للخلف ورأسه أيضًا وغفى .. لم يغفى تمامًا، كلا ان روحه قسرًا ذهبت لمكان آخر، فجأة وجد نفسه داخل غرفةٌ مظلمة وحية تسعى تجاهه فأحتار لم يدرك ماذا يفعل ولا يوجد طريقٌ للخروج، ظل يبعد عنها يمنى ويسر حتى طلع في وجهه وجهٌ أسود مخيف ذا بؤبؤ عينين حمراء كـ الدم فأتسعت عينيه وهو يهوى للخلف بظهره على الجدار جاحظ العينين به، انقذه صوت خديجة المنادي بقلق قائلة وهي قريبة منه بعدما صرخ مستغيثًا مرتجفًا متقلبًا كمن يواجه كابوسًا :
– رحيم .. رحيم .. رحيم .. أنت كويس؟ فوق مالك، بسم الله الرحمن الرحيم .. رحيم.
بصعوبة رمش بعينية ينظر إليها في تيهة وهو يهز رأسه يمنى ويسر فابتعدت خديجة آتية بقرورة مياة كانت بحانبها وناولته له قائلة برنة قلقة :
– رحيم ، خد اشرب.
تناولها منها وتجرع منها وللعجب كان حلقه جافٍ للغاية مُرًا، ثم سكب حفنة بيده ومسح بها وجهه وهو يتنهد بقلبٌ خافق، تساءلت خديجة مرة أخرى عما به، وما هم بإجابتها حتى مال برأسه كاتمًا فمه بكفه شاعرًا بالتقيأ فوثب واقفًا وحث الخطى إلى دورة المياة تحت أنظار خديجة الذاهلة.
دقائق وخرج وقد تلاشى الأرهاق وشحوب وجهه فتقدمت إليه تساءله بلهجة قلقة:
– رحيم أنت كويس اجيبلك دكتور؟
هز ( رحيم ) رأسه نفيًا، وقال:
– لآ مفيش داعي شكلي خدت دور برد.. هو ايه اللي حصل؟
تساءلت ( خديجة ) بنبرة وبسمة قلقتان :
– متأكد ؟ أنت كنت بتحلم بـ ايه؟
– حلم ايه؟ هو انا نمت؟
سئل متعجبًا، فـ اردفت ( خديجة ):
-ايوة نمت وكنت بتنادي على وعد وبتتنفس بالعافية؟
رفع ( رحيم) حاجبيه وقال في دهش :
– انا مش بنام في النهار ابدًا.
ثُم هز كتفيه وقال في بساطة :
– يمكن غفيت شوية، والله ما انا فاكر اي حاجة مش عارف ليه.
توجه إلى ( وعد.) ملثمًا جبهتها وكفها الموصل بمحلول تغذية، أستدار لـ (خديجة ) وهو يعتدل، وقال :
– هروح اكلم الدكتور اعرف لو في جديد ولا حاجة، خليكِ جنبها.
أومأت ( خديجة ) في تيهة، كل شيء يبدوا غريبًا، ما بال رحيم تقسم ان هناك امرًا ما، لوهلة يكون هو ذاته، وأخرى لا؟
هزت كتفيها واتجهت جالسة جوار ( وعد ) تعود لتتلو القرآن مجددًا.
لم تمكث طويلًا وإذ بالباب يُفتح بعد طرقة واحدة وتدخل والدتها والصغار معها ويتحول الهدوء إلى ضجيج محبب لقلبها..
أقترب ( عاصم ) مقبلًا رأس والدته يسئل عن صحتها، لكنه لم يتلقَ اجابة فجذبته (ورد) لحضنها،وبحنان ام أردفت في اذنه :
– متزعلش يا حبيبي ماما تعبانة عشان كده مش بترد عليك.
هز عاصم رأسه متفهمًا، وابتعد عنها ليقف مع الصغار، فتسألت ( خديجة) وهي تميل على امها :
– مفيش اخبار يا ماما عن عائشة، هتخرج امتى من السجن؟
سكتت ( ورد ) لـ هنيهة قبل أن تجيبها شاردة :
– ربنا يستر، عائشة حالتها وحشه.
ادمعت عينا خديجة وهي تدعوا في نفسها لها.

🍀اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وأصحاب محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل إبراهيم وأصحاب إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد وأصحاب محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وأصحاب إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد 🍀

في زِنزانة يسُودها الهدوء السرائر الحديدية مصفوفة بجوار بعضهما يعلوها أُخرى، المسجونات يتخذن كُلاٍ منهن فراشًا، منهن النائمات في غمرة أحزانها، ومنهن الصائحات الجالسات دون صوت يتفكرن، اما هي كانت تقبع فوق فراشها تضم قدميها لبعضهما تحاوطهما بذراعيها، تارة تهزي بابناءها وزوجها، وتارة .. تارة ماذا تصيحُ صارخة مرتجفة رعبًا بات قلبها معمور بالرهبة، ترَ حسن بغتة يظهر امامها غارقًا في دماءه، فتظل تصرخ وتصرخ وهي تنزوي آخر فراشها حتى تتجمع حولها النسوة يهداوها بشفقة، منهن الساخطات الذين يرغين ويذبدن، ومنهم اللآتي يشفقن عليها فيجلسون بجانبها يحاولون معرفة ما بها لكنها تبقَ محدقة في الفراغ كأنها يتراءى لها شبحًا لا يُرَ إلا لها…
مرت الأيام تباعًا دون جديد، لا شيء يمر، او يزول، ولا الأيام تولي، ولا النور يضيء قلبها، وذات يومٍ كانت مستلقية على جانبها فوق الفراش الحديدي، تحدق في ( حسن ) الذي يتراءى لها جالسًا يُحدق فيها بحقد، طلع الدمع بعينيها حين نهض مقتربًا منها، فـ انتفضت شاهقة وهي تستوى جالسة متسعت العينين تهز رأسها بجنون، تبسط كفها علَّه يقف، ألا انه تابع سيره نحوها والدماء تغرقه غرقًا، فوضعت كفها ونهضت مبتعدة عن الفراش بحذر تسير بظهرها للخلف وهي تهمس في خوف شديد :
– متقربش لأ ، لآ متقربش، خليك مكانك ابعد عني، ابعد عني.
أمسكا بها مسجونتين وهتفت احداهما بقلق :
– مين يا حبيبتي اللي ميقربش؟ تعالي اقعدي هنا، واستهدي بالله؟
نطقت احداهما بسخط :
– يكش يا شيخة عفريت يلهفك صرعتينا ليل نهار بعفاريتك.
دفعت كفيهن عنها وتابعت سيرها بأعيُن مرتجفة تترقرق بالدمع حتى ارتطمت بطاولة الطعام الذي جاء أنفًا، ألتفتت للخلف بحذر فوقع بصرها على نصلٍ حاد فجذبته سريعًا وحادت ببصرها إلى طيف حسن ثُم طعنته بقسوة وهي تهتف :
– قولتلك متقربش ابعد عني.
فتحت عينيها على الصراخ الذي دوي حولها وتجمهر النسوة جوار جسد زميلتهن ذا الجسد المسجى ارضًا تتأوه بالم وهي تمسك جرح بطنها الذي ينزف بغزارة، علا صراخ ( عائشة ) وهي تهز رأسه غير مصدقة أنها طعنت احداهن، فُتح الباب واندفع سيل العساكر ليسعفوا المصابة، بينما جذبوا ( عائشة ) معهن ليضعوها في المنفردة.

🍁اللهم إني أسألك الثبات في الدنيا والآخرة 🍁

في يوم جلسة الحكم، تجمع كل آل الشرقاوي جميعهم داخل القاعة، بقلوب وجِلة مرتجفة خوفًا مليئة قلقًا، رأو عائشة في يدها الأصفاد مع احد العساكر يجرها خلفه حيثُ وراء القضبان الحديدية، أدمعت أعين الفتيات وهم يهرعون نحوها ممسكون باعمدة الحديد يحادثوها ويبثوها بالامل لكن هي في واديٍ آخر تمامًا، هدوء عم المكان وعاد الجميع لأماكنهم ما أن داخل القاضي بجانبه المستشارين.
وما بين اقوال الشهود والأدلة التي أثبتت جرآم حسن وقتله لـ يوسف وخطفه لـ عائشة أثبتت ورد انها قتلته دفاعًا عن نفسها، كما انها تُعاني من حالة نفسيه ادت لذلك وأثبتت التقارير صحة ذلك، اوضحت ورد أن عائشة ليست في وعيها تمامًا، فما تدري ماذا تفعل، فحكمة المحكمة بإداعها في مشفى الأمراض العقلية تحت المراقبة….

🍂اللهم إني أعوذ بك من قلبٌ لا يخشع ودعاءٌ لا يُسمع 🍂

في غرفةً في مشفى الأمراض العقلية، كانت (عائشة ) تتشبث بـ ( أدهم ) تنظر إليه في رجاء وإستغاثة تبكي بحرقة ترجوه الا يتركها، ألا انه اشاح بوجهه وهو يشير للمرضات ليقتربن فسحبوها عنوة وقام الطبيب بحقنها بحقنة مهدأه حتى هوى جسدها بين ذراعيهم ليهوى قلب ابيها معها، وامها التي تتطلع من الزجاج الخارجي بألم، قاموا برفعها على الفراش، ومر الطبيب المكلف بحالتها بجوار ( لمار ) وقبل أن يدخل نادته :
– دكتور ..
إلتفت لها الطبيب ومكث حتى أقتربت إليه فتبسم لها مشيرًا للغرفة مردفًا :
– أنتِ والدة المريضة اللي جوه؟
هزت ( لمار ) رأسها، وقالت:
– اه.
مد الطبيب كفه هاتفًا ببسمة هادئة :
– دكتور ( هيثم ) الطبيب المعالج لحالة عائشة.
صافحته لمار بدورها معرفه عن نفسها، ليأخذها إلى مكتبه بعد خروج ادهم ليقصوا عليه حالتها فتعهد لهم بأن تعود قريبًا بأفضل حال.
غادرا الأثنين فهب ( هيثم ) واقفًا وخرج من مكتبه وتوجه لحجرتها فتح بابها وطل برأسه متأملًا أياها قليلًا قبل أن يخطو للداخل بتمهل، وطالع ملامحها الشاحبة بآسف وهو يردف بصوتٍ هامس :
– صعب اللي عشتيه يا عائشة؟ أنا مقدر حالتك جدًا الله يكون في عون قلبك ويصبرك على فراقهم ويحعلهم شفعاء لكِ يوم القيامة.
سحب مقعدًا وجلس عليه قُرب رأسها وظل يُحاكيها وهي غائبة تمامًا…
من بوابة المطار كانت تخرج ( لمار ) تنظر حولها كأنها تبحث بعينيها عن أحد حتى وقع بصرها عليه فتقدمت إليه باسمة وهي تقول:
– ضياء .. اخبارك ايه؟
أومأ ( ضياء) في هدوء، مغمغمًا :
– بخير نورتي المكان.
ثُم تنحى باسطًا كفه مشيرًا لها، قائلًا :
– أتفضلي…
سارت ( لمار ) حتى استقرت داخل السيارة في المقعد الخلفي، بينما اتخذ ضياء المقعد الأمامي بجوار السائق الذي انطلق فورًا.
ألتفت ( ضياء) برأسه قائلًا :
– هأخدك تستريحي الاول وبعد كدا احكيلك كل حاجة بخصوص ماهر ده.
نفت ( لمار) في غضب هادر لا يقبل النقاش :
– لأ أحكي دلوقتي واحنا في الطريق عنده، ولا انت مش عارف مكانة
في هدوء أجاب ( ضياء) في ثقة :
-عارف طبعاً.
دار بعينه للسائق ممليًا له العنوان، ثُم عاد ببصره إليها وهو يستند بمرفقة على ظهر المقعد مردفًا :
– اللي عرفته عن ماهر ده أنه مصري الجنسية، ومشترك هنا مع منظمة من المافيا يقودها جومالي جهانغير راجل محدش قادر يمسك عليه اي حاجة لحد الان حتى أبنه الظابط.
ارتفع حاجبا ( لمار) دهشه وقالت في أهتمام:
– ظابط؟
تابع ( ضياء) مؤكدًا :
– ايوه كان ظابط وانفصل لاسباب غير مؤكدة كان من الكوماندوز، المهم زين مسك حاجات ضدد ماهر.
أطرق برأسه قليلًا وعلى وجهه علامات الحزن، لتحثه ( لمار ) على المتابعة، فـ أضاف قائلًا :
– عشان كدا ماهر ده قتله!
تعلقت انظار ( لمار) فيه مليًا، واستشعرت بحلقة مفقودة، أخترق صوت ( ضياء) افكارها وهو يقول مع أيقافالسيارة :
– وصلنا.
نظرت عبر النافذة تفحص المكان بعينيها في حذر وهي تسئل :
– هو عايش في بيت جومالي؟
رد ( ضياء) وهو يستعد للخروج من السيارة :
– آه..
فتحت لمار الباب بحدة وهتفت بصرامة :
– خليك انا هدخل لوحدي.
– بس……
بنظرةً من عينيها لم يتم عبارته واغلق الباب مجددًا.
تقدمت ( لمار) من الباب فـ سد طريقها رجُلاٍ وهتف احداهما في غلظة :
– لا يمكنك الدخول يا امرأة، من أنتِ؟
قلبت ( لمار) بصرها بينهما في غضب، ولكنها سيطرة عليه وهي تقول :
– أن لم تبعدا عن طريقي الآن لا تلومان الا نفسيكما!
رد الشاب ساخرًا :
– حقًا؟ وماذا ستفعلين يا امراة؟!
قال الآخر ضاحكًا :
– أقسم اني قد افعسها بين أصابعي ولن أأخذ فيها دقيقة، هيا اغربي عن وجهي.
كالأعصار تحركت لمار بغتة، دارت حول نفسها، لتحطم بقدمها أنف احداهما، وبيمناها لكمة فك الآخر، أنحنيا للأمام يتأوهان بالم وزعر وفي ثانية كانت تهوى ( لمار ) بقبضتيها فوق عنقيهما ليخرا ارضًا، فضحكت هي وهي تضرب كفيها مغمغمة في حماس :
– يا رجل لقد جعلتما الحماس يعود وكنت قد فقدته.
تلاشت ضحكتها بغتة كما انطلقت وبصقت عليهما وهي تدفعهم بقدميها وتدخل في خطوات سريعة حتى حاوطها رجال كُثر، رافعين افواه مدفعاتهم الآلية بوجهها، في زمت شفتيها في ملل، هامسة :
– آه يا ألهِ، هذا الجسد الذي هُرم ليس كالسابق ولكني لها.
ما كادت ان تهم بقتالهم حتى تقدم رجل ذو وقار يسير في هيبة نحوها ذو حلة سوداء وخصلات غلبها الشيب، تفحصت هيئته بنظرة سريعة قبل أن تدفع الرجال من طريقها وهي تهمس :
– أبعدا عن طريقي.
وتابعت وهي تقف امام ( جومالي) بتذمر :
– يا هذا ؟ أيصح أن تودع رجال كهذا ؟ من لكمة واحدة خروا أرضًا، عيبًا عليك!
رد ( جومالي) بذات البسمة الهادئة :
– معكِ حق سيدتي، وجُب عليَّ تغيرهم جميعًا.
و واصل منبهرًا :
– لقد اعجبتيني جدًا كيفية دخولك دون خوف والقضاء على رجالي.
ثم انحنى للأمام وهو يضع يمناه على صدره :
– أُحيكِ صدقًا من كل قلبي، لمار الشرقاوي وذادني شرفًا رؤياكِ.
في جمود غمغمت ( لمار) في عصبية هادرة :
– أين ماهر يا هذا؟
هز ( جومالي) كتفيه مُجيبًا في بساطة :
– موجود، ولكن تفضلي لنتحدث.
تبعته ( لمار) حتى جلسا داخل منزله، فـ مال للأمام قليلًا واردف :
– أتريدين حرب؟
تبسمت ( لمار) ضاحكةً وقالت في ثقة :
– ان كان لا بُد فهو كذلك.
مالت للأمام وهي تشبك كفيها قائلة بلهجة مخيفة :
– أريد ماهر يا هذا وألا ستندلع حربًا سيموت فيها الكثير … وسأأخذه.
عاد ( جومالي) بظهره لظهر المقعد فاردًا ذراعيه على حافته في استرخاء قائلًا:
– أنا لا أدري ما بينكما، لكنه احد رجالي وانا لا أترك من طرق بابِ يريد مساعدتي، انا ليس ليّ عداوة معك يا لمار، وماهر تعالي سأوريكِ مكانة.
هب واقفًا مع انتهاء عبارته وخطى للخارج ولحقت هي به، دلفا لمنزل صغير الحجم بجوار منزله الكبير، ثُم وقف على الباب قائلًا لها :
– ماهر هُنا وأنا أسلمه لكِ بكل إرادتي، لكني لا اريد حربًا خاصةً معك.
حدقت فيه ( لمار) قليلًا، قبل أن تولج للدلخل كـ الأعصار تبحث في كل زوايه ألا انها لم تجد أحد….
فخرجت مكفهرت الوجه تجأر في وجه ( جومالي) وهي تجذب سلاح احد رجالة بغته مشهرةً أياه في وجهه:
– هل تلعب معي يا هذا؟ لا يوجد احد بالداخل.
رفع ( جومالي) كفه موقفًا رجالة الذين رفعوا مدافعهم الآليه على ( لمار) ، وقال :
– لمار .. كنت صادقًا معي، وانا لست على دارية بمكانه ولا متى وكيف خرج بالأخير أنا غير مراقبًا تحركاته.
صمت للحظة ثم قال في ثقة :
– لا بأس سأعرف لكِ اين هو حالًا.
ارتفع صوته مناديًا في صرامة :
– نجيب… نجيب.
جاء ( نجيب) ركضًا يهمس في عجل :
– أؤمرني يا سيد جومالي!
أمره ( جومالي) وهو لا يحيد ببصره عن لمار :
اعرف ليّ اين ماهر باسرع وقت يا نجيب.
رد نجيب وهو يتراجع بظهره:
– اعتبره تحت قدميك في الحال.
أنهى جملته وتلاشى… تلاشى تمامًا في لمح البصر
ليقول ( جومالي) لـ ( لمار) :
– انتِ اليوم في ضيافتنا.

🍃اللهم إني أعوذ بك من أن يتخبطني الشيطان عند الموت 🍃

ما كادت شمس هذا اليوم أن تغيب حتى كان هذا الـ ( نجيب) يلقي تحت قدميها شابٌ نحيل حنطي البشرة متوسط القامة و يهتف في جمود :
– هذا ماهر سيدتي.
ظن انها لم تسمعه، إذ أسبلت جفنيها على عينيها المرهقتين، مسترخية تمامًا على الأريكة، فـ انفرجت شفتيه وما كاد بإعادة ما قاله حتى فتحت عينيها على آخرهما بطريقة جمدت الدماء بعروقه فـ أنتفض للخلف وللحق هذه اول مرة يهاب أحد، تبسمت لمار بسمةٌ مخيفة وهي تهز رأسها يمنى ويسر مغمغمة :
– أخرج يا نجيب ثمة فأر عليه ان يدخل المصيدة.
اومأ نجيب عدة مرات، وفر هاربًا في عجل، مغلقًا الباب خلفه، وانتفض مرتعشًا ما ان جاءه صوت ( جومالي) يسأله :
– لماذا خرجت.. ما بك ما هذه الحالة؟
اذرد ( نجيب) لعابه قائلًا في خفوت وهو يمسك قلبه المرتجف :
– انها تبدو .. تبدو مخيفة، هذا الرجل سيخرج ميتًا لا محالة.
تبسم ( جومالي) بسمةً مخيفة وهو يربت على كتفه، وقال :
– أحسنت صنعًا…
اومأ نجيب في فخر.
بينما في الداخل نهضت لمار في تمهل لـ تدب الرعب بمهجة الشاب الملقي ارضًا، واتجهت نحو الطاولة التي يعلوها طبقٌ من الفاكهة وفوقه سكين أخذته واتجهت نحوه، فزحف الشاب للخلف بأعيُن تكاد تحرج من محجريهما، تقدمت لمار إليه على مكث، حتى انحنت عليه ملوحة السكين امام وجهه مغمغمة ببسمة هادئة كانها تتحول :
– أنت لست ماهر .. اليس كذلك؟
أومأ الشاب تلقائيًا سُرعان ما أدرك ذلك ونفى برأسه مستنكرًا، يُردد في تهدج :
– أنا .. أنا ماهر .. ماهر.
من فرط غضبها طعنته بالنصل في ذراعه ليصرخ وهو يتلوى أرضًا ممسكًا بذراعه الذي يسيل منه الدماء، فعادت لمار سؤالها فقال الشاب بنبرة شبه باكية :
– أنا لست ماهر، انا أحد رجال السيد جومالي وقعت بيننا مشادة، بسبب المخدرات وانا اسير لديه منذُ بضع ايام…
ألتقطت انفاسه وهو يتابع لاهثًا :
– اليوم جاء نجيب وقال ليّ أني ساقول باني ماهر لكِ وألا سينهون نسلي جميعهم.
أمسكت ( لمار) بفكه تثبته وهي تسأل :
– إذن أنت تعمل في المخدرات ؟
اومأ الشاب في ألمٍ شديد وصل لذروته فبدأت انفاسه تتلاشى، فقالت لمار في بسمة ساخرة :
– إذن تستحق الموت…
قالت جملتها وهي تعتدل واقفة وفي لحظة كانت تضغط على الزناد تطلق عليه رصاصة، فسكن جسده تمامًا، لذا همست ( لمار) لنفسها :
– إذن ستعرف الآن مع من تلعب يا سيد جومالي.
إرتسم على ثغرها بسمة ماكرة وهي تتجه لتفتح الباب وتخرج لتقابل جومالي في وجهها، فشكرته في أمتنان مصتنع ثم قالت :
– يجب أن ارحل الآن يا سيد جومالي.. تشرفت بمعرفتك يا رجل.
رفعت سبابتها مشيرة له في تحذير :
– جثة ماهر بالداخل لا تنس أن تدفنها جيدًا فاكرام الميت دفنه.
اومأ جومالي قائلًا في ثقة :
– بالطبع سيدتي، ولكن لماذا العجل في السفر فلتبقي في ضيافتنا لعدة ايام آخرى.
نفت ( لمار ) شاكرة :
— لا لدي مشاغل في القاهرة هذا يكفي، شكرًا لمساعدتي.
تبسم جومالي في بساطة، وقال بنبرة بها رنة الأنبهار :
– على الرحب والسعة سيدة لمار، أنا لن أنسى امرأة شجاعة مثلك لن تتكرر.
ردت لمار في ثقة واعين تبرق :
– بالطبع، اعدك أنك لن تنساني ما دمت حيًا.
ثم ودعته ورحلت مغادرة المكان أجمعه في ثقة تُحسد عليها وبسمةٌ خبيثة، تنهد ( جومالي) في أرتياح وبسمة مظفرة وفتح الباب فما كاد بدفعه للخلف حتى دوى أنفجار دفعه للخلف ليرتطم أرضًا ناسفًا نصف الغرفة أخذًا معه نصف وجهه صرخ صرخةً مدوية رجت المنزل رجًا، صوت الأنفجار آتى على آثره كل الرجال ركضًا.
يليها صوت أبواق سيارات الشرطة…..

🌜اللهم توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين 🌜

بعد عدت أشهر، ربما مرت أو ربما لم تمر، فهي نعم تمر لكنها تكُن ثقيلة على قلوب في غمرة الأحزان، تمر .. ولا الجروح تبرأ .. ولا ألم يزول .. ولا الكسر يجبر .. ولا حرقة القلب تنطفئ ولا العيون تكتحل بنوم ولا ترقأ من دمع، فتح ( هيثم) باب غرفة ( عائشة) بعد نقرة بسيطة على الباب وطل برأسه في ابتسامة مرحة ذادته وسامة وردد في مرح صفي محب :
– أخبار مريضتنا اي؟
تبسمت ( عائشة) وهي تلتفت إليه تحيد ببصرها عبر النافذة وتعتدل جالسة، وقالت :
– بخير يا دكتور الحمد لله.
وسئلت في لهفة :
– هي خديجة لسه مجتش؟
نفى ( هيثم) وهو يجذب مقعد وجلس على مقربه منها :
– لأ لسه… غالبًا عندها امتحان انهاردة .. فمؤكد هتتاخر.
وأستطرد في اهتمام :
– طمنيني عنك عاملة ايه؟
عادت (عائشة) ببصرها نحو النافذة، وقالت :
– بخير…
عادت شاردة مرة أخرى، ترفع ساقيها تحاوطهما بكفيها تسند رأسها على ركبتيها إلى جانب اليسار وراحت تتابع بعينيها دون شغف العالم في الخارج، فـ تنهد الطبيب وقال في خفة :
– ايه رأيك ننزل الجنينة تحت؟
ردت نافية دون أدنى حركة :
– لأ.
هتف ( هيثم) يُرغبها في النزول:
– الجو انهارده حلو جدًا والشمس مشرقة والقعدة فيها جميلة خاصةً وسط الورد.
ثُم أردف هامسًا في نفسه :
– وانا ناقصني وردتي يا وردتي.
تنحنح مغمغمًا ليستعيد جديته، وقال :
– يلا ننزل دا جزء من العلاج يلا بينا.
تأففت بضيق وهي تنظر له بحنق قبل ان تعتدل في مجلسها وتتخطاه للخارج وهي ترغي وتذبد بصورة جعلته يضحك بصوتًا مكتوم، وتبعها وهو يتذكر أيام مجيئها الأولى كيف كانت تضربه حتى سببت له جراح عده في جسده من الأشيئا التي كانت تُلقى إليه فيتفادي بعضها والآخُرى تُصيبه.
سار بجوارها في الحديقة عاقدًا كفيه خلف ظهره مستمتعًا بهذه اللحظة التي لن تتكرر، فما ندري متى يزورنا الفرح او يتذكرنا.
راحت تتأمل الورود وهي تسير على العشب الأخضر، وأخذها تفكيره لغمرة الأحزان فـ خُيل إليها صغِريها يلهون حولها، وزين بجلس فاردًا ساقيه متكئًا للخلف بكفيه، غزا الحنين مهجتها بشدة، وفاض قلبها شوقًا، يا ليتها تستطيع أن تداوي ندوبها بفيض هواهم.
جرحها ما زال داميًا لم يبرأ…. ولن يبرأ..
أخترق شرودها المتواتر صوت ( هيثم) مناديًا :
– عائشة .. روحتي فين؟
هتفت بتلقائية مطلقة، بثغر يتلألأ ببسمةٌ مشرقة نادرًا ما تُشرق :
– عند العيال…
تلاشت بسمتها وهي تختلس النظر له كأنها تتذكر واقعها الذي تناسته لدقائق، تنهد ( هيثم) وأشار لها على مقعد قريبًا منهما :
– تعالي نقعد.
سارت دون ان تنبس حتى جلست وجلس بجوارها وساد الصمت قاطعه هو في مرح :
– ما أروع النهار.
لم تجبه ولم تبد انها استمعت إليه، فمال إليها هامسًا بصدق :
– اتكلمي باللي في قلبك يا عائشة، الكلام بيهون احيانًا، شاركيني وجعك.
لم يتلق اي ردة فعل غير شرودها الطاغي، فقال في محبة خالصة:
– عائشة لازم تفوقي لنفسك عيشي حياتك أنتِ لسه عندك بنوته زي القمر محتجالك وناس كتير محتجالك….
قال آخر عبارته بحالمية، وتنهد مجددًا وأردف:
– متعتبرنيش الطبيب المعالج اعتبريني صديق مستعد يشاركك احزانك قبل أفراحك ويحتوي وجعك بكل رحابة صدر…..
قاطعته قائلة ونظرها معلق بالفراغ:
– مش مصدقة انهم راحوا، بطريقة كل ما افتكرتها توجع قلبي وتموته، حاسة اني لما اخرج من هنا وارجع البيت هلاقيهم مستنيني، ويعاتبوني عشان بعدت.
شهقت دون بكاء، وقالت بصوت متهدج من الألم :
– مش مصدقة اني قتلت انسان.
ترقرق الدمع بعينيه ولكنه أبى أن يراهم أحد فاقحمهم في مهدهم مجددًا، وتنهد في وجع قائلًا في هدوء:
– دي حاجة غصب عنك يا عائشة، مكنتيش في وعيك، دي حاجة لا تُحاسبي عليها، أنتِ مقتلتيش عمدًا عن سبق إصرار وترصد، عقلك كان مغيب.
وأكمل مستطردًا في صدق:
– عيالك وزوجك شهداء في الجنه يا عائشة من مات محروقًا مات شهيدًا عسى يكونوا شفعاء لكِ يوم القيامة أبشري دي حاجة تفرح…
سكت لـ هنيهة وأستأنف في راحة :
– الفراق صعب أنا عارف ومفيش اصعب منه وخاصةً الموت لأننا بنبقى متأكدين اننا مش هنشوفهم تاني، بس كمان اللي بيصبر قلوبنا أنهم عند الأحن مننا كُلنا ( الحنان) ربنا رحيم اوي بينا بيختبرنا ومن حمد وشكر ذاده قولي الحمد لله وكوني راضية النفس الأرواح امانة ربنا متغلاش عليه، عيالك في الجنه، ويا لها من فرحة دي جنة يا عائشة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
بكت عائشة في صمت ولهج لسانها بالحمد قبل أن تقول بصوت متعثر باكي مرتجف :
– كان نفسي حتى يكون ليهم قبر متى وحشوني أزورهم وأروح اقعد معاهم واحكي واشكي، كان نفسي…..
اختلج صوتها بالبكاء فـ دفنت وجهها بكفيها فتنهد هو في وجع واعتصر ألم قلبه بداخله وهو يقول في مرح:
– البت خديجة مجتش ليه؟ تصدقي البت دي بحبها كدا لله في لله من الناس اللي متتكررش ومش هننسى ان لولاها مكنتيش تختطيتي مرحلتك دي
ضحكت عائشة بخفوت ضحكة لم تصل لـ عيناها، وقالت:
– فعلاً خديجة نسمة من الهواء تتحط على الجرح يطيب…
– علمتني معلومة مهمة ان اي حاجة بتتعالج بالقرآن، لأن القرآن دواء لأي مرض جسدي او روحي او نفسي حتى، ربنا يحفظها.
اطلق ضحكة فجأة عالية مزلزلة لتلتفت له في دهشة متعجبة فقال وهو غير قادر على كبح ضحكته :
– في بداية الأيام لما دخلت عندك وبقيتي تصرخي وترمي عليَّ كل ما تمسكه ايدك وفجأة لقيت صوت خديجة جاي كدا من الخلف بيصيح في عيال اخوتك يعضوني…..
شاركته هذه المرة عائشة الضحك وهي تتذكر الموقف ولم تخف عليها ضحكته الساحرة التي ظلت تتابعها في شرود غير متوقع.

🌹 اللهم خفف عني سكرات الموت 🌹

استلقى إلى الفراش مشبكًا كفيه أسفل رأسه شاردًا في معتوهته، بسمةٌ مشتاقة مظفرة طافت على شفتاه، مرتاح النفس والقلب عما فعله فيها، حتى لا تكرر فعلتها، سيعلمها من اول وجديد كيف تثق به ثقةٌ عمياء لا يشوبها شائبة، ضحك بإنطلاق وهو يعتدل جالسًا حتى أدمعت عينيه، وخطفته ذكرى سعيدة منذُ أسبوعان بعد تعمده الأختفاء عنها تمامًا لأشهر، أما طفليه فكان يحادثهم خلسة عند أخيها في الهاتف، تذكر حفل ( توقيع روايتها) بهذا اليوم بالتحديد تعمد الظهور، وللحق كان يود أن يشاركها فرحتها بكتابها .. كتابها الذي كان له فترة لا تكترث به في خضم أحزانها، ورآها بين حشدٌ من الناس تتجمع حولها فتبسم وتبسمت عيناه وقلبه .. بسمةٌ مشتاقة تفيضُ بالحنين، و وقف على بُعد حتى لا تبصره يتأملها في شغف واضعًا كفيه في جيبي بنطاله، كانت باهته بدا الحزن جليًا على ملامحها، هُزل جسدها للغاية كأنها لم تعد هي… التهمها الحزن التهامًا فلم يتبقَ منها ألا فُتَات حطام، ترقرق الدمع في عينيه بغتةٌ بين أجفانه اللذان أسبلهما سريعًا ليخمد عبراته قبل عبورها إلى وجنتاه.
تعلقت في لحظة انظارهم لا يدر كيف أبصرته فـ نهضت على الفور هاتفة في أسمه بـ لوعة وهي على وشك البكاء، فـ أسرع هو هربًا من المكان أجمعه، دفعت الناس في طريقها بعينين تبحثان عنه في لهفة وقلبٌ موثوب، تلفتت حولها كالمجنونة تنادي بأسمه، حتى أقبل ( ياسين) ركضًا إليها ممسكًا بكتفيها، يتساءل في قلق:
– في اي اهدي.. الناس بتبص علينا.
هزت رأسها وهي تجيب ورأسها يدور بحثًا :
– حذيفة يا ياسين .. حذيفة كان هنا.
ترك كتفيها وهو يعقد حاجبيه متسائلًا :
– كان هنا؟ أنتِ متأكدة.
ألقت نفسها بين كفيه ليستقبلها بحنوٍ صادق وهو يربت على ظهرها مهونًا، كان يدرك انها تبكي حتى لو كان الف نقاب يواري وجهها، بكت على صدره بصوتًا مكتوم، حتى انتفضت بغتة مبتعدة تهتف في لهفة :
– حذيفة أكيد في الشركة أنا لازم أروح.
قال ياسين مستنكرًا برفع حاجب :
– نعم ياختي؟ والناس دي؟
هزت كتفيها باللامبالاة، هاتفة ببساطة :
– تتعوض.
تركته واقفًا مزهولًا وهي تحث الخطى إلى السيارة، مغمغمة :
– يلا يا ياسين اخلص مفيش وقت.
كاد ان يلطم او يُصاب بالجنون لكنه لم يجد بُدًا من أن يأخذها، فأستدار إلى السيارة متذمرًا وهو يسب حذيفة في نفسه…
أثقلها الكتمان فـ قالت دون أن تلتفت إليه :
– في رأيك ممكن يسامحني.
قالتها، وتجمعت العبرات بعينيها، فتبسم لها ياسين عبر مرآة السيارة قائلًا في ثقة:
– هيسامحك اصلًا حذيفة عمره ما بيشيل منك، وبعدين دا طلقك وردك في ذات اليوم كأنه نسى فجأة.
قالها، بفمٌ متبرم هازيئ، فـ همست لتأكد لقلبها :
– متأكد.
اومأ ياسين لها بعينية في حنان مردفًا في مرح :
– متأكد طبعًا، وحتى يا ستي لو عمل نفسه زعلان كتير، هخطفهولك وهبجهولك اهم حاجة ولا تزعلي انتِ.
ضحكت بخفة مرددة :
– تخطفه مرة وحده.
– امال في حد يقدر يزعل بنت يوسف…
أوقف السيارة أمام الشركة، فترجلت في لهفة تركض للداخل دون إنتظاره، فمط شفتيه في سخط وهو يترجل ليلحق بها شبه راكضًا، فما ان أستدركها حين وقفت بغتة وظلت تميل وهي تنظر لـ حذيفة الذي يقف مع فتاة زميلته يبدوا انه يُراجع ملفٌ ما، فـ أمسك بمرففها كلا تسقط ارضًا قائلًا بضحكة :
– اجمد..
رمقته في مقت، وهي تجز على اسنانها وفي لمح البصر كانت تختفي من أمامه تتحرك في عصبيه تجاه حذيفة الذي تعمد ان يبين لها أنه لم يرآها، فجأة كانت تديره بحدة مردفة بعصبيه وهي تتخصر :
– مين دي يا استاذ حذيفة؟ وبتضحك ليها كمان!
رفع حذيفة حاجباه واخفضهما وبلامبالاة نظر لزميلته متابعًا معها حديثه، فتأججت النيران بعينيها، واحرقتها الغيرة، فدراته مرة اخرى تقول في نبرة ممتزجة بالسخرية :
– مين السنيورة دي كمان؟
رد حذيفة في برود مستفز وهو يميل إلى أذنيها :
– وحدة بخونك معاها، فيكِ تقولي حبيبتي.
من فرط عصبيتها وهي تحدجه في غضب دبت الأرض بقدميها وصاحت فيه في ثقة :
– أنت مستحيل تخوني اصلًا.
تقدم خطوة .. فتراجعت خطوة، فـ أمسك كتفيها هامسًا بخفوت :
– مين قلك اني مخونتكيش.
تطلعت في عينيه وهي تجيب هامسةٌ :
– لأني واثقة من حذيفة.
أنفرجت شفتاه ببسمة ساخرة وتركها فجأة عائدًا لزميلته في حين بقت هي متسمرة مكانها تُعيد ما لُفظت به توًا.
ألتفتت فجأة تبحث عن ياسين الذي جلس واضعًا ساق فوق الاخرى يتابعهما بإستمتاع.
نقلت بصرها إلى حذيفة الذي أشاح بعينيه فورًا عنها…
فاق من شروده على صوت إشعار في هاتفه، فتبسم وهو يلتقطه في خفة وسرعة، وينقر أزراره وكما توقع نشرت منشورًا لتلين قلبه به كحال كل يوم، وراحت عيناه تلتهم أحرف المنشور في شغفٍ.
« وفي نهاية يومي الأليم، وقبل أن اطبق أجفاني غارقة في نومٍ عميق متمنية أن تزورني في حلمٌ ما، أشتقت إليك يا أجمل هداية القدر.»
إلى ابني…….
لم يرتوي قلبه من حروفها فراحت عيناه ترتوي من كلمات قلبها مرارًا وتكرارًا دون كلل او ملل، حتى وصل إليه أشعار رسالة اخرى منها، فتحها سريعًا فكانت.
« أشتاق لبسمة عيناك لتهون الآلام قلبي»
أشتقتُ إليك يا حذيفة، لم اعهدك قاسي القلب، أمات حبي ام هُدم حتى تُعاقبني بما لا أستطع عليه صبرًا، يا خليل تالله أن احزنك قلبي مجددًا، ألن تغفر لقلبٌ يتلوى شوقًا وفقدًا؟
أتسعت ابتسامته أكثر، ولم يتحكم بأنامله التي بدأت تكتب لها:
« والله؟»
بدا له انها لم تخرج من الشات، كأنها قد كانت تشعر انه سيجيب وراها تكتب حتى ظهرت له رسالتها المزهولة:
« اي ده ؟ حذيفة .. أنت رديت يعني انت حذيفة؟)
ضحك بإنطلاق وانامله تنقر كاتبه :
« لا عفريته»
وصل إليه ردًا لم يخطر على باله قط:
« حيوان… بارد معندكش دم»
رمش بعينيه وهو يعيد قرائتها حتى كتب مزهولًا :
« دا أنا.؟ فين أسماء الرقيقة اللي لسانها كان بينقط عسل من شوية»
بعثت له إيموشنات ضاحكة قبل ان يصله :
« دي في المنام يا حبيبي»
نظر بإذراء للرسالة قبل أن يكتب متبرمًا :
– انا غلطان اني رديت اصلًا»
كتبت إليه في لهفة:
« حذيفة استنى متمشيش»
رد في مرح :
« أمشي؟ أنتِ شايفة عفريتي قدامك»
اغمضت عينيها في عصبيه وهي تضرب على لوحة المفاتيح في حدة :
« حذيفة .. امشي من وشي»
ارسل لها إيمشون يلوي فمه مع رسالة مضمونها :
« والله أنتِ اللي بعتي مضربتكش على ايدك»
قراءة رسالتة وكادت تموت غيظًا وهي تعض على شفتيه قبل ان تكتب :
« يا رب تتحرق وأنت قاعد»
رد إليه في برود مستفز :
« أنتِ اللي هتولعي دلوقتي»
انهى رسالته راجعًا بظهره لظهر الفراش ضاحكًا في إنتشاء ومرح..

🥀 يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك 🥀

جفنيها يغشاهما الدمع، لا تدرِ لماذا تشعر بالوحدة منذُ قطعها، وسلم حالتها لطبيبٌ آخر، نعم هي المخطئة تستحق ذلك فهي من قست عليه بالكلمات الجارحة وطردته شر طرده، لكنها تشتاق لا تنكر لكلماته اللطيفة التي تدخل إلى قلبها فترطبه وتنعشه وتملأه أملًا، كان يشاركها احزانها ويفهما دون حديث، كان يعاونها ان تكون بخير، لقد كان ذورق النجاة التي انقذها من هوة الضياع، حسمت أمرها ان تراه الليلة ستخرج من هذه الغرفة وتذهب لمكتبه حتمًا ستتأسف له، سترجوه ان يعود، تود رفيق الحياة بجوارها…
تمتمت وهي تنهض من فوق الفراش :
– انا مش هقعد كدا لازم أشوفه..
تسحبت على اصابع قدميها وفتحت الباب بحذر واخرجت رأسها، وراحت تنظر يمنى ويسر في ترقب، فوجدت الممر خاليًا فتسللت للخارج وهي تغلق الباب ببطئ كلا يصدر صوتًا…
وصعدت الطابق الذي به مكتبه في حذر شديد..
وقفت امام غرفته تفرك كفيها في توتر بالغ وما همت بطرق الباب حتى فُتح وظهر هو متسائلًا بتعجب :
-عائشة ..
وقفت أمامه مطرقة الرأس كـ المذنبة، وران صمت مفأجأ على كليهما، قاطعه هو مرددًا في دهشة :
– عائشة .. أنتِ بتعملي اية هنا ؟
رفعت عينيها إليه وهي تقول في تلعثم :
«أنا .. أنا جاية أشوفك»
مال برأسه ملتفًا يمنى ويسر وهو يشير إليها بالدخول :
« ادخلي»
دلفت واغلق الباب وقال بلهجة جافة:
– ايه جايبك في وقت زي ده ؟ لو حد شافك هيتكلم عنك كلام وحش»
فاضت عيناها بالدمع وهي تنظر له في براءة قائلة وهي على وشك الرحيل:
« كنت هطمن عليك، انا ماشية.»
سد الباب بكفه وقد رق قلبه لدموعها وهمس بـ لين:
« أنا مش بقول كدا عشان تزعلي، بقول كدا بنصحك من خوفي عليكِ»
أبتسمت فـ لمعة عيناه بهجة وتساءل في حنو :
« كنتِ جايه ليه بقا ؟»
لم يعطها الفرصة لتجيب بل تابع بهمسٌ رقيق :
– أفتقدتيني صح؟
اومأت براسها في صدق، وهمست مطرقة في حياء :
– انا أسفة.
– أنا بحبك…

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا بني انا خايفة عليك لتموت 😂😂
الفصل المشؤم خلص بأعجوبة الحمد لله…
وبكدا اقدر اقول أننا هنبدأ من الفصل الجديد الجزء الثالث، اكتموا انفاسكم عشان جاي اكشن مخيف والطيارة هتقع بينا، من الآخر عاوزة أقول كل ده حاجة اما اللي جاي حاجة تانية خالــــــص..
هاااا رأيكـــــــــــــــــــــم..

سؤالنا الديني…
من هي أول امرأة بكر هاجرت ؟

صيام الإثنين غدًا يا أحباب الجنة…

بُشارة فرحة…
أستعدي يا ذات القلبُ الطيب النقي بسعادة تجعلك تُحلقين من شدتها ، بفرحة تُبدد أحزان قلبك كأنها لم تكن ، ببشارة تُنسيكِ مرارةُ الأيام ، بعوض يُذهب عن قلبك هؤلاء الذين خذلوه ، لتعلمي أن الله مَنَّ عليكِ بإبعادهم لأنهم ليس بطيبة قلبك ونقاء روحك ، لتعلمي أن وعد الله حقك وإنه معك لم يُحزنك إلا ليجبرك ويرمرم حطام روحك لتعلمي أن لا باقي ولا أنيس ولا كريم ورحيم وحنان ومنان إلا الله ، لتعلمي أنهم لم يذهبُ إلا ليأتي الأفضل لجمال قلبك ولمن يشبه روحك فـ اضحكي وأشرقي لتُبددي ظلام الحياة التي سادت برداء حالك السواد.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية  كاملة اضغط على : (رواية جحر الشيطان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى