روايات

رواية جبروت الفصل السابع عشر 17 بقلم أسماء أبو شادي

رواية جبروت الفصل السابع عشر 17 بقلم أسماء أبو شادي

رواية جبروت الجزء السابع عشر

رواية جبروت البارت السابع عشر

جبروت
جبروت

رواية جبروت الحلقة السابعة عشر

كــم مــر على الفــراق.. عــام ام عامـيـن او ربما أعــوام كثيرة، الاشــتياق قــد اهلكنـي وكأن مـر دهـر على الفـراق.. محبوبتـي يـا مـن تربعتـي على عرش
قلبـي ملكـة ، وأصبحـت تمتلكيني بـكل جوارحـي أود أن أحدثـك عـن الكثير، عـن ألمـي وعذابي في غيابـك، عـن وحـدتي و نـاري فـوق فراشـنا الخالي مـن رائحتـك ودفئـك.. أريـد أن اشـتكي لكـي مـن فراقنـا والـذي كان رغمـاً عني وعنـك
..ولكـن يـا حبيبتـي انتـي اولا والباقـي ثانيـا.. والان لم يعـد باسـتطاعتي ان اعيـش دونـك ابـدا، أتيـت إليـكي لكـي اعـود بـك وسـوف نبتعـد عـن الجميـع سـوف احميكي مـن كل شـئ وأصبـح أنـا بحياتـك كل شـئ.
هـذا هـو بوسـامته وجاذبيتـه ،، بعيونـه العاشـقة لي ،، بقلبـه الـذي رغـم جفائـه معـي الا انني قـد اشـتقت لـه.. اشـتقت لحنانـه، اشـتقت لهمسـاته، اشـتقت للمسـاته، كـم انـت حبيـب قـاسي جعلتنـي أقـع بغرامـك ومـن ثـم حكمـت عـلـيّ بالهجــر والغربــة، اعطيتنــي حبــاً وحنانــاً ودفء و رويــت قلبــي مــن انهــار عشــقك بالكثير والكثير ولكــن بلحظــة واحــدة سرقت كل شــئ وتركتنــي شريــدة بصحــراء الفراق ،
وقفــت أمامــه لا يفصلهــم عــن بعــض سـوا خطـوة واحـدة تركتهـا هـي ولم تخطُهـا و وقـف هـو غـير قـادر على الحركـة ، صحيـح أن تلـك ليسـت اول مـرة يراهـا مـن بعـد الرحيـل وأنـه قـد اتى عــدة مــرات ســابقة وكان يراقبهــا أثنــاء ذهابهــا إلى العمــل أو الجامعــة كانـت تلـك أصعـب لحظـات يقضيهـا وهـو يراهـا امامـه دون أن يقـدر على الاقـتراب منهـا واعتصارهـا بيـن احضانـه ولكـن هـو يعلـم انـه اذا كان فعلهـا وقتهـا لم يكـن ليتركهـا مـرة أخـرى هنـا ، حتـى وإن اجبرهـا على الرحيـل معـه .
وقفــوا يتبادلــون النظــرات هــي تناظــره بعتــاب وهــو بأعتــذار.. تناظــره بحــزن وألم وهــو يناظرهــا بألم مــن الفــراق..
بدر: وحشتيني ياللي ملكتيني.
ليلـه بدمـوع: وحشـتك؟ بعـد سـنة جـاي تقـول وحشـتك سـنة بحالهـا يـا بـدر؟
بدر بالم: ااااااه يا قلب بدر غصب عني.
ليلـه وقـد تغلفـت نبرتها بالبـكاء: غصـب عنـك ايـه بالظبـط هـا؟ ايـه هـو اللي كان غصـب عنـك؟
بـدر: غصـب عنـي اني ابعـدك عنـي بأيـدي، غصـب عنـي اني أعيـش مـن غـير مـا اسـمع صوتـك ولا اسـمع اسـمي مـن بـين شـفافيك،غصب عنـي فراقـك،
( واضاف ودموع الألم حبيسة في عينيه ) أنـا ماكنتـش عايـش وانتـي بعيـدة انـا كنـت بموت كل لحظـة انتـي فيهـا مـش جنبـي ، كنـت عايـش مـع طفيك واصبـر قلبـي ان البعـد افضـل عشـانك في الوقـت ده.
ليله بألم: ودلوقتي جاي ليه؟
بـدر بتصميـم وقـد أزال دموعـه التـي سـقطت مـن عينيـه: علشـان انهـي البُعـد انتـي اتخرجتـي و زي مـا اتوقعـت منـك انـك قويـة وهتكملـي ، دلوقتي جــه الوقــت عشــان ترجعــي معايــا هنعيــش بعيــد عــن الــكل وهبعــدك عـن أي حـد ممكـن يتسـببلك في حـزن أو وجـع هنعيـش بعيـد مـع بعـض ونبتـدي حياتنـا مـن جديـد و…….
( قاطعـت اسرتسـاله في الحديـث بضحكـة رنانـة لم يفهـم مغزاهـا وقد رجعـت رأسـها إلى الخلـف مـن شـدة ضحكتهـا ) وبعـد دقائـق مـن ضحكهـا وسـط اسـتغرابه نطقـت بسـخرية: يعنـي انـت جـاي بعـد سـنة علشـان تقولي هنعيـش بعيـد؟ جـاي تقـول أنـه كان غصـب عنـك وأنـك بعدتنـي واتخليـت عنـي علشـاني أنـا وعشـان مستقبلي !!!.
( وابتسمت باستهزاء أمام جمود نظراته ) امممـم وأنـا اللي قولـت جـاي ندمـان و هتعتـذر وتطلـب العفـو وتصلـح كل اللي فـات، تـؤ تـؤ تـؤ لسـه سـاذجة زي مـا انـا، نفـس سـاذجتي يـوم مـا اتخيلـت انـك هترفض بعـدي عنـك وتقـف جنبـي وتتحـدى الـكل علشـاني ، جــاي تقولي نرجــع نعيــش ونبعــد و و و ، بــس نســيت في كل ده حاجــة مهمـة اوى، حاجـة اهـم مـن المسـتقبل اللي عايزنـا نبنيـه واهـم مـن الحيـاة اللي هنعيشــها وأهــم منــك أنــت شــخصيا ( وأضافــت بلهجــة قويــة وقــد اختفـت السـخرية ) وهـي عيلتـي يـا ابـن الشرقاوي .
بـدر بعجز : ليلـه افهمـي انـا ماقـدرش اعـصي عيلتـي ولا اغضـب أمـي عليـا، ليلـه احنـا لـو رجعنـا الشرقيـه مـش هتلاقي راحـة ومـش هتتحملي تعيـشي هناك، انتـي ماتعرفيـش ايـه اللي اتغيـر في السـنة دي الوقـت بيمـر والعـداوة بـين العيلتـن بتزيـد وكلـه بيسـتخدم اللي حصـل لصالحـه و…….
قاطعتـه للمـرة الثانيـة بلهجـة جامـدة: مافيش حاجة اتغيرت ،،، عجزك لسه متغيرش ،،، أمشـي يـا ابـن الشرقاوي عرضـك جـه متأخـر أوي، كان ممكـن اقبـل بالحـل ده زمـان ، مـن سـنة لما سـيبت أيـدي رغـم اني مديتهالـك واترجيتـك لكـن أنـت خذلتنـي، أرجـع مطـرح مـا جيـت أنـا مـش هرجـع معـاك، المسـتقبل هبنيـه لوحـدي والحيـاة هعيشـها لوحـدي، وبكـرة ييجـي اليـوم اللي ارجـع فيـه بـس هرجـع لأهلـي و مرفوعـة الـراس كمـان، واقـول للـكل أنـا اهـه ليلـه بنـت سـالم شـاهين اللي اتطـردت مـن بلدهـا و اتنفـت بعيـد عــن أهلهــا رجعــت تــاني ، رجعــت بــس مــش زي مــا مشــيت لاء واحــدة تانيـه خالـص،( واضافت بقوة نابعة من خذلانه لها ) هتـرد الوجـع لـكل اللي وجعوهـا واللي باعوهـا وأولهـم انـت هخليـك ترجعـلي راكـع تتمنـى رضايـا. هرتجعـلي بعـد مـا أحـارب الـكل لوحـدي وانتصـر كمـان، واثبتلـك قـد ايـه انــت ضعيف وعاجز واني اقــوى منــك مليــون مــرة،( وغصبا عنها تشنج صوتها بالألم ) وأنــت هتعيــش تتعــذب في بُعــدي ، انــا هنجــح رغــم غربتــي وأنــت هتفضــل وحيــد وهتدفــع تمــن كل حاجــة لوحــدك، ودا جــزاء ضعفــك وخذلانك ليــا، وأنــا قلبــي اللي حبــك ودق علشـانك وأنـت جرحتـه هداويـه ويمكن بعـد كل ده اقـدر اسـامحك ، يمكن بعــد مــا أقــوي نفـسـي وارد كرامتــي وكرامــة عيلتــي اقدر اعفو عنك ، بـس يـارب تكـون وقتهـا بطلت عجزك و سلبيتك و اتعلمـت الـدرس وبقيـت تسـتاهلني لانك فعلا اثبت بجدارة ان أنــا كتير اوي عليـك، أمـشي و روح لأهلك اللي ماتقـدرش تغضبهـم وتعصاهـم، بـس انـت مـش هتقـدر تتخطـاني ولا هتنسـاني لكـن انـا اقـدر على أي حاجـة لاني ببسـاطة ضمـيري تجاهـك مرتـاح أوي.
( واعطتــه ظهرهــا واوشــكت على الرحيــل ولكــن هــو جذبهــا إليــه مــرة اخــرى ونظــر اليهــا وقــد رأت النــار في عينيــه )
بـدر بانفعـال: لـو مارجعتيـش معايـا دلوقتـي انـا فعلا هسـمع كلام اهـلي وهنفـذ رغبـة أمـي اللي بتقنعنـي بيهـا مـن يـوم مـا انتـي مشـيتي.
ليلـه باسـتهزاء: و يـا تـرى ايـه بقـى رغبتهـا دي انـك ترجعلهـا العبـدة بتاعتها غصـب عنهـا وترميهـا تحـت رجليها ؟
بدر بجمود: لاء اني اتجوز واجيب واحدة مكانك.
ليلـه بنظـرات تحـدي: وأنـت فاكـر انـك هتقـدر تعمـل كـدة فاكـر نفسـك هتقـدر تعيـش مـع واحـدة غـيري .( وأضافـت سـاخرة رغـم التحـدي ) هـه اوعى الغيـاب ينسـيك أنـا ايـه في قلبـك يـا ابـن الشرقاوي.
بدر: ليلة انتي متعرفيش انا اتحملت ايه علشان اجيبك هنا و تكملي دراستك … لأخر مرة يا ليله بقولهالك ارجعي معايا.
ليلـه بـإرادة مـن حديـد: مـش هرجـع وبقولهالـك بكـرة هتنـدم على كلامك دلوقتـي، أمشـي علشـان كلامك مافيـش منـه فايـدة ، وانا اللي بقولهالك لاخر مرة هتندم انت و عيلتك اوي اوي اوي
صُـدم مـن حديثهـا وأسـلوبها ونبرتها ولهجتهـا صدمـه كل شـئ بهـا هـذه ليسـت محبوبتـه أبـدا
قلبــه ٱلمــه وكإن ســكينا بــاردً قــد غُـرز بــه ولكــن تحمــل و أعطاهــا ظهـره و رحـل ، رحـل مـرة اخـرى وتركهـا دون حتـى كلمـة تطيـب خاطرهـا ..
رحـل بـكل بسـاطة أمـام انظارهـا التـي تخلـت عـن الجمـود وارتسـم بهـا الالم مـن جديـد ولكـن هـذه المـرة الالم أشـد ، هـي أرادت أن توجعـه وتخذلـه كما خذلهـا ولكـن بالنهايـه هـو خذلهـا مـن جديـد ، هـو وجعهـا مـن جديـد
ريتال بقلق: ايه مالقيتهاش برة؟
ماريا: لاء مش موجودة خالص، ماردت عليكي برضو؟
ريتـال: لاء اتصلـت كتير مـش بتـرد علشـان كـدة افتكـرت أنهـا هنـا ومـش سـمعاه مـن الزحمـة.
آدم: اهدي يا ري ري مافيش داعي للقلق.
ريتـال: ازاي ماقلقـش كانـت لسـه ادامـي وبتتكلـم مـع نـاس زمايلهـا وفجـأة اختفـت بـدون مـا تقـول اي حاجـة وباتصـل مـش بتـرد ، كل ده ومـش عايـزني أقلق ؟
عـادل ( حبيـب ماريـا ) : فعلا الموضـوع مُقلـق طيـب مـش ممكـن تكـون روحـت على السـكن.
ماريـا بلهجتهـا المصرية ذات اللكنـة المختلفـة في بعـض الحـروف: لاء طبعـا احنــا موجوديــن هنــا كلنــا علشان نحتفل ، ازاي هتــروح الســكن وبــدون ماتقولنــا.
آدم بتفكـيـر: ممكــن تكــون حصلــت حاجــة ضايقتهــا ( ثــم نظــر بيــأس إلى ريتـال التـي مازالـت تمسك هاتفهـا وتضعـه على اذنهـا ) يـا بنتـي بطلي تتصـلي طالمـا هـي مـش بـرد.
ريتال: انا بتصل على مشرفة السكن هشوف هي وصلت هناك ولا لاء .
دخلــت ريتــال سريعا إلى الغرفــة وماريــا خلفهــا، وجدوهــا تجلــس فــوق الفـراش بجمـود تضـم ركبتيهـا إلى صدرهـا وتلـف ذراعيهـا حولهـم وتنظـر إلى الفـراغ .
عندمـا شـعرت بدخولهـم رفعـت نظرهـا إليهـم و اسـتقرت نظراتهـا على عيون ريتـال تنظـر اليهـا بنظـرة تشـكي بهـا ألما لا تسـتطيع النطـق بـه ، اقتربت منهــا ريتــال سريعا وجذبتهــا إلى احضانهــا بقــوة وعندهــا فقــط بكــت ، بــل انهــا انهــارت بالبــكاء وكأنهــا لم تقـضـي العــام الماضي ودموعهــا تنـزل بصمـت وكأن هنـاك مخـزون زائـد لديهـا مـن الدمـوع أرادت أن تفرغه بأحضــان صديقتهــا وكانــت تلــك الاحضــان على اتــم اســتعداد لاستقبال دموعهــا واحتــواء حزنهــا والامهــا.. لم تســألها لمـاذا تبــكي ولم تطلــب منهــا تفسيـر بـل تركتهـا تبـكي كمـا تشـاء..
وبعـد قليـل هـدأت مـن نوبـة البـكاء وقصـت لهـم مـا حـدث بالتفصيـل حتـى عودتهـا إلى السـكن بعـد أن شـعرت أنهـا بحاجـة للاختلاء بنفسـها..
ريتــال: انتــي ماغلطتيــش واتصرفتي صــح ، دي اول خطــوة في طريقــك، و دلوقتـي خـلاص دي اخـر مـرة هتبـكي فيهـا ، لازم تبتـدي تنفـذي كل الكلام اللي قولتيلـه عليـه.
ليلـه ببـكاء: كان نفـسي يعتـذر ويقولي خـلاص هرجعـك لأهلك ، كان نفسي يقف جنبـي ويكون ندمـان أنـه أتخلـى عني.
ريتـال وهـي تملس فـوق شـعرها بحنـان: بعـض الاحلام لا تتحقـق صغيرتي لا تضعـي آمالـك في مـن لا يسـتحق حتـى لا يكـون مصيرهـا الخذلان.
ماريا: معك كل الحق تالا.
ليلـه بنظـرات تصميـم: الان أتى وقـت البنـاء والعمـل وانتهـى وقـت البـكاء على الأطلال.
ماريــا بحــماس: لا الان علينــا الاحتفــال فقــد نجحنــا بتفــوق ونســتحق أن نكافــئ أنفســنا باحتفــال صغيــر.
هـذه هـي فائـدة الاصدقـاء بالحيـاة. وكيف يكـون الصديـق صديـق أن لم يسـاندك بوقـت الضيـق
في محافظة الشرقية:
عـاد إلى البلـد بقلـب خائـب رجـاه، فـكل رجائـه كان ان تعـود معه ويعيشـوا حيــاة هادئــة بعيــدا عــن كل شــئ يحــدث حتــى انــه كان يجهــز كل شــئ بالقاهــرة لكي يستقروا هنــاك بســلام، ولكــن تأتي الريــاح بما لا تشــتهي الســفُن فهــو قــد فكــر و خطــط دون ان يحســب حســاب لتلــك التــي تــم نفيهـا بعيـدا وكأنـه اعتـاد على معاملتها كالشـاه..
ابتعدي عن اهلك فتبتعد ..
ارحلي وأغتربي فتغترب ..
وظـن أنـه عندمـا يأمرهـا بالعـودة سـوف تعـود معـه بتلـك البسـاطة ،،، يالـك مــن ســاذج أيهــا العاشــق الضعيف ، دخــل إلى منزلــه ومــا زالــت كلماتهــا تـتـردد داخلــه، رأى والدتــه تجلــس بردهــة المنــزل مــع شــقيقتها وكالعـادة عندمـا يغيـب عـن المنـزل تسـتقبله باشـتياق ثـم تعـود إلى نظراتهـا العاتبــة واللائمة لأنـه لا ينفــذ رغبتهــا.. اقـتـرب منهــا ومــال على يديهــا ليقبلهــا ثــم نظــر إليهــا بجمــود: اختــاري العروســة اللي تعجبــك يــا امــي وأنــا هرضيــكي وانفــذ رغبتــك.
والدته بلهفة: بتتكلم جد يا بدر؟
صفيــة بفرحــة: طبعــا بيتكلــم جــد وهــو الكلام ده فيــه هــزار لولولولولولولولولــولولي .
اكمل غبائه في قرار سوف يدفع ثمنه بأغلى ما لديه: بــس يكــون فعلمــك يــا امــي مــش هعمــل فــرح إذا اللي هتختاريهــا قبلــت بكــدة تمام هكتــب كتــابي عليهــا و أجيبهــا فأيــدي ، مقبلتش خلاص
صفية: و ده اسمه كلام ده؟
أم بدر بهدوء: خلاص يا صفية اللي يريحه هنعمله.
دائما مـا يلجـأ الضعفـاء إلى القـرارات المتهـورة والتـي لا يقـدرون على تحمـل نتائجها..
وقـع عليهـا هـي الاختيـار.. هـي مـن وسـط فتايـات القريـة، تـم اختيارهـا
بنـاءً على مصالـح شـخصية وعائليـة، وأيضـا هنـاك مصالـح خبيثـة ومكائـد نسـائية ذات كيـد عظيـم، والكارثـة أنهـا لم تعـترض، صحيـح أنهـا حتـى لـو كانـت أعترضت لم يكـن أحـدا ليقبـل باعتراضها ولكـن حتـى مجـرد المحاولـة لكـي تـرضي ضمريهـا أمـام نفسـها وامـام اللـه بأنهـا لم تكـن تريـد أن تخـرب حيــاة ابنــة عمهــا والتــي بمثابة شــقيقتها، ولكــن هــي ســمحت لهــم بــأن يسـوقوها كالشـاه لتسـرق حيـاة ليسـت حياتهـا وتأخـذ مكانـة هـي ملـك لغيرهـا دون أن تعتـرض أو تقـول كلمـة واحـدة، بـل رضخـت للأمـر بسـهولة وتعاملـت ببسـاطة حتـى لم تعـترض على الغـاء حفـل الزفـاف وحرمانهـا مـن حـق الاحتفـال ولـو حفـلا بسـيط وليـس كمثـل ليلـه، ولكـن هـي ارتضـت بالفُتات وبحيـاة لا مـكان لهـا فيهـا فلما الاعـتراض الان..
تـم الامـر بنجـاح وفي وقـت قياسي كما خططـت والدتـه، فهـي أرادت أن تزوجـه مـن دعـاء ابنـة عبـد المجيـد شـاهين شـقيق سـالم شـاهين الاكبـر ذلـك الـذي وافـق على نفـي ابنـة اخيـه ، ذلـك العـم الـذي لم يقـوم ابـدا بـدوره بـل صَدق على كل شـئ ببسـاطة، وكأن الامـر لا يخصـه وهـي ليسـت منـهُ ، دمائهـا مـن دمائـه، وبـكل خسـة و ندالـه راح يقـدم لهـم ابنتـه قربـان لكـي يرضـوا عنـه وتعـود علاقتهم كما الســابق وتجارتهــم ومصالحهــم الشــخصية، لم يهتــم بشــعور اخيـه أبـدا وحتـى لم يهتـم لعـدم حضـوره تلـك المناسـبة هـو وزوجتـه، ولم يهتــم لولــد أخيــه المريــض وحالتــه لا تتحســن ابــدا بــل تــزداد ســوء مــع مـرور الايـام.
في منزل سالم شاهين
دخـل إلى الغرفـة ليجـد زوجتـه جالسـة فـوق سـجادة الصلاة تبـكي بحرقـة وهــي رافعــة يدهــا إلى اللــه، عندمــا شــعرت بوجــوده أزالــت دموعهــا وحاولــت إخفــاء بكائهــا فجلــس هــو بجوارهــا وجذبهــا إلى احضانــه وضــم رأسـها إلى صـدره..
سالم وهو يُربت فوق ظهرها: بعد العسر يسر يا خديجة.
خديجـة بتماسك مـن اجـل زوجهـا: ونعـم باللـه يـا حـاج أنـا مـش بعيـط على حاجـة انـا متأكـدة أن ده اختبـار لينـا مـن ربنـا أنـا بـس بدعيـه يخفـف عننـا ويستـرها مـع بنتـي ويشـفي ابنـي.
سالم: اصبري وما صبرك الا بالله يا ام مروان.
خديجـة: أنـا صابـرة و ربنـا شـاهد، بـس اللي جارحنـي أوي ومحزني أن اللي مننـا اتخلـوا عننـا و بيجرحـوا فينـا، يعنـي ياريتهـم بـس ماوقفـوش جنبنـا، لاء دا كـان وقفـوا ضدنـا وقفـوا مـع الظلـم والظالمين وبيشـمتوا فينـا وفي مـرض ابننـا و غربـة بنتنـا.
رد عليها بألم : احتسـبي كل ده عنـد ربنـا يـا خديجـة اصبـري واحتسـبي واللي عنـد ربنـا مابيروحش، زرعناهـم خـير و ربينـا بالحـلال و كبرناهم على الأخلاق و عملنـا اللي ربنـا أمرنـا بيـه وعمرنـا مـا اذينـا حـد، و ربنـا مطلـع وشـاهد علينـا واحنـا سـلمنا امرنـا لـه وكل اللي عنـد ربنـا خيـر.
خديجة: ونعم بالله لا إله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين .
سالم: أيوة عليكي بالدعاء وأن شاء الله فرجه قريب.
خديجـة: ان شـاء اللـه ، بـس اللي تاعـب قلبـي خـوفي على ليلـه، كل يـوم ببقـى معشـمة نفسـي أنهـا هتتصـل واسـمع صوتهـا، اطمـن عليهـا حتـى.
سـالم بنبرة حـاول الا يفضـح بهـا مـا بداخلـه: احنـا ربينـا كويـس، و زرعنـا خيــر واللي بيــزرع خـيـر مابيحصــدش شر ، ادعيلهــا و اصـبـري، لســه قايلــك فرجـه قريـب.
خديجة: ان شاء الله هقوم احضرلك الغدا.
سالم: مروان أخد علاجه.
ردت عليـه بحـزن على حـال ولدهـا: أكلتـه حاجـات بسـيطة على قـد مـا قـدرت وعطيتلـه العـلاج.
سالم: طيب جهزي الغدا على ما اغير هدومي واروح اشوفه.
خديجة: حاضر.
دخــل إلى غرفــة ولــده أو بمعنى أدق الغرفــة التــي أصبــح يعيــش بهــا في
الـدور الاول بحيـث عندمـا كان لا يسـتطيع الحركـة ابـدا لم يكـن ليقـدر على
صعـود وهبـوط الـدرج وإلى الان هـو لا يتحـرك بشـكل سـليم ويعتمـد على تلــك العصــا المعدنيــة ويتعكــز عليهــا، كما انــه صامــت طــوال الوقــت ولا يتخلى عـن صمتـه أبـدا الا مـرات معـدودة منـذ عـام كامل ، اقـترب منـه بخطـوات هادئـة وقـد وجـده يجلـس وينظـر إلى الفـراغ كعادتـه.. (شـعره قـد اسـتطال حتى آخـر رقبتـه و ايضـا ذقنـه التـي اسـتطالت كثيرا، فوالـده مـن يقـوم بتهذيب ذقنـه وقـص شـعره، فقـد حذرهـم الطبيـب النفسـي بأبعـاد اي شـئ قـد يسـتخدمه في إيـذاء نفسـه لذلـك يقـوم والـده بتلـك المهمـة دائما ، ولكـن ذلـك يعتمـد على تقبـل مـروان للفكـرة فإنـه ببعـض الاحيـان يعـترض
اعتـراض صامـت ) .
جلــس بجــواره قليــلا دون أن يتحــدث فهــو يعلــم أنــه لــن يــرد على اي شـئ وحتـى لـن ينظـر إليـه فهـو يعلـم جيـدا أن ابنـه يُحمـل نفسـه ذنـب مـا حــدث مــع زوجتــه وشــقيقته أيضــا، يعلـم اللــه كـم حـاول أن يحدثــه بـأن تلـك مشـيئة اللـه وهـذه اقدارهـم، ولكنـه في عـالم اخـر لا يسـتمع ولا ينصـت اعتمـد في ذلـك العـالم على جلـد الـذات ومعاقبتهـا على شـئ ليـس لـه يد فيه .. وضـع يديـه فـوق رأسـه وتمتم ببعـض الادعيـة ثـم خـرج مـن الغرفـة
@@@@@@@@@@@@@

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جبروت)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى