روايات

رواية تمرد عاشق الجزء الثاني الفصل الرابع عشر 14 بقلم سيلا وليد

رواية تمرد عاشق الجزء الثاني الفصل الرابع عشر 14 بقلم سيلا وليد

رواية تمرد عاشق الجزء الثاني الجزء الرابع عشر

رواية تمرد عاشق الجزء الثاني البارت الرابع عشر

رواية تمرد عاشق الجزء الثاني الحلقة الرابعة عشر

لم تكُن رغبتي يومًا أن تُبادلني ما أعطيك، كانت كُلّ رغبتي أن ترى ما كُنتُ أفعلهُ لأجلك، عن كُلّ لحظة أردتُ أن أشعرك بها أنّي لطالما كُنتُ هُنا وأنت تنظُر إليهم، عن كُلّ مرّة ألقيتَ بها كلماتك الجارحة واخترتُ الصّبر تجنُّبا للمشاكل حتّى لا أخسرك، كانت كُلّ رغبتي أن ترى كم كُنت أحبّك، لكنّك لا ترى
في منتصف نهار قارس البرودة من ايام شهر يناير الملبدة بالغيوم… جالسة أمام النافذة تنظر لتساقط الأمطار.. سكنت لبرهة تمسح تلك العبرة التي انسدلت على وجنتيها تذكرت ذاك اليوم
– متفتكرش إني سامحتك ياعز… لا أنا وقفت جنبك في وقت ضعفك… أصل ابويا علمني نساعد الضعيف
انكمشت ملامح وجهه وكأنها صفعته بقسوة… لقد اصابته بخنجر بارد وخز قلبه بعنف… كسا الوجوم ملامحه بالكامل
وصدمته.. للحظة ظل يناظرها لأول مرة يشعر بقهره منها.. وقد كان داعمها الأول
تراجع للخلف ينظر لجاسر بصمته المميت من كلمات إخته القاسية
اتجه مغادرا دون حديث… ركض سريعا للخارج وكأنه يخطو فوق أشلاء قلبه التي مزقتها بعنف…
نظر إليها جاسر بآسى وأردف حزين
– ليه كدا… ليه الكسرة دي… أقترب ينظر بغضب…وأكمل ماشق قلبها
– أنا لو مكانه بعض كلامك دا… لو روحي فيكي مستحيل أسامحك
تحرك للأعلى
– ربنا يسامحك يارُبى على كسرة قلبه دي
ضربت أقدامها بالأرض وصرخت به
– وهو مكسرنيش ياجاسر.. تحركت خلفه وبدا غضبها يسيطر عليها… امسكته من ذراعيها وأوقفته:
– تعرف أنا عاملة زي المدبوحة… مش عارفة أتعافى لحد دلوقتي ياجاسر
ضم وجهها بين راحتيها
– يعني حاسة بمعنى الكسرة يارُبى.. ليه تحسسيه بالوجع اللي حستيه. للأسف يارُبى إنتِ محبتهوش… لأن اللي يحب مبخليش حبيبه يتألم.. للأسف إنتِ دبحتيه بكلامك يابنت أمي وابويا…
صعد جاسر لغرفته وهو يكاد يخنتق من حجم الألم الذي يحاوط أفراد عائلته من كل جانب
تفشى الخوف بأوردتها حتى صار جسدها يرتجف وفكرة إبعاده عنها تقبض صدرها بقوة
جلست بمنتصف الدرج وقلبها يشتعل نيران عليه… نعم لقد أحرقته كما احرق قلبها أضعاف… هي تعلم إنه فعل ذلك ليس إلا خوفا عليها.. ولكن كيف لها أن تشق قلبه كهذا… انهمرت عبراتها بغزارة على وجنتيها كلما تذكرت حديثها القاسي
رددت بشفتين مرتعشتين
“عز مقدرش أعيش من غيرك”
قالتها بقلب مفجوع من فكرة فقدانه
دلف جواد وهو يحاوط خصر غزل… تسّمر كلا منهما عندما وجدوها بتلك الحالة
أسرع إليها أبيها
– روبي مالك ياقلبي… قاعدة كدا ليه وبتعيطي…
كانت تحاول إعادة تنظيم أنفاسها ودقات قلبها الضعيفة من شدة مايؤلمه
هزت رأسها وتوقفت
– لا يابابي كنت زهقانة فقولت استناكم هنا
ضيق جواد عيناه وتسائل
– تستنينا وإنتِ قاعدة على السلم وبتعيطي كمان
صعدت متجهة لغرفتها
– والله يابابا كنت مضايقة شوية… أنا كويسة… والحمد لله انكم جيتوا… قالتها وصعدت سريعا لغرفتها
خطت غزل إلى أن وصلت إليه
– هروح أشوف مالها… أمسك يديها
– اطلعي أرتاحي وأنا هطمن عليها حبيبي
تحركت صاعدة درجات السلم مردفة
– لا هشوفها الأول باجواد… متخفش أنا كويسة
كان يراقب تخبطها وتبادلها الواهن بعينان حزينة لا يعلم كيف ينسيها ما مرت به اليوم
اتجه لسيارته وخرج سريعا من المنزل متجها لمكانا واحد الذي يوجد ما يريح قلبه
دلف اليهم وعيناها ينطلق منها غضب جحيمي.. جلس على المقعد امام منال تلك المرة وهو ينفث دخانه بوجهها وتحدث بصوتا كحفيح أفعى
– دولقتي بعد ماخسرتي كل حاجة… جوزك اللي اتحكم عليه مؤبد… وابنك اللي بجرايمه اتهلك زي ابوه لكن بلا رجعة
ثم حاوطها بنظرات جحيمية ودّ ان يهلكها بإحراق تاما
– مفيش حد صعبان عليا غير بنتك الصراحة متستهلش اللي هي فيه… لكن نعمل إيه حكمة ربنا محدش بيختار أهله
فبالرغم إنه قد عزم على دفنهم أحياء ولكن لم يستطع فعل ذلك
أدار مقعده وجلس مخالفا عليه وهو ينظر إليها بجمود
– الراجل اللي بعتيله بنتي إسمه طارق عزيز… اتجه بأنظاره إلى عمته المنكمشة بجوار إبنتها
– مين اللي سلّم البنت للراجل دا
هزت أمل رأسها واردفت
– إحنا منعرفش الراجل اللي بتقول عليه
نهض يتحرك ذهابا وإيابا وهو يضع يديه على ذقنه بتكفير
– عندي عرض كويس ليكم
وزع نظراته بينهم ثم تحدث
– أعرف الراجل او الست اللي سلمتوله البنت وهخليكم عايشين
ضحكت بسخرية منال
– بتحلم ياابن الألفي… انا فرحانة فيك وإنت ضعيف كدا… وهتموت وتعرف حاجة عن بنتك… بصلي ياجواد وانت تعرف كم الحقد اللي في قلبي منك
لو تعلم كم شعرته بآلامه وشعور بداخله كسكين باتر دبح قلبه ببطئ… أغمض عيناه وقبض على يديه حتى يخرج غضبه ولا يؤدي بها إلى الجحيم…
إقترب بهدوء مميت إليها وفجأة وضع سيجاره الذي بيديه على خديها
– لتصرخ من لهيب… رغم إنها ليس بقوة لهيب صدره… نظر إليها بعيونا حمراء من ينظر إليه يتأكد من انه ماردا سيحرق من يقف أمامه
أمسك بذاك الصاعق الكهربائي الذي احضره ولكن لذاك اليوم لم يستعمله
وضعه فوق رأسها ونظر إليها لاغيا قلبه وعقله بل اجهزة تحكمه بالكامل… لم يرى سوى إنهيار زوجته اليوم..
صرخت أشجان وامل وارتعبت كلتاهما من وجهه جواد الذي لايُفسر سوى بشيطان فقط
نظرت امل إليه وهي تبكي عله يرأف بتلك السيدة العجوز وتحدثت
– جواد بالله عليك سبها… إحنا منعرفش مين اللي بتتكلم عنه
وصل إليها بخطوة واحدة ثم ارتطم رأسها بقوة بالحائط مما ادى إلى فقدانها الوعي
بصق عليهم وتحرك بعدما فصل ذاك التيار الكهربي وأشار بيديه
– اللي رحمكم مني لحد دلوقتي.. اوصل لبنتي بس… وبعد لكل حدث حديث ياأشجان خانو… نظر إلى منال التي انكمشت ترتعش مما أحسها به
– دي قرصة بسيطة بس… اتجه بنظره لتلك الأساور الحديدية المكبلين بها من ايديهم وارجلهم… هز رأسه واردف
– خليكم كدا زي الحيوانات… رغم اني ظلمت الحيوانات والله… بصق مرة اخرى الحيوانات تتعاشر عنكم
صرخت أشجان واردفت بقهر
– جواد حبيبي فكنا ومش عايزين حاجة تانية.. نفسي أفرد جسمي وأنام يابني… بالله عليك وحياة رحمة ابوك
– “اخرصي “صاح بها بصوتا جهوري… اقترب والشرر يتقاذف من عينيه
– هو انت تعرفي ربنا علشان تذكريه… قبض على ذقنها بقوة شعرت من خلالها بتكسر فكيها من ضغطته
اقترب وبصوتا جحيمي
– أسم ابويا تاني مايجيش على لسانك الحقير دا
دفعها بقوة حتى سقطت بالمقعد على الأرضية… نظر بمقت وتركها كما هي تصيح بنواح وغادر المكان بأكمله
بفيلا جواد الألفي
طرقت الباب ودلفت إلى غرفة إبنتها
– ممكن ماما تتكلم مع روبي شوية
هزت رأسها وأشارت لوالدتها بالدخول
– طبعا حضرتك بستأذني… جلست غزل بجوارها تمسد على خصلاتها الحريرية… رفعت يديها تقبلها بحنان أموي
– مال حبيبة مامي.. وياريت ماتكدبيش على مامي علشان مزعلش منك… إحنا صحاب قبل مااكون مامي صح ولا إيه
قبلت خد والدتها
– إنتِ احسن مامي في الدنيا
طوقتها غزل بأحضان وانتظرت حتى تتحدث
وضعت رأسها بحضن والدتها
– هو بابي ليه رافض ابن عميد الجامعة يامامي
هزت غزل رأسها ومطت شفتيها ثم تحدثت بهدوء رغم حزنها البادي على وجهها
– بابي ليه رافض ابن عميد الجامعة… دا حتى إنتِ مش عارفة اسم الولد… سيبك من إسمه هو مش ملاحظة إنك لسة صغيرة يامامي…
رفعت وجهها بين راحتيها ونظرت داخل مقلتيها
– روبي إنتِ اتخنقتي مع عز تاني صح…هو كان طلب مني يشوفك… ظلت تنظر لها بينما ربى نظرت للأسفل دون حديث
أطبقت جفنيها المتعبتين ثم تنهدت بحزن على إبنتها
– حبيبة قلبي هو علشان ننسى حب قديم نشوف حب جديد… هزت رأسها برفض وتحدثت مسترسلة
– حبيبة قلبي دا أكبر غلط أولا لا إنت هتحبي حد تاني ولا هتقدري تنسي وكمان هتوجعي قلب مالوش ذنب غير وجع قلبك
روبي بلاش اندفاع في عواطفنا.. بلاش القرارت السريعة الغلط…
ثم اكملت بإستبانة
❈-❈-❈
– تعرفي انتِ بتفكريني بنفسي أوي… اومأت براسها وأكملت:
– أنا وباباكي كنا كدا زيكوا… بس الفرق أن عز شجاع جه واعترفلك… أما باباكي معملش كدا.. اللي يشبه الحكايتين وجع قلوبنا بس
– نعم يامامي… ليه هو بابي مش شجاع… بابي أحسن راجل في الدنيا
هزت رأسها بموافقة
– بابي دا اجمل وأحن راجل في الدنيا كلها ومهما أقول في حقه عمري مااوفيه حقه
مسدت على خصلاتها واكملت
– مهما اللي قاله عز واللي عمله واللي بيعمله دا دليل إنه راجل أوي وبيحبك أوي صدقيني… بلاش يابنتي تضيعيه من أيدك هو غلط… أيوة غلط لكن من فينا مابيغلطش حبيبتي
رفعت ذقنها وأكملت
– شايفة حب بابا لماما أد إيه.. لامست خديها وأكملت بدموع الحنين لتلك الأيام
– بابا معترفش بحبه لا…. دا ساب ماما وراح خطب كمان… شهقة خرجت من رُبى ووضعت يديها على فمها
– معقولة يعني بابا مكنش بيحبك
هزت رأسها برفض وتحدثت
– بالعكس ياقلبي كان بيحبني أوي فوق ماتتخيلي لكن فيه حاجات مينفعش نعملها لمجرد أننا بنحب بعض.. الوقت دا بابا كان ضابط وله اسمه ومركزه.. وطبعا هو اللي مربيني مع أن بابا كان عايش وجاسر.. الله يرحمهم لكن بطبع شغل بابا كان دايما مسافر وجاسر كان صغير فروحت قعدت عند جدو حسين.. باباكي كان كبير يعني تقولي اتناشر سنة وأنا لسة شهرين… طبعا تيتا نجاة كان معاها صهيب ومليكة وكان سيف صغير بالنسبة إن سيف أصغر واحد.. كان بيني وبينه تلات سنين بس.. فالمسؤلية كانت كبيرة عليها
تنهدت وذهبت لذكرياتها الجميلة
– بابا جبلي مُربية لكن جواد رفض إنها تقربلي وكان هو اللي بيهتم بكل طلباتي
ابتسمت ونظرت لأبنتها
– تعرفي كان بيحميني كمان لحد ماوصلت خمس سنوات ويمكن أكتر كمان… مسدت على خصلاتها وتابعت حديثها وابتسمت
– كنت بقوله يابابا تخيلي قالتها بضحكة..
وكبرت لحد مابقيت إنسة وهو دخل الشرطة وبرضو اهتمامته بغزل بتكبر.. وبقى محاصرني… انسدلت دمعة غائرة
وأكملت حديثها وذكرياتها التي تشبه قطرات الندى مع شروق الشمس تذهب وتصبح سرابا..
اتجهت بنظرها لأبنتها
– جدتي وجدي قالوا ماينفعش تنادية بجود بس… ضحكت بصوت هادي
– اصلي ماكنتش بقوله غير جود وبس ولما كبرت وعرفت إنه مش بابايا.. قالتها بحزن دفين… عارفة ياروبي باباكي دا مش مجرد جوزي وبس لو قالولي اديله كلمة هقولهم هو الحياة ومن غيره ماليش حياة
امسكت رُبى يديها وقبلتها
– ربنا يخليكم لبعض ياحبيتي ممكن تكمليلي حكاية الجميلة وحضرة الضابط
قبّلت جبينها وبدأت تقص عليها
– كنت في إعدادي وهو كان خلص الشرطة… الوقت دا مكنتش شوفته بقالي أكتر من تلات شهور… هو بعد بسبب عمله الجديد، اللي طبعا بتوزع في محافظات تانية… وجدتي ماتت كمان… كنت حاسة إني وحيدة أوي مع إن مليكة وصهيب مكنوش بيسبوني خالص..
عمك صهيب دا كان حكاية لوحده كنت بحبه أوي…كان بيفهمني من نظرة المهم
رفعت نظرها لأبنتها وأكملت
– لكن هو غير.. كنت صغيرة معرفش يعني إيه حب… اللي اعرفه انه وحشني أوي.. أوي.. كتير عليا شهر فتخيلي تلات شهور كنت أنام طول الوقت علشان محسش أنه مش موجود… لحد ماجه اليوم دا اللي فعلا عرفت أد إيه انه أغلى شخص في حياتي
نظرت لأبنتها
– ممكن تعملي إيه والشخص اللي حبيته بيقولك بنتي الحلوة..قابلته يومها وفرحة الدنيا مش سيعاني…أول مرة ياروبي أحس بحضن أبوكي انه مش أخويا ولا أبويا اليوم دا
تبسمت بحب وضمت إبنتها لأحضانها وأكملت
– حضنه الوقت دا غير أي حضن…سمعت دقات قلبه اللي بيحاول يخفيها عن الناس كلها…عيني جت في عينه وأحاديث كتير مخبية بس كالعادة بيهرب منها…ماهو وقتها كانوا هيقولوا دا خدها ورباها واتجوزها وطبعا مركزه كان حساس مع بعض مشاكل في عيلتي… وطبعا جواد علشان يرحم قلبه المتمرد راح خطب غيري وكانت بتيجي عندنا… تخيلي كم الألم اللي ماما اتحملته…
تعملي إيه وحبيبك قدامك ماسك بأيد واحدة تانية… وبيشوفها بعيونه غيرك.. دقاته ليها لوحدها
وضعت يديها على قلبها وأكملت
– أنا اتمنيت أموت وأرتاح ولا إني احس بالوجع دا كله… أغمضت عيناها وذكريات أمامها كأنها كانت بالأمس
مكنتش أعرف ربنا كريم وبيحبني اوي… وجمع حب السنين دي كلها في قلبه علشان لما نتجمع مايبخلهوش عليا
ضيقت ربى عيناها وتسائلت
– يعني رجعتيله وحبتيه مع أنه فكر في غيرك يامامي
ابتسمت غزل ورفعت يديها وقبلتها
– لأني عارفة أنه بيحبني عمل كدا..عمل كدا علشان يحمي غزل ويحمي نفسه…دا مكنش مجرد حب…دا كان مجرد عشق بغرام حاجة مقدرش أوصفها وزي ماقولت هو كان بالنسبالي الحياة…واللي مرينا بيه
كله ضاع من مجرد حضن واحد منه… مجرد لما بيضحك قدامي كدا بيهون عليا كل حاجة
اوعي تفكري يابنتي إنك مش محظوظة بالعكس ياقلبي… زيزو بيحبك أوي
اللي عايزة افهمه لك أن عز غير بابا كمان
عز جه لباباكي بعد ماخلص الجامعة وقاله أنا بحب ربى ياعمي بس مستنيها لما تخلص جامعتها…ولو ينفع نرتبط دلوقتي معنديش مانع… بابا شاف الأفضل إنك تخلصي حتى لو سنتين جامعة… علشان كلية الطب سنينها كتير غير عايزة إهتمام
رفعت ذقنها ونظرت إليها
– وهو اللي خلاكي تدخلي الجامعة اللي إنتِ فيها بابا كان رافض الجامعة البريطانية دي خالص … لولا تدخل عز حبيبتي.. وأكملت ناصحة
– روبي حبيبة مامي بلاش اندفاعك والله عز بيحبك هو عمل كدا علشان باباكي قبل أي حاجة… مضحاش بيكي ياقلبي
وضعت رأسها في حضن والدتها وبكت
– وجعلي قلبي أوي ياماما وأنا النهاردة وجعته أوي أوي يامامي وعمره ماهيسامحني
أخرجتها من حضنها ونظرت لمقلتيها مردفة
– ليه عملتي إيه وقولتي إيه
اغمضت عيناها وقصت ماحدث
مسحت دموعها بهدوء رغم حزنها من حديث ابنتها
– طيب ليه ياماما كدا.. استفدتي إيه، أهو إنتِ تعبانة وياترى هو حالته إيه كمان..
ربت على يديها
– هو بيحبك وهينسى إن شاءالله الأيام دوا لجروحنا حبيبتي… بلاش تصطدم به حاليا
بفيلا صهيب
اتجه سريعا لغرفته وهو ينهج كالذي انقطعت انفاسه من كثرة سباقاته التي قطعها…إزداد الوجع بداخله حتى تشكلت غصة مريرة جعله عاجزا عن التنفس
نزل بساقيه على أرضية الغرفة ودموعه تنسدل بقوة رافضا ماصار قلبا وقالبا… لم يتحمل الضغط على قلبه اكثر من ذلك… بصعوبة كمم صراخ قلبه الذي كان ينتفض غضبا وألما من كلاماتها التي دبحته بنصل سكين بارد
فانتفض من مكانه ثم مسح دموعه بقوة ونصب عوده واقفا متجها لمرحاض غرفته وحديث فقط يلكمه بقوة
– كفاية ضعف متخليش قلبك يتحكم فيك
اتجه سريعا وقام بأخذ حماما بارد كي يطفئ لهيب صدره… تمنى لو يشق صدره ويخلع قلبه من جسده ويدوس عليه بأقصى ضغط حتى يخلص من ضعفه
كلماتها تصم آذنيه
لكم مرآة الحمام وهو ينظر لأنعكاس صورته
– فوق لنفسك متكنش ضعيف… دوس على قلبك ماتخلهوش يتحكم فيك… كفاية إهانة
مسح وجهه بكفيه الذي يسيل بدمائه يقاوم غضبه وشرارة عيناه الغاضبة.. انهى كلماته ينظر لنفسه بتحدي… نظر لدماء يديه وهو يبتسم بسخرية
– ياريت قلبي ينزف كدا ويريحني
أمام فيلا طارق
توقف جانبا متجها بجسده إليها
– غنى بُصيلي… رفعت نظرها إليه
أمسك يديها واضعا إياها بين راحتيه ثم قبّلها… رجفة أصابتها لأول مرة تشعر بذاك الشعور ورغم ذلك نظرت إليه وتحدثت
– إنت اتجوزتني علشان عمو جواد مش كدا…كنت مفكّر اني بنته التايهة…دققت النظر لعيناه وتمنت أن يكذب إحساسها فأكملت
– بنته حبيبتك…بنته كانت حبيبتك مش كدا
قهقه عليها وأردف
– إنتِ مجنونة والله أول ماشوفتك قولت البت دي مجنونة… تعرفي غنى مخطوفة وهي عندها أد إيه ياهبلة خمس سنين.. وأنا كنت اتناشر يعني كنا ولاد لسة
هزت رأسها برفض وأردفت
– اللي يشوفك أول ماشفتني مايقولش كدا يابيجاد… نظراتك ليا وقتها بتدل إنك بدور على حبيبك
رفع حاجبه وأردف بسخرية
– والحلوة إيه اللي عرفها بتدوير الحبيب
تبسمت رغم حزنها من حركاته وتحدثت
– بيجاد إنت كنت متجوزني لهدف مفكرني بنت جواد الألفي ودلوقتي اثبت العكس فبلاش نضغط على بعض أكتر من كدا… لا أنا عايزاك ولا إنت كمان عايزني
نزل بجسده ينظر لوجهها عن قرب وهمس بالقرب من شفتيها
– مين ضحك عليكي بالهبل دا…
تنهد ناظرا إليها
– لا ياغنى لا انتِ تقدري تعيشي من غيري ولا أنا أقدر أعيش من غيرك
رجعت بجسدها للخلف ودقاتها العنيفة تكاد تخرج من صدرها حتى شعرت إنه يستمع إليها
– بيجاد لو سمحت متتغطش عليا… بلاش تخليني أندم اني وافقت على المهزلة دي متخليش ثقة بابا وماما تهتز فيا
صمت هنيهة ينظر إليها فقط
– طيب عندي إقتراح نتفق عليه… ناظرته واردفت متسائلة
– ايه هو؟
هنتخطب فترة… وبعد كدا نقول متفقناش ونبعد عن بعض
مطت شفتاها بحزن ونظرت للأسفل فرغم ماقالته إلا أنها تمنت أن يتمسك بها
– تمام يابيجاد… همهد الموضوع لماما
لمس وجنتيها الناعمة التي أثارته وبدون تفكير نزل لمستواها وقبّلها
كانت تحاول إعادة تنظيم أنفاسها ودقات قلبها الهادرة من فعلته هذه
توردت وجنتيها من فعلته هذه التي لم تكن بالحسبان.. واهتزت نظراتها وابتعدت عنه بشفتين مرجفتين
-عيب على فكرة… ومتقولش مراتك دي ماشي.. ثم اتجهت لباب السيارة تفتحه جذب يديها وتحدث
– غنى بلاش تعرفي ماما وبابا بموضوع جوازنا… لو عايزة بلاش حاليا اديني فرصة بس أمهد لبابا وماما تمام
هزت رأسها بالموافقة وترجلت من السيارة متجه إلى بوابة المنزل ولكنها توقفت ونظرت إليه
– متخافش محدش هيعرف مش علشان إنت طلبت لا.. علشان الموضوع ميهمنيش بس
دلفت للداخل سريعا وهي تشعر بأن سيقانها لم تعد تحملنها.. اتجهت لغرفتها بعدما قابلتها العاملة وأردفت
– الدكتورة خرجت من ساعة ياآنسة تؤمريني بحاجة
حضريلي الحمام عايزة اخد شاور،… قالتها غنى وهي تصعد لغرفتها
❈-❈-❈
مساءا جلست تهاني بجوارها تضمها لأحضانها وتقبّلها
– كدا ياغنى تبعدي عني دا كله.. إسبوع كامل… أول مرة تعمليها يابنتي
استدارت تجلس أمامها على الفراش وهناك شيئا يشعرها بأن أحضانها باردة وليست مثلها.. شعور مختلف جعلها مشتتة تائهة
جلست أمام والدتها وتسائلت
– مامي احكيلي عن ولادتي… وعن طفولتي يعني مثلا وأنا عندي سنة أول ماقولت ماما.. إمتى… وكمان لما مشيت كنتي فرحانة… حاجات زي دي
تلبكت تهاني بحديثها وتزلزل كيانها بسبب الصدمة التي ألقتها عليها… ابعدت سؤالها عن تلك الأشياء
راقبتها غنى وظلت تنظر إليها ثم أردفت
– هو السؤال صعب كدا يامامي،
هزت تهاني رأسها برفض واصطنعت ابتسامة قائلة
– ابدا يابنتي والله بس بحاول أفتكر… إنتِ عارفة بطبع شغلي فبنسى سريعا
توقفت غنى أمامها تجذبها من يديها
– طيب تعالي فرجيني على صوري، لما اتولدت وكمان الحاجات الخاصة بيا
توقفت تهاني تفرك يديها وبدأت ترتبك أكثر
– إيه ياماما معقول مليش صور، لما اتولدت
هزت رأسها واگملت
حديثها الذي حاولت السيطرة به عندما شكت بحالة غنى ثم توجهت بنظرها إليها
– الصور في شقة طنطا إنتِ عارفة إننا نقلنا بسرعة وملحقتش ألم الحاجات كلها
زفرت غنى وجلست حزينة
– كان نفسي أشوف نفسي وأنا صغيرة… جلست بجوارها تمسد على خصلاتها
– عندي صور هنا في عيد ميلادك السادس، اجبهملك… ابتسمت وهزت رأسها بالموافقة
بالكوفي شوب
جلست أمامه تفرك بيديها عندما وجدت أنظاره مصوبة عليها دون حديث
رفعت نظرها واردفت
– ممكن أعرف بتصور فيّا ليه
ضحك بصوته الرجولي… ثم وضع خديه على كفيه وأردف وهو يحرك حاجبيه بشقاوة
– يمكن معجب… ضربته على يديه الموضوعة على المنضدة
– جواد لم نفسك ماتنساش إننا اخوات
انخفض بجسده ينظر إليها
– مين دول اللي اخوات… أيوة صح كلنا اخوات في الأسلام
يووووه وبعدهالك والله هقوم أمشي
قهقه بصوت مرتفع جعلها تنجذب لشخصيته الجميلة التي ظهرت بعد ابتسامته ودون وعي منها
– بطل ضحك البنات هتاكلك بعنيها
نظر حوله وجد بعض التربيزات التي عليها بعض الشباب والشابات يوجهون نظرهم إليهما… أشار بيديه على جنى وأردف أمام الجميع
– آسف أصل خطيبتي مجنونة
جحظت عيناها من كلماته ثم جذبت يديه وهو ينظر بالاتجاه الآخر
– خطيبة مين ياحج إنت شارب حاجة
نظر إليها بعيون مبتسمة ثم أردف
– تعرفي فيه حاجات حلوة بتبقى قريبة مننا لكن مبنكنش واخدين بالنا منها… لازم حاجة تفوقنا علشان نعرف قيمة اللي جنبنا
رجعت بجسدها للخلف وعقدت ذراعيها ضامة نفسها ثم رفعت نظرهاإليه
– جواد إنت دلوقتي خارج من تجربة وعندك تزبزب بالمشاعر… بلاش توهم نفسك بحاجة.و… قاطعها جواد
– جنى أنا عايزة أخرج من التجربة القاسية دي وعايز اللي يقويني
هزت رأسها برفض وأردفت
– صعب ياجواد… أنا بعتبرك زي عز وفارس بالضبط… بلاش علشان منوجعش بعض.. إنت شخص جميل خليك دايما اخويا اللي لما أحتاجه أجري عليه… بلاش توهم نفسك بحاجة غير كدا
بسط يديه على المنضدة أمامها
– حطي إيدك في إيدي بترجاكي ياجنى بجد محتاجك جنبي وصدقيني عمري ماهزعلك إلا إذا كنتي مرتبطة بحد تاني
هزت رأسها رافضة
– ابدا والله ياجواد… إنت عارف أنا مبخبيش حاجة ولما طلبت مني أقرب من تقى علشان أعرف مالها… فرحت جدا بثقتك فيا أوي… ولما طلبت إني أقرب عز من ربى كبرت أوي في نظري… وحبيتك أوي بس معرفش مفكرتش في حد من اخواتي… كلكم اخواتي وطبعا أكيد منستش حكاية الطفولة مع جاسر ابن عمي
جذب يديها بين يديه وأردف
– جنى ممكن تبوصلي وإنتِ بتتكلمي… ليه دايما بتهربي بنظراتك عني
سحبت يديها وأردفت
– علشان دا الصح ياجواد مينفعش تكون غير أخويا وبس… نهضت من مكانها ونظرت اليه
– أنا عملت اللي طلبته ودلوقتي ممكن نروح علشان ماما طلبت مني متأخرش
أومأ رأسه بالموافقة واتجه للخارج… اصطدم بأحداهما وهو ينظر بهاتفه الذي لم ينقطع رنينه
– آسف… توقفت أمامه ونظرت بذهول
-جواد… معقول إنت
ضيق عيناه محاولا تذكرها ولكن لم تسعفه الذاكرة
– آسف بحاول إفتكر
بسطت يديها تسُلم عليه
– أنا زهرة زميلة الثانوي
اومأ برأسه ولا يعلم ماذا يفعل بتلك المواقف ورغم ذلك ابتسم لها
– اهلا زهرة عاملة إيه
بسطت يديها لكي تسلم عليه مرة أخرى
ردت تحيتها جنى عندما بسطت يداها مكانه وأردفت مماجعل قلبه يقذف من الفرحة
– معلش آنسة أو مدام زهرة خطيبي مابيسلمش على حد… رفعت جنى يديها مطوقة ذراعيه
– آسفة أصله بيحترمني أوي… رفعت نظرها إليه وجدته يطالعها بحب… تاهت بنظراته… أخرجهم من نظراتهما لبعضهم البعض عندما تحدثت زهرة
– سعيدة إني اتعرفت عليكي.. توجهت لجواد
– بلاش تمشي خطيبتك من غير دبلة ياجواد أصلها حلوة وممكن تتعاكس قدامك وعلى مااظن دمك حامي شوية
قالتها ذلك ثم تحركت من أمامهما
جذب يديها دون حديث متجها لمنزلهم

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية تمرد عاشق الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى