روايات

رواية بك أحيا الفصل الثاني 2 بقلم ناهد خالد

رواية بك أحيا الفصل الثاني 2 بقلم ناهد خالد

رواية بك أحيا الجزء الثاني

رواية بك أحيا البارت الثاني

رواية بك أحيا الحلقة الثانية

وقف يطالع الصغيرة بانبهار لأول مرة يرى انسان بهذا الحجم، لم يسبق له أن رأى طفلاً حديث الولادة مثلها، لذا كان الأمر مثيرًا لاهتمامه، ابتسم ثغره حين ابتسمت الصغيرة فجأه، فردد متسائلاً وعيناه لم تفارق الصغيرة:

_ هي بتضحكلي؟

أجابته “دينا” بهدوء:

_ لا، هي بتبتسم للملايكة، لسه اصلاً مش شايفانا.

قطب حاجبيهِ معترضًا:

_ لا هي بتبصلي يعني شايفاني.

هزت رأسها باستسلام:

_ ماشي يبقى شيفاك.

نهضت واقفة سريعًا حين دلفت السيدة “ليلى” فقالت الأخيرة:

_ جهزي العشا يا دينا لو سمحتي.

اومأت برأسها سريعًا موافقة:

_ أمرك يا هانم.

انهت حديثها والتفت لطفلتها صاحبة العامان تجلسها بأرضية الغرفة واعطت لها لعبتها المفضلة المتهالكة، وانتقلت للطفلة الرضيعة تضع في فمها ما يُسمى ب”الببرونة”، ليوقفها “مراد” متسائلاً:

– هو ايه ده؟ هي كده مش هتعرف تتنفس.

أجابته برفق:

_ لا هتعرف، دي بس عشان متعيطش.

لم يبدو أنه اقتنع بالفكرة، ليشير برأسه رافضًا وقال:

_لا شيليها.

حاولت إثناءه عن رأيه معللة:

_ هتعيط لو شيلتها.

وبحماس كان يجيبها:

_ لا انا هفضل معاها والاعبها مش هتعيط.

نظرت بحيرة للسيدة “ليلى” التي حركت رأسها بعد اعتراض وقالت مبررة:

_ اصل مراد عمره ما شاف بيبي لسه مولود فتلاقيه منبهر بيها.

ردت “دينا” بابتسامة:

_ إن شاء الله تجبيله اخ او اخت يا هانم يونسوه، دول الخوات عزوة.

التمعت أعين “ليلى” بتمني وعقبت:

_ يارب، يلا روحي أنتِ بقى ومتقلقيش على.. قولتيلي اسمها ايه؟

تسائلت بالأخيرة حين أخفقت في تذكر اسم الرضيعة، لتجيبها “دينا” على الفور:

_ خديجة يا هانم.

وقبل أن تكمل “ليلى” حديثها كان يصدح صوت “مراد” وهو يقول بحماس بالغ:

_ديجا! انا هقولها ديجا زي البنت الي في الtv فكراها يا مامي؟

ضحكت كلتهما عليهِ بخفوت، وردت “ليلى” مبتسمة له:

_ ايوه فكراها، اصل متابع كرتون بيحبه وفي بنت صغيرة فيه اسمها ديجا.

توجهت بجملتها الأخيرة تحدث ” دينا” التي عقبت:

_ ربنا يحفظهولك يا هانم، واضح أن خديجة هتتدلع الفترة الجاية على ايده.

أجابتها “ليلى” وعيناها تتابع “مراد” المنشغل كليًا مع الصغيرة حتى بات يهمس لها بكلمات لم تصلهما:

_ دي رحمة من ربنا، خليه ينشغل عني شوية ده مجنني، طول الوقت عاوز حد يكلمه او يلعب معاه وأنتِ اكيد فاهمه ان طاقتنا عمرها ما هتوازي طاقة الأطفال.

_ ايوه طبعًا، عندي سارة برضو اوقات بتزهقني من كتر اللعب معها وببقى خلاص مش قادره واحسن اني هبط وهي كأنها لسه بتلعب من شوية.

هكذا دعمت “دينا” حديث “ليلى” لتعقب الأخيرة:

_ كل الاطفال كده، عشان كده وجود خديجة و سارة رحمة ليَّ.

ثم توجهت بحديثها لطفلها تحثه بلطف:

_ مراد حبيبي العب مع سارة شوية، ولما خديجة تعيط ابقى العب معاها.

أشاح ببصره لينظر ل”سارة” التي تجلس أرضًا وتلعب بلعبة تتمثل في عروس بلاستيكي مُزين، ليسلط نظره عليها لثواني كأنه يفكر في أمر جلل، قبل أن يشيح ببصره عنها وهو يعاود النظر ل”خديجة” وقال بلامبالاة:

– هي بتلعب، بعدين مش عاوز اسيب خديجة عشان متعيطش.

كادت أن تتحدث مرة أخرى لكن اوقفتها “دينا” باحترام:

_خلاص يا هانم سبيه براحته، أصلاً سارة لو عيطت هتبقى عوزاني انا فهاخدها تقف معايا في المطبخ.

تنهدت “ليلى” باستسلام وقالت:

_ خلاص انتي ادرى.. لما تجهزي العشا حطيه على السفرة وتعالي ناديني من الbedroom.

لم يبدو أنها فهمت كلمة “ليلى” الأخيرة، فأعادت “ليلى” التوضيح:

_ من اوضة النوم قصدي، ابقي خبطي على الباب.

اومأت بطاعة وهي تقول:

_أمرك يا هانم.

وانسحبا كلتيهما تاركين الثلاثة أطفال بالغرفة، “سارة” مازالت مندمجة مع لعبتها وهي تغمغم ببعض الكلمات التي لا يُفهم بعضها، يبدو أنها وجدت لغة للتواصل بينها وبين العروس اللعبة، اما عن “مراد ” فجلس فوق الفراش ليجاور الصغيرة، بعد أن ارتبع أمامها واستند بوجه على كفه الصغير بعد أن سند مرفقه على فخذه، وأخذ ينظر لها بأعين تنضح اهتمامًا لفترة، ثم لاحظ أنها تخدش أنفها بأصابعها الصغيرة، ليمسك كفها برفق بالغ وهو يهمس لها باهتمام كأنها تسمعه:

_ لا كده هتتعوري.

وأعاد كفها لمحله ممسدًا عليهِ بحنو بالغ، واسترسل في حديثه بحماس:

_ أنتِ صغيرة اوي كده ليه؟ هو انا كنت صغير زيك كده؟ طب أنتِ شيفاني؟ حاسك بصالي!

ردد الأخيرة بحيرة حين شعر أن أنظارها مسلطة عليهِ باهتمام، فهز رأسه رافضًا ما قالته “دينا” :

_ لا أنتِ شيفاني أنا متأكد.. أنتِ عارفة بابي خلاني ابعد عن هشام.

أردف جملته بحزن بالغ ولكنه تدراك أنها لا تعلم من “هشام” فقال بتذكر:

_ اه صح أنتِ متعرفيش هشام، هو my bestfriend (صديقي المفضل) كنت بحبه اوي، واصلاً مكنش عندي friends غيره..

صمت قليلاً بحزن بادي على وجهه ثم عاد يقول بابتسامة:

_ بس خلاص أنتِ كمان هتبقي صاحبتي، أنتِ جيتِ في نفس اليوم الي بعدت فيه عن هشام عشان تكون مكانه صح؟ مامي كانت دايمًا تقولي إن ربنا بيرتب الأحداث، هو فعلاً رتبها النهاردة عشان مزعلش، عارفة لو مكنتيش جيتِ أنا كنت هقعد زعلان وكان ممكن اعيط كمان عشان بعدت عن هشام بس مش قدام مامي عشان هي بتزعل لما بعيط، بس خلاص أنتِ هنا.

وكانت بالفعل هُنا.. جملة رددها الان لأول مرة لكنها لم تكن الأخيرة أبدًا، فلاحقًا كان كل شيء جيد مرتبط بوجودها، وكل مُر مرَ لأنها هُنا!

*************

أوائل ديسمبر لعام ٢٠٠٠…

وضع الملعقة بحدة مصدرًا صوتًا ينم عن غضبه، فرفعت أنظارها له بتعجب لحالته المفاجئة هذه فهو منذُ ثواني كان رائق المزاج لحد ما ويتحدث معها بهدوء، فأخذ عقلها يتسائل عمَ ألمَ بهِ فجأة وترجم لسانها السؤال فأردفت:

_ في ايه يا حسن؟ مزاجك قلب فجأة ليه؟

حدقها بنظراته الحادة قبل أن يسألها بجدية:

_ ممكن افهم ايه حكاية ابنك مع بنت الخدامة؟

هزت رأسها مستنكرة لهجته وطريقة سؤاله ولكنها أجابته بتروي:

_ حبيبي دول عيال، وهي طفلة لسه عندها ٤ شهور حكاية ايه بس!

لم يتخلى عن حدته وهو يعقب:

_مش شايفه إن أوفر ارتباطه بيها، هو غالبًا بقى معظم الوقت معاها هي، حتى وقت الاكل مبقاش يقعد معانا عشان مهتم بالسنيورة.

رفرفت بأهدابها غير مصدقة أنه يضع طفلة صغيرة مثلها في عقله وقالت موضحة:

_ هو مبياكلش معانا عشان أنتَ مواعيدك اتغيرت وبقيت تتأخر وأنتَ عارف إني بحاول اعود مراد على النظام فهو ميعاد غداه بيبقى بدري عننا يعني مش عشانها.. كمان أنا مش شايفه أي مشكله أنه يقضي وقته معاها ده طفل ووحيد ممعوش حد من سنه، فبيمل ويزهق وهي من وقت ما جت ولقى حاجه تشغله.

زفر أنفاسه بضيق وغمغم بعدم راحة:

_ ماشي، بس خدي بالك ارتباطه ليها يبقى له حد، عشان هييجي سن معين ومش هسمحله يختلط بيها أصلاً، متنسيش بيئتها وإنها مهما راحت او جت بنت خدامة يعني مينفعش تكون صديقة له.

_ رغم إني بكره الطبقية الي بتتكلم بيها، بس متقلقش الموضوع اتفه من أنه يشغلنا للدرجادي مجرد طفلة بيلعب معاها وبتسلي وقته وبس.

هكذا عقبت بضيق من حديثه ونظرته لمن حولهما، ليعاود التقاط الملعقة وهو يقول باقتضاب:

_ اتمنى.

****************

كان يجلس فوق الأريكة الصغيرة التي تحتل غرفته في هذه الفيلا الواسعة المنتقلين لها حديثًا، ويجلسها فوق فخذه الأيمن بحرص، في حين قامت ذراعيهِ بدورها في احاطتها بعناية كي لا تسقط، كان يتابع أحد برامج الرسومات المتحركة ويتناقش معها فيما يتابعه، ويبدو أن الصغيرة انجذبت أيضًا للبرنامج فسلطت بصرها عليهِ باهتمام، وبعد ساعة كاملة كان قد انتهى البرنامج المفضل لديهِ، فتحرك بحرص وهو يحملها برفق ليضعها فوق الأريكة واتجه مسرعًا لركن الألعاب الخاصة بهِ وعاد منهُ بلعبة مازالت في حقيبتها، جثى على ركبتيهِ أمامها وهو يخرج اللعبة ويقول بحماس:

– بصي ماما امبارح خدتني نشتري game جديده ليَّ، بس انا مكنتش عاوز، بس قولت اجيب ليكِ، فجبتلك دي بس ماما متعرفش إني جايبها ليكِ، ده سر بينا، ماشي؟

لم يتلقى جوابًا منها ليخرج اللعبة بسأم، تحول سأمه لسعادة حين مدت الصغيرة كفيها تقبض على اللعبة بلهفة وكأنها أحبتها! فابتسم ثغره برضا وهو يقول:

_ يعني حبتيها؟ خلاص بعد كده هجبلك العاب كتير، كل ما مامي تاخدني نجيب لعبة هجبهالك أنتِ، اتفقنا؟

وكالعادة لم يتلقى منها ردًا، ليزفر بضيق وهو يقول:

_ أنتِ هتتكلمي امتى بقى؟ أنا زهقت من كتر ما بتكلم لوحدي نفسي تردي عليَّ.. مامي قالتلي إن كمان سنة هتكوني بتتكلمي، بس سنة كتير اوي، ينفع تتكلمي بدري شوية عشاني؟..

وهذه المرة لم ينتظر ردًا، بل انطلق يعرفها على لعبتها الجديدة بكل حماس، ويتسع ثغره مبتسمًا كلما شعر بحماسها وفرحتها باللعبة.

******************
منتصف يناير لعام ٢٠٠٣…

هرول يهبط درجات السلم الداخلي للفيلا بلهفة ودموعه تسبقه، حتى كاد يتعثر لأكثر من مرة لكنه لم يهتم، حتى وصلَ لحديقة الفيلا ومنها للغرفة الملتحقة بها، دق الباب وانتظر الرد الذي أتى بعد ثواني حين فتحت “دينا” الباب لتجده أمامها يبكي بدموعه فقط، فهتفت متسائلة بفزغ:

_ في ايه يا مراد بيه مالك؟

سألها بوجهٍ حزينٍ:

_ هي ديجا تعبانة؟

والآن أدركت ما بهِ، فاحتلت اللامبالاة وجهها وهي تقول:

_ شوية تعب عاديين يعني.

لم يفهم ردها فسألها بخوف:

_ يعني هي مالها؟

_ سخنة شوية شكلها خدت لطشة شمس لما كنتوا بتلعبوا امبارح.

ببرود تام كانت تجيبه، ليتركها متحركًا على الفور للداخل، فوجدها ممدة فوق الفراش وعلى رأسها قطعة قماش بيضاء، ويبدو وجهها مرهق، وشاحب رغم الحمرة الغريبة الطاغية عليه.

هبت “سارة” الصغيرة ذات الخمسة أعوام واقفة ما إن أبصرت “مراد” فتركت العابها ونهضت تقف أمامه مرددة بابتسامة:

_ مراد.. كويس إنك جيت تعالى العب معايا في لعبة جديدة حلوة.

حول نظره لها ولم يبدو الآن فتى في الثامنة أبدًا وهو يعاتبها بضيق:

_ نلعب ازاي وديجا تعبانة!؟

قطبت “سارة” حاجبيها بضيق:

_ هي كويسة.

اتجه بخطواته لها ليجلس جوارها وأخذ يمسد بكفه على كفها:

_ لا هي مش كويسة.. ديجا، أنتِ سمعاني؟

واستجابت له الصغيرة حين فتحت عيناها قليلاً وهي تردد بتعب جلي:

_ مراد..

تلهف أكثر حين سمع صوتها فحثها على الحديث أكثر وهو يحدثها برفق:

_ انا هنا يا حبيبتي، أنتِ تعبانة يا ديجا؟ حاسة بأيه؟

جرت دموعها على الحال لتتساقط بميل فوق وجنتيها يشبه ميل حالها الآن، وأردفت بصعوبة:

_ زوري واجعني،انا تعبانه اوي،انا عاوزه ابقى كويسة.

ادمعت عيناه بشدة لألمها واحتضن كفها بقوة وهو يقول:

_ هتكوني كويسة، انا هروح اجيبلك دكتور.

وهنا تدخلت “دينا” تقول ببرود:

_ مفيش داعي يا مراد بيه هي هتبقى كويسه، شوية تعب وهيروحوا لحالهم.

نفى برأسه مُصرًا:

_ لازم دكتور يشوفها، انا لما بتعب ماما بتجبلي دكتور.

أصرت هي الأخرى على موقفها قائلة:

– هي هتبقى كويسة، مفيش داعي لدكتور هعملها كمادات وهتبقى حلوة.

وبعد نصف ساعة كان قد أعلن فيها “مراد” انتصاره بعد أن ذهب لوالدته وحثها على إحضار طبيب ليشخص حالة “خديجة” فهو لم يتحمل تألمها هكذا دون أن يفعل شيء.

” كويس انكم لحقتوها، دي نازلة شعبية حادة، وقلبت معاها بجفاف بسيط، لو كنتوا استنيتوا اكتر كان ممكن منلحقهاش”

عدة كلمات استمع لها الصغير فدب الرعب في قلبه، ورغم انه لم يفهم تحديدًا معنى المرض الذي تعاني منه، لكنه فهم جيدًا أنها كادت ترحل، فأصر وتعنت وحارب والدتها ووالدته حتى جلبها لهنا.. حيث غرفته مقررًا أن يرعاها هو ويسهر بجانبها، يعلم جيدًا أن والدتها لا تهتم لها على النحو المطلوب، شهد أكثر من مرة فتورها معها ولا مبالاتها لأشياء تخصها، والأمر لا يقتصر عليها هي فقط بل أيضًا مع. شقيقتها “سارة”، وسمعَ ذات مرة حديثًا لها مع والدته وهي تخبرها أنها تتمنى لو تنجب ولدًا وأن بناتها الاثنتان كانت تأمل أن يكونا ولدان ولكنها مشيئة الله، ويبدو أن قلبها لم يتقبلهما كما يجب لقلب الأم أن يتقبل أطفالها، وظهر هذا جليًا في تعاملها معهما والذي احيانًا اتسمت بعض تصرفاتها بالقسوة، لذا كان حريصًا دومًا على أن تكون “خديجة” تحت رعايته هو، وتحت أنظاره.

تسطح بجوارها فوق الفراش بعد أن اغلق الأضواء عدا لمبة واحدة تعطي ضوءً هادئًا، واقترب منها جاعلاً إياها تضع رأسها فوق ذراعه الممدود ويده الأخرى أمسكت بكفها، ابتسم براحة لنجاحه في أخذها معه والمبيت في غرفته، وعدم شعور والده بالأمر، وبدأ يتحدث لها فقال:

_ لسه تعبانة؟

أجابته وهي مازالت مغمضة عيناها بارهاق:

_ شوية صغيرين.. بس الحقنة وجعتني، تاني لأ..

أتاها صوته الدافئ وهو يقول:

_ مش هتاخديها تاني خلاص.

هزت رأسها تخبره انها تصدقه، فمال برأسه قليلاً يستند لرأسها وقال عارضًا:

_ احكيلك حدوتة؟

أجابته على الفور بلهفة:

_ ايوه عاوزة.

وبدأ يسرد لها القصة والتي كانت أحد القصص التي سردتها له والدته يومًا.. وكانت تلك الليلة، ليلة رائعة بالنسبة ل “مراد” الذي تمنى لو تتكرر مرارًا وتكرارًا لكن دون تعب “خديجة” الذي لا يتحمله، وتلك الليلة ذاتها مرت على شخص آخر كالكابوس اللعين وهذا الشخص لم يكن سوى “ليلى”…!!

زفرت بضيق وهي تحدث ذاتها:

_ هيكون راح فين بس، ياربي ليكون ضاع!

منذُ نصف ساعة وهي تبحث في كل مكان في الغرفة عن عقدها الماسي المفضل، ولكنها لم تجده، لم تترك مكانًا لم تبحث فيه بعد، إذًا ما الحل؟ وقفت لثواني تفكر بعجز حتى خطر بعقلها شيئًا حين تذكرت أنها قد اعطته لزوجها “حسن” منذ اسبوعان ليرسله للصائغ ليصلح جزءً انكسر بهِ..

_ ياربي ازاي انسى حاجة زي دي؟ اكيد حسن جابه مش معقول هيقعد اسبوعين عند الصايغ.. ولو حسن جابه يبقى ممكن يكون حاطه في الخزنة على ما يدهولي ونسي…

أنهت حديثها بتفكير لتشعر أنها على صواب، فاتجهت على الفور ناحية خزنته التي تقبع في أحد دُرف خزانة الملابس ووقفت أمامها تحاول تخمين كلمة السر الخاصة بها، أخفقت في المرة الأولى ولكن المرة الثانية أتت بثمارها وفُتح باب الخزنة معلنًا فتح باب الجحيم.. رأت عدد لا بأس بهِ من الملفات والأوراق لم تهتم له وهي ترفعهم لترى ما إن كان العقد موجود أم لا، ولكنها لم تجده، فزفرت باحباط تعيد الملفات محلها فسقط ملف من بينهم دون قصد منها، فوضعت الباقية وانحنت لتجلبه، فلفت انتباهها صورة لزوجها “حسن” على بطاقة ورقية ظنت أنها بطاقته التي تعلمها، وما اوقفها هو الصورة فقط والتي ظهر فيها بشكل بشع ومضحك في الوقت ذاته، فضحكت بخفوت وهي تغمغم:

_ ياخرابي على كده أحمد ربنا على صورتي!

واسترسلت في الضحك الذي توقف فورًا حين لمحت عيناها دون قصد الإسم المُدون بجوار الصورة..

” جورج فرانسيس ميشيل”

جحظت عيناها حتى كادت تخرج من مقلتيها وهي تعود بظهرها للخلف حتى اصطدمت بباب الخزانة المفتوح، هزت رأسها برفض تام لِمَ تراه وهي تهمس بقلب كاد يتوقف:

_ مستحيل… مستحيل، اكيد انا متجوزتش مسيحي لأ.. لأ، مستحيل يكون خدعني كده، لأ، لأ..

وتهاوت قدميها لتسقط أرضًا جالسة وعيناها تحتقن بالدموع، ووجيب قلبها المرتفع يعبر عن ما تشعر بهِ، وعقلها لا يستوعب ما رأته، وبنفس الوقت يتسائل.. هل حسن خدعها بالفعل؟ هل اوقعها بتلك الحفرة المظلمة؟ هل كانت حياتها معه كل تلك الأعوام وانجابها منهُ مُحرمًا؟ هل اوقعها في تلك الخطيئة حقًا؟؟ من هذا الشخص وممن تزوجت هي!؟؟

وكلها أسئلة لا تملك لها إجابات حتى يأتي حسن!..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بك أحيا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى