روايات

رواية انسجام الفصل الثالث 3 بقلم منة الله أيمن

رواية انسجام الفصل الثالث 3 بقلم منة الله أيمن

رواية انسجام الجزء الثالث

رواية انسجام البارت الثالث

رواية انسجام الحلقة الثالثة

“مش احنا اخوات؟”
“ايوا”
“ليه مش بنعيش في نفس البيت سوا؟”
“عشان معندناش بابا وماما”
“لازم يكون عندنا بابا وماما عشان نعيش سوا؟”
“ايوا لازم”
“وانت ليه بتعيش في بيت؟ عندك بابا وماما؟”
“لا، بابا وماما مـ ـاتوا، عشان كدا مش بنعيش مع بعض”
“اممم، بس انا عاوز نعيش سوا، مش عاوز اقعد هنا تاني عاوز اعيش معاك”
“هنعيش سوا، بوعدك عن قريب هنكون انا وانت ومعانا بابا وماما ونعيش في نفس البيت، ماشي؟”
“ماشي”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

في الحاضر
دخل احد اعضاء الفريق يلهث وفي يده بعض الاوراق التي يلوح بها، هتف
“طلعت زي الضـ ـحية التالتة”
وقف كل من في المكتب فهتف منسجم
“ازاي؟”
“متربية في ميتم”
وضع الاوراق امامهم
“لما خدنا البطاقة بتاعتها، بحثت عن قرايبها ولقيت اخوها، رحناله قلنا انها مش اخته وابوه اتبناها لما كان عندها 10 سنين وايدانا الاوراق دي”
اسرع منسجم الى مكتبة في ركن الغرفة وسحب منها ملف اسود مدون عليه اسم القضـ ـية، فتحه واخرج منه بعض الاوراق والصور المدون عليها رقم 3
“رقم 3 كان شاب في ال29 من عمره، متربي في ميتم برضوا، اخيرًا لقينا عامل مشترك بينهم”
نظر لقائده
“لازم نعيد التحقيقات مع اهالي الضـ ـحايا تاني ونسألهم اذا هما عيالهم من صلبهم ولا لا”

 

جز القائد على اسنانه بغضب
“التبني وسنينه، حسام انا وانت الاولى والرابعة، منسجم وياسر التانية عشان بعيدة يلا”
خرجوا من المكتب فهتف حسام
“والتحاليل؟”
لم يسمع له احد فخرج ورائهم على مضض،
استلقى حسام وقائد الفريق السيارة بينما منسجم وياسر على دراجته النارية وانطلقوا جميعهم في وجهاتهم
هتف ياسر من وراء منسجم
“هو الناس زمان ليه كانوا بيتبنوا الاطفال، هما مكانوش يعرفوا ان التبني حـ ـرام؟”
اجابه منسجم
“مكنش الدين مُنتشر زي دلوقتي، يعني زمان اكتر حاجة يعرفوها عن الدين هما الاركان الخمس”
“هي رقم اتنين اسمها اي؟”
“يوستينا يوسف”
“حتى المسيحيين عندهم تبني؟”
“ادينا هنشوف ،بس رأيي الشخصي يوستينا مش من ضحـ ـايا السـ ـفاح، بص هقولك استنتاجي للقضـ ـية وانت احكم”
“اتحفنا يا سيدي”

 

“يوستينا لقوها ميـ ـتة في بيتهم تمام، ومكانتش متعـ ـذبة ولا حاجة، خبـ، طة في الراس ونـ ـزيف حاد وبس، فستنتجت انها مش من ضـ ـحايا السـ ـفاح، دا حد قـ ـتلها في بيتهم من اهلها او الجيران”
“بس ابوها قال ان مش بيشك في حد والناس كلها بتحبه”
“متصدقش يا صاحبي، دايما هتلاقي شخص واقف دايما ورا ضهرك، بس اول ما تبص عليه هتلاقي رافع عليك السـ ـلاح مش اكتر”
ضحك ياسر بقوة وضرب منسجم على كتفه
“اللي يسمعك يقول عليك متخـ ـزوق من طوب الارض”
صمت منسجم ولم يعقب على كلامه، رن هاتف ياسر وكانت مخطوبته، اجاب وزي طول الطريق يحادثها وهو متجاهل لمنسجم تماما
وصلا لمنزل يوستينا يوسف، ترجلا من الدراجة النارية، وركنها منسجم بجانب الرصيف، نظر الى المنزل جيدًا، ثم بدا في مسح المنطقة المحيطة ببصره، لمح احدهم ينظر لهم بترقب، راقبه منسجم فصاح به ياسر
“يلا بينا ندخل”
طرقا الباب ففتح والد يوستينا الباب نظر لهما

 

“خير يابني عاوزين حاجة؟”
رفع منسجم هويته الشرطية امامه
“الضابط منسجم الهلالي من فريق مكافحة الجـ ـرائم”
قاطعه والد يوستينا بلهفة وشوق
“قبضتوا على اللي قـ ـتل بنتي؟ قولي يابني قبضتوا عليه؟”
“للاسف يا عمي لسه، بس احنا هنا عشان الموضوع دا، ممكن نتكلم جوا؟”
“اكيد اتفضلوا”
دخلا المنزل ثم غرفة الجلوس نظر منسجم بها فهو يتذكرها جيدًا، غرفة كلاسيكية جدًا، ارائك ذات طراز قديم، سجاد مرسوم عليه بعض الورود، وفازات داخلها ورد صناعي في كل ركن، ما قد تغير ولاحظه منسجم، هو وجود صورة عريضة ليوستينا في واجهة الغرفة، دقق النظر بها جيدًا
لم يستطع ان يرى تلك البسمة التي تزين وجهها في الصورة؛ ما قد حُفر في ذهنه؛ هو اخر مشاهد حياتها؛ ممددة على الارض، شعرها الاصفر من فعل الصبغة قد صار احمرًا من فعل دمـ*ـاءها، عيونها الضاحكة سكن فيها الخـ ـوف، وربما ذاك الفم المبتسم قد صـ ـرخ خوفًا وقتها
ازاح وجهه عنها بصعوبة خُيل اليه انها تنظر في عينيه مباشرةً، تطالبه أن ياخذ بثأ*رها

 

جلس بجانب ياسر مقابل والد يوستينا
اخر والدها من جيبه ورقة مطوية عدة مرات، مدها الي ياسر
“لا يابني، يوستينا تبقى بنتي من لحمي ودمي بنتي الوحيدة، اللي لبستها الكـ ـفن قبل فستان فرحها”
اجهش بالبكاء، لم يتحمل ان يضع جزءًا من روحه وقلبه لتبتلعها الارض، بكل تلك البساطة؟!
فتح ياسر الورقة، وما كانت سوى شهادة ميلاد يوستينا، حاولا التخفيف عنه
“المعلومة دي مهمة جدًا بالنسبالنا، على الاقل عرفنا ان يوستينا مش من ضحـ ـايا السفـ ـاح ودا هيخلينا ناخد القضـ ـية في حتة تانية خالص”
تكلم منسجم
“عارف انك اكيد اتسألت السؤال دا كتير، بس انا هسأله بطريقة مختلفة، في اي حاجة اتغيرت من بعد مـ ـوت يوستينا؟ يعني مثلا شخص غريب بقى يحوم حولين البيت، او حد معين مهتم بيك زيادة عن اللزم او مش زي زمان، الحاجات دي مهمة بالنسبالنا”
اكمل ياسر
“مش قصدنا نشكك في اللي حوليك، بس اي تغير حصل من بعد يوستينا، ممكن يكون خيط مهم يوصلنا للجـ ـاني”
تمالك والدها نفسه واجاب

 

“مفيش حاجة اتغيرت، غير ان البيت بقى مقـ ـبرة من بعد ما وردة البيت مشت”
وقف منسجم واتجه للنافذة نظر منها خلسة فوجد ذاك الرجل الذي رأاه قبل دخول المنزل لازال يقف وينظر للمنزل
“هو دا قريبكم؟”
وقف والد يوستينا بجانبه لينظر للشخص فقال
“لا يابني دا يبقى الغفير بتاع الكنيسة”
“هو بيقف هنا كتير؟”
“معرفش اول مرة اخد بالي منه”
اقترب منهما ياسر ووجه كلامه لمنسجم
“تحب نوقفه؟”
“بتهـ ـمة اي؟ منقدرش نعمل كدا، يلا بينا نمشي”
ودعا والد يوستينا وغادرا المنزل، اخرج ياسر هاتفه وبعث باخر الاخبار لقائدهما نظر منسجم لياسر وسار بالعكس وهو يتكلم
“شاكك في غفير الكنيسة دا، ما تيجي نروح الكنيسة”
“هما بيدخلوا غير المسيحيين؟”
“احنا مش بشر عاديين يابني احنا ظباط”
التفت لدراجته فتراجع للخلف بسرعة عندما فوجئ بطفلة صغيرة تقف امامه

 

“طلعتي منين انتي؟”
نظرت له بعينيها الزرقاء، شعرها اسود قصيرة، وفستانها الابيض الجميل،تشعرك وكأنها تشع نورًا، اثار في نفسه رغبة في النظر لها طويلًا
سألته وصوتها به رجفة خـ ـوف ميزها جيدًا
“لقيت اللي قـ ـتل يوستينا؟”
“متخـ ـافيش يا سُكرة هنلاقيه قريب”
صعد ياسر دراجة منسجم وصاح به
“يلا ياعم الهلالي عاوزين نمشي”
كان سيغادر فاوقفته الطفلة
“يوستينا قالتلي مين قـ ـتلها”
نزل الى مستوى الطفلة
“قالتلك اي يوستينا ياحلوة”
“قالتلي انها حلمت بالمسيح بيقولها امشي على الفطرة”
ابتسم منسجم بسخرية
“فين الي قـ ـتلها في الموضوع”
نظر ياسر الى منسجم بستغراب
“انت اتجننت ولا اي، يلا نمشي”
لم يجبه، فاخرج هاتفه وبدأ في تصويره بينما منسجم يحادث الطفلة
اجابت

 

“اللي قتـ ـلها بيصلي كل يوم، بيصوم قبل كل عيد، بيولـ ـع شموع كتير، مش بيمشي على الفطرة، بيضـ ـرب الجرس”
على في الارجاء صوت جرس الكنيسة يقرع بقوة، وقف منسجم وركز في الصوت جيدًا دار حول نفسه ليعلم اين يأتي، نظر للطفلة فلم يجدها بجانبه دار يبحث عنها وكأنها اختفت
امسك ياسر من زراعه ينزله من على الدراجة
“يلا هنروح نصلي”
“صلاة اي دلوقتي، انت اتجننت؟”
في الكنسية
استطاعا ان يدخلاها بموجب صلاحياتهما كشرطيين، كان القداس في منتصفه جلسا في اخر صف يتابعان ما يحدث بفضول، نظر منسجم لتصميم القاعة بحترافية كبيرة تمثال لتشبيه المسيح مصـ، ــــلوب اعلى الحائط وفي الاسفل بروايز صور غير واضح ما فيها لهما
همس ياسر
“هي دي صور؟”
“تقرييًا، مش واضحة من هنا”
وكز ياسر منسجم بخفوت
“اللحق مش دا راضي البطل؟ ”
“فين؟”
اشار له بعينيه على الصف الثاني ركز منسجم
“بيعمل اي هنا؟”
اجابه ياسر بسخرية
“ماهو مش ناقص غير يرتـ ـد عن الدين، هاترك معملوش فرعون نفسه”
همس منسجم
“ركز عليه كويس”

 

انتهى القداس وجميع من في القاعة غادروا، ماعدا راضي ومنسجم وياسر
ذهب راضي الى القس ومد يديه له، تكلم معه دون ان يسمعه منسجم او ياسر لبُعد المسافة، نظر القس لهما بعينيه ووجه حديثه لراضي ثواني ثم ترك القاعة وغادر من باب اخر
اشار لهم القس برأسه ليتقدما منه، وقفا قبالته فأخرج ياسر الشارة بينما منسجم دقق النظر في البراويز المعلقة اسفل تمثال تشبيه المسيح
بدأ ياسر حديثه
“ياسر شلبي، ضابط في فريق مكافحة الجـ ـرائم، حابين نسألك شوية اسئلة بخصوص”
صمت قليلًا ونظر لمنسجم الذي لم يكن منتبهًا لهم
فقاال القس
“بخصوص اي؟”
سحب منسجم بخفة من زراعه
“ركز معانا يا ضابط منسجم”
حمحم منسجم
“معلش سرحت شوية، عاوزين نسألك شوية اسئلة بخصوص يوستينا يوسف، اتقـ ـتلت من شهر تقريبًا في بيتهم”
نظر القس لهما ثوان ثم قال

 

“مش فاكرها، يعني الكنيسة كبيرة وبيجي فيها ناس كتير كل يوم”
اخرج منسجم من هاتفه صورة يوستينا ووجهها له
“يوستينا يوسف، كانت مواظبة على القداس وبتيجي دايمًا تولـ ـع شمعة زي ما بتقولوا”
نظر لها بدقة
“للاسف مش فاكرها مش هقدر افيدكم”
تركه منسجم وبدأ في المشي حول مكان وقوف لفت نظره تمثال منحوت ببراعة لشخص يقف ويحمل على كتفيه طفل صغير يمسك حمامة، ذُهل لثوان من دقة النحت والتفاصيل، من نحته فنان بكل ما تحمله الكلمة من معان
سأل بنبهار
“هو اي التمثال دا؟”
اجابه القس وهو ينظر للتمثال
“دا تمثال الفطرة، قدمه احد رواد الكنسية هدية”
حمله بين يديه فصاح به القس
“لو سمحت ممنوع لمسه، التمثال حساس جدا وممكن يتكـ ـسر”
لم يعيره اي اهتمام وبدأ في فحصه وسؤال عقله يدور بقوة؛ لقد راي هذا التمثال لكن اين، نظر في قاعدته فوجد منحوت حرفين (U) بطريقة توحي انه توقيع الناحت
همس وهو شارد في التمثال
“الفطرة، تمثال الفطرة”
على صوت القس
“يا سيادة الظابط التمثال حساس ممكن يتكـ ـسر”

 

وضعه مكانه بضجر
“يعني لو خبـ ـطت عليه هيتكـ ـسر؟ ”
طرق باصبعيه على التمثال فصدر صوت قوي
تركه واقترب من الصور
“هما دول صور الاطفال المنتظمة على الكنيسة، تشجيع ليهم يعني؟”
اجابه القس وقد بدا في الضجر منهما
“من شهرين قام حـ ـريق في الكنيسة وراح ضحـ ـيته الاطفال دي، تكريما لروحهم وتخليدًا ليها حطينا صورتهم تحت تمثال الرب”
كان ينظر لكل صورة على حدى، حتى توقف امام احداهن، لطفلة صغيرة، ذات عينان زرقاء وشعر اسود قصير، تزين وجهها بسمة توحي ببراءة صاحبها
شعر بقشعريرة تسري في سائر جسده دقق النظر فيها جيدًا فاشار لها
“هي البنت دي ليها توأم”
استغرب كلا من ياسر والقس من سؤاله، فاجابه القس
“معتقدش هى اصغر اخواتها وبنت وحيدة”
اخرج هاتفه والتقت صورة لها ثم توجه لهما، وجه حديثه للقس
“احنا اسفين على وقت حضرتك، سؤال اخير، شكلك صغير على الشغل دا؟”
“حب التدين ملهوش سن يا سيادة الضابط”
“عندك كام سنة؟”

 

“35 واتمنى يكون اخر سؤال، عندي مشاغل كتير اكيد، حضراتكم عارفين”
اماء له منسجم موافقًا
“اكيد اكيد، احنا خلصنا عمومًا، شكرا لتعاونك معانا”
شكراه ثم غادرا اخرج منسجم صورة الطفلة من هاتفه ووجهه لياسر
“مش دي البنت الي كانت بتكلمني من شوية؟”
“بنت مين؟”
“البنت الي قابلناها قدام بيت يوستينا، الي كنت بتكلم معاها”
نظر ياسر له بستغراب
“انت كويس؟ محتاج دكتور”
صاح منسجم به
“مش وقت هزار يا ياسر”
“انت مكنتش بتتكلم مع حد اصلا”
تكلم بحده

 

“ياسر وقت الهزار خلص اتكلم جد شوية”
اخرج ياسر هاتفه
“انت اللي بتهزر يا منسجم”
شغل الفيديو الذي صوره له امام. منزل يوستينا، وقد كان، منسجم يجلس القرفصاء ويحادث الهواء، اتسعت حدقته وهو يرى الفيديو، وعقله لا يصدق ما يحدث معه، اين الطفلة، وكيف حدث كل هذا؟ ايعقل ان تكون روحًا مرشدة؛ ترشده الى قـ ـاتل يوستينا، ام هناك ماهو ابعد من هذا؟ هل هذا حقيقي، هل يحدث هذا معه فعلًا، ام هو فقد عقله كما يقول ياسر؟ وماذا قصدت بالفطرة؟

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية انسجام)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى