روايات

رواية الكاشف الفصل الثاني 2 بقلم محمد شعبان

رواية الكاشف الفصل الثاني 2 بقلم محمد شعبان

رواية الكاشف الجزء الثاني

رواية الكاشف البارت الثاني

الكاشف
الكاشف

رواية الكاشف الحلقة الثانية

خلصت كلام مع الظابط اللي سابني ونزل، قفلت الباب وراه ودخلت الشقة غيرت هدومي وشغلت التلفزيون ودخلت كلتلي لقمة وبعد كده دخلت انام، حطيت راسي على المخدة وقبل ما احاول اروح في النوم على صوت التلفزيون الواطي اللي جاي من الصالة، فجأة قلقت لما لقيت صوت التلفزيون سكت!
قُمت من على السرير وخرجت من الأوضة عشان اعرف التلفزيون سكت ليه، بس اول ما خرجت، وقبل حتى ما اشوف الكهربا إذا كانت قاطعة ولا لأ، اتثبتت في مكاني.. جت لي حالة من الرعب لما سمعت حواليا أصوات تخبيط، والمصيبة بقى إن الأصوات دي كانت خارجة من الحمام!
بعدها على طول ابتديت اسمع صوت حد بيتكلم، بس ده مش صوت أي حد، ده صوت راجل انا عارفه كويس..
-بطل لعب يا أشرف لا تتعور… انا خلصت حلاقة وجايلك اهو.
ايه ده!.. ده صوت ابويا الله يرحمه، بس الاغرب من صوت ابويا بقى هو الصوت التاني اللي سمعته، كان صوت عيل صغير رد عليه..
-حاضر يا بابا.. يلا خلص بقى عشان انا جعان اوي.
ابتدا صوت ابويا يقرب اكتر… وكأنه خرج من الحمام..
-ايوة يا حبيبي انا خلصت اهو.. تعالى بقى على المطبخ عشان نحضر الغدا سوا.
ومع كلام ابويا ده أدركت إن اللي قدامي، هو مشهد حصل زمان ما بيني انا وابويا قبل ما يموت!.. لكن من بعد سكوت ابويا بقى وانا حسيت بحركة وأصوات حواليا، وكأن في حد بيمشي في الصالة وهو قاصد إنه يطلع صوت عشان يعرفني إنه موجود..
-مين؟.. ممم مين في الشقة؟!
قولت كده وابتديت احسس بإيديا عشان اوصل للكنبة، بس وسط ده كله لفت انتباهي حاجة مهمة اوي، حاجة اهم من الحركة ومن الاصوات ومن كل حاجة.. او بالظبط يعني هي كانت ريحة، نفس الريحة اللي شمتها وانا نازل على السلم يوم ما فاطمة اتقتلت وانا رايح الشغل، في الوقت ده حسيت إن في فكرة او ذاكرة نورت في عقلي، الريحة دي انا فاكرها كويس.. دي الريحة اللي كنت تملي بشمها في ابويا بعد ما بيحلق دقنه، ايوة ايوة.. دي الريحة اللي لما كنت بسأل ابويا عليها، كان بيقولي إنها كولونيا بيستعملوها الرجالة بعد ما بيحلقوا دقنهم!
فضلت سرحان ثواني.. لحد ما سمعت صوت واحدة ست، ومش أي ست.. ده صوت فاطمة جارتي اللي اتقتلت، عرفت اميزه كويس لأنها هي وجوزها كانوا بيطلعوا لي الفطار في رمضان اللي فات، وكمان لأني لما كنت بقابلها على السلالم، كانت بتسلم عليا.. وانا كشخص كفيف، حاسة السمع عندي اقوى من الناس العادية، وقتها اترعبت.. اترعبت وبلعت ريقي بصعوبة بعد ما قالتلي بصوت عالي ومزعج..
-صح.. امشي ورا احساسك.. امشي ورا احساسك يا أشرف، افتكر.. انا حاولت افكرك.. واللي تفتكره بلغ بيه.. هو اللي قتلني.. هو اللي قتلني..
وفضلت تكرر جملة هو اللي قتلني دي كذا مرة لحد ما زعقت فيها بصوت عالي..
-انتي جيتي ازاي.. انتي مش موتتي.. اسكتي بقى اسكتي اسكتي، صوتك مزعج.. اسكتي..
وفعلًا سكتت، بس سكوتها ده كان أسوء حاجة حصلت لأن بعده على طول ابتديت اسمع خبط وترزيع حواليا.. كأن عفش البيت بيتكسر حتة حتة، حطيت إيدي على وداني وابتديت اقرأ قرأن بصوت عالي وانا بلف في الصالة زي اللي مش عارف يعمل ايه ولا يروح فين.. وفي لحظة، حسيت بإيد بتزقني في صدري بقوة.. وبسبب الزقة دي، غصب عني رجعت لورا وانا بحاول اتفادى إنِ اقع، وبرضه ماقدرتش.. ماقدرتش اتفادى ده ووقعت على ضهري وانا حاطط إيدي على وشي، ومع وقوعي.. الأصوات كلها سكتت ومابقتش سامع إلا صوت واحد بس.. صوت خبط على باب الشقة!
شيلت إيدي من على وشي وابتديت امشيها على الأرض اللي انا قاعد عليها، لكن اللي اكتشتفته من ملمسها ومن صوت الباب اللي كان بعيد، إنها مش أرض ولا انا واقع في الصالة من أساسه، انا لسه نايم على سريري، وده معناه إن كل اللي اتعرضتله ده كان حلم!
خدت يادوب ثواني عقبال ما فوقت، بعدهم قُمت من على السرير وروحت فتحت باب الشقة.
-استاذ اشرف.. ازيك؟!
ماخدتش وقت كبير عشان اميز صاحب الصوت، ده استاذ فهيم جوز الست فاطمة اللي اتقتلت..
-انا كويس يا استاذ فهيم.. حمد لله عالسلامة والبقاء لله.
-الله يسلمك.. حياتك الباقية.
فتحت الباب على اخره وشاورتله يدخل..
-اتفضل اتفضل..
دخل هو وانا دخلت وراه وقفلت الباب، ومع دخولي سمعت صوته الكرسي وهو بيقعد عليه، فروحت بلهفة وقعدت قصاده وانا بسأله..
-هو حضرتك رجعت من السفر امتى؟!
-من ساعات، اول ما عرفت الخبر حجزت مستعجل ونزلت على طول، ومع وصولي.. عديت على القسم وهناك قالوا لي اللي حصل بالظبط.. وبعد ما خلصت معاهم جيت على هنا، اتكلمت مع جارنا استاذ عبده اللي اكتشف اللي حصل لما اتصلت بيه وقولتله إن فاطمة مابتردش عليا، وبعد ما خلصت كلام معاه جيتلك..
وقتها حسيت إنه بيعيط وهو بيكمل…
-جيتلك يمكن تقولي على أي معلومة او أي حاجة ممكن تساعدني اعرف مين اللي قتل مراتي، انا هتجنن.. هتجنن ومش قادر استوعب، طب لو اللي قتلها عمل كده بغرض السرقة، ازاي الباب ماتكسرش ولا في حاجة نقصت من الشقة ولا حتى حاجة اتحركت من مكانها بحسب كلام كل اللي موجودين وكمان بحسب كلام حماتي… وبعدين هو اللي هيسرق كان هيسرق ايه يا حسرة، هو احنا بنشيل في بيتنا ملايين!
قربت منه وحاولت اواسيه..
-صلي على النبي كده واهدى.. الدموع مش هتساعدك في حاجة، صلي وادعيلها وادعي كمان إن الحكومة تقدر تلاقي اللي عمل كده.
-حكومة!.. حكومة ايه يا استاذ اشرف، دول يومهم بسنة، انت بس ساعدني.. قول لي لو فاكر اي حاجة او..
قاطعته بسرعة قبل ما يكمل كلامه..
-ماعرفش يا استاذ فهيم.. ما انا لو اعرف أي حاجة، بالتأكيد يعني كنت هقولها للظابط اللي جه ودردش معايا امبارح، انا اه كنت موجود وقت اللي حصل.. بس والله العظيم انا ماسمعتش اي حاجة بسبب صوت التلفزيون اللي كان عالي.
بعد ما قولتله كده، سمعت صوت الباب بيخبط، وبمجرد ما قُمت فتحت، سمعت صوت لؤي اللي كان بيخبط وهو بيقولي..
-ازيك يا أشرف.. في حد عندك ولا..
سكت لما قرب مني وكان واضح كده إنه بص جوة ولقى استاذ فهيم، في الوقت ده حسيت إنه سكت فجأة، وفي الحقيقة ماعرفش سكت ليه، لكني رديت عليه وانا بشاور جوة الشقة..
-اه.. استاذ فهيم يا لؤي.. ادخل ادخل.
دخل لؤي وسمعته بيقول لاستاذ فهيم بصوت مهزوز او متوتر..
-حمد لله عالسلامة.. البقية في حياتك يا استاذ فهيم، انا لسه والله عارف من ابويا اللي حصل.
بعد كده سمعت فهيم وهو بيرد عليه…
-حياتك الباقية يا استاذ لؤي.. طيب.. هستأذن انا بقى، وزي ما قولتلك يا استاذ اشرف.. لو افتكرت اي حاجة ابقى قول لي عليها، هات تليفونك اسجل لك رقمي.
اديته التليفون سجل رقمه عندي وبعدها خد بعضه ومشي، قفلت وراه الباب ورجعت قعدت انا ولؤي مع بعض وابتدى هو الكلام لما قال لي..
-والله يا أخي انا هتجنن.. مين اللي عمل العملة السودة دي وعمل كده ليه اصلًا، ده الراجل يا عيني الله يكون في عونه، انت ماشوفتش شكله عامل ازاي… عيونه وارمة وحمرة من كتر العياط.. ربنا يصبره بقى و..
كان لؤي بيرغي وانا مش مركز معاه، انا كنت مركز مع الريحة اللي كنت شاممها، ريحته.. الريحة دي نفس ريحة الكولونيا إياها!
-ايه يا عم اشرف.. ساكت ليه؟!
قُمت من مكاني وقربت منه وانا بقوله..
-قرب وشك يا لؤي.
قرب مني وابتديت امشي إيدي على وشه، دقنه لسه محلوقة، والريحة اللي طالعة منه هي كمان بتأكد كده..
-في ايه يا أشرف؟!
بلعت ريقي بتوتر ورديت عليه بتلقائية..
-لؤي.. انت حلقت دقنك امتى؟!
-امبارح الصبح، ماهو امبارح كان اخر يوم في الاربعين بتاع اكرم، وعشان كده قررت احلق دقني في البيت، ده انا حتى اتعورت وعمال احط في الكولونيا من امبارح عشان مش متعود احلق في البيت، يلا.. اهي جت كده ومانزلتش للحلاق بقى.. بس… بس سؤالك غريب، انت بتسأل ليه من أصله؟!
ماجاوبتش على سؤاله بجواب.. انا رديت بسؤال..
-لؤي.. انت كنت على علاقة بالست فاطمة مرات استاذ فهيم الله يرحمها؟!
سكت شوية، حسيت فيهم إنه بيجمع افكاره او بيرتب الكلام اللي هيقولهولي..
-لا.. لا لا طبعًا ما ما ماكنليش علاقة بيها، انت تقصد ايه يا أشرف؟!
سكتت.. ماردتش عليه، لؤي كان بيكدب عليا، ومع سكوتي سألني تاني..
-اشرف.. تقصد ايه بسؤالك ده فهمني، انت شاكك فيا؟!
-لا يا لؤي.. بس.. بس.. انا اعصابي متوترة شوية وحاسس اني متغلبط، الراجل صعبان عليا اوي، واللي عمل كده حد معاه مفتاح الشقة، يعني مش حرامي.
-طب وانا ايه دخلي بده كله.. انا مابجيش العمارة هنا اصلًا إلا عشانك انت، ما انت عارف… ما انت عارف إننا ساكنين بعيد عنها، وإن انا ماليش علاقة بأي حد من السكان، زي ما ليا علاقة بيك بحكم إن والدك الله يرحمه كان صاحب والدي، وانا وانت كنا صحاب من واحنا صغيرين وقت ما كنا عايشين في الشقة اللي فوقيك زمان.
هزيتله راسي وسكتت.. ماكنتش عارف ارد اقوله ايه، هل اقوله على موضوع الكولونيا ولا اسكت.. ماهو جايز اكون انا غلطان وظالمه، بس هكون ظالمه ازاي ولؤي شاب.. هو في شاب عادي ممكن بعد ما يحلق يستخدم كولونيا زي الناس بتوع زمان!
التفكير خلاني سكتت لدرجة إنه اتضايق وقال لي بنبرة صوت كان واضح فيها الزعل..
-بقولك ايه يا اشرف.. انا مقدر إن اعصابك تعبانة وإن اللي بيحصل مع فهيم فكرك بمراتك الله يرحمها، بس ده مش معناه إنك تشك فيا بالشكل ده.. وعمومًا، انا ماشي.. انا بس كنت جاي اقولك إن ابويا قال لي اعدي عليك النهاردة واخد منك الإيجار، هات الالفين جنيه اديهمله.
رديت عليه بسرعة..
-لا يا لؤي.. حقك عليا، ماقصدش اضايقك، بس انا زي ما انت، قولت اعصابي تعبانة بعد اللي حصل..
قولتله كده واتمشيت ناحية أوضة النوم وانا بكمل كلامي..
-ثواني.. هجيبلك الفلوس.
دخلت جيبتله الفلوس اللي بعد ما خدها مني، اداني الوصولات المتأخرة وبعد كده مشي وسابني لوحدي.. سابني قاعد بتكلم مع نفسي وانا هتجنن…
“معقول يكون لؤي قاتل!… طب ولو هو اللي قتلها، قتلها ليه وازاي؟!.. وبعدين ريحة الكولونيا دي معناها ايه!.. انا هتجنن!!”
فضلت اتكلم مع نفسي وانا قاعد على كنبة الصالة لحد ما حسيت إن دماغي واحدة واحدة بتتقل، فردت جسمي على الكنبة وقولت اريح شوية لأن الظاهر كده ماعرفتش انام كويس بسبب الحلم او الكابوس اللي عيشته من شوية… وقبل ما تسأل نفسك انا زي عيشت كابوس، فانا هجاوبك.. الشخص اللي بيتولد كفيف بيحلم زيه زيك، لكن احلامه بتبقى شبه حياته بالظبط، اصوات واحاسيس وروايح.. إنما ألوان ونور، لأ.. انا ماعرفش يعني ايه نور، ماعرفش يعني ايه ألوان ولا ملامح.. انا لما بحلم بحس واسمع واشم، إنما مابشوفش في الحلم.. وده على عكس الشخص اللي اتولد بيشوف وبعد كده اتعرض لحادثة او لأي حاجة خلته يبقى كفيف، الشخص ده لما بيجي يحلم، ذاكرته وعقله الباطن، بيخلوه يشوف ألوان وصور حتى لو هو كفيف في الحقيقة.. وعشان كده انا سمعت وشميت وحسيت في الحلم اللي حلمته قبل ما اصحى على خبطات فهيم، وبرضه نفس اللي حصل في الحلم او الكابوس الأولاني.. حصل في الحلم التاني، اه.. ما انا لما فردت جسمي على كنبة الصالون، سمعت وقتها صوت باب شقتي بيتفتح، ومع صوت فتح الباب.. شميت نفس الريحة، ريحة الكولونيا!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط علي : (رواية الكاشف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى