روايات

رواية سدفة الفصل الثامن 8 بقلم آية شاكر

رواية سدفة الفصل الثامن 8 بقلم آية شاكر

رواية سدفة الجزء الثامن

رواية سدفة البارت الثامن

رواية سدفة الحلقة الثامنة

“نداء إنتِ معايا؟!”
أما رامي فحين تناهي لسمعه اسم نداء أطبق يده على فمه في دهشة وأرهف سمعه لباقي الحوار…
“نداء ردي عليا طمنيني عليكِ”
نطقت نداء:
“جاوبني بصراحه… إنت تعرفني شخصيًا صح!”
الحلقة (٨)
#رواية_سدفة
بقلم آيه شاكر
“إيه السؤال الغريب ده! يعني إيه أعرفك شخصيًا؟!”
قالها رائد مستفهمًا وقد غضن جبهته متعجبًا وجلس على طرف فراشه، ورامي ينظر له بوعيد من أسفل الجهة الأخرى للفراش…
أخذت نداء تقرض شفتيها باضطراب وهي تفكر ماذا لو كانت مجرد صدفة ولم يكن يعرفها!! يجب عليها أن تتريث وتنتقي كلماتها كي لا تضع نفسها في مأزق.
وحين طال صمتها قال:
“يبنتي ردي عليا فيه ايه!”
“مـ… مفيش حاجه…”
“طيب كنتِ فين كل الفتره دي؟!”
أجابت باقتضاب:
“مـ… موبايلي كان بايظ”
قال بصوت رخيم وقلق حقيقي:
“قلقت عليكِ جدًا متعرفيش كنت عامل ازاي… كنت زي اللي ضايع منه حاجه”
خرجت الكلمات من قلبه لتدخل قلبها مباشرة، فأجفلت حين باغتتها مشاعرها وتحركت نحوه، قالت بصوت حاولت إخراجه طبيعيًا:
“أنا… أنا لازم أقفل”
قال بانفعال متعجبًا من تغيرها المباغت:
“إنتِ متغيره ليه؟ هو بابا وماما مزعلينك ولا ايه!!”
صمتت لبرهة أخزت نفسًا عميقًا ثم زفرته كمحاولة للتملص من سطوة مشاعرها، فسمع صوت زفيرها، قالت:
“لـ… لأ… مفيش حاجه… بص أنا صايمه النهارده فـ… يعني منتكلمش دلوقتي و…”
لم تكمل ولاذت بصمتها مجددًا حين تذكرت فقد كانت تكلمه الشهر الماضي وكان شهر رمضان! قطع رائد الصمت ليتفوه بما خشيت:
” ما احنا كنا بنتكلم طول رمضان إيه اللي اتغير! أنا مش فاهمك!!”
قالت بنفاذ صبر وحدة لم يعهدها منها:
“مش مهم تفهم… أنا مضطره أقفل سلام”
لم تنتظر إجابته وأغلقت هاتفها ثم وضعته جانبًا وهي تلهث وكأنها كانت في سباقٍ بين كلماته وكلماتها…
نظرت لسقف الغرفة وأعينها تلمع بالدموع وقالت برجاء:
“يارب… مكنتش عارفه خطورة الموضوع ده!!!”
******
نظر رائد لشاشة هاتفه بملامح مجعدة ثم قال بنزق:
“إيه الطريقه دي!!!”
لوى شفتيه لأسفل متعجبًا ثم نفخ الهواء من فمه ووضع هاتفه جانبًا وهو يفكر في نبرة صوتها وما قالته! وفجأة جفل ووثب من مكانه عندما سمع صوت رامي الذي كان يخرج من أسفل فراشه مطالعًا وجه رائد المصدوم ثم دنا منه ولف ذراعه حول كتيفه قائلًا بهدوء وبابتسامة جليدية:
“يلا بقا يا حبيب أخوك احكيلي من الأول”
تلعثم ىائد وهربت منه الكلمات لوهلة ثم قال بجمود:
“إنت كنت بتعمل إيه تحت السرير؟… بتتجسس عليا يا رامي؟!”
قالها رائد وهو يشير لنفسه، فابتعد عنه رامي وجلس على المقعد ثم قال متجاهلًا حديثه السابق:
“قولتلي معرفهاش وطلعت بتكلمها! فهمني بقا إيه اللي بيحصل!!”
ضغط رائد على أسنانه بغيظ وأغلق جفونه لبرهة يفكر فيما قاله لها قبل قليل وما وصل لسمع أخيه ليعرف كيف يبرر! وأخيرًا تأكد أنه لا مناص من قول الحقيقه، جلس قبالته وقال متنهدًا بقلة حيلة:
“هحكيلك يا رامي”
قص عليه كل التفاصيل وكيف تعرف عليها وأنها ليست نفسها نداء كما يظن بل هو من أطلق عليها هذا الإسم.
كان رامي منصتًا لكل كلمة يتفوه بها ويُطالعه بجدية حتى انتهى فأطلق رامي ضحكة كالزفرة وهز رأسه مستنكرًا ما فعله أخوه وقال:
“أنا أول مره أعرف إن إنت مراهق!!!”
مال رامي بجزعه العلوي نحو أخيه وقال وهو يحدق بعمق عينيه:
“يا حبيبي إنت فاهم إنت بتعمل ايه؟! إنت مسميها باسم البنت اللي انت معجب بيها يا رائد! وكل ما تيجي تكلمها أكيد بتتخيل صورة نداء قدامك… تنكر إن ده بيحصل؟!”
اومأ رائد برأسه وقال بصدق:
“بيحصل بس والله كلامنا كان باحترام أصدقاء وإخوات…. يا رامي أنا مغلطتش”
“مغلطتش!!!! يابا فوق إنت الغلط راكبك من فوق لتحت… وبعدين متضحكش على نفسك اخوات ايه إنت معجب بـ نداء وبتكلمها على الأساس ده!”
لم يعقب رائد وأطرق بصره لأسفل يفكر فيما قاله رامي فهو محق بكل كلمه! فلا تفارقه صورة نداء أثناء المكالمه وكأنه يقنع حاله بأنه يخاطب نداء!
نهض رامي وأردف:
” أقعد مع نفسك وشوف إنت بتعمل ايه!… شوف إنت عايز إيه يا رائد… لو معجب بالبنت اللي بتكلمها دي اتقدملها… ولو معجب بنداء اتقدملها إنما كده إنت بتتصرف زي المراهقين!”
خرج من الغرفة بعد أن رمقه بنظرة أخيرة دون أن ينبس بكلمة…
بقلم آيه شاكر
استغفروا 🌹
★★★★
انقشع الضباب عن الأفق معلنًا عن يوم حار، كانت رغدة مستندة بمرفقيها على سور الشرفة ترتشف من كوب العصير بيدها كل فترة وهي تتأمل الشارع والمارة ثم أخذت تلحن:
“إنت خايف من رموشي يجر.حوك مبيجـ…”
توقف لسانها وارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها حين رأت رامي يمر أسفل الشرفة، فقالت:
“ازيك يا رامي؟ حمد الله على السلامه”
رفع رامي رأسه لأعلى وخلع نظارته الشمسية وقد فطن لسخريتها فقال بنفس نبرتها:
“الله يسلمك يا رغدة… لسه فاكره”
قالت بدلال مستفز:
“معلش بقا المشاغل”
قال باستهزاء:
“مشاغل!!”
كادت أن ترد لولا صوت «ريم»:
“رغدة أنا خارجه أشتري حاجات لماما أجيبلك حاجه معايا؟!”
ردت وبصرها مسلط على رامي:
“لا شكرًا يا ريم”
خرجت ريم للشرفة ونظرت محل ما تنظر أختها فكان رامي يُطالع رغدة باستفزاز وهي تبادله نفس النظرات، فقالت ريم بارتباك:
“إ… إزيك يا رامي؟”
تغيرت ملامحه لابتسامة ندية شقت ثغرة فور رؤيتها ورد بصوت رخيم:
“الحمد لله ازيك يا ريم”
ردت في سرعة:
“الـ… الحمد لله”
لم تتلاشى ابتسامته وهو يُطالعها وابتسمت ريم بحياء قبل أن تخفض بصرها و«رغدة» تبدل نظرها بين كليهما وترمقهما من أعلى لأسفل إلى أن ظهرت والدتهما «فاطمة» وهي تتسائل:
“انتوا بتكلموا مين؟!”
وفور أن رأها رامي ارتدى نظارته الشمسية وغادر دون أن ينبس بكلمة أخرى.
دخلت فاطمة وجلست على الأريكة لتجلس رغدة هي الأخرى قبالتها وتقول بامتعاض:
“دا الواد اللي اسمه رامي ده سمج”
أردفت بحقد:
“بجد مبطقش الواد ده ولا اخواته”
فاطمة بتأكيد:
“ومين بيطيقهم أصلًا!! ولا أمهم اللي متعرفش ربنا موقفه حالك… كل ما نفك السحر تروح تجدده”
“مستحيل طنط شيرين تعمل كده!!”
وكأنهما انتبهتا لوجود ريم التي تدافع عن عمها وعائلته بصورة مستمرة، فردعتها فاطمة بجملة معتادة:
“اسكتي انت طيبه وعلى نياتك”
رغدة متهكمة:
“معرفش والله بتدافعي عنهم ليه دا أنا حاسه انك بتحبيهم أكتر مننا!! الظاهر كده شيرين عملتلك سحر إنتِ كمان”
هزت ريم عنقها يمنة ويسرة في استنكار وقالت:
“سحر ايه!! أنا معرفش إنتوا مصدقين الأوهام دي ازاي!!”
أردفت ريم وهي توقع كلماتها:
“طنط شيرين وعمو دياب وعيالهم يعرفوا ربنا ومستحيل حد فيهم يفكر يأذينا”
رفعت فاطمة إحدى حاجبيها وقالت بحدة:
“بت إنتِ معاهم ولا معانا!!”
أشارت ريم لنفسها وقالت بثقة:
“أنا مع الحق”
مصمصت فاطمة بشفتيها وقالت وهي تهز عنقها بمرونه:
“والحق ده بقا مش معانا ليه!! عمك يختي واكل حقنا دا ضحك على جدك قبل ما يموت وخلاه يكتبله بيت كامل باسمه”
ريم بتوضيح:
“ماما انت بتنبشي في ماضي اتردم عليه وبابا وعمي اتصالحوا خلاص”
رغدة بتوضيح:
“اتصالحوا قدام الناس لكن اللي في القلب في القلب”
ريم بنفاذ صبر:
“أنا همشي عشان عارفه إن الجدال معاكم ملهوش فايده”
سارت متجهة صوب باب البيت وفاطمة تشير ناحيتها وتنظر ل رغدة قائلة:
“شوفي البت وقلة أدبها بتكلمني ازاي وبتعارضني!!!”
التفتت ريم قبل أن تمد يدها وتفتح الباب وقالت بنبرة هادئة:
“مش بعارضك يا ماما بس بحاول أفهمك إن إنتِ غلط”
شهقت فاطمة واتسعت حدقتيها وهي تقول:
“أنا غلط!! تصدقي إنتِ عايزه تتربي من جديد”
رغدة بلامبالاه:
“سيبك منها يا ماما دي هطـ…له… المهم احنا هنروح للشيخ امته نفك السحر ده”
ريم بانفعال:
“شيخ ايه!! دا دجال وكـ…ذاب”
فاطمة بحدة:
“امشي يا به… امشي روحي هاتي الطلبات بدل ما اتعصب عليكِ…”
هزت ريم رأسها مستنكرة وخرجت ثم صكت الباب خلفها فأصدر دوي أزعجهما فقالت فاطمة:
“جتك البلا في شكلك بت بومه مش طالعالنا!!”
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ♥️
★★★★★
مرت الأيام بروتينية لم يحدث جديد كانت ريم تتهرب من رامي تتابعه وهو يخرج من بيته أو يدلف لبيته وأحيانًا يراها فيغمز لها أو يبتسم فتبتسم…
ولم ترفضه أو تقبله وهو لم يخوض سجال الموضوع مرة أخرى كان ينتظر لحين عودة عمه من عمله في مرسى مطروح ليفاتحه في الموضوع مباشرة…
أما نداء فلم تتحدث مع رائد مرة أخرى ولم يفعل رائد ولكن ظل يفكر بها ويتذكرها كل يوم ويتسائل لم ابتعدت فجأة! هل شعرت بخطئها أم وجدت ملاذًا أخر…
وفي تلك الفترة كانت نداء تتبع حمية غذائية بها الكثير من الخضراوات والقليل من الكربوهيدرات لتستقبل عيد الأضحى ببشرة نضرة تُشع حيوية كما قالت طبيبة التغذية في برنامج عبر التلفاز إضافةً لجسد منحوت…
ظهرت نتيجة الثانوية العامه ولم تنشغل بها نداء ولا عائلتها لأنها ستلتحق بأي كلية يدفعها التنسيق نحوها…
وفي فجر يوم عيد الأضحى قبل أن يستيقظ أفراد البيت جلست «نداء» على أرضية غرفتها تلهث بعدما انتهت من التمارين الرياضية…
أخذت تتسائل لمَ ابتعد رائد ولم يُحدثها منذ أخر مرة هل لأنها حدثته باقتضاب، أم كان يتسلى معها ووجد فتاة أخرى!!
نهضت عن الأرض وجلست قبالة مكتبها تحمل هاتفها بشاشته الصغيرة لتفتح تطبيق التواصل الإجتماعي الذي لا تمتلك غيره الفسبوك…
ظلت تضغط على زر الهاتف في سرعة وتقلب بداخل التطبيق بلا هدف حتى شخص بصرها حين ظهرت أمامها صورة رائد واسمه باللغة الإنجليزية فتحت الملف الشخصي الخاص به ثم صورته حملقت بها كان مبتسمًا فطُبعت ابتسامته على شفتيها…
أخذت تتأمل وجهه بيضاوي الشكل وبشرته القمحي المائلة للحمرة وملامحه الهادئة؛ عيناه اللتان تضيقان حد إغلاقهما عندما ينفرج ثغرة، وشعره الأسود الناعم والكثيف…
زفرت متنهدة وهي تعود بظهرها للخلف وتُحدث صورته:
“اتمنيت لو كنت أخويا بجد”
صمتت برهة وهي تُحدق بشاشة هاتفها ثم أردفت:
“يا بخت وئام وهيام بيك”
اختفت صورته وانتفضت فجأة أثر ظهور اسمه على شاشة الهاتف حتى كاد الهاتف يسقط من يدها وضغطت زر إجابة الإتصال بالخطأ ليأتيها صوته:
“بقالك أكثر من شهر مش بتتصلي ولا أعرف عنك حاجه! حتى لو مش هنتكلم تاني خلينا ننهيها صح مش هتبقى بداية غلط ونهاية غلط كمان!”
احتبست الكلمات داخل صدرها فلم تنبس ببنت شفه، كان يسمع صوت أنفاسها المرتفعة فأردف:
“كل عام وإنت بخير”
ابتلعت ريقها باضطراب وقالت:
“وإنت بخير عيد سعيد عليك”
صمت لبرهة ثم قال:
“عامله ايه؟”
“الحمد لله بخير”
أطبق عليهما الصمت فقالت نداء بتردد:
“بص أنا… أنا راجعت نفسي إحنا مينفعش نتكلم عشان كده بعدت عنك”
“طيب مش تقوليلي الأول”
أردف متنهدًا:
“أنا متصل عشان أقولك إن اللي مرضاهوش على أخواتي البنات أكيد مش هرضاه لبنات الناس..”
سكت لبرهة واستطرد:
“وأتمنى متغلطيش تاني ولا تكلمي حد تاني غيري لأن مش كل مره هيطلع شخص محترم”
قالت بانفعال:
“والله أبدًا أنا عمري ما هعمل كده تاني… أنا أول مره أكلم شاب كنت إنت والله العظيم”
قال بابتسامة:
“أتمنالك السعاده دائمًا يا…”
صمت لوهلة ثم أردف:
“عندي طلب واحد قبل ما أقولك الوداع”
“اتفضل”
“أنا عايز أعرف اسمك الحقيقي”
صمتت في حيرة أتقول اسمها أم لا وأخذت تردد:
“اسمي… اسمي…”
“اسمك ايه؟!”
ابتلعت ريقها في اضطراب وقلبها يختلج، ثم قالت:
“إسمي هو اللي إنت سميتني بيه…”
سألها مرة أخرى ليتأكد:
“يعني اسمك ايه؟!”
قالت بأنفاس متسارعة:
“أنا نداء”
أغلقت الخط في سرعة ووضعت رقمه في قائمة الحظر ثم ألقت الهاتف على مكتبها وأطبقت يدها على فمها للحظات وكان صدرها يعلو ويهبط في اضطراب شديد وتشتت أشد، انحت للأمام واستندت برأسها على المكتب، وهي تحاول تهدئة نفسها مرددة:
“حتى لو عرفني مش مهم خلاص كل حاجه انتهت…”
رفعت رأسها عن المكتب وخاكبت نفسها:
” خلاص اهدي يا نداء الموضوع انتهى واتقفل ومش هتشوفيه تاني خلاص…”
حدقت بنقطة وهمية في الفراغ وقالت:
” ولا هكلمه ولا هشوفه الموضوع خلص واتقفل… صفحة واتقطعت”
وثبت من مكانها واستلقت على فراشها بإرهاق نفسي وجسدي وأخذت تسمع صوت تكبيرات العيد يدوي بالخارج وتردد معها…
******
أخذت جملتها الأخيرة تمور في رأسه «أنا نداء» فقال لنفسه عاقدًا جبهته بتعجب:
“نداء!!… اسمها نداء!!”
هز رأسه يمنة ويسرة نافيًا ما قاله للتو وكأنه يتحدث مع شخص أخر:
“لا لا أكيد بتكذب… أكيد مش عايزه تقولي اسمها…”
رفع كتفيه لأعلى وقال:
“عندها حق أكيد خايفه”
طلب رقمها مجددًا ليخبرها بأنها كـ…اذبة ولكن في كل مره يأتيه أن الهاتف مشغول فعلم بأنها وضعت رقمه في القائمة السوداء فارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه وردد:
“وداعًا يا أول بنت وأول غلطه في حياتي”
لم يضع رقمها في قائمة الحظر مثلما فعلت ولم يحذفه من جهات الاتصال لكن اكتفى بحذفه من سجل الاتصال…
وأخذ يتجهز ليخرج لصلاة العيد…
بقلم آيه شاكر
استغفروا♥️
★★★★★
جفاها النوم لأيام تفكر فيما قاله «رامي» تتذكر نظراته وغمزاته وكلامه لها وتبتسم، صلت استخارة وما زال قلبها يرفضه وفي نفس الوقت يجذبها عقلها لتوافق فقد لا تجد فرصة مماثلة لتهرب من هذا البيت فهي تشبه خادمتهم تنظف البيت تغسل ثيابهم وتجهز طعامهم ثم تغسل الأواني وأهملت مذاكرتها، وفي النهاية تسمع جملة واحدة “إنتِ بتعملي إيه طول اليوم؟!”
نظرت لأختها «رغدة» القابعة أعلى فراشها فكم نسجت أحلامًا تمنت لو يتزوج رامي بـ رغدة وتتزوج هي من رائد الذي تهيم به ولكن الأحلام لا تتحقق دائمًا وعليها أن تفكر بعقلانية وتقنع قلبها بـ رامي فلن تجد رجلًا مثله ولو انتظرت أبدًا ولا تريد أن يكون مصيرها كأختها!
كانت تتحدث في سريرة نفسها ثم نطقت:
«وعلى رأي اللي قالوا خد اللي بيحبك ومتاخدش اللي تحبه»
حاولت إيقاظ أخواتها لصلاة العيد ولم يستجب أحد ومر الوقت وانتهى الناس من صلاة العيد ومازال السكون يعم البيت.
جاوزت الساعة العاشرة صباحًا واستيقظت والدتها ودلفت المرحاض دون النطق بكلمة، ووقفت ريم بالشرفة تتابع الأطفال في الشارع حتى جذب انتباهها خروجه من بيته وهو يسير برتابة مرتديًا بنطال كحلي وقميص بلون السماء الصافية ونظارته الشمسية فبدأ وسيمًا اتسعت ابتسامتها ووقفت تنتظر مروره وحين رآها تهللت أساريره التفت حوله ليتأكد من خلو الشارع إلا من بعض الأطفال قال مبتهجًا:
“هنخرج نعيد سوا طبعًا؟! ”
هزت رأسها نافية وقالت:
“مش هينفع بابا هيجي من السفر النهارده”
“يجي بالسلامه ان شاء الله ”
أشار لها أن تحدثه عبر الهاتف فأومأت رأسها وابتسمت بعذوبة لتتلاشى ابتسامتها فجأة حين وقف الأخ الأكبر «صالح» جوارها على حين غفلة وطالع رامي بحدة فتظاهر «رامي» بالحديث عبر هاتفه، نظر صالح لأخته وقال بحدة:
“إنتِ يا زفته خلصي اكويلي هدومي عشان خارج”
ارتبكت في البداية وهي تُطالع رامي ثم تمالكت حالها وقالت بنفس الحدة:
“هو حد قالك إني الخدامه بتاعتك روح إكويها لنفسك”
قال بتهكم:
“لا والله!!!… اخلصي ادخلي جهزي هدومي بلاش مياعه”
قالت بعناد وهي تضغط على كل كلمة:
“مش هجهر حاجه أنا مش شغاله عندكم”
قال بنفاذ صبر:
“هكررها مره أخيره روحي جهزيلي هدومي يا ريم”
رفعت ذقنها لأعلى وقالت بعناد وحزم:
“وأنا كمان بقولك مره أخيره لأ”
جذبها من حجابها بعنـ…ف فصرخت مما أثار انتباه رامي، الذي وقف يتابع ما يحدث بقلق، فدفعها صالح للداخل وهي تقول بصوت خافت وكلماتٍ أخرجتها بصعوبة بالغة:
“حاسب يا صالح هتخنق”
لم يتركها بل أخذ يزيد من قبضته على حجابها حتى التف على عنقها، كان يصرخ بها كالمجـ..نون:
“لما أقولك على حاجه تنفيذها من غير نقاش فاهمه؟”
ظل يسحبها بعنـ…ف وهي تحاول التملص من قبضته وتمسك بالحجاب الملتف حول عنقها وتحاول نزعه حاولت وحاولت وهي لا تسمع أي كلمة يقذفها بها صالح، وتنظر لوالدتها التي خرجت من المرحاض للتو ورددت ببرود:
“تستاهلي كل اللي يجرالك عشان لسانك طول”
خرجت« رغدة» من غرفتها ركضًا أثر صياح أخيها وتبعها «مؤمن» الذي يصغرها بعامين وتشابك مع أخيه الأكبر لتخليص ريم من بين يديه وهو يهتف:
“سيبها يا مجـ…نون إنت بتعمل ايه”
صالح وهو يجرها بلا هوادة:
“دي ناقصه ربايه وواقفه في البلكونه تكلم الواد رامي… شوفتها بعنيا”
رغدة بلهفة:
“سيبها يا صالح البنت هتتخنق”
تعالت أصواتهم تزامنًا مع طرقات الباب العنيـ..فة وفجأة تجهمت الوجوه واحتبست الأنفاس حين خار جسد ريم وجثت ركبتيها قبل أن يرتطم جسدها بالأرض وتغلق جفونها…
بقلم آيه شاكر
لا حول ولا قوة الا بالله❤️
★★★★★
وعندما انتهى رشدي من حديثه مع «دياب» عبر الهاتف وثب واقفًا وهتف مبتهجًا:
“يا أهل البيت… يا دينا… يا نداء”
هرولوا إليه جميعًا وطالعوه بترقب، فبرم شاربه وقال بزهو وهو يبدل نظره بينهم:
“عندي ليكم مفاجأة إنتوا مستنينها من زمان”
نظر له الجميع في ترقب ونداء تُحدث نادر بالأشارة أن هناك مفاجأة، ونادر يرد بالإشارة وهو مبتسم:
“ربنا يستر”
أردف رشدي:
“استعدوا هنسافر اسكندريه نصيف”
دينا باستغراب:
“بتتكلم بجد!!!”
قال بحـ…ماس:
“وهنقعد إسبوع كامل كمان”
اتسعت ابتسامة «نداء » وابتهجت فهي تحتاج لتغير الجو علها تنسى رائد للأبد! فأخيرًا سترى البحر، لطلما حاولت إقناع والدها أن يذهبوا ولو ليوم واحد وكان يُصر على الرفض فلابد أن معجزة ما قد حدثت، قالت دينا:
“ربنا ميحرمناش من مفاجئاتك يا حاج”
قال بتباهي:
“والمفاجأة الإكبر بقا إننا مش هندفع أي حاجه لأننا هنروح مع دياب وعيلته وهو عنده بيت هناك ومصمم ياخدنا معاه”
دينا بفرحة وإعجاب:
“والله صاحبك ده راجل محترم”
على نحوٍ أخر تجهم وجه نداء وارتجف قلبها ودارت رأسها….

يتبع…

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سدفة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى