روايات

سلسلة الرجال قوامون القصة الأولى 1 بقلم منال سالم

سلسلة الرجال قوامون القصة الأولى 1 بقلم منال سالم

سلسلة الرجال قوامون الجزء الأول

سلسلة الرجال قوامون البارت الأول

رواية الرجال قوامون
رواية الرجال قوامون

سلسلة الرجال قوامون الحلقة الأولى (وهل كان رجلاً؟!)

 

تحكي لنا إحدى السيدات عن حكايتها وهي لا تختلف عن الكثير من الحكايات والمآسي الموجودة في مجتمعنا، والتي تخص مدعي الذكورة وامتلاك الفحولة، فسردت عن قيـــام زوجها بعكس ما كلفه الله به.

في البداية استطردت تقول والحزن يملأ قلبها: كنتُ أظنني حينما تزوجت به أنه سينفق علي وعلى أطفالنا كما اعتدت من أبي ورجال عائلتي، لكنه كان لا يتوانى عن الاعتماد على شخصي لتوفير متطلبات الأسرة، في مقابل أن يضن بما معه من أموال علينا، ويغدق بها على نفسه، ينزهها ويدللها كيفما شاء .. استمر الحال بنا لبضعة سنوات، حتى لم أعد أستطع القيام بذلك وحدي، فطلبت منه المساهمة بقدرٍ معقول؛ لكنه تعمد تجاهلي، وحين اشتكيت إلى والدته قالت لي نصًا: المرأة تساعد زوجها، ولا عيب في ذلك!”

أحست الزوجة حينئذ بالقهر والعجز، نعم المرأة قد تقدم العون لزوجها إن كان قعيدًا عاجزًا لا يقدر على شيء، لكنه يتمتع بوافر الصحة، ويحصل على راتب مجزي، فلماذا تتحمل هي كل العبء وهو يتجنب المشاركة رغم أن ذلك دوره الأساسي؟!

انتقلت الزوجة في حديثها إلى نقطة ثانية والدموع قد انسابت من عينيها، فقالت بأسى: “عندما أصررت على عدم المشاركة في الإنفاق، وعاندته، وجدته يهجرني، نبذني كأني نكرة، لم أكترث، وذكرته بأطفالنا، فأخبرني أني يجب أن أحمد الله لأنه جعلني أنجب، فلولاه لما استطعت الحصول على طفل.

لصدمتي لم أعرف بماذا أجبه أو أقول؟ فمسألة الإنجاب من عدمه تخص مشيئة المولى، لا أحد غيره.”

صمتت الزوجة للحظاتٍ تستجمع فيها نفسها، قبل أن تتابع: “علمتُ لاحقًا أنه بحث عن أخرى ليتزوجها، خاصة بعد أن وصلت بنا الحياة إلى طريق مسدود، فحصلت على الطلاق المشروط منه، أي ألا أطالب بأي حقوق مهما تبدلت القوانين، في مقابل إنفاقه سنويًا على صغاره، ولكن بمبلغ محدد، لا يزيد ولا ينقص.”

عادت الزوجة للسكوت مجددًا، وأضافت: “أبلغني عن طريق أصدقاء مشتركون أنه بالفعل تزوج الثانية، ويحيا معها قصة حب عظيمة، وذلك إثارة غيظي وغيرتي، لكني لم أهتم، فقد كرست حياتي لصغاري ورعايتهم، رغم تقدم العشرات لخطبتي نظرًا لسيرتي الطيبة، ولأخلاقي الكيسة المشهود عنها .. كنت أرفض في كل مرة، إلى أن وافقت على أحدهم بعد إلحاحٍ متواصل، وحقًا كان نعم الأب لأطفالي، ولم يبخل عليهم بالغالي والنفيس”

أنهت الزوجة كلماتها الأخيرة وهي تبتسم قليلاً، ثم أكملت في هدوء: “بالطبع بمجرد أن علم أني استقريت في حياتي الجديدة راح يزعجني بشتى الطرق، محاولاً إفساد ما بيني وبين زوجي الحالي، بمكالماته الغريبة، ورسائله الأعجب، كأنما يريدني أن أشعر بالندم لارتباطي بغيره.”

مرة ثانية أخذت الزوجة نفسًا عميقًا، واستأنفت كلامها: “راح ينقل أخبار حياته الخاصة عن طريق المقربين لي لأظل على دراية بما يفعله، وكنت في كل مرة لا أبدي اهتمامًا، وأؤكد على سعادتي مع زوجي الحالي، إلى أن جعلت ما بيني وبينه محصورًا فيما يحتاجه الصغار من ضروريات، وللعجب كان على عهد البخل محافظًا!”

مسحت الزوجة بقايا دموعها السابقة عن رموشها، وتنهدت متابعة: “زوجته الجديدة تخلت عنه، بعد أن ذاقت معه الويلات من شُح وبخل، وعدم إنفاق أو تحمل مسئولية، لكنها خرجت بطفلين، وأصبحت مثلي مُطالبة بالإتيان بحقوق الصغار.”

عادت بعد هنيهة لتتكلم: “هل تظنين أنه كف واكتفى؟ لا، بل تزوج من الثالثة، وتركها دون أن ينجب منها، ومؤخرًا يبحث عن الرابعة، ويردد بفخر أنه يريد من تنفق عليه بالكامل، من تلبي له أهوائه، ولا تكلفه شيئًا، فمثله من الذكور لا يتواجدون إلا قليلاً .. الغريب أنه لا يخجل من اعترافه هذا، ويكرره أمام القاصي والداني، لعل أحدهم يأتي إليه بهذه الزوجة التي تتولى القوامة عليه.”

ابتسامة هازئة اعتلت شفتيها عندما واصلت القول: “المضحك في الأمر أنه يدعي عدم تقصيره في حقوق أولاده، رغم حدوث العكس، فكلما طلبت منه شيئًا ضروريًا يخص نفقات الصغار، ادعى فقره، وعوزه، أليس من المفترض كونه والدهم أن ينفق عليهم؟ أم أنه استراح لكون الغير يقوم بالدور عنه؟

انتهت الزوجة من كلامها كاملاً، واختتمت حديثها: “اليوم أنا أحمدلله على إنهائي هذه الفترة السقيمة من حياتي، وإلا لبقيت في دوامة الصراع معه، أكد وأكافح، وهو لا يبذل أي جهد سوى لإشباع حاجات نفسه البخيلة.”

هذه واحدة من الحكايات المنتشرة في كثير من البيوت، رغم اختلاف الظروف والأوضــاع .. فالمولى عزوجل يقول في سورة النساء: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ”، أي أن الله -جل وعلا- جعل القوامة للرجــال عن النساء، وذلك لكونه اختصهم بعدد من الأمور كالعبادات، والنبوة، والولاية، والإنفاق، فمنحهم قوة في الجسم، وزيادة في العلم، وقدرة على تحمل أعباء الحياة وتكاليفها وما يتبع ذلك من دفاع عن النساء إذا ما تعرضن لسوء. إذًا الإنفاق على الصغار من متطلبات القوامة، لكن على ما يبدو حُرم منها فئة بعينها، أشباه الرجال، معدومي هذه السمات …

وما زال للحديث بقية …

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة السلسلة كاملة اضغط على : (سلسلة الرجال قوامون)  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى