روايات

رواية الإخوة الثلاثة الفصل الثامن 8 بقلم مجهول

رواية الإخوة الثلاثة الفصل الثامن 8 بقلم مجهول

رواية الإخوة الثلاثة الجزء الثامن

رواية الإخوة الثلاثة البارت الثامن

الإخوة الثلاثة
الإخوة الثلاثة

رواية الإخوة الثلاثة الحلقة الثامنة

لكني أنصحك بألا تذهب بأي حال إلى المكان الذي يتصاعد منه الدخان.
إنني الآن مسنّ، ولا أذكر قط أنني رأيت أحداً
يعود ممن ذهبوا إلى هناك. فإذا ما كانت حياتك عزيزة عليك
لا تصعد الجبل». ومضى الشيخ في سبيله بعد أن قال ذلك.
شاهقات
سعد الراعي بماعزه التل، ومن قمته رأى، كما قيل له جبلاً
يتصاعد منه الدخان وحاول أن يتبين إن كان ثمة مخلوق
حي، لكنه لم يستطع أن يرى أثراً لأي مخلوق. وفكر في نفسه
إن كان ينبغي أن يذهب إلى هناك أم لا، وبعد أن قلب الأمر في
رأسه، قرر في النهاية أن يذهب.
وفي
المساء، حين عاد بالماعز كشف للملك عن نيته.
وحاول الملك بقوة أن يدفعه إلى العدول عن هذا العزم، ووعد
بأن يزيد من أجره إذا ما مكث معه، غير أن شيئاً لم يثنه عن قراره.
فدفع له الملك، وأطلقه.
وحين بلغ الجبل وجد النار، وتساءل من الذي أضرمها.
وبينما يفكر في ذلك سمع صوت امرأة، يقول: «هَيْ،
هي فتطلع، ودُهش لرؤيته عجوزاً متكوّمة بين أغصان
شجرة الزان فوق رأسه، شعرها أطول من جسدها،
وأبيض كالثلج. وحين تطلّع إليها، قالت له: «يا ولدي،
إنني بردانة وأود أن أتدفأ لكني أخشى حيواناتك. لقد
أضرمتُ تلك النار ، لكني حين رأيتك قادماً مع حيواناتك،
فزعت، وصعدت إلى هنا أحتمي».
فقال: «حسناً، يمكنك الآن أن تنزلي، وتتدفأي كما تشائين».
لكنها اعترضت قائلة: لست أجرؤ حيواناتك سوف تفترسي.
لكني سألقي إليك بشعرة، تربط الحيوانات بها. وعندها يمكن أن
أنزل». ففكر الأخ الأكبر في نفسه: لابد لهذه الشعرة أن تكون
شعرة فريدة حقاً، ما دامت قادرة على أن تقيّد دبه وذئبه وكلبه
وقطته. وبدلاً من أن يلقيها فوق الحيوانات، ألقاها في النار. وفي
هذه الأثناء كانت العجوز قد نزلت من الشجرة، وجلسا معاً
قرب النار. لكنه لم يرفع عينيه عنها .
وسرعان ما بدأت تكبر وتكبر، وارتفعت عشر ياردات خلال
وقت قصير. عندئذ تذكر كلمات الحطاب المسن وراح يرتجف. غير
أنه اكتفى بالقول لها أنت تكبرين يا خالة». فأجابت: «آه، لا،
يا ولدي. إنني أتدفاً وحسب». وكانت تغدو أطول فأطول، حتى
غدت بطول شجرة الزان، فصاح: «لكنك تكبرين، أيتها العجوز !»،
فقالت كما من قبل: «آه، لا يا ولدي. إنني أتدفأ وحسب.
لكنه رأى أنها تضمر له شراً، فصاح برفقته: «امسكها،
يا كلبي امسكها يا دبي الصغير ! امسكها، يا ذنبي الصغير!
امسكيها يا قطقوطتي فوثبوا على العجوز جميعاً، وراحوا
يمزقونها. وحين رأت أنّه قد أسقط في يدها، رجته أن ينقذها من
براثن أعدائها، ووعدت بأن تعطيه ما يريد. فقال لها: «حسناً.
أريد أن تعيدي إلى الحياة أخوي، مع حيواناتهما، وجميع أولئك
الذين سبق لك أن أهلكتهم. كما أريد علاوة على ذلك، عشرة
أحمال من الدوقاتيات. فإن لم تلبي مطالبي هذه، سأدع حيواناتي
تمزقك إرباً». فوافقت العجوز على أن تفعل كل ذلك، لكنها
رجته فقط ألا يعود رجلٌ بعينه إلى الحياة، لأنها كانت قد قالت،
حين حولته إلى رماد: إذا ما قمت فلأرقد مكانك!»، فكانت
تخشى أن تتحول إلى رماد هي نفسها إذا ما عاد إلى الحياة.
لكن الأخ الأكبر كان يحسب أنها تحاول خداعه، فلم
يستجب لطلبها.
وإذ وجدت أنها عاجزة عن فعل شيء، قالت له في النهاية:
خذ بعض الرماد من الكومة تحت الشجرة، وألقه عليك وعلى
رفقتك، وقل وأنت تفعل ذلك: «انهضوا، يا أيها الغبار والرماد
وكونوا كمثل ما أنا عليه!».
ويا للعجب العُجَاب ما إن فعل كما قالت حتى نهضت
حشود من الرجال أكثر من عشرة آلاف وحين رأى مثل
هذه الأعداد الغفيرة من البشر تتدفق من تحت الشجرة، كادت
الدهشة تفقده صوابه. لكنه أوضح لهم باختصار ما جرى.
فشکره معظمهم أشدّ الشكر ؛ لكن بعضهم لم يصدقوه، وقالوا
في غضب: «كنا نفضّل ألا توقظنا». ثم مضوا جماعات، بعضهم
هذا الطريق، وبعضهم في ذاك، إلى أن اختفوا جميعاً. ولم يبق
سوى أخويه مع أنهما لم يصدقا لوهلة أنه أخوهما. لكنهما،
حين شاهدا أن حيواناتهما قد عرفت حيواناته، تذكرا أن أحداً
في
سواهم ليس لديه مثل هذه الرفقة الغريبة من البهائم. وحين
عرف واحدهم الآخرين، اندفع كل منهم إلى حضن الآخر،
وعانقه بحرارة. ثم اقتسموا الدوقاتيات التي أعطتها العجوز
للأكبر، وحمّلوا حيواناتهم بكنوزهم، ومضوا مباشرة باتجاه
مسقط رأسهم، وحيث توفي والداهم.
أما العجوز فقد تفتت هي نفسها وتحولت إلى رماد تحت
شجرة الزان ما إن قام الرجل الأخير من الرماد الذي كان
هناك.
بنى الأخوة الثلاثة لأنفسهم ثلاثة قصور جميلة، وعاشوا
هناك لبعض الوقت دون زواج لكنهم راحوا في النهاية
يفكرون بما سيحصل لثروتهم حين يموتون، وقال واحدهم
للآخر إن من المؤسف أن يموتوا بلا ورثة فعزموا على الزواج
كي تؤول ثروتهم لأبنائهم وبناتهم.
قال الأخ الأكبر: دعوني أذهب وأجد أصلح الزوجات
اللائي يمكن لي أن أجدهن لثلاثتنا؛ أما أنتما فابقيا هنا واعتنيا
بأملاكنا». فوافق الأخوان بسرور على هذا، لأن الأخ الأكبر
كان قد أثبت بما يكفي أنه أحكم الثلاثة، وكانت لديهم الثقة
بأنه سيصل بهذا الأمر الهام إلى بر النجاح. وهكذا أعد العدة
اللازمة، وانطلق في رحلته بحثاً عن ثلاث زوجات لنفسه
ولأخويه الأصغرين اللذين خلفهما وراءه.
وبعد سفر طويل وصل إلى مدينة كبيرة، وقرر أن يمضي الليل
كله، ويواصل رحلته في الصباح.
و صادف أن ملك البلاد كان قد نظم سباقاً للجياد، ووعد بأن
يقدّم ابنته الوحيدة جائزة للفائز ، ومعها عشرة أحمال من الكنوز.
وعشية وصول الأخ الأكبر إلى هناك سمع المنادي قارع
الجرس يعلن في الشوارع أن من لديه حصان ينبغي أن يحضر في
الغد إلى الميدان الملكي، ومن يثب أولاً فوق الخندق يفوز بابنة
الملك، وينال معها عشرة أحمال من الذهب.
سمع الأخ الأكبر الإعلان من دون أن يقول شيئاً. وفي
الصباح مضى إلى ميدان الملك كي يشاهد السباق، فوجد هناك
جياد لا تحصى من كل نوع.
وبعد قليل جاءت الأميرة أيضاً، ابنة الملك، وجيء
بعشرة أحمال من الكنوز .
خلفها
وحين رأى ابنة الملك حسب أنها فائقة الحسن حتى إنه
انتحى جانباً من الحشد كي يراها على نحو أفضل. وعندئذ
تذكر حجره العجيب، فأخرجه ورفعه إلى شفتيه، فظهر الزنجيان
في الحال وقالا: «سمعاً وطاعة يا مولاي». فقال: «أحضرا
لي ثياباً من الحرير والمخمل مطرّزة جميعاً بالأحجار الكريمة،
وعشرة من الجياد القوية وافعلا كل ذلك بأسرع ما يمكنكما !».
و لم تطرف عيناه مرتين حتى وضع الزنجيان أمامه كل ما أمر به.
فأخرج الشعرة بعد ذلك، وأضرم ناراً بحجر القدح، وقربها
منها، فلم يلبث الحصان الأشهب الذي أعطاه الشعرة أن وقف
بجانبه وسأله: «ما الذي تأمر به، يا سيدي؟». فأجاب: «أريد
أن نترك اليوم جميع الجياد وراءنا في السباق، فأنال ابنة الملك.
ولذلك هيا استعد ودعنا نذهب في الحال، لأن الجياد الأخرى
باتت الآن جاهزة للانطلاق».

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الإخوة الثلاثة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى