روايات

رواية شبح حياتي الفصل الأول 1 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي الفصل الأول 1 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي الجزء الأول

رواية شبح حياتي البارت الأول

شبح حياتي
شبح حياتي

رواية شبح حياتي الحلقة الأولى

زة النفس ليست شخصًا ساخرًا أو طبعاً متعجرفًا ، بل أنها إحترام للذات والابتعاد عن كل ما يقلل من قيمتك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتاة في ريعان الشباب إنتبهت من شرودها علي صوت سائق التاكسي الذي قال بصوت أبح : يا انسة .. وصلنا يا انسة!!
نظرت من النافذة المجاورة لها ، ورأت أنها توقفت أمام مبنى يكاد يكون قديمًا بعض الشيء ، لكنه لم يفقد رونقه في حي هادئ وأنيق في محافظة القاهرة.
أومأت إليه بهدوء ، ثم فتحت حقيبة يدها ، و مدت يدها ببضع أوراق نقدية للسائق ليأخذها منها ، قائلا بصوت عالٍ بينما يتفقد المال الذي يمسكه بين يديه : محتاجين 30 جنيه كمان علي دول يا انسة
حدقت في هاتفها لترى كم مضى منذ أن خرجت من محطة القطار وركبت معه ، ثم تساءلت بإستنكار : 30 جنيه ليه يا اسطا؟ دا المشوار كله نص ساعة!!
واصلت حديثها بصوت حاد ، عندما شعرت أنه يعتقد أنها ساذجة ، ويمكن أن يستغلها لمجرد كونها بمفردها : والمفروض كنت تقول من الاول ولا عشان شوفت المكان هنا نظيف شوية هتفكر اني من ولاد الذوات يعني
ظهرت ابتسامة وقحة على فمه الغليظ ، وكأن نبرة صوتها الشرسة قد راقت له ، وعيناه تلمعان ببريقًا خبيثًا تمكنت من أن تراه عندما أدار رقبته إلى الوراء ، ناظراً إليها وهو يمرر أصابعه الكبيرة على لحيته الغير المرتبة ، قائلاً بسماجة : خلاص خلاص .. احنا جدعان اوي ونحب نعمل الواجب .. خليها علينا المرة دي عشان خاطر حلاوتك يا ست البنات
جعدت حاجبيها ، وشعرت بالاشمئزاز منه ، وقررت تجاهل ما قاله حتى لا تتشاجر معه ، فإذا أطلقت عنان لسانها يرد ، فسوف تقضي تلك الليلة في زنزانة السجن لقيامها بفتح رأس ذلك الوغد بحقيبتها ، ثم نزلت من السيارة قائلة بغضب مكتوم : كتر خيرك .. نزلي الشنط دي اذا سمحت!!
ساعدها السائق في تنزيل الحقائب ، بينما كانت عيناه تتبعها واقفة صامتة تعبث في هاتفها ببرود ، وعندما أنهى تلك المهمة تركها و رحل في حال سبيله.
نفخت بخديها وهي تحمل حقائبها بضجر ، ثم توجهت نحو المبنى مباشرة ، وهي تتمتم في سرها : البداية باين عليها مبشرة شكلها ربنا يستر
مشيت إلى الداخل بخطوات هادئة ، وهي ترتدي ذلك الحذاء الرياضي الذي تفضله على الآخرين لسهولة الحركة فيه ، ثم توقفت بعد أن رأت طفلة صغيرة تجلس على مقعد عريض بجوار الحائط ، فقالت بابتسامة صغيرة : صباح الخير
ردت الطفلة بصوت خجول ، بعد أن رفعت عينيها للتحديق في تلك الشابة النحيفة ذات الشعر البرتقالي الداكن المنتفش المائل إلى اللون البنى ، وترتدي نظارة كبيرة تغطي عينيها بها : صباح الخير!
تجولت عيناها بإهتمام في المكان بعد أن خلعت نظارتها ، ووضعت حقائبها على الأرض بجانبها ، ثم تساءلت بينما يدها إرتفعت تلقائيا ، و أصلحت وضع حقيبة يدها التي كانت تحملها على كتفها : هو في حد كبير موجود اكلمه يا امورة!!
هزت الطفلة رأسها بالإيجاب ، وقالت بصوت منخفض بعد أن قامت من مكانها ، ثم توجهت إلى غرفة جانبية : اخويا راح يشتري دخان لجدي وهو جوه لحظة هناديه
ارتفعت ابتسامة على وجهها ، وقالت بنبرة رقيقة بعد أن استندت على حقيبة السفر التي بجانبها : ماشي
مرت عدة لحظات قبل أن يطل رجل في أوائل الستينيات من عمره ، ذو طول فارع و جسد عريض ، مما يشير إلى أنه لا يزال محتفظًا بقوته ، لكنه بدا كهل قليلا بسبب شيب شعره وتجاعيد وجهه البشوش ، و يبدو أنه حارس المبنى قائلا باحترام بصوت أجش : أمري يا بنتي اي خدمة!!
تنفست الصعداء براحة ، و شكرت الله سرًا على وجود شخص مازالت تتذكره في هذا المبنى ، وتساءلت بابتسامة عريضة : ايه دا يا عم حمزة!! انت مش فاكرني؟
ضيق العجوز عينيه على تلك الفتاة التي تكاد تكون ملامحها مألوفة له ، لكنه لم يستطع التذكر بسبب تقدمه في السن ، وقال بإستفهام : لا مؤاخذة يا بنتي مش واخد بالي مين حضرتك!؟
سحبت نفسا عميقا في صدرها قبل أن تقول بنبرة هادئة ، تتناقض تماما مع الحدة التي تحدثت بها للسائق منذ قليل ، وكأنها شخص آخر : انا حياة مجدي يا عم حمزة .. كنا ساكنين هنا في الدور الخامس من 12 سنة تقريبا
ظل ينظر لها في صمت مطول ، ثم إرتسمت ابتسامة واسعة على فم حمزة قائلا بصدق ، بعد انتعاش ذاكرته من خلال وميض الصور الذي مر علي مخيلته عن تلك الفتاة الصغيرة ذات الشعر البرتقالي : الله اكبر .. مصير الحي يتلاقي .. لسه فاكرك طبعا وفاكر شقاوتك .. معلش حقك عليا يا ست حياة اصلك اتغيرتي اوي خصوصا شعرك
ثم أسترسل كلماته بعتاب واضح في نبرة صوته : ليه كدا يا بنتي تغيري لونه هو كان فيه حد مميز في الشارع كله بلون شعرك الا انتي!!
أدارت عينيها بملل ثم أجابت بلا مبالاة : مافيش حاجة بتفضل علي حالها ودي حكاية تطول شرحها يا عم حمزة
أومأ حمزة برأسه بفهم ثم قال لها باحترام ، وهو يمد يده لحمل حقائب السفر الخاصة بها : ايوه عندك حق ما تأخذنيش مش وقتها الحكاوي دي .. هاتي عنك الشنط انا هطلعهالك عشان الاسانسير بايظ بقاله مدة
تبعته حياة ، ثم بدأوا في صعود الدرج الرخامي ، ثم هتفت بسؤال مازحة : الله يكرمك يا راجل يا طيب .. حرام الشقا دا ماصلحتهوش ليه؟ يعني هطلع خمس ادوار علي رجلي كل يوم!!
أجاب حمزة علي سؤالها بصدق بينما مازال يصعد السلالم ، و هي تلاحق خطواته بأنفاس لاهثة : اصل الاستاذ بدر غايب بقاله كام يوم .. وباقي السكان بيطلعو مصاريف التصليح بالعافية وانا كبرت حيلي مابقاش يستحمل المعافرة معهم .. قولت اسيب الامور علي حالها لحد لما يرجع بالسلامة
لم تكن تعرف سبب ضربات قلبها السريعة التي طرقت صدرها بشدة.
هل لأنها صعدت خمسة طوابق على قدميها ، أم بسبب ذكر اسمه الذي تمقته بشدة منذ طفولتها بسبب كراهية أختها الكبرى له؟
رغم أنها لا تتذكر ملامحه مطلقا ، لكنها شكرت ربها على تأجيل لقائها به ، فهي لا تريد أن تراه ، على الأقل الآن ، لأن ما تعانيه يكفيها.
قالت حياة وهي تتنفس بسرعة ، إذ أخرجت مفتاحًا من حقيبة يدها ، بعد أن وقفت معه أمام باب الشقة : ربنا يرجعه بالسلامة يا عم حمزة .. اتفضل المفتاح اهو يارب بس يفتح معاك زمان قفل الباب صدي
أخذ حمزة المفتاح منها بتردد ، وشعر بضيق بسيط ظهر في صوته عندما قال : بصي يا ست حياة الحقيقة في حاجة عايز اقولهالك!
ارتابت حياة من نبرة صوته القلقة ، وكأنه يضمر عنها شيئا ، ثم قالت بتركيز مشوب بالفضول لترى ماذا سيقول لها : ايه هي .. قول!!
تحدث الحارس ببعض التوتر ، وهو يخفض عينيه إلى يده وهو يعبث بالمفتاح بين أطراف أصابعه ، بينما عقله يعمل سريعا محاولًا التفكير في طريقة لحل هذا المأزق : انتي عارفة انكو غيبتو سنين كتير و البيت اكيد مش مناسب عشان تقعدي فيه
تردد صدى ضحكات حياة في المكان بارتياح ، ثم قالت بمرح وهي تربت بيدها على أعلي صدرها : خضيتني يا عم حمزة .. انا عارفة ان البيت اكيد مليان تراب ومبهدل شوية بس انا عاملة حسابي جبت فارشة نظيفة انام عليها مؤقتا وحبه حبه هبقي اوضب البيت
ضحك حمزة بداخله ، سخرًا منها ، ثم أعطاها مفتاح المنزل ، و قال محاولًا إقناعها بعدم الدخول : لا يا ست حياة انتي مافهمتنيش البيت متبهدل اوي
أضافت حياة بلا مبالاة أثناء ما كانت تضع المفتاح في باب المنزل حتي تفتحه : ماتقلقش يا عم حمزة قولتلك خلاص…
تلاشى صوتها فجأة ، و فرت الحروف من لسانها هاربة بسبب الصدمة التي تلقتها بمجرد ضغطها على زر الضوء الصغير الموجود بجوار الباب من الداخل.
أردفت حياة بشك مضحك ، وكأن عقلها يكذب ما تراه عيناها التي اتسعت أثر صدمتها القوية : عم حمزة متأكد اننا في الدور الصح و لا انت دخلتني شقة غلط!!
أجابها حمزة مؤكداً بعد أن أطلق سعال منظفا حلقه ، وهو يشبك يديه خلف ظهره من التوتر : لا يا بنتي .. هي الشقة حتي اسم ابوكي علي الباب زي ماهو
هزت حياة رأسها في حالة إنكار ، بينما لم يستطع عقلها استيعاب الفوضى العارمة الموجودة أمامها ، قائلة بعدم تصديق عندما قفزت تلك الفكرة إلى عقلها : بس دي مش شقة يا عم حمزة دا مخزن .. ايه اللي جاب الحاجات دي كلها هنا و فين عفش البيت؟!!
رواية شبح حياتي للكاتبة نورهان محسن
موجودة بالواتباد فضلا متابعة للحساب واتفاعلو علي الفصول بتصويت وكومنت
حاول حمزة تهدئتها قائلاً بتلعثم : احم .. استهدي بالله كدا بس يا ست حياة .. وانا هفهمك
نظرت إليه حياة بعيون جاحظة كادت أن تخرج من محجرها ، وقد تمكن الغضب منها تمامًا قائلة باتهام : تفهمني ايه!! انت قالب شقة بابا مخزن للعمارة في غيابنا
أومأ حمزة برأسه و لوح بكلتا يديه في نفي سريع ، قائلا بإندفاع : ابدا وحياة عيالي ماحصل .. مش انا اللي عملت كدا
حدقت به حياة بنظرة حادة ، وهي تسأله بإمتعاض : اومال مين!!؟
ابتلع حمزة لعابه بصعوبة قبل أن ينطق بتردد : استاذ بدر
رفعت حياة حاجبيها بتعجب ، واضحًا في ملامحها ، وتمتمت بصدمة : نعم!!
سارع حمزة في شرح الأمر لها ، قائلا بتبرير جعلها تستشيط غضباً أكثر من الأول : الحكاية انه لما غير عفش بيت والده الله يرحمه وجاب عفش جديد عشان الست مراته اصرت علي كدا .. ماهانش عليه يفرط في حاجة اهله .. حطهم هنا بشكل مؤقت عشان يعني الشقة قصاد الشقة وانتو كدا كدا مش موجودين
هتفت حياة مستنكرة ما تسمعه ، واحمر خديها من الغضب : دي قلة ذوق منه هو عشان صاحب العمارة خلاص يتصرف علي راحته لدرجادي .. احنا لسه أصحاب الشقة .. وبعدين دا مافيش مكان اقف فيه حتي .. كل حاجة فوق بعضها .. ايه هبات علي السلم!!
هز حمزة رأسه رافضاً ، ووصل عقله إلى فكرة عادلة قد تحل الأمر مؤقتاً : العفو يا بنتي ماتقوليش كدا .. انا عندي حل تمشي بيه الكام يوم الجايين لحد مايرجع بدر بيه
لمعت عيناها بأمل سرعان ما إختفي ، وقالت بإستفسار مشيرة إليه بإصبعها السبابة في تحذير وتصميم قويين : ايه هو يا عم حمزة !؟ اوعي تقولي اروح اقعد في اوتيل انا مش هتحرك من هنا
أجابها حمزة بجدية ، وهو يضع يده في جيب ثيابه الغامقة ، ويخرج شيئاً يلمع ويعطيه إلى حياة : لا انا معايا مفتاح شقة استاذ بدر .. عشان مراتي بتطلع تنظفها كل كام يوم .. ممكن تقعدي فيها لحد مايرجع ساعتها هو يشيل حاجته من شقتك وتسيبيلو شقته
قطبت حياة حواجبها استنكارًا لما قاله ، ثم صاحت احتجاجًا ، وهناك ناقوس الخطر يدق في عقلها يخبرها بعدم فعل ذلك : ازاي عايزني اقعد في شقته لوحدي يا عم حمزة مايصحش!!؟
زفر حمزة بإرهاق من عنادها ، ثم تكلم مرة أخرى بلطف محاولا إقناعها بذلك ، لأنه لن يستطيع فعل شيئا أخر حيال هذا الأمر ، فالمسؤل الأول و الأخير هو صاحب البناية : يا بنتي الشقة مقفولة بقالها اكتر من اسبوع وهو مش موجود والست مراته في بيتهم التاني
تنهدت حياة بأسي على حظها العاثر ، فلم يكن ينقصها إلا ذلك البدر حتى تتأكد من أنها لن ترتاح مهما هربت من المشاكل ، ثم هتفت بإستسلام ، وهي ترفع يديها وتفتح باطن كفيها للأعلي : خلاص امري لله .. ما انا معنديش حل تاني..
وأردفت بعد أن رفعت إصبعها السبابة في وجهه لتحذيره مجددا : بس لازم تكلمو او تبعتلو رسالة تعرفه اني هقعد في شقته مش عايزة ادخل في مشاكل و حوارات معاه
“حياة مجدي عبدالغفور” بطلة الرواية
.. 23 عام ..
.. تخرجت بدرجة الليسانس في الأدب الإنجليزي ، وتعمل معلمة أطفال في الإسكندرية ..
“والدها ووالدتها متوفيان ، وتعيش مع أختها التي تكبرها بسبع سنوات”
“صاحبة جاذبية طبيعية تلفت الانتباه إليها ، لديها وجه مستدير منبسط في منطقة الذقن والخدين ، حيث تكمن فيه ملامح البراءة والعفوية واللطف الذي يتناقض مع شخصيتها النارية ، حادة المزاج عندما تكون منفعلة ، لكنه يتناسب تمامًا مع لون شعرها المتموج ، الذي يتميز بلونه البرتقالي المائل للأحمر الناري ، مما يجعله مميزًا ومختلفًا ، ولكن بسبب تنمر الآخرين عليه منذ طفولتها ، كرهته كثيرًا ، حيث كانت تسعي جاهدة لإخفائه خلف قبعة ترتديها دائما عند الخروج من المنزل حتي لا ينتعها الأطفال بالساحرة الشريرة ، كما يشع من عينيها الجميلتين ، لون عسل نقي ، و بريق لا يمكن تجاهله ، من السهل له أن يخترق القلوب كالسهم الناري ، وهي محاطة بأسوار من الرموش الكثيفة مع حواجبها الجميلة المتناغمة مع بشاشة الوجه ، والابتسامة الدائمة على شفتيها الممتلئة بلون قرمزي طبيعي ، وهو مصدر جاذبيتها وجمالها الذي تغفل عنه ، حيث أنها ذات بشرة بيضاء ناعمة و نضرة كالأطفال ، كما أنها تتميز بجسدها الرشيق والنحيل.”
من أهم صفات شخصيتها أنها مرحة جدا .. تغضب بسهولة .. تعشق الأطفال و تحب التعامل معهم .. تكره الأوامر .. كسولة و فوضوية عندما تكون وحدها .. حساسة جدا .. سليطة اللسان اذا حاول أحد العبث معها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
داخل شقة بدر
بعد مرور ساعة
تجولت حياة في جميع أرجاء هذا المنزل بعد أن غيرت ملابسها إلى بيجامة مريحة وواسعة ، وأنبهرت عيناها بأثاث البيت الرائع الذي يعكس الذوق الرفيع لصاحبها ، حيث كانت الشقة ذات مساحة كبيرة بها صالة كبيرة ومفروشة بأثاث أنيق وفاخر مزيج من النبيذ والأسود ، وتحتوي على العديد من الغرف من بينها غرفة نوم واسعة وغرفة أطفال فقط الذين لم تجدهم مغلقين كما الباقي.
وقفت حياة أمام النافذة مربعة الشكل المطلة على الشارع الواسع ، وعيناها تتبعان حركة السيارات بصمت.
رأت من انعكاس زجاج النافذة طيفًا خلفها ، لذا استدارت بسرعة ، لكنها لم تجد شيئًا سوى القط الصغير ذو الفراء الكثيف باللون البرتقالي والأبيض من أسفل عينيه الخضراء ، مروراً بأنفه الصغير ورقبته ، فقد أخبرها حمزة أنه ملك صاحب المنزل ، وأنه يعتني بإطعامه في حالة غيابه.
كان يقف على حافة الأريكة يحدق بها بنظرات بريئة ، يصدر صوتًا ضعيفًا ، دليلًا على أنه جائع.
تنهدت حياة براحة ، وشعرت بالأسف على ذلك الصغير لوجوده في هذا المنزل بمفرده.
ذهبت ناحيته ، وأخذته بين يديها بلطف ووضعته على صدرها ، ثم قادتها قدميها إلى المطبخ ذو الطراز الحديث ، أثناء حديثها معه بخفوت : يلا نعملك أكل يا صغنون
صبت بعض من الحليب الذي وجدته في البراد بطبق صغير إلى القط الذي كان يحوم تحت قدميها ، ثم وضعته بجانبه على الأرض.
جلست حياة على الأريكة أمام التلفزيون في غرفة المعيشة ، وثنت ركبتها إلى الأسفل ووضعت راحة يدها تحت ذقنها بعبوس لطيف ، ثم تحدثت إلى نفسها بصوت مسموع وهي تنظر حولها بغيظ : بيته حلو و مترتب و شيك اخر حاجة وانا مبهدلي شقتي و رمي فيها كراكيبه .. منه للي كلت دراع جوزها واصلا انا هقعد هنا ازاي لوحدي!! بس والله لا اخد راحتي وابهدلو شقته زي ما عمل معايا
كانت تشاهد التلفاز بملل ، وأخذت الطبق الموجود على المنضدة أمامها ، والذي كان يحتوي على بعض الخضروات التي وجدتها في الثلاجة.
رفعت حياة الجزرة إلى فمها ، وقطمتها بصوت عالٍ قائلةً لنفسها باستياءً : انا مالي قلبت علي ارنبة في نفسي كدا ليه!! وكمان الخس و الجزر دول ماشبعنيش
أمسكت هاتفها من جانبها ، وشكرت ربها على تسجيل رقم حمزة بعد أن فتح لها بيت بدر ، ثم نزل حتى يصلى صلاة المغرب.
قالت حياة بهدوء : ايوه يا عم حمزة .. انا حياة
أردفت بحرج : معلش هتعبك معايا .. ممكن تجيبلي شوية حاجات من السوبر ماركت التلاجة هنا مافهاش غير خضار بس
كانت صامتة ، تستمع إلى رده المهذب عليها.
قالت بتفكير أثناء ما كانت تفرك فروة شعرها ، وهي تربع قدميها على الأريكة ، وتعد علي أصابع يدها بتمهل ، مما جعل حمزة يوشك علي أن ينفجر غيظاً منها : الله يخليك .. لا مش حاجة معينه يعني شوية شيبسيهات و جبن و عيش و بقسماط وبيض وبلوبيف و لبن عشان القط و شوية لب علي كاجو ومربي يا عم حمزة بالفراولة والنبي و عصير .. لا أي نوع عادي .. ميرسي كتر خيرك كفاية كدا هاتهم ولما تطلع هنتحاسب .. تمام شكرا .. باي
خفضت حياة الهاتف من أذنها بعد أن أنهت المكالمة ، ونظرت إلى الساعة الموجودة فيه لتجد أن الوقت قد مر بسرعة وأنها مكثت هنا لمدة أربع ساعات ، ثم خطر ببالها ما حدث بعد دخولها الشقة ، وإجراء المكالمة الصوتية العميقة مع أختها ميساء التي ظلت تصرخ في أذنيها بغضب عندما أخبرتها بما حدث معها.
Flash Back
ميساء تحدثت بسخط لإعادة ذكريات مراهقتها إلى مخيلتها مرة أخرى ، حيث كانت هوائية المشاعر ومنجذبة لمن رفضها ، فيما كانت آنذاك ذلك الوقت فخورة بجمالها الذي برز منذ صغرها : انتي اكيد اتهبلتي!! قاعدة في شقة راجل غريب يا حياة .. مش كفاية المشاكل اللي حصلت بسببك هنا!!
ردت حياة بهدوء مصطنع : ممكن تهدي بقي .. انا سيبتك تزعقي زي عوايدك اللي مابقتش طيقها دي خلاص اسكتي واسمعيني شوية
التوي شدقها ساخرا ، ثم صاحت في استياء : هتقولي ايه يعني!! من الاول وانا مكنتش عايزاكي تنزلي القاهرة لوحدك وانتي عاندتيني ونفذتي اللي في دماغك .. حتي خطيبك ماديتلوش فرصة يتفاهم معاكي
قالت حياة بنبرة حازمة مليئة بالتحذير حتى لا تواصل شقيقتها هذا الحديث غير المجدي معها : ميساء .. انتي مش امي بطلي دور المتحكمة اللي عايشة فيه دا .. كفاية عليكي بيتك وعيالك مسيطرة عليهم براحتك .. وكلمة خطيبك دي ماتقوليهاش تاني معاذ كان خطيبي و دلوقتي مالوش كلمة عليا
تغيرت نبرة ميساء التي حزنت لما تقوله أختها لها ، وتمتمت بتوبيخ : بقي دي طريقة بنت محترمة بتكلم اختها الكبيرة!! ماينفعش ترميلو دبلته وتسافري من غير ماتتناقشو .. هو لولا شغله مقيده كان جه وراكي
أضاءت ومضة من الذكريات التي مرت عليها يومين فقط ، عندما وجدت خطيبها الموقر جالسًا في مطعم على البحر مع فتاة أخرى ، ويده على ظهرها وشعرها بطريقة مقززة ، لكنها أغلقت عينيها بإحكام ، حتى لا تذرف المزيد من الدموع على كرامتها المجروحة ، ثم فتحتها من جديد ، وكان في حلقها غصة إبتلعتها بصعوبة قائلة بعزم : انا مش صغيرة يا ميساء .. دي حياتي ماتدخليش فيها .. مستحيل هرجع لواحد خاني واللي خلاني سكت ومابهدلتش الدنيا فوق دماغه انه اخو جوزك .. بس انا مش هربط نفسي بإنسان عصبي ومعندوش تفاهم وفاكرني عروسة لعبة في ايده يحركني علي كيفه .. وفوق كدا خاني من قبل حتي مانتجوز اومال بعد الجواز كان هيعمل فيا ايه!! اسمعي انا سيبتلكو اسكندرية بحالها و هستقر هنا .. خلص باب المناقشة في الموضوع
رواية شبح حياتي للكاتبة نورهان محسن
موجودة بالواتباد فضلا متابعة للحساب واتفاعلو علي الفصول بتصويت وكومنت
تنهدت ميساء حزنًا على حالتهما ، إذ ابتعدت عنها أختها التي ربتها ، وأيضًا لتلك المشاكل التي نشبت بينها وبين زوجها بسبب أخيه الأصغر المدعو معاذ ، ثم قالت بغيظ طفيف رغما عنها لأن أختها تقطن في بيت بدر الآن : يا حبيبتي انا قلقانة عليكي .. افرضي وانتي نايمة هو جه اللي مايتسماش دا علي فجأة .. مايصحش كدا
ضغطت حياة على قبضتها من أجل السيطرة على نفسها بصعوبة ، حتى لا تنفجر بغضب على أختها التي تفهمها من نبرة صوتها التي تفضحها ، ثم قالت بسخرية لاذعة : عارفة ايه المشكلة؟ اني متأكدة ان كلامك دا مش من خوف عليا .. بس هطمنك برده
أنهت جملتها وهي تتجه نحو باب المنزل ، ثم فتحت مكالمة فيديو بينهما ، قائلة بجدية بعد أن وجهت كاميرا الهاتف نحو الباب : بصي قافلة علي نفسي بالترباس من جوا تمام ماتقلقيش عليا
أغمضت ميساء عيناها بقوة ، وتملكها شعور بالحرج من نفسها ، وهمست : ماشي يا حياة خلي بالك علي نفسك و كلميني الصبح
غمغمت حياة بإختصار : ماشي سلام

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبح حياتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى