روايات

رواية أوهام الحب الوردية الفصل السادس عشر 16 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الفصل السادس عشر 16 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الجزء السادس عشر

رواية أوهام الحب الوردية البارت السادس عشر

رواية أوهام الحب الوردية الحلقة السادسة عشر

انتبه مهاب إلى الابتسامة التي ارتسمت على وجه حبيبة بعدما اعترف لها بحبه فانشرح صدره وظهر بريق الأمل في عينيه وهو يقول بلهفة:
-“أفهم من ابتسامتك دي أنك أنتِ كمان عندك نفس المشاعر اللي عندي؟”
لم ترد حبيبة على حديثه بل استغلت حالة الدهشة التي سيطرت عليه بضع ثوانٍ وسارت من أمامه بسرعة مشيرة إلى سيارة الأجرة التي كانت تتقدم نحوها.
كانت حبيبة على وشك الدخول في السيارة ولكن قبضت يد مهاب على معصمها مشيرا بيده الأخرى للسائق أن ينطلق ويكمل طريقه.
نفضت حبيبة كف مهاب قائلة بحدة طفيفة:
-“ممكن أفهم بقى أنت عايز إيه مني بالظبط؛ لأن تصرفاتك بقت فظيعة ولا تطاق”.

 

تنهد مهاب قائلا بضيق بعدما فهم من طريقة حديثها أنها تتعمد استفزازه حتى يبوح لها بكل ما يكنه في قلبه وهو يكره كثيرا أن يتعامل معه أحد بهذا الأسلوب:
-“أنا قولتلك دلوقتي على كل حاجة فبلاش تعيدي السؤال أكتر من مرة لأن أنتِ مش غبية عشان أفضل أعيد قدامك الكلام كل شوية”.
حركت حبيبة رأسها قائلة بجدية قاصدة من خلالها أن تضع النقاط على الأحرف:
-“طيب تقدر تقولي يا مهاب أنا هعمل إيه بالحب ده؟! أظن أنت عارفني كويس أوي، أنا بني آدمة واضحة وصريحة جدا ومش بحب اللف والدوران وعمري ما هسمح لأي شخص مهما كان أنه يقلل من كرامتي بتصرفاته الغير المحسوبة”.
ضيق مهاب عينيه متسائلا باستغراب:
-“أنا مش فاهم أنتِ قصدك إيه بالظبط من الكلام ده يا حبيبة؟!”
أجابت حبيبة بنبرة صارمة تؤكد له أنها لا تتهاون عندما يتعلق الأمر بسمعتها وكرامتها:
-“قصدي أنك لو بتحبني يبقى تتجوزني مش تفضل تلف حواليا زي النحلة وتضرب أي حد تشوفه جنبي وتأثر بتصرفاتك على سمعتي وسط زمايلي بشكل سلبي”.
نظر مهاب إلى عينيها قائلا بصدق لم يتحدث بمثله منذ فترة طويلة:
-“ومين قالك أني ناوي ألعب بيكِ يا حبيبة؟! أنا بحبك وعايز أتجوزك النهاردة قبل بكرة والموضوع كله متوقف على موافقتك أنتِ مش أكتر”.
أخفت حبيبة ببراعة ابتسامة كادت تظهر على ثغرها وهي تقول:

 

-“تمام يا مهاب، أنا موافقة أننا نعمل خطوبة عشان أتعرف عليك أكتر بس شرطي الوحيد أنك تعمل حفلة كبيرة يحضرها كل الموظفين اللي بيشتغلوا هنا في الفرع ده”.
هز مهاب رأسه مؤكدا لها أنه على أتم الاستعداد لفعل أي شيء من أجل نيل رضاها والفوز بقلبها:
-“مفيش أي مشكلة يا حبيبة، أنا أصلا كنت عامل حسابي أني أعمل حفلة تليق بيكِ وأعزم كل الناس اللي تعرفيهم ويعرفوكِ”.
تركته وغادرت بعدما أخبرها أنه سيقوم بتنفيذ شرطها الحازم والذي وضعته حتى ترد اعتبارها أمام جميع من نعتها بعشيقة مهاب التي يتسلى بها لبعض الوقت ثم سيلقيها ويبحث عن غيرها عندما يشعر بالملل منها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
دلفت سمية إلى غرفتها بعدما انتهت من تناول العشاء وكادت تتسطح على السرير ولكن أوقفها هاتفها الذي صدع صوت رنينه فالتقطته بسرعة وابتسمت وأجابت على الفور عندما رأت اسم المتصل:
-“أيوة يا عم عبد الحميد، إزيك عامل إيه؟”
أجابها الرجل بابتسامة عريضة تكشف عن مدى حبه لها وتعاطفه معها بعد كل ما جرى لها:
-“أنا الحمد لله كويس يا بنتي، وحبيت أتصل بيكِ عشان أبلغك بموضوع مهم جدا”.
ضيقت سمية ما بين حاجبيها وهي تسأله بترقب:
-“اتفضل يا عم عبد الحميد، قولي موضوع إيه اللي عايزني فيه؟”
أجابها عبد الحميد وهو ينظر من نافذة شقته نحو ميرڤت وهي تحتضن ابنها بلوعة:

 

-“كريم رجع من سفره وهو موجود في البيت بتاعه، أنا شكيت من يومين في مسألة أنه هيرجع لما لقيت ميرڤت ولميس رجعوا من الإسكندرية بس قولت لنفسي بلاش أتصل بيكِ وأعشمك بحاجة قبل ما أتأكد بنفسي من الموضوع”.
ابتسمت سمية بظفر بعدما سمعت هذه الأخبار المبهجة، فهي قد طلبت من عبد الحميد وهو رجل مسن يسكن في البناية المقابلة لمنزل عائلة مراد، وكان هو الشخص الوحيد الذي تعاطف معها وصدقها عندما ادعت عليها ميرڤت أنها خانت مرادًا وحاولت التقرب من كريم.
تذكرت سمية عندما أصيبت بإحباط شديد إثر معرفتها بأمر سفر كريم حتى لا يناله شيء من تهديدات آدم ولكن يبدو أنه قد شعر بالأمان بسبب طول المدة التي مرت على الجريمة التي اقترفها هو وأخيه في حقها.
هتفت سمية بامتنان قبل أن تقوم بإنهاء المكالمة:
-“شكرا جدا ليك يا عم عبد الحميد، أنت بجد عملت معايا خدمة كبيرة أوي وأنا عمري ما هنسى ليك المعروف ده”.
ابتسمت سمية وتمددت على السرير وهي تفكر في الأحداث التي جرت معها على مدار اليوم وتوقف تفكيرها على الدقائق التي التقت بها برامز الذي كان يشعر بالدهشة بسبب تصرفها نحوه.
أخذت تسأل نفسها هل كان يجب عليها أن تتجاهل حديثه الذي جعلها تدرك أنه خطيب نادين الذي تخلى عنها من أجل فتاة أخرى؟
تُرى كيف ستكون ردة فعله بعدما يعلم أنها صديقة نادين المقربة وليس هذا فحسب بل هي أيضا ابنة عم آدم الذي تزوج من ابنة خالته وخطيبته السابقة؟
فكرت سمية في الأمر ورأت أنه ليس هناك داعٍ للتحامل على رامز؛ لأنها ليست طرفا في هذا الأمر كما أنها لا تريد أن تشغل نفسها بأي شيء عدا انتقامها ممن أذوها في الماضي وتسببوا في دخولها لمصحة نفسية.
يجب عليها الآن أن تنال ثأرها من أول فرد قام بإيذائها وهو كريم الذي تحرش بها وافترى عليها أمام الجميع قائلا أنها راودته عن نفسه.

 

فتحت سمية هاتفها وهمست بغل وهي تنظر إلى الصورة الوحيدة التي احتفظت بها لمراد:
-“أنا لحد دلوقتي مش عارفة إزاي هاخد حقي منك بعد اللي أنت عملته معايا بس كل اللي أعرفه أني مش هسيب أهلك لأنهم أذوني زي ما أنت أذيتني ولو أنا مكانش ليا نصيب في أني أجيب حقي منك فإن شاء الله ربنا هو اللي هينتقم منك وهيعاقبك على اللي عملته فيا”.
أغمضت سمية عينيها وهي تشعر ببعض الراحة؛ لأن هدفها الأول قد عاد إلى المصيدة، وهي لن تتركه يفلت من قبضتها قبل أن تنال منه وترد اعتبارها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
مر أسبوع عاش خلاله زياد أسوأ أيام حياته فقد ظلت هانيا طوال الأيام الماضية تخبره أنها سترفع ضده قضية خلع إذا اتضح لها أنه يعاني من مرض يمنعه من الإنجاب.
استلم زياد بيد مرتعشة مظروف التحاليل من الطبيب وفتحه ببطء وأخذ شهيقا وزفيرا وهو ينظر إلى النتيجة التي فاقت جميع التوقعات.
أعاد زياد التحاليل داخل المظروف، ثم عاد إلى منزله وبحث عن زوجته التي كانت تجلس أمام طاولة الزينة، وتقوم بوضع اللمسات الأخيرة من مساحيق التبرج.
التفتت هانيا نحو زوجها وسألته باستفسار:
-“أنت هتروح تجيب التحاليل إمتى؟”
تقدم زياد نحوها قائلا ببرود أثار تعجبها:
-“أنا مش عايزك تشغلي بالك بالموضوع ده يا هانيا، إحنا دلوقتي رايحين نزور أهلك وبعدها هنروح مع بعض للمركز عشان نجيب التحاليل”.

 

أومأت هانيا ثم حملت حقيبتها قائلة:
-“تمام، يلا بينا عشان إحنا مش لازم نتأخر على العزومة”.
سارت هانيا برفقة زياد نحو السيارة وصعدت بجواره واستغربت كثيرا منه؛ لأنه ظل صامتا طوال الطريق ولم ينطق بكلمة واحدة.
دلف زياد برفقة هانيا إلى منزل عائلتها وقد استقبلهما وسام بملامح جامدة مؤكدا عدم تقبله لزياد على الرغم من مرور أكثر من عامين على زواجه بشقيقته.
لم يكترث زياد بمسألة برود وسام نحوه فقد اتخذ قراره وسوف يقوم بتنفيذه الآن حتى ينتقم من هانيا التي ظلت تهينه وتقلل من شأنه على مدار الأسبوع الماضي.
أشارت فريال للخدم حتى يحضروا الطعام ولكن أوقفها زياد بإشارة من يده قائلا بصرامة:
-“مفيش داعي يا طنط أنك تجيبي حاجة لأن أنا مش جاي هنا عشان أتغدى”.
سألته فريال بدهشة وهي تبتسم ظنا منها أنه يمزح:
-“أمال أنت جاي ليه يا زياد طالما مش ناوي تتغدى معانا يا حبيبي؟”
ابتسم زياد هاتفا ببرود وهو ينظر نحو هانيا بازدراء:
-“أنا جاي دلوقتي عشان أرجعلكم بنتكم لأنها بصراحة مش لازماني”.
نظرت نحوه هانيا بصدمة، أما فريال فقد اختفت ابتسامتها وهتفت بحدة:
-“إيه الكلام الفارغ اللي أنت بتقوله ده؟! أكيد دي واحدة من المقالب بتاعتك اللي مش بتخلص!!”

 

هز زياد رأسه مؤكدا أنه لم يعد يريد هانيا فتوجه وسام نحوه ولكمه بشدة وأخذ يضربه وهو يصيح به:
-“أنا من الأول مكنتش طايقك وشايفك واحد حقير ومش قد المسؤولية، إذا كنت مفكر أن أختي لعبة وقت ما تعوزها تجري وراها ووقت ما تزهق منها ترميها فأحب أقولك أنك غلطان وأنا هخليك تندم على الساعة اللي اتجرأت فيها تلعب بهانيا”.
دفع زياد وسامًا بعدما أعطاه لكمة قوية هبطت على إثرها خيوط الدماء من أنفه، وصاح بعصبية وهو يشير نحو هانيا التي كانت تنظر له بصدمة جعلتها غير قادرة على استيعاب الكلام الذي يقوله:
-“بنتكم دي أنا حبيتها وقبلت أتجوزها رغم أنها كانت متجوزة قبل كده بس قولت لنفسي مش مشكلة ولما طلبت منها أننا نعمل تحاليل عشان نشوف إحنا ليه مخلفناش لحد دلوقتي فضلت تذل فيا وتقولي أنا هخلعك لو طلع العيب منك”.
تنهد زياد متابعا بمرارة:
-“أنا استلمت نتيجة التحاليل والحمد لله طلع مفيش عندي أي سبب يمنعني من الخلفة واللي عندها مشكلة تبقى بنتكم اللي فضلت تقول أنها سليمة ومفيش عندها حاجة”.
أخرج زياد نتيجة التحاليل من جيب سترته ووضعها بين كفي هانيا هاتفا بخشونة:
-“طلعتِ أنتِ اللي مش بتخلفي يا هانيا، وأنا مش هحرم نفسي من نعمة الأبوة عشان واحدة زيك قليلة الأصل”.
وقع هذا الكلام على مسامع الجميع كالصاعقة المدوية وخاصة هانيا التي جثت أرضا محدقة أمامها بذهول وسمعت خلال حالة ذهولها كلام كثير يقال بين شجار وسام مع زياد، واستطاع عقلها على الرغم من حالة التشتت التي كانت تمر بها أن يقوم بتلخيص حديث زياد في جمل بسيطة أصابتها بصدمة شديدة:
“أنتِ أرض بور يا هانيا، وأنا لن أضيع حياتي وأعيشها مع امرأة لن تتمكن من تحقيق أبسط أمنياتي، وهي أن أصبح أبا لطفل أستند عليه عندما أكبر وأصير كهلا”

 

رفعت هانيا بصرها نحو زياد وهي تسمعه يهتف بصرامة:
-“أنتِ طالق بالتلاتة يا هانيا، وبالنسبة لكل حقوقك فأنتِ هتاخديها كلها كاملة ومكملة”.
غادر زياد بعدما ألقى يمين الطلاق على هانيا بطريقة مهينة أمام أفراد عائلتها دون أن يفكر للحظة واحدة في فكرة أن يحتملها ويستمر معها على الرغم من مرضها.
وقفت الدموع في عيني هانيا التي ألقى بها زوجها كخرقة بالية ورحل بعدما اكتشف عدم قدرتها على الإنجاب وكأنه تزوج بها حتى تنجب له الأطفال وقد تركها ورحل مبتعدا عنها عندما اتضح له أنها أرض بور مثلما وصفها أمام أخيها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
على الرغم من انتهاء الطبيب من فحص محمد إلا أن الأخير قد انتظر بالخارج ولم يغادر؛ لأنه يعلم جيدا أن الفتاة التي يحبها سوف تحضر إلى العيادة وهو يريد أن يراها بأي ثمن.
اسمها شمس وهي اسم على مسمى، فقد أنارت بحسنها ظلمات قلبه الذي أقسم على عدم الوقوع في العشق مرة أخرى.
ابتسم محمد بعدما رأى شمس التي حضرت برفقة سمر، وأخذ يسأل نفسه إلى متى سيظل يراقبها من بعيد وهو يشعر بالخوف والترقب وكأنه لص يسعى لسرقة جوهرة ثمينة؟!
تملك منه الهوى عندما رآها أول مرة، فقد ظن أن قلبه لن يخفق ويقع أسيرا لسحر امرأة جميلة بعدما خذلته زوجته الأولى وحطمت قلبه.
خفق قلبه بشدة عندما أبصرها تتقدم نحوه بعدما تركت شقيقتها ويبدو من ملامحها أنها قد اكتشفت مراقبته السرية لها ولكن ماذا عساه أن يفعل بعدما صار متيما في عشقها.

 

-“أنت إيه حكايتك بالظبط يا بني آدم أنت؟! احترم نفسك شوية وبطل حركات العيال دي وإذا كنت مفكر أني هسكتلك وهخاف منك عشان أنت ظابط فأحب أقولك أنك غلطان، صدقني أنا هخليك تزعل أوي لو فضلت مستمر في مواقفك البايخة اللي ملهاش أي تفسير ولا معنى”.
تظاهر محمد بعدم فهم قصدها وهو يهتف بخشونة مصطنعة:
-“هو أنا كنت عملتلك حاجة أصلا عشان تيجي تتكلمي معايا بالطريقة دي؟!”
احتدت نظرات شمس وهي تقول:
-“أنت بعتلي طلب صداقة على الفيس بوك وأنا رفضته وبعدها أنت فضلت تبعت ليا رسائل صباح الخير ومساء النور، ولما أنا عملتلك حظر وقتها أنت بدأت ترخم عليا من حساب تاني”.
كاد يصاب بالجنون بسبب طريقتها في الحديث معه والتي تجعله يدرك أنها تكرهه وكأنه قتل لها قتيلا بينما هو يكتوي بنيران عشقها ولا يمكنه أن يبتعد عنها وكأنها الهواء الذي لا يستطيع أن يعيش من دونه.
على الرغم من تأثر محمد وحزنه بسبب أسلوب شمس في التعامل معه إلا أنه أبى أن يتركها دون أن يلقنها درسا قاسيا حتى تفكر مليون مرة قبل أن تحاول إهانة كرامته مرة أخرى:
-“ومين قالك أن أنا أبقى الشخص اللي بيضايقك على الفيس بوك؟! هو أنتِ كان مكشوف عنك الحجاب مثلا وبتقدري تعرفي الغيب ولا تكوني مفكرة نفسك حلوة وأن شخص زيي هيتهبل في دماغه وهيبص ليكِ!!”
اتسعت عينا شمس بعدما سمعت منه تلك الإهانة الصريحة ولكنها لم تتمكن من الرد عليه؛ لأنه أسرع بالمغادرة بعدما ألقى في وجهها تلك الكلمات المسمومة التي ذكرتها بقسوة ذكرى احتباسها في الحجز وسط مجموعة من الساقطات.
خرج محمد من المبنى واستقل سيارته وهو يحاول أن يصل بتفكيره إلى سبب منطقي يجعل شمس تكرهه إلى هذه الدرجة!!

 

أوقف محمد سيارته بعدما تذكر أنها أخبرته بعدم خوفها من ردة فعله على الرغم من أنه ضابط شرطة وهذا الأمر جعل عقله يطرح سؤالا منطقيا للغاية وهو كيف عرفت شمس أنه يوجد له صلة بالشرطة؟!
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ارتفع حاجبا عزام وهو ينظر إلى مهاب الذي يقف أمامه ويخبره بقراره في الارتباط بحبيبة دون أن يعود إليه ليأخذ استشارته مثلما يفعل دائما قبل الإقدام على فعل أي شيء.
حك عزام ذقنه هاتفا باستغراب:
-“واشمعنى البنت دي اللي أنت عايز تخطبها؟! أنت قدامك بنات كتير أحسن وأفضل منها وتقدر تختار منهم اللي تناسبك”.
أطرق مهاب رأسه وهو يجيب بهدوء:
-“عندك حق، أنا قدامي كتير بس هي دي اللي حبيتها وعايز أكون معاها وأوعدك أن الموضوع ده مش هيأثر على الشغل لأني مش هخليها تعرف أي حاجة عن شغلنا”.
-“تمام مفيش مشكلة، اعمل اللي أنت عايزه، أهم حاجة عندي أن شغلي يفضل ماشي زي ما هو”.
قالها عزام وحرك رأسه ناظرا إلى شاشة التلفاز التي يظهر عليها رامز في أحد البرامج المسجلة وهو يتحدث مع المذيعة التي سألته عن العقبات التي واجهته في حياته وكيف تمكن من التغلب عليها.
احتدت نظرات عزام وهو يشاهد ابتسامة رامز الذي يبدو أنه قد تعافى من تأثير جميع الأزمات التي حلت به ويظهر بوضوح أنه قد عاد للسوق من جديد وبمنتهى القوة.
أشار عزام نحو شاشة التلفاز موجها حديثه لمهاب:
-“أنت إيه رأيك في اللي بيحصل ده يا مهاب؟”
نظر مهاب إلى حيث يشير رئيسه قائلا:
-“رأيي أنه مش هيتجرأ يقرب منك عشان ميحصلش معاه زي ما حصل قبل كده لما حاول يقتل داليا”.
اقتنع عزام بوجهة نظر مهاب ولم يدرك أي منهما أن رامزًا كان يجلس في ذلك الوقت داخل غرفته ويقوم بوضع الخطوات التي سيسير عليها في مشوار انتقامه.

 

▪▪▪▪▪▪▪▪▪
-“جول!! ودي تبقى كده رابع مباراة أكسبها قصادك يا عم كيمو وده عشان أنا بفهم في الجيم أحسن منك”.
هتف بها صديق كريم وهو يضع ذراعي الألعاب الإلكترونية جانبا شاعرا بالفخر لأنه تغلب على جميع أصدقائه في عدة جولات من لعبة كرة القدم الإلكترونية.
تأفف كريم قائلا بانزعاج شديد، فهو لا يحب أن يتفاخر عليه أحد بهذه الطريقة المستفزة:
-“خلاص يا جمال لم الدور، دول مكانوش كام جيم اللي كسبتني فيهم يعني”.
تحدث جمال قائلا باستنكار رافضا أن يقلل أحد من إنجازاته:
-“كام جيم!! أنت اللي يشوفك بتتكلم كده يا كريم عمره ما هيصدق أنك بتخسر على طول لما بتلعب قصادي”.
زفر كريم بحنق وقرر أن يغادر صالة الألعاب الإلكترونية، فهو قد حضر حتى يرفه عن نفسه بعدما عاد من الخارج ولا ينقصه أفعال جمال الذي يتعمد استفزازه بقصد المرح.
تذكر كريم عندما اضطر للسفر حتى تهدأ العاصفة التي أحدثها مراد، فهو لم ينسَ تهديد آدم وتوعده لعائلته.
عاد كريم إلى البلاد منذ ثلاثة أسابيع بعدما شعر أن الأوضاع قد هدأت وانقطعت وصلة تهديدات عائلة سمية له ولشقيقه الذي لم يجرؤ على العودة إلى مصر؛ لأنه يعلم جيدا أن مصيره سيكون السجن لا محالة بسبب الجريمة النكراء التي اقترفها في حق سمية.
تمتم كريم بذهول، فهو لا يزال يشعر به بعدما علم بالأمر الذي اقترفه شقيقه والذي لم يخطر على بال أحد:
-“يخرب بيت عقلك يا مراد، أمك فضلت طول عمرها تقول عليا أنا جلاب المصايب لحد ما جه اليوم اللي نضطر فيه نسيب بيتنا ونسافر لفترة بسبب المصيبة اللي أنت هببتها”.

 

شعر كريم وأفراد عائلته بالذهول عندما علموا أن مرادًا لم يكن متزوجا من سمية وأنه قد خدعها وجعلها تعيش معه دون زواج.
شعرت ميرڤت بالرعب بعدما سمعت هذا الأمر وقررت أن تأخذ ابنتها وتسافر عند أخوالها في مدينة الإسكندرية وطلبت من كريم أن يغادر البلاد ولا يعود إلا بعدما تهدأ الأوضاع وينسى أفراد عائلة سمية وصمة العار التي ألحقت بهم بسبب مراد.
صعد كريم على متن دراجته النارية وانطلق في طريق منزله بسرعة جنونية وهو يتخيل ما سيحدث مع أخيه إذا تهور وفكر في العودة إلى مصر.
ضحك كريم ساخرا من نفسه؛ لأنه فكر أن شقيقه قد يعود مرة أخرى بعدما استقر في الخليج وتزوج بامرأة غنية تكبره بعشر سنوات، ويعيش في منزلها الراقي متنعما بأموالها التي لا يمكن حصرها بسهولة.
توقف كريم أمام منزله وصف الدراجة النارية داخل الجراش الذي استأجره من أحد جيرانه، ثم توجه نحو البناية التي يقطن بها ولكنه سقط أرضا فجأة ودون سابق إنذار بعدما اخترقت ساقه اليسرى رصاصة غادرة أصابت الهدف المطلوب بدقة شديدة.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى