روايات

رواية أوهام الحب الوردية الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الجزء السادس والثلاثون

رواية أوهام الحب الوردية البارت السادس والثلاثون

رواية أوهام الحب الوردية الحلقة السادسة والثلاثون

قالت إلهام بأسف بعدما اتصل بها رامز وأخبرها بموت داليا:
-“لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، البقاء لله وحده وربنا يصبر أهلها، أنا صحيح كنت بكرهها عشان اللي عملته فيك بس عمري ما اتمنيت ليها أنها تموت بالشكل ده”.
تحدث رامز بأسف على ابنه الذي وصل إلى المستشفى في اللحظة نفسها التي كانت تصرخ بها فوقية قهرا على رحيل ابنتها:
-“أنا هضطر أفضل هنا في المستشفى شوية عشان خاطر إسلام لأنه منهار من العياط بعد ما عرف أن أمه ماتت ومصمم أنه يفضل جنبها وميسيبهاش”.
تمتمت إلهام بتفهم وقد انتقل لها بعض الحزن الذي يشعر به إسلام، حيث إنها تدرك جيدا أنه من الصعب على طفل صغير مثله أن يتقبل فكرة موت والدته مقتولة على يد مجرم وطاغية:
-“ماشي يا حبيبي، خليك هناك وحاول تحتوي ابنك وفهمه أن الميت مش بيرجع بالبكا عليه وعلمه أنه يدعيلها بالرحمة لأن دي هي الحاجة اللي داليا محتاجاها منه ومن أهلها دلوقتي”.
أنهى رامز الاتصال ثم سار نحو ابنه وجلس بجواره فاحتضنه الصغير صارخا من وسط بكائه:
-“مامي ماتت ومش هشوفها تاني أبدا”.
شدد رامز من احتضان طفله وربت على شعره قائلا بلطف:
-“مش أنا علمتك أن لما حد بيموت وقتها إحنا المفروض ندعيله يدخل الجنة وندعي لنفسنا إحنا كمان أن ربنا يدخلنا فيها لما نموت عشان نجتمع بيه ونكون معاه!!”
رفع الصغير رأسه ونظر إلى والده متسائلا بأمل:
-“هي ماما هتدخل الجنة يا بابا؟”
تنهد رامز قبل أن يرد بهدوء محاولا احتواء صدمة ابنه الذي سأله سؤالا صعبا لم يكن يتوقعه:
-“ده شيء بإيد ربنا وإن شاء الله ربنا هيسامحها ويدخلها الجنة”.
سمع محسن كلام رامز، وظل يراقبه، وانتظر حتى نام الصغير ثم توجه نحوه هامسا بامتنان وعيناه تفيض من الدمع حسرة على موت شقيقته:
-“شكرا ليك يا رامز على الكلام اللي قولته لإسلام وأنك نفذت وصية داليا ومحاولتش تكرهه فيها”.
تجاهل رامز حديث محسن عن الشكر والامتنان وهتف بجدية:
-“زي ما أنت سمعت، داليا قبل ما تموت وصت مدام فوقية أنها تسيب إسلام معايا ومتحاولش أنها تاخده مني”.
أومأ محسن قائلا بتأكيد:
-“كلامك مظبوط يا رامز وإحنا هنلتزم بوصية داليا بس ليا عندك طلب صغير”.
نظر له رامز وتحدث بهدوء مراعيا الظروف التي يمر بها:
-“اتفضل يا محسن، قول إيه هو طلبك وإن شاء الله أنا هنفذه لو في مقدوري أني أعمل كده”.
هتف محسن برجاء موجها بصره نحو الصغير الذي ينام بعمق:
-“خلينا نشوف إسلام على طول لأنه الحاجة الوحيدة اللي اتبقت لينا من داليا وأنا عايز أحسن علاقتي بيه وأخليه يحبني ويحب جدته بدل ما هو شايفنا وحشين لأننا كنا بننحاز زمان لعزام وشايفين أن بأسلوبه الناشف في التعامل مع إسلام أنه كده بيزرع جواه المسؤولية وبيعمل منه راجل”.
أكد رامز لمحسن أنه لن يحرمه من إسلام وسوف يسمح له دائما برؤيته، ثم حمل طفله وغادر المستشفى بعدما أخبر محسن أنه سيحضر إلى المسجد الذي ستقام به صلاة الجنازة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
حضرت قوات الشرطة إلى المخزن، وبعد مرور عدة دقائق أتت سيارة الإسعاف، وقام المسعفون بنقل كل من مهاب ومهران إلى المستشفى.
أخبر الطبيب ماريو بعدما أجرى الفحص المبدئي على مهران أنه قد فارق الحياة، وأما بالنسبة لمهاب فقد تم إدخاله إلى غرفة العمليات.
وقف ماريو أمام الغرفة ينتظر خروج صديقه على أحر من الجمر حتى يطمئن عليه، وفي هذه الأثناء وصل وسام إلى المستشفى بعدما تلقى اتصالا من حبيبة أخبرته خلاله بكل ما جرى معها.
هتف وسام بلهفة وهو ينظر بقلق إلى حبيبة:
-“طمنيني عليكِ، أنتِ كويسة؟!”
أومأت حبيبة هاتفة من وسط دموعها:
-“مهران كان عايز يقتلني بس مهاب اتدخل وأنقذ حياتي في اللحظة الأخيرة”.
استغرب وسام من أسلوب حديثها، ودب الرعب في قلبه وهو يسألها:
-“معقول يا حبيبة أنتِ زعلانة عليه بعد كل اللي عمله معاكِ؟! أنتِ نسيتِ أن هو اللي قتل أخوكِ؟!”
هزت حبيبة رأسها بنفي وردت بحزم:
-“أنا عمري ما نسيت ولا هنسى دم أشرف مهما حصل وأنا مش زعلانة على مهاب، كل الحكاية أني مضايقة عشان هو كان سبب في أني أفضل عايشة لحد دلوقتي”.
تفهم وسام موقفها ووقف يراقب ماريو الذي يظهر على وجهه أمارات القلق الشديد وهذا الأمر أثار استغراب وسام وجعله يتساءل، منذ متى ومهاب وأيمن صديقان؟!
خرج الطبيب من الغرفة فاتجه نحوه ماريو يسأله عن أخبار صديقه، وتنهد براحة بعدما علم أن العملية قد نجحت وسوف يتم وضع مهاب داخل غرفة العناية المركزة إلى أن تستقر حالته الصحية.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
خرجت فرح من غرفة نومها وسارت نحو مكتب عزام تتفقده فقد مر وقت أطول من اللازم وكان من المفترض أن يصعد إلى غرفته منذ نصف ساعة.
فتحت الباب وأصيبت بصدمة شديدة بعدما وجدت زوجها ساقطا أمامها على الأرض والدماء تحيط به من كل جانب.
صرخت فرح بجزع وهي تتراجع بضع خطوات للخلف خوفا من المنظر البشع الذي رأته أمامها.
حضر الحراس ومن خلفهم بعض الخدم الذين فزعوا بعدما رأوا أن رب عملهم قد مات مقتولا بهذا الشكل البشع داخل منزله.
اتصلت فرح بالشرطة التي حضرت إلى المكان في وقت قصير، وأخذ الضباط يفحصون الغرفة بدقة وعناية فائقة حتى يتمكنوا من العثور على دليل يقودهم إلى المتهم خاصة بعدما حاولوا فحص كاميرات المراقبة ووجدوا أنها معطلة ولا يوجد بها أية تسجيلات.
وصل وسام إلى منزل عزام ورأى فرح التي تبكي بانهيار شديد ويبدو على ملامحها مدى الصدمة الشديدة التي شعرت بها عندما وجدت زوجها مقتولا بهذه الطريقة وهذا يؤكد أنها ليست متورطة في قتله.
شعر وسام بالغضب الشديد فهو على الرغم من كرهه لعزام إلا أنه لم يكن يتمنى موته بهذا الشكل قبل أن يتم محاسبته بطريقة قانونية على جميع الجرائم التي اقترفها في حياته.
كان ينبغي أن يظل عزام على قيد الحياة حتى يتم القبض عليه ومواجهته بالتسجيل الذي سجلته له داليا عندما كان تحت تأثير حالة السُكر؛ لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي كان سيتمكن بها من الحصول على اعتراف منه في محضر رسمي بصحة الحديث الذي ذكره وهذا يعني أنه كان سيتمكن حينها من اتهام مهاب بشكل مباشر بقتل أشرف.
لم يعد هناك أمام وسام أي طريقة للإيقاع بمهاب سوى بإجباره على الاعتراف بقتل أشرف حتى لو تم استخدام وسائل مؤلمة للضغط عليه وذلك بعدما يخرج سالما من المستشفى.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
فتحت شمس باب شقتها، واحتدت ملامحها، وظهرت الصرامة في نظراتها بعدما رأت أمامها محمدًا الذي كان يمسك بباقة زهور حمراء أحضرها خصيصا من أجل مصالحتها.
برمت شفتيها، وعقدت ساعديها، وهتفت بحدة:
-“أفندم عايز إيه؟! هو مش أنا كنت قولتلك مش عايزة أشوف وشك تاني؟! إيه اللي خلاك تيجي هنا دلوقتي؟!”
وضع محمد باقة الأزهار بين يديها قائلا بابتسامة:
-“هو أنتِ هتسيبيني واقف على الباب كده كتير؟! وبعدين هو ده الاستقبال اللي المفروض تستقبلي بيه جوزك اللي لسة راجع من السفر!! شكلك كده هتطلعي زوجة نكدية وهتبهدليني معاكِ”.
خرجت سمر من غرفتها بعدما سمعت صوت محمد، وأبعدت أختها من أمام الباب حتى يتمكن من الدخول، ثم رحبت به قائلة:
-“إزيك يا محمد عامل إيه؟! حمد الله على سلامتك”.
نظر محمد إلى شمس قائلا بتبرم:
-“شوفتي يا نكدية المفروض كنتِ تقوليلي إيه أول أما تشوفيني راجع من السفر!! المفروض تتعلمي من أختك إزاي تتغلبي على الطبع النكدي اللي موجود جواكِ”.
كزت شمس على أسنانها قائلة بغيظ:
-”اتفضلي قومي يا سمر اعملي كوباية شاي للأستاذ محمد لحد ما أشوف هو جاي هنا ليه وعايز إيه!!”
نهضت سمر وهي تبتسم بشدة وقبل دخولها إلى المطبخ توقفت أمام المرآة التي قابلتها في الردهة وأخذت تتأمل ملامحها التي اختفت منها آثار التشوه عدا بعض البقع الطفيفة التي سيتم التخلص منها بشكل نهائي بعدما تجري العملية القادمة.
تأكد محمد من ابتعاد سمر قبل أن ينظر إلى شمس قائلا:
-“ممكن أفهم حضرتك بتتصرفي معايا كده ليه؟!”
اتسعت عينا شمس من فرطِ وقاحته، فهي لا تصدق أنه هجرها وابتعد عنها وكلما كانت تتصل به كان يقوم بغلق الهاتف في وجهها ثم يأتي بعد ذلك ويسألها عن سبب عدم ترحيبها به!!
ماذا يظن؟! هل يعتقد أنه بإمكانه أن يتركها متى شاء وأن يعود إليها في الوقت الذي يريده دون أن يكون هناك مانع لديها أو ذرة من الكرامة وكأنها ستموت من دونه!!
ردت شمس بسخرية وهي ترفع أحد حاجبيها:
-“مفيش حاجة يا محمد، أنت معملتش أي حاجة تخليني أتنرفز وأخرج عن شعوري!!”
ابتسم محمد بسماجة قائلا:
-“طيب بما أنك راضية عني بقى فشيلي الوش البلاستيك اللي حطاه ده وخلينا نتكلم في الكلام المفيد”.
كورت يديها بغضب وقالت ببرود:
-“كلام إيه اللي أنت عايز تقوله؟! هو إحنا بقى في بيننا كلام يتقال؟!”
ضرب محمد سطح الطاولة وصاح بعصبية فقد استفزه برودها وأسلوبها في الحديث:
-“وبعدين معاكِ بقى يا شمس، أنا عارف كويس أنك مبينة العصبية دي عشان تعرفي قيمتك عندي بس الموضوع بقى فعلا أوڤر أوي”.
هبت شمس واقفة وصرخت بأعلى صوتها تخرج أمامه شحنات الغضب والحزن الذي شعرت به أثناء فترة سفره:
-“أوڤر!! هو إيه ده اللي أوڤر بالظبط؟! هو أنت مفكرني لعبة وقت ما تعوزها تمسكها ووقت ما تزهق منها ترميها؟! لا يا حبيبي فوق لنفسك وافهم أني عمري ما أتنازل عن كرامتي في سبيل الحب مهما حصل، أنت فاهم؟!”
اقترب محمد منها خطوتين قائلا:
-“أفهم من كلامك ده أنك بتحبيني؟!”
اتسعت عينا شمس، وابتلعت ريقها ولم تتفوه بأي حديث فقد فضحت مشاعرها أمامه بمنتهى الرعونة بعدما كانت تخبره بعدم رغبتها في رؤية وجهه.
حسنا، ليس هناك مشكلة في معرفته لما تفكر به ولكن عليه أن يفهم أن غضبها منه لن يزول بسهولة مثلما يعتقد.
نظرت له شمس بعدما سمعته يقول بهدوء:
-“بصي يا شمس، حطي نفسك مكاني، أنا واحد اكتشفت أن ابن عمي كان بيحب خطيبتي وأن عمي هو السبب في فراقهم، تقدري تقوليلي كنتِ هتعملي إيه لو اتحطيتِ في نفس الموقف؟!”
نظرت له شمس بعتاب وهطلت دموعها وهي تقول:
-”أنا معملتش حاجة غلط عشان تعاقبني عليها، ده موضوع قديم وانتهى وأنا نسيته أصلا وهو كمان نسي ولو مش مقتنع روح اتفرج على ابن عمك وأنت هتلاقيه عايش مبسوط مع مراته، الدور والباقي عليا، كل حاجة بايظة والمشاكل مش راضية تسيبني في حالي وأنا مش عارفة المفروض أعمل إيه تاني عشان أقدر أعيش حياتي وأكون مبسوطة زي باقي الناس!!”
عادت سمر إلى الصالة ورأت شقيقتها في حالة انهيار فكادت تتوجه نحوها حتى تتفقدها ولكن أشار لها محمد بالذهاب إلى غرفتها وجعلها تفهم من خلال نظراته أنه سوف يحل الأمر بينه وبين شمس.
جلس محمد بجوار شمس التي جثت أرضا وقال:
-“أنتِ فعلا ملكيش ذنب وآدم هو كمان ملهوش ذنب بس أنا كنت محتاج أبعد وأفكر في الموضوع لأنه فعلا معقد ومش سهل زي ما أنتِ متخيلة”.
كفكفت شمس دموعها وهتفت بحزم:
-“أظن أنك فكرت بما فيه الكفاية في الموضوع ومفيش قدامك دلوقتي غير خيارين، إما أنك تخرج دلوقتي من حياتي ومتخلنيش أشوفك تاني، أو نكمل سوا بس بشرط أنك متفتحش معايا بعد كده سيرة موضوع آدم تحت أي ظرف”.
أعطته خيارين وتركت له حرية اتخاذ القرار الذي يراه مناسبا بالنسبة له، وظلت تنظر له وتفاجأت وهي تراه ينهض ويغادر شقتها بمنتهى الهدوء، فأجهشت بالبكاء مرة أخرى بعدما تأكدت هذه المرة من رحيله وعدم عودته لها مرة أخرى.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
انتظر آدم انتهاء الطبيبة من فحص زوجته، وعندما انتهت سألها بلهفة:
-“طمنيني عليها يا دكتورة هي وضعها عامل إيه دلوقتي؟”
هتفت الطبيبة بهدوء وهي تنظر إلى نادين التي جلست بجوار زوجها:
-“الحمد لله، الأمور كلها تمام ووضع الجنين كويس بس هي لازم تواظب على الأدوية وتهتم بتغذيتها عشان الأوضاع تفضل كويسة”.
شكر آدم الطبيبة وأخذ زوجته وانصرفا من العيادة وهما يسيران جنبا إلى جنب والابتسامة تعلو وجه كل منهما.
نظرت نادين إلى زوجها وسألته:
-“هو إحنا لو ربنا كرمنا وجيبنا بنوتة هنسميها إيه؟!”
فكر آدم قليلا قبل أن يجيب:
-“ممكن أسميها وعد عشان تبقى شاهدة على وعدي ليكِ بأني هفضل أحبك طول ما أنا عايش، وممكن أسميها عشق عشان تكون دليل على حبي ليكِ”.
ابتسمت نادين وتأبطت ذراعه وهي تحمد الله على وجوده في حياتها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
مر أسبوع انشغل خلاله رامز بحالة ابنه الذي أصيب بانهيار أثناء حضوره لجنازة والدته، وعندما تحسنت حالة إسلام تذكر رامز أمر حبيبة فاتصل على الفور بوسام حتى يسأله عما حدث معها.
تملكت الدهشة من رامز بعدما أخبره وسام بكل ما جرى وهتف بأسف:
-“كلامك ده معناه أن أنت مش هتقدر تقبض على حيتان المخدرات لأن موت عزام ومهران هيخليهم يكنوا شوية لحد ما الأمور تهدى”.
نفى وسام هذا الأمر بقوله:
-“عزام ومهران كانوا هما أكبر حوتين وبموتهم هيكون سهل عليا أمسك باقي الحيتان لأنهم مش بنفس ذكائهم ولا حذرهم”.
أومأ رامز بتفهم قائلا:
-“ربنا يوفقك ويكون في عونك الأيام الجاية”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
خرجت سمية من منزلها حتى تذهب إلى شقة أخيها وأثناء سيرها بالقرب من العمارة التي يقطن بها محمد تفاجأت بوجود كريم الذي خرج من إحدى السيارات وحاول أن يطعنها بسكين كان يضعها في جيبه ولكن تدخل بعض المارة واستطاعوا إنقاذ سمية من بين براثنه قبل أن يفتك بها.
صرخ كريم بتوعد وهو يقاوم الناس حتى يمسك بسمية ويتمكن من التخلص منها:
-“مش هسيبك يا سمية، إذا كنتِ مفكرة أنك هتفلتي مني تبقي غلطانة، أنا حياتي اتدمرت بسببك ومش لاقي شغل ولا عارف أعمل أي حاجة بسبب العرج اللي في رجلي”.
صاحت به سمية بعدما هدأت وتمالكت أعصابها:
-“أنت تستاهل كل اللي جرالك يا كريم لأنك واحد واطي وده جزاء اللي يحاول يتحرش بمرات أخوه ولما ترفضه يقلب عليها الترابيزة ويقول عليها أنها كانت بتغويه ومش صاينة جوزها في غيبته”.
استطاع كريم أن يفلت من قبضة الرجلين القابضين عليه وتوجه نحو سمية وأراد أن يطعنها بمدية أخرجها من جيب سترته ولكن استقرت الطعنة في ذراع رامز الذي أتى حتى يتحدث مع محمد ولكن استوقفه الجمع المحتشد أمام البناية وعندما رأى كريمًا على وشك قتل سمية وقف أمامها حتى يحميها من بطش هذا المجرم ثم انهال عليه بالضرب المبرح إلى أن حضرت قوات الشرطة وألقت القبض عليه.
نظرت سمية إلى رامز بجزع قائلة بقلق:
-“أنت كويس يا رامز؟”
أومأ رامز وطمأنها بقوله:
-“أيوة يا ستي أنا بخير، الجرح في دراعي وشكله سطحي”.
حضر محمد بعدما اتصل به أحد الجيران وأبلغه بما حدث أسفل البناية وأمسك بسمية يطمئن عليها وتنهد براحة بعدما وجد أنها بخير ولم يصبها أي أذى.
أشارت سمية نحو رامز وهي تبكي وقالت:
-“رامز اتصاب في دراعه ولازم يروح المستشفى”.
التفت محمد نحو رامز وأيَّد وجهة نظر شقيقته في ضرورة التوجه إلى المستشفى من أجل التعامل بشكل سليم مع هذه الإصابة.
وصل رامز إلى المستشفى ودلف إلى غرفة الفحص تحت نظرات سمية التي كانت تشعر بالقلق الشديد وقد لاحظ محمد هذا الأمر وتأكد أنها بالفعل تحب رامزًا وأنه هو أيضا يحبها بشدة وليس معجب بجمالها مثلما كان يظن، والدليل على ذلك أنه وقف أمام كريم وتلقى الضربة بدلا منها من أجل حمايتها.
خرج الطبيب من غرفة الفحص وأخبر محمدًا بأن الإصابة لم تكن عميقة ولم تُصب أي عصب من الأعصاب الحساسة فشكره محمد وتوجه نحو أخته قائلا بهدوء:
-“دراعه اتخيط عشر غرز بس الحمد لله، وضعه كويس ومفيش أي قلق على حالته”.
حمدت سمية ربها على فضله وكرمه الشديد لأنه لم يجعل نهايتها على يدي كريم وأفراد عائلته الأوغاد الذين دمروا حياتها في الماضي.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
نظرت فرح حولها في حديقة القصر الذي ورثته من عزام وهي تبتسم فهي لا يهمها أمر موت زوجها الذي قُتل أكثر من الثروة الطائلة التي ورثتها هي وابنها الذي تحمله في أحشائها.
في الواقع هي أكثر من سعيدة بموت عزام؛ لأنها تعلم جيدا أنه كان سيلقي بها في الشارع بعدما تلد له ولي العهد الذي سيرث ثروته ولن يكترث لمصيرها، أما الآن فهي ستصير واحدة من سيدات المجتمع المخملي وستصبح هذه الإمبراطورية تسير وفقا لإشارة بسيطة من إصبعها.
رسمت فرح الحزن على وجهها عندما رأت وسامًا الذي حضر إلى القصر حتى يتحدث معها بشأن التطورات التي تم اكتشافها في قضية مقتل زوجها.
هتفت فرح بقهر مصطنع:
-“فيه أي أخبار جديدة في قضية عزام؟!”
تنهد وسام قائلا بجدية:
-“عزام طلع هو اللي ورا قتل مدام داليا”.
رفعت فرح حاجبيها بتعجب قائلة باستنكار:
-“طيب وأنا مالي بالموضوع ده، هو خلاص مات واندفن وزمانه بيتحاسب على كل اللي عمله”.
هتف وسام بشك وهو ينظر لها مليا محاولا فك شفرات شخصيتها الغامضة والتي تبدو معقدة بالنسبة له:
-“التحريات بتقول أن عزام طلق داليا بسببك ومش بعيد تكوني أنتِ اللي حرضتيه على قتلها عشان تنتقمي منها على كل كلمة أهانتك بيها”.
هتفت فرح بعدم اكتراث:
-“القانون عايز دليل وأنت مفيش معاك أدلة تثبت صحة الكلام الغريب اللي أنت عمال تقوله ده وبعدين ده شيء ملهوش علاقة بموته ومعتقدش أن فيه حد من أهل داليا هو اللي قتل عزام”.
هز وسام رأسه وهو يستكمل حديثه:
-“معاكِ حق يا مدام فرح، أهل داليا ملهمش علاقة بموت عزام والشبهات كلها أصلا بتدور حوالين ماريو لأن وفقا للتحريات هو ده أخر شخص زار عزام بس المشكلة أنه هرب واختفى وإحنا حاليا بندور عليه، أما بالنسبة لمهاب فإحنا متحفظين عليه دلوقتي في المستشفى لحد ما يقوم بالسلامة وبعدها هنبدأ نحقق معاه”.
استغربت فرح كثيرا من هذا الأمر وسألت بتعجب:
-“طيب وهو إيه علاقة مهاب بالموضوع، هو مش المفروض ماريو هو اللي مشتبه فيه بقتل عزام؟!”
وضَّح لها وسام الأمر بقوله:
-“لما فحصنا تليفون مهاب لقينا في سجل المكالمات اتصال بينه وبين ماريو وده معناه أنه ممكن يكون متورط في الموضوع وده طبعا شيء هيبان أثناء التحقيقات”.
غادر وسام تاركا فرح تنظر إلى أثره بغضب فهو شخص ذكي للغاية، وخطر في عقله حقيقة أنها بالفعل قد سمعت عزامًا وهو يأمر أحد رجاله بقتل داليا ولكنها لم تفعل أي شيء لإيقافه وتظاهرت بعدم معرفتها بما حدث.
تمتمت فرح بضيق وهي تتوجه لداخل المنزل:
-“يا نهار أبيض!! أنا مش مصدقة أن البني آدم اللي اسمه وسام ده طلع ذكي أوي كده!!”
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
هرج ومرج في المستشفى جعل حبيبة التي دلفت للتو حتى تستعلم عن وضع مهاب تشعر بالدهشة وتحاول السؤال عما يحدث ولكن لم يجبها أي أحد.
نظرت حبيبة حولها باستغراب وتمتمت:
-“هي ليه الدنيا مقلوبة كده وكأن فيه وزير أو سفير دخل المستشفى عشان يتعالج!!”
اصطدمت بها إحدى الممرضات واعتذرت لها وكادت تبتعد ولكن أوقفتها حبيبة متسائلة:
-“لو سمحتِ، ممكن أفهم منك إيه اللي بيحصل هنا وليه الأمن قفل البوابة بعد ما أنا دخلت ومنعوا أي حد من الخروج؟!”
أعطتها الممرضة الجواب الذي نزل على أذنيها كصاعقة مدمرة:
-“الدنيا مقلوبة لأن المريض مهاب رشوان اختفى ومفيش ليه أي أثر”.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى