روايات

رواية أوهام الحب الوردية الفصل الخامس عشر 15 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الفصل الخامس عشر 15 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الجزء الخامس عشر

رواية أوهام الحب الوردية البارت الخامس عشر

رواية أوهام الحب الوردية الحلقة الخامسة عشر

ابتسمت داليا وهي تنظر إلى ابنها الذي يلعب وصوت ضحكاته يصدع في الأجواء أثناء ركضه في الحديقة.
دققت داليا النظر في كل شبر حولها من قصر عزام الذي يصعب تحديد أوله من أخره من شدة كبر مساحته.
تذكرت داليا ذلك اليوم عندما حضر عزام إلى شقتها بعدما حررت محضرا ضد رامز واتهمته فيه بمحاولة قتلها، فذات يوم عندما عادت داليا من المديرية وبعدما دلفت إلى المنزل تفاجأت بصوت رنين الجرس فضيقت عينيها وهي تهتف بتوجس فقد ظنت أن أقارب زوجها قد لحقوا بها حتى ينالوا منها بعدما تسببت في سجن رامز وإهانته أمام الجميع:
-“مين اللي بيخبط على الباب؟”
تهللت أساريرها عندما سمعت صوت عزام وهو يقول:
-“أنا يا داليا، افتحي الباب واوعي تخافي، أنا مش هستغل أنك لوحدك ومش هحاول أقتلك زي ما جوزك الندل عمل معاكِ”.
فتحت داليا الباب وهي تهمس بخفوت متظاهرة بالخوف حتى تثير تعاطفه:
-“اتفضل يا عزام بيه، أنا آسفة جدا بس بصراحة من ساعة ما رامز اتهجم عليا هنا في الشقة وحاول يقتلني وأنا بقيت أحس بالخوف بمجرد ما بسمع صوت خبط على الباب”.

 

دلف عزام إلى الشقة برفقة اثنين من حراسه يحملان في أيديهم الزهور وعلب الشوكولاتة الفاخرة وعندما دققت داليا النظر إلى العلبة اتسع بؤبؤ عينيها بانبهار حقيقي فهذا النوع معروف بغلو ثمنه وأنه لا يقدر على شرائه سوى أصحاب الطبقة المخملية.
حسنا، لقد نجح عزام في إبهارها بعدما انتقى لها هدية فاخرة مثل هذا النوع من الشوكولاتة فقد جعلها بهذا التصرف تدرك حقيقة أنها عزيزة جدا عليه.
أشارت داليا إلى عزام فاستجاب لها بعدما أمر حارسيه أن ينتظراه أمام باب الشقة.
-“إزيك يا داليا، عاملة إيه؟ أنا شايف أنك بقيت كويسة دلوقتي بعد ما عرفتي تاخدي حقك من رامز” .
أومأت داليا هامسة بانكسار مزيف:
-“الحمد لله أني قدرت أدافع عن نفسي ولولا ستر ربنا كان زمان رامز قتلني بعد ما استغل وحدتي واتهجم عليا هنا في الشقة”.
ابتسم عزام وهتف مباشرة دون أي مقدمات:
-“وهو ده الموضوع اللي أنا جاي النهاردة عشان أتكلم معاكِ فيه، أنا طالب إيدك للجواز بعد ما عدتك تخلص من رامز”.
تظاهرت داليا بالدهشة ونجحت في رسم أمارات الصدمة على وجهها بمهارة جعلت عزام يشك في حقيقة أنها بالفعل لم تكن تتوقع طلبه.
هتف عزام بجدية بعدما شاهد دهشتها:
-“أنا مش عايز أسمع منك رد دلوقتي، هسيبك تفكري مع نفسك وهستنى ردك الأسبوع الجاي وبالنسبة لرامز فأحب أطمنك وأقولك أني هوصي عليه حبايبي في الداخلية وأوعدك أنه هيشوف أيام سودة عشان اتجرأ على أذيتك”.

 

نهض عزام وسار نحو الباب ولكنه توقف قبل أن يفتحه والتفت لداليا قائلا:
-“بالنسبة للحارسين اللي برة فأنا هسيبهم هنا عشان يخلوا بالهم منك ويدافعوا عنك لو في حد من أقارب رامز حاول يعملك حاجة”.
أفرجت داليا عن ابتسامة واسعة بعدما غادر عزام فهي لم تكن تتصور أن يتحقق هدفها بمثل هذه السهولة الشديدة.
انتظرت داليا مرور الأسبوع قبل أن تمنح عزام موافقتها ولكنها اشترطت عليه أنها ستعيش مع ابنها ولن تتركه مهما حدث.
تنازلت داليا عن القضية عندما وافق رامز على عرضها وتنازل لها عن حضانة ابنه بعدما وعدته أنها سوف تسمح له برؤيته من حين لأخر ولكنها في الحقيقة لم تنفذ هذا الوعد وحرصت على ألا يتمكن طليقها من رؤية ابنها تحت أي ظرف من الظروف.
تزوجت داليا من عزام بعدما انقضت فترة عدتها من رامز وتحققت جميع الأحلام التي رسمتها في خيالها، فهي قد أصبحت سيدة لها شأن في المجتمع، وتمتلك العديد من المجوهرات بالإضافة إلى سيارة فاخرة، وتعيش برفقة ابنها الوحيد في قصر فاخر اشتراه عزام خصيصا من أجلهما.
نظرت داليا حولها بتفاخر وهي ترى نفسها قد تحولت خلال سنوات قليلة من مجرد فتاة فاشلة في دراستها ولا يوجد لها قيمة وسط عائلتها إلى سيدة ثرية تتحكم في الجميع بإشارة واحدة من إصبعها وكل ذلك بفضل ذكائها وحسن استغلالها للفرص.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
عاد رامز إلى منزله في وقت متأخر وهو يظن أن والدته قد خلدت للنوم ولكنه تفاجأ عندما وجدها مستيقظة وتجلس في الصالة منتظرة عودته.
اقترب منها رامز وانحنى مقبلا رأسها قائلا بابتسامة:
-“مساء الخير يا ماما، إيه اللي مسهرك لحد دلوقتي؟”

 

رفعت إلهام حاجبيها هامسة بأسف:
-”ممكن أفهم أنت ليه خبيت عليا يا رامز موضوع أنك بتروح لدكتور نفسي؟!”
ارتبك رامز بعدما تأكد من معرفة والدته بأمر الطبيب النفسي وأخفض رأسه متحدثا بخفوت:
-“أنتِ عرفتِ إزاي بالموضوع ده؟”
أجابته إلهام بشكل صريح ومباشر منتظرة منه سماع تفسير منطقي يبرر لها سبب إخفائه لأمر الطبيب النفسي:
-“في واحدة صاحبتي ساكنة في نفس العمارة بتاعة الدكتور اللي أنت بتروح عنده ولما شافتك وأنت بتدخل العيادة كذا مرة واتأكدت أنك فعلا مريض من المرضى بتوعه اتصلت بيا وقالتلي”.
جلس رامز أمامها وتنهد قائلا بحزن فهو لم يكن يريد أن تعلم والدته أي شيء عما يشعر به حتى لا تستنتج ما يدور في رأسه:
-“أنا مكنتش عايز أضايقك وعشان كده خبيت عليكِ الموضوع”.
نظرت إليه إلهام قبل أن تملس على رأسه هامسة بحنو في محاولة منها لمعرفة ما يفكر به ابنها، فهي منذ عرفت أنه يذهب إلى طبيب نفسي وهي تكاد تجزم أنه لم ينسَ ما حدث معه ويسعى للانتقام بشتى الوسائل الممكنة:
-“هو أنت لسه لحد دلوقتي بتفكر تنتقم من داليا عشان اللي هي عملته فيك؟”
حرك رامز رأسه قائلا بهدوء محاولة بث الطمأنينة في نفس والدته التي يظهر على وجهها الخوف عليه وعلى المصير الذي ينتظره في حال كان يفكر في إعلان الحرب على عزام:
-“أنا مش عايز أنتقم منها ولا حاجة يا ماما، كل الموضوع هو أني نفسي أشوف ابني، وأنا لما أكبر ويكون ليا اسمي في السوق ساعتها عزام هيعملي ألف حساب وهيجبر داليا على أنها تسمحلي أشوف إسلام”.

 

تمتمت إلهام بتنهيدة بعدما تأملت وجهه مليا تبحث عن أي إشاره تثبت عكس الحديث الذي يحاول إقناعها به:
-“ربنا يهديك يا ابني، ويصلح حالك، ويبعد عنك كل شر وأذى، وينتقم من داليا اللي كانت السبب في كل الوجع ده من الأول”.
لم يكن أمام إلهام سوى تصديق رامز الذي حرص كل الحرص على ألا يظهر أي شيء من نواياه وما يخطط لفعله في المستقبل القريب.
تمنت إلهام التوفيق لابنها إذا كان صادقا، فهي أيضا قد اشتاقت بشدة لحفيدها الذي لم تره منذ أربع سنوات.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ذهبت هانيا برفقة زوجها إلى المستشفى حتى يقوما بعمل الفحوصات من أجل معرفة سبب عدم إنجابهما للأطفال.
لم تكن هانيا تشعر بالقلق فهي كانت تعلم أنه لا يوجد بها أي عِلة وأنه إذا كان هناك مشكلة فستكون من زوجها وإذا ثبت لها هذا الأمر فسوف تطلب منه الطلاق على الفور؛ لأنها ليست مستعدة للبقاء مع رجل عقيم يجبرها على حرمان نفسها من نعمة الأمومة.
نظرت هانيا إلى زياد قائلة بتأفف فهي لم تكن مضطرة لإجراء كل هذه الفحوصات ولكنها فعلت ذلك حتى تثبت لزوجها أن الخطأ من عنده وليس من عندها:
-“أتمنى تكون سيادتك حسيت براحة بعد ما أنا نفذت اللي أنت عايزه ويكون في علمك لو اتضح أن أنت عندك عيب فأنا هنفصل عنك فورا لأنك اتجرأت وحطيتني في موقف زي ده لما أصريت أننا نيجي هنا في المستشفى المقرفة دي”.
تملك الخوف من زياد بعدما سمع تهديدها فهو يعلم جيدا أنها لن تتردد لحظة واحدة في تركه إذا اتضح لها أنه يعاني من مرض يمنعه من الإنجاب.
حاول زياد تهدئة ثورة هانيا بقوله:
-“خلاص يا هانيا، أنا آسف على اللي حصل بس أرجوكِ بلاش تعصبي نفسك، كل الحكاية هي أني كنت عايز أطمئن مش أكتر عشان لو حد فينا عنده مشكلة يتعالج منها في أسرع وقت ممكن”.

 

صرخت هانيا في وجهه بعصبية:
-“أنا قولتلك أني معنديش أي مشكلة بس أنت كدبتني وصممت أني أعمل التحليل وأتهان بالشكل ده، على العموم أنت اللي جيبته لنفسك ولو اتضح أن عندك حاجة فمش هقعد على ذمتك ثانية واحدة”.
أخذ زياد يصب جُل غضبه على غبائه وتسرعه فهو قد تزوج من امرأة كانت متزوجة من قبل وقد أجرت هذه الفحوصات قبل بضع سنوات برفقة زوجها السابق وأكدت التقارير حينها أنها لا تعاني من أي مشكلة تمنعها من الإنجاب.
ظل زياد يلوم نفسه طوال فترة قيادته في طريق العودة إلى المنزل؛ لأنه جعل هانيا تفكر في مسألة الإنجاب بعدما كانت لا تشغل رأسها بهذا الأمر وها هو الآن سيقضي أسبوعا يشعر خلاله بالخوف إلى أن تظهر نتيجة التحاليل.
كان عليه أن يذهب بمفرده إلى المستشفى ويُجري التحاليل حتى يتأكد من سلامته دون أن يطلب منها القيام بتحاليل مماثلة؛ لأنها ليست في حاجة لإجراء هذه الفحوصات ولكن عناده وتكبره جعلاه يقدم على تلك الخطوة المتهورة وها هو الآن سوف يجني ثمار هذا الغباء إذا اتضح له أن العيب من جهته.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ابتسم محمد بعدما أزال الطبيب الضمادة عن ظهره وساقيه ورأى أنه قد وصل أخيرا إلى النتيجة المُرضية بالنسبة له بعدما خضع لسلسلة طويلة من عمليات التجميل التي استنزفت كثيرا من أمواله فضلا عن جلسات العلاج الطبيعي التي كانت تستلزم منه جهدا كبيرا حتى يحتمل الألم الفظيع الذي شعر به أثناء وعقب كل جلسة.
نظر الطبيب إلى محمد وقال:
-“إيه رأيك بقى؟ أظن أنت كده مبسوط بالنتيجة لأن المرة دي مش باين أي أثر للحروق اللي كانت موجودة وكأنها محصلتش من الأساس”.
أومأ محمد قائلا والفرحة تملأ كيانه:

 

-“عندك حق يا دكتور، أنا فعلا من كتر ما النتيجة مبهرة مش حاسس أن كان فيه أي حروق في جسمي قبل كده”.
تذكر محمد كلمات هانيا الجارحة بعدما أصيب بتلك الحروق الهائلة في ذلك الحادث الأليم فقد كانت زوجته السابقة تسخر منه ومن هيئته ولم تترك كلمة مهينة إلا وقذفته بها وكأنها كانت تنتظر الفرصة المناسبة حتى تتخلص من الرابط الذي يجمعها به.
منذ انفصال محمد عن هانيا وهو يقول سحقا للعشق وأوهامه، فأنا هو العاشق الذي جُرح وكُسر قلبه على يد الفتاة الوحيدة التي أحبها ولن أقع في شراك الحب مرة أخرى حتى لو كان ثمن ذلك هو حياتي.
لم يفكر محمد طوال السنوات الماضية في فكرة الزواج مره أخرى إلا بعدما رأى تلك الجميلة التي سحرته بنظرات عينيها الخلابة والتي يشعر أنه رآها من قبل ولكنه لا يتذكر أين أبصر تلك الملامح التي وقع أسيرا لصاحبتها؟
لا يعرف عنها أي شيء سوى اسمها فقط فهي تكون الشقيقة الكبرى لإحدى المريضات اللواتي يتعالجن هنا لدى الطبيب الذي ساعده في التخلص من حروقه.
المشكلة الحقيقية التي تواجهه في مسألة الارتباط بها هي أنه يشعر كلما رآها أنها ترمقه بنظرات كارهة وكأنه قد ارتكب في حقها جرمًا بشعًا لا يغتفر.
خرج محمد من غرفة طبيبه بعدما صافحه وسار في الرواق وهو يفكر بشرود في تلك الفتاة التي سرقت قلبه ومن حسن حظه أنها ظهرت أمامه فجأة برفقة شقيقتها فابتسم وأخذ يضبط من وضع خصلات شعره قبل أن يوجه لها الحديث بقوله:
-“إزيك يا شمس إيه أخبارك؟ طمنيني إيه أخر أخبار علاج أختك، أنا بصراحة شايف أن فيه تحسن بشكل كبير عن الأول”.
برمت شمس شفتيها ولم تصدر أي ردة فعل سوى أنها سحبت أختها خلفها وسارت بسرعة مبتعدة عن محمد وكأنه قط

 

أجرب سوف يلوث ملابسها في حال اقتربت منه!!
استغرب محمد كثيرا من ردة فعلها التي أكدت ظنونه بشأن عدم تحملها لرؤيته أمام وجهها وتمتم بذهول:
-“أنا مش قادر أفهم ليه شمس بتتصرف بالشكل ده كل لما تشوفني قدامها، أنا كان ممكن أفكر أن هي واحدة كشرية لولا أني شوفتها بتتعامل مع كل الناس اللي هنا بطريقة كويسة ما عدا أنا كأنها شايفاني عفريت ممكن يأذيها لو قربت منه”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
توقف سائق سيارة الأجرة التي استقلتها نادين أمام إحدى الصيدليات وفقا لطلبها وقد طلبت منه أن ينتظرها وأخبرته أنها سوف تشتري شيئا من الداخل وتعود على الفور.
تأملت نادين شريط أقراص منع الحمل الذي قامت بشرائه، فهي تحرص على تناول هذه الأقراص بانتظام دون معرفه آدم بالأمر وقد ساعدها على ذلك أنه لم يسألها طوال السنوات الماضية عن سبب عدم حملها حتى هذه اللحظة وكأنه لا يشغل باله بمسألة الإنجاب وهذا الأمر أجج من شكوك نادين التي لا يزال يراودها هاجس يخبرها أنه سيأتي يوم ويتركها آدم من أجل امرأة أخرى مثلما فعل رامز.
عادت نادين إلى سيارة الأجرة وأخبرت السائق بعنوان منزلها وبعد مرور نصف ساعة توقفت السيارة أمام البناية التي تقطن بها.
أعطت نادين الأجرة للسائق، ثم دلفت إلى البناية وهي تحمل أكياس مشترياتها وصعدت إلى شقتها وهي تزفر براحة؛ لأنها تذكرت أمر شراء أقراص منع الحمل.

 

دلفت نادين إلى الشقة ووضعت أكياس الخضراوات والفواكه على الطاولة داخل المطبخ ثم التفتت لتذهب إلى غرفة نومها ولكنها تفاجأت بوجود آدم الذي سألها باستغراب وهو ينظر إلى الأغراض التي تحملها:
-“أنتِ كنتِ فين يا نادين؟ وليه اتأخرت أوي كده؟!”
ارتبكت نادين قليلا وكأنها ضبطت بالجرم المشهود ولكنها سرعان ما استجمعت شجاعتها وهي ترد بهدوء:
-“أنا خرجت مع ماما النهاردة عشان أشتري شوية حاجات واتأخرت بسبب أني مكنتش لاقية تاكسي يوصلني على هنا”.
تابعت نادين الحديث وهي تكمل السير نحو حجرة نومها:
-“أنا هدخل الأوضة أغير هدومي بسرعة وهاجي أسخنلك الأكل عشان تتغدى”.
أغلقت نادين باب الغرفة خلفها ثم سارت بسرعة نحو الكومود وفتحت أحد أدراجه ووضعت به شريط الأقراص وهي تتنهد براحة؛ لأن آدم لم يرَ الشريط على الرغم من أنها كانت تحمله في يدها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
وصل رامز برفقة أحد عملائه إلى أحد المطاعم وجلس برفقته يتناقش معه بخصوص إحدى الصفقات التي يسعى لإتمامها معه.
استمرت الجلسة لفترة من الوقت وابتسم رامز بعدما حقق مبتغاه ووافق الرجل على الصفقة التي اقترحها عليه.
غادر الرجل وبقي رامز لبعض الوقت ثم نهض حتى يغادر هو الأخر ولكنه توقف بعدما لمح سمية التي دلفت إلى المطعم برفقة إحدى صديقاتها.
جلس رامز يتابع سمية التي كانت تجلس بوجوم ويبدو على ملامحها أنها شاردة ولا تركز في حديث صديقتها.
انتظر رامز مغادرة صديقة سمية من المكان ثم نهض من مقعده وتوجه نحوها قائلا بابتسامة:
-“إزيك يا آنسة سمية، فرصة سعيدة جدا أني شوفتك هنا”.
شعرت سمية بدهشة شديدة بعدما رأته يقف أمامها فهي صارت تتجنب الذهاب إلى جلسات العلاج الجماعية بعد ما حدث في المرة الماضية عندما انفعلت عليه أمام الجميع دون إعطائهم سبب مقنع لهذا الأمر.
همست سمية بخفوت وهي تمسك بحقيبتها:
-“فرصة سعيدة يا أستاذ رامز، واضح كده أنك متعود تيجي المكان ده على طول”.
أومأ رامز قائلا وهو يجلس أمامها دون أن تدعوه لذلك:

 

-”عندك حق يا مدام سمية، أنا فعلا بقالي فترة باجي المكان ده؛ لأنه كويس زائد أنه قريب جدا من الشركة بتاعتي”.
رفعت سمية حاجبيها متسائلة باستغراب:
-“مش معقولة!! هو أنت عندك شركة؟!”
ابتسم رامز مجيبا على سؤالها بقوله:
-“أيوة أنا فتحت قريب شركة استيراد وتصدير والكلام ده أنا قولته أثناء الجلسة بس واضح أنك مكنتيش مركزة في أي حاجة غير في نقطة خطيبتي اللي أنا سيبتها واللي أنتِ هزقتيني قدام الكل بسببها”.
أخفضت سمية رأسها وقد شعرت بالإحراج بعدما ذكرها رامز بالموقف الذي قامت به هامسة باعتذار:
-“أنا آسفة جدا على الموقف اللي حصل مني وقتها يا أستاذ رامز”.
نظرت سمية إلى ساعة هاتفها ثم هتفت وهي تنهض:
-“أنا مضطرة أستأذن منك دلوقتي عشان اتأخرت، عن إذنك”.
غادرت سمية دون أن تضيف كلمة أخرى وتركت خلفها رامزًا الذي ابتسم فجأة دون أن يشعر بنفسه.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
زفرت حبيبة بضيق وهي تراقب الممر المؤدي إلى بوابة الشركة والذي يقف عنده مهاب يتحدث في الهاتف.
تمتمت حبيبة بغيظ وهي تطالع جميع تحركات مهاب الذي يبدو مندمجا في مكالمته:
-“وبعدين معاه بقى البني آدم ده، هو مش ناوي يمشي النهاردة ولا إيه؟! أنا بقالي ساعة مستخبية هنا ومستنياه يروح عشان أخرج من غير ما يشوفني”.
أنهت حبيبة عملها منذ ساعتين وخرجت من مكتبها بسرعة حتى تغادر ولكنها توقفت واختبأت عندما رأت مهابًا الذي اعتاد أن ينتظرها عند مدخل الشركة حتى يقوم بتوصيلها إلى منزلها وهي صارت تتجنبه وتتهرب منه منذ افتعل المشكلة مع الموظف الذي صارحها بمشاعره؛ لأنها تريد أن تقضي على الشائعات التي تناولت سمعتها وظن الجميع بسببها أنها عشيقة سرية لمهاب.
اختفى مهاب عن أنظار حبيبة فظنت أنه قد غادر فتنهدت بارتياح وسارت نحو باب الخروج حتى تخرج وتستقل سيارة أجرة ولكنها شهقت بفزع عندما ظهر أمامها مهاب وهو يرفع حاجبية قائلا:
-“ممكن أفهم أنتِ هتفضلي لحد إمتي تهربي مني؟”

 

عقدت حبيبة ساعديها أمام صدرها قائلة بتأفف:
-“ممكن أفهم أنا كمان أنت هتفضل تلاحقني بالشكل ده لحد إمتى؟ أنت مش ولي أمري ولا وصي عليا عشان تفضل تحوم حواليا زي خيال مآتة”.
“سقطتُ في هواكِ وانتهى أمري، شئتِ أم أبيتِ سوف نكمل حياتنا سويا ولن نفترق بعد اليوم مهما حدث”
هذه الكلمات وصفت موقف مهاب الذي تقدم خطوتين نحو حبيبة قائلا بحزم:
-“أنا مسؤول عنك لأني بحبك وعايز أتجوزك ومستحيل أقبل أنك تتجوزي شخص تاني مهما حصل”.
لم يلمح مهاب الفرحة التي ارتسمت في عيني حبيبة فقد حصلت منه على اعتراف صريح بعدما ظل صامتا طوال أربع سنوات.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى