روايات

رواية أوهام الحب الوردية الفصل التاسع عشر 19 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الفصل التاسع عشر 19 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الجزء التاسع عشر

رواية أوهام الحب الوردية البارت التاسع عشر

رواية أوهام الحب الوردية الحلقة التاسعة عشر

دق صوت الجرس فتوجهت سمية نحو الباب لتفتحه حتى ترى من الطارق ولكنها لم تجد أحدا وتفاجأت بوجود باقة بها كومة كبيرة من الأزهار موضوع وسطها بطاقة صغيرة.
أمسكت سمية بالباقة ورفعت حاجبيها وهي تقرأ الكلمات المكتوبة في البطاقة والتي كُتب بها:
“صباح الورد يا أجمل وردة رأتها عيناي، يا من أسرتِ قلبي من النظرة الأولى”
توجهت سمية بسرعة نحو غرفتها قبل أن ترى والدتها الباقة وتظل تطرح عليها الأسئلة لأكثر من ساعة مثلما حدث في المرة السابقة.
أجل، فهذه ليست المرة الأولى التي تتلقى بها سمية باقة أزهار من شخص مجهول لم يقم بكتابة اسمه على البطاقة ظنا منه أنه بهذا التصرف لن تتعرف عليه.
وضعت سمية الباقة في خزانتها وضربت كفيها ببعضهما متسائلة باستغراب:
-“أنا مش فاهمة إيه شغل النحنحة ده، هو ليه الرجالة شايفين أن عقولنا صغيرة أوي كده وأن التصرفات الغريبة دي بتفرحنا وتبسطنا منهم!!”

 

تمتمت سمية وهي تنظر إلى زهور الباقة السابقة التي اعتنت بها ووضعتها في ماء مضاف إليه بعض السكر حتى تحافظ عليهم:
-“الغبي مفكر أني كده مش هعرف أن هو اللي بيبعتلي الورد على طول واللي اضطريت بسببه أكدب على ماما المرة اللي فاتت وأقولها أنها هدية من واحدة صاحبتي”.
لمست سمية أطراف إحدى الوردات وهي تبتسم ابتسامة بلهاء مستكملة حديثها مع نفسها بنبرة يشوبها تأنيب الضمير:
-“أنا بجد مش عارفة أعمل إيه وحاسة أني متلغبطة أوي، من ناحية شايفة أن سكوتي على عمايله ده تصرف غلط مني ومن ناحية تانية حاسة أنه بيحبني فعلا وأنه مش زي مراد الواطي”.
جلست سمية وأحاطت رأسها بكفيها هاتفة بحزن:
-“يا ربي أنا تعبت أوي بعد اللي حصلي قبل كده ومش ناقصني وجع جديد، أنت عارف وشايف أني حاولت أصده كتير بس هو مصمم يقرب مني رغم أني مش معبراه ولا سائلة فيه”.
تمنت سمية لو كان بإمكانها أن تقتلع قلبها وتتخلص منه؛ لأنه دائما يجعلها تقع في حب الشخص الخطأ، ففي المرة الأولى أحبت مرادًا الذي دمرها ودنس شرفها، وهذه المرة وقع اختيارها على الشخص الذي كسر قلب صديقتها وتخلى عنها من أجل امرأة أخرى.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

ذهب محمد إلى الكافيتريا حيث ينتظره وسام الذي اتصل به وطلب منه أن يلتقي به.
هتف محمد وهو يصافح وسام الذي كان يجلس برفقة شخص أخر:
-“إزيك يا وسام، أخبارك إيه؟”
-“أنا الحمد لله بخير وكويس، أعرفك ده يبقى رامز صاحبي”.
قالها وسام وهو يشير نحو رامز الذي صافحه بحرارة، وجلسوا جميعا يتحدثون فيما بينهم في بعض الموضوعات وظلوا على هذا الوضع حتى رن هاتف وسام.
أجاب وسام على هاتفه واتسعت عيناه بعدما سمع والدته وهي تخبره أن شقيقته تعاني من حالة انهيار شديدة ولا يمكنها السيطرة عليها.
استأذن وسام من صديقيه وغادر تاركا رامز ينظر إلى محمد وهو يتذكر ردة فعل وسام عندما طلب منه أن يتعرف عليه.
-“أفندم!! وأنت عايز تقابل محمد ليه وأصلا أنت تعرفه منين؟”
رد رامز ببساطة أدهشت وسام بشدة:

 

-“أنا لما حاولت أجمع عنك شوية معلومات اكتشفت أن عندك أخت اتجوزت مرتين واطلقت وأن جوزها الأولاني يبقى محمد صاحبك واللي عنده أخت اسمها سمية رفعت عز الدين، وأنا عايزك تساعدني عشان أقابله”.
شعر وسام بعدم الارتياح واحتدت نبرته قليلا وهو يسأل:
-“أنت برضه مقولتليش أنت عايز تتعرف ليه على محمد؟”
تنهد رامز وصرح لوسام بحقيقة معرفته لسمية وأنه يريد أن يلتقي بأخيها حتى يطلب يدها منه.
وافق وسام على طلب رامز واتصل بمحمد وطلب منه أن يلتقي به وقد استجاب الأخير لطلبه رغم شعوره بالتعجب؛ لأنه اعتاد أن يأتي إليه وسام في منزله عندما يريد رؤيته.
رفع محمد حاجبيه وعقد ساعديه قائلا بجدية:
-“خير يا أستاذ رامز، ممكن تقولي إيه الخدمة اللي أنا أقدر أقدمها ليك؟”
ظهرت الدهشة على وجه رامز الذي لم يتوقع أن يصل ذكاء محمد إلى هذه الدرجة التي جعلته يدرك على الفور حقيقة أن وسامًا قد طلب منه أن يقابله في هذا المكان حتى يعرفه على رامز الذي يريد أن يتحدث معه في أحد الأمور.
عبر رامز عن إعجابه بهذا الذكاء وهو يقول:

 

-“بسم الله ما شاء الله، حضرتك ذكي أوي وبتفهمها وهي طايرة”.
ضحك محمد وقال:
-“أهي دي واحدة من المميزات اللي كسبتها أثناء فترة شغلي في الشرطة”.
اعتدل رامز في جلسته وتحدث بصراحة موضحا سبب رغبته في مقابلة محمد:
-“أنا هتكلم بصراحة ومش هلف وأدور عليك، أنا جاي أطلب منك إيد سمية أختك، وبالنسبة لوضعي فأنا واحد مطلق وعندي طفل بس عايش في الوقت الحالي مع والدتي، وعندي شركة لسة فاتحها قريب شغالة في الاستيراد والتصدير”.
ارتسم الذهول على وجه محمد الذي ضيق ما بين حاجبيه وهو يتحدث بغيرة واضحة:
-”ممكن أفهم أنت تعرف سمية أختي منين؟!”
تعجب رامز من تقلب حال محمد بهذا الشكل وكأنه قد ارتكب جريمة ولكنه تمالك نفسه وأجاب بهدوء:
-“أنا قابلتها في عيادة الدكتور اللي هي بتروحله وأعجبت بيها وعشان كده كلمت وسام وطلبت منه يساعدني عشان أقابلك”.

 

هدأ محمد قليلا بعدما تذكر أمر الطبيب النفسي الذي تذهب إليه سمية دون أن تخبر أحدًا ولم يخطر في عقلها أن شقيقها يتابعها ويعلم جيدا بجميع تحركاتها.
تأمل محمد رامزًا بضع ثوانٍ في محاولة منه لتحليل شخصيته فهو يبدو من مظهره شابًا هادئًا وذكيًا بالإضافة إلى معرفته بحقيقة أن سمية تتعالج عند طبيب نفسي وعلى الرغم من ذلك أتى وطلب يدها للزواج.
وضع محمد فنجان القهوة من يده وقال:
-“تمام يا أستاذ رامز، اديني مهلة أسأل عنك وأشوف رأي سمية وبعدها هرد عليك”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

أقام عزام حفلا ضخما بمناسبة افتتاح فرع جديد لشركاته في إحدى الدول الخليجية وقد دعا إلى هذا الاحتفال عددا كبيرا من الشخصيات العامة وكثيرا من السياسيين المعروفين.
وقفت داليا أمام الجميع بفستانها الفاخر الذي ابتاعته خصيصا من إحدى أرقى دور الأزياء العالمية حتى تحضر به هذا الحفل ويراها الجميع أنها زوجة مناسبة لرجل أعمال يمتلك كما هائلا من الثروة والنفوذ.
انشغل عزام مع بعض المدعوين لبعض الوقت قبل أن يتوجه نحوه مهاب ويهمس في أذنه يخبره بقدوم نائب وزير الشباب والرياضة الذي يُدعى (مختار صفوان)، والذي حضر من القاهرة خصيصا من أجل مجاملة عزام.
توجه عزام نحو مختار وألقى عليه التحية وهو يصافحه بحرارة قائلا:
-“أهلا وسهلا بيك يا معالي الوزير”.
ضحك مختار وقال:
-“أنا مش وزير يا عزام، أنا أبقى نائب الوزير”.
ابتسم عزام مجاملا إياه بقوله:

 

-“أنا عارف الموضوع ده كويس وأنا ناديتك بمعالي الوزير باعتبار ما سيكون إن شاء الله”.
توجهت داليا نحو عزام الذي يتبادل الحديث مع مختار وقالت:
-“مش هتعرفني على ضيفك يا عزام ولا إيه؟”
اتسعت ابتسامة عزام ومد يده جاذبا داليا إليه وهو يشير نحوها قائلا:
-“أعرفك يا مختار بيه، دي تبقى داليا مراتي”.
أشار عزام نحو مختار متابعا حديثه:
-“وده يا داليا يبقى معالي الباشا مختار صفوان نائب وزير الشباب والرياضة”.
ابتسمت داليا ورحبت بمختار الذي نظر لها بانبهار شديد للغاية وكأنه لم يرَ في حياته امرأة جميلة ذات حضور وجاذبية مثل داليا.
وقفت زوجة مختار بجواره ونظرت نحو داليا قائلة:
-“واضح يا مدام داليا أن الحفلة العظيمة دي كانت تحت إشرافك لأن كل حاجة مظبوطة ومناسبة وده أكيد ذوقك”.
أكد مختار حديث زوجته بقوله:

 

-“عندك حق يا عايدة، واحدة أنيقة وشيك زي مدام داليا أكيد هي اللي نظمت الحفلة الممتازة دي”.
كتم مهاب ضحكته بصعوبة بعدما لاحظ احتقان وجه داليا التي كانت تريد أن يكون التنظيم سيئا وغير منضبط حتى لا يطلب منه عزام مرة أخرى أن يقوم بتنظيم الحفلات الخاصة بالعمل ولكنه أدهشها وجعلها تعض على أسنانها غيظا بسبب مدح الحضور للشخص الذي أعد لهذا الحفل والذي يعتقد الجميع أنها داليا صاحبة الفستان الأنيق.
نظر مختار نحو مهاب وهتف بابتسامة:
-“أنا سمعت أنك خطبت يا مهاب، ألف مبروك ليك، أنا نفسي أشوف خطيبتك دي يا مهاب عشان أعرف إزاي قدرت توقعك بعد ما أنت كنت مفضل حياة السنجلة ومش لاقي اللي يشكمك”.
هتفت عايدة بعدما ضحكت بشدة فهي تعرف مهابًا جيدا وتدرك حقيقة أنه كان ملقبا بزير النساء بسبب كثرة علاقاته النسائية وقد عُرف عنه أنه لم يكن يحب البقاء مع امرأة واحدة لأكثر من شهرين:
-“عندك حق يا مختار، أنا كنت بسمع في النادي كل يوم لما بنيجي هنا في بور سعيد حكايات كتير عن مهاب ملهاش أول من أخر واستغربت جدا لما عرفت أنه خطب وقرر يتجوز”.

 

ارتبك مهاب بشدة ليس بسبب جلب كل من مختار وعايدة لسيرة ماضيه الغير مشرف وإنما بسبب رؤيته لحبيبة التي أخبرته أنها لن تأتي وسماعها للكلام الذي قيل عن أفعاله ومغامراته.
خرجت حبيبة بعدما سمعت هذا الكلام الذي جعلها تشعر بالنفور والتقزز، فترك مهاب كل شيء خلفه ولحق بها حتى يقوم بإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
استمرت داليا في تبادل الحديث مع مختار وزوجته، ولم تغفل عن نظرات الإعجاب الصريحة التي لمحتها في عيني مختار.
تمتم مختار بينه وبين نفسه بصوت متحسر وهو ينظر إلى زوجته التي بلغت من العمر خمس وأربعين سنة:
-“هو إيه الحظ النحس اللي أنا فيه ده!! يعني عزام اللي هو أقل مني في كل حاجة اتجوز حوالي خمس مرات وكل مرة بيجيب واحدة أحلى من التانية وأنا اللي ليا وضعي ومركزي ونفوذي متجوز واحدة لما بتغسل وشها من المكياج بتبقى عاملة شبه الرجالة!!”

 

تمالك مختار نفسه وحاول الحفاظ على رباطة جأشه حتى لا تلاحظ زوجته نظراته لداليا، فهو يدرك حق الإدراك أنها في حال ضبطته متلبسا بالنظر إلى امرأة أخرى فسوف تجعل حياته جحيما؛ لأنها تمتلك حصة كبيرة من الأسهم في شركاته كما أنه يوجد لديها شأن كبير بفضل نفوذ عائلتها ويمكنها بإشارة واحدة من إصبعها أن تدمره وتجعله يعود إلى حياة الفقر بعدما انتشلته منها قبل خمس وعشرون سنة، فهي عايدة الشرنوبي التي يمكنها القضاء عليه في لمح البصر.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
وصل وسام إلى منزله ودلف مباشرة إلى غرفة هانيا حتى يطمئن عليها ومثلما أخبرته فريال فقد وجدها تبكي بشدة وهي تتطلع إلى شاشة هاتفها.
جلس وسام أمام شقيقته واحتضنها قائلا بحنو:
-“مالك يا حبيبتي، فيكِ إيه؟”
اندست هانيا في أحضانه هاتفة بمرارة وهي تناوله الهاتف حتى يقرأ ما هو ظاهر أمامه على الشاشة:
-“أنا اتفضحت يا وسام وكل الناس عرفوا أني مش بخلف”.
أمسك وسام بالهاتف وقرأ المنشور الذي نشره زياد على صفحته الشخصية والذي صرح فيه عن سبب تطليقه لهانيا ووصفه لها بالأنانية وأكد أنها لا تصلح أن تكون زوجة لأي رجل يرغب في الاستقرار وتكوين أسرة.
وضع وسام الهاتف جانبا وتحدث بأسف وهو يملس على شعر شقيقته:
-“أنتِ اللي عملتِ كده في نفسك يا هانيا، فاكرة لما أنا حذرتك وقولتلك أن زياد مش مناسب ليكِ ونصحتك أنك ترجعي لمحمد بس أنتِ تجاهلتي كلامي ونفذتِ اللي في دماغك”.
زادت كلمات وسام من حدة الحسرة التي تشعر بها هانيا؛ لأنها تركت رجلا مثل محمد استمر معها على الرغم من معرفته بمرضها ولم يفضحها أمام الجميع مثلما فعل زياد.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

خرجت حبيبة من الفيلا وهي تشعر بالغضب الشديد من نفسها؛ لأنها لم تتمكن من اكتشاف كل هذه الأمور المتعلقة بمهاب على الرغم معرفتها به التي تخطت أربع سنوات.
تذكرت حبيبة ما حدث معها قبل يومين عندما ذهبت إلى النادي والتقت مصادفة بوسام الذي كان يرافق شابة بائسة يكسو الحزن ملامحها بسبب مرورها بأزمة نفسية وقد عرفت فيما بعد أنها تكون شقيقته هانيا.
لقد حاولت حبيبة تجاهله وعدم التحدث معه بسبب عدم ارتياحها له؛ لأنها أدركت من خلال رؤيتها له في حفل خطبتها أن مهابًا لا يطيقه.
اختفت الشمس من وسط السماء وتجمعت السحب فجأة ثم انقلب الجو وبدأ يمطر بغزارة شديدة للغاية لدرجة أصابت حبيبة بالذهول؛ لأنه لم يتم الإعلان عن هذا الأمر ضمن إذاعة الطقس.
نهض الجميع حتى يغادروا قبل أن يسوء الوضع أكثر من ذلك وشعرت حبيبة بالضيق؛ لأنها لم تتمكن من إيجاد سيارة أجرة كما أنها لم تفلح في الاتصال بمهاب بسبب سوء التغطية.
شعرت حبيبة ببعض الارتباك بعدما سار نحوها وسام وعرض عليها أن يوصلها في طريقه ولكنها رفضت الأمر وهي تشيح بنظراتها بعيدا عنه.
ابتسم وسام بسخرية وقال:
-“مالك يا حبيبة، مش معقول تكوني خايفة مني مثلا وعشان كده مش راضية تركبي معايا رغم أن الجو وحش جدا وصعب تلاقي تاكسي دلوقتي”.

 

تابع وسام بنبرة خبيثة قصد بها أن يجعلها تعلم قليلا عن حقيقة مهاب ولكن بطريقة غير مباشرة تجعله يبدو غير متعمد الإفصاح عن هذه الأمور:
-“اطمني يا حبيبة وإوعي تخافي، أنا الحمد لله مش واحد خمورجي ولا بتاع نسوان زي خطيبك، ده غير أن هانيا أختي معايا يعني مفيش داعي أنك تقلقي من فكرة ركوب عربيتي”.
سارت حبيبة نحو السيارة بعدما فكرت قليلا ووجدت أنه محق في مسألة عدم وجود سيارات أجرة.
جلست حبيبة في المقعد الخلفي وهي ترميه بنظرات حانقة وأخذت تفكر في الكلام الذي قاله عن مهاب وكادت تسأله عما تفوه به ولكنها تراجعت بعدما رأت الابتسامة التي ارتسمت على وجهه والتي جعلتها تدرك أنه قال هذا الكلام حتى يوقع بينها وبين خطيبها.
أوقف وسام سيارته أمام منزل حبيبة التي خرجت من السيارة على الفور دون أن تشكره؛ وذلك بسبب حنقها الشديد من نفسها؛ لأنها سمحت لشخص مثل وسام أن يقوم بإيصالها إلى المنزل.
سمعت حبيبة صوت رنين هاتفها عندما دلفت إلى المنزل وأجابت على الفور بعدما وجدت أن المتصل هو مهاب الذي هتف بلهفة عندما سمع صوت أنفاسها:
-“أنتِ كويسة يا حبيبة؟ أنا روحت النادي عشان أخدك أرجعك على البيت بس لقيتك مش هناك”.
أومأت حبيبة هاتفة بهدوء في محاولة منها لإخفاء توترها حتى لا يسألها عما حدث معها:

 

-“أيوة يا مهاب أنا الحمد لله كويسة، ورجعت للبيت بعد ما لقيت تاكسي قريب من النادي”.
عبر مهاب عن استياءه من تصرفها بقوله:
-“طيب وده ينفع يا حبيبة!! أنا مش قولتلك مليون مرة ممنوع تركبي تاكسي عشان بيحصل بسببه حوادث كتير ده غير أني نبهت عليكِ أصلا قبل كده أنك لما تعوزي تروحي أي مشوار ترني عليا وأنا هسيب اللي ورايا وهاجي أوصلك بنفسي للمكان اللي عايزة تروحيه”.
ابتلعت حبيبة ريقها وهتفت بلطف قصدت من خلاله تهدئة غضبه الذي اشتعل بعدما زعمت أنها عادت إلى المنزل بواسطة سيارة أجرة:
-“أنا حاولت أرن عليك بس الشبكة كانت وحشة أوي والموضوع ده خلاني أضطر أركب تاكسي وأنا أوعدك أن الموضوع ده لو اتكرر تاني هفضل مستنياك لحد ما تيجي”.
أومأ مهاب ومسح على وجهه قائلا:
-“ماشي يا حبيبة، خلي بالك من نفسك واقفلي الباب كويس”.
-“حاضر يا مهاب، أنا هعمل كل اللي أنت قولت عليه”.
قالتها حبيبة وأنهت الاتصال وهي تشعر بتأنيب الضمير؛ لأنها اضطرت للكذب على مهاب الذي عاتبها لأنه ظن أنها عادت لمنزلها بسيارة أجرة.
تُرى كيف ستكون ردة فعله إذا علم أنها كذبت عليه وأخفت حقيقة عودتها في سيارة وسام؟!
لقد صار مهاب في الفترة الأخيرة يأمرها بأخذ الحيطة والحذر بشكل مبالغ فيه وهذا الأمر جعلها تشك في أنه يخاف من شيء ولكنه لا يريد أن يخبرها عنه.

 

زفرت حبيبة بحنق، فهي تشعر بكثير من التشتت بعدما تمت خطبتها لمهاب، فمن ناحية تراودها الكثير من الكوابيس والأحلام المتعلقة بشقيقها الراحل الذي يبدو أنه غاضبا منها بسبب قيامها بشيء جعله غير راضٍ عنها.
حاولت حبيبة أن تجد تفسيرا منطقيا لتلك الأحلام الغريبة ولكنها فشلت خاصة بعدما صار رامز يتجاهلها في الآونة الأخيرة ولا يجيب على كثير من اتصالاتها بحجة أنه مشغول للغاية في أمور شركته.
أيقظ حبيبة من تلك الذكريات صوت مهاب الذي لحق بها وأمسكها من معصمها وهو يهتف بقلق:
-“أنتِ رايحة فين دلوقتي يا حبيبة؟”
هتفت حبيبة بجفاء بعدما أبعدته وأدارت وجهها للجهة الأخرى وكأنها صارت لا تطيق رؤيته أمامها:
-“أنا مروحة على البيت لأن الحفلة هنا جوها مقرف أوي وأنا اتخنقت منها”.
فهم مهاب ما تعنيه من وراء حديثها فأمسك بكفها وجرها خلفه برفق حتى وصلا إلى أحد المقاعد التي توجد على جانبي الحديقة:
-“أنتِ عارفة يا حبيبة أني بحبك، مش كده برضه؟”
أومأت حبيبة وهي تقاوم البكاء بصعوبة شديدة ولكنها فشلت في حبس دموعها التي انهمرت بقوة أمام عيني مهاب الذي تمنى أن يضرب كل من مختار وعايدة؛ لأنهما كانا سببا في معرفة خطيبته بحقيقة ماضيه المخزي.
انتظرها مهاب حتى هدأت، ثم هتف بلطف وهو ينظر إلى عينيها:
-“أنا عارف أني خبيت عليكِ حاجات كتيرة أوي عن حياتي وأني مش أحسن شخص ممكن ترتبطي بيه بس أنا بحبك أوي وكل اللي طالبه منك هو شيء واحد بس وأتمنى أنك توافقي عليه”.

 

نظرت له حبيبة بتساؤل هاتفة بحشرجة:
-“وإيه هي الحاجة دي يا مهاب؟”
تنهد مهاب هامسا برجاء لم يستخدمه من قبل في سبيل الحصول على رغباته:
-“عايز نفتح مع بعض صفحة جديدة ومحدش فينا يحاسب التاني على حاجة حصلت قبل ما يعرفه، يعني مش عايز أي حاجة قديمة تأثر على علاقتنا لأني وقتها أنا مكنتش لسة شوفتك ولا عرفتك”.
شعرت حبيبة بصداع شديد بسبب الصراع الدائر بين قلبها الذي يدق بقوة ويطلب منها الموافقة على كلام مهاب وبين عقلها الذي ينهرها لأنها لم تتحرَ الدقة قبل ارتباطها بشخص عابث كان يقضي كثيرًا من أوقاته في اللهو بالنساء.
حسمت حبيبة هذا الصراع عندما قررت الاستجابة لطلب قلبها ونظرت إلى مهاب وهي تومأ برأسها دليلا على موافقتها على طلبه.
ابتسم مهاب بشدة ثم أخرج من جيبه علبة صغيرة وعندما فتحها رأت حبيبة خاتما باهظا للغاية أفضل بكثير مما ترتديه داليا التي كانت تتفاخر أمامها قبل بضعة أيام بهدية عزام لها في عيد ميلادها.
وضع مهاب الخاتم في إصبع حبيبة التي سألته بذهول:
-“أنت ليه يا مهاب اشتريت الخاتم ده رغم أنه غالي أوي؟!”

 

تأمل مهاب الخاتم في إصبعها قائلا:
-“مفيش حاجة تغلى عليكِ يا حبيبة ويكون في علمك أي حاجة هتعوزيها هجيبهالك على طول لأنك بالنسبة ليا ملكة وداليا مش أحسن منك في أي حاجة”.
تأثرت حبيبة بكلامه المعسول الذي كان مثل المسكن فقد جعل حيرتها تختفي لبعض الوقت بعدما قررت الجلوس برفقته والاستمتاع بمظهر الحديقة الخلاب ولم ينتبه أي منهما إلى داليا التي كانت تتابعهما من بعيد بنظرات متهكمة وهي تتساءل بنبرة ماكرة:
-“يا ترى هتعملي إيه يا حبيبة لما تعرفي أن حبيبك اللي أنتِ قاعدة معاه دلوقتي هو نفسه المجرم اللي قتل أخوكِ الوحيد؟”

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى