روايات

رواية أنين وابتهاج الفصل الرابع عشر 14 بقلم هدير دودو

رواية أنين وابتهاج الفصل الرابع عشر 14 بقلم هدير دودو

رواية أنين وابتهاج البارت الرابع عشر

رواية أنين وابتهاج الجزء الرابع عشر

رواية أنين وابتهاج
رواية أنين وابتهاج

رواية أنين وابتهاج الحلقة الرابعة عشر

_جُرح قلبها بعد تحمله عدة صدمات متتالية، لكن طاقة قلبها قد تفذت وحان الآن موعد تجددها_
❈-❈-❈
شعرت آلاء بصدمة قوية تضـ.رب قلبها، قلبها الذي تفتفت إلى عدة أشلاء صغيرة من فرط الحزن الذي يوجد بداخله، وقع الخبر عليها وعلى قلبها كالصا.عقة ما أن استمعت إلى حديثه المؤ.لم بالنسبة لها، شعرت بخنجر حا.د قوي يغر.ز في منتصف قلبها ويؤ.لمه، يجعله توقف عن النبض تمامًا، تمنت بالفعل أن شعورها يكون صحيحًا ويتوقف قلبها تمامًا؛ لعل حياتها تنتهي وترتاح حينها.
هي كانت تقنع ذاتها دائما بأن عُمر لا يحب نهى، تعلم ان قلبه ملـ.كها وأسـ.ير لحبها ولكن هيهات بعد ما استمعت إليه فقد علمت بحقيقة مشاعره تجاهها وحبه لـنهى، كانت طوال حياتها تحاول تصديق فكرة انه يفعل ذلك بسبب شئ خفي ومن دون أرادته، لكنها الآن استمعت إليه بأذنيها وهو يخبر نهى بحبه لها، تلك الكلمة التي دائما تحلم بها معه، تحلم دائما أن حياتهما سويا تكن دافية مليئة بالحب بينهما، لكنها الآن قد فقدت الامل في تلك الحياة الوردية الجميلة التي قد رسمتها داخل عقلها، ستُحـ.رَم منها مثل أشياء كثيرة في حياتها.
لكنها هي ليست ضعـ.يفة بل بالاحر لم تحب ان تبدي ضـ.عفها مهما كان شعورها وحزنها الحقيقي الموجود داخل قلبها، تخفي كل شئ خلف قناع اللا مبالاه الذي تظهره دائمًا عندما تشعر بالضـ.عف.
انطلقت مسرعة صوب غرفتها تهـ.رب من كل ما حولها، وقد اصبحت الرؤية مشوشة غير واضحة أمامها؛ بسبب دموعها المنهمرة بغزارة فوق وجنتيها و داخل عينيها التي تُفيض بالدموع.
اغلقت الباب خلفها بوهن وضعف، لم تتقبل الفكرة حتى الآن، تريد أن تكذب أذنيها وما استمعت إليه، تلعـ.ن قلبها اللعين وذلك الحُب الذي يجعلها أضعـ.ف الخلق، لكنها تعلم جيدا أن الحب ليس ضعف، فهي كانت تحبه وكان مصدر قوتها أيضا ليس ضعفها، لكن كل شئ كان يحدث معها قد تبخر وانتهى من حياتها.
وقفت تطالع هيئتها أمام المرآه بحزن واضح، تتطلع نحو الفستان بعدم رضا، وكإن الرؤية قد بدأت تتضح لها، قررت أن تتأقلم مع حياتها الجديدة حتى وإن كانت غير مرضية وحزينة بالنسبة لها ولقلبها، لكنها قررت أن تأحذ قسط من الراحة في حياتها، وتبتعد عن تلك الحر.ب السائدة بينها وبين حياتها وبين حبها، تبتعد عن كل ذلك.
ستتطلع بأمل جديد في حياتها، ولكن قبل كل تلك الخطوات الجديدة التي قررت أن تتبعها، ستفعل الأهم وهو الإبتعاد عن عُمر وحياته، ستتركه يفعل ما يريد من دون أن تتدخل في أي شئ، قررت أن تطرده من حياتها تمامًا وتتمنى أن قلبها يساعدها فيما تريد، لن تسمح بشئ آخر أن يكسـ.رها ويجعل حزنها يزداد، قررت ان تلغي مساحته من حياتها، هي لم تنسحب من حر.ب حبها فقط بل ستنهيها.
ولكنها نست شئ هام، تلك الحرب هي الوحيدة الذي لم ينجح قرار عقلها بها ابدا، فتلك الحرب خاصة بقلبها الذي لم يتخذ أي قرار حتى الآن، قلبها الذي ينزف بداخلها وينزف بغزارة، لكنها قررت أن تتجاهله، وتتجاهل كل ما تشعر به، فلا يوجد أمامها سوى أن توقف تلك الحرب لكنها عاجزة عن إنهاءها تماما.
قررت أن تبدأ أولى خطواتها في بناء شخصية جديدة لها متأقلمة مع تلك الحياة التي اصبحت تعيشها الآن، وتترك حل شئ خلفها.
غفت وهي لا تعلم كيف؟!…فقد كان عقلها مازال مستمر في التفكير وتحليل ما حولها، بينما قلبها قد تعب بسبب كل ما حدث له حتى الآن، فعليه أن يرتب ما بداخله و بعدها يقرر هو الاخر مثل عقلها.
❈-❈-❈
استيقظت في الصباح بوجه مكهفر عابس وملامح شاحبة حزينة، لم تليق بملامح وجهها الهادئة دائما الدالة على رقتها، توجهت نحو الجزء المخصص بالملابس لتبدأ في اختيار زي مناسب ترتديه، وبدأت تهندم من هيئتها بدون اهتمام وفقدان رغبة وشغف.
فهي جاليا تعيش حياة مليئة بالصدمات والحزن، لكنها في ذلك الوقت تحديدا تشعر أنها كالتائهة التي لا تعلم ماذا تفعل، وماذا سيحدث لها في حياتها القادمة، قررت أن تخوض طريقة أخرى غير مألوفة في حياتها، ستجري تجربة غير معتادة لاجل جمع ذاتها وإنهاء تشتت عقلها، ستترك قلبها وحبه وماضيها وكل شئ خلفها، لتعطِ ذاتها فرصة للبدء من جديد واتخاذ خطوات جديدة غير مألوفة، ستفعل كل شئ لإيجاد حياتها.
في ذلك الوقت خرجت من غرفتها متجهة إلى أسفل حيث يجلسون جميعا، وجدت عمر يجلس بجانب تامر الذي كان يبدو على ملامح وجهه القلق وعدم الإرتياح، لكنهما كانا يتحدثان سويا في عدة امور من الواضح أنها خاصة بالعمل والشركة، تجاهلت عمر تماما وكانها لم تراه، وأردفت سؤالها الذي كان مُوجه إلى تامر، وهي تتطلع صوبه وابتسامتها المشرقة تزين ثغرها، لكن ابتسامتها لم تتخط شفتيها، كانت ابتسماتها زائفة غير حقيقية
:- فين فريدة يا تامر عاوزة اتكلم معاها شوية؟
لاحظت نظرات عمر المصوبة نحوها، قررت تجاهله تمامًا وكأنه شئ شفاف لم تراه من الأساس.
ردَّ تامر عليها بضيق وهو يتنهد تنهيدة حارة، متذكرا ما فعله أمس معها وكيف قد استمع الى صوت بكاءها وشهقاتها بسببه، ملأ الندم ملامح وجهه لكنه حاول أن يخفيه مسرعا؛ حتى لا يشعر أحد به
:- جوة في الأوضة كانت نايمة، ادخلي شوفيها.
حركت رأسها تأوما صوب الأمام، وسارت متجههة نحوها وهي تزفر بضيق عدة مرات، لا تريد أن تراه مرة أخرى، ولكن استوقفت طريقها نغم التي ابتسمت بخبث ما أن رأتها، ووجهت حديثها نحوها تحدثها بضيق وحدة لم يخلو شعورها من الشماتةِ أيضًا
:- إيه يا لولو مش ناوية تتهدي بقى يا بيبي، وتقتنعي أن عمر خلاص مش ليكي، إيه يا بيبي اقتنعي أنه خطب نهى وكلها كم شهر وهيتجوز نهى، إيه هتستنى لما يخلف مثلا عشان تتأكدي أنه بطل يحبك يا بنتي، خلي عندك دم واشترى كرامتك المرمية في الأرض دي، حرام عليكي نفسك يا بيبي، اعتقد أن خالو لو كان لسة عايش مكنش هيحب يشوف كرامتك تحت الصفر كدة ويشوفك بالطريقة دي، والحركات اللي بتعمليها، اللي رايح واللي جاي كان بيتكلم عليكي أمبارح.
وقفت آلاء تستمع إلي حديثها المهين الذي يهينها في كل حرف تتفوهه، كلماتها كانت قاسية عليها بشدة، باردة كبرودة الثليج، تمنت لو أنها تنقض عليها وتضر.بها بكل ما أوتِيت من قوة، لا تعلم لماذا هي تكر.هها إلى هذا الحد، هي لم تفعل لها أي شئ؛ حتى تتعامل معها بتلك الطريقة.
لوهلة كانت دموعها ستخونها وتنزل أمام نغم ستظر ضعفها وحزنها أمامها، فهي في ذلك الوقت تحديدًا لم تگن بحاجة إلى حديثها الذي يجعل حزنها يزداد، حديثها كان كالسوط الذي يجـ.لدها ويجلـ.د كل ما بداهلها من دون رحمة أو شفقة، لكنها حاولت ان تمسك دموعها وذاتها، فيكفي كل ما حدث لها ولحياتها، هي بالطبع لم تعتاد أن تظهر ضعفها امام احد، دائما ضعفها لقلبها ولذاتها هي فقط؛ لذلك ردت عليها بصرامة وهي تقوم برفع سبابتها امام وجهها بكبرياء ترد لها إهانتها مدعية البرود واللا مبالاه، وكان حديثها الاحمق لم يؤثر بها
:- احترمي نفسك، واحسبي كل حرف بتتكلميه معايا أنا بالذات يا حبيبتي، الشغل بتاعك دة مش هيمشي عليا أصلا، شكلك نسيتي أنا مين، بعيدا عن صلة القرابة اللي بينا واللي مخلياني مش عاوزة اكلمك، بس أنتِ اصلا مش عاملالها اعتبار، فدي حاجة تخليني معلملهاش أنا كمان حساب، أنا يا حبيبتي مش أي حد، أنا آلاء الحامدي، بابا لو كان عايش كان هيبقي فخور بيا زي ما بيعمل معايا طول عمره، دي حاجة أنا واثقة منها، اما كرامتي بقى اللي يا حرام أنتِ زعلانة عشانها، فـأنا أعرف أحافظ عليها كويس أوي، بعدين اخوكي مش في بالي خلاص، أنا بعمل كدة عشان اربيكي أنتِ ونهى، وأعرفوا انكم قصادي في حرب خسرانة يا بيبي.
قالت كلمتها الأخيرة ببرود، وهي تبتسم في وجهها ابتسامة ماكرة، ثم تركتها وسارت متجاهلة إياها تماما، لم تعطِ لوجودها أي أهمية، كأنها شئ نكرة لم تراه.
استأنفت طريقها صوب غرفة فريدة كما كانت وكأن لم يحدث شئ، على عكس النيـر.ان التي تشـ.تعل بداخلها، بينما نغم وقفت تطالعها بصدمة وقد ربط وانعقد لسانها ممتنع عن الحديث، وكأنها عاجزة عن التحدث من الصدمة التي تشعر بها، هي في كل مرة آلاء تستطع هزيمتها والفوز عليها، لكنها لن تستسلم، ولن تتركها تعيش حياة هادئة، تحظى بحب الجميع بدلا عنها، تشهر بالضيق بسبب آلاء واهتمام والدتها بها.
❈-❈-❈
دلفت آلاء الغرفة الخاصة بفريدة وهي تحاول بشدة ألا تضع حديث نغم في ذهنها؛ حتي لا تجهده وتتعب هي شخصيا لاجلها، ولاجل حديث نغم معها.
لكنها سرعان ما نست كل شي كانت تفكر به، وقطبت جبينها بدهشة ما أن فتحت باب الغرفة عندما وجدت فريدة التي كانت تجلس ارضًا في أحد زوايا الغرفة تضم ساقيا بيديها نحو صدرها وتبكي بحزن شديد، كان لم يصدر منها سوى صوت شهقاتها الحزينة المؤ.لمة، لكن دموعها لم تعي شئ لأ.لم قلبها، وذلك الآنين الذي تشعر به، يزداد في كل وهلة تمر عليها.
لازالت إهانته لها تدوى داخل أذنيها، حديثه الحاد معها يشبه الخنجر المغروز بداخل قلبها، صدرها كان يعلو ويهبط بسبب انفاسها التي تلتقطها بصوت مرتفع، قد وصلت لأعلى ذروة في التحمل، تحملت العديد من إهانته لها، تهربه منها، معاملته القاسية الباردة معها، يتعامل معها كأنها آلة لا تشعر بشي، ليس انسان يشعر مثلها مثله، لا فهي بالاحر ليست مثله بل هي أرق منه بمراحل، هي كالزجاج الرفيع بشدة تحتاج الى معاملة خاصة، وحنان يحتواها و يجعلها ترفرف عاليا، لكنه حتى الآن مازال مستمر بالضغط عليها بكل قوته الممكنة على الرغم من رؤيته لاشلاء زجاج مكسرة، لكنه مازال مستمر في ضغطه عليها.
يرى ذبلولها الواضح عليها، ذبولها الذي يزداد يوما عن يوم الذي يسبقه، حياتها معه كانت تخالف جميع توقعاتها وكل شئ ترسمه في احلامها، وجهها الذي مُحِي منه اي شي يدل على السعادة، تتمنى ان تم.وت وترتاح من تلك الحياة القاسية عليها.
أسرعت الاء تهرول نحوها، تضم إياها برفق، بدأت تحاول تهدئها، ظلت تربت فوق ظهرها في محاولة لتهدئتها، هي بعمرها لم تراها منهارة كالان، سألت إياها بهدوء وقلق، محاولة الاستفسار عما حدث
:- في إيه يا ديدا، مالك يا حبيبتي، إيه اللي مزعلك كدة، ومخليكي تعيطي بالشكل دة؟
كانت تتحدث وهي تمسد فوق شعرها بحنو وآسف، تعلم جيدًا أن عندما يصل الانسان الى تلك المرحلة قد تكون طاقته نفذت نهائيًا، فينهار ثم بعدها تتجدد، لابد من أن تجدد؛ حتى تستمر الحياة التي تشبه القطار الدائر بلا وقوف، مستمرة ونحن الركاب المجبرين على ركوب ذلك القطار حتى تنتهي رحلتنا في الحياة.
بدأت تهدأ بالفعل و طتلتقط انفاسها بصوت مسموع و كأنها كانت لا تتنفس من قبل، ثم بدأت تقص عليها ما حدث بينها وبين تامر في البارحة، وحديثه الحاد لها، كانت تتحدث وهي تشعر بالخجل من ضعفها بسببه.
بينما آلاء ظلت تستمع إليها يصمت، ما أن انهت فريدة حديثها حتى وجدت آلاء تشدد من احتصانها وهي تشعر بالفعل بمعاناتها التي تشعر بها، فهي قد مرت بمعاناة مثلها وأكثر، تحدثت معها بهدوء يخالطة الحزن الذي بدا في نبرة صوتها
:- معلش يا ديدا متزعليش نفسك يا قلبي، هو تلاقيه متعصب بس، بصي أنتِ معاكي كل الحق، متسكتيش ليه بعد كدة، ومحدش هيقدر يغلطك ب..
أسرعت فريدة تقطع حديثها، وتحدثت بصوت متحشرج غاضب
:- خلاص يا آلاء، أنا عرفت أنا هعمل إيه، هعمل اللي كان لازم اعمله من الزمان اوي، أنا هسيب البيت واروح بيت اهلي بدل الاهانة والتعب دة كله، ايوة هناك ببقى مش مرتاحة بس اللي بيحصلي هناك ارحم بكتير منه، دة لو لاقيني في الشارع هيعاملني احسن من كدة، أنا تعبت بجد يا آلاء.
حركت آلاء رأسها نافية، واردفت بتعقل وهدوء وعدم رضا من تلك الفكرة
:- لأ لأ يا ديدا، اهدي يا قلبي عشان خاطري، أهلك إيه بلاش تكبري الموضوع، بصي أنا هقولك على كم حاجة تعمليها، وخليكي واثقة فيا هجيبلك حقك والله، أنا عارفة تامر كويس، هو بس مضعوط شوية من اللي حواليه.
بدأت تشرح لها عما يدور بداخلها، وهي تحاول أن تجعلها تهدأ.
ابتلعت فريدة ريقها الجاف بتوتر، ثم تمتمت تتحدث بعدم ارتياح وقلق من فكرة آلاء
:- بس تفتكرى هو هيعمل إيه لما يعرف، أنتِ عارفة تامر بيرمي كلام زي السم يخلي الواحد يبقي عاوز يقوم يولع في نفسه.
لوت آلاء فمها بسخرية، وتحدثت بتهكم ساخرا
:- عارفاه يا ديدا عارفاه كويس، قال يعني هيجيبه من برا، دة مش هو بس لا هو اخوه وأخته، والعيلة كلها بترمي كلام زي السم.
ابتسمت فريدة في وجهها بلطف وهي تقوم بازالة دموعها الباقية ومحو اثرها نهائيًا من عينيها، و تحدثت تسألها باهتمام وقلق
:- المهم سيبك من دة كله، عملتي إيه امبارح بعد ما مشيتي، وعمر عمل إيه معاكي.
رفعت كتفيها إلي أعلى بضيق، وبدأت تقص عليها كل ما حدث معها أمس، اختتمت حديثها بصوت متحشرج، وهي تشعر أنها على وشك الانفجار باكية، في دوامة مريرة من البكاء الذي لا يتوقف
:- خلاص بقا هبطل ضعف يا فريدة، وأجي على كرامتي وخلاص، عمر من اللحظة اللي قال فيها لـنهر بحبك، وهو حلاص بقى برة قلبي، أنا قوية وهقدر اعمل كدة صح؟
قالت كلمتها الأخيرة بنبرة خافتة، واهنة بالكاد تستمع، وهي تشعر بحزن كبير في قلبها.
اومأت لها فريدة الر الأمام تؤيد حديثها، وربتت فوق ظهرها برفق وحنو، كادت أن تتحدث وترد عليها لكن قطع حديثهما دخول تامر الذي أردف قائلا لـ الاء بهدوء نسبي، على عكس ما يدور بداخله من غضب و حرب دائرة مع ذاته ومشاعره
:- آلاء معلش عاوز اقول لفريدة على حاجة مهمة.
همهمت مجيبة إياه، ثم ذهبت تاركة الغرفة، بينما فريدة ادَّعت الانشغال بهاتفها مقررة أن تتجاهل إياه تماما، كأنه لم يلج إلى الغرفة، لكنه نجح في لفت ذهنها عندما رأته يجمع اشياءه ويعدها في حقيبته الخاصة بالسفر.
أغمضت كلتا عينيها وضغطت فوقهما بوجع وحزن، ثم تحدثت بسخرية وتهكم وغيظ على عكس الحزن الذي يملأ مشاعرها
:- اممم كالعادة بقى، نبتدي نتهر.ب بالسفر والشغل، اتهر.ب اتهر.ب، أهو أحسن الواحد يرتاح شوية.
رد عليها بجمود وحدة من دون أن يتطلع نحوها، ومازال مستمر في اعداد اشياءه، لا يعلم لماذا كان يتطلع نحوها بطرف عينيه ويتابعها
:- مش عاوز كلام فاضي كتير.
لم يُذكر أنه قد حدث بينهما شئ آخر، فقد شعرا هما الاثنان أن الحديث قد نفذ تماما، كأنه كالثقل الكبير بينهما، يعلمان سويا أن قد حدث فجوة كبيرة بينهما، لا يعلم متى ستنتهي وهل ستنتهي من الاساس أم لا؟!
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين
ازداد تجاهل آلاء لـ عمر في تلك المدة التي مضت بينهما، يذكر انها اصبحت لم تتحدث معه تماما، لم تتحدث معه تلك الفترة سوى مرة واحدة، عندما سألها هو عن بعض الاشياء الخاصة بها وبشركات والدها التي يديرها شقيقها في الخارج.
بالفعل بدأت تعتمد على ذاتها وتبني شخصية أخرى قوية مستقلة لها تتجاهله تماما كأنها لم تلاحظ وجوده، وكان هذا يجعل عمر غاضبا بشدة، تجاهلها له الملحوظ من بين الجميع، يجعل قلبه يصرخ آلما وإشتياقا لها، تمنى أن ينهي كل شي بدأ فيه، ويستطع الإعتراف لها بما يشعر، لكنه فشل عن كل ذلك، لم يجد أمامه سوى أن يصمت ويجهد ذهنه ووقته في العمل؛ حتى يشغل ذاته.
بينما فريدة كانت تشعر بالحزن من تلك الزيجة ونتائجها عليها، كانت دائما تحلم بعلاقة زواج ناجحة مثمرة مع تامر وحياة مشرقة، قلبها قد تعلق بتامر للأسف من دون أن تتحكم به، هو لم يعود حتى الآن من سفره، كانت تمضي يومها مع آلاء وسناء حماتها،
تحدثت سناء قائلة لها بهدوء وابتسامة هادئة تزين ثغرها في محاولة للتخفيف عنها، فهي تلاحظ حزنها و ذبولها الذي يزداد كل يوم
:- تامر راجع بعد يومين اتصل وقالي اقولك يا ديدا يا قمر أنتِ، هو اللي قالي اقولك يا جبيبتي، ربنا يوفقكم ويهدي سركم.
همهمت فريدة ترد عليها بخفوت، ثم نهضت متجهة نحو آلاء التي كانت تجلس في غرفتها في ذلك الوقت.
ولجت الغرفة وجدتها تجلس فوق الفراش، تجلس بذهن شارد، تفكر في شئٍ ما بعمق، حيث انها لم تنتبه لها عندما دلفت الغرفة، فقامت هي بقطع شرودها وهي تسألها بهدوء
:- في إيه يا لولي مالك، بتفكرى في إيه بعمق كدة؟
ابتسمت آلاء في وجهها تجاملها بشرود، وتحدثت مجيبة أياها بحيرة، وهي تلعب في خصبات شعرها ذو ملمسه الناعم
:- هكون بفكر في إيه، بفكر في إني عاوزة اشوف حياتي بقا شو..
قطعتها فريدة مسرعة بلهفة وعدم انتظار، وهي تبتسم بفرحة
:- إيه قررتي تعملي إيه، هتتجوزى؟
نغزتها آلاء مسرعة في زراعها وقد بدا السخرية على ملامح وجهها، ثم ردت عليها مصححة بعدم رضا
:- لا طبعا جواز إيه وحب إيه بلا هم دة كلام فارغ، اسكتي أنتِ، أنا قصدي عاوزة اشوف حياتي واشتغل، ابني كيان لنفسي بقى، يعني أنتِ يا ديدا عاملة بيدج لكتابة الخواطر ومعرفش العلاج النفسي بتاعك والحمد لله كبيرة وتقريبا واخدة وقتك الفاضي اللي تامر مش موجود فيه، انا بقى عاوزة اعمل لنفسي حاجة بحبها واشتغل في مجالي اللي بحبه.
حركت فريدة رأسها باقتناع وقد فهمت ما تريديه؛ لذا اجابتها مقترحة ببساطة وهدوء
:- طب وفيها إيه دي، ما أنتِ عندكم شركة في مصر تقريبا اخوكي سايبها لحد علمي لشخص ييديرها، انزلي أنتِ وامسكيها، ولا أنتِ عاوزة تسافرى مع اخوكي وتمسكي معاه الفرع اللي هناك؟
طرحت سؤالها بحيرة، وهي تعلم أن آلاء ذو شخصية صعبة من الصعب أن يتوقع احد ما تريده، وما يدور بداخل ذهنها.
حركت آلاء راسها نافية، وردت عليها بنفاذ صبر وسخط، وهي تضم كلتا شفتيها إلى الأمام
:- يخربيتك يا ديدا اخويا مين اللي اعيش معاه دة شخص لا يطاق، وبعدين أنا مش عاوزة انزل امسك شركة من شركات بابا، مش عاوزة ابقي مديرة أو شغالة في شركة بابا، أنا عاوزة ابني شخصية ليا أنا كـ آلاء بعيد عن الكل، أنا مش اقل من حد، عشان حتى لما امسك شركة بابا أحس ان أنا استحقها أنتي فاهماني؟
اومأت فريدة لها برأسها الى الامام، وقد بدأت الرؤية تتضح لديها وتففهم ما تريد آلاء الوصول اليه، لكنها تحدثت مسرعة وهي تضرب جبهتها بيدها بخفة
:- يخربيتك يا آلاء أنتِ وشخصيتك نسيت كنت جاية اقولك إيه، صحيح مش تامر جاي بعد يومين، بس أنا خا.يفة اعمل اللي قولتيلي عليه انا مش عارفة عمر الصراحة، ومعرفش تامر ممكن يعمل إيه، أنا قلقانة؟
لوت فمها بسخࢪية بعدما استمعت إلى حديثها، وتحدثت باستهزاء وتهكم، وهي ترفع شفتها الى أعلى
:- يـاختــاي عليكي، اصوت يا بت أنتِ عاوزة تشليني هو إيه اللي معرفش عمر، والله ما حد هيظبطه غير عمر اسمعي كلامي أنتِ بس، بعدين بلا رد فعل تامر بلا بتاع اصلا مش هيقدر يكلمك، بس أنتِ قولي لعمر اللي قولتهولك، يلا بقى روحي واستغلي ان عمر قاعد في مكتبه قبل ما يروح الشركة والله هو هيخليه يتربي معاكي، ويعرف أن الله حق، ورد فهل تامر بقا اللي قلقك دة سيبيه كدة مع نفسه.
زفرت فريدة بعدم ارتياح، لكنها لم تجد سوى أن تفعل ما قالته آلاء لها، لعلها تحاول أن تتمسك في حياتها وألا تجعلها تفشل بتلك السرعة، ولكن قبل أن تذهب استوقفتها آلاء مرة اخرى، قائلة لها بتحذير وهي تغمز لها باحدي عينيها
:- بس خدي بالك عمر مش هيغلطه قدامك حتى لو غلطان، هتلاقيه بيبرر لكن لما يشوفه هيخليه يعرف ان الله حق، وهما لوحدهم أنا عارفاهم كويس اوي.
اومأت لها براسها إلى الأمام من دون أن تتحدث مكتفية بتلك الايماءة ذو الحركة البسيطة، ولكن كل ما كان يشغل بالها هو كيف ستتحدث مع عمر تذكر انها لم تتحدث معه منذ ان جاءت هذا البيت حتى الان سوى مرات معدودة تعد عالاصابع عندما كان يسألها عن آلاء، فكيف ستخبره بافعال اخيه الغير جيدة كما قالت لها آلاء.
كانت آلاء تعلم جيدا أن عمر هو الوحيد الذي يستطع السيطرة على تامر خاصة بعد أن علمت أن حديثها قد باء معه بالفشل ولم يهتم به.
كان كل ما يخيف فريدة ويجعل قلبها يكاد يتوقف عن النبض هو رد فعل تامر عندما يعلم ما فعلته، وقفت أمام الباب الخاص بمكتب عمر وهي تشعر بالتردد يكاد ينهش قلبها، ويوقفه عن النبض تماما.
في الغرفة عند آلاء كانت مازالت جالسة تفكر فيما يخص عملها حتى نهضت بحماس، وهي تمرر ابهامها على اصبعها الوسطي تفعل صوت وهي تهتف بحماس
:- بس لاقيتها أخيرا، كان تايه عني فين الحل دة.
بدأت تبحث داخل حقيبتها الصغيرة التي كانت معها يوم حفل خطوبة نهى وعمر، حتى وقع بصرها أخيرا على ذلك الكارت الخاص بـعدي الذي قد اعطاها اياه عندما رقصت معه في الجفلة، وجدت اسمه مدون على الكارت بالخط العريض وأخيرا
_عدي السعدني_
و يتبعه عدة أرقام خاصة به وبشركته المعروفة للترجمة تخصصها، التي تذكرت انها دلفته عن حب شديد بسبب حب عمر له مما جعلها تحبه وقد بُقِي لها، أبتسمت بسعادة وقد قررت ألا تترك تلك الفرصة ابدا تفلت من بين يديها، قررت أن تبني شخصية لها كما تريد.
************************************************

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أنين وابتهاج)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى