روايات

رواية أغصان الزيتون الفصل الستون 60 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الفصل الستون 60 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الجزء الستون

رواية أغصان الزيتون البارت الستون

رواية أغصان الزيتون
رواية أغصان الزيتون

رواية أغصان الزيتون الحلقة الستون

||^ أغـصان الـزيتـون ^||
الفصل الستون :
الجُـزء الثـاني.
“ما أُخذ بالقوة، لا يُسترد إلا بالقوة.”
____________________________________
كان كمن لا يرى شيئًا من أمامه، وكأن عيناه قد غُشيت عن أي شئ غيرها، يراها متجسدة أمامه وتلميحات وجهها المثيرة للإستفزاز تُوقد نيران غضبهِ. وصل لمقرّ مكتب “عناني الحكيم”، والذي زاره من قبل مرارًا وتكرارًا، لا يصدق إنه أتى بعدما ضلّ الطريق أكثر من مرتين!.. لقد سلبت عقلهِ تمامًا بكل ما تُديره من مؤامرات ومكائد تكاد تُفقدهِ توازنه – إن لم يكن قد فقدهُ منذ زمن -. صعد “حمزة” متيقنًا من إنها هناك، في معقلها كي تؤسس قواعد خطتها للفوز بالقضية، ولم تبحث عيناه عنها كثيرًا، كأن حدسهِ قد أنبأه إنها في المكتب المجاور له مباشرة، فـ تجاوز قسم الإستقبال وموظفيه، وعبر تلك الردهه المؤدية لغرفة “عناني” مباشرة وسط محاصرة من تلك الموظفة ذات الصوت المرتفع :
– رايح فين يا أستـاذ؟؟.. ياأسـتـاذ مينفعش كده!.
فتح باب الغرفة المجاورة آملًا أن يراها، فـ حطت عيناه عليها وهي جالسة خلف الحاسوب مرتدية نظارة دائرية كبيرة. رأتهُ فـ تحفزت حواسها، وإندفعت الدماء في عروقها وهي تنزع تلك النظارة عن وجهها وتهتف بـ :
– خلاص يا رقية أهدي، أستاذ عناني عنده meeting ومينفعش نزعجه.
زجرته “رقية” بنظرةٍ حانقة وهي تردف بـ :
– ماشي ياأستاذة.
وأغلقت الباب عليهما، فـ نهضت “سُلاف” حينما كان “حمزة” يسخر منها قائلًا :
– وانتي بقى مديرة مكتب عناني ولا محامية في مكتبه!!.
وضعت يداها في جيب سروالها الأسود الأنيق وهي ترد بـ :
– مش مهم، المهم جاي ليه لحد هنا!.. أكيد موضوع مهم جدًا.
– انتي اللي مسكتي قضية البت بتاعت مصر الجديدة؟؟.
التمعت عيناها بوميضٍ متحمس وهي تجيب :
– لو قصدك قضية أحمد منير فـ آه، أنا اللي هكون قدامك في القضية.
دنى منها خطوة واحدة، وسأل مباشرة وهو ينظر في عميق عيناها :
– لـيه؟.. عِند فيا ولا ده مبدأك؟.
لاحت ابتسامة مستخفة على ثغرها، وهي توليه ظهرها لتقول في سخريةٍ :
– انت اديت لنفسك حجم أكبر من حجمك عندي يا حمزة، مش معقول تربط كل حاجه بعملها بيك، انت مش محور الكون في حياتي يا روحي!!.
كانت كلمات مُنتقاه بعناية شديدة، أصابت مرماه مباشرة، ونجحت في تثبيط غرورهِ الشديد، تلاعبت بتحكمٍ في أعصابهِ كأنها تلعب بالدُمية يمينًا ويسارًا وتتحكم فيها تحكمًا كاملًا، لبضع لحظات بقى متأثرًا بعبارتها الثقيلة، حتى انتفض عقلهِ ونثر عن نفسهِ ذلك الصمت، متجاهلًا رغبتها في الإحتكاك به وإثارة غيظهِ :
– يعني متأكدة إنك عايزة تدافعي عن الـ ×××× دي!.
تلونت بشرتها بالحُمرة الممتعضة، واندفعت بهياجٍ تقول :
– الألفاظ دي متتقالش في مكتبي وعن موكلتي!.
فـ هدر بصوتهِ بتعصبٍ شديد، مدافعًا عن مبادئهِ أولًا وعن موكلهِ ثانيًا :
– أمال أقول فيها شِعر؟؟.. دي إنسانة انتهازيه وجشعة ومش متربية كمان، اللي تخلي واحد ملهوش أي صفة تربطه بيها يصرف عليها ويخرجها ويفسحها وبعد ما يتعلق بيها تسيبه عشان تشوف فرصة تانية أحلى وحد هيدفع أكتر تبقى بت شـ ××ل وتستحق أضعاف اللي هو عمله!.
اهتاجت أعصابها، ولم تتحمل زيفًا أو تجميلًا للحقائق بما يخدم الباطل وينصره على الحق :
– محصلش، الاتنين ارتبطوا ببعض لحد ما يخلصوا دراسة وخلال الفترة دي البنت اكتشفت كل عيوبه، ولما عرفت حقيقة طباعه وأفكاره الشاذة رفضت تكمل معاه وانفصلت عنه!.. متهيألي ده أبسط حق من حقوقها، إنها تختار الإنسان الصح وتقرر تكمل أو لأ.
كان منحازًا بشكل غير طبيعي، لصالح المتهم الجاني الذي صوّر له حقيقة مشاعره تجاه تلك الفتاة :
– بعد إيه! بعد ما حبها اتعلق بيها!!.
– انت مش إنسان سوي، لو كنت طبيعي عمرك ما كنت هتنصف حيوان أقل حاجه تتقال عنه إنه كائن سعران ومريض!.. ده ولا عمره حب ولا يعرف يعني إيه حب! إزاي قادر تقف قصادي وتدافع عن كلب زي ده؟؟.
– وانتي بقى تعرفي يعني إيه حب؟.. ده انتي مفيش جواكي غير سواد بس، خلي حد غيرك يتكلم عن الحب والمشاعر.
جلجلت صوت ضحكتها في الهواء، وهي تسخر من الإنسان الوحيد الذي لا يحق له التحدث في مثل هذه الأمور العاطفية :
– أمال انت اللي هتتكلم يا حمزة!!.. ده انت كل يوم في حضن واحدة شكل!.. وقال إيه بتتجوزهم!.
لم يُمرر الحديث مرور الكرام، دون أن يُذيقها مع وجع تلك الكلمات السليطة :
– مستغربة ليه؟!.. ماانتي كنت واحدة من اللي ناموا في حُضني!.
كأن النار قد أشتعلت في الهشيم، والحقد قد وصل لجذوتهِ، مما دفعها لـ التفكير في لطمهِ لطمةً لا يفتح فمهِ بعدها؛ لكنها وقبل أن ترفع يدها كان هو يقبض على مرفقها محذرًا بلهجةٍ صادقة :
– إيـاكِ.
تحولت عيناها لجمرتين متقدتين، بينما تابع هو مستمتعًا بـ إراقة أعصابها :
– وكله كان برضاكي، ولا انا ضربتك على إيدك!.
– أخـرج بـرا.
قالتها بآخر ما بقى لديها من ثباتٍ صادم، واستطردت قائلة :
– وبقولها بالأدب، أحسن أخلي مكتب عناني كله يتفرج عليك وانت خارج من هنا بفضيحة!.
ابتعدت من أمامه وهي تتوعد بـ :
– وأنا هعرفك يعني إيه مُحاماة، لو مجبتش للمظلومة دي حقها مبقاش أنا سُلاف.
التفت “حمزة” متوجهًا نحو الباب، وقبل أن يفتحه كان ينهي ذلك الحوار الغير مُجدي :
– يبقى نتقابل في المحكمة، يا سوسو.
وصفق الباب صفقةٍ قوية هزّت أرجاء المكتب، بينما التقطت هي هاتفها وبدأت تقوم بإتصالها الهام :
– ألو، عملت إيه يا راغب جيبت اللي قولتلك عليه!؟.. طيب، أنا جيالك دلوقتي بسرعة.
—جانب آخر—
هبط “حمزة” عن البناء الشاهق وعيناه على سيارتهِ، فـ لمح والده يصفّ السيارة ويستعد للهبوط منها أمام البناء، فـ تحولت تعابير لأخرى ناقمة.. وتقدم منه قبيل أن يراه، ليقف جوار بابهِ الأمامي ويضرب على الزجاج برفق، فتح “صلاح” الزجاج ونظر لولدهِ مستنكرًا رؤيته هنا :
– بتعمل إيه هنا يا حمزة!!.
نفخ “حمزة” وهو يجيب على سؤاله بسؤال آخر :
– انت اللي بتعمل إيه هنا يا بابا!! جاي لسُلاف ليه؟.
طالت نظرات “صلاح” لولده، دون أن يُجيب عليه، فـ قطع “حمزة” حاجز الصمت ذلك قائلًا بقنوطٍ اعتراه :
– كفاية كده بقى ، النهاردة كل واحد هيعرف اللي عند التاني.
فسأله “صلاح” متشككًا :
– وانت هتقولي اللي عندك؟.
– بعد ماانت تقولي كل اللي مخبيه عني.
التفت “حمزة” حول السيارة وفتح الباب المجاور لوالده :
– النهاردة هنحسم كل الحوار المقرف ده.. اطلع بينا على أي خرابة تناسب الكلام الزفت اللي هنقوله.
*************************************
بخطواتٍ واثقة معتدلة، تناسب تمامًا هيئتها الأنيقة المخملية، دخلت للمصرف البنكي مرتدية أرقى الثياب، قدميها مغلفة بحذاء ذا كعب عالي جدًا، فـ تضاعف طولها تقريبًا، ووضعت وصلة شعر شقراء (باروكة) ناسبت لون بشرتها الفاتحة وعدسات عيناها اللاصقة باللون الفستقي الفاتح، كمية لا بأس بها من أدوات التجميل والزينة غيرت تمامًا من شكلها، أنفها نحف كثيًرا، وجهها مائل للشكل البيضاوي الطويل، حاجبين أفتح درجتين من اللون الطبيعي، حتى شفتاها قد تضخمت فجأة، أصبحت امرأة أخرى بالكامل. دخلت “سُلاف” للمصرف بكامل أناقتها، تضرب الأرض بكعب حذائها حتى وصلت للشباك، وهنا نزعت نظارة الشمس الضخمة التي حجبت نصف وجهها، ثم هتفت بنبرةٍ متمايعة :
– محتاجة أصرف الشيك ده وأحوله لحسابي.
تناول الصراف الشيك النقدي منها، ونظر لحُسنها وهله قبل أن يهتف :
– أمرك، ثانية واحدة.
نظر للشيك نظرة واحدة تناول فيها التفاصيل كاملة، ثم عاد ينظر إليها من جديد، ليلمح ذلك الشيك الآخر أسفل أصابعها، فـ حمحم وهو يردف بـ :
– بطاقة حضرتك يافندم.
ناولته بطاقتها الشخصية ومن أسفلها ذلك الشيك، فـ سحبهم منها بسرية محترفة، وتفحص قيمة الرشوة المقدمة إليه نظير سرقة حساب “صلاح القُرشي”، فـ قرأ مبلغ كادت أنفاسه تتوقف لدى قرائتهِ، عشرة ملايين من الجُنيهات. ازدرد الموظف ريقهِ ثم نظر للحاسوب وهو يردد :
– حالًا يا هانم، التحويل هيتم خلال دقايق، بس قوليلي الباشا عامل إيه؟
ابتسمت “سُلاف” وهي تردد كلمة السر :
– الباشا بيسلم عليك.
فـ بادلها ببسمةٍ ماكرة وهو يردف بـ :
– سلامي للباشا.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية كاملة اضغط على : (رواية أغصان الزيتون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى