روايات

رواية أغصان الزيتون الفصل السبعون 70 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الفصل السبعون 70 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الجزء السبعون

رواية أغصان الزيتون البارت السبعون

رواية أغصان الزيتون
رواية أغصان الزيتون

رواية أغصان الزيتون الحلقة السبعون

||^ أغـصان الـزيتـون ^||
الفصل السـبـعون :-
الجُـزء الثـاني.
“آهٍ لو يعود بنا الزمـن؛ ما أرهقت أنفسٍ نفسها في الندمِ واللوم.”
_____________________________________
ازدرد ريقهِ وهو ينظر من حوله بتشتتٍ، بعدما تيقن من صدق “راغب” وإنها -شبه مفقودة- بالنسبة لهم. حاول أن يسيطر على عقله الذي فقدهُ ذي يستطيع التفكير، فـ انبثقت صورة “سُلاف” أمامه ليكتشف إنها قد تكون لديها حتى الآن، وبما إنها هي المعاونة المُآزرة الوحيدة لها حتى الآن، فـ بالكاد هي هناك. تأفف “حمزة” منزعجًا من انسياقه خلف مشاعر القلق تلك، بينما داخله ما زال غاضبًا منها ناقمًا عليها، وزيّف تجسيد دول اللامبالاة وهو يعود لمنزله، حتى تقابل معه لدى البوابة ليواجه سؤاله المحتدم :
– وديتـها فـين يا حــمزة ؟؟
أشاح “حمزة” بوجهه غير متقبل رؤيته أمامه و :
– هتلاقيها عند اللي ما تتسمى جمبنا، روحلها يمكن روحلها وامشي من بيتي.
عبر “حمزة” من جواره كي يدخل منزله، فـ استوقفه “راغب” نافيًا احتمال گهذا :
– يسرا مش عند سُلاف يا حمزة.
التفتت رأس “حمزة” ليرمقه من طرفه وهو يسأله متشككًا :
– وانت عرفت منين هي هناك ولا لأ؟.
لم يتأرجح “راغب” أو يتردد ثانية واحدة، وأجابه بثقة قضت على ذرّات الشك التي بدأت تتجمع في رأس “حمزة” :
– أنا سألتها قبلك عشان عارف إنها بتروح هناك على طول، وملقيتهاش.
دفعه “حمزة” من طريقه ومضى للذهاب إليها كي يتأكد بنفسه إنها ليست هناك، وهو من خلفه يهتف بصياح معترض :
– وحياة ربنا ما هتلاقيها هناك، انت بتضيع وقتي على الفـاضي وراك.
*************************************
عطست للمرة الخامسة على التوالي، ثم مسحت أنفها المحمر بالمنديل الورقي قبل أن تستأنف تناول طعامها، نظر “عِبيد” نحوها مُشفقًا وهو يقول :
– مش كنت عملتلك حاجه سخنة عشان نلحق البرد اللي انتي داخله عليه ده!.
أومأت “سُلاف” رأسها بالرفض و :
– مش لازم، أنا محتاجة آكل بس عشان جعانة جدًا ومكلتش من الصـ…….
صوت مشادات قوية بالخارج، جعلتها تنتفض من مكانها متسائلة :
– في إيه؟.
خرج “عِبيد” وهي من خلفه لاستكشاف ما يحدث بالخارج، فتفاجئت بتشابك “حمزة” مع حارسيّ البوابة لمنعه الدخول ومن خلفه “راغب”، ذمّت على شفتيها وهي تتابع تعامل “عِبيد” مع الموقف، حيث أشار للحارس كي يفسح الطريق و هتف بـ :
– لسه في حاجه تاني جاي تقولها؟
تجاهله “حمزة” ودخل مباشرة نحوها وهو يسأل :
– يسرا عندك فوق مش كده؟؟
تغضن جبين “سُلاف” وهي تجيبه :
– مفيش حد هنا، انت شكلك فاضي النهاردة.. لو فاضي أدخل دور عليها براحتك أنا مش فاضية آجي وراك.
واستبقته نحو الداخل وهي تتابع :
– وكمان جايبلي صاحبه معاه!.. يعني مش هنخلص الليلادي.
دلفت “سُلاف” ووقفت بباحة المنزل، فـ دخل “حمزة” بالفعل وبدأ يبحث عنها بنفسه، غير مصدقًا إنها ليست هنا. فتّش كل مكان وكل غرفة، حتى دورات المياه، توقف لدى الغرفة التي يبيت فيها “زين” برفقة مربيته “أم علي” ولم يطأها بقدمه كي لا يستيقظ الصغير. منعت “سُلاف” نفسها من أن تحتك بـ “راغب” أو توجه له كلمة واحدة، واكتفيا بالنظرات التي فهمها كل منهم، حتى وصلت معلومة اختفاء “يسرا” لـ “سُلاف” وفهمتها. هبط “حمزة” عن الدرج وهو يسألها بصياح :
– يعني هتكون راحت فين؟؟ عربيتها مركونة على الشارع برا يعني ياأما عندك ياأما عندي.. إيه اتبـخـرت ؟؟
عقدت “سُلاف” ذراعيها أمام صدرها وهي تنفي وجود أي معلومة لديها حول هذا الأمر :
– والله أسأل نفسك متسألنيش انا، ولو مفيش حاجه تانية يفضل تمشوا من هنا عايزة أنام.
نظر “حمزة” بإتجاه “راغب” بنظرةٍ محتقنة، قبل أن ينسحب من هنا للخارج وهو من خلفه، وقد بدأ القلق يحلق فوق رأسه گالغراب المشؤوم، وعشرات الأفكار السيئة تحاوط عقله كلما تذكر إنها كانت محاطة بالخطر خلال الفترة الأخيرة. تابعت “سُلاف” خروجهم حتى اطمئنت إنها هنا وحدها، ثم نظرت لـ “عِبيد” وهي تهتف بنبرة متوترة :
– أعرفلي يسرا فين يا عِبيد بأسرع ما يمكن.. مش عايزة راغب يغلط أي غلطة وهو تحت تأثير قلقه ده.
أومأ “عِبيد” رأسه بتفهم و :
– هشوف الكاميرات يمكن نوصل لحاجه.
**************************************
كانت الساعة تدق السابعة والنصف صباحًا، حينما أنهى “صلاح” آخر مكالمة هاتفية تواصل فيها مع الأقارب والأصدقاء من أجل السؤال عن “يسرا” إن كانت قد التجأت لأحدٍ منهم. دخلت إضاءة الصباح الباكر للمنزل كله، وسط أجواء من التوتر والقلق المُربك بين الجميع، أما “حمزة” فقد طاله النصيب الأكبر من تأنيب الضمير وتحمل الذنب، فهو الذي طردها من منزله، أغلق بابه في وجهها ولم يسمع منها تفسيرًا ولم يرحم بكاءها الشديد وتوسلاتها المستمرة، كفّ بصره عن كل شئ متبعًا نوبة غضبهِ. كافح كثيرًا لئلا ينفضح سبب تصرفه بتحاشي “راغب” تمامًا وعدم التحدث إليه، فلم يظهر عليه شيئًا وسط انشغال الجميع بالتفكير في “يسرا”؛ ولكن بين كل تلك الضغوطات لم يتحمل “حمزة” رؤية “راغب” في منزله أو أن يستشعر تواجده بالقرب منه، لا سقما وهو يرى نصب عينيه ذلك القلق الشديد في تصرفاته، فـ حاول أن يصرفه دون لفت الإنتباه لذلك العداء الحديث الذي بدأ بينهما :
– تقدر تروح يا راغب ولو في حاجه هبقى أعرفك.
فكان جواب “راغب” حاضرًا :
– ميصحش يا حمزة، لما نوصل لحاجه ونطمن هبقى أروح.
تنهد “حمزة” مستثقلًا توجيه الحوار إليه؛ ولكنه مرغمًا على ذلك :
– لأ عادي إحنا كلنا موجودين.
فتدخل “صلاح” لفضّ هذا الحوار الغير مريح :
– ما خلصنا بقى.
صوت غلق الباب جعل الجميع يخرج ركضًا من غرفة المكتب وأولهم “حمزة”، الذي تفاجأ لدى رؤية “سُلاف” أمامه في هذا الوقت الباكر، فـ تأفف منزعجًا والتفت ليعود دون أن يحتك بها الآن، فهو مكتفي بالهم الذي يحمل أثقاله. دلفت “سُلاف” إليهم بعدما تجاهلوا وجودها تمامًا، ونظرت في وجوههم جميعًا وهي تسأل :
– وصلتم ليسرا ولا لسه ؟؟.
نفخ “صلاح” بإنزعاج شديد وهو يقول :
– حاجه متخصكيش فـ متدخليش فيها.
لم تُخفي سرًا گهذا عنهم خاصة وإنه يتعلق بالبريئة الوحيدة بينهم :
– يسرا مش مختفية، يسرا اتخطفت.
هبّت “أسما” واقفة من مكانها، وقد ارتجف كل جزء فيها وهي تصرخ :
– يعني إيـه اتخـطفت!.
دنى منها “حمزة” وسألها مرتابًا :
– عرفتي منين ومين اللي خطفها؟؟.
فتحت “سُلاف” هاتفها الذي احتفظت عليه بذلك المشهد الذي تم تسجيله عبر كاميرات المراقبة، ثم ناولته الهاتف ليشاهد، فـ التف الجميع من حوله يشاهدون ما يشاهده، كانت تلك لحظة خروج يسرا من بوابة المنزل وهي منهارة تمامًا، تكاد تفقد توازنها بالكامل وتقع أرضًا لولا ثباتها المختل، جلست في سيارتها ومرّ عليها قليل من الوقت وهي في مكانها لم تتحرك، حتى ظهر أمامهم ذلك الغريب الذي حملها لخارج السيارة وركض نحو سيارة آخرى كانت بإنتظاره، تركها فيها وعاد يغلق سيارتها من جديد، ثم طارت السيارة بها إلى حيث لا يعلمون. وصلت “أسما” لأوج مراحل الذعر، ولم يقل عنها الباقون بل كان “حمزة” أقصى من وصل لمرحلة متقدمة من الفزع جعلته يندفع بتهورٍ نحو الباب وهو يصيح مزمجرًا :
– هـو ابن الـ *** مفيش غيره، وديني لأكون كاسر رقبته المرة دي مش رجله بس.
واندفع مسرعًا في حين كان “صلاح” من خلفه بصرخ هاتفًا :
– مش هــو يا حــمزة، مش حـاتـم.
توقف “حمزة” لدى سماع والده والتفت ينظر إليه بعيناه المحتقنة، حينما صرخت “أسما” غير متحملة هذا الصبر اللعين :
– أمـال هـيكون ميـن غـيـره يا صــلاح!!.
لم يقتنع “حمزة” بذلك النفي الغير مُبرر، وتسائل عن سبب دفاع “صلاح” عن ذلك البربري رغم إنه فعلها مُسبقًا :
– ليه مـتأكد كده وانت عارف اللي عمله معاها؟.
زفر “صلاح” قبل أن يصرح بـ :
– حاتم سافر مع أبوه من امبارح الصبح، يعني مستحيل يكون متورط في الموضوع ده.
لم يطيق “راغب” صمتًا أمام ما يسمعه من حوارهم الفاتر وهتف :
– أمال مين اللي عمل كده؟.
استخدم “صلاح” هاتفه في التواصل مع أحد الرموز اللائي من وسعهم مساعدته في أمر خطير گهذا، منتويًا تصعيد الأمر لأقصى ما يمكن، في سبيل إيجاد ابنته المختطفة :
– أنا مش هقف استنى وإيدي على خدي.
وكذلك “حمزة” خرج من المنزل وهو يفكر في سبيل يمكنه من سرعة الوصول إليها، بعدما تيقن من خطورة الأمر وجديته وإنها ليست بمأمن. نظر للهاتف الذي بين يديه لمشاهدة مقطع الڤيديو من جديد؛ لكنه وجد شفرة ببصمة الأصبع، فـ نفخ منزعجًا واستخدم هاتفه للتواصل مع “زيدان”، لم يجيبه من المرة الأولى، فـ عاود الإتصال به وهو في ذروة غضبه، حتى ردّ عليه فصرخ “حمزة” فيه :
– هــو ده وقـت نـوم!.. قـوم وتـعالالــي حـالًا.
أغلق المكالمة فرآها أمامه مباشرة؛ وقبل أن يهدر فيها مفرغًا طاقته العدوانية كانت تبادر بالتحدث :
– الراجل بتاعك مش هيفيدك بحاجه، أنا أقدر أساعدك تلاقيها.
نصف ابتسامة متهكمة وهو ينظر إليها من أعلى لأسفل بنظرات مستخفة :
– انتي تساعديني انا؟!.. لأ شكرًا مش محتاجلك.
ثم ناولها هاتفها وهو يهتف :
– يكفي تبعتيلي المقطع اللي متسجل عندك.
تناولت هاتفها منه وهي تردف بهدوء شديد :
– اتبعت على الميل بتاعك من ربع ساعة.
فتح هاتفه لتفحص صندوق مراسلاته كي يتأكد من صحة إدعائها، فوجده بالفعل قد أُرسل منذ ستة عشر دقيقة. لم يوليها حتى نظرهِ، وسحب نفسه بعجالة نحو السيارة، خلال لحظات كان يقود سيارته للخروج من هنا والشروع في أخذ خطوات من وسعها المساهمة في الوصول إليها. نفس اللحظة كان “راغب” يخرج مهرولًا، و “سُلاف” عاجزة عن التدخل وإيقافه كي لا ينساق خلف مشاعرهِ التي وجهّت كل تصرفاته، لكن قلبها يدق بنبضاتٍ أشبه بالطرق على سطح ساخن، تخشى نهاية الطريق الذي سيؤدي بـ “راغب” للتهلكة.
**************************************
وقف “صلاح” متوترًا قلقًا، يفرك أصابع يديهِ بقوةٍ حتى أصابهم بحمرة فاتحة، منتظرًا لقاء سيادة اللواء بعد إبلاغه بخطورة الأمر وضرورة تدخله لتصعيد الوضع والإهتمام من قِبل الجهات المعنية للبحث عن ابنته. انفتح الباب وخرج منه ذلك الشاب المهندم كي يدعوه :
– أتفضل يا فندم.
– شكرًا.
دخل “صلاح” وقدميه تخطو خطوات متعجلة مرتبكة، وعلى وجهه تعابير القلق جليّة ظاهرة وهو يهتف :
– صباح الخير يا باشا، حقك عليا كلما معاليك بدري أوي كده.
استقبله سيادة اللواء دون أن ينهض عن مكانه، فقط أشار إليه بالجلوس بعدما صافحه برسمية :
– ولا يهمك يا صلاح، أقعد.
ما أن جلس “صلاح” حتى بدأ يروي له ما الإجراءات التي بدأت في التنفيذ :
– طبعًا انت عارف البلاغ الرسمي بعد ٢٤ ساعة، بس عشان في دليل يثبت اختطاف بنتك إحنا بدأنا في الإجراءات وكأنه بلاغ رسمي وبالفعل في قوة بدأت تتحرك للبحث عن البنت.
أومأ “صلاح” رأسه متفهمًا :
– فاهم طبعًا يا فندم، وأنا قدمت بلاغ رسمي على طول أول ما وصلت للفيديو ده.
رنّ الهاتف الخلوي، فـ قطع سيادة اللواء حديثه مع “صلاح” كي يجيب عليه :
– ثانية واحدة.
– أتفضل يا باشا.
رُفعت سماعة الهاتف وأجاب سيادة اللواء :
– ألو.. أيوة، وبعدين، تمام.. فهمت، شكرًا.
أغلق الهاتف ونظر نحوه بشئ من التوجس الحريص، وقبل أن ينطق كلمة واحدة مدّ يده يرتشف رشفة ماء، ثم ترك الكأس ونظر نحو “صلاح” وهو يقول :
– بص يا صلاح، طبعًا في الحالات دي لو لقينا حوادث فيها الضحية نفس مواصفات في حالات الإختطاف بنعرّض الأسرة لموقف التعرف على الجثة.
ازدرد “صلاح” ريقهِ بتوترٍ ملحوظ، وارتفعت ابتسامة مضطربة على مبسمة وهو ينفي احتمالية گهذه :
– لا لا انت فاهم غلط يا فندم، أنا بنتي متقتلتش، دي اتخطفت بس واحنا عايزين نعرف مين اللي عمل كده.
نهض سيادة اللواء عن مجلسه وهو يتابع :
– طبعًا فاهمك.. بس في حالة قدامنا في المشرحة وبنفس المواصفات الجسدية، مفيش مانع لو حاولنا نتعرف عليها.
نهض “صلاح” عن مكانه ورفض هذا الوضع الذي يودي به لنتيجة ان ابنته -مقتولة- :
– يا باشا لو بنتي كانت اتعرفت، أنا سايب صورتها مرفقة مع البلاغ، يعني لو هي كنا عرفنا.. أنا بنتي سليمة.
تنحنح سيادة اللواء مُقدرًا حجم صعوبة الموقف الذي يواجهه “صلاح”، لكنه بقى مضطرًا على التعامل مع الأمر وتفسيره بالكامل من أجل اتخاذ خطوة إيجابية تنهي ذلك الجدل حول إن كانت الجثة لها أم لا :
– للأسف لم يتم التعرف عليها، عشان كده لازم ناخد الخطوة دي.
فـ خمن “صلاح” إحتمالية أن تكون الجثة مشوهه أو شابه، مما صعّب على فريق البحث الجنائي مهمة الوصول للهوية :
– ليه؟؟.. ملامحها مش متحددة!.. متشوهه يعني؟
هزّ سيادة اللواء رأسه رافضًا ذلك التخمين، وفي النهاية اعترف بالقسم المُريع والأكثر خطورة في الحكائة كلها :
– لأ.. بس آ…. الجثة مفصول عنها الراس ولسه… يعني موصلناش لراس الجثة.
************************************

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية كاملة اضغط على : (رواية أغصان الزيتون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى