روايات

رواية أعني علي الفصل الرابع 4 بقلم دنيا سعيد فوزي

موقع كتابك في سطور

رواية أعني علي الفصل الرابع 4 بقلم دنيا سعيد فوزي

رواية أعني علي الجزء الرابع

رواية أعني علي البارت الرابع

أعني علي
أعني علي

رواية أعني علي الحلقة الرابعة

_ جاهزة تقابلي وجه كريم بكل دا؟ يعني قادرة بكرا أو حتى دلوقتي بعد الشر عليكي لو حصلك حاجة وربنا استرد روحك مستعدة تقابليه؟
نبرة صوته وحنيته في النصيحة صحوا جزء فيا كان محتاج اللي يفوقه، عيوني دمعت من مجرد التخيل، أنا مش مستعدة! أنا لسه توبتي مش كاملة، لسه بعصيه…لسه برجع انتكس تاني، ذنوبي قد تكون غالبة الثواب اللي عملته في حياتي، بصيت في عيونه وعيوني كان فيها لامعه خفيفة.
قرأ أفكاري وقالي بنبرته الرخيمة الهادية: يبقى تساعديني أساعدك أخد بإيدك وتاخدي بإيدي.
_ أنا أخد بإيدك!!!!
= أكيد…أنتِ جزء أساسي، لو أنا اللي هقود العلاقة دي ف أنتِ الأساس بتاعها.
_ مش فاهمة!!
= هفهمك…بس قوليلي الأول، أنتِ عايزة تشتغلي بعد الجواز؟
جواز!! حسيت كأن حاجة اتحركت ف معدتي زي الدغدغة الخفيفة، مجرد تخيلي معاه “أنا وحمزة” أحساس إني مش هشيل هم عناء الدنيا وكذلك الأخرة؛ لإني هبقى مع واحد بيتقى الله في نفسه قبل غيره، تخيلت حياة صالحة، ومجرد تخيلها معدتي رجعلها نفس الشعور من تاني…دي فراشات دي ولا إيه!!!
: يارا!!
رفعت راسي وبصيتله وأنا بقول:نعم؟
: حابب أسمعك..عايز تشتغلي؟
جاوبته بسلاسة: بصراحة؟ لأ، عايزة أعيش في هدوء، أبقى مسؤولة عن بيت وأسرة متأسسين صح، مش عايزة أبقى مضغوطة هناك وأجي متسربعة عشان ألحق أعمل حاجة في البيت، مش عايزة أعيش الصراعات دي، آه أكيد عايزة أخرج بس يبقى خروج لأجل المتعة مش للشقاء أبداً.
ابتسملي وسكت، رجعت عيونه ترسى بعيوني من تاني، ابتسمت وسألته بخفوت: مالك؟
جاوبني بنفس ابتسامة الرضا اللي على وشه: مبسوط…مبسوط إن أملي فيكِ مخابش، مبسوط إني كنت على حق.
_ كل دا عرفته من جوابي!
= يعني…بيقولوا الجواب بيبان من عنوانه والعنوان اللي قدامي جميل ومُبشّر.
فركت أيدي ف بعض وحسيت إن حرارة وشي رجعت من تاني، سألته من تاني: مقولتليش أنا هبقى أساس العلاقة دي إزاي؟
_ بصي يستي…حالياً أحنا في الفترة دي هنأسس عشان نبني علاقة صح نقدر نعيشها سوا بعدين، أنا هساعدك وهبث فيكي بذرة وأنتِ عليكي الباقي والباقي دا هو الأساس.
= عايزة أفهمك أكتر.
_ حاضر…مثلاً أنا هقولك يا يارا بعد إذنك أنا حابب وشك من غير ذرة ميكب واحدة، هقولك كمان إني حابب يارا كده وشايفها حلوة وحلوة جداً كمان، هقولك إنك أجمل ميت مرة بالدريس المحترم الواسع عن ميت بنطلون اختارتيه وكنتِ راضيه عنه وعن شكلك بيه، بس حطي في بالك إننا بنسعى لرضا الله وحده قبل رضا الغير أياً كان الغير دا مين حتى لو أنا، طبعاً أنا مليش أي حق إني أجبرك على حاجة أنا ليا إني أعرفك إن الشئ دا مينفعش، والشئ دا غلط وحرام، أعرفك عواقب الشئ دا زي ما هعرفك محاسن غيره، ليا إني أوجهك ودي بقا البذرة، أما الثمرة يا إما هتبقى صالحة بإنك تقتنعي بكلامي وتشوفيه إنه لمصلحتك ومصلحة أسرة هتتكون بعدين، يا إما بقا ثمرة مش مرغوبة ومش ومستحبة بإنك تعاندي في الغلط وتكابري…والثمرة دي بعدين لما نتجوز هتبقى الأساس يا يارا مش البذرة؛ لإننا وقتها هناخد من الثمرة دي بذرة جديدة وهنزرعها في فرد جديد اللي هم عيالنا بإذن الله.
كان سلسل..مُريح، عرضه للكلام ونبرة صوته تجبرك على حبه والوقوع بشِباكه بدون إرادة…وأنا شكلي هحب أوي إني أقع معاه.
بابا دخل ووراه علطول طنط وماما، “حمزة” بصلهم وابتسم بوقار وكذلك شفايفي رسمت إبتسامة خفيفة.
_ باين كده من وشكوا القبول.
قالتها “طنط” بإنبساط وأمي أممت وراها بس والدي محبش نتسرع فقالهم: أنا بقول يصلوا استخارة كمان وبعدها الرد يوصل بإذن الله.
حسيت إني مش محتاجة استخارة أنا مرتاحة والرضا والقبول كان جزء من الرؤية الشرعية يبقى ليه التقل!!! بس كلام بابا لابد من احترامه.
____________________
_ ها عملتوا إيه يلا بسرعة مش قادرة أتنفس…وافقت..طردتك طيب ولا إييييه؟؟ رد يا بارد.
لسه بفتح الباب لقيت الديچي دا فتح في وشي، ماما ضحكت وقالتها: لا وأنتِ سايباله فرصة يتنفس أوي عشان يعرف يرد عليكي.
مكنش في بالي وقتها غير “ياسر” أخويا، عايز أجري عليه وأقوله إن طلع معايا حق وإن بُشرتي بيها، بُشرة خير وإن أملي في الله وفيها عمره مخبش ولا هيخيب.
_ أمي هتحكيلك رَد عمي يا خديجة قوليلي بس ياسر فين؟
= كان برا ولسه جاي من شوية، هتلاقيه قاعد في البلكونة.
_ تمام إعملي لينا كوبايتين شاي وهاتيهم البلكونة.
كنت داخل منشكح ومبسوط، قعدتي معاها حسيتها فري ثيربي، دوا كده جرى ف عروقي فوقني، ودوب هموم كتير ملهاش دخل بيها.
دخلت البلكونة لقيت “ياسر” فاتح مصحفه وعمال يقرأ فيه بخشوع قعدت قدامه وفضلت أردد معاه الآية اللي بيقرأها، رفع عينه وابتسم وهو بيقرأ معايا خلص الآية وصدق.
_ جزاك الله خيراً يا شيخ ياسر.
= جُزيت مثله يا شيخ حمزة.
“خديچة” دخلت وحطت صينية الشاي وهي بتقول: الله الله الله ربنا يهديكوا يولاد وأفرح بيكوا كده وبخلفكوا وأبقى عمتو حرباية قد الدنيا.
“ياسر” قالها بنكش: حبيبتي أنتِ مش محتاجة تبقي عمتو عشان تبقي حرباية أنتِ كده كده حرباية من غير حاجة ومن غير أي مجهود مننا.
خبطته فكتفه وهي بتقول: طب استغفر ربك بقا وبعدين مش مكسوف من نفسك وأخوك الصغير خطب قبلك يا معنس.
زقها ف كتفها وقال وهو بيضحك: يا ماما الأخير ربه كريم هو شوية وهيندم أصلاً على إختياره سيبيه بس يفرحله يومين.
رغم إني عارف إنه بيهزر إلا إنه كان قاصد أخر جملة قالها، ابتسامتي فضلت ثابته ومتهزتش وبصتي ليه دامت، مش بيقولك واثق الخطى يمشي ملكاً؟ أنا كنت بقا كنت مَلك في اللحظة دي بثقتي فيها.
_ يلا يا ديچة عشان عايز أقعد مع الشيخ ياسر شوية لوحدنا.
“خديجة” خرجت وأنا وهو كنا في مواجهة بعض وابتسامتنا كانت سيد الموقف بينا.
بص لملامح وشي وقالي: فاكر لما كنت بحفظك القرآن وأنت صغير وباخدك معايا المسجد يا حمزة؟
عرفت إنه هيعاتبني إني خدت الخطوة دي من غيره، ابتسامتي قلت بالتدريج، عاد جملته من تاني وهو بيقول بتأكيد: فاكر؟
قولتله بنبرة خافتة: فاكر.
ابتسم وهو بيقول: كان أبي وقتها بيقولي بلاش دا صغير هيتعبك عشان كنت شقي وأنت صغير، كنت بقوله إبني وتعبه راحة بالنسبالي، كنت عايزك تتأسس صح وكنت باخد بإيدك في كل خطوة صح باخدها في حياتي.
عيوني دمعت لما افتكرت طفولتنا، كان دايماً “ياسر” خط الدفاع الأول بالنسبالي، كنت أغلط وهو اللي يتعاقب، عشان كان عارف إني مش هستحمل قسوة عقاب أبويا، أفتكرت إن أنا كنت ولا حاجة لحد ما فوقت على أيده من تاني…”أخويا”.
جزيت على سناني ورفعت راسي عشان أمنع دموعي من إنها تظهر في العلن بسبب عتابه اللي بيان لا شئ لكن مضمونه عميق لدرجة ألمتني على تصرفي معاه.
كمل كلامه بنفس الهدوء وابتسامته الدابحة: ودلوقتى يوم ما قررت تاخد قرار زي دا في حياتك سِبت إيدي، عشان كبرت وبقيت مسؤول عن نفسك…بقيت…بقيت راجل مش محتاجني.
نهى جملته بنبرة مهتزة وعيونه بدأ يهل فيها لمعان دموعه، حركت رأسه بمعنى “لأ، أنا لسه محتاجك، لسه محتاج أخويا أتسند عليه، حركتها بمعنى “لأ، أنا أسف إني حسستك بكده، لأ متعيطتش دموعك غالية يا حبيبي”
بص لحركة رأسي وقالي وهو بيمسح عينيه بكف إيده: لا لا أنت فعلاً كبرت، أنا…أنا بس اللي مخدتش وكنت بعاملك على إنك إبنى وحته مني، أنا اللي…اللي كنت عايزلك أحسن حاجة، عايزلك الأفضل ونسيت إن خلاص دوري خلص عند اختياراتك…معلش أصلي.
ضحك وضحكته اختطلتت بدموعه وهو بيكمل: أصلي أندمجت وأنا بحافظ عليك ف مخدتش بالي إني كنت بخنقك…أنا أسف.
قومت بوست راسه وعيطت أنا كمان وأنا بقوله بأسف: لا والله أنا اللي أسف…حقك عليا أنا مكنتش عايز أعارضك بس..بس مكنش قدامي حل تاني، أنت قفلت في وشي كل الأبواب اللي كان ممكن تخليني أقنعك بوجهة نظري.
طبطب على كف أيدي وقالي بإبتسامة: عشان كده بعتذرلك..يارب قلبك ميكونش المقابل في العلاقة دي يا حمزة، يارب فرحتك وظنك بيها يديموا.
رجع الحماس لنبرة صوتي من تاني وقولتله وأنا بمسح عيوني: هيديموا…والله هيديموا بإذن الله بس متتخلاش عني يا شيخ ياسر، أنا عايزك معايا…عايزك تنورني وتساعدني أنور طريقي اللي بدأته، عايزك ملجأي كعادتك معايا..الله يسترك ما تتخلى عني، لا عايز خسارتك ولا رايد خسارتها.
ابتسم وقالي: القاعدة معروفة يا شيخ حمزة، محدش بياخد كل حاجة.
اتنهدت وقالي: أنا معاك، الله يهديك يا شيخ يا حمزة.
إبتسمت وأنا بقوله ردي المعتاد بس المرادي الشعور مختلف، شعور إني مش لوحدي وأخويا معايا خلاص: الله يهدينا جميعاً يا شيخ ياسر.
_____________________
كنت قاعدة باصة في سقف الأوضة، رغم إنه سقف عادي بس نظرتي ليه وقتها هيئتلي إنه حياة جميلة مليانة ورد وأُلفة ومحبة، حسيت بعد الاستخارة براحة مضاعفة وهالة من السلام النفسي والأمان محاوطاني.
“أنا موافقة” مجرد اعترافي بالجملة بيني وبين نفسي خلاني ابتسم إبتسامة واسعة، خبيت وشي بين أيديا وأنا بعيد تكرار الجملة من تاني وبستلذ بنطقها، يستاهل إني أتغير عشانه يستحق كده بدون تفكير، وقتها سألت نفسي “إيه هو العمل الصالح اللي عملته في حياتي عشان أتكافئ بكم هذا العطاء الساخي!!! ”
سمعت صوت موبايلي بيرن ببص لقيت “خديچة” فتحت ولسه هقول السلام عليكم لقيتها بتقول بسربعة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يلا بسرعة مصابة بضيق تنفس والدكتور قالي الحل في التفاصيل، هي اللي هتعالجني..تفاصيل عايزة تفاصيل بسرعة.
ضحكت بصوت عالي وأنا بفتكر مشهد وهي بتقول “هوا عايزة هوا”.
_ قصدك مصابة بالفضول.
= جداً بقا الفضول عاميني والبارد التاني دا مش راضي يحكيلي حاجة، من أولها بقا فيها خصوصية ولا إيه!! لا يا حبيبتي منك ليه دا أنتم عرفتوا بعض بفضل ربنا ثم بفضلي أنا فوقوا لنفسكوا كده.
_ بصي يا خديچة يا روح قلبي مش عايزة أكسر عشمك بس سواء بيكي أو من غيرك ربنا كان هيعجل باللقاء يروحي.
= الاه! لا دا أحنا وقعنا ولا حد سمى علينا يا يارا يا بنت طنط هناء وعمو محمد..بصراحة بقا معذورة، الواد يتحب لو مكنش أخويا كنت جبته بقيام الليل لحد باب البيت.
_ ياربي شيلوا عينكوا من حياتنا بقا.
= أنتو لحقتوا تكونوا حياة في الرؤية الشرعية يا يارا! اومال في قراية الفاتحة هتعملوا إيه! هتجيبوا عيال!!!!!
_ بزمتك أنتِ كنت أزهر أنتِ!!
= لا وإحنا ما شاء الله عيلة مستشيخة قد الدنيا.
_ أيوا ما أنا أخدت واحد منكوا.
= إزاي بجد؟؟ حصل أمتى!!! الواد حمزة طلع سوسة ولا بينلي حاجة خالص.
_ هيييح قلب أمه.
= هيح وقلب أمه!! هو عملك عمل ولا إيه؟؟؟ مين معايا؟؟؟
_ أنا مراته يقلبي.
ضحكنا سوا المرادي، كنت مبسوطة من بختي الحلو، ربنا رزقني بزوج صالح وعيلة بتحبني وبتتمنالي الرضا، هتمنى إيه أكتر من كده؟؟!
: طيب كده أنتِ موافقة خلاص؟
_ يا حبيبتي فوقي بقولك مراته دا أنا خلاص واقفه ف المطبخ بعمله صينية مكرونة بشاميل.
: ممكن أكل معاكوا؟ مش هعمل صوت والله.
رجع الضحك يزورنا من تاني، يمكن قرار “حمزة” جه في الوقت دا عشان مخسرش علاقتي ب “خديجة” وتفضل دايمه، أكتر علاقة قادر تنور ظلامي بكلمة، فعلاً صحبة الصالح تصلح المرء.
__________________
بابا كلم “حمزة” تاني يوم يبلغه بخبر الموافقة وإننا في انتظارهم لقراءة الفاتحة بكرا، “خديچة” جاتلي من أول اليوم، نزلنا نختار الفستان، ما أخدتش وقت وأنا بختاره، أول محل دخلناه أختارته وكان قرار نهائي، كان بلوني المفضل “الأزرق” دريس رقيق بسيط يشبهني، وتاني يوم جاتلي عشان نزيت الشقة لقراية الفاتحة، حسيت كل حاجة جت بسرعة، كنت خايفة ومتوترة بس “هو يستحق…فداه قلقي.” جملة مفارقتش لساني من ساعة ما قعدت معاه.
“خديچة” خرجت الفستان وجهزت الطرحة وكل حاجة وسألتني: هتحطي ميكب؟
ساعتها جه في بالي جملته:
” أنا حابب وشك من غير ذرة ميكب واحدة” افتكرت جملته وتلقائي ابتسمت وكذلك افتكرت “بس حطي في بالك إننا بنسعى لرضا الله وحده قبل الغير أياً كان الغير دا مين حتى لو أنا”
قولتلها بثقه: لأ هحط مرطبات وهعمل ماسكات بس.
بصتلي وقالتلي بإبتسامة خبيثه: أممم مش بقولك عملك عمل دا الواد حمزة طلع تأثيره قوي بقا.
نهت جملتها بغمزة، بصيت في المرايا وأنا بحط الماسك وبردد جوايا نفس الجملة “هو يستاهل..يستحق إني أتخلى عن حاجات كتير في سبيل وجودنا سوا”
____________________
_ ألبس إيه؟؟
قولتها لياسر وأنا قاعد على الأرض وسط كَم هدوم لا تُعد، الدولاب مخدنيش جواه فطلعته برا نقعد سوا على رواقه.
“ياسر” حط إيده على راسي وقال بيأس: بقالك ساعة وداخل على التانية بتردد نفس الجملة ومفكرتش حتى تاخد خطوة… أرحمني بقا واعتقني لوجه الله.
جاوبته وأنا عمال ارمي الهدوم حواليا: أول مرة أقرأ فاتحة خارج الصلاة يجدع، جديد في الشغلانة أنا…الاه!
حدفني بعباية في وشي، مسكت العباية وأنا بقوله: دي بتمطر هدوم عندي…ألبسها؟
_ لا أنا بسكتك…أخرس بقا، أنت متوتر يا حمزة؟
= أوي أوي يا أبيه.
ضحك وضحكت معاه وأنا عمال أدور في الهدوم اللي حواليا على حاجة ألبسها.
_ غريبة يعني.
= إيه اللي غربها يا شيخ ياسر بس.
_ غريبة إنك متوتر، طول عمرك عندك ثقة في نفسك يمكن عندك ثقة أكتر مني.
= إلا في الحب يا ياسر، الواحد بيفضل يكابر ويبين إنه واثق من نفسه وواثق من كل حاجة لحد ما يحب، ساعتها بيبدأ يرجع عيل صغير من تاني عايز اللي يدله، بيبدأ يفكر ف رضاها هي، عشان كده بيرجع يعيد حسباته في كل حاجة وكل تفصيله في حياته، بيبقى عايز يبقى أحسن لأجلها هي وبس ومبيفرقش معاه الباقي، دا الحُب غُلب يا شيخ ياسر أسكت وخليني ساكت.
_ دا الحب خيبة.
= مش بالظبط الفكرة في الشخص اللي أخترته، هو اللي بيثبت صحة الجملة دي أو بينفيها، وأنا واثق إنها هتنفي بإذن الله…المهم أنا هلبس عبايا بيضة.
_ ولزمته إيه المهرجان اللي مقعدنا فيه دا لما هي بالبساطة دي.
= مش عارف بس إيه رأيك في إختياري؟
بصلي وقالي بدون نِفس عشان مثبته بقالي ساعة بدون حركة: يلا يا بيضة يلا مش عايزين نتأخر على الناس أنا رايح ألبس.
لبست كاچول عادي جداً بعد كثير من التردد أصل الثبات ع المبدأ دا بتاع العيال التوتو، وسِبت البدلة للخطوبة، روحنا مع أمي بعد ما جيبت بوكية ورد وبجد مش عارف لزمته إيه في وجودها أصلها هتغطي عليه، حد يبقى معاه الجنينة كلها ويجيب بوكية! أما روتين ملوش لازمة بصحيح.
دخلنا البيت وكان مُبهج هلة الفرحة على أي بيت عموماً مُبهجة، كانت قراية فاتحة عائلية لذيذ بدون موسيقى وصاحبة الليلة كانت ألذ، ابتسمت لما شوفتها من غير ميكب، حسيت بإنتصار وللمرة التي لا تُعد على التوالي أحس إني أحسنت الاختيار وإن ظني صاب مخبش أبداً.
_ فخور بيكِ.
قولتهالها أول ما سمحت لينا الفرصة إننا نقعد سوا ونتكلم بصتلي وقالتلي بنبرة خطفتني: المصدر أنتَ.
لو النبرة خطفني ف جوابها شال قلبي وحطه من تاني قولتها ولا المنوم مغناطيسياً: أبداً، المصدر القلب اللي استجاب ويارب يكون داب من الغُمة اللي كانت مغمياه ومفهماه إنه صح.
= الوقت هيثبتلك.
_ مش محتاج إثبات أنا واثق فيكِ يا يارا.
= يارب مخيبش ظنك.
_ خليكِ بس معايا وإن شاء الله مش هيخيب.
_________________
حددنا معاد الخطوبة بعد أسبوع و”ياسر” أقنع بابا إنه يخليها خطوبة وكتب كتاب سوا وهتبقى بنفس حدود الخطوبة بالظبط بس عشان نبقي في أمان، ولما يجي عندنا يبقى قاعد براحته، وبم إن بابا عارف “حمزة” كويس وواثق من أخلاقه…وافق، بس منع الكلام بينا طول الأسبوع دا لحد كتب الكتاب.
كل يوم كان بيعدي كان طويل وتقيل بتقل جبال، ليه الأيام لما بتعرف إننا في إنتظار مرورها بتطول؟
بم إني البنت الوحيدة فماما كانت مجهزاني بجزء كبير من زمان، قررت ألهي نفسي بأي حاجة في الأسبوع دا عشان يمر ومحسش بيه، نزلت أختار لبس لجهازي أنا و”خديچة” و ماما كنت مقررة أغير أستايل لبسي كله لأجل رضا ربنا أولاً وكمان لأجل عيونه هو، اللبس الخروج اللي أخترته كان واسع وأغلبهم كانوا إدناءات، أتغيرت؟ جداً أتشقلب حالي للأحسن ب 180 درجة، بطلت أسمع أغاني وانتظمت بجزء كبير في صلاتي، قيام الليل بدأت أواظب عليه، حسيت إني محتاجة أبدأ صح وأجاهد نفسي في سبيل بناء علاقة صح أقدر أعيشها معاه بعدين زي ما قالي، وربنا يتقبل توبي بعد انتكاسة للمرة المليون.
_____________________
كنت بلهي نفسي في الشغل عشان الوقت يعدي، “ياسر” كان لسه عنده جزء بينفي العلاقة دي أوقات كتير بحس رفضه ونفوره من لهجته في الكلام، بس كنت بختار راحتي بإني أعمل نفسي مش واخد بالي…أسبوع وتبقى “زوجتي شرعاً” مش عارف إزاي هنتظر الأسبوع دا، حبيتها الحُب دا كله إزاي! حقيقي معنديش جواب…يمكن من حُب خديچة فيها، يمكن من كُتر كلامها عنها، يمكن من كلامي مع ربنا عنها…احتمالات كتير مع أختلافهم بس كلهم بيؤدوا لحبي ليها.
الأسبوع بقا يومين واليومين بقوا يوم واليوم بقا ساعات وفجأة لقيت نفسي بختار البدلة مع “ياسر” عشان “كتب كتابي عليها”.. ياربي عليها جُملة في قمة الطعامة.
________________
_ خلاص هبقى المودام!!!
= مش عايزة قلة أدب شوفي مش هو أخويا أهو وشيخ جامع وعارف ربنا بس خافي على نفسك بقا.
_ يعني إيه ياللي منك لله بتخوفيني ليه!!!
= الاحتياط واجب دول جنس ميتأمنلهمش يقلبي والله.
_ متأكدة إنك أخته من نفس الأب والأم ولا أنتو أخوات بالتبني ولا فيه إيه مالك؟
= أنا الشِقة بتاعه بقولك.
_ طب يلا عشان نلحق الكوافير.
= هتحطي ميكب؟
_ بسيط والله بسيط وخفيف جداااا وبعدها مش هحط تاني أبداً.
= طيب بصي عشان أنا نسيت الفستان بتاعي هروح أجيبه وأجيلك على الكوافير روحي أنتِ وأنا هسبقك.
_ أستني نروح سوا!
= لا لا عشان تلحقي تخلصي أنا كده كده مش مهمة أوي يعني، يلا همشي أنا بقا ونتقابل هناك.
_ في حفظ الله.
جهزت الفستان عشان أخده معايا الكوافير، كنت جايبه فستان أبيض سيمبل يليق بكتب كتاب وطرحه ستان بنفس اللون، أول مرة أحس بهيبة اللون الأبيض كده، لون مقدس وصُمم خصيصاً للمناسبة دي…دغدغة أمعائي قررت تتدخل مع ابتسامتي وصوت جوايا بيردد”يارب تممها على خير”.
أخدت الفستان وطلبت عربية، ماما دخلت عليا الأوضة وابتسامتها ملازمة وشها، حضنتني وعيطت، دموعي نزلت على عياطها، قالتلي بفرحة: كبرتي يا يارا، كبرتي وبقيتي عروسة يقلب أمك.
_ طب بتعيطي ليه دلوقتي طيب؟
= دي دموع فرحة يحبيبتي، دموع أتكونت على مدى طويل أوي، من وأنتِ في اللفة لحد ما بقيتي عروسة تفرح القلب وتملى العين.
حضنتها وقولتلها: ربنا يديمك ليا في الخير يا ماما، بس متعيطيش تاني أبداً دموعك غالية أوي يا ماما.
ضمتني ليها وباستني وهي بتقول: حاضر، ربنا يحفظك يا حبيبتي، يلا بس عشان متتأخريش.
بابا دخل وقال: أستأذن العروسة بس لو أخد حضن أنا كمان؟
ضحكت في وسط دموعي وجريت عليه وأنا بقوله: طبعاً يا بابا.
وفي وسط الدراما اللي أحنا عاملينها دي جاتلي لحظة إدراك، إن دي تعتبر خطوبة يعني هرجع معاهم تاني! ترانا عيلة أتنشن!
_ على فكرة أنا هرجع معاكوا تاني أنتو مكبرين الموضوع ليه!!!
قولتها وأنا في حضن بابا، ضحك وقالي: ولو بالاسم هتبقي زوجة.
_ طيب ممكن ألحق الكوافير بقا عشان أحققلك أمنيتك وأبقى زوجة؟
ماما قالتلي بنكش: مسم! شوفوا مين اللي بتتكلم، اللي كانت رافضة الإرتباط وقافلة الباب بالضبة والمفتاح.
قولتلها ببراءة مصطنعة: مهو طلع معاه نسخة م المفتاح يا ماما وفتح القفل.
ماما ضحكت وبابا قالي وهو خارج: أنا هعمل نفسي مسمعتش حاجة حاضر.
ضحكت أنا وماما وأخدت فستاني ونزلت، “خديچة” رنت عليا فتحت عليها وأنا ماشية: أيوا يا خديچة أنتِ فين؟
_ أنا اللي فين برضو!!! إيه صوت الدوشة اللي حواليكِ دي! أنتِ لسه مروحتيش الكوافير يا يارا؟ بتهزري صح!!!
كنت شايلة كيسة الفستان وبعدي الطريق وبالأيد التانية ماسكة الموبايل: جاية أهو…مش عروسة أنا! يبقى متاح ليا مالا يُتاح لغيري يا ح…
لسه هكمل الجملة لقيت عربية دخلت في جسمي كله، محستش بعدها بحاجة غير صوت صفير وبعدها الرؤية أختفت!
_________________
_ هشتغل في يوم كتب كتابي كمان يا شيخ ياسر!
= الشغل شغل يا شيخ حمزة.
_ شغل إيه بقولك كتب كتابي يا شيخ أتقي الله بقا وأديني أجازة أعتبرها نقطتي، بدل ما أنت عمال تجيبلي النقطة كده!
= والفلوس قصرت معايا في حاجة عشان أنقطتك أجازة! فاتحينها سبيل أحنا! بلاش دلع دول هم ساعتين.
_ نص يوم بقا ساعتين!! إحنا في موسكو ولا إيه؟
: حمزة!!!!!!!!!
سمعت صوت صريخ “خديچة” بإسمي قلبي اتنفض من مكانه، صراخها كان مفزع!! جريت أنا و”ياسر” عليها لقيتها ملجومة في مكانها وعينيها أصابها الجحوظ ورعشة شفايفها مش راضية تهدى.
ضميتها ليها وأنا بسألها: مالك يا خديجة؟ مالك يا حبيبتي في إيه؟؟؟؟
“ياسر” قعد جمبها وفضل يمشي أيده على شعرها ويقرأ قرآن بقلق.
جسمها كان هش وبارد لقيتها بتهمس بشئ حاولت أسمع معرفتش، ميلت بودني على شفايفها عشان أقدر أسمع: بتقولي إيه؟
: ي…يا..يارا.
لو كان صراخها بإسمي فزعني ف نطقها ليارا بالطريقة دي أفقدني توازني، حركة عيني زادت مع دقات قلبي وأنا بسألها: مالها يارا؟
دموعها كانت نازلة وعيونها جحوظها مقلش بالعكس كل مادا بيوسع أكتر، حسيت جسمي بدأ يسيب ورعشة جريت في عروقي فجأة خدرتني، الحُب زي ما بيقوي صاحبه وبيخليه شجاع، بيجي عليه وقت ويضعفه، وأنا ضعفي بان هنا وأنا بسألها بخوف: يارا فيها إيه!!!!! أنطقي يا خديجة!!!!!
الرعشة صابت نبرتي، عيونها اتحركت نحيتي وقالتلي بشهقة طفلة: يارا يا حمزة…يارا عملت حادثة.
انهارت في العياط وأنا أنهرت في ضعفي وخوفي، يعني إيه حادثة!!! حاولت أترجم جملتها بس تقريباً من الصدمة عقلي رفض يستوعبها!!! لقيت أيد تقيلة بتسحبني من كتفي قبل ما أغرق في أفكاري: حمزة!!!!!
عيني ضعفت والضياع صابها بس صوت “ياسر” القوي فوقني، بصيتله زي العيل الصغير وأنا بقوله: يا…يارا يا ياسر!
حاول يهديني وهو بيقول: أهدي يا حمزة هنلاقيها بخير إن شاء الله.
حسيت بحاجة مبلولة بتجري على خدي بحط أيدي لقيتها دموع!! مكنتش حاسس بحاجة ولا مدرك أي حاجة صوت عياط “خديچة” كان مغطي على أفكاري ومساعد في ضياعي أكتر، وأنا كل اللي كنت عايز أعرفه إن “يارا”…حبيبتي..تكون بخير.
وهنا فوقت سألت “خديجة” وأنا بحركها من كتفها بقوة: فين؟؟ يارا فين؟؟ عملت حادثة فين؟؟ أنطقي!!!!!
كنت مُغيب مش فارق معايا حاجة ولا حتى تعابير وش أختي المتألمة دي، “أنا عايز يارا” جملة رددتها جوايا بدموع طفل لعبته اللي بيحبها ضاعت منه، رجعت عيل صغير من تاني!
“ياسر” سحب أيدي وصرخ فيا: براحة يا حمزة!!!!!
موبايلي رن وخرجته من جيبي على أمل إنها تكون هي وإن كل دا مش حقيقي، فتحت من غير حتى ما أشوف مين ولسه هنطق بإسمها لقيت مامتها بترد عليا بعياط: ألحق يارا يا حمزة…يارا بتموت.
لساني ردد إسمها كتير زي التايه اللي بيدور على بر: يارا..يا..يارا.
“ياسر” سحب مني الموبايل وفضل يسألهم حاجات مسمعتهاش، سبتهم ومشيت مش عارف أنا رايح فين بس كل اللي أعرفه إني رايح أدور عليها.
_ أنت رايح فين؟؟؟؟
قالهالي “ياسر” وهو بيسحب إيدي وبيوقفني، قولتله بنفس نبرة الطفل التايه: يارا يا ياسر…يارا بتروح مني وأنا مش عايز كده.. م…مش عايزة كده…مش دي النهاية اللي رسمتها يا ياسر.
ضعفت ودموعي نزلت، مسك راسي وضمها ليه وقالي وهو بيطبط عليا: بإذن الله خير…كله خير يا حمزة أنت مؤمن بالله وبقضائه وقدره.
روحنا المستشفى وأنا كنت بسابق الزمن عشان أوصلها وجوايا خوف من المواجهة، خوف بشع من إن الموت يفرقنا، وعند ذكر الموت جسمي اتنفض. “يارب مش عايز كده”
وصلت لأهلها وأنا بسألهم بلهفه: يارا؟؟؟؟؟
مامتها كانت منهارة، ودا كان أخر مشهد أحب أشوفه، أنا ضعيف بم فيه الكفاية “يااارب” قولتها جوايا ونَفسي كان سطحي لدرجة كافية إنها تخنقني، كل حاجة اتحالفت ضدي ليه كده!!!
عرفت إنها في أوضة الإنعاش، كل حاجة سريعة والشيطان ونفسي وأفكاري مش رحمني أبداً، كتير عليا والله كتير عليا، أنا مجرد إنسان ضعيف!!
_ أنا أسف…البقاء لله حاولنا ننذقها بس ربنا ليه رأي تاني.
الجملة صابتني في مقتل، صحتني خانتني وبدل ما كنت ساند على الحيطة، لقيت جسمي على الأرض وعمال أحرك راسي بالنفي، كلمة ضعيف كانت قليلة إنها توصف حالي.
“ياسر” جه حاول يهون عليا الأمر بس هو ميعرفش إنه كده ضاعفه عليا أكتر مش هونه: شد حيلك يا حمزة.
عيطت…الشيخ “حمزة” اللي بيلقي خُطب في الناس وبيعلمهم معنى الصبر عند البلاء، قاعد بيبكي على خسارة شئ متهناش بيه!!!!
_ لأ لأ…لأ م..مش عايز أشد حيلي أ…أنا عايزها هي…ياسر أنا عارف إنك مش بتحبها بس…بس هي كويسة وجميلة و…وتتحب لو أنت اللي قايلهم يقولوا كده، عشان خاطري قولهم ميهزروش ف الموت…الموت مفيهوش هزار يا..يا ياسر…الموت لأ…الموت وحش…وحش أوي.
كل اللي كان بيجي في بالي كنت بقوله كلامي مكنش مترتب، “ياسر” بصلي بصدمة وقالي: أنا يا حمزة! أنا أعمل حاجة زي كده!
جاوبته وأنا حاسس بتقل في قلبي قبل لساني ودموعي كانت حارقة، عمرها ما نزلت عمرها ما ضعفتني كده!
_م..معرفش أنا…أنا معرفش حاجة…ياسر…ياسر…كانت هتبقى مراتي النهاردة يا ياسر.
عيطت أكتر وشهقاتي عليت، أنا اللي عمري ما وصل بيا الضعف للحال دا، حتى في موت أبويا كنت ثابت، حاولت أخد نَفسي بس الكحة صعبت الأمر.
وأخويا الكبير ضمني وهمس في ودني ودموعه في عيونه لأجل حالي اللي ضعف فجأة: عارف..عارف يا حبيبي عارف والله.
بعدته عني وأنا بحاول أجمع كلامي: أنت مش عارف حاجة، أنت من الأول مكنتش عارف أي حاجة، حصل اللي كنت عايزه يا شيخ ياسر، خلاص م…مشيت…بعدت عني للأبد!!!! بعدت عني خ…خلاص.
هديت صوتي في أخر الجملة، كنت خايفة أسمع نفسي وأنا بقول كده، كان في غصة في قلبي وجعاني، مسكت قلبي وملامح وشي متألمة بسبب الوجع، معرفش إن كان مصدر الزجع روحي ومسمع في جسمي ولا العكس!…بعد ما كان ذكر إسمها بيسعد قلبي، دلوقتي بقا سبب ألم كبير ليه!!
اتسندت على الحيطة عشان أقوم وأيدي التانية على قلبي بحاول أوقف الوجع، “ياسر” حاول يساعدني ، بعدت إيده عني، كنت محل شفقة بدموعي وضعفي بس هي مش أي حد!! هي…هي اللي دعيت بيها ليالي…هي اللي كنت بصبر نفسي إنها هتبقى مراتي في اليوم دا وهيبقى يوم مميز!! تقوم تروح مني في غمضة عين كده…يارب قلبي.
فتحت الأوضة ودخلت لقيتهم مغطيين وشها بالملاية، عيني رفت أكتر من مرة والخدر مشي في جسمي من تاني، مشهد كفيل يخليني أبكي عليها العمر كله وبرضو ميكفيش.
شيلت الملاية من على وشها وأيدي عمالة تترعش وأنا بعيط زي العيل: يا…يارا…يارا متفقناش على كده! اتفقنا إنك تلبسي أبيض آه بس مش دا، دا شكله وحش أوي عليكي، طب قومي..قومي أودعك طيب، م…متسبنيش كده لوحدي! مش هعرف أحب غيرك والله…مش هعرف…مش هعرف أعيش كده بدونك…متفقاش أدعيلك بالرحمة بالسرعة دي!!! قومي بس شوفي أنا ضعفت أزاي!!! الشيخ حمزة اللي الكل بيحلف بثباته وثقته في نفسه مش قادر يسند طوله في فراقك!
قعدت على الكرسي بتقل ورميت راسي على السرير وأنا بقول بألم بسبب غصة قلبي: مكنتش مستعد أخسرك بسرعة كده…يعز عليا والله العظيم يعز عليا خسارتك…ع..على عيني أشيل كفنك بإيدي!! كنا هنجيب مأذون يعقد…يعقد قرأننا مكنتش عامل ح..حسابي إني المأذون ه..هيبقى شيخ بيقرأ على روحك…اااااااه.
كتمت صوت صراخي في السرير، راسي تقلت لساني فضل يردد: يارب قويني…يارب صبرني.
أهلها دخلوا والدكاترة جم عشان يستلموا جثتها!!! الكلمة صعبة! صعبة وتقيلة إن عقلي ولساني يتقبلوها.
“ياسر” جه وقومني من على الكرسي وأنا كنت بتحرك معاه بلا حول ولا قوة بس عيوني كانت عليها هي قولتله بلسان تقيل: يارا يا ياسر.
_ لا حول ولا قوة إلا بالله.
رددها كتير وعيونه مفارقتش تفصيله في وشي إلا وحفرتها، نظراته كانت شفقة وحزن، دموعه نزلت…مسحها بضهر أيده وهو بيخرجني معاه برا.
أخدني معاه وأنا كنت ماشي مهزوم وضعيف ونظراتي مغيبة، إيماني مش ضعيف بس الخسارة كانت كبيرة عليا، دخلنا الحمام وفضل يغسلي وشي بكف إيده، ووشه هو بيتغسل بدموعه عليا.
الميه برودتها فوقتني ولما فوقت أدركت إنها خلاص مشيت، أدركت قسوة الواقع، فغمضت عيني وأنا بضغط عليها أكتر، مش عايز أفوق…مش عايز أصحى على الكابوس دا…بصيص جوايا كان بيردد جملة “اللهم لا اعتراض على أمرك يارب…اللهم لا اعتراض” بس جسمي كان هزيل وضعيف ومصمم يضعف روحي معاه.
_ حمزة.
نداء “ياسر” كان عشان يتأكد إني فايق، سندت على الحوض بإيدي وأنا مازلت مغمض عيوني وقولتله: خلاص يا ياسر خلاص أنا كويس.
سألني بخوف: بجد؟
حركت رأسي بتقل مقدرتش أنطق بحرف زيادة، الصورة بدأت توضح اكتر والأحداث رجعت تترد على عقلي من أول ما عرفت الخبر لحد ما جيت هنا، افتكرت إننا سبنا أهلها لوحدهم: ياسر.
جاوبني بلهفه وهو بيسندني: معاك.
خرجنا برا وأنا كنت ماشي بضغط على نفسي عشان أعرف أسند طولي: روح أنت خلص إجراءات الج….
حسيت إني ببلع جمر، الكلمة صعبة…صعبة ونطقها بيجرح جزء جوايا…لا إله إلا الله…يارب قويني، ضغط على نفسي أكتر وأنا بحاول أقولها: الجنا..
معرفتش أكملها، الكلمة بتخدش قلبي وهي بتخرج، “ياسر” فهم وحرك رأسه في أسي: حاضر..أروحك؟
_ لأ أنا كويس أنا هفضل معاها للأخر…هفضل…هفضل معاها لحد ما أدخلها ق…قبرها.
رجع الهوان يحتلني من جديد وبكائي فلت مني مقدرتش أحكمه أكتر.
“ياسر” طبطب على كتفي وهو بيقولي: أنت واحد إيمانك قوي يا حمزة.
_ مكنتش مستعد…مكنتش عامل حسابي على كم وجع القلب دا…كنت راسم حياة تانية.
= أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد..ربنا دخلك حياتها لحكمة إنك تصلحها وتخليها مستعدة للقياه سبحانه وتعالى، دا كان دورك في حياتها يا حمزة وخلاص دورك خلص.
بصيتله بعيون ممزوج حمارها بالدموع وأنا بقوله بخفوت: وأنا؟ أنا حبيتها.
تجاهل مشاعري جاوبني بالعقل والمنطق: أنت كان ليك الأجر والثواب.
أجر وثواب!!! بصيتله بلوم وعتاب، كنت عايزها هي…عايزها هي أجري وثوابي في الدنيا، كملت بالنيابة عنه: ووجع القلب… ليه دورها في حياتي إنها تضعفني بالشكل دا! طلع قلبي ضحية العلاقة دي زي ما قولتلي يا ياسر…طلع معاك حق، يارتني سمعت كلامك وبعدت عنها، يارتني كنت صرفت نظر عن الموضوع دا، أنا قلبي واجعني أوي ياسر…أوي.
_ استغفر ربك يا حمزة…استغفر ربك وادعيلها بالرحمة.
سندت بإيدي على الحطية وأنا بوطي راسي ومازال الألم جوايا مصمم ياخد جزء من وشي، لساني ردد الاستغفار بصوت جاهدت أظهره بس فشلت….اللهم لا اعتراض على أمرك يارب.
__________________
_ اللهمّ اغفرلها وارحمها واجزها عن الإحسان إحسانا ًوعن الإساءة عفواً وغفراناً، اللهمّ إن كانت محسنةً فزد من حسناتها وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيّئاته، اللهمّ أدخلها الجنّة من غير مناقشة حساب ولا سابقة عذاب.
صوتي بدأ يضعف وكملت وأنا ببكي: اللهمّ… اللهمّ اّنسها في وحدتها وفي وحشتها وفي غربتها…اللهمّ أنزلها منزلةً مباركةً وأنت خير المنزلين.
كملت دعاء ببكائي والناس بتتأمم ورايا وبتبكي معايا، جنازتها كان مُيسرة حضرها ناس كتير أوي، كان لسه في جزء جوايا بينكر..جزء منهار ورافض بكل الطرق إنه يصدق ويستوعب، لحد ما خرجوا كفنها ودخلوه القبر، ولأول مرة عيوني تشوفها وقلبي يتشال وميرجعش مكانه تاني…اللهم لا اعتراض على أمرك يارب.
معظم الناس بدأت تمشي وأنا عيوني بتبص على قبرها بنظرة محروم، نظرة طفل اتحرم من أمه وهو بيحاول يصبر نفسه بإنها راحت مشوار وهتيجي تاني.
“خديجة” جت تبكي في حضني، بس أنا مقدرتش أحتويها جسمي حاضر بس عقلي في ملكوت تاني.
: حمزة.
ندائها رجعني تاني بصيتلها لقيتها بتقولي: ربنا رحمها من ذنب جديد كانت ناوية تعمله.
وشي رغم خدره إلا إني قدرت أرسم الاستغراب عليه من جملتها، جاوبتني بصوت مقطع بفضل دموعها: ربنا نجاها وخدها بعد توبة يا حمزة…ادعيلها ربنا يتقبل منها…متضعفش كده يا حمزة…متضعفش بالطريقة دي…أرجوك.
ضمتني تاني وهي بتعيط وأنا عمال أحرك راسي بالموافقة بس غصب عني عيوني وملامح وشي فاضحين الضعف دا.
: روحي يا خديجة مع ياسر.
خرجت من حضني وسألتني بخوف عليا: طب وأنت؟
رجعت بصيت على قبرها تاني وقولت: هقعد معاها شوية مش هسيبها دلوقتي هي لسه حاسه بينا.
بصتلي وهي بتبكي على حالي، ومين ميبكيش على حال حبيب حبيبه سابه بلا وداع!!!!
الكل مشي وفضلت لوحدي قاعد قدام قبرها، قولتلها وأنا بمسح على القبر: مش هنساكِ يا يارا…مش هنساكِ، رغم إن اللقا كان نادر وقليل، إلا إنه كان كافي إنك تنولي بقلبي بدون رجوع…هعيش على ذكراكِ…و…وهعملك حاجات كتير أوي تدخلك ثواب وأنتِ ف….في قبرك.
صوتي اتخنق، غمضت عيوني وضغط عليها وأنا بشهق: ه..هدعيلك.
خلصت القصة ونهايتها مكنتش سعيدة أبداً، نهايتها كانت مصدر ضعف وألم وهوان كتير ليا…”كلنا دروس في حياة بعض” جملة أول مرة أعيشها بالقساوة دي…كنتِ درس قاسي مقابله قلبي يا يارا، درس علمني إن القلب ميتسلمش بسهولة كده عشان استرداده من تاني بيبقى صعب، ودرسي ليكِ كان نور يارب يكون من نصيبك….عروسة في الجنة يا حبيبتي.
(بسم الله الرحمن الرحيم)
“اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ” صدق الله العظيم.

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أعني علي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى