رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل التاسع بقلم دعاء الكروان
رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل التاسع بقلم دعاء الكروان |
رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل التاسع بقلم دعاء الكروان
فى شركة آل سليمان ….
تحمل قدح القهوة متوجهة ناحية مكتبه و داخلها ثورة من المشاعر المتناقضة، فجزء منها يتتوق لرؤيته، و جزء آخر يتظاهر باللامبالاة، و جزء ثالث ينهر ضعفها أمامه، و لكنها عزمت أمرها أن تتحلى بالثبات و أن تغلق قلبها حتى لا تقع فى المحظور .
وصلت إلى باب الغرفة و طرقت الباب فأذن للطارق بالدخول ومن ثم فتحت الباب و تقدمت للداخل، ففوجئت بصوت القرآن الكريم يصدح فى أجواء الغرفة مما أصابها ذلك الأمر بالدهشة، فهى قد نشأت و ترعرعت على أصوات الموسيقى و الغناء و لم يسبق لها من قبل أن سمعت كلام الله يُتلى على مسامعها إلا فى بعض وسائل المواصلات بصورة عابرة و سريعة. تسمرت فى مكانها و لم تعرف ماذا عليها أن تفعل ، فهو قد فاجئها مرة أخرى بعكس ما عرفت عنه ، فازدرت لعابها بصعوبة و حمحمت:
ـــ احم.. صباح الخير يا مستر يوسف .
رمقها بابتسامة لطلتها التى أشعرته براحة داخلية و استنبط سريعا أنها هى من أضفت على غرفته هذه الروح الجديدة و أجابها :
ـــ صباح النور يا زينة .
قضت تلك الابتسامة على البقية المتبقية من ثباتها أمامه، و شعرت بالخجل الذى انعكس على وجهها و أصبح واضحا له ، فابتسم مرة أخرى على خجلها و ارتباكها أمامه مردفا :
ـــ تعالى انتى هتفضلى واقفة عند الباب كدا ؟!
تمتمت بداخلها:
ـــ ” لا كدا كتير .. انا هكمل كدا ازاى ؟ .. ، انا كدا هيغمى عليا ”
رمقها باستغراب قائلا :
ـــ زينة ، ما تدخلى يا بنتى ، انتى مش سامعانى و لا ايه ؟
أجابته بخجل و ارتباك لا يليق بشخصيتها الجريئة :
ـــ ها .. ســـ سامعاك طبعا يا مستر .
ضيق عينيه باستفهام :
ـــ شكلك مش مركزة .. انتى منمتيش كويس ؟
اتسعت عينيها من الدهشة على إثر هذه الكلمات و جال بخاطرها ..
“من هذا الرجل؟؟.. و ما هذا السؤال؟!… طيلة الخمسة و عشرين عام الذين مروا من عمرها لم تسمع هذا السؤال و لم تجد هذا الاهتمام و لم تشعر بهذا الحنان الذى كان يملأ طيات كلماته.
انظر ماذا تفعل بى يا يوسف و ماذا سوف افعل انا بك ، ليت كان حديث علي عنك صحيحا حتى اشعر أنك تستحق أن أخدعك، و لكن ماذا لو كان حديثه عنك غير صحيح ؟! ، فماذا على أن أفعل ؟! .. ليتنى لم أقبل بذلك من البداية .. ليتنى لم أرك .. ليتنى لم أعرفك ، ففى كل لحظة أراك فيها ينقلب كيانى و تسكن وجدانى و يتمرد قلبى عليا، فلم أعد قادرة على إحكام زمامه و كبح جماح مشاعره … رحماك يا رب” .
هز رأسه بأسف و استغراب :
ـــ لا لا دا انتى مش مركزة خالص .. لو تعبانة ممكن تروحى ، مفيش مشكلة .
شعرت بضيق من نفسها من كثرة شرودها :
ـــ احم .. انا اسفة اصلى متوترة شوية بس .. اول مرة اشتغل فى مكان نضيف زى دا و خايفة شغلى ميعجبش حضرتك .
قهقه من تلك الكلمات و أردف بود :
ـــ طب هاتى بس القهوة دى عشان اشربها قبل ما تبرد .
تقدمت زينة إليه بخطى سريعة، فهى قد نست أمر القهوة تماما و أجابته بأسف :
ـــ يا خبر … دى زمانها بردت اصلا… انا متأسفة اوى يا مستر.
أمسكت القدح البارد تختبر مدى برودته، ثم أسترسلت حديثها بطريقة مثيرة للضحك :
ـــ اهوه جالك كلامى ؟ … آدى أول القصيدة كفر . . . ثوانى هعمل لحضرتك غيرها… و همت بالمغادرة و لكنه استوقفها :
ـــ استنى يا زينة خلاص متتعبيش نفسك ، أنا هشربها باردة عادى ، لسة اليوم طويل و دا مش أخر فنجان هشربه يعنى .
رمقته بإعجاب شديد لحسن تعامله معها و رفقه بها، و أومأت مبتسمة دون أن تنطق، و ظلت محدقة به بلا وعى و بدون إرادة منها، فقرأ يوسف ما يدور بخلدها و استنبط أن استغرابها من حسن معاملته ربما يرجع لكونها قد حُرِمت من العطف و الاهتمام لذلك فهى دائما ما تقابل ردود افعاله بالدهشة و الاستغراب ، فأشفق عليها كثيرا و استطرد بمجاملة:
ـــ بالمناسبة شكرا على الورد و الروايح الجميلة دى .
رمقته بابتسامة بلهاء و فرحة تنطق بها عيناها :
ـــ بجد الورد عجب حضرتك ؟
أومأ مبتسما :
ـــ جدا .. بصراحة ذوقك حلو و مخلية للمكتب روح جديدة كدا .. بس ابقى ضيفى ع الروتين دا بقى تشغيل الشاشة على قناة القرآن الكريم .
تجهمت ملامحها على إثر هذه الكلمات فهى بعيدة كل البعد عن كتاب الله سواء بالقراءة أو الاستماع و ترى نفسها أنها أقل من أن تفعل ذلك و إلا رأت نفسها أكبر منافقة فى العالم.
” يا ويلى منك يا يوسف ، حتما ستدفعنى إلى الجحيم دون أن تدرى بأفعالك تلك” … هكذا حدثت نفسها .
ازدرت لعابها بصعوبة لصعوبة هذا الطلب عليها و أجابته بتلعثم:
ـــ حـ حاضر يا مستر.. حاضر إن شاء الله .
تناول القهوة فى رشفة واحدة فهى كانت باردة و أعطاها القدح الفارغ و هو يسألها :
ـــ ها الـ سى فى بتاعك جاهز؟!
أومأت متحمسة:
ـــ أيوة جاهز يا فندم ، أروح أجيبه لحضرتك ؟؟
يوسف :
ـــ يا ريت .. عشان أشوفه قبل ما أبدأ فى مقابلات العملا و الاجتماعات .
ردت بايماءة :
ـــ حالا هيكون على مكتب حضرتك .
غادرت بخطوات سريعة نحو حقيبتها التى تركتها فى مقهى الشركة و فتحتها و أخرجت منها الملف المطلوب و ذهبت إليه سريعا و أعطته الملف :
ـــ اتفضل يا مستر الملف اهوه .
أمسك بالملف و أخذ يقرأ بياناتها بتمعن فرفع حاجبيه مردفا باعجاب زائف فقط.لرفع معنوياتها:
ـــ معاكى دبلوم تجارة !.. هايل جدا .
قطبت جبينها متعجبة :
هايل جدا ؟! .. اومال لو كان معايا بكالوريوس تجارة كنت قولت ايه ؟
ضحك يوسف و أردف بثقة و تحفيز :
ـــ إن شاء الله هتكونى احسن من إللى معاهم بكالوريوس؛ لو عندك إرادة و استعداد إنك تتعلمى .
تجهم وجهها ببلاهة و انكمشت ملامحها بعدم فهم :
ـــ أنا مش فاهمة حاجة !! ..
استطرد بجدية :
إسمعى يا زينة ، أنا بصراحة شايف ان الشغل ف بوفيه الشركة ما يناسبكيش ، أنا وافقت بس عشان شايفك محتاجة الشغل ، و كويس إن انتى معاكى شهادة تقدرى تطوريها و انا هساعدك فى كدا ..
سكت قليلا يقرأ تعابير وجهها ثم استرسل :
ـــ أنا هكلف استاذ ف المحاسبة شغال معانا هنا ف الشركة يديكى كورسات ف المحاسبة و انتى و همتك بقى .
سألته بتوجس :
ـــ و بعد ما اخلص الكورسات دى ؟!
يوسف بجدية:
ـــ هتدربى على شغل الحسابات لحد ما تتمكنى و بعدها هشغلك فى قسم الحسابات هنا أو فى أى فرع للمجموعة … ها إيه رأيك ؟
قطبت جبينها باستفهام :
ـــ يعنى هبقى زيى زى أى موظف أو موظفة هنا ف الشركة؟!
أومأ بتأكيد:
ـــ اكيد طبعا ..
لقد أخذت اللعبة منحنى عكسى تماما ، فبدلا من أن تستدرجه لأسفل سافلين ، يستدرجها هو لأعلى عليين، أى ذنب إقترفتيه يا زينة حتى يسلط الله عليكى من يحملك من الآثام ما يؤدى بك إلى الهلاك لا محالة ، فلو لم تكن تلك لعبة زائفة أقحمت نفسها بها بمحض إرادتها ، لما كان حالها كل هذا التجهم و الشعور بتأنيب الضمير ، لكانت حاليا محلقة فى سماء الحرية و السعادة بحصولها على تلك الوظيفة التى لم يخطر على بالها يوما أن تحصل عليها و بهذه السهولة ..
لاحظ يوسف وجومها على عكس ما توقع ، فهو ظن أنها ستفرح لذلك العرض ، فتعجب لذلك و سألها مضيفا عينيه باستغراب :
ـــ شايفك مش مبسوطة من العرض دا .
نفت بابتسامة متكلفة :
ـــ لا أبدا يا يوسف بيه ، دا حضرتك فاجئتنى بصراحة ، مكنتش متوقعة إن حضرتك هتعرض عليا عرض زى دا ، دا كرم أخلاق منك و مش عارفة اشكرك ازاى .
أردف مبتسما :
ـــ مش عايز منك شكر .. عايز دعوة حلوة منك بس .
أشارت بسبابتها اليمنى على صدرها باستنكار :
ـــ منى أنا ؟!
أجابها بصدق :
ـــ أيوة منك انتى .. انتى مستقلية بنفسك ليه ؟
ضحكت ضحكة خافته :
ـــ المفروض أنا إللى أطلب من حضرتك الطلب دا .
أردف بمرح :
ـــ خلاص يا ستى متزعليش ، انتى تدعيلى و أنا أدعيلك . . إيه رأيك ؟
زينة :
ـــ هو فى رأى بعد رأيك يا يوسف بيه ؟
يوسف :
ـــ ما قولنا بلاش بيه دى ..
زينة :
ـــ لا مؤاخذة نسيت .
عادت ملامحه للجدية مردفا :
ـــ المهم إديني أسبوعين كدا أكون نسقت مع أستاذ المحاسبة و ظبت موضوع الكورسات لأن فى ضغط كبير ف الشغل اليومين دول .
تنفست زينة الصعداء فعلى الأقل ستبقى بجانبه طيلة هذه المدة ، و لتعيد حساباتها و تحسم أمرها بشأن هذه التمثيلية ..
فيوسف أشعرها بدنائتها و دنائة من تلعب لصالحه
، و لكن هى من ألقت بنفسها إلى التهلكة و عليها أن تكمل مسيرتها إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا …
مازال الحوار قائما بين زينة و يوسف، عند هذا الحد شكرته زينة و همت بالمغادرة و لكنها عادت مرة أخرى مدعية أنها نسيت أن تخبره أمرا ما …
زينة مدعية الاحراج :
ـــ احم .. مستر يوسف فى حاجة مهمة لازم حضرتك تعرفها .
سألها بجدية :
ـــ خير يا زينة حاجة ايه دى ؟
بارتباك مصطنع أشارت على المقعد المقابل لمكتبه :
ـــ طب ممكن أقعد ؟.. أصل الموضوع هيطول شوية .
اعتدل فى مقعده و استند بيديه على المكتب و أومأ لها بإنتباه و تركيز :
ـــ أه طبعا اتفضلى .
جلست على المقعد و شبكت يديها و بدأت الحديث وهى تنظر لكفيها بتوتر :
احم … العنوان الموجود فى الملف دا مش عنوان بيت .
عقد حاجبيه بعدم فهم :
ـــ مش فاهم .. اومال عنوان ايه ؟
رمقته بتوجس و ابتلعت ريقها بصعوبة و أجابت بترقب لردة فعله :
ـــ عنوان لا مؤاخذة .. احم .. كباريه او نايت كلاب زى ما بيقولو .
لم ينطق من صدمته ، فهذا آخر مكان يمكن أن يتوقع أن تسكن به ، بل لم يخطر بباله ذلك من الأساس .
انتظرت أن يرد عليها و لكن لم ترى منه إلا علامات الصدمة و الذهول بادية على وجهه بوضوح فأكملت : ـــ قبل ما دماغك تروح لبعيد ممكن تسمع حكايتى ؟!
أومأ لها بالموافقة دون أن ينطق و مازال الوجوم يكسو ملامحه المذهولة، فاسترسلت حديثها :
أنا زى ما قولت لحضرتك قبل كدا إن أنا يتيمة ، مشفتش أبويا و لا أعرف شكله إيه لأنه مات و أنا عندى سنتين ، و بعدها أمى ماتت بالمرض الخبيث و أنا عندى خمس سنين ، و سابتنى عند واحدة صاحبتها تربينى عشان أمى مكانش ليها حد و معرفش ليها عيلة و لا قرايب ، و الست إللى ربتنى دى تبقى صاحبة الكباريه ، بس هى طلعت ست كويسة و علمتنى لحد ما خدت الدبلوم ، و كانت قافلة عليا عشان مختلطش بزباين الكباريه و لا حد يطمع فيا ، كانت علطول تقولى انتى أمانة و أنا لازم أحافظ عليكى و …
قاطعها قاطبا جبينه بترقب :
ـــ اومال قولتيلى أن معندكيش حد يصرف عليكى ليه ؟
أجابته بكذب :
ـــ أنا قولتلك كدا عشان عايزة أكمل حياتى بفلوس حلال ، ما اكيد حضرتك عارف ان فلوسها حرام، فأنا قولت مش كفاية إنى مبصليش و معرفش حاجة عن دينى !! كمان هعيش ع الحرام طول عمرى ؟! .. فروحت دورت على شغل ف أماكن كتير ، و كل إللى يسأل عليا و يعرف انى عايشة ف كباريه ، يفتكر إنى شمال و يخاف على سمعته و يطردنى ، لحد ما ربنا عطرنى فيك ، آدى كل الحكاية يا بيه ، و إللى حضرتك تعمله أنا مش هلومك عليه ، عندك حق ف أى ظن تظنه فيا ، ما واحدة متربية و عايشة ف كباريه هتطلع ايه يعنى ؟! .. بس أقسملك انى ماليش دعوة بشغل الكباريه خالص و لا عمرى قعدت مع زبون و لا اديت لحد فرصة يبصلى حتى ، سبحان الله يا بيه ربنا كان و مازال محافظ عليا . . . قالت عبارتها الأخيرة بصدق بالغ ، فهذه حقيقة ، حفظها الله من شر الذئاب البشرية ، فربما ينصلح حالها يوما و تصبح إنسانة صالحة قريبة إلى الله .
سكتت زينة عن الكلام و كذلك يوسف طال صمته حتى ظنت أنها مطرودة لا محالة ، بينما هو كان يحلل كل كلمة نطقت بها ، فأحيانا يشفق عليها و أحيانا يظن بها الظنون ، تارة ينظر لها بتمعن ربما يستشف منها الصدق و تارة ينظر فى الفراغ و تارة أخرى ينظر إلى كفيه المتشابكين ، فلابد أن يأخذ قراره بشأنها الآن .
أحست زينة من طول مدة صمته أنه لم يصدقها ، فانتابها شعور بخيبة الأمل ليس لأنها فشلت فى مهمتها، و لكن لانها فقدت ثقته و بالطبع سيرفض بقائها فى الشركة خوفا على سمعته ، و أكثر ما يؤلمها أنها لن تنعم برؤيته و لا بعطفه عليها بعد الآن، لذلك آثرت أن تترك هى المكان قبل أن يقوم هو بطردها و هى لن تتحمل منه ذلك ، فنهضت من المقعد و سارت باتجاه الباب و لكنه صاح بها بحدة قائلا :
ـــ استنى عندك ..
استدارت و نظرت له بإنكسار فصاح بها بحدة :
ـــ رايحة فين ؟ أنا سمحتلك تمشى ؟
أجابت بنبرة حزينة متألمة :
ـــ أنا مش هستنى لما تطردنى .. أنا همشى بكرامتى أحسن .
قام من مقعده و وقف قبالتها مستندا على المكتب و قال لها بنبرة هادئة و لكنها تحمل بعضا من المكر :
ـــ و مين قال إن أنا هطردك ؟!
ثم اقترب منها خطوتين فتفاجأت من اقترابه منها بهذه الطريقة و كست حمرة الخجل وجنتيها ، فأحس بإرتباكها و خجلها فاطمئن قليلا و قلت ظنونه فى إمكانية كونها فتاة ليل ، فتاة الليل لا تحمر خجلا و لكنه أراد أن يمحى جل شكوكه.
رمقها ببرود قاتل قائلا:
ـــ و أنا إيه اللى يضمنلى إن كلامك صحيح و انك مبتكدبيش؟!
تحلت بالثبات الظاهرى مجيبة بجدية زائفة:
ـــ أنا مبكدبش و معنديش ضمانات ممكن أقدمها لحضرتك، عادى أنا ممكن أمشى، ما هى مش أول شغلانة أتطرد منها بسبب الموضوع دا.
أطرق رأسه ملياً يفكر ثم طالعها بجدية:
ـــ بصى يا زينة.. أنا هصدقك و هتعامل معاكى بحسن نية، و ف الأول و الآخر أنا ليا الظاهر، أما الباطن بقى دى حاجة بينك و بين ربنا هو اللى هيحاسبك عليها، أهم حاجة تبقى ملتزمة ف الشركة.
ألقى بكلماته ثم رمقها ببرود مستفز يراقب انفعالاتها، فوجدها زائغة العينين فى اللاشيئ، أردف بترقب لرد فعلها:
ـــ بس دا ميمنعش بردو إنى هتأكد بطريقتى من الكلام اللى قولتيه.
جف حلقها من وقع العبارة الأخيرة و ازدرت لعابها بصعوبة و لكنها تظاهرت باللامبالاة و أردفت بثبات زائف:
ـــ حقك يا مستر يوسف طبعا.
لاحظ وجومها فظن أنه جرحها بكلامه فأردف بجدية: ـــ زينة افهمى… موظفة عندى شغلها كله ف مكتبى و مسموح لها تدخل و تخرج من المكتب ف أى وقت سواء موجود او لأ، و جاية تقولى انا عايشة و متربية ف ف.. عف لسانه ان ينطق هذه الكلمة ففهمته زينة و أكملت بدلا عنه بوجه متجهم:
ـــ فى كباريه.
رمقها بضيق لوهلة ثم أكمل بحدة:
فى زفت… حطى نفسك مكانى..
تظاهرت بعدم الاهتمام:
ـــ براحتك يا مستر يوسف، كتر خيرك إنك وافقت أكمل شغلى رغم اللى عرفته عنى، و من حق حضرتك طبعا تسأل عليا و على سمعتى و سلوكى.
أجابها بارتياح نوعا ما:
ـــ أتمنى تكونى اقتنعتى بوجهة نظرى، شغلى علمنى مآمنش لحد بسهولة.
يتبع……