Uncategorized

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الرابع بقلم بتول علي

 رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الرابع بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الرابع بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الرابع بقلم بتول علي

عادت “فريدة” إلى منزلها وجمعت أغراضها وأخذت ابنتها واستقلت سيارتها وهي تجاهد حتى لا تسقط دموعها أمام “زينة” التي كانت تنظر لها بملامح واجمة وكأنها تعرف بما حدث لوالدتها.
ربتت “زينة” على كفها وكأنها تقول لها ابكي وخففي من ألم قلبك وهي كانت أكثر من مرحبة بهذا الأمر فقد ارتفع نحيبها على عمرها وشبابها الذي ضاع برفقة شخص خائن لا يمت للرجولة بصلة.
قلبها يتألم بشدة فقد تجاوزت خياناته المتكررة حتى ظنت أنها اعتادت عليها ولكنها مخطئة فمهما حدث لا يمكن لامرأة أن تحتمل رؤية زوجها برفقة امرأة أخرى غيرها حتى وإن كانت تكرهه ولا تطيقه.
تذكرت عندما طلب منها قبل بضعة أيام أن تسامحه وتعطيه فرصة أخرى فقد ظنت حينيها أنه صادق في حديثه ونادم على كل شيء فعله بها في الماضي وكانت تفكر بالفعل في إعطائه فرصة ليكفر عن أخطائه في حقها.
زوجها برع حقا في الكذب والتظاهر بأنه نادم ولكنه في الحقيقة كان يستمر في خيانتها ظنا منه أنها ستبقى معه ولن ترحل وهكذا مضت الأيام يخونها ويكسر قلبها ويجعلها تلعن اليوم الذي عشقته به.
أزاحت تلك الدموع العالقة بين أهدابها وهي تقسم بأن كل شيء قد انتهى فقد أتى أخيرا اليوم الذي انتفض فيه قلبها وطلب منها الهجران وألا تظل تلك المرأة الساذجة التي لا تتحلى بالكرامة.
ستستمع تلك المرة إلى نداء عقلها الذي يخبرها أن هشام لا يستحق أن تبقى بجواره أكثر من ذلك وأنه يجب أن يكتفي قلبها من النبض لأجله.
وأخيرا قررت أن ترحل بعيدا عنه وعن حياته التي لم ترَ بها سوى البؤس والأسى.
وصلت إلى بيت شقيقها وأخرجت المفتاح من حقيبتها بعدما دقت الباب أكثر من مرة وتأكدت أن فارس غير متواجد الآن في المنزل … جرت حقيبتها خلفها وهي تحمل ابنتها النائمة وصعدت بها إلى الغرفة ووضعتها في الفراش ودثرتها جيدا ثم أغلقت الأضواء وخرجت من الحجرة.
هبطت الدرج وجلست على الأريكة وأجهشت بالبكاء المرير عندما تذكرت هيئة تلك المرأة وهي تفتح لها باب الشقة.
حزمت أمرها في النهاية وقررت أن لا يوجد داعي لتؤجل الأمر فقد حان الوقت للحفاظ على ما تبقى من كرامتها … أمسكت هاتفها ونقرت على شاشته عدة نقرات قبل أن تضعه على أذنها في انتظار الطرف الأخر حتى يجيب.
-“أهلا سيدة فريدة كيف حالك؟ لم تتصلي بي منذ زمن طويل”.
-“اسمعي جيدا ما سأقوله لك شيماء … أريد أن ترفعي لي دعوى خلع ضد زوجي وبأسرع وقت ممكن … لا أريد لهذا الأمر أن يستمر لفترة طويلة لأنني متشوقة جدا للحصول على حريتي والتحرر من قيوده”.
هتفت بها فريدة بحزم لتسألها شيماء بتوجس:
-“هل أنتِ متأكدة من أنك تريدين حقا الانفصال عن زوجك؟”
أجابتها فريدة بثقة:
-“أجل … لأول مرة أشعر بأني أقوم بالشيء الصحيح”.
سمعت صوت طرقات مزعجة على الباب ولكنها لم تهتم وتركت الطارق بالخارج لأنها تعلم جيدا أنه هشام زوجها الحقير والخائن.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
اجتمع المارة حول سيارة “عمر” وحضرت سيارة الاسعاف على الفور بعدما اتصل بهم أحد الرجال ونقلوا “عمر” إلى المستشفى وهو في حالة حرجة.
أسرع أحد الرجال وأمسك بهاتف عمر الذي صدع رنينه وأجاب على الفور لتتغضن ملامحه بانزعاج واضح وهو يستمع إلى ثرثرة تلك الفتاة التي تشبه الطنين المزعج وأيضا لا تختلف كثيرا عن صوت البغبغوات.
-“أين أنت عمر؟ إذا لم تأتِ الآن كما وعدتني سأنفذ تهديدي وأرتدي الأسود في الحفل”.
نطقت “أمنية” هذه العبارات بتوعد وظلت تصيح كثيرا بعبارات غاضبة وحانقة مما جعل الرجل يهتف بضيق وحدة:
-“أنا لست ذلك المسكين الذي لا أدري كيف يحتمل وجود امرأة مثلك في حياته”.
برقت عينيها بغضب وصرخت بغيظ:
-“من أنت أيها المتعجرف وأين ذهب عمر؟”
-“في المستشفى فقد انقلبت به السيارة وهو في حالة حرجة … سأرسل لكِ العنوان”.
أرسل لها التفاصيل كافة وأنهى المكالمة وهو يتنهد بارتياح وتمتم بشفقة:
-“أعتقد بأن عمر هذا سينال الجنة في النهاية لأنه تحمل وصبر على تلك المرأة التي لا تطاق أبدا”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
لكمة قوية … هي كل ما حصل عليها هشام من فارس بعدما عاد إلى المنزل ووجد زوج شقيقته يطرق بقوة على الباب وفريدة تصرخ به أن يرحل ولا يدعها تراه مرة أخرى …. استطاع فارس التحكم في غضبه عندما أخبرته شقيقته بكل شيء بعدما هدأت ثورتها.
رمق فارس هشام باشمئزاز وهو يهتف بفحيح مرعب:
-“اخرج من منزلي وطلقها بهدوء إن كنت تمتلك ذرة من الكرامة وإلا أقسم لك أني سأجعلك تندم كثيرا على خيانتك لها”.
زفر هشام بحنق وهو يزيل قطرات الدماء التي خرجت من فمه قبل أن يحاول تبرير موقفه:
-“هذه ليست خيانة فتلك المرأة تكون زوجتي ويجب أن تتقبل فريدة هذا الأمر … أنا يحق لي في النهاية أن أتزوج مثنى وثلاث ورباع”.
صرخت فريدة بعنف وكادت تهجم عليه ولكن منعتها يد فارس التي أمسكت بها بقوة:
-“أنت لا تعرف في الدين والشرع سوى أنه يحق لك الزواج بأكثر من امرأة … أنا لم أرك تصلي أبدا وتقرأ القرآن طوال فترة زواجنا التعيسة”.
أجلسها فارس عنوة على الأريكة وتنهد وهو يمسح صفحة وجهه:
-“معك حق … يمكنك الزواج كما تريد ولكن أحب أن أذكرك بأنه يجب أن تعلم زوجتك بالأمر قبل أن تقدم عليه وتتقبله وإلا فأنت ملزم بأن تفعل لها ما تريده وهو إما أن تتراجع عن قرارك أو تطلقها وتعطيها جميع مستحقاتها”.
بعد كثير من المشاحنات بينهما اضطر هشام للمغادرة بعدما تأكد أنه لا يوجد أمامه فرصة للتحدث معها فهي غاضبة جدا ولن تستمع له ولكنه قرر العودة في وقت لاحق حتى يقنعها بالعودة معه إلى المنزل.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
-“كاميليا حبيبتي وابنتي الغالية … كنت أتمنى أن أبقى بجوارك ولكن الأمر ليس بيدي فهذه مشيئة الله التي لا يمكننا الاعتراض عليها … أتمنى أن تسامحيني لأني زوجتك لمراد دون أن أهتم برأيك فأنا فعلت ذلك لأنه الوحيد الذي سيعتني بكِ ويتولى حمايتكِ من بعدي وسيقف في وجه كل من يحاول أن يلحق الأذى بكِ لأنه قادر على ذلك”.
لمعت عينيها بحزن وهي تتذكر كلمات والدها وهو يحتضر … رحل وتركها وحيدة وسط غابة مليئة بالذئاب البشرية التي تريد أن تستحوذ على كل شيء لها فأعمامها كانوا يريدون أن يأكلوا حقها ويأخذوا ميراثها لولا تصدي مراد لهم.
مرت السنوات وتعرض مراد لحادثة أودت بحياته وأثبتت تحريات الشرطة أنه لا يوجد شبهة جنائية في الأمر ولكنها تعلم جيدا أن أعمامها وراء مقتل مراد.
عادوا لمضايقتها وحاولوا إجبارها على الزواج من “جابر” ابن عمها الأكبر ولكنها رفضت وتصدت لهم بكل قوتها فهي لم تعد تلك المراهقة الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة.
حاول جابر اختطافها والزواج بها رغما عنها ولكنها استطاعت أن تهرب منه بعدما أوسعته ضربا ولقنته درسا لن ينساه أبدا في حياته.
استغلت “كاميليا” ما حدث واتصلت بالشرطة وبعد صراع دام لعدة أيام انتهي الأمر بتوقيع أعمامها على تعهد بعدم التعرض لها مرة أخرى.
انتهى صراع “كاميليا” بشكل مؤقت مع أعمامها وسافرت إلى القاهرة لتبدأ حياتها من جديد في مجال القانون والمحاماة وقررت أن تنسى ماضيها وتصنع ذكريات جديدة مليئة بالبهجة والسعادة.
تنهدت ووضعت صورة والدها جانبا وزفرت أنفاسها بهدوء تحاول أن تلملم شتات عقلها بعد سلسلة الذكريات التي عصفت به والتي راودتها بعدما أخبرتها صديقتها أن “جابر” يبحث عنها ويريد معرفة عنوانها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
هرع جميع أفراد العائلة إلى المستشفى بعدما أخبرتهم “أمنية” بما جرى مع عمر ، ووقفوا أمام غرفة العمليات ينتظرون خروج الطبيب ليطمئنوا على فلذة كبدهم.
كانت “هنا” تبكي داخل أحضان الجدة التي كانت تقرأ القرآن وتدعو لحفيدها ، أما “أمنية” فكانت تجلس بجوار والديها … ربتت والدتها على يدها وتمتمت بغيظ:
-“ليتني أعرف من هذا الحقود الذي حسد عائلتنا ولا يريدنا أن نفرح بكِ؟”
وضعت يدها على رأسها وهي ترثي فرحة ابنتها الضائعة وأشارت نحو إيمان التي تقف بعيدا عنهم:
-“أؤكد لكِ بأن تلك البومة هي من فعلت ذلك لأنها تغار منكِ ولا تحبك فأنا شعرت في الآونة الأخيرة أنها حزينة لأن عمر ارتبط بكِ وهذا يعني أنها تحبه ولا تريده أن يتزوجكِ”.
استطردت بذعر وهي تضع يدها على فمها:
-“يا إلهي!! هي تتمنى أن يتزوج بها ويترككِ وهذا يعني أنها ذهبت لأحد الدجالين وجعلته يقوم بعمل سفلي يفسد فرحتكِ ويوقف حياتك ويدمرها”.
هتف زوجها بغضب بعدما طفح كيله من تجاوزها في الحديث عن ابنته:
-“اصمتي صفاء ولا تتفوهي بالخزعبلات وإلا أقسم بالله سأطلقكِ بالثلاثة … ابنتي ليست علكة في فمك ولن أسمح لكِ بإهانتها”.
شهقت “صفاء” بقوة وهتفت بانكسار مصطنع:
-“هل وصل الأمر إلى يمين الطلاق يا وليد؟! أنا من ضحيت بكل شيء من أجلك ووافقت على الزواج بك والاعتناء بابنتك اليتيمة والاهتمام بها بعدما توفت والدتها و …”
قاطعها “وليد” بتحذير وهو يرفع سبابته في وجهها غير عابئا بنظرات الحزن في عينيها فهو يعلم جيدا من خلال معاشرته لها طوال خمسة وعشرون عاما أنها تشبه الحية الماكرة التي تفعل المستحيل لتصل في النهاية إلى هدفها:
-“إذا تحدثت أيا منكما مرة أخر بالسوء عن إيمان فلن أمررها لكما”.
أردف بصرامة وهو يوجه حديثه لأمنية:
-“وأنتِ لا تنجرفي كثيرا وراء حديث والدتك وتذكري دوما أن إيمان تكون شقيقتك التي تحبك وتحرص دائما على سعادتك”.
تركهما وتوجه نحو ابنته الكبرى التي تجلس وحدها بعيدا عن الجميع وتنظر إلى باب غرفة العمليات بشرود ووجوم … يمكنها أن تتقبل زواجه من شقيقتها وتكتم مشاعرها في قلبها إلى الأبد ، ولكنها لن تحتمل أبدا أن تفقده كما فقدت والدتها في طفولتها.
أمعن “وليد” النظر إلى ملامحها الساكنة وتأكد أنها تجاهد حتى لا تسقط دموعها أمام الجميع فجلس بجوارها وربت على كتفها بحنو:
-“سيصبح بخير وسيعود لنا لأنه يعلم أننا لا يمكننا العيش من دونه”.
خرج الطبيب من غرفة العمليات وأخبرهم أن حالة عمر مستقرة فتنهدوا جميعا بارتياح.
مر يومين على الحادث الأليم واستفاق عمر أخيرا من سباته فسمح الطبيب لأفراد عائلته بزيارته والاطمئنان عليه … دلف وليد برفقة فارس وفريدة ولحقتهم هنا التي حزنت بشدة عندما رأت وجه عمر المشوه بالكدمات … ركضت نحوه وعانقته بقوة ولكزته بخفة في كتفه:
-“انتبه لنفسك فأنا لا يمكنني العيش من دونك”.
بادلها عمر العناق وهو يربت على وجنتيها:
-“سأظل بجوارك ولن أتخلى عنك أبدا يا صغيرتي الحلوة”.
حمحم فارس وهتف بمزاح وهو ينظر إلى فريدة:
-“يبدو أنه ليس لنا مكان هنا يا شقيقتي فعصافير الغرام تود البقاء بمفردها”.
ألقت “هنا” الوسادة في وجهه وهي تهتف بغضب مصطنع:
-“احترم نفسك وإلا ستندم … إنه شقيقي أيها الوقح”.
ضحك وليد بشدة:
-“اهدئوا قليلا وتوقفوا عن تلك الأفعال الصبيانية”.
دلفت “أمنية” إلى الغرفة وشهقت بقوة عندما رأت الكدمات في وجه عمر … رمقها والدها بغضب فما فعلته جعل عمر يطلب منهم أن يحضروا له مرآة ليرى وجهه.
شعر “عمر” بالغضب عندما رفضوا تنفيذ طلبه فانتشل حقيبة شقيقته عنوة وأخرج المرأة منها واتسعت عيناه بألم عندما رأى التشوهات والأثار التي خلفها الحادث.
اقترب منه وليد وأخبره أنه تحدث مع الطبيب بشأن تلك الكدمات وأكد له أنها ستختفي من وجهه تدريجيا ومع مرور الوقت.
حاول عمر أن يعتدل في جلسته ولكنه لم يستطع تحريك قدميه … صرخ بجنون عندما فشلت جميع محاولاته … دلف الطبيب برفقة الممرضة وجهز إبرة مخدرة وحقن بها عمر بعدما أمسك به وليد وفارس ومنعوه من الحركة.
أجروا العديد من الفحوصات والأشعة وكانت المفاجئة الصادمة في انتظارهم عندما تحدث الطبيب وقال:
-“الحادث كان له أثر بالغ جدا على جسده وهذا ما أظهرته لنا الأشعة التي أجريناها له ويؤسفني أن أخبركم بأنه أصيب بالشلل ولن يستطيع تحريك قدميه”.
وقعت كلمات الطبيب كالصاعقة على أذانهم … عمر أصبح عاجزا ولا يستطيع تحريك قدميه!!
بكت الجدة كثيرا من أجل صغيرها الذي حدث له كل ذلك وهو لا يزال شابا يافعا وأمامه الكثير ليفعله في هذه الحياة.
-“سأخبركم الحقيقة … حالته حرجة ومعقدة جدا ومن الممكن أن يظل هكذا طوال حياته”.
وضعت “هنا” يدها على أذنها حتى لا تستمع إلى المزيد من كلمات الطبيب المحبطة.
-“يا إلهي!! ماذا سيحدث عندما يعرف عمر بالأمر؟”
تمتمت بها “هنا” وسط بكائها الحار ولم تكن حالة إيمان أفضل منها فقد كانت تبكي هي الأخرى في أحضان والدها وقالت:
-“المسكين سيتدمر عندما يدرك حقيقة ما حدث له”.
همست صفاء بالقرب من أذن أمنية حتى لا يسمعها وليد:
-“أنتِ بالطبع لن تقضي بقية حياتك برفقة هذا العاجز أليس كذلك؟”
أجابتها أمنية بتأكيد وموافقة:
-“أجل أمي … أنا لا أزال صغيرة وجميلة وينتظرني مستقبل مشرق في حياتي المهنية ولن أدمر كل شيء وأجلس بجوار عمر أعتني به”.
ابتسمت وهي تتذكر عندما أخبرها فارس بالأمس أن صديقه المخرج يبحث عن وجه جديد لتقديم برنامجه وعلى الرغم من الظروف التي تمر بها العائلة إلا أنها ذهبت لتأدية تجربة الأداء وأعجب بها المخرج كثيرا ووافق على منحها تلك الفرصة الذهبية.
استيقظ عمر بعد ساعتين وتذكر ما حدث معه قبل أن يغفو فحاول تحريك قدمه ولكنه فشل كالمرة السابقة … حاول وليد وفارس تهدئته ولم يخبروه سوى بجزء قليل من حديث الطبيب حتى لا ينهار وتتحطم عزيمته.
وما أصعب شعور العجز الذي اجتاح عمر وجعله ناقم على حياته … شعور أنه لا يمكنه الاعتماد على نفسه في أبسط الأشياء يقتله ويسلب روحه ببطيء ويزداد اليأس بداخله عندما يكثر احتياجه للآخرين.
دلفت “أمنية” إلى غرفته بعدما نهرها والدها لابتعادها عنه في تلك المحنة العصيبة التي يمر بها … ابتسم عمر بسعادة فرؤية وجهها تهون عليه كل شيء.
اقتربت منه وجلست بجواره وتنهدت لتحدثه بجدية:
-“أخبرتني كثيرا أنك تحبني وستفعل المستحيل من أجل سعادتي … أليس كذلك؟”
أومأ برأسه ولم يفهم المغزى من سؤالها إلا عندما تابعت:
-“إذا كنت تحبني كما تقول أخبر أبي أنك لا تريد أن تتزوجني”.
ورغم أنها لاحظت صدمته البادية على وجهه إلا أنها استمرت في حديثها الذي مزق قلبه إلى أشلاء:
-“أنا لا يمكنني الاستمرار هكذا وأنت…”.
قاطعها بصرامة فهو ليس لديه ما هو أغلى من كبريائه وكرامته:
-“فهمت ما تريدين قوله … لا تقلقي سأتحدث مع عمي وأنهي الأمر من جانبي … أتمنى لكِ التوفيق في حياتك يا ابنة عمي”.
ابتلع غصة مؤلمة في حلقه وهتف بتكبرٍ وتعالٍ:
-“والآن إذا سمحتِ اخرجي وأغلقي الباب خلفك لأنني أريد أن أنام وأرتاح قليلاً”.
على الرغم من إهانته المبطنة لها إلا أنها ابتسمت وهي تغادر فقد تخلصت من هذا العبء الثقيل على قلبها … اتصلت بوالدتها وأخبرتها أنها فعلت ما طلبته منها وأنهت كل شيء يربطها بعمر .
يتبع..
لقراءة الفصل الخامس : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى