رواية ثأر الشيطان الفصل الأول 1 بقلم سارة بركات
رواية ثأر الشيطان الجزء الأول
رواية ثأر الشيطان البارت الأول
رواية ثأر الشيطان الحلقة الأولى
طائر يطير بجناحيه القويان بحرية دون قيود، ولكن ضَعُفَت وهلكت تلك الأجنحة من كثرة طيرانه حتى أصبح بلا فائدة.”
ظلام .. مكان يملؤه الظلام على الرغم من وصول ضوء النهار لنوافذه ولكن ذلك أمر طبيعي بالنسبة للسجون .. سجون مظلمة بداخلها مجرمين بعضهم يملك قلبه ظلام دامس والبعض الآخر لم يلمسه الظلام حتى.
كان السجناء يتحركون في صفٍ واحدٍ يتجهون صوب قاعة الطعام كالآلة التي تتحرك دون مشاعر ولكن مايشغل كل سجين منهم هو مايملكه خارج هذا السجن؛ فهناك من ترك عائلته وأطفاله وضحى بنفسه لأجلهم بسبب ضيق الديون، وهناك من سرق، وهناك من قتل و أيضًا هناك من سُجِنَ ظلمًا لإختلاف الأسباب .. ولكن غير كل ذلك كان هناك شيطان قوي مختبئٌ في عرينه، لا يعلم أحدٌ سبب بقاءه في ذلك السجن حتى اليوم.
في غرفة مظلمة ينبعث من نافذتها نور الصباح كان الصوت المسموع بها أصوات أنفاسه الثقيلة، كان يقوم بعمل تمارينه الصباحية القاسية، تمارين تُبرز عضلاته القوية بشدة .. من يراه يتمرن هكذا يعتقد أنه يقوم بتعذيب نفسه، ولكنه مُعتاد على ذلك إنتهى من تمارينه ثم إعتدل وأخذ ثيابه النظيفه وإتجه صوب المرحاض ليستحم ليزيل عن نفسه عناء مافعله بجسده .. قام بتشغيل المياة وإنسابت على جسده بالكامل .. وبعد أن إنتهى إرتدى ثيابه ثم خرج من المرحاض متجهًا نحو مائدة الطعام .. كان هناك شابًا يتحرك بشرود ولم ينتبه للشخص الذي بجانبه والذي إصطدم به بقوة ..
– مش تِفَتَّح يا أعمى؟؟
أردف السجين بغضب ..
– أنا آسف جدًا مانتبهتش.
إقترب منه السجين ولم يقبل إعتذاره وقام بلكمه بقوة وكاد أن يلكمه مرة أخرى ولكن أوقفته يد الشيطان الذي أردف بهدوء.
– ماتمدش إيدك على حد هنا طول مأنا موجود.
– هتعمل إيه يعني؟؟ خوفت أنا.
أردف السجين بسخرية .. أما بالنسبة للشاب فقد أردف بخوف من ذلك السجين ..
– جواد بيه إبعد عنه ده هيأذيك.
إبتسم جواد نصف إبتسامة وهو يرى ذلك السجين قد إتسعت إبتسامته أكثر.
– إسمع كلام الكتكوت الصغير وبطل لعب مع الكبار.
كاد أن يضع السجين يده على ذراع جواد ولكنه أمسكها بقوة وقام بثنيها خلف ظهره في نية منه لكسرها .. شعر الرجل بألم شديد .. وأردف جواد بهدوء مبالغ فيه.
– بكرر كلامي مرة تانية، ماتمدش إيدك على حد طول مأنا موجود.
ثم دفعه على سجينٍ آخر بقوة، وإبتعد ليجلس على مائدة الطعام بجوار ذلك الشاب الذي لُكِمَ منذ قليل.
– شكرًا لحضرتك، أنا آسف إني دخلتك في مشاكلي.
ربت جواد على كتفه بهدوء دون أن يتفوه بكلمة ثم شرع يتناول طعامه، كان السجناء حوله إما بعضهم صامت أو آخرون يضحكون ويدردشون، وأثناء تناوله للطعام شعر بخطوات سريعة خلفة، نظر لصورة معكوسه على الصحن الذي بجانبه وبحركة سريعة منه رفع ذارعه يمسك بها يد الشخص الذي كان يقترب نحوه من الخلف ممسكًا سكينًا كان ينوي بها أن ينهي حياته .. إلتفت للشخص الذي كان يحاول أن يقتله للتو كان ذلك السجين الذي لكم الشاب، حرك جواد رأسه يمينا ويسارًا وقام بخلع ذراعه الذي يحمل السكين، صرخ السجين بألم ولم يكتفِ بذلك بل كسر أصابعه التي تُمسك بالسكين، تألم السجين وكان يحاول أن يبتعد عن ذلك الشيطان ولكن هيهات قام جواد بأخذ السكين من يده ثم غرسها بقدمه بقوة صرخ الرجل بألم شديد أمام أعين كل السجناء ولكن لم يفعل أحدٌ شئ بل كانوا يشاهدون مايحدث في صمت، ثم ضرب وجهه بالطاولة التي أمامه مما جعل السجين يفقد وعيه وضع السجين على كرسي ودفس وجهه بصحن ممتلئ بالطعام ثم عاد يجلس مرة أخرى ليكمل طعامه بهدوء وأيضًا عاد السجناء لإكمال تناولهم للطعام و بعد أن انتهى من تناول طعامه عاد لزنزانته الإنفرادية، أخذ يبحث عن هاتفه لكي يرى شيئًا به ولكنه إنتبه أن هناك إشعارًا على هاتفة برسالة مرسلة إليه من رئيسه بالعمل أو بالأخص الشخص الوحيد الذي وقف بجانبه منذ الصغر ومن يومها وهو عاهد نفسه أن يكون يده اليمنى وأن يبقى بظهره دائما.
“الفترة دي بيجيلي تهديدات يا جواد، حاسس إني اتورطت في مصيبة .. أنا خايف على شمس حاول تطمن عليها في أقرب وقت .. خايف يكون جرالها حاجة من بعد ما اتجوزت من تلات شهور كلمتني فترة وبعد كده أخبارها إنقطعت عني ومن وقتها وهي مباقتش بتظهر ومش عارف أوصلها.”
أغمض عينيه بقوة يحاول أن يأخذ نفسًا عميقًا يهدئ من روعه .. “شمس” صاحبة ذلك الاسم تطارد أحلامه دائما وتخطف أنفاسه أيضًا بمجرد التفكير بها؛ لدرجة أنه قد ابتعد عنها حتى ذهب إلى مكان لا يستطيع أن يصل له أحدٌ فيه بعد أن تزوجت ولكن ها هو القدر يجمعه بها مرة أخرى .. قام بعمل بعض الإتصالات وأصدر بعض الأوامر ثم إرتدى ثيابه ببرود يتجهز لأن يخرج من تلك الزنزانة، خرج منها ثم من السجن بهدوء وثبات فمن يجرؤ أن يمنع الشيطان جواد عن خروجه من السجن دون تصريح؛ فهو مجرد زائر أو شخصٌ مقيمٌ به فكل من في السجن يكن له الإحترام والتقدير .. شيطانٌ يمشي بهدوء مرتديًا حُلته السوداء وتوقف حينما توقفت أمامه سيارة سوداء ضخمة ..
– جواد بيه .. حمدالله على السلامة.
نظر جواد لحارسه الشخصي وهز رأسه ثم ركب سيارته والتي كان ينتظره رجلا يعرفه بداخلها .. قدم له صورةً لفتاة ذات بشرة حنطية ووجهها به نمش وعينيها بلون آشعة الشمس جعلت قلب جواد يدُق كعادته ..
– شمس هانم من وقتها إختفت وده كان آخر ظهور ليها.
الصورة تُظهِر أنها كانت تقضي عطلة صيفية وقعت عينيه على الشخص الذي يحتضنها بقوة والذي يُدعى زوجها ..
– زي ماحضرتك شايف الصورة كانت من شهر العسل و….
قاطع كلماته نظرات جواد الشيطانية وعاد يطالع شمس التي بالصورة مرة أخرى يحرك أصابعه الطويلة والجذابة على وجهها الجميل وظل يطالع إبتسامتها تلك .. تنهد متذكرًا ضحكاتها البريئة واللطيفة والناعمة تلك أيضًا ..
منذ شهورٍ عديدةٍ مضت:
كانت تركض على أدراج القصر بشعرها الكستنائي وتحمل كتبها لأنها على مايبدو أنها متأخرة على جامعتها كالعادة .. ركضت نحو غرفة الطعام وهنا قفزت على قدم والدها الستيني تقوم بإحتضانة بقوة متجاهلة جميع الحرس الموجودين بالقاعة ومن بينهم جواد الذي يقف خلفه بشموخ بقوة ..
– صباح الخير يا بابي.
ضحك بهجت على طفولة إبنته اللطيفة..
– مش كبرنا على الحركات دي ولا ايه يا شموسة؟
ضمته بقوة وهي تنظر في عينيه..
– أنا عمري ما أكبر طول مأنا لاقية الدلع الحلو ده.
ثم إستقامت وإعتدلت وهي تمسك بكتبها ..
– هحتاج امشي أنا بقا عشان متأخرة جدًا.
أردف بهجت بتعجب:
– بالسرعة دي؟؟”
تنهدت وهي تقوم بتعديل ثوبها الأصفر المليء بالورود السوداء:
– متأخرة على الجامعة انت عارف إن النهاردة أول يوم في آخر ترم وأخيرا هتخرج، بس عشان ده أول يوم لازم ألِّم شلتي الفاسدة حواليا كالعادة.
قهقه بهجت من تلقائيتها تلك:
– ماشي يا حبيبتي أنور السواق مستنيكي بره.
قبلته على وجنته قبلة رقيقة وحينما كانت تعتدل تقابلت نظراتها مع جواد الذي ينظر لها ببرود .. ذلك لوح الثلج الذي لا يهتم ولا يبالي لأحد .. دائمًا ما تطلق عليه ذلك اللقب .. ولكنها لم تهتم له وكادت أن تتحرك إلتفتت لوالدها مرة أخرى ..
– أنا هتأخر على فكرة.
– رايحة فين؟
ذلك ما أردف به بهجت بتساؤل وهو يترك طعامه..
– هنزل المول هشتري شوية حاجات مع أصحابي.
– طيب لما تخلصي كلية كلمي جواد يجيلك عشان يبقى معاكم هو والرجالة.
نظرت بضيق نحو جواد الذي يطالعها بهدوء..
– لا بلاش جواد أصحابي بيخافوا منه.
سمع جواد ضحكات مكبوته من الرجال خلفه ولكنهم صمتوا عندما طالعهم بنظرة شيطانية .. وما ضايقها أكثر هو صمته وعدم رده عليها بل رد على والدها..
– أوامرك يا بهجت بيه.
ثم نظر جواد نحو الفراغ لم يعِرها إهتمام.. تضايقت أكثر من إبتسامة والدها تلك..
– بابي لو سمحت، أنا مش عايزاه ييجي.
تنهد بهجت مردفًا بإستسلام:
– ماشي يا شمس .. هشوف أي حد يجيلك.
ابتسمت بسعادة وطالعت جواد بإنتصار .. لم يبالِ لها شعرت بالضيق مرة أخرى ولكنها رحلت لكي لا تفتعل المشاكل، فمزاجها اليوم جيد لا تريد أن تُعكره بسبب جواد، ركبت السيارة وبدأ السائق بالتحرك .. بعد خروجها أردف بهجت بإبتسامة هادئة لجواد وهو يطالعه..
– معلش يا جواد لو طلبت منك تروح معاها، إنت عارف إني مابعرفش أثق في حد غيرك، الكل عارف إنك مش حارس شخصي، أنت دراعي الليمين في كل حاجة .
– أردف جواد بهدوء:
– كلمتك سيف على رقبتي حتى لو هبقى جليس أطفال، طالما دي أوامرك أنا هنفذها.
إبتسم له بهجت بامتنان يتذكر وقوف جواد الدائم بجانبه لقد كان إبنه الذي لم يُنجبه قط، هو طوال حياته تمنى لو يكون لديه إبن ولكن الله رزقه بإبنته الجميلة تلك والتي يحمد الله على وجودها، ولكن تلك العنيدة يصعب التعامل معها حقًا، يخاف عليها كثيرًا، ظل جواد ينظر له بإبتسامة هادئة يراقب ملامح وجهه حتى أردف.
– عايزني أروحلها، صح؟
هز بهجت رأسه وهو يتنهد..
– شمس كل حاجة بالنسبالي ومابعرفش آمِن لحد غيرك في أي حاجة تخصني، روح معاها المول وخد رجالتك معاك.
– أوامرك.
مر بعض الوقت وتوقفت السيارة أمام باب الجامعة، خرجت منها شمس مرفوعة الرأس وعلى وجهها ملامح الغرور والتكبر، دخلت الجامعة وهي تتحدث بالهاتف مع إحدى صديقاتها..
– إنتِ فين؟”
– أنا بالكافيتيريا يا شمس، عم انطرك.
أغلقت الهاتف ثم بدأت بالبحث عن صديقتها والتي تدعى “مرام” سورية الجنسية ويلقبونها ب “روما” .. دخلت الكافيتيريا تبحث عنها حتى وجدتها .. كانت ذات بشرة حنطية وشعر أشقرٍ أجعد قصير وترتدي بنطال جينز وسترة قصيرة دون أكمام .. توقفت شمس عندما رأتها تجلس مع شاب يبدو أنه زميلهم بالجامعة .. إقتربت منهما قليلًا وكان حديثهما على مسمعها.
– إيه، كيف بلشت؟
– كنت بجرب حظي وأهي ضربت معايا.
إنتبهت روما على إقتراب شمس منها ..
– شمس حبيبتي.
إعتدلت روما ووقفت تحتضنها بقوة، وبادلتها شمس بقوة.
– يا الله، أنا كتير اشتقتلك الشهرين ياللي مروا حسيتهم دهر في غيابك رفيقتي.
إبتعدت شمس عنها وإبتسمت بحب:
– وإنتِ كمان وحشتيني أوي يا روما.
ثم صمتت تشير بطرف عينيها للشاب الجالس … تحدثت روما بإستيعاب:
– يا ويلي شو نسيت، هاد ساجد رفيقنا هون بالجامعة بس أنا بعرفه عن طريق الشغل .. ساجد هاي شمس أقرب رفيقه إلي.
إيتسم ساجد وإعتدل وإقترب يصافحها..
– إزيك يا شمس؟، سعيد إني إتعرفت عليكي.
– شكرًا.
ظل يطالعها كثيرًا أما شمس فقد ابتسمت بهدوء لذلك الشاب، شابٌ طويل ذو ملامح رجولية جميلة يبدو عليه بعض الإرهاق ولكن على ماتعتقد أن ذلك بسبب العمل لأن روما ذكرت قبل قليل أنهما يعرفان بعضهما عن طريق العمل .. أبعدت يدها عن يده بهدوء
ثم وجهت حديثها لروما تتهرب من ذلك الشاب الوسيم ..
– يلا نمشي باقي البنات مستنيينا.
تركاه بعد أن ودعاه وعندما خرجتا من كافيتيريا الجامعة بدأت شمس بالتحدث ..
– كنتم بتتكلموا في إيه؟
– كان بيحكي عن بداية شغله بالمجال إللي بشتغل فيه، بس تعرفي إنو شب كتير غني.
– بجد؟
– إيه، مايعرف ليش عم يشتغل وهو مالو محتاج مصاري.
لم تهتم شمس بأن تسأل عن عملهما أو عن حياته الشخصية وظلتا تسيران حتى إقتربا من باب الكلية.
– لَك ماقِلتي، وينُن البنات؟
أردفت بتأفف:
– ياشيخه ماتعوجيش لسإنك كده إتكلمي مصري بتعقديني مابفهمش حاجة منك وبجمع الكلام بالعافية عشان برستيجي مايروحش، إتكلمي معايا مصري أسهل بدل ما أخليكي تريقة الجامعة كلها يا روما في إيه؟
– اخ منك إنتِ ياشمس، أنا مش بعرف أحكي مصري كتير بس حاضر هلغبط بينه وبين السوري كِرمالك .. هلأ فين البنات؟
– داخلين عليهم أهوه.
إقتربتا حيث تقف مجموعة من الفتيات يضحكن بأصواتٍ عالية ولا يهتممن أنهن بالجامعة .. حيوا بعضهن ومن مظهر تجمعهن ذلك كان يبدو أن شمس هي قائدة ذلك الجمع .. إقتربت إحدى الفتيات نحو شمس كانت ترتدي عدسات طبية ومن مظهرها يبدو أنها فتاة من الطبقة المتوسطة.
– شمس، إزيك؟
نظرت لها شمس بإبتسامة هادئة..
– ازيك يا صباح؟ أخبارك إيه؟
قامت صباح بتعديل عدساتها الزجاجية ثم تحدثت بإحراج لأن باقي الفتيات ينظرن لها بسخط، ولكن مايهمها الآن هو أن شمس قامت بالرد عليها وأيضًا مازالت تتذكر إسمها، رائع!..
– أنا الحمدلله بخير، أنا قعدت أتصل بيكِ كتير في الأجازة ماكنتيش بتردي عليا، أتمنى إنك تكوني بخير.
كانت الفتيات حول شمس يسألون أنفسهم الكثير من الأسئلة، كيف تتحدث معها شمس هكذا؟.. كيف أعطتها المجال من الأساس أن تأتي وتقف معهن هكذا؟
– ممكن أكون مانتبهتش للموبايل وقتها، بس شكرًا إنك إفتكرتيني.
كادت أن تتحدث ولكن قاطعتها شمس بتحدثها إلى الفتيات..
– يلا بينا يا بنات نخرج، حاسة الجو بقا يخنق أوي.
– فعلا، عندك حق.
شعرت تلك الفتاة المدعوة بصباح بحزنٍ شديد ثم راقبتهم وهم يخرجون من الجامعة .. أردفت بحزن محدثة نفسها.
– ممكن هي مش قادرة تتكلم فعشان كده هي مشيت.
كانت تبرر لشمس طريقتها تلك ثم دخلت المحاضرة .. أردفت إحدى الفتيات لشمس..
– إنتِ بتطيقي المعاملة إزاي معاها بجد؟
أردفت بلامبالاة:
– بتساعدني في المذاكرة والإمتحأنات.
أردفت أخرى بملل..
– ربنا يعينك على المعاملة مع الأشكال دي.
نظرت شمس لهن جميعًا قليلاً ولكنها لم تُجِبهم .. قضت الفتيات يومهن دون حضور أي محاضرات تُذكر بل قضوه بالكامل في سياراتهن يتحركن بلا هدف .. بمرور الوقت .. على جبلٍ مرتفع قليلًا في مدينة المقطم، كانت شمس تجلس بسيارة روما تنظر بشرود أمامها ولكنها إستفاقت من شرودها ذاك عندما أعطتها روما السيجار التي بيدها ..
– خِديلك دِخان.
حاولت شمس أن تقوم بالتدخين ولكنها سعلت بشدة ..
– صعبة أوي، لا مش قادرة.
– جَرْبِي بس.
دخنت قليلًا ولكن بصعوبة ولم تستطع إكمالها وأعادتها لها مرة أخرى .. حركت روما رأسها يمينًا ويسارًا مردفة بسخرية ..
– فرفورة إنتِ يا شمس.
– ماتعودتش على كده.
– بيصير حبيبتي في يوم.
وأكملت روما تتعاطى الدخان، إلتفت لها شمس تطالعها..
– بتشربوا الحاجات دي إزاي؟ أنا شايفة إن البنات كلها ..*أشارت نحو باقي الفتيات وهن يجلسن بسياراتهن يقمن بالتدخين* … إتعودوا يشربوا الحاجات دي، في حين إن من كام شهر بس كانوا زيي كده.
– مابعرف كيف أحكيلك، بس أنا والبنات كنا عم نتقابل كتير في الأجازة واتعودوا، هو بس الموضوع محتاج جرأة وتعود مش أكتر، بس إنتِ خايفة من والدك .. شو بعملك أنا؟
إعتدلت ثم بدأت التفكير بوالدها ..
– لا مش خايفة منه طبعا، بابي بيحبني ومش بيرفض أي حاجة أنا عايزاها.
– يبقى خَلَص، ليش عم بترفضي؟
– هقولك، أنا بحس إن الحاجات دي مش لينا ..دي للرجالة.
– بتعرفي شمس، أحيأنا بشعر إنك بريئة كتير، وأحيأنا بشعر إنك متلنا هيك ما إلِك أهل يسألوا فيكِ.
كادت أن تتحدث ولكنها إنتبهت لشئ لم تنتبه له قبلًا، أردفت شمس بصراخ وهي تشير لأنفها..
– إنتِ عملتي بيرسينج إمتى؟
– عَاجْبِك؟
– طبعا عاجبني، عملتيه إمتى؟ وإزاي تعمليه من غيري؟ إنتِ عارفة إن كان نفسي فيه من بدري.
– خَلَصْ بنروح سوا وبسويلك واحد.
– إتفقنا.
– إمتى بدنا نروح عالمول؟ كل هاد الوقت عم ننطر إن وقت الجامعة يخلص.
أخذت شمس تطالع هاتفها تنظر للوقت ..
– خلاص قربنا، يلا نتحرك وهما أكيد هيستنوني.
– ليس عم ننطرهم ياشمس؟
– لإن بابي مايعرفش إني مابحضرش محاضرات، فمش عايزاه يزعل لو إكتشف ده، عايزة أخلص الجامعة على خير.
– أنا بحكي إنو ليش عم ننطر رْجال ميشان يحرسونا، نِحْنَ مو أطفال ياشمس.
– دي تعليمات بابي.
تأفأفت روما ولكن شمس إبتسمت بهدوء متذكرة حديث والدها دائمًا بأنه يخاف عليها ولذلك تقوم بتنفيذ تعليماته .. تقصد بعض تعليماته لأنها متهورة قليلًا .. إنتبهت عندما أخرجت روما سيجارًا مختلفة عن التي كانت تتعاطاها قبلًا ..
– تاخدي واحده؟
– لا طبعا.
قهقهت روما وهي تقوم بالتدخين وبدأت بتحريك سيارتها،
ثم بدأت باقي السيارات بمتابعتها .. بعد عدة دقائق وصلت الفتيات للمركز التجاري المقصود .. وأخذت شمس تبحث حولها عن حرس والدها الشخصي .. حتى وجدتهم يقفون بعيدًا .. أشارت لهم بأن يتقدموا ولكنه فتحت عينيها على مصراعيها عندما ظهر جواد أمامها .. تلعثمت عندما رأته..
– جواد.
– شو؟
إلتفتت روما تنظر برعبٍ للوح الثلجي الذي يقترب نحوهن..
– شو هالمصيبة هاد! بَعدُوه عنَّي، رَح يِكشفني .. دِخان السجاير كِلُه مْعَبَى بِتْيَابِي.
إبتعدت روما تقف خلفهن .. ضيق جواد عينيه بشك من حالة تلك الفتاة السورية الخائفة … ثم عاد ينظر لكل الفتيات اللواتي تغيرت ملامحهن أيضًا..
– إنتِ قولتي إنه مش هييجي.
أردفت شمس برجفة خفيفة عندما تقابلت عينيهما بصمت:
– هو فعلا مكنش هييجي، بس بابي شكله غير رأيه من غير مايقولي.
توقف أمامهن بهدوء مريب لبضع ثوانٍ ثم إقترب نحو شمس التي كانت تقف جامِدة .. كانت المسافة بينهما قليلة يطالعها بتركيز ولكنها بدلًا من أن تخاف منه أن يُكشف أمرها رفعت رأسها بغطرسة وغرور تطالعه في المقابل ..
“من يظن نفسه هذا حتى يكون مصدر خوفها؟”
هدأت ملامح جواد ثم أردف:
– هنبدأ من فين؟
أردفت بغرور:
– خليك ورايا وخلاص.
أخذ نفسًا عميقًا يحاول أن يهدِئ من روعه لأن طفلة صغيرة من تقوم بإصدار الأوامر، ثم هز رأسه .. تحركت من أمامه وتحركت خلفها الفتيات وكانت روما تحاول أن تختبئ بينهن ولكن جواد إنتبه لذلك الوشم الموجود على كتفها من الخلف .. كان وشم على هيئة ثٌعبان .. عَقِد جواد حاجبيه وهو يطالع ذلك الوشم.
كانت الفتيات يتمسكن بشمس التي تحاول أن تكبت ضحكاتها ..
– إنتوا بجد خايفين منه؟
– إنتِ مش شايفاه عامل إزاي؟ تحسيه رئيس مافيا.
قهقهت شمس متحدثة بسخرية:
– جواد؟! رئيس مافيا!.. إتكلموا في حاجة منطقية شويه .. قال رئيس مافيا قال.
في الوقت الحالي:
كان جواد يقف أمام مخزن أسلحة يتجهز جيدًا لمهمته التي خرج من السجن لأجلها ثم سيعود لسُباتِه مرة أخرى بعد أن يجدها، كان يقف خلفه مجموعة من الرجال يتجهزون أيضًا وبعد أن إنتهى.
– عنوان المكان وصل يا زعيم.
نظر جواد جيدًا للموقع الذي ينظر إليه .. يبدو أن الوغد يحب المناظر الطبيعية لكي يقوم بإختيار المالديف أنسب مكان للخطف!.. حان الآن إنتهاء وقت شهر العسل.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ثأر الشيطان)