رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل السادس والستون 66 بقلم فاطيما يوسف
رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء السادس والستون
رواية من نبض الوجع عشت غرامي البارت السادس والستون
رواية من نبض الوجع عشت غرامي الحلقة السادسة والستون
حتى لو قلت لك ان انا حامل في الشهر الرابع في ابنك يا عامر ؟
ملامح الدهشة التي ترتسم على محياه آخذة تفاصيل وجهه نحو الذهول، فيفتح عينيه على آخرهما، فاغرا فمه في سكون بسيط عابر، بعد أن استوقفه ذلك الأمر المدهش، بل أن تأثير الدهشة غالبا لا ينتهي سريعاً حتى ردد مندهشاً ثم تبدلت معالمه إلى الحزن لخبرها ذاك :
ــ ياه حامل في الشهر الرابع ومقلتليش لحد دلوك ! ازاي تخبي عني المدة داي كلاتها ياشمس هي دي أمور تتخبى عاد ؟!
أرجعت خصلات شعرها الحريري للخلف بارتباك وهي تنظر جانباً:
ــ غصب عني خبيت عنك ، الحمل ده مكنتش متوقعاه أبداً وعرفته صدفة لما لقيت جسمي بدأ يتغير وبحس بحاجات غريبة وكمان البريود أخرتني شهرين وهي عمرها ما حصلت فجبت اختبار حمل وانصدمت من النتيجة .
سألها على الفور مقاطعاً كلامها:
ــ اه يعني عارفة من شهرين وكبريائك انك متقوليلش المدة دي كلاتها ، وطبعا الهانم خرجت من ورايا كذا مرة علشان تتابع الحمل عند الدكتور أو الدكتورة أيا كان وأني المغفل اللي نايم على ودانه ومراته بقت بتخرج من وراه ولا عاملة لي اعتبار.
أدمعت عينيها فور استماعها لاستفساره وغمغمت بخفوت:
ــ يعني كنت عايزني اعمل ايه !
كنت لسه مجروحة منك وقتها ومكنتش عارفة اذا كنت هتتقبل اللي في بطني ولا لا غصب عني خبيت عنك مش بإرادتي يعني لو ظروفنا طبيعية زينا زي اي اتنين متجوزين كان زمانك عارف دلوقتي كل حاجة .
سألها بهدوء ما قبل العاصفة :
ــ يعني فعلا رحت للدكتور وخرجتي كذا مره من ورايا !
طب ليه ما قلتليش ما احنا كويسين مع بعض بقى لنا اكتر من شهر مش شايفه ان صبرك لحد دلوقتي ملهوش مبرر يا شمس وبجد اتضايقت قوي من انك خبيتي عليا .
حركت رأسها بهوجاء لطريقته ومعالم وجهها بدا عليها الانزعاج :
ــ يعني هو ده كل اللي همك اني خرجت من وراك ما طبيعي اني لازم اروح للدكتور عشان اتاكد من حملي وطبيعي بعد اللي انت عملته فيا وجرحتني اني اخبي عليك واخاف انك تجبرني اني انزله وقلت لك في الوقت ده الجنين اتثبت في بطني وما ينفعش ان انت تجبرني على اني انزله .
اهتز فكه ساخراً ليقول باستفسار مغلف بالسخرية :
ــ هو انت فاكرة اني لما اعرِف انك حامل بعد اللي حصل ما بينا هجبرك ان انت تنزلي ابني اللي في بطنك وتقتليه ! هو للدرجة دي انتِ شايفاني سفاح علشان اعمل اكده !
ولا اني في نظرك ايه بالظبط يا شمس عايز اعرِف فكرتك دلوك عني بعد ما عشنا مع بعض حوالي خمس شهور ؟
اعتلى صدرها صعوداً وهبوطاً من استفساره ولم تعرف بما تجيبه فهي الآن لديها مشاعر متخبطة من خوفها على جنينها ومن حياتهم غير المستقرة ومن الموقف ككل جعلها لم تعرف بما تجيبه ثم ابتلعت أنفاسها بصعوبة وأجابته بما تشعر به بصدق :
ــ مش هكذب عليك اني لسة ما حسيتش بالأمان حتى بعد معاملتك معايا واحتواءك ليا غصب عني دماغي وشيطاني وزوني اني معترفلكش باللي في بطني خوفا عليه وكمان علشان تشوف معاملتي مع زين ومها متغيرتش رغم اني حامل والحمل تاعبني حاجات كتير كنت عايزه أثبتها لك وانا مخبية عنك اني انا زي ما انا ومش هتغير ،
معرفش يا عامر ايه اللي خلاني خبيت المدة دي بالرغم من ان احنا كويسين مع بعض لكن كل ده إحساس بالخوف الأمان اللي انت اديته لي ما كانش كافي انه يعوضني إحساس الخوف لحد دلوقتي .
حزن بشدة من كلامها في عدم أمانها معه إلى الآن رغم تفانيه التام في إسعادها إلا أنها لم تنسى له ذاك الموقف مهما مرت الأيام بينهما ثم قام من مكانه وقرر أن يسحبها الى أحضانه لأول مرة فهو مبتعد عنها تماما وملتزم باتفاقه معها وحتى لم يمس يدها ولكن الآن اقترابهم من بعضهم كي يفهم كل منهم الآخر خطوة لابد من إتمامها ،
كانت متوترة من مجيئه ناحيتها ولم تعرف أتصده أم تتقبله ولكنها ما إن اقترب منها وسحبها برفق إلى أحضانه حتى وجدت نفسها تتمسك به وكأنها الترياق لأحزانها وكأنها أيضاً آخر مرحلة لابد أن يفعلها ذاك العامر لكي تشعر بالأمان معه ، وما إن ضمتها يداه بحنو حتى شعرت بدفئ أحضانه وهو يربت على ظهرها ويمسح على شعرها الناعم صعوداً وهبوطاً ثم ردد بصوته الأجش :
ــ طب دلوك حاسة بإيه يا شمس يا ترى نافرة حضني ولا حاسة بدفاه ؟
ما كان منها إلا أنها شددت من احتضانه وهمست بجانب أذنه بصوتها الرقيق الممتلئ بالشجن وهي تتمسح بأحضانه باحتياج كالقط الوديع :
ــ ياه ما تتصورش كنت محتاجة لحضنك قوي خصوصا بعد ما عرفت اني حامل كنت نفسي ابقى زي أي واحدة أجري على حضنك وابلغك بالخبر ده حتى فرحتي بحاجة زي دي انكـ.ـسرت بسبب اللي بينا والمشاعر اللي كنت حساها من خوف على اللي في بطني .
كم أحس بحماقته الآن حينما جعلها تشعر بمدى الخوف الشديد معه ، لقد فقدت ثقتها به لما فعله معها بصفو نية ولم يعرف حينها أنها ستنـ.ـكسر بتلك الدرجة ،
مازال يربت على أحضانها ويشعرها بأمانه وحنوه حتى طمئنها :
ــ ما تقلقيش على اللي في بطنك ده ابني زي زين ومها بالظبط عمري ما هفرق ما بينهم لأنه حته مني زيهم اني عايزك تثقي فيا شوية يا شمس وتنسي اللي حصل بقى وتردميه وأني أوعدك اني عمري ما هجرحك ولا همسك بكلمة تزعلك تاني .
تنحت قليلاً من أحضانه وهي ترفع مقلتيها اللامعتين بالدموع وتسأله بتلك النبرة التي قطـ.ـعت نياط قلبه من سؤالها :
ــ بجد يا عامر يعني انت هتحب ابني او بنتي مش هتكرفهم علشان جبتهم غصب عنك وانت ما كنتش عايزهم ؟!
احتضن وجهها بين كفاي يديه ليقبلها من عينيها المغشية بدمع الحرمان من عاطفة الأمان:
ــ ياه كد اكده وجعتك يا حبيبتي وأني مدراينش ؟
حقك علي ياشمس ، حقك علي يا ضي عيني .
اعترفت له بما تكنه داخلها من أوجاع وهي ترمش بأهدابها الكثيفة :
ــ كلمة وجع قليلة قووي على اللي انا حسيت بيه وقتها لما طلبت مني الطلب ده ، عارف احساس انك مجرد آداة تريح بيها غيرك وتقيد له صوابعك العشرة شمع وممكن تستحمل انهم يتحـ.ـرقوا حتى علشان تسعد اللي قدامك وهو أول حاجة يطلبها منك بمجرد كلمتين تحس إنك ولـ.ـعت في قلبي كله ،
واسترسلت حديثها وهي تعاتبه بلوم وعينيها تصرخ بوجعها بنظرة أرجفت ذاك القابع بين أضلعه :
ــ حسيت اني هفضل شريدة في الدنيا مليش قيمة ولا لازمة.
قبلها من رأسها قبلة نادمة كي يشعرها بمدى كينوتها له وبأنها أصبحت لديه كل شئ ، أصبحت لديه العالم بما فيه ثم صارحها هو الآخر :
ــ منكرش في البداية اني لما لقيت تعلق زين ومها بيكي قلت كويس هي بتحبهم وهم بيحبوها ما فيهاش حاجة لما نرتبط ببعض وبعدين الحب هيجي بعد اكده لكن من قبل ما اتجوزك والله كل ما بقرب منيكي اكتر كل ما بحس اني متعلق بيكي اكتر لكن خوفي على زين ومها من الحواديت اللي كنت هسمعها زمان إن مرات الاب اللي دايما بتفضل ولادها على ولاد جوزها ومهما كانت طِيبة قلبها إلا إن عاطفة الأمومة بتغلبها وبتخليها تتصرف معاهم بتفرقة والله يا شمس كل دي اللي كان في دماغي مش اني عايزك ما تخلفيش او رافض ان يكون لي عيل منك،
هو اني عمري هكره ابني او بنتي اللي من صلبي معقوله داي ياشمس !
تنهدت بارتياح أخيراً بعد طمئنته لها قولا وفعلا ثم سحبت يداه ووضعتها على بطنها لتخبره بنوع الجنين :
ــ طب سلم على بنوتتنا الحلوة هتبقي أخت لمها وحبيبتها وهما الاتنين هيبقوا اخواتي واصحابي وكل دنيتي وزين هيبقي راجلي بعدك وأماني وسندي.
حرك يده على بطنها بحنو ثم تدلى برأسه مقبلاً بطنها ليهتف بشغف :
ــ حبيبة بابي خليكي حنينة على مامي ومتغلبيهاش علشان هي حتة بسكوتة مش هتوبقى إنتي وبابي عليها يا روحي .
راق له قبلته لجنينها التي تحمله داخل أحشائها لتقول له بحماس:
ــ طب مقلتليش هنسميها ايه نفسي نختار اسم على حرف الميم علشان هي ومها يبقوا نفس الحرف .
فكر هو وهي كثيرا في أسماء متعددة ليهتف أخيراً بعد أن غلبهم كثرة الأسماء:
ــ أخيرا لقيته هسميها ” محبة” اسم جديد وعلى نفس حرف أختها وكمان علشان توبقى رابط المحبة اللي هيجمع ما بيني وبينك يعني اسم على مسمى .
حركت أصبعها أمام شفاها وهي تردد الاسم :
ــ محبة ، محبة ، تصدق رغم ان الاسم تقيل شويه لكن ما حدش سماه خالص قبل كده وانا اقتنعت بيه لاني بحب الاختلاف خلاص توكلنا على الله ونستقر على “محبة عامر”
جذبها لأحضانه مرة أخرى ليهمس بشوق :
ــ طب ايه بقى وأبو محبة ملهوش نصيب من الود والمحبة بزياداكي عاد هجر وبعدين بتي لازم تحس بأبوها وكمان ابوها تعب بقالك اربع شهور يا مؤمنة بَعيدة عن أحضاني واني راجل غلبان ومستحمل وساكت بزياداكي عاد ولا انتي ما اشتقتيش .
خجلت بشدة من مطالبته لها صريحة ولكنها الآن ارتاحت بعد أن أحست حنوه ورد فعله على حملها ثم تمتمت بخجل بجانب أذنه برقة متناهية:
ــ يا هلا والله اشتقنا يا ابو محبة .
توسعت بسمته ورفرف قلبه بانتصار وهو يقول بوله كأنه يطير فوق السحاب ويعانق النصر لقربها اخيراً :
ــ يا قلبي بقي يا قلبي جننتيني ودوختيني وكنت خلاص هطق والصبر جاب صبره معاي ومكنتش عايز اضغط عليكي بس القمرر قالها خلاص ياناس إنه مشتاق لأحضان الحبايب .
تمسكت بعناقه بخجل فهي أولى بدايات العشق لها معه ولم تجرب أيا من مشاعر الاقتراب من رجلها قبل ذلك وهي تفتح له أحضانها وقلبها بكل ترحاب لأن يغدقها بمشاعر الاحتياج لعاصفة اقترابه ليهمس بجانب أذنها بمشاغبة:
ــ الله دي انتي هتمـ.ـوتي عليا بقي ومستكبرة ياشوشو طب كنتي اغمزي لي بس قبل سابق وأني هفهم انك مشتاق يا شمسي .
لكزته بخفة لمشاغبته إياها فاستقبل مداعبتها بصدر رحب وعانقها بلهفة ونهم من شدة جوعه لها وقد قرر أن يسقيها من الشهد أنهاراً كي يعوضها عن كل لحظةاشتاقته ولم يسعفهم الحظ ، وأخيراً وبعد عناء سكنت السندريلا قلب أميرها ليسحبها في رحلة غرامه المتيم بلا رحمة لمشاعرها البدائية ولكنها أحبت لهفته تلك بل وشجعتها .
” وهكذا كان لقاء العامر بشمسه لقاء عانق. السحاب بغرامهم المتيم “
“””””””””””””””””””””””””
بعد مرور ثلاثة أشهر على تلك الأحداث حيث تجلس مها في شرفتها وبجانبها تاج ابنتها تنام على تختها في سبات عميق وبيدها كوبها المفضل ليلاً منذ أن وضعت تحتسي شرابه
حيث كانت تشرب نبات “الحلبة ممزوجاً بأوراق النعناع ” فمن بعد ولادتها تحب أن تحتسيها فهي تشعر بالراحة في أمعائها من ذاك المشروب الساخن ، وبيدها تلك الرواية التي اقتنتها من المكتبة تقرأها بتمعن في حضرة الأنوار الخافتة والملونة على تلك الأرجوحة المريحة التي تحبذ الجلوس عليها دوماً حيث كانت أرضية الشرفة مغطاة بالسجاد الأخضر كما النجيل مع وجود زهريات مختلفة الأشكال ونظيفة للغاية وأيضاً توجد في نفس الشرفة أريكتين على الطراز الأسواني وقد نحت الستائر ذات اللون الفضي من الجلد الثقيل جانباً كي ترى مياه البحر الصافية أمامها ،
و الراديو المفضل بجانبها على إذاعة الشرق الأوسط في برنامج ما يطلبه المستمعون على غنوى “بتونس بيك وانت معايا
وبلاقى فى قربك دنيايا
لما تقرب 00 بتونس بيك
واما بتبعد 00 بتونس بيك
وخيالك 00 بيكون ويايا
وان جه صوتك بيونسنى
وهواك ف البعد بيحرصنى
والشوق يناديلك جوايا
بتمر ساعات فى لقانا
والروح لوجودك عطشانه توحشنى عينيك
وبالاقى الدنيا بقت فاضيه
مع ان الناس رايحه وجايه وانا بحلم بيك
على طول ف خيالى بانديلك
وباقول ياتجيلى ياحاجيلك من غير مواعيد
ويادوبك وف نفس الثانيه
الاقيك قداملى ياعيتيه والايد ف الايد
–
وساعات اتمنى انى اشوفك
او حتى اشوف منك طيفك مع حلم جميل
ومابين لحظه وبين التانيه
اسمع صوتك مالى الدنيا وفى عز الليل
انت اللى بتسعد اوقاتى
وتأثر على كل حياتى اجمل تأثير
ارجوك ماتسبنيش وحديه
وان غبت ولو حتى شويه كلمنى كتير .
كان الجو ممتلئاً بالشاعرية والهدوء النفسي وهي تجلس على الأرجوحة التي تتحرك بها بهدوء يليق بصاحبتها في ردائها البينك الهادئ الذي يكشف عن جسـ.ـدها الأنيق ذو الرائحة العطرية الفرنسية ونسمات البحر العليل تداعب خصلاتها الناعمة فحقاً من يراها يقع في هواها صريعاً من جاذبيتها ورقيها وجمالها وحقاً لقب “أم الزين” يليق بها فهنيئاً لك أيها الجاسر على تلك الحورية التي تسكن عُشك الجميل المغلف بالرومانسية الراقية التي كانت تلك المها تحلم بها كل يوم ،
عاد “جاسر” من عمله للتو متلهفاً لرؤيا ملاكيه الجميلتان فابنته ترث الهدوء والجاذبية كمثل والدتها ومنذ ان جاءت الى الدنيا وهي اخذت قلبه بشده ويتفوق دوما لحملها وان يدور بها في كل مكان وان يضمها الى قلبه دائما كي تحفظ رائحته فهي تبلغ من العمر الآن أربعة أشهر وجسدها اصبح ممتلئ قليلاً وملامحها ظهرت وبدات تحرك شفاها بتلك الكلمة التي يعشقها ” با با با با با ” فقد كانت “مها” تردد تلك الكلمة على مسامعها حتى حفظتها عن ظهر قلب وما إن ترى أبيها حتى تنطق تلك الكلمة وحينها يقتطف وجنتيها وفمها بين فمه ويدغدغها بشدة انبهاراً وسعادة عارمة لتلك الصغيرة النسخة المصغرة من والدتها التي سلبت لُبَّهُ فحقاً تلك المشاعر الجميلة بين الأب وابنته مظهراً من يراه يشعر بالجمال ،
أبدل ملابسه سريعاً حين لمحهم في الشرفة من بعيد فدلف بهدوء كي لا يشعرو به ثم ساقته قدماه إليهم وهو يفتح باب الشرفة بتأني ولكن فوجئ بذاك الجو الذي تجلس فيه زوجته الغنوه التي تسمعها والكتاب الذي تقراه بين يديها ومظهرها الخلاب ومنظر الغروب والهواء الذي يداعب خصلاتها راق له فاقترب منها وهو يغمي عينيها من الخلف :
ــ مين يا ترى اللي جه وهيفسد القعدة الحلوة لصاحب المزاج العالي الرايق ام الزين ؟
نزعت يداه برفق من على عينيها ثم قربتها من فمها وقبلتها بحالمية وهي كانت منسجمة بأجواء الرواية التي كانت تقرأها مما جعلت قلبه يدق بمشاعر الاشتياق لتلك السـ.ـارقة لجميع حواسه بحركاتها تلك وهي تجيبه برقة :
ــ هيكون مين يعني غير الفارس بتاعنا زوجي العزيز هو فيه حدانا اهنه فارس غيره ؟
حاوط رقبتها من الخلف محتضناً إياها برغــ.ـبة ليهتف بانبهار لذاك الجو الرومانسي الجذاب :
ــ يعني ارجع من شغلي ألاقي مراتي حبيبتي قاعدة في بلكونتها على المرجيحة بتاعتها قدام البحر وبإيديها المشروب الساخن وماسكة كتاب بتقرا فيه وبنوتتها نايمة وهادية زيها وريحتها واو تخلي أي راجل يقع في هواها صريع تحت رجليها ويقول لها شبيك لبيك جاسر حبيبك بين ايديكي ،
إيه يا ماما الجو القمر اللي انتِ عاملاه دي ؟
يعني كنت أسمع ان الستات اللي لسه والده جوزها يرجع من الشغل يلاقيها ماسكة النونو عمالة ترضع فيه وشعرها منكوش وريحتها كلها لبن وعلامات الغضب على وشها تحكي حكاوي وصوتها العالي يسمع الجيران ،
اما انت يا بطل الأبطال يا باشا قلبي حاجة مختلفه تماما هدوب اكتر من اكده ايه يا ناس .
ابتسمت برقه تشبهها ثم نامت براسها على يديه التي تحاوط رقبتها من الخلف وهي تتحدث بنعومة :
ــ طب دول مش متعودين على حوارات الامومة ولا يعرِفوا يتعاملوا مع اطفالهم كيف وحاجة جديدة عليهم اما اني واخدة على الحوارات دي وبعرِف اتعامل مع الاطفال كويس جدا ،
دي غير اني حابة الموضوع جدا فعلشانك اكده هتلاقيني بعمله بكل سهولة وبمارس كل حوارات الأمومة في وقت بسيط جدا فطبيعي تيجي تلاقي المنظر دي اللي هو حاجة عادية يعني انت عارف بحب اهتم بنفسي وبمظهري وببيتي بحب ابقى ست شيك وريحتي حلوة .
تحرك بخطواته البطيئة وجلس بجانبها على الأرجوحة ثم جذبها إلى أحضانه وهو يحاوط كتفها بذراعه وأنفه تشم خصلاتها التي تأثر أنفاسه :
ــ إلا بصحيح يا ام الزين ليه الستات دايما بيكبروا الحاجة على نفسهم يعني ليه ما يحاولوش ينظموا حياتهم زيك اكده ؟
يعني بشوفك انتِ اللي بتهتمي بالبيت وانتِ اللي بتعملي كل حاجة بايديكي وفي نفس الوقت بتقرئي وبتقضي وقت كتير وانت بتمسكي الموبايل بحسك منظمة قوي حياتك لدرجة اني عمري ما شفت حاجة مش في مكانها ولا شفتك انتِ نفسك مش مهتمة بنفسك حتى في عز تعبك،
ليه بقى الستات كلاتها ما تُبقاش زيك اكده ساعتها الكون هيتغير علشان الست الشكاية البكاية على طول بتبقى مرهقة للراجل جدا ؟
استمعت الى استفساره بآذان صاغية وقد اعجبها الحوار وتلك المشكلة التي يتحاورون فيها الآن لتجيبه بنظرة الأنثى :
ــ علشان بكل بساطة صوابعك مش زي بعضها يعني مش كل الستات طبعهم واحد زي برده ما كل الرجالة طبعهم واحد في ست كسولة بطبعها بتحبش تهين نفسها في شغل البيت وهي شايفاه إهانة مع إنه بالعكس نشاط للجسم ومريح للنظر والعين وفي ستات أصلاً تقيلة في عمايلها تلاقيها بتعمل الحاجة بالعافية فدايما هتلاقيها بتشتكي لأنها بتقضي طول اليوم فعلا في عمايل البيت اللي هي ما تاخدش اصلا ساعتين في اليوم كلاته وفي ستات نشيطة جدا وممكن تخترع أي حاجة من الهوا تهلك فيها صحتها على الفاضي وفي ستات زيي اكده كَتيرة هتلاقيها منظمة نفسها وعاملة ساعة لقلبك وساعة لربك ودول اللي هيتقال عنهم خير الأمور الوسط ،
كان هو الآخر منصتاً لإجابتها بإعجاب شديد ليسألها :
ــ تمام دول الستات وتحليلهم طب الرجالة ايه بقى من وجهه نظرك ؟
ضمت شفتيها بقلة حيلة ولكن أجابته بالتفصيل :
ــ في رجالة مش بتحب تلاقي البيت مش مرتب ودايما تدقق على الصغيرة والكبيرة وفي رجالة تلاقيهم بيطنشوا اصلا آخرهم يرجعوا من شغلهم يشربوا قهوتهم ويناموا شويه ويخرجوا بالليل مع اصحابهم ويرجعوا روتين يومي اما في رجالة بقى مهملة للغاية مهملة في المشاعر، مهملة في الاحتواء ،
مهملة في النظر ما عندهاش نظر بمعنى اصح ،
حتى لو مراته قيداله صوابعها العشرة شمع هو برده من نوع اللي مش هيشوف ولا هياخذ باله من الاساس وتيجي مراته تتعب يستنكر عليها تعبها ويقول لها انتِ بتعملي ايه طول النهار ، إنتي بتتدلعي ودول يخلوا الست اللي معاهم تكره نفسها وتلاقيها كل يوم نشاطها يقل عن اليوم اللي قبله بسبب ان ما فيش كلمة حلوة ، وفي رجالة لسانهم حلو لما يشوفوا الست بتعمل اي حاجة يقدر تعبها ويحس بيها ودايماّ يقول لها تسلم ايدك يا ست الكل ربنا يخليك لينا انتِ شايلة هم جبال وتعرف الستات بقى تحب الراجل اللي زي دي وممكن لو تعبانة ما تبينلوش انها تعبانة أصلاً وممكن تهد الدنيا علشان خاطره بمجرد انه جبر خاطرها وقال لها كلمة حلوة .
حرك رأسه للامام وهو متفهم لكل ما قالت بمهارة ليردد مختصراً لإجابتها :
ــ يعني باختصار يا ام الزين لسانك حصانك ان صنته صانك بالنسبة للست والراجل،
يعني الاتنين لو كان لسانهم حلو لبعض والاتنين لو قالوا كلام حلو لبعض المركب هتمشي والاتنين نوعاً ما مش هيحسوا باللعبكة الدايرة في الحياة والمرهقة ليهم هما الاتنين .
ضمت حاجبيها بتفكير لتكمل إجابته :
ــ مش بس الكلمة الحلوة هي اللي هتخلي المركب تمشي لازم حاجتين كمان معاها التقدير من الطرفين ودي نقطة مهمة جداً ،
وغير التقدير الثقة لازم الطرفين يثقوا في بعض جدا جدا لأن الثقة بتدي أمان وطالما الأمان اتوفر توبقى العلاقة مش هتكون مسمومة ولا هتأثر عليها أي عواصف ولا هتهدها أي رياح مهما حصلت اي مشكله في جبل ما يهزوا ريح هيصمد قدام المشكلة لحد ما يخلصوا رسالتهم بقلب مطمن .
لانت ملامحه وشعر براحة اجتاحت روحه لحديث تلك الناعمة الذي وصل لأعماقه وتوغل في روحه ليشيد بعقلها :
ــ ياه يا أم زين ده انتِ مدرسة والله انتِ المفروض تدي دروس للستات يتعاملوا ازاي مع ازواجهم وكمان الرجالة لازم تتعلم تتعامل ازاي مع ستاتها علشان النفس تكون مرتاحة وعلشان كل ام تعرف تربي ولادها زي ما هي ما بتتعامل واكده ميزان الكون هيتظبط .
ابتسمت بسعادة لشكره لها وتحدثت موضحة له :
ــ الحياه ذات نفسها أكبر مدرسة هي اللي بتعلم الإنسان الصح من الغلط وإن ما كانش الإنسان يتعلم من مواقف الغلط اللي عاشها يوبقى هيفضل دايما في دوامة إنه مظلوم وإنه كان المفروض يعيش عيشة احسن من اكده،
فلازم الإنسان يغير من نفسه ويغير من السلبيات اللي هو عايش فيها علشان لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع وما يفكرش ان هو مظلوم الا إذا كان هو اللي ظالم نفسه بنفسه وراضي كمان بالظلم ده ساعتها ما حدش هيقدر ينقذه لأنه هو اللي راضي بوحل نفسه .
تحدث بنبرة صوت فخورة وإطرائية وهو يقبلها من كلتا يديها كي يغدقها بوابل من المشاعر الفياضة لتلك الناعمة الساحرة :
ــ أني محظوظ اه والله محظوظ بيكي وأم الجاسر داعية له قبل ما تموت ،
اني بقي يا بطل هحبك لاااا هعشقك ومبسوط بدنيتي معاكي ، مبسوط ان ربنا رزقني بإنسانة ناعمة قوووي ورقيقة قوووي زيك وغير اكده مدلعاني قووي ، انتِ ازاي جميلة قووي اكده يا ام الزين ؟
تركت يديه واحتضنت وجنتيه وهي تغدقه هي الأخرى بنفس المشاعر:
ــ علشان ابقى عبيطة وهبلة لو معايا راجل زيك وانكد عليه واقرفه في عيشته وما اكونش مهتمة بنفسي ولا ببيتي وعلشان انت احتوتني وحبتني وخلتني اعيش الدنيا على ايديك بعد ما كنت فقدت الأمل اني خلاص يبقى ليا بيت وعيلة بعد ما كنت ضايعة وتايهة أصريت عليا ، حضنتني بدفا، خدتني للحب في غمضة عين ، ازاي بعد دي كلاته مخليش بيتي جنة وحضني ملاذ وسكن واعيشك فيهم !
ابقى اكده مفترية واذا كنت اني جميلة ولساني جميل فدي راجع لصورتك انت وشخصيتك انت اللي زرعتها فيا لأن في الآخر عصبية الست من الراجل وروقان الست من الراجل وعلشان انت جميل شفتني جميلة قوي اكده.
وضع كف يداه علي كف يدها الموضوعة على وجنتيه ثم ربت عليها بحنو وأردف قائلاً بعشق :
ــ من غلاوتك والله مالاقي كلام ويعلم ربنا فوق حبي ليكي بكن لك كل احترام .
وهكذا لقاء الجاسر والمها دوماً لقاء يعانقه الاشتياق واللهفة ،
انتهى كلامهم وبدأ حديث الأعين في تلك اللحظات الحالمة أمام غروب الشمس وظهور النجوم والكواكب يتوسطهم قمر السماء ،
حدثتها عيناه :
ــ ايا سيدة نساء عصرك ايا أسطورة عشقي ايا أمرآة توجتها على قلبي تسألين اي عاشق أنا انا رجل أحبك بلا قيود أنا رجل يعشق نور القمر في عينيك أنا الذي يبحر بين امواج عشقك أنا قلب يعشق قلبك أنا روح تهوى روحك أنا دمعك في عيونك أنا البلسم لجروحك.
وكأنها تفهمت نظرات عينيه ووعتها بشدة فأجابته عيناه بنفس درجة العشق المـ.ـولع بقلبها لذاك الرجل الأعظم الذي أهداه القدر لها :
ــ لأنني أحببتك عادت الألوان إلى الدنيا بعد أن كانت سوداء ورمادية كالأفلام القديمة الصامتة والمهترئة ، أحبك ويشهد لي القمر ونجم الليل ، أتعلم يا عزيزي انك زرعت في قلبي ورد يفوح عطره في بسمتي ويستشعره الآخرين في كلماتي الحالمة وتشهد عليه نجوم السماء والإنس والجن وكل المخلوقات لأنك جنتي !
هل تعلم ان مبسمك عندما تضحك يأخذ قلبي فوالذي أبدعك وسواك انك تغلبت على قلبي اكثر من اللازم رَجُلي لا أريد ان آراك عابساً فالعبوس لا يليق بك وأخيراً أحبك فوق الحب حباً لا بل بغرامك صرت متيمة يارجل.
” أسطورة عشق الجاسر والمها”
«««««««««««»»»»»»»»»»»»»»
كانت فاطمة قد أنهت سنتها الدراسية الثانية بتفوق كالمعتاد فدلف إلي غرفتها أبيها كي يبارك لها على نجاحها بتفوق فابتسمت بدخوله تلقائياً فهي تعشق والدها بشدة ومَن مِن الفتيات لم تعشق والدها منبع الأمان والحنان وكل شيء جميل :
ــ مبروك يا طماطم النجاح في السنة الثانية وربنا يسهل لك وتخلصي الكلية على خير على نفس التقدير حكم ما انا عارفك مدهولة ساعة تروح وساعة تيجي .
ضمت شفتيها للأمام بحزن مصطنع لطريقة مباركة أبيها وهي تعاتبه :
ــ اكده يا ابوي دي المباركة بتاعتك ما اني لو فريدة عمرك ما هتقول لها اكده لكن اني الحيطة المايلة بتاعتكم يعني حتى واني مفرحاك وجايبة تقدير عالي وطالعة من الأوائل على دفعتي هتقول لي مجنونة وساعة تروح وساعة تيجي ماشي يا ابوي .
ربت والدها على ظهرها بحنو وهو يجبر بخاطرها صدقاً :
ــ يوه عليكي يا طماطم دايما قفوشة اكده وحاطة فريدة في مخك يا بتي اني ههزر معاكي وسعي الدماغ الضربة بتاعتك داي عاد بوكي هيحبك اكتر من اي حد في الدنيا دي انتي آخر العنقود السكر المعقود حداي .
ابتسمت بكلمات والدها واقتربت من احضانه وهي تتشبس بهم كالطفل الصغير مردده :
ــ وه يا بوي واني كمان ههزر انت تقول اللي على كيفك وتعمل اللي على كيفك وأي حاجة من لسانك العسل دي هحبها حتى لو كانت شتيمة لطماطم .
ربت أبيها على أحضانها ثم بدأ في الموضوع الذي دخل لأجله من الأساس :
ــ طب في موضوع عايز افاتحك فيه وكنت مستنيكي تخلصي امتحانات واهو ها خلصنا ونجحنا ، شوفي يا بتي في عريس متقدم لك واني بصراحة كنت رافض فكرة الجواز وانتي في الدراسة لكن الواد محترم وابن ناس وكسيب ومتعلم ومتنور زيك اكده وكمان هطمن عليكي وياه لاني عارف اهله زين وكمان احنا بقينا نسايب من ناحية خيتك وبقاله ياجي خمس شهور عيزن على وداني لحد ما زهقت منيه وكماني خلي ابوه يكلمني بدل المره تلاتة واني بصراحة مكسوف منيه ومن كتر التأجيل فقلت اخد رأيك بقى .
تلون وجهها واكتساه اللون الأحمر من شدة خجلها وهي تعلم من المقصود غير ذاك الأشرف والذي بلكته من جميع الأماكن كي لا يهاتفها وتستريح من صداعه وكما انها لن تسمح لنفسها ان تتحدث معه وتنجرف في الكلام دون أي علاقة شرعية تربطهم فهي تربية أبيها ومن رباها أبيها لن تخون ابدا مهما كانت المغريات والكلمات فالأنثى الأبية تخاف ربها بشدة وتحترم ثقة أبيها ولذاك الاحترام الشديد قد تمسك اشرف بها ولن ينزعها من رأسه ابداً مهما طالت المدة فقد مر على زواج اختها اكثر من خمسة أشهر وقد سافر بعد زواجهم ومن وقتها لم يأتي إلى قنا ولم يراها والشوق قد فعل الأفاعيل بقلبه فأصر على أبيه ان يطلب يدها من أبيها مرارا وتكرارا كي يستطيع التحدث معها واي شروط سيوافق عليها ،
فأكمل أبيها :
ــ يبقى اشرف ابن خال فارس جوز اختك ها ايه رايك يا بتي ارد عليهم بايه .
صمتت بخجل ولم تعرف بما تجيبه ولكنها كانت متخبطة حتى مشاعرها تجاهه لم تستطيع تحديدها الى الآن ولكنها تذكرت امر معيدها الذي طلبها للزواج هو الآخر :
ــ بصراحة مش عارفة يا بابا ارد بإيه كمان في معيد معانا في الجامعة طالب يدي وعايز ياجي يقابل حضرتك فأني مش عارفة ومحتارة اوافق بيه وخصوصاً ان هو نفس تعليمي وكمان من بلدي مش هبعد عنيكم فأني محتارة بينهم هم الاتنين لأن فريدة كلمتني عنه لما فارس قال لها على طلبه فسيبني أفكر .
احتار والدها هو الآخر ولكن فكر سريعاً ثم أدلى برأيه لها:
ــ والله يا بنتي دكتورك اللي في الجامعة فرصة كويسة برده ليكي بس في مثل هيقول اللي نعرِفه احسن من اللي ما نعرِفوش يعني احنا عاشرنا الناس دي وعرفنا ابوه وامه وقد ايه ناس متأصلين وطيبين وكمان الواد باين عليه محترم وجدع وبيعتمد على نفسه في مصاريفه وبنى نفسه بنفسه يعني راجل وكمان مستواه في العلام مركزه كويس اما الدكتور بتاعك ما نعرِفش عنيه شيء ولا عن أهله ما انتِ مش هتتجوَزيه وحدَه هتعاشري الناس اللي معاه كمان وان ريحوكي هترتاحي وانت تعبوكي هتتعبي والناس دي اضمنها برقبتي فاني هسيبك تفكري وايا كان قرارك وارتياحك لأي شخص فيهم اني هوافق عليه وبرده مفيش جواز قبل ما تخلصي كليتك .
تنهدت فاطمة بحيرة من أمرها وتركها أبيها وجلست تفكر من منهم ستختاره ليكون زوجاً لها فالاثنين فرصة مناسبة لها ولكن من سيدق القلب لأجله وتنتصر كفته على الآخر !
اما ذاك الأشرف يجلس الآن في حديقة المنزل الخاص بفارس وفريدة فهي لم تأتي بعد من المشفى ويجلس مع فارس يتحدث معه في ذاك الامر الذي أصبح شغله الشاغل بعدما أتى من القاهرة خصيصاً لذاك الموضوع وعلم بنجاحها من فارس ليقول له بمحايلة :
ــ يا عم بقى حرام عليك بقى لي ساعة بتحايل عليك تخليها تيجي بأي حجة هنا عايز أكلمها هموت واشوفها بقى لي خمس شهور ما شفتهاش هو انت ما عندكش قلب .
رفع فارس حاجبه وردد باستنكار :
ــ انت مجنون ياض ابعت لمين تشوفها هو انت مفكرني بقرون ولا ايه انا لا يمكن اخون ثقة ابوها واعمل حركة زي دي ولا يمكن اخلي مراتي تشك فيا بسببك هو انت فاهم ان احنا هنا في الكومباوند ولا ايه احنا في الصعيد !
وانسى اني اخليك تقابلها هنا او اخليك تكلمها من الأساس .
نفخ اشرف بضيق من تشبث ذاك الفارس ليزمجر بحدة :
ــ يوه والله انت ما جدع يا شيخ بقول لك ما شفتهاش بقى لي خمس شهور وعاملة لي بلوك من كل الأماكن ومش عارف أوصل لها بنت الأبالسة وقفلاها عليا مية ونور وانت كمان بتقفلها في وشي يا شيخ حرام عليك انت ما عندكش قلب تحس باخوك اسفوخس على الرجولة هو انا هاكلها يعني .
ضحك فارس لطريقة أشرف وجنونه ثم فـ.ـجَّر قنبـ.ـلته في وجهه :
ــ يا ابني ارسى واهدى كده علشان اللي هقوله لك هيخليك تطب ساكت دلوقتي اهدى بس كده عشان نعرف نفكر .
اهتوى قلب ذاك الأشرف بين قدميه بحق الله من كلمات هذا الفارس فهو قد عشقها حتى النخاع ولم يتصور انها لغيره مهما مر الزمان ليقول بذعر حقيقي فاشرف مشاعره دائما مكشوفة :
ــ في ايه يا عم قنـ.ـبلة ايه لا قدر الله هو انا ناقصك مش كفاية الحيرة اللي انا فيها كمان هتفـ.ـجر بلاوي في وشي قول قول هو انت هيجي من وراك ايه غير وجع القلب وتعب الأعصاب اللي ما بقتش متحمل حاجة خالص من ساعة ما حبيت البت دي .
رفع فارس حاجبه باستنكار للفظه الأخير ليوجهه بإرشاد:
ــ البت دي ! يا ابني ارتقي ستات دلوقتي بقت تحب اللي يقول لها يا حبيبي يا بابا يا باشا يا قلبي مش يقول لها يا بت انت كده هتضيعها منك اكتر ما هي هتضيع على فكره عايز درس في معاملة الأنثى.
زهقت روح ذاك الاشرف وهو يشد في شعره كما المجنون من كلمات ابن خاله وهو يترجاه :
ــ يوه ما تنطق يا عم انت بلاش الطريقه المستفزه بتاعتك دي انا مش ناقص ايه هتضيع مني دي اكتر ما هي ضايعة الكلام على ايه ان شاء الله ؟
تحمحم فارس قبل ان ينزل بكلماته التي جعلت ذاك الاشرف يدور في الحديقة كالمجنون :
ــ أممم .. الباشمهندسة فاطمة على سن ورمح متقدم لها معيد في الجامعة ودايب في دباديبها وكمان طلب منها ان هي تكلم ابوها علشان يجي يطلب ايديها فريدة اختها اللي قالت لي الكلام ده هي مش بتخبي عنها حاجة خالص وطبعا طالما فريدة عارفة يبقى انا لازم اعرف .
معالم الصدمة ارتسمت على وجه اشرف ووجهه تجعد بشدة مما قاله فارس وظل يدور في الحديقة كما المجنون وهو يردد بهوجاء :
ــ يا وكستك يا اشرف يا خيبتك التقيلة يا اشرف البت هتضيع منك متقدم لها الدكتور بتاعها البت هتضيع منك اعمل ايه يا رب دبرني منك لله يا فارس.
لم يستطيع فارس إمساك حاله وانخرط في نوبه ضحك شديده من كلمات اشرف وحين استمع الى كلمته الأخيرة اعترض عليها بشدة بطريقة فكاهية :
ــ طب وانا مالي يا لمبي ! يعني البت تكرفك وتبلكك وما تعبركش وكمان تقول لابوها على المعيد اللي في الجامعة اللي هيموت عليها الظاهر كده وتيجي في الاخر تقول منك لله يا فارس ده انت اللي منك لله يا جدع .
اغتاظ ىشرف من استهزاء فارس به كما رآه فهو الآن في حالة غضب شديد ثم التفت بوجهه ليبحث عن أي شيء يقذفه به فوجد تلك الزجاجة البلاستيكية الممتلئة لنصفها بالمياه فجذبها على الفور وقـ.ـذفها في وجه ذاك الفارس :
ــ يلعن الكفرة على اليهود على ام برودك يا شيخ انت ايه يا جدع مش حاسس بالنار اللي قايده فيا وعمال تهزر بدل ما تحل معايا المشكلة دي الله الوكيل البت دي ما حد هيتجوزها غيري ولا حد هيطولها غيري والمعيد معيد على نفسه مش عليا ،
وظل على حالته تلك يدور حول نفسه وفارس يضحك عليه ولم يستطيع امساك حاله فمظهره للحق يجعل من يراه ينفطر ضحكا ثم جز اشرف على اسنانه وذهب الى المنضده كي يحمل مفاتيحه وهاتفه وهو منتويا ان يذهب اليها وليحدث ما يحدث :
ــ ادي المكان ليك اقعد اضحك مع نفسك يا بارد والله لأردها لك علشان ما رضيتش تقف جنب ابن خالك اللي قعد معاك شهر بحاله يونسك وياخد بحسك قبل فرحك وفي الآخر تسيبني في البلوى السودا المهببة دي انا بقى هروح لها وهشوف الحوار ده ومش ماشي النهاردة من عندهم الا وهي مكتوبة على اسمي واللي يحصل يحصل .
قبل ان يتحرك مسكه فارس من معصمه وهو يحاول تهدئة نوبة الضحك ثم طمئنه :
ــ خلاص بطل جنان فريدة زمانها جايه دلوقتي وهخليها تجيبها معاها وهخليك تقعد معاها جدعنة مني .
اتسعت مقلتيه بسعادة كمن وجد كنز ليردد بلهفة :
ــ بجد يا فارس بجد يا ابن خالي ! طب افرض فريده ما وافقتش !
او البت اللي دماغها ترباس دي ما رضيتش تيجي معاها !
هداه فارس:
ــ يا ابني دي كلها اسئلة اهدى يا عم من ناحية فريدة عيب عليك انت مع مع ابو الفوارس اللي يخلي الحديد يلين وكمان هخليها تجيبها بأي حجة بس مش هنا المشكلة يا صديقي المشكلة في إقناع بطوط بيك وخصوصا بعد كلمة ترباس دي !
لكزه اشرف في كتفه :
ــ يا عم انت الملافظ سعد وبعدين ايه ما توافقش دي هو انا اتعيب ولا ايه لعلمك بقى انا واد شياكه وآلاجة وآخر منجهة ودكتور الجامعه بتاعها ده ما يجيش في شياكتي حاجة .
ضحك فارس وتمتم من بين ضحكاته:
ــ والله اشرف يا ابن خالي انت مسلي موت انا من زمان ما ضحكتش الضحك ده بذمتك في واحد زيك شياكة واناقة يقول كلمة منجهة والاجة !
الكلمة دي يقولها اللي شغال في قهوة مع واحد صاحبه مش واحد متخرج من جامعة امريكية اظبط لسانك عشان الحته ما تضيعش منك يووه خليتني اتكلم بطريقتك يا جدع .
استعجله فارس وهو ينفض عن باله كلماته :
ــ يا عم خلص بقى وسيبك من الحوارات دي كلم مراتك خليها تجيب اختها معاها علشان انا شايط وعلى اخري ومش قادر اصبر اكتر من كده اما حوار طريقه الكلام دي انا حر فيها مش هغير من نفسي عشان خاطر تفاهات .
حرك يا فارس راسه بأسى من جنونه ثم تنحى جانبا وهاتف فريده وقص عليها حاله اشرف وجنونه عندما علم بالدكتور المتقدم لخطبه اختها وطلب منها ان تاتي بها معها ورفضت في الاول ولكنه اقنعها بأنهم يريدون الحلال لا غيره وبالفعل استطاع فارس اقناعها وعاد الى اشرف مصطنعا الأسى :
ــ معلش بقى يا اشرف فريدة رفضت وما قدرتش اقنعها حقك عليا يا كبير .
لم يتحمل أشرف أن يصبر أكثر من ذلك وحمل مفاتيحه وخطى بأقدامه على الفور ولم يستطيع فارس اللحاق به ليعتلي صوته في النداء عليه :
ــ اصبر يا مجنون تعالى بهزر معاك هتجيبها معاها يا عم ولسه باعتة لي رسالة كمان انها وافقت على عزومتها على العشا تعالى يا شيخ ده انت عيل مجنون الله يكون في عونها .
مسح اشرف على راسه بغضب من تلاعب فارس به ليرجع اليه ويتقدم منه لاكماً إياه بقوة في كتفه بلكمة قوية أوجعت فارس :
ــ ده انت عيل ايدك طرش والله لاقومها عليك لما تيجي .
خاف اشرف من تهديد فارس ليجذب راسه مقبلاً إياه في مشهد مضحكاً للغاية وهو يعتذر منه سريعاً:
ــ لا وعلى ايه يا عم الطبيب ادي راسك ابوسها وحقك عليا اهم حاجه دلوقتي اول ما تلمح الجماعة جايين تسحب مراتك وتمرهمها وتخليها تبعد بعيد عننا علشان اعرف استفرد بالبت القوية دي واجيب اخرها ام دماغ ناشفة
وجننت اللي خلفوني معاها .
وافق فارس فهو يريد ان يساعده فاشرف يستحق المساعدة وان يقف بجانبه فهو يمتاز بالشهامة والرجولة وفاطمة لم تجد رجلا مثله يخاف عليه ويحبها بشدة ،
لم يمضي الوقت كثيراً حتى اتت فريدة بصحبة فاطمة وما إن رآها قادمة بطلتها الخاطفة لأنفاسه حتى دق قلبه بشدة بين ضلوعه ولكن كلما تذكر أمر ذاك المعيد كلما شبت النـ.ـيران في ضلوعه وما إن رأته فاطمة من بعيد حتى وقفت وهي تشد شقيقتها جانباً وهي تستنكر فعلتها تلك :
ــ بقى اكده يا فريدة جايباني عشان اقابل ابن خال جوزك وبتضحكي عليا وتقولي عازماني علشان نجاحي هو ينفع اللي هتعمليه دي إنتِ وجوزك ؟
هدئتها فريدة لتقول بتبرير :
ــ ايه الكلام اللي هتقوليه دي عاد يا بت ابوي كل الحكاية ان هو محتاج فرصة ان انتي تسمعيه وبعد اكده ما حدش هيغصبك على حاجة وبعدين اني وياكي ومش هفوتك لحالك هنبقى قاعدين بَعيد عنيكم شوي وبرده اني ما يعدنيش العيب كلمت ابوي واستاذنت منيه اني هخليه يقعد وياكي قعدة تعارف وهو وافق وفي الآخر الرأي رأيك وبعدين مش عايزاكي تقفلي نفوخك اكده وما تُبقيش غشيمة عاد .
خجلت فاطمة بشدة من ذاك اللقاء ثم تمسكت بذراع شقيقتها وهي تستنجد بها :
ــ له اني مكسوفة ما تسيبنيش معاه لحالنا يا فريدة الله يخليكي.
ــ وفاطمة هتتكسف من ميتى يا عالم ! والله ما مصدقة حالي .
ــ يوه هتتريقي عليا عاد يا بت ابوي هفوت لكم المكان كلها وهرجع بيتنا تاني .
جذبتها فريدة من يدها كي يدخلوا وهي تحاول بث الطمأنينة داخلها كي يهدا توترها :
ــ تعالي يا ماما واهدي هو مش هياكلك دي غلبان والله هو اللي هيتخاف عليه منيكي ياقوية يا مفترية انتِ .
انطلقت فريدة وهي تسحبها من يدها والأخرى خجلة بشدة من الموقف وصلوا اليهما وذاك الاشرف نظراتهم متعلقه بها بلوم لم تفهمه فاطمة ثم القتا السلام وبعد قليل سحب فارس فريدة وما إن اختفيا وفاطمة تعلقت أنظارها بهم بخجل حتى اقترب منها ذاك الأشرف هادراً بها :
ــ انتي يابت ازاي تخلي حتة المعيد ده يكلمك وياخد ويدي معاكي ! هو ان غاب القط العب يا فار ، دع سنتك مش هتعدي عليكي يا بطة وهخلي لياليكي كوابيس إنتي وحتة البتاع ده ، وعهد الله يا فاطمة ما هسكت لك عن اللي حصل .
ملامح الدهشة التي ترتسم على محياها آخذة تفاصيل وجهها نحو الذهول، وهي تفتح عينيها على آخرهما، فاغرة فمها في دهشة من كلمات ذاك الغاضب من أين وكيف علم ؟
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية من نبض الوجع عشت غرامي)