رواية فراشة في جزيرة الذهب الفصل الخامس 5 بقلم سوما العربي
رواية فراشة في جزيرة الذهب الجزء الخامس
رواية فراشة في جزيرة الذهب البارت الخامس
رواية فراشة في جزيرة الذهب الحلقة الخامسة
فتح زيدان الباب وهو لا يعلم بماذا سيعلل سبب عودته، لكنه نسى كل شيء تماماً ما أن ولج للداخل و تفاجئ بها تقف بمنامة محددة الجوانب ملفوفة على قوامها بامتياز ساحق.
حورية التي يراها الآن مختلفة تماماً عن حورية التي كانت تمر أمامه في الشارع أو يراها أحياناً مع أخيه.
كان كمن لا يملك من أمره شيء، لا يسعه سوى أن يحملق فيها ولسانه يردد جملة واحدة:
-بسم الله ما شاء الله..بسم الله ما شاء الله.
لقد أكتشف أنها صهباء….رباااااه.
كانت حوريه تمتلك شعر قصير أحمر مموج، وحين تكشف شعرها تصبح كقرص الشمس مضيئة متوهجه خصوصاً وأن كتلة شعرها كلها تقريباً تحاوط وجهها.
كان يهز رأسه ببطء…يشعر أن ما يراه كثير عليه.
يسأل لما لا تأخذها به أي شفقة أو رحمة..فلتراعي حالته …فهو رجل يعتبر متقدم في العمر ويبدو أن النساء قد عزفته تماماً وبقدرة قادر يجد في شقته فتاة صهباء طمعت في الجمال كله والبهاء كله فاقتنصته لنفسها…
وهو يا روحي…. الصدمة أكبر من إستيعابه، لا يعرف كيف يتصرف الأن، خبرته مع النساء صفر.
و وقف ملتصق بالأرض لا يقدر على التحرك ولا يمكنه ولا يسعه زحزحة مقلتاه عنها، جمالها يسبب الشلل، أو يشفي المشلول ..كلاهما سواء.
إنما هي من أتخذت ردت الفعل بعدما تفاجئت بعودته، في البداية وقفت لثواني متيبسة موضعها لكن خجلها منه كان قوي لدرجة نبهت عقلها وصنع در فعل سريع، فهرولت تجاه غرفة النوم تغلق الباب خلفها وتقف مستندة عليه تشعر بالتخبط …
بينما هو ظل على وقفته، وأخذ الأمر أكثر من دقيقة كاملة حتى أستطاع التحرك أخيراً وذهب لأول كرسي قابله جلس عليه يفكر….كل الأفكار التي توادرت لعقله كانت مريبة .
يسأل سؤال وجودي بحت:
– وأنا هعيش معاها في نفس الشقة؟
ضرب على فخذية كمن عجز عن إيجاد حل أو مخرج لمصيبة عويصة سيقع فيها و ردد :
-يانهار أسود يا زيدان… هتعمل ايه ؟
أنتبه سريعاً على صوت جرس الباب، زم شفتيه ورفع يده يمسح بها على وجهه، يتوقع هوية الزائر بالطبع.
ولم يجد بد من أن يقف ليفتح وما أن فعل حتى تحققت كل ظنونه ….. إنها السيدة فوزية جاءت وشقيقتها بزيارة أبنتهم.
و نظرا بإبتسامة يشوبها القلق لزيدان، بالطبع الأوضاع ليست طبيعية، بالأساس كل ما صار ليس بطبيعي .
وحاولت فوزية قطع التوتر فرددت بلطف:
-صباح الخير يا عريس.
ناظرها زيدان بإرتباك… عريس؟! مازال لتلك الكلمة صدى غريب في إذنه، ربما لأنه غير مستصيغ كل ماحدث ولا إلى أين تطور الوضع ولا يعلم ما ينبغي عليه فعله ولا كيف ستسير الأمور.
لكنه أبتسم لها وقال :
-صباح النور…اتفضلوا.
دلفت فوزية وأختها ثم سألت فوزية:
-أمال فين حورية؟
-في أوضتها.
أتسعت إبتسامة فوزية وقد إرتاحت قليلاً… دلفت لغرفتها مع جرس الباب يعني أنها كانت ترتدي مالا يصح أن يراها به أحد ودلفت لتبدل ملابسها.
زاد إرتباك زيدان طردياَ مع إتساع بسمة فوزية، تقريباً فهم عليها ، كانت إبتسامتها مريبة.
فتلجلج في رده وهو يقول:
-أتفضلوا ادخلوا لها انتو مش أغراب.
-تسلم وتعيش ياحبيبي.
قالتها فوزية وتحركت للداخل مع شقيقتها التي كانت في عالم آخر تفكر في همها الكبير.
وخرج زيدان للشرفة يدخن سيجارة بتوتر يحاول جاهداً أن يهدئ أعصابه ليفكر.
أما في غرفة النوم.
دلفت فوزية و شقيقتها “جنات” تنظر لحورية وقد إرتدت عباءة منزلية باللون الأبيض… كانت في غاية الذوق وزادها روعتها المنحنى الذي إلتفت عليه، فقد كانت حورية تمتلك جمال فريد جدا.
تقدمت منها وحاولت التماسك تسأل :
– صباحية مباركه ياحبيبتي.
ناظرتها حورية بصمت تام، تلك الجمله تقال في موافق محددة غير تلك التي عايشتها.
لكنها آثرت التحفظ فزمت شفتيها وقالت:
-الله يبارك فيكي يا ماما.
تطلعت لها فوزية بحيرة لا تعرف هل تهدأ أم تستمر في حلقات القلق التي صاحبتها منذ مساء أمس.
لم تستطع الصمت، إن لم تسألها هي فمن سيسأل، حاولت التحدث:
-يعني إنتي بخير يا حورية؟
-الحمد لله ياماما.
تنهدت فوزية…رد حورية محايد غير شافي فسألت:
-الحمد لله على كل حال بس… يعني أنتو يابنتي عرفتوا تاخدوا على بعض؟
رفعت حورية عيناها لها وقالت بسأم:
-ناخد على بعض؟! مش مصدقه سؤالك بجد.
اقتربت جنات وجلست لجوراها تقول:
-يابنتي ماتريحينا.
رد حورية بصوت حاد وصل لمسامع زيدان الذي وقف في الشرفة القريبة من الغرفة:
-اريحكوا إزاي؟ أنا مش مصدقاكوا بجد؟ مستنيني أقول إيه أصلا؟
جاوبت جنات بإرتباك وحرج:
-إإحنا عارفين إن الحاجات دي خصوصيات وحرمات بس إحنا عايزين نطمن عليكي لو من بعيد لبعيد.
فهتفت حورية بنفس الحدة:
-خالتو… إنتي بتتكلمي في ايه بجد… عايزين إيه يحصل مثلاً ؟ أنا مش عارفه المفروض عليا أعمل إيه ؟ أقف ولا أقعد… أنام جوا ولا برا، ألبس لبس البيت العادي ولا البس مقفل عشان في حد معايا في البيت…. أنا مش عارفه.
صرخت بجملتها الأخيرة فقالت فوزية :
-كلام إيه إلي بتقوليه ده يا بنتي…الحد إلي بتتكلمي عنه ده بقا جوزك على سنة الله ورسوله وقدام الناس كلها.
-هو الجواز عقد ومأذون و شهود وبس…حتى لو قولت أه..حتى لو.
أغضمت عيناها وأخذت تهز رأسها بأسى وعقبت:
-ماحدش فاهمني.. أو فاهمين بس عايزين تعملوا مش فاهمين وإنه عادي.
صمتت كل منهن..حورية تشعر بالضياع وكذلك فوزية ومعهم جنات التي كان همها همان خصوصاً وأن رنا منذ سافرت لم تستطع الاطمئنان عليها و هاتفها مغلق دوماً تسأل هل لا يوجد شبكة إتصال في مكان عملها أم لا…لكن قلب الأم يخبرها أن الأمور ليست على ما يرام.
في الشرفة.
أسبل زيدان عيناه بأسف على حالها وحاله أيضاً، هو أيضاً يسأل نفسه ماذا يفعل وكيف سيتعاملا معاً، وضعهما مربك حقيقي.
سحق سيجاره في سور الشرفة ثم دلف للصالة وجلس بصمت تام متعب .
_________________________
جلست أنچا منكبة على أوراق مالية تخص الحرملك تتابعها بنفسها تسأل إحدى المسؤولات عن أحد البنود وفيما أنفقت.
وبينما هي كذلك دلفت خادمتها مهروله لعندها ثم وقفت بريبة.
تطلعت لها أنچا ومن نظرة واحدة فطنت أن هناك أخبار بحوزتها فأشارت لها أن تقترب لعندها.
بالفعل اقتربت الخادمة ومالت على أذنها توسوس لها بما علمت وكلما تحدثت أستعرت النيران في عينا أنچا بغل تام وهمست:
-هل وصلت الأمور لهنا؟؟ حمام غرفة الملك الخاص؟؟!
لم تكف الخادمة ومالت على أذنها تكمل فتحدثت أنچا من بين أنيابها:
-ماذا؟!! سماها ماذا؟!!
طبقت جفناها بغضب تحاول استدعاء بعض الهدوء، التصرف مع تلك الدخيلة يحتاج لحنكة و تروي و من أهل لكل ذلك أكثر من السيدة أنچا؟
سحبت نفس عميق ثم اشارات لخادمتها أن تنصرف وبدأت هي تفكر بهدوء تام.
في غرفة الملك راموس
رفرفت رنا برموشها تجاهد كي تفتح عيناها، حاولت أن تفعل بسبب تسلط الضوء عليهما.
أنت بوهن:
– أه.
انتبهت أنكي عليها وتقدمت لعندها سريعاً تردد:
– وأخيراً أستيقظتي…
فتحت رنا عيناها لترى بوضوح، تطلعت لسقف العرفة المطلي بالذهب الخالص ومظاهر الثراء التي شملت الغرفة ثم حادت بعينها تنظر لتلك السيدة السوداء.
هنا أيقنت أنها لم تخرج من الكابوس الذي ظنت أنها تعيشه وستفوق منه حتماً ما أن ينتهي نومها.
أغمضت عيناها بأنيهار تام وأخذت تهز رأسها يميناً ويساراً مرددة:
-لأ… لأ.. ماهو لازم يكون كابوس وهيخلص وأنا هفوق منه .. أنا مش هعيش كده.
تقدمت منها السيدة أنكي وسألت:
-ماذا تقولين…لم أفهم عليكي؟
فتحت رنا عيناها تنظر لأنكي… أي كلام سيقال..هي تشعر بالعجز تام… شعور قبيح لا يوصف.
بدأت رنا تتلفت وتنظر حولها بريبة للغرفة اللتي غلب عليها اللون الذهبي، وكيف خرجت من الزنزانة المظلمة المميتة فسألت:
-أين أنا؟ وما الذي حدث؟
-لقد تم نقلك وإخراجك من السجن بعدما فقدتي وعيك و كانت حالتك خطرة تماماً.
– وأين أنا؟
ردت أنكي وكأنها تحسدها على حظها السعيد:
-بغرفة الملك شخصياً.
-ماذا؟ كيف؟
-هو من حملك لهنا و أمر بذلك.
علت أنفاسها حتى تهدجت وبدأت تنظر حولها إلى أن أتى الدور عليها فنظرت على نفسها لتصرخ برعب:
– ملابسي! ماهذه الملابس.. كيف تبدلت ومن بدلها.
أبتسمت أنكي وقالت ببراءة مزيفة:
-الملك… شخصياً أيضاً.
انتفضت رنا من السرير قد جائتها العافية رغم الهزال، فاجعة الخبر نفضتها وهتفت بجنون.
-نعم يا حلاوة؟؟ أنتي أتجننتي…نهار أبوكو أسود.
-رجاءاً تحدثي بلغتي أنا لا أفهم العربية.
-أن شالله عنك مافهمتي ده أنا هسود عيشت إلي جابك ….يا جزيرة مهبوشة يا شوية مجانين.
كل هذا و الملك يقف بأحد الغرف الملحقة بجناحه يكتم ضحكته على رد فعلها الذي فاق توقعاته و أنصت بإنتظار المزيد ممتن لكونه يفهم العربية فلولا ذلك لما استمتع بفهم ما تقول أثناء نوبات جنونها اللذيذ.
فيما تقدمت أنكي منها وقالت في محاولة منها لتهدئتها:
-حاولي أن تهدئي لا تنسي أنك جارية عنده.
نفضت رنا يد تلك السيدة من عليها و صرخت بغيظ:
-أنا فتاة حرة…ولدت حرة وسأموت حرة.. لست جارية لأحد… لما لا تفهموووون؟
-أتعجب كثيراً من أفعالك … فتاة غيرك لو كانت بمكانك لكانت أسعد بني آدم على وجه البسيطة، الملك راموس بنفسه مهتم بكِ كثيراً، أتفعلين هذا بدلا من أن تفرحي و تفكري بذكاء كيف تستغلي الفرصة؟ كل فتيات الجزيرة وأميراتها حتى أميرات الدول الأخرى تتمنى ولو لمحة إهتمام من ملكنا راموس وأنتي تفعلين ذالك يا ميرورا؟؟
جحظت عينا رنا ونظرت لها بريبة تسأل:
-ومن ميرورا أيضا؟
-أنتي..
جاوبت أنكي ببساطه فهتفت رنا بجنون:
-أهلاً… هل جننتي؟ حسناً ..سأتغاضى عن ذلك .. ربما لم تحفظي أسمي بعد ولكن للتذكير.. أنا أدعى رنا…رنا…ردديها خلفي لأختبر الأمر…ها..هيا..ر-ن-ا ..هيا قولي كي لا تنسي
لمعت عينا راموس و مازال على وقفته وهو يتعرف على إسمها لأول مرة وبدأت شفتاه تتحرك دون إرادته يردد حروف أسمها كما طلبت من أنكي، فعل وكأنه يتذوق حلواه المفضلة حين همس (ر..ن..ا- ر..ن..ا-رنا)
سحب نفس عميق يبتسم لكنها إستحالت لضحكة مفاجئة حين سمع ما قالته أنكي:
-لا أنا لم أخطئ أو أنسى..بل هذا هو أسمك الجديد ..لقد سماكي به مولانا الملك راموس.
فجن جنونها وصرخت بوهن:
-أنتو عايزين تجننوني مش كده … حرام عليكم.
تقدمت أنكي تقول ببعض الشفقة:
– أنا لا أعرف العربية ولم أفهم ما تقولين لكن على ما يبدو إنك تعانين مما يحدث… إن أردتي النصيحة، كوني مؤدبة…ومطيعة.. تقربي من الملك وأستغلي إنجذابه لك فهو نادر الحدوث.
تمسكت رنا بكفتي يد أنكي وقالت بتوسل:
-إن كنتي تشعرين بي كما تدعين فأرجوكي ساعديني على الهرب من هنا، سأموت إن عيشت هنا ليوم آخر في هذا الجحيم، وأعدك..أقسم أنني لن أخبر أحد أنك قد ساعدتيني .. لن أذكر أسمك أن فشلت … لكن…أتوسل أليكي وأنا التي لم تتوسل لأحد قط…ساعديني..يبدو إنك سيده جيدة و ستتفهمي وضعي وحالتي…. ساعديني أرجوكي وإلا سأموت هنا حتى أني سأدفن غريبة في بلاد غير بلادي.
لأول مرة تشفق أنكي على أحدهم لكنها تراجعت للخلف ولحظتها خرج الملك من خلف الستار يردد بحدة:
-أمازلتي تريدين الهرب؟ ألم تتعظي مما جرى؟ أم أن التمرد خصلة تجرى في عروقك مجرى الدم ؟
نظرت له بكره وغيظ .. تشعر أنه سجانها وقاتلها فرددت :
-وسأظل أحاول الهرب مادام بي رمش يرف.
أهتزت شفتيه من شدة القهر الذي تذيقه إياه بكل مرة.
هز رأسه يأمر أنكي بترفع أن تغادر ففعلت و بدأ يقترب من سريره يردد:
-من تظنين نفسك؟
زم شفتيه يتصنع التفكير وأردف:
– أنتي مجرد جارية، أنصحك بأن تكوني مطيعه، وأعملي جاهدة على إسعادي، على الأقل لتحللي قيمة المال الذي دفع فيكي.
كان يريد قهرها كما تفعل به دوماً، تغضنت زوايا فمه بإبتسامة جانبية فعلى ما يبدو أنه قد نجح فقد تشنجت كل ملامحها وأظلمت عيناها وقالت:
– مال مين يالا ..ده أنا أشتريك أنت وبلدك.
أخذتها الحمية جداً و بتلك الحالة ما كانت ستعبر عنها أي لغة غير لغتها الأم ، وعبرت عن غضبها لكن ربما تعبيرها قد اتسع وتمد لا بل ترحرح منها كثيراً…تشتريه هو وبلده؟! ربما نسيت أنها أمام ملك جزيرة الذهب وهي حقاً لا تملك أي شيء..
إن الشقة التي تسكنها و والدتها ليست مثلها وإنما هي إيجار قديم، هي لا تملك بالإساس سوى مرتب حديثي التخرج الذي يعد على الأصابع.
كل هذا لم يهمه أو يفكر فيه بل تقدم أكثر يسألها:
-ماذا قولتي؟ (يالا) ؟ أتقصديني أنا بها.
صرخ صوته في آخر جمله لدرجة أنها أنتفضت مرددة:
– هو…هو أنت بتفهم عربي؟
كتف ذراعيه حول صدره ثم جاوب بسخرية:
-شويه شوية يا هببتي.
صرخ بغضب ينادي:
-كاااكاااا
أبتلعت رمقها بصعوبة بالغة، خصوصاً وهي تراه يقترب أكثر وعيناه لا تبشر بالخير فوقفت تردد بأهتزاز:
-ما..ماعلش.. أنت معصب نفسك ليه .. أنا ماكنتش اعرف أنك بتفهم عربي وبعدين أنت هتاخد على كلامي … ده انا بس كانت أخدتني الجلالة مش أكتر… بالله عليك بلاش كاكا.
نظر لها بحاجب مرفوع، يستمع برؤية خوفها وتراجعا، يبدو أنها بحالات، أحياناً شرسة متمردة وأحياناً هرة وديعة.
دلف كاكا بحجمه المبالغ فيه ومنظره الذي يخيف وحده ينحني للملك ثم قال:
-أمر مولاي.
كانت تنظر له بترقب وخوف تنتظر أمره هو الأخر فقال:
-أستدعي الطبيب.
تحرك كاكا ينفذ المطلوب فحاولت التحدث:
-طيب بما إنك طلعت بتفهم عربي، شكلك راجل محترم وهتفهمني، أنا لازم أمشي.. أنا ماليش عيش هنا، عارف ليه؟ هقولك ليه.
تقدمت تشرح له وهو مسمتمع كثيراً يسمعها تقول:
-أنتو باين عليكوا ناس محترمه… أنا لأ… أنا مش وش ذلك… أنا عايزة أروح.
زم شفتيه بضيق ثم حاول التغاضي عما تقوله وتحدث بحلم:
-مازالتي مريضة عودي للفراش حتى يأتي الطبيب ميرورا.
هنا لم تستطع التحمل، هو ببساطة قد ذكرها فهتفت برفض تام وتمرد:
-مين ميرورا دي كمان… أنتو فاكرين نفسكوا مين عشان تجردوني من حريتي ومن إسمي.. مين اللي عطالك الحق ده.
نظر لها بجانب عيناه،ما عاد يتحمل ثم صرخ عالياً من جديد:
-كاااكاااا.
وقفت مكانها بخوف فدلف كاكا منحني:
-أمر مولاي…أستدعيت الطبيب وهو في طريقه لهنا.
ألتف راموس يوليها ظهره فقد ملئت صدره كره وغضب فقال بحده:
-خذها من هنا.
تهلل وجهها وصفقت بكلتا يديها تردد:
-بجد والنبي ؟
نظر لها راموس بجانب عينه وكان فيها من الغضب ما يكفي ثم أمر كاكا:
-خذها من أمامي..لا أريد لمح طرفها أو رؤيتها ..تودع في الحرملك للخدمة هل فهمت.
-أمرك سيدي.
ثم تقدم يسحب معه رنا وراموس يبعد أنظاره عنها ويرفع رأسه بشموخ بينما هي تسير عنوة مع كاكا معترضة .
______________________
في اليونان
جلس محمود بعد جلست تصوير محترفة، يتمدد براحة على أحد الأرائك ثم فتح هاتفه كي تحدث مع حورية ينوي الإطمئنان عليها ليعرف كيف مررت اليوم وهدأت والدتها..كان يعلم أن حورية ستفعل هو دوماً يصفها بالقوة لذا كان متأكد أنها ستتصدى للقصة كلها وستستطيع تأجيل العرس.
لا يعلم لما لا يفهمه أحد.. أنها فرصة العمر وقد واتته اخيراً، الفرح يمكن تأجيله لكن الفرصة التي ستغير حياته كليا و تجعله شاب مشهور ثري لم تتكرر أو تنتظره، الحياة فرصة إما أن تقتنصها أو تظل طوال عمرك تندم،. هو قد فعل وأقتنص الفرصه .
فتح هاتفه كي يتصل بها ولكن فاجئته كثيرة الرسائل المرسلة له على الهاتف كذلك هناك منشورات كثيرة تم ذكره بها.
فتح ليرى وهنا كانت الصدمة………
______________________
في شقة زيدان
كانت فوزية قد غادرت هي وشقيقتها وبقى زيدان بالصالة وحورية بالغرفة تغلق الباب عليها.
لقد مر كل هذا الوقت وهو يفكر إلى أن تشجع اخيراً و وقف يدق عليها الباب.
دقة فأخرى و مع الثالثة فتحت الباب لتظهر بعبائتها البيضاء وحجابها.
همس بضعف داخله:
-يا أللهي…إن ملامحها عن قرب مهلكة.
أبتلع رمقه وضبط حاله ثم قال:
-مش هتاكلي… إنتي من إمبارح ما أكلتيش.
نظرت أرضاً ثم قالت:
-أيوة… وأنت كمان ما أكلتش…ثواني وهسخن الأكل.
تحركت كي تخرج من الغرفة لكنه كان يسد الباب ، رفعت عيناها له ففهم وحمحم بحرج ثم تحرك يفسح لها الطريق .
لكنه نادها وقال:
-حورية.
إلتفت له تسأل:
-أيه؟ متعود تتغدى مع مامتك؟
ضحك بخفة ثم قال:
-لأ أقصد …. إن..بيتهيئلي إننا محتاجين نتكلم مع بعض شوية.
نظرت أرضاً ثم قالت:
-عندك حق.
سحب نفس عميق ثم قال:
تعالي اقعدي الأول.
تقدمت لتجلس بهدوء على الأريكة.
نظر خلفها ثم قال:
-حلوة الكنبة مع لون الحيطة
نظرت لهم ثم أبتسمت ورفعت عيناها له تقول:
-أنت إلي مختارهم.
لمعت عيناه و أتسعت إبتسامته يردد:
– سبحان الله.
سحب نفس عالي من جديد ثم تحدث بتروي تام :
– بصي يا حورية.. لا أنا ولا أنتي محتاجين نشرح لبعض الجوازة دي حصلت إزاي.. بس.. دلوقتي إحنا متجوزين..ولسه إمبارح أكيد مش هينفع يحصل أي أنفصال صح؟
-صح.
-تمام…كده إحنا أتفقنا في نقطة… النقطة التانية … وجودنا هنا في البيت… أنا زي ما شوفتي كده نزلت أفطر تحت أمي قالتلي شطبنا وتقريباً طردتني.
ضحكت حورية فأبتسم أيضاً ثم أكمل:
– والشقة الي فوق مش جاهزة فلو تسمحيلي أفضل هنا هكون شاكر ليكي جداً.
تطلعت له مستغربة، كأنها ترى زيدان لأول مرة ثم همست:
– أنت إلي بتقول كده..دي شقتك أصلا ولا ناسي.
-لا يا بنت الناس… الشقة دي بالعفش والأجهزة وكل حاجة بتاعتك وأنا مجرد ضيف..خلينا نعدي الأيام ونشوف إيه إلي هيحصل إيه رأيك ؟
صمتت بتخبط فأردف:
– أوضة النوم بتاعتك وأنا في أوضة الأطفال.. أنا طول النهار في الشغل ومش برجع غير بالليل ويعتبر ماليش طلبات وباكل كل الأصناف يعني اعملي إلي على مزاجك .
صمتت ترفع عيناها له ..هنالك حديث طويل وكثير داخلها له لكنها ابدا لم تستطع التعبير هي فقط أكتفت بإماءة من رأسها مع ابتسامة شرحت صدره فتنهد براحه ثم قال:
-طيب ممكن نتغدى بقا؟
-حاضر .
ثم وثقت وذهبت للمطبخ وما أن غادرت حتى صدح صوت هاتفه بإتصال من رقم غريب .. ففتح المكالمة ليأتيه صوت أخيه يردد بثورة:
-صباح الخير يا أخويا يا كبير يا محترم… ولا أقول صباحية مباركة للعريس؟؟؟!!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية فراشة في جزيرة الذهب)