روايات

رواية الثلاثة يحبونها الفصل الثامن 8 بقلم شاهندة

رواية الثلاثة يحبونها الفصل الثامن 8 بقلم شاهندة

رواية الثلاثة يحبونها الجزء الثامن

رواية الثلاثة يحبونها البارت الثامن

الثلاثة يحبونها
الثلاثة يحبونها

رواية الثلاثة يحبونها الحلقة الثامنة

وضع يحيى رحمة على السرير ثم جلس بجوارها يمسك يدها يفركها بين يديه، هاله مظهرها الشاحب وشفتيها الزرقاوين ونبض قلبها الضعيف، تحاكى ملامحها ملامح الموتى، ولكن أنفاسها التي تخرج من صدرها هو ماجعله يتنفس بدوره ولو قليلا،.

لقد جزع قلبه حقا خوفا عليها وأنبأه ذلك الشعور الذي يشعر به الآن أنه لن يستطيع التخلى عنها أبدا ولا حتى للموت ليرفع يدها إلى شفتيه يقبلها بقوة وهو يغمض عينيه يتوسل قلبه لها صارخا، بالله عليكى لا تتركينى مجددا، ليترك يدها على الفور وهو يشعر بدلوف روحية إلى الحجرة تمنحه زجاجة العطر الخاصة به لينثر بعض منها على يديه ثم يقربها من أنفها، جعدت رحمة أنفها وبدأت في فتح عينيها الدخانيتين واللتين لطالما أسرتاه بنظراتهما البريئة تلك، زفر بقوة إرتياحا، ليقول لدادة روحية دون أن يحيد بنظراته عن رحمة:.

حضريلها لقمة بسرعة ياروحية.
فتحت رحمة فاهها لتعترض بضعف ولكن إصبع يحيى الذي وضعه على شفتيها كتم إعتراضها خاصة وهو يقول بنبرة حانية أذابت قلبها:
هش، ولا كلمة، هتاكلى وأنا بنفسى اللى هأكلك.

تأملت عيناه بنظرة جعلته أسيرها لثوان، يشعر بإرتعاشة شفتيها تحت إصبعه، إرتعاشة هزته من الأعماق، تجبره على الإقتراب والنهل من شهد شفتيها حد الإرتواء، قبل أن يفيق من هذا الأسر وهذه المشاعر وهو يدرك أنه يقع في سحرها مجددا ليبعد إصبعه عن شفتيها وهو يشيح بوجهه موجها حديثه إلى روحية قائلا في حزم:
مستنية إيه ياروحية؟، بسرعة هاتى الأكل.
أومأت روحية برأسها وهي تقول:
ثوانى يابيه والأكل يكون عندك.

لتسرع بمغادرة المكان بينما عاد يحيى إلى رحمة بنظراته رغما عنه يغرق في سحر تلك العيون التي تبدو في براءة عيون حمل وديع الآن ولكنه يدرك أنها عيون حرباء متلونة، ولكن رغما عنه يغرق فيهما دون إرادة، كالسكير.

كانت شروق تجلس على السرير في حجرتها تتصفح الإنترنت على هاتفها الجوال حين فوجئت بمراد يدلف إلى الحجرة لتترك الهاتف وهي تنهض بسرعة وتتقدم تجاهه وقد هالها مظهره المنهك الحزين، لتحتضنه وتضمه إليها قائلة:
مالك ياحبيبى فيك إيه؟
مرغ مراد وجهه في عنقها وهو يقول بألم:
تعبان ياشروق، تعبان أوي.
زادت من ضمتها إياه وهي تقول بصوت تهدج، تأثرا عليه:
سلامتك من التعب ياقلب شروق، ياريت تعبك يسيبك وييجى جوايا أنا.

إبتعد عن محيط ذراعيها وقد أجزعته كلماتها، لا يريدها أن تصاب بأذى أبدا حتى ولو كان أذى نفسيا، ليضم وجهها بين يديه قائلا بلهفة:
بعد الشر عنك، متقوليش كدة.

أدمعت عيناها وهي ترى لأول مرة لهفته عليها، تدرك أنه بات يكن لها بعض المشاعر حتى وإن لم يعترف بذلك بعد، فلقد كان إتفاقهما عند الزواج أن تمنحه سكينة لا يشعر بها مع زوجته ويمنحها منزلا وزوجا يرعاها بعد أن كادت أن تلقى في الشارع بلا مأوى لها، من قبل عمها الذي قال لها مباشرة أن أولاده هم أحق بتلك اللقمة التي يمنحها إياها، يإست تماما وقد أصبحت دون أهل أو مأوى، مشت في الشوارع حتى بلغ منها اليأس مبلغه لتلقى بنفسها في وسط الطريق تبغى خلاصا من حياة بائسة، ليكبح مراد فرامل سيارته قبل ان يصدمها مباشرة ويهبط منها، يوبخها بشدة لرعونتها، لتنفجر في البكاء فيشفق قلبه عليها، يشعر بوجود مأساة خلف تلك الدموع، ليأخذ بيدها ويطلب منها ان تحكى له مأساتها لتخبره بكل شئ، لا تدرى حتى الآن كيف باحت له بما لم تبح به لمخلوق، صمت طويلا مفكرا ثم عرض عليها العمل معه في الشركة لتوافق على الفور، منحها مبلغ من المال لتبحث عن مسكن قريب، وفى نفس اليوم تقابلت مع صديقتها نهاد وهي في رحلة البحث تلك، لتسكن معها، وتشعر بالحياة وأخيرا تفتح لها ذراعيها من جديد، ومع مرور الأيام فاجئها مراد بعرضه الزواج منها لتفاجئ اكثر بموافقتها التي أرجعتها وقتها لفضله الكبير عليها، ولكنها أدركت بعد الزواج أنها وافقت على عرضه لأنها أحبته من النظرة الأولى، أفاقت من شرودها على يده الحانية والتي امتدت تمسح دموع سقطت على وجهها دون ان تشعر بها، ومراد يقول بعتاب:.

انا مش قلتلك من أول يوم شفتك فيه إن العيون الجميلة دى مش لازم تبكى وأنا موجود.
رفعت يدها تسحب يده إلى شفتيها تقبلها بعشق قائلة:
ربنا يخليك لية يامراد وميحرمنيش منك أبدا.

حركة بسيطة وكلمات أبسط منحاه شعور غريب بالراحة والسكينة، شعور لا تمنحه إياه سوى شروق، تلك الفتاة البسيطة رائعة الجمال، والتي منحته ماعجزت عن أن تمنحه إياه بشرى، منحته حب يظهر في تلك العينين العشبيتين، وفى اهتمامها به وبكل ما يحبه ويرغبه، ومنحته راحة في الإستماع إليه وإلى ما يؤرقه ثم بكلمات بسيطة أو لمسات رقيقة تزيح كل ما يتعب قلبه، تمحيه وكأنه لم يكن، ومنحته ملجأ عندما تضيق به السبل يلجأ إليه واثقا بأنه سيفتح له طاقة من نور تنير طريقه المعتم، إنه حضنها الدافئ ومنزله الذي ملأت أركانه دفئا بدوره، هذا ما تمنحه له شروق، لذا لا يستطيع ان يتخيل يوما حياته دونها، ولكن في المقابل ماذا منحها هو؟

قاطع أفكاره صوتها العذب وهي تقول:
إرتاح شوية على ما أعملك حاجة تاكلها ياحبيبى.
كادت ان تغادر حين أمسك يدها يمنعها من المغادرة ويعيدها إلى مكانها قائلا:
مش جعان، خليكى جنبى وبس، أنا كدة مرتاح، وجودك بس جنبى راحة ياشروق.
نظرت إليه بلهفة قائلة:
بجد يا مراد؟
مال يقبل شفتيها قبلة خفيفة قبل أن يقول هامسا أمام شفتيها:
بجد ياشروق.

ليعود إلى شفتيها ثانية مقبلا إياها قبلة دافئة بادلته إياها على الفور ليتعمق بقبلاته آخذا إياها إلى عالمه التي تعشقه وتشعر بين طياته بعشقه الذي يحمله لها، تدرك أنه لم يعترف به حتى الآن لنفسه ولكنها تشعر به في كل قبلة ولمسة حيا بين نبضاته، وهذا يكفيها، مؤقتا.

قرب يحيى ملعقة الشوربة من فم رحمة لتفتح شفتيها رغما عنها وتشربها، رأي يحيى قطرة من الشوربة إستقرت على شفتيها الجميلتين ليمد يده دون وعي منه ويمسحها بحركة خطفت أنفاسها وأرسلت القشعريرة في سائر جسدها، لتتعلق عيناها بعينيه، تشعر بيحيي يعود كما كان قديما، حنونا محبا، لتزداد حرارة جسدها بشدة وتزداد دقات قلبها وكأنها في سباق وتحمر وجنتاها لتغيم عيناه وهو يرى ملامحها التي إزدادت جمالا، وشفتيها المرتعشتان اللتان تجذبانه لها كما تجذب النار الفراشة، ولكن مع الأسف تلك النار تحرقها بالنهاية، ليكبح جماح نفسه بكل قوة، كادت هي بدورها أن تستسلم لعشقها القديم، كادت أن تلقى بنفسها في أحضانه ليضمها ويبعد عنها احزانها ومخاوفها كالماضى ولكنها قاومت مشاعرها ورغباتها بكل ذرة فيها، تدرك أن هذا هو يحيى من ظن بها السوء رغم أنه هو من رباها على يديه، هو من أنشأها على عشقه فلم ترى غيره ولم يدق قلبها لسواه، هو من تخلى عنها وتركها لأخيه تعانى مرارة الهجر وقسوة الغدر وألما يفوق الإحتمال مع رجل سادي أذاقها كل أنواع الألم الذي تحملته فقط لإنها تؤمن ان لكل ظالم نهاية وأن بعد العسر يسرا كما قال ربها وأكد في قرآنه المجيد.

نهض يحيى قائلا في توتر:
انا هخلى روحية تيجى تأكلك…
قاطعته قائلة:
لو سمحت متتعبهاش، أنا هاكل لوحدى.
نظر إلى ملامحها الهادئة قائلا:
متأكدة؟
أومأت برأسها ليقول مكررا:
هتاكلى يا رحمة، قلة الأكل مش كويسة علشانك.
وكأنه يهتم إن عاشت أو ماتت، لتقول بعصبية:
انا مش طفلة صغيرة على فكرة، ولما أقول هاكل يبقى هاكل، بطل تعاملنى معاملة الأطفال يايحيى، إنت كدة بتخنقنى.
إبتسم بسخرية قائلا:.

الاحسن إنى أعاملك كطفلة، صدقينى، ما هو إنى اعتبرك طفلة صغيرة مش عارفة مصلحتها فين، أحسن كتير من إنى اعتبرك كبيرة وواعية ﻹن تصرفاتك دى لو اعتبرتها من واحدة كبيرة فهتنزلك من عينى أوي يارحمة، وأظن مش ممكن تنزلى أكتر من كدة.

أغروقت عيناها بالدموع ولكنها أطرقت برأسها حتى لايرى دموعها وضعفها، بينما هو شعر بالندم فور نطقه لتلك الكلمات وهو يرى شحوب وجهها ولكنه أدرك أنه أراد بتلك الكلمات ان يثبت لها أنه ليس ضعيفا أمام سحرها كما ظهر منه، وأنها لا تؤثر به بتاتا، أراد ان يوضح لها رأيه فيها حتى لا تنتابها الشكوك حول مشاعره ورغم انه أراد ان يبثها كل ذلك إلا أن إطراقة رأسها ومظهرها الضعيف الآن جعلاه يشعر بالندم على تفوهه بتلك الكلمات الفارغة، يدرك أنه إن تركها الآن فلن تأكل وربما حدث لها شيئا وهو لن يسمح بإصابتها بأي سوء، ليعاود الجلوس بجوارها يمسك بطبق الشوربة مجددا، ويمد يده بالملعقة إليها لترفع وجهها تنظر إليه بدهشة إختلطت بالدموع في مشهد فطر قلبه، لينظر إليها بعيون قرأت فيهم ندمه الذي يحاول أن يخفيه عنها لتسامحه على الفور على كلماته القاسية، لاعنة قلبها الذي يذوب به عشقا، لتفتح فاهها وتشرب، لاتدرى مذاق ما تشربه ولكن كل ما تدركه أن يحيى هو من يذيقها إياه لتستشعره في فمها، رائع المذاق.

كانت بشرى تجوب حجرتها جيئة وذهابا، تشعر بالحقد والغيظ يمزقان كيانها، تبغى الإنتقام ممن كانت السبب في أن يصرخ عليها يحيى لأول مرة في حياتها، لا تدرى ماذا تفعل؟لتتوقف في مكانها ترفع يدها إلى رأسها تفركها في حدة وهي تقول:.

فكرى يابشرى، فكرى، إيه، افكارك الجهنمية راحت فين؟دماغك دى صدت ولا إيه؟أكيد من قلة إستعمالها، بقالك كتير راكناها على الرف، لكن آن الأوان تستخدميها عشان تزيحى العقربة رحمة من طريقك، بس هتظبطيها إزاي بس؟

لتزفر قائلة:
طول ما أنا عايشة في التوتر ده وهي أدامى مش هعرف أفكر وأدبرلها مصيبة تاخدها من وشى، وأخلى الطريق يفضالى بقى، كل اللى هيحصل إنى هتعصب وأغلط وأزعل يحيى منى وبس.
لتلتمع عيناها وهي تقول:.

أيوة، أحسن حاجة أروح لأخو جدى هاشم البلد، أيوة هروح للحاج صالح، هناك هدوء وهعرف أفكر براحتى وبالمرة أجدد علاقتى بيهم، جايز أحتاجلهم في خطتى.
لتبتسم بإنتصار قائلة:
أما إنتى عليكى دماغ يابشرى، ألماس.
لتطلق ضحكة ساخرة، وهي تمنى نفسها بقرب الخلاص نهائيا، من رحمة.

إستيقظ مراد ليجد شروق نائمة في حضنه تضع رأسها على صدره العارى وتحيط خصره بذراعها، تحاوطه وكأنها تخشى ان يبتعد عنها ليبتسم في حنان وهو يمرر يده على خصلات شعرها الحريرية، ثم يرفعها بحذر ويمددها بجواره لتتمطى كقطة وتتمسح به، مال يقبلها على وجنتها بنعومة، يغمض عينيه وهو يستنشق عبيرها الأخاذ، ثم يفتحهما ملقيا على ملامحها الجميلة نظرة أخيرة قبل ان ينهض بحذر، حتى لا يوقظها، فلا طاقة له اليوم برؤية حزنها لرحيله كما يحدث عادة، تظن هي انها إستطاعت ان تواريه عنه ويدركه هو في طيات عينيها الخضراوتين الساحرتين، نافذته التي يستطيع من خلالها رؤية مكنون قلبها، تنهد بحزن، كم ود لو إستطاع ان يبدل قلبه أو يمحى عشق رحمة منه على الاقل كي يستطيع ان يبادلها ذلك العشق الكبير الذي تكنه له، ولكنه للأسف لا يستطيع، رغم انه أدرك مؤخرا حقيقة غابت عنه طوال حياته وهي أن أخاه يعشق رحمة، والمصيبة الأكبر أن رحمة تعشقه بدورها، ظهرت تلك الحقيقة في نظرات رحمة إلى يحيى وكلمات يحيى التي خرجت منه دون إرادة، تلك الحقيقة صدمته وأشعلت كيانه حزنا، فطر قلبه إدراكه أنهم، أولاد عاصم الشناوي، ثلاثتهم أحبوها منذ الصغر، ولكن هي، هي لم تحب سواه، أخاه الأكبر، يحيى، ذلك الذي يحبه كوالد، كأخ أكبر، كقدوة، ورغم أنه وجب عليه ان يتخلص من عشقها الآن بعد إكتشافه ذلك، إلا أنه لا يستطيع، مازال قلبه ينطق بحروف إسمها، مجبرا إياه على التفكير بها، يتساءل ما مصير ذلك العشق الذي يهدم كيانه ويبعده عن كل ما حوله سواها، لينظر إلى شروق النائمة كالملاك متسائلا، وماذنب تلك المسكينة التي تعشقه بكل ذرة في كيانها، وتنتظر يوما يبادلها فيه عشقها؟ليغمض عينيه ألما، فبيده يقبع الحل لكل مشاكله ولكن قلبه يرفض أن يستمع إليه، ليبتعد مغادرا بخطوات ثقيلة، يعلم أنه وحده السبب في عذابه ولكن ما بيده حيلة فالحب في حالته لعنة ولا خلاص منها سوى بالموت، نعم هو الموت، ولا شئ غيره.

دلف مراد إلى حجرته بهدوء يبتهل بكل شدة إل الله ان تكون بشرى نائمة، فلا طاقة لديه اليوم أيضا لمشاجرة جديدة مع بشرى يستشعرها في كل كيانه، عقد حاجبيه بشدة وهو يرى الغرفة الخالية منها، تفقد الحمام فلم يجدها أيضا ليزداد إنعقاد حاجبيه، حتى وقعت عيناه على ورقة بيضاء وضعت على السرير مكتوب عليها إسمه بالخط العريض، تناولها تجرى عيناه على سطورها التي تقول،.

(وقفت ساكت وانا بيتزعقلى عشان خاطر الست رحمة، ملقتش جوزى جنبى يدافع عنى، ومع ذلك انا مش زعلانة منك، لإنى عمرى ما حسيت بوجودك جنبى كداعم لية على الأقل، عموما انا مخنوقة أوي ومش هقدر اقعد أنا وهي تحت سقف بيت واحد، خصوصا وأنا في الحالة دى، عشان كدة أنا روحت لجدى صالح في البلد، هقعد عنده يومين أهدي فيهم اعصابى وهرجع تانى، لو حابب تحصلنى فأنا مستنياك، ولو وراك شغل فعادى، إتعودت على كدة، سلام مؤقت، يامراد).

زفر مراد بإرتياح فإبتعادها في تلك الفترة هو خير بكل تأكيد، ليترك الورقة على الكومود ويتمدد على سريره بملابسه، يستسلم لنوم عميق يرغب به الهروب من كل شئ يحدث حوله، فهروبه الآن داخل أحلامه يبدو الحل الأمثل، على الأقل في الوقت الحالى.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الثلاثة يحبونها)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى