روايات

رواية لقاء الجبابرة الفصل الثاني 2 بقلم لبنى دراز ونوهان ناصر

موقع كتابك في سطور

رواية لقاء الجبابرة الفصل الثاني 2 بقلم لبنى دراز ونوهان ناصر

رواية لقاء الجبابرة الجزء الثاني

رواية لقاء الجبابرة البارت الثاني

رواية لقاء الجبابرة
رواية لقاء الجبابرة

رواية لقاء الجبابرة الحلقة الثانية

“بسم الله الرحمن الرحيم”
( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)
“صدق الله العظيم”
(بعد مرور أيام)
استقرت فيهم يارينا وأضحت عضوة مهمة في داخل الجيش بعد أن أثبتت مهاراتها في القتال والتصويب وصنع المتفجرات، لقد كانت كتلة من النشاط والطاقة أبهرت جميع القادة العسكريين، لتشتعل نيران الكره والحقد عليها من زميلاتها في الجيش، والذين هجرهُن أصدقائهن، والتفوا حول يارينا التي كانت تتخلص من كل واحدٍ منهم في صمتٍ شديد، وها هي اليوم تسير إلى غـZة برفقة القائد لتقديم الدعم لهم في حربهم مع كتائـ ـب القـ ـسـ ـام، بعد ما تخلصت من ديفيد الأحمق مساء أمس .
مضت ساعات النهار بسرعة وها هي تجلس على كومة من المباني المحطمة، بكل استرخاء، تنظر له بملامح جامدة وهو ساقطٌ قرب الركام مضجرًا في دمائه، لقد وعدته وصدقت في وعدها، أخبرته بأنها ستقضي معه ليلة دموية ، والأحمق ظنها شيئًا رائعًا، لتجمح به خيلاته إلى نقطة بعيدة من المجون، شردت وهي تتذكر كيف استدرجته …..
كانت تجلس وسط الجنود والقائد يلقي عليهم بالتعليمات، تزفر الهواء بغيظ مكبوت، وهي تدور بعينيها على وجوههم بملامح مشمئزة، تتناهى على مسامعها أصوات صرخات وعويل وبكاء دامي، جثث لأطفال ونسوة لفظن أنفاسهن وهن يدافعن عن شرفهن ، من بين بطش أيديهم الحقيرة، توقفت بنظراتها على وجه ذلك الجرد الملعون، تنظر إليه وهي تضغط على أسنانها بقوة ، أظلمت عينيها وهي تنظر إلى ضحكته وحديثه السمج مع باقي رفاقه ، لتنهض فجأة بعد أن انتهى القائد من سرد الخطة الاستراتيجية لهم وبدأ الجميع بالذهاب خلفه تباعًا.
تعمدت التلكأ عن رحيلهم لتنفيذ المهمة الجديدة، وهي تنظر إلى الضابط الذي بدوره تلكأ هو الآخر ، وادعى انشغاله بإعداد معداته اللازمة للمهمة ، في حين كانت نظرات عينيه مصوبه نحوها وهو من حينٍ إلى آخر يلقي عليها بسمة من ابتسامته ، منحته يارينا نظرات عابثه وهي تعبث بمقدمة قميصها الأسود تدور بإصبعها حول الأزرار في دعوة صريحه، تقترب منه بخطوات بسيطة مردفه ببسمة لعوبه مغوية :
“أيها الوسيم، انتظر أريد بعض المساعدة ”
حاكت حروف كلماتها بعناية وهي تتصنع الرقة، ليلتفت الضابط صوبها، والذي كان برفقته زميلة له تنتظره حتى ينتهي ، يستمع لصوتها الناعم، ولكنتها العبرية المنمقة، بينما عينيه كانتا تتفحصانها بطريقة فجة رغم بساطة ما ترتديه ولكن يارينا _ عزيزتي _ تمتلك عينين ساحرتين فاتنتين بدرجة كبيرة ، عينين ما إن تقع أعينكم عليها لا تعودون كما أنتم تفقدون إرادتكم أمامها .
ابتلع الآخر لعابه فهو منذ وصولها صباح هذا اليوم برفقة القائد والذي أشاد بمهاراتها وقوتها ، ليس فقط في الإغراء وهو يتمنى التفاته منها أو حديثًا عابرًا وهو يقول بلطفٍ :
“تفضلي أيتها الجميلة !”
“أريد الذهاب إلى مركز الوحدة العسكرية، لا أدري كيف لم ألحق بهم في الحال ولكن شردت لبعض الوقت”
غمغمت بحديثها وهي تنظر لعينيه مباشرة تباشر تأثيرها، ليبتلع الآخر ريقه وهو يغوص في عينيها، أكملت يارينا ببسمة لعوبة :
” أعتقد أني أضعت الطريق، فقدت تركيزي بلا قصد، وأنا كما تعلم جديدة لا أدري كيف أعود، كما أن حقيبتي ينقصها بعض المعدات ” .
صمتت يارينا ترى عينيه المركزة عليها بافتتانٍ ظاهر تكمل ببسمة صغيرة:
” هل لك أن تساعدني وتأخذني معك إلى حيث هم ، أرغب بالمشاركة كثيرًا لنسحق أولئك المقاومين ، لا أخفي عليك أشعر ببعض التوتر هذه المرة الأولى ليّ أنزل إلى الميدان ، فقد قضيت بضعة أيام وأنا اتمرن ”
على الفور أتاها رده وهو يشير إلى زميلته بالانصراف، والتي ألقت عليه نظرة حادة غاضبة، تعلم فيما يفكر اللعين وبالرغم من اتجاههم للذهاب إلى الوحدة التي تبحث يارينا عنها إلا أنه أراد التحايل عليها مستغلًا، أنها لا تفهم في طرقات المدينة، تجاهل هو نظرات زميلته وهو يخبرها بعينيه بأنه سيتبعها لاحقًا بعد تأكده من الاطمئنان على وصول الجميلة إلى حيث تريد .
” لكِ ذلك عزيزتي سوف أبذل ما بوسعي لإبعاد ذلك التوتر عنكِ”
سارت معه متجاورين تحفظ مسافة بينهما وهي تخفي يديها داخل قفازاتها السوداء ، والتي تظهر أظافرها الجميلة ، التي كانت تطلي عليها اللون الأسود ، بينما ترمق يده اليمنى بكرهٍ شديد، توقف بعد مدة أمام إحدى البنايات السكنية المحطمة يقول بنبرة ذات مغزى وينبعث الخبث من نظرات عينيه :
“ها قد وصلنا”
ابتسمت يارينا بمكر وهي تدرك ما يرنو إليه تقول بنبرة خبيثة:
“هذا المبنى المحطم، لكن أين هم لا أرى أحدًا غيرنا هنا لا أعتقد أنه المكان ……”
“لا، هذا هو لكن الجميع قد اتخذ موقعه للتخفي، والبقية سيأتون لا تقلقي تعلمين نغير مقراتنا بسرعة، لا ندري من أين تأتينا الضربة ”
أومأت برأسها بصمت لثواني قبل أن تنظر صوبه تقول بنبرة غامضة:
“أشعر أني لست بخير البتة ، لا أدري ماذا فعلت عينيك بيّ لا أستطيع النظر خارج محيطهما ، هل أستطيع أن أدعوك إلى احتساء شراب الحب معي، ك تعبير عن شكري لك سيدي ؟ أعلم أنه ليس وقته ولكن هذه طريقتي في التقليل من التوتر ”
أعقبت حديثها وهي تخرج قنينة نبيذ أحمر من حقيبتها ، ليبتسم الآخر بقوة ، مردفًا بعيون متفحصة ينقل نظره ما بين يدها الحاملة للنبيذ و عينيها الفاتنتين :
“ولما لا ؟ أريني ما هو شراب الحب هذا ؟ اطوق لارتشافه ، يبدو شهيًا للغاية”
وها هي اذاقته الحب ألوانًا، فما إن أضحى على مقربة منها همست له بخبثٍ شديد تترك الموارة لتقولها صريحه :
“ما رأيك بليلة دموية برفقتي ؟’
رفعت يارينا أظافرها وهي ترى الدماء تهبط منها بغزارة شديدة، رمقت يده اليمنى والتي _حُفر على ساعدها بقعة سوداء مميزة_ ببسمة مختله وهي ترى كعب حذائها الحاد مغروز في ساعده بقوة كبيرة ،تطلعت إلى جثته المفعمة بالدماء بارتياح نفسي كبير ، غامت عينيها وهي تنظر إلى تلك الأنهار الدموية التي تفيض بها عيونه بسخاءٍ ، أخبرته وصدقت في أنها لا تدري ماذا فعلت بها عيونه تلك ، اججت الرغبة بقوة بداخلها لترى هذا المنظر الذي تعشقه حد الموت .
تنفست بصوت مرتفع، وهي تمسك ببعض المناشف القطنية التي لا تفارق حقيبتها، تزيل بها آثار الدماء عن وجهها ورقبتها ، تشعر بالقرف الشديد، ارتمت على قطع الركام تنظر إلى السماء بشرودٍ ، تقول بخبث :
“لم أشبع بعد سوف اتحرك قليلًا لاصطياد المزيد، قبل ذهابي إلى المقر يبدو هذا المكان جيدًا ويصلح مقبرة لهم، يا له من مغفل القائد ، كان سيرسل لي الموقع لألحق بهم أنا أحفظ الطرقات كما أحفظ عدد من قتلتهم إلى اليوم، معتوه نساء حقير، وصدقني بسهوله وإن حاول خداعي ، أنتم يا معشر الرجال مثيرون للشفقة و ملاعين ”
وها هي قد صدقت في وعدها لنفسها بإشباع جوعها للدماء، تنظر إلى ذلك الحقير الذي التصق بالجدار وجسده يخر منه الدماء بقوة، خطوط مرسومه بعناية فائقة من حدود عينيه وأنفه بل وحتى شفتيه لتصل إلى رقبته ، اشاحت ببصرها عنه تنقل نظراتها إلى الفتاة الصغيرة خلفها والتي كانت تقف جامدة بدون خوف ، تقول بنبرة هادئة بالإنجليزية وهي تأمل أن تفهما الصغيرة :
“عودي إلى منزلك ولا تخرجي ليلًا”
هنا ولم تستطع الصغيرة كبت دمعاتها ، مردفه بفم مرتعش بالإنجليزية :
” ليس لدي بيتٌ ولا عائلة لقد ماتت أسرتي بأكملها، وكنت أنا الناجية الوحيدة ، مات أخواتي الصغار ، ماتت أسرتي لم أعد أملك شيء ليتك تركته يقتلني ”
نظرت يارينا لها بصمتٍ، وهي ترى تعرج قدمها والدماء التي تهبط منها، بسبب ضربه لها على قدمها بقوة ، اقتربت منها أكثر فتراجعت الفتاة للخلف، ابتسمت يارينا بسمة صغيرة حاولت جعلها لطيفة حتى لا تخيفها وهي تقول :
“لا تخافي عزيزتي، يجب أن تكبري وتشهدي على تحرر وطنك من بين أيديهم الحقيرة ، كن فتاة قوية ، أنا بالفعل أراك قوية انظري إلى تلك الإصابة في أعلى رأسه أنتِ من فعلها أليس كذلك؟”
أومأت الصغيرة بصمت ، صمتت يارينا لثواني ثم أكملت وهي تنظر إلى ملامحها الطفولية :
” ما اسمك ؟”
” ليلى ”
” توجد سيارة إسعاف بالقرب من هناك اذهبي إليهم سيساعدونك ، أنتم هنا تشكلون أسرة واحدة ، أنتِ لستِ وحدكِ ”
غمغمت الصغيرة بصوت ضعيف باكي :
” لا أستطيع المشي”
انحنت يارينا تحملها وهي تقول ببسمة صغيرة :
” لا بأس أنا سأحملك”
من حسن حظ يارينا أنها لم تكن ترتدي الزي العسكري الإسـRـائيـ ـلي بل كانت ترتدي ملابس عادية، أجل سوداء ولكن أفضل من تلك الملابس، رآها بعض المسعفين ومن بينهم امرأة ترتدي كمامة طبية، أسرعت لها تحمل الصغيرة، وهي تصرخ ملتاعة:
” حبيبتي ليلى وين كنت صارلي فترة عمدور عليك الف حمد وشكر يارب ”
نظرت لها يارينا ببسمة ،قبل أن تترك الفتاة بحوزتها وترحل بعد أن اطمئنت عليها ، لم تفهم ماذا تقول ولكن رأت مقدار خوفها عليها لتدرك أنها تعرفها جيدًا .
***
قبل بضعة أيام …
استطاعت بسيل التقرب إلى أحد معسكرات الجيش و التوغل فيه لاصطياد الجنود ليلة تلو الأخرى، وهي تتخفى جيدًا حتى لا يراها أحد ويساعدها في ذلك اجادتها لمحاكات جلد جسدها إلى أي مكان بجوارها بمجرد الاستناد عليه، وهذا ما يمنحها حرية التنقل من مكان إلى أخر، حتى تستطيع أن تحقق هدفها وتقتل أكبر عدد من أفراد الأحـTـلال الصهيـUني.
استمرت على هذا الحال كل ليلة تخرج بكامل زينتها، من مكان إقامتها تسير بين شوارع المدينة تبحث عن صيدٍ جديد لكى تقتله و تعود إلى مكانها مرة أخرى، ولكن هذه الليلة اختلفت عن سابقتها من الليالي ، كانت الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل ، حيث اعترض طريقها ضابطان سُكارى ، وهي عائدة بعد إتمام مهمتها و اقترب منها أحدهما، وهو يترنح يمسك يدها في محاولة جذبها إليه:
“يا لكِ من فاتنة، كم أنا محظوظٌ الليلة ”
قاطعته بسيل بغضب شديد و هي تسحب يدها ثم أشارت له بسبابتها:
“أحذر أن تفعلها مرة أخرى و إلا قتلتك”
فغر فاه الأخر و نظر لها قليلًا ثم صاح غاضبًا:
” من أين أتيتِ بهذه الجراءة يا فتاة ؟ كيف لكِ أن تتحدثي مع الجنرال يوسي هكذا ؟”
اشتد غضب بسيل و زفرت بحنق ثم أردفت بفحيح أفعى:
“اسمع أيها الأحمق لا يهمني من يكون هذا الحيوان، و الأن هيا ابتعدوا عن طريقي أنتما الاثنان قبل أن أفقد صوابي و اقتلكما”
نظر يوسي إلى مساعده مردفًا بإعجاب:
“يا لها من قطة برية يا رافي كم تروقني كثيرًا هذه الشرسة، دعنا نستمتع قليلًا معها”
تحدث رافي و هو يسلط نظره على بسيل:
“فلنستمتع جنرال لما لا، فهي فاتنة للغاية كاد عقلي أن يطيش من شدة جمالها”
ثم اقترب من بسيل محاولًا مسكها من ذراعها مثلما فعل رئيسه، فاجئته بسيل بأظافرها التي غرستها في يده الممسكة بها:
“قلت لك ابتعد عن طريقي و إلا قتلتك و لكنك لم تستمع إليّ ، فلتذهب إلى الجحيم إذن”
سقط صريعًا فى الحال أمام أعين يوسي المتسعتان على آخرهما من هول ما رأى و صاح بها غاضبًا :
“ماذا فعلتِ بـ رافي أيتها الحقيرة ؟”
ابتسمت ساخرة و أردفت متهكمة:
“أنا لم أفعل شيئًا، أنا فقط أبعدت قبضة يده الممسكة بي ليس إلا”
“سألقنك درسًا لن تنسيه طوال حياتك ،سأجعلك تندمين على قتلك أحد رجالي أيتها العاهرة ”
اتسعت أعين بسيل و اشتد غضبها عندما سمعت ما نعتها به ، و قامت في أقل من ثانية بتسديد ضربة بقبضة يدها في أنفه و باليد الأخرى تجرح يده بقوة تقول:
“العاهرة هي والدتك التي أنجبتك و تركتك تستحل ما ليس لك أيها الحقير”.
نظر لها و هو يسقط قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة قائلًا :
“من أنتِ؟ و كيف تقتلين بهذه البساطة دون سـ ـلاح ؟”
ضحكت بشدة قبل أن تجيبه بلغتها الأم غافلة عن تلك العيون التي تراقبها منذ أن اعترض طريقها هذين المعتوهين :
” أنا الكوبرا يا روح أمك، اللي محدش قدر يغلبها لغاية دلوقتي” .
ثم وضعت إحدى قدميها فوق صدره عقب سقوطه محدثة نفسها بفخر لما فعلته :
“الله عليكِ يابت يا بيسا، و على جمالك، ابن حلال و تستاهل يا حفيد الخـنازير”
ثم غادرت المكان وهى تشعر بالسعادة تغنى بصوت هامس و تنظف أظافرها وهى عائدة إلى مسكنها:
“خلى السـ ـلاح صاحي ، صاحي لو نامت الدنيا صاحي مع سـ ـلاحي ، سـ ـلاحي فى إيديا نهار و ليل صاحي “.
***
(قبل عشر دقائق)
كانت تراقبها بأعين متفحصة ، حدثت ذاتها وهي تبتسم بسمة واسعه ، فـ منذ وصولها إلى القطاع وهي تتمشى في الشوارع بصمتٍ ، وبمفردها كما طلبت من القائد _ والذي لا يرفض لها طلبًا _ بسبب تأثير عينيها الفاتنتين ونغماتها العذبة التي لا يستطيع مقاومتها ليكون كلعبة الدمى في يديها تحركه كيفما أرادت ، وهي تتحجج بأنها تستطلع المكان لتعثر لهم على بعض الثغرات التي تمكنهم من معرفة أماكن القسـ ـام في حالة أوقفها أحدهم ؟ صدقتم أمزح هل ستقدم لهم مبررات من اعترض طريقها بات مع الأموات لا وقت لديها للمناقشات.
ولكن هدفها الحقيقي هو بحثها عن شيء معين في رأسها ، هذا بالطبع إلى جانب قتلها لهم .
تنفست الصعداء وهي ترى بأم عينها استحالة العثور على هدفها بين تلك الأكوام المهشمة ، حينما لفت نظرها فتاة ترتدي ملابس مثيرة بشكل ملفت للنظر ، وهذا غريب بالنسبة لطبيعة أهل المدينة ، الذين يرتدون ملابس ساترة ومحتشمة ، ورأت ضابطين سكارى يعترضون طريقها ، ابتسمت يارينا بخبث شديد وهي تنظر إلى يدها لتذيقهم طعم أظافرها الجميلة ، متجاهلة سبب خروج تلك الفتاة في هذه الساعة المتأخرة من الليل .
وما كادت تتقدم لمساعدتها أبصرت كلا الضابطين يسقطون أرضًا من مجرد خدش بسيط من أظافرها على الفور أخرجت يارينا هاتفها تسلطه على تلك اليدين ، التقطت عدة صور لها وشبح ابتسامه طفى على محياها مردفه بغموض :
“يبدو أنني عثرت على الهدف أخيرًا لكن تلك العينين تبدو مألوفة جدًا بالنسبة لي أين رأيت تلك الفتاة ؟؟ “.
صمتت يارينا لثواني معدودة وهي تركز في ملامح الفتاة ، اتسعت ابتسامتها وهي تنظر إلى أثرها مردفه بخبث حينما تذكرت من تكون فقد شاهدتها قبل بضعة أيام تقتل أحدهم بكل عنفوانيه :
“هذه أنتِ إذن يبدو أنني لست الوحيدة هنا” .
***
استيقظت بسيل في صباح اليوم التالي على كارثة جديدة وما حدث فى شمال غـZة من مجـ ـزرة استهدفت فيها قوات الاحـTـلال الإسـRـائـ ـيلي الأبرياء، من الشعب الفلـSـطيني، أثناء وجودهم فى شارع رشيد لاستلام بعض المساعدات التي تصل إليهم، استشاطت غضبًا وأخذت تجوب الغرفة ذهابًا وايابًا، فأصبحت كبركان ثائر كاد أن ينفجر ويحرق كل من تراه من شدة غضبها .
ارتدت ملابسها و غادرت مسرعة عائدة إلى الشمال مرة أخرى بعد ان كانت قد عقدت العزم على العودة إلى وطنها، عادت حيث الشارع الذى حدثت فيه هذه المجـزرة، استغلت حالة الهرج والهياج ثم نزعت قفازاتها و وتسللت بخفة تقترب الى نقطة العمى لتلك الدبا بات ومن بين هؤلاء الاوغاد تجرح بأظافرها كل من تقابله فى طريقها لترديه قتيلا في الحال وساعدها على ذلك قدرتها على المحاكاة فكان يصعب التعرف عليها .
***
(بعد مرور عدة أيام )
عند الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ، خرجت كعادتها كل ليلة _ برغم قتلها لضابطين قبل ثواني ولكنها لا تزال متعطشة للمزيد _إلى مكان تجمع بعض الضباط الإسـRـائيـ ـليـ ـين الذين ينتمون إلى وحدة عسكرية لا تنتمي إليها، و الذي اكتشفته بالصدفة حينما مارست هويتها المفضلة مع ديفيد الأحمق ، ليبدأ بالثرثرة ويطلعها على أماكنهم بعناية قبل أن يلقى حتفه هو الآخر ، و الذين كانوا يتسامرون وهم يشربون بعض الخمور .
تقدمت منهم تلقي التحية ليتحفز الجميع وهم يطالعونها بدهشه من تواجدها هنا ، وقبل أن يصيح بها أحدهم رأت أحد الضباط يهتف مدافعًا عنها _والذي كان مرافقًا لها قبل بضعة أيام مع القائد وهم يفكرون في حلٍ لهجمات القـ ــسـ ـام عليهم _ حينما عادت إلى المقر بعد أن أشعلت النار في ذلك المبنى بقذيفة هاون ؛ لتحترق الأدلة وتذهب رفات ذلك الضابط الحقير ، هو ورفاقه ممن استدرجتهم صوب ذلك المبنى المهجور .
“اخفضوا أسلحتكم إنها ياري الفتاة الجديدة في الجيش من أصلٍ روسي ولكنها بارعة جدًا ”
منحته يارينا بسمه صغيرة ، و مدت بصرها تنظر إلى ما يخفون في هذا الوشاح الأسود الكبير ، ورغم الضجيج ، الذي يصدرونه استطاعت وبوضوح أن تسمع أنين تلك الفتيات ، لتشتد قبضة يدها ، وهي تلعنهم جميعًا ، فها هم قد اختطفوا مجموعة أخرى من الفتيات الصغيرات ، نظرت يارينا إلى ملابسها السوداء برضى ، فهي لا تحتاج لارتداء ملابس فاتنه ليسيل لعابهم يكفيها نظرة واحدة وتجرهم خلفها كالجرذان ، جلست بقربهم ، ناولها ذلك الضابط الذي دافع عنها مشروبًا لتأخذه من يده وهي تبتسم له بإغواء ، بادلها نظراتها بخبث شديد ، لتلكزه خطيبته حينما لاحظت نظراته ليارينا ، تردف بصوت غاضب :
” ألن تتوقف عن أفعالك تلك ؟؟.
تجرع كأسه بتلذذٍ شديد وهو ينظر إلى يارينا يقول :
” لن أفعل … أوه أتعلمين لقد ضقت ذرعًا من تحكماتك تلك إليكِ عني” .
تابعت يارينا حديثهم السخيف وهي تتهيأ لسحبه من بينهم ، حينما أبصرت عينيها تلك الفتاة التي رأتها قبل أيام ، تسير نحوهم بمفردها ، ضغطت على الكأس في يدها وهي تنظر لهم جميعًا بنظرات غاضبة .
في تلك الأثناء كانت بسيل وصلت إليهم ترتدي ملابس مثيرة وهي تقف أمامهم تفتح ذراعيها وهي تقول ببسمة ماكرة :
“هل من شريك يقضي معي وقتٍ ممتع الليلة ؟”
أشهر الجميع أسلحته في وجهها ومن ضمنهم يارينا ، لتتسع ابتسامة بسيل وهي تقول بنبرة مدللة :
“أوه يا له من حظٍ سيء أٔهكذا تتعاملون مع فتاة مسكينه تائهة مثلي ؟”.
أخفض أحد الضباط سلاحه وهو ينظر لها بوله شديد وفمه مفتوحًا بطريقه مقرفة ينهض وهو يقترب منها متحدثًا بهذيان:
“دعكِ منهم يا عزيزتي ، ما رأيك هل تقبليني شريكك هذه الليلة و نقضي وقتًا ممتعًا معًا ؟”
صاحت زميلته وهي تشهر السلاح في وجه بسيل :
” تراجع للخلف تلك الفتاة دخيلة وربما يكون هذا فخًا …”
ما كادت تكمل حديثها حينما رأت جثته تتهاوى أرضًا من مجرد نفث بسيل بعض الهواء المحمل برزاز انفاسها في وجهه ، ليسقط صريعًا في الحال ، تحفز الجميع وعيونهم متسعة بقوة لا يصدقون ما رأوه بأم أعينهم ما عدا شخص واحد كان يبتسم بقوة وهو يتذكر شيء ما ..
“هل أنتِ واثقه من تلك المعلومات مارفي؟؟”
جاءها الرد سريعًا من مارفيلين التي كانت تحادثها وهي تسلط بصرها أمام شاشة الحاسوب :
“بالطبع ياري …كل شيء أخبرتني به بحثت عنه وتأكدت من الأمر يارينا ، تدعى بسيل ، إنها أفعى حقيقية أنتِ اكتشفتِ الأمر بالفعل عزيزتي لا زلتِ ماهرة رغم توقفك عن ممارسة تلك الوظيفة منذ زمن ، ولكن احذري منها وابقي على مسافه آمنه عزيزتي ….”
أغلقت يارينا الهاتف وهي تنظر إلى الفراغ وفي داخلها تصميم على تحقيق هدفها مهما كلفها الثمن ، عادت من شرودها وهي ترى تلك الأفعى تصطادهم بكل سهولة لتركض إلى الخلف حتى تتخلص من بعضهم لن تدعها تأخذ المتعة كلها بمفردها .
وعند بسيل كانت مستمرة في إحداث الخدوش بهم وهي تتنفس في وجوههم ، وفجأة أبصرت العديد منهم يقتحمون المكان وهي بمفردها تنهج بصوت مرتفع من المجهود ، اقترب منها أحدهم وأطلق النار عليها فاخترقت الطلقة كتفها لتتناثر دمائها المسمومة عليهم فيسقطون أرضًا .
****
وعلى مقربة منهم ، كانت يارينا تنزع قفازتها الجلدية وهي تصفر بعبث ، حينما رأت القوات تتدافع إلى المكان لمساندة رفاقهم من أنثى فاتنه بمفردها أثارت الرعب في قلوبهم ، يا لهم من حمقى بالفعل ، فجأة سمعت أصوات بكاء عالية ، وكلمات لم تفهم معناها
” يا الله …. يا الله ….يا الله …ساعد أخواتي … الله يلعنك يا حقير ، رحمتك بعبادك يا الله …. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له …. وأن محمد رسول الله …فدا الاقصـ ـى …فدا الاقصـ ـى ” .
اقتربت من مصدر الصوت ، اسودت عينيها بقوة لدرجة أرعبت الفتاة الصغيرة التي كانت تنظر إلى ملامح أختها المتألمة ، وذلك الحقير يعتـ ـدي عليها بكل وحشية ، انقضت يارينا عليه تمسك بشعره ترجعه للخلف بقوة وهي تمرر أظافرها تحت عنقه تجزه جزًا تناثرت الدماء بقوة ، لدرجة أغرقت وجهها وملابسها بالكامل بل والفتاة الضحية أسفله ، ألقت يارينا برأسه على الأرض وهي تنزع سترتها الجلدية تضعها على الفتاة مردفه بلغة إنجليزية :
” أنتِ …هل أنتِ بخير يا صغيرة ؟؟”
انهمرت دموعها انهارًا ترثي حالها وهي تنكمش على ذاتها ، همست يارينا وهي تنظر إلى أختها الصغيرة المختبئة في الجدار :
“أنتِ بخير لأجلها هل تفهمين والآن أخبريني هل تستطيعين المشـ ….”
قاطعها عن تكملة حديثها صوت قوي يأتي من خلف ظهرها ، تعرفت عليه بسهولة إنها هي لتبتسم يارينا بصمت .
” إياكِ أن تقتربِ منهما ، ارمي سلاحك وإلا قتلتك !”
ختمت بسيل حديثها وهي تنظر إلى الفتاتين مكملة بقلق بلغتها المصرية :
” أنتم بخير ؟؟”
أومأت الفتاتين بصمت وهن يبكين بصوت مرتفع ، ركضت لها أختها الصغيرة تضمها وهي تبكي بحضنها بقوة بينما أختها الكبرى تأن وجعًا وقهرًا ودموعها تهبط بقوة .
استدارت بسيل تنظر إلى يارينا بعيون مشتعلة من شدة غضبها ، وهي ترفع أظافرها في وجهها تستعد لقتلها حينما رأتها تبتسم ببساطة شديدة مردفه بكل برود :
“ماذا ستجرحينني بأظافرك السامة أيتها الأفعى الحقيرة ؟؟؟”
” اصمتِ أيتها الحقيرة ؟ بل أنتم منبع القذارة والحقارة كلها أيتها العاهرة” .
وكل ما قابلها من ناحية يارينا هو برودٍ شديد وبسمة جانبية ساخرة أو معجبة …لم تدري بسيل كنهها .
صرخت بسيل بغضب شديد وهي تقول بشر :
” من أنتِ ؟؟ ماذا تريدين ؟؟ لم أنتِ صامتة هكذا تحدثي و إلا……..”
وقبل أن تكمل كلماتها توقفت فجأة مصعوقة ، عندما دوى صوت طلق ناري بمحاذاتها لدرجة شعرت أن تلك الطلقات اخترقت جسدها ، مرت ثواني ، وهي تنظر نحوها بملامح مشدوهة من الصدمة ، حينما شاهدتها بأم عينها ترفع سلاحها صوبها بسرعه كبيرة ، وقبل أن تبدي بسيل أى حركه ، سمعت صوت ارتطام قوي بالأرض خلفها ، نظرت بسيل للخلف بدهشة وقد اتسعت عيونها بصدمه وهى تقول :
“ماذا ؟؟”
نفخت يارينا في فوهة سلاحها وهى تمنحها بسمة واسعه ، عادت بسيل تنظر خلفها إلى ذلك الضابط الذي فقئت عينيه ببساطة شديدة ، فقد منحته طلقتين في كلا عينيه ومن على مسافة ، لتنظر بسيل نحوها تتحدث بصدمه :
” ألستِ تنتمين إليهم ؟؟ كيف تقتلينهم و أنتِ منهم ؟؟ ”
” أولئك الحمقى أنا لا أنتمي لهم” .
قبل أن تتحدث بسيل أكثر رأت يارينا تشهر أسلحتها نحو مجموعة من الضباط و الجنود يقتربون منهما ، تطلق عليهم الطلقات بلا رحمه والعجيب في الأمر أنها كانت تصيبهم في عيونهم بدقة متناهية ، حظيت على إعجاب بسيل بشدة ، ولم تستطع إخفاء إعجابها بها ، لتقف هي الأخرى وتتابع قتلهم معها حتى انتهوا من القضاء على الجميع .
نظرت لها بسيل تقول بنظرات مستفهمة وهي تضع يدها على كتفها حيث مكان الإصابة :
” من أنتِ ؟؟ و ماذا تفعلين ؟؟ ، ترتدين مثلهم ولكنك لست منهم؟؟”
” لا يهم من أنا بسيل ، أنا فقط أفعل مثلما تفعلين “.
فغرت بسيل فمها بصدمه وهي تقول:
” هل تعلمين من أنا ؟؟”.
“نعم يا جميلة أنا أعلم من أنتِ و أعلم عنك كل شيء إنكِ حالة نادرة ولكنها تحدث ، أنا أراقبك منذ أيام ، دون علمك شاهدتك كيف تقتلين بدم بارد وبدون دماء كثيرة ، ولكي أكون صادقة معكِ كنت أنتظركِ لما تأخرتِ هكذا بسيل؟”.
صرخت بسيل بحنق شديد تقاطع حديثها وهي ترمقها بغضب شديد:
” توقفي عن الثرثرة وأخبريني من أنتِ ؟؟ هل أنتِ صهيـUنية أم ماذا ؟؟ “.
ابتسمت يارينا وهي تقول بنظرة خبيثة :
” سنتعرف لاحقًا ، والآن ما رأيك بالانضمام إليّ ؟”
“انضم لكِ ؟ ومن تكوني أنتِ يا هذه حتى أنضم لكِ؟”
اسودت عيني يارينا وهي تخرج إبرة ما وضعتها بمحاذاة عنقها وهي تقف خلفها تمامًا حتى لا تصل أنفاسها إليها ، تقول بنبرة خطيرة :
” لا أحب كثرة الحديث ، وهذه أول قاعدة ، أعلم كم أنتِ خطيرة وأدرك جيدًا ما يمكنك فعله في هذه اللحظة ، إن زفرتِ الهواء في وجهي ، ولكن اسمعي أنا آخر شيء قد يشغلني هو التفكير في حياتي ، تلك الإبرة في يدي مصل مضاد قوي سيشل حركة جسدك ، إن استخدمته ولكنني لا أريد فعلها ، ولا تجبريني على أخذك بالقوة أعلم أن طاقتك باتت ضعيفة وتحتاجين للسُّمِ ….”
قاطعتها بسيل وهي تبتعد عنها ، تشهر أظافرها في وجهها تقول بغضب شديد:
“أنتِ توقفي عن كل هذا الهراء ، لست أنا من تجبر على شيءٍ لا تريده ، والآن اغربي عن وجهي ، دعيني و شأني ، و طالما تدركين خطورتي أنصحك بالخوف على حياتك التي تدعين أنها لا تعنيكِ”.
” لن أتراجع عن ضمك لفتياتي ….”
ضحكت بسيل بسخرية شديدة:
“ومن تكونين حتى تجبريني على الانضمام لكِ؟ لتذهبِ أنتِ وفتياتك إلى الجحيم حتى لا أهتم؟” .
“إياك والحديث عن فتياتي بالسوء لا اضمن لك ما يمكنني فعله حينها ، والآن اسمعيني جيدًا ، هذا لأنني مثلك متعطشة للدماء بل وأكثر ، ولا أكره في هذا العالم سوى هؤلاء الحثالة ، سأريكِ شيئًا “.
أعقبت يارينا حديثها وهي تنزع كنزتها السوداء والتي ترتدي أسفلها قميصًا أبيض اللون ، تشير إلى كثرة الدماء به ، إلى جانب رقبتها ، فغرت بسيل فمها بصدمه وهي تنظر إلى كل تلك الدماء ، ثم سحبت يارينا نفسًا عميقًا وأردفت بخبث :
” إنها دماء طازجة كنت قد قطعت اثنين قبل مجيئك من الملل إلى جانب ما فعلته أمام عينيكِ ، أنا لا أكره أكثر من هؤلاء الحثالة وأعتقد أنكِ ذكية لتدركي ذلك من طريقة قتلي لهم ، وإنقاذ الصغيرتين بل وإنقاذك أنتِ أيضًا، والآن أستطيع أن أعرفك بنفسي أدعى يارينا قاتلة محترفة “.
” يا له من حديث جميل بالفعل ، ومثيرٌ للاهتمام ، ولكن طلبك مرفوضٌ ، أنا لست تابعة لأحد فأنا سيدة قراري” .
” لماذا كل هذا التعقيد يا فتاة ، نحن هدفنا واحد لذا ضعي كبرياءك هذا جانبًا وانضمي إلى فريقي “.
ابتسمت بسيل وهي توليها ظهرها مردفه بقوة :
_قلت لكِ أنا لست تابعة لأحد ، و لن أتخلى عن كبريائي يا عزيزتي لأنه أنا، اتركني و شأني وابحثي عن ما تريدين بعيدًا عني”
تنفست يارينا الصعداء ثم قالت وهي ترفع بيدها المصل :
“أنتِ تعقدين الأمور وسترغمينني على أخذك بالقوة ”
استدارت لها بسيل تنظر إليها بشر :
” يبدو انكِ لا تعلمين عواقب حديثك هذا ، أنا الكوبرا التي لا يستطيع أحد أن يجبرها على شيءٍ لا تريده ، حاولي ذلك وستلقين حتفك في أقل من ثانية قبل أن يلامس مصلك جسدي” .
” أنتِ واهمة عزيزتي لا تغتري بنفسك كثيرًا ، اطلعيني بما تريدين أرى شيء ما في عينيكِ تلفظي به هيا”
ابتسمت بسيل بخبث وهي تراقب وقع كلماتها عليها :
” أكون أنا الزعيمة ”
“هذا لن يحدث يا إمرأة لا أحد يتحكم بي “.
” إذن حظًا موفقًا في العثور على تابعٍ غيري ”
أوقفتها يارينا بقولها في برود :
“لن تذهبي تعلمين إن غرزت المصل ماذا سيحدث لكِ ؟؟ أستطيع إرغامك على الذهاب دون إرادتك ، أنتِ لا تعلمين من أنا بعد ؟ وماذا أمتلك من قدراتٍ؟ تحتاجين مئات الأعوام لتعلمي القليل منها ، أنتِ غِرة أمامي تحتاجين للتدريب أكثر ستغدين أقوى إن دخلتِ إلى دائرتي” .
“وأنتِ تعلمين جيدًا من أنا ، لو نفثت في وجهك رزاز أنفاسي ستموتين فى الحال ، أنا أتيت إلى هنا لتنفيذ مهمة محددة وسأعود لوطني فاذهبي قبل تلقي حتفك على يدي” .
ختمت بسيل حديثها وهي تركض إلى الشارع حيث كتيبة الضباط ، الذين أتوا لتقديم الدعم لرفاقهم ، كانوا حوالي عشرين ضابطًا ، وقفت أمامهم تفتح ذراعيها وهي تبتسم بسمة واسعه ترى نظراتهم صوبها .
وما إن هم أحدهم بالإقتراب منها وهو يصرخ بانفعالٍ ، كان جسده يسقط أرضًا تحت تعجب الجميع ، ليسارعوا بإخراج أسلحتهم في وجهها ، لكنها ركضت مسرعة في أقل من دقيقة تزفر الهواء من فمها و تمد يدها تجرح أعناقهم بأظافرها ، فوقعوا على الأرض ما إن لامست أنفاسها المسمومة و أظافرها أجسادهم ، فغر الضباط أفواههم بصدمة لما يرونه أمام مرأى ومسمع من الجميع .
ليصرخ قائد الكتيبة وهو يأمرهم بإطلاق النار عليها ، ينظر إلى جثث جنوده وضباطه متحسرًا والغضب يملأ عينيه ، ابتسمت بسيل بألم وهى ترى الذعر في عيونهم ، لم تعد تخشى الموت ، لم يبقى لها أحد بالأساس فلم تعد تهمها حياتها ، ستقتلهم وبعدها تلحق بهم .
وقبل أن تخترق إحدى الطلقات جسدها مرة أخرى ، وجدت نفسها تسحب للخلف وصوت يارينا يصدح بقوة وهى تقول بينما تحمي ظهرها :
” أيتها الغبية ماذا فعلتِ ؟؟ أتريدين الموت ؟؟؟ ”
ابتعدت بسيل عنها دون أن تلمسها لأن يديها عاريتين ، في حين كانت يارينا تلمسها وهي ترتدي قفازاتها ، تقول بنبرة هادئة:
” ابتعدي عني ، قلت لكِ مرارًا لن أنضم لكِ ألا تفهمين ؟؟”
تجاهلت يارينا حديثها وهي تخرج أسلحتها تقول :
” سنتناقش في هذا لاحقًا ، لم أكن أرغب بقولها ولكن أنتِ تشبهينني كثيرًا ، أرى فيكِ يارينا صغيرة ، والآن لنقتل تلك الحشرات ، قبل أن يستدعوا الجيش بأكمله ، هذه آخر ليلة ليّ هنا يجب أن أرحل”.
ابتسمت بسيل و هي تقترب نحو مجموعة الضباط قائلة:
“أنا لا أشبه أحدًا يا فتاة ، ربما أنتِ من تشبهينني” .
صمتت يارينا لثواني وهي تستدير تراهم يخرجون تباعًا يبحثون عنهما ثم عادت لبسيل التي توليها ظهرها تقول :
” مغرورة كثيرًا ، أعلم أنك أتيتِ لمساعدة هؤلاء الفتيات اللاتي يعانين كل ليلةٍ وهن يستبحن بلا رحمة ، لذا ما رأيك بتأجيل قتالنا حتى ننقذهم لا زال هناك المزيد من الأسرى الفلـSـطيـ ـنيين في السجن أسفل الأرض أنا أعلم بمكانه جيدًا ”
ابتسمت بسيل بسمة ممتنة ، توقفت في خطواتها وهي تستدير صوبها ، رغم رفضها لهذا التحالف في ظاهره فهي لا تثق بأحد ولا تعلم شيء عن تلك الفتاة ، فما كان منها إلا أن رفعت يدها تدعوها للمصافحة ، لتسخر يارينا وهي تدفع رأس بسيل عنها تقول بنبرة متهكمة:
“أتريدين قتلي يا بلهاء بعدما أنقذتك ؟؟؟”.
ضحكت بسيل وهي تقول :
“آسفة ، لقد تحمست قليلًا و نسيت أني لم أرتدي قفازاتي ، هيا بنا نلقنهم درسًا قاسيًا” .
بدأوا باصطيادهم واحدًا تلو الآخر ، حتى قضوا عليهم جميعًا ، وأخرجوا العديد من الفتيات الحبيسات في السجون ، ثم ارتموا على الأرض يتنفسن بصوتٍ مرتفع ، وهن ينظرن للمجزرة التي قاموا بها ، لتضحك بسيل معقبة وهي تضع قماشة على كتفها تمنع نزيف الدم قليلًا على الرغم من ارتداءها سترة واقية لكن الطلقة اخترقت كتفها :
“لستِ سيئة كما كنت أظن ”
” وأنتِ أيضًا إذن ألن تغيري رأيك؟؟”.
ابتسمت بسيل بسمة صغيرة :
” قلتُ لكِ رأيي من قبل و لن أغيره ، ولكن يمكنك أن تعديني صديقة لكِ وإن احتجتني سأتي إليكِ مع أني أظن أن وقتها لن أكون قوية كما رأيتني ”
“هذا لأنك ترغبين بالعيش كأي إنسانة عادية ، لأجل ذاك الطبيب ، أعتقد بعد هذا لن أرغب بضمك لفريقي ، ويستحسن أن نقطع علاقتنا التي لم تبدأ “.
نظرت لها بسيل بفم مفغر وهي تقول بدهشة :
“أنتِ تمزحين ؟؟”.
” يارينا لا تعرف المزاح” .
” أرى ذلك واضحًا ، إذن أنتِ ترفضين صداقتي ؟؟”
“أقبل صداقتك بشرطٍ واحد ”
“وما هو ؟”
“أقتل ذلك الطبيب” .
كشرت بسيل عن أنيابها تهمس بغضب شديد :
” إياك وفعلها ، الأصدقاء الحقيقيون لا يشترطون على أصدقائهم شروط ك خاصتك ، وأنا اعتبرتك صديقة لي شئتِ أم أبيتِ ”
ابتسمت يارينا بسخرية :
“حسنا لكِ هذا أيتها الأفعى !”
“هل هذا مدح ؟ أم ذم ؟؟”
طفت بسمة صغيرة على شفتي يارينا وهي تنظر إلى الفتيات اللاتي كانوا يحتجزونهن وهن يعانقن بعضهن يرددون هتافات لم تفهما يارينا وهم يحمدون الله على نجاتهم ، تقول بنبرة هادئة:
“سأغادر الآن ، تلك مهمتك عودتهن سالمين ، وإلى لقاء آخر أفعتي الجميلة ؛ لكن إن أتيتِ لا تصطحبينه معكِ ، أخواتي يعشقن الذكور بطريقة دموية أعتقد أنك لا تحبذينها ”
ودعتها بسيل بابتسامة صافية، ثم أخذت الفتيات اللاتي تم إنقاذهن و ذهبت بهن لكي تساعدهن على العودة إلى ديارهن سالمين، ثم عادت حيث مكان إقامتها ترتاح قليلًا لكي تستعد للعودة إلى رفح حيث الطواقم
الطبية ومنهم إلى وطنها مرة أخرى ..
***
عند بزوغ فجر يوم جديد نهضت بسيل من نومها و أدت فرضها و دعت ربها أن يغفرلها خطيئتها ، و يتقبل عملها هذا في سبيله ثم أخذت حقيبتها وغادرت الأراضي الفلـSـطينية كما دخلتها مع القافلة الطبية عائدة إلى مصر و هي تدعو الله لهم :
“اللهم ارزق أهل فلـSـطين الثبات والنصر والتمكين، وبارك في إيمانهم وصبرهم، اللهم احفظ أهل فلـSـطين، والمسجد الأقصى من كيد الظالمين، وأيدهم بنصرك وقوتك، اللهم حرِّر فلـSـطين والمسجد الأقصى من كيد المعتدين، وكن يا ربنا عونًا لإخواننا في فلـSـطين، اللهم انصرهم، وارزقهم القوة وألهمهم الصبر، واربط على قلوبهم، وأنزل عليهم من رحماتك، اللهم داوِ جرحاهم، واشف مرضاهم، وتقبَّل شهداءهم، اللهمَّ ردَّ إليهم شبابهم الأسرى، يا الله !”
لقاء الجبابرة بقلم✍️ نورهان ناصر & لبنى دراز .
تمــــــت بحمد الله.
الأعمال
لبنى دراز
( الكوبرا) ورقي
إلكتروني
موعد مع القدر(تحدي الأعاقة)
العشق الأبدي جزئين
نغم( وجع و دموع)
مجموعة إسكريبتات باسم حواديت نور ( حكايات من رحم الحياة)
نورهان ناصر
إلكترونية
في حب الألماس التقينا
حب بين نارين
مقتحمة غيرت حياتي
نداء القلب
ولا تقربوا الزنا
يوميات مراهقة
للحب وجوه أخرى
ليلة دموية
لقاء الجبابرة بقلم لبنى دراز & نورهان ناصر

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لقاء الجبابرة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى