روايات

رواية سديم الفصل الأول 1 بقلم آيلا

موقع كتابك في سطور

رواية سديم الفصل الأول 1 بقلم آيلا

رواية سديم الجزء الأول

رواية سديم البارت الأول

سديم
سديم

رواية سديم الحلقة الأولى

بص لنفسك فاكر إنك هتقدر تستحمل قد ايه هنا؟ شهر؟ شهرين؟ انت مش قادر حتى تدافع عن نفسك قدام بنت.
لكم-ته في وجهه ليبصق بعض الدماء و يترنح قليلاً قبل أن يستعيد توازنه.
_بنيتك ضعيفة، رفيع لدرجة إن العضم قرب يش-ق الجلد و يطلع، شلوت واحد كفيل إنه ياخدك دليفاري للق-بر.
استدارت لت-ضربه بكوعها في معدته ليبصق المزيد من الدماء.
_أنا…أنا قررت خلاص.
تحدث بينما يستند على ركبتيه محاولاً عدم السقوط و يلتقط أنفاسه بصعوبة.
_انت غبي !
_عارف إنك بتعملي كدا….عارف إنك بتعملي كدا عشان خايفة عليَّ ؛ لكن لازم تبطلي تشوفيني طفل، الطفل دا مات من زمان لما مشيتي و سبتيه.
أنهى حديثه ليرفع وجهه ناحيتها بإبتسامة ساخرة، و في الواقع بدى جلياً أنه كان يحاول إخفاء خيبة أمله و انكساره بها.
تجاهلت جملته الأخيرة لتبتسم باستهزاء متحدثة:
_خايفة عليك؟ مجاش في بالك مثلاً إني مش عايزة أضيع وقتي مع شخص زيك ميئوس منه ؟
زفر بسخرية و طالعها بثبات متحدثاً:
_بس دي نفس البصة اللي بصتيلي بيها من عشر سنين ساعة ما قولتي إنك هترجعي تاني و عمرك ما رجعتي ،عارفة بعد السنين دي كلها اكتشفت ايه؟
ابتسم بجانبية و مال بجذعه ناحيتها يقترب أكثر منها ليهمس بأذنها :
_اكتشفت إنك كنتي مجرد واحدة خاينة و كدابة.
وسعت عينيها بذهول و ارتفعت قدمها اليمنى في حركة تلقائية من الجانب لتصطدم بعظام حوضه مصدرة صوت فرقعة مكتومة و تط-رحه أرضاً بع-نف على بعد بضع خطوات منها.
أمسك بخاصرته بينما يأن بألم حقيقي لقد طار بعيداً دون أي مجهود يُذكر، هي لم تكن تكذب أبداً هو بالفعل لم يكن أكثر من كتلة من العظام و الجلد يظهر جلياً أن صاحبها خاصم الطعام لفترة طويلة رغماً عنه.
اقتربت منه و قبضت على شعره الأسود الفحمي الذي كان طويلاً نسبياً ترفعه ناحيتها لتطالع عيونه السماوية التي اختفى بريقها بثبات متحدثة:
_ايه اللي ورطت نفسك فيه و خلاك مضطر تعمل كدا؟ قولي حجم المص-يبة اللي خلتك تيجي تبيع حياتك بإيديك؟
انفرجت شفتيه بإبتسامة ساخرة، ابتلع لعابه المختلط بدمائه قبل أن يجيبها دون أن يزيح عينيه عن خاصتها:
_أنهي حياة اللي بتتكلمي عنها ؟ ازاي الإنسان يبيع حاجة عمره ما ملكها؟
جزت على أسنانها بغيظ، هو لن يخبرها بسبب مجيئه إلى هنا بتلك السهولة كما توقعت، لطالما كان طفلاً عنيداً ذو رأس متحجر، و لطالما كانت هي أكثر من عرفه جيداً.
عندما أدركت أن لا فائدة مما تقوم به دفعته بعيداً بقس-وة و تنهدت قبل أن تنهض صارخة بصوت مرتفع:
_صبريي!
لم تمر ثانيتين قبل أن يُفتح الباب فجأة ليظهر مساعدها صبري مجيباً بسرعة:
_أمرك يا معلمة.
_خد ضيفنا القمور على أوضة الإسعافات و قولهم يعالجوه كويس و يخلوه يرتاح عشان بكره وراه شغل كتير.
انتقلت عينا صبري إلى الشاب الدامي الملقى على الأرض ليوسعهما بذهول قبل أن يعاود النظر إليها:
_بس…بس دا ازاي هتبعتيه عملية؟ دا بقى ج-ثة خلاص.
عقدت ذراعيها إلى صدرها و تحدثت دون مبالاة:
_مش الزعيم اختاره؟ أكيد شاف حاجة مميزة فيه مش كدا؟ لازم نثق في اختيار الزعيم ولا عندك رأي تاني؟!
تحدث الرجل بتردد:
_ أيوا بس الزعيم قالك تد..
قاطعته بنبرة حادة بينما ترسل إليه نظرات قات-لة:
_ لما أقول حاجة تتنفذ علطول من غير بس و لا مبسش، انت هتعرفني شغلي هنا و لا ايه؟
ارتبك صبري و أخذ يفرك كفيه ببعضهما، هو يعرف ما تقدر على فعله به و هو غير مستعد لدفع حياته البائسة ثمناً لدفاعه عن شخص لا يعرفه حتى ؛ لذا أخذ ينفى بسرعة:
_ل..لأ طبعاً أنا بس كان قصدي….
قاطعته للمرة الثانية :
_نفذ اللي قلته من غير رغي كتير مش عايزة صداع.
نظرت إلى الشاب الملقى أرضاً لتجده لا يزال يطالعها بنفس النظرات الساخطة و المتحدية، شئ ما تغير بالتأكيد لكنها فقط غير قادرة على تحديد ما هو!
تنهدت بيأس قبل أن تخرج أخيراً تاركة إياه مع صبري الذي اقترب منه ليساعده على النهوض و هو يتلو الفاتحة على روحه مقدماً و يدعو أن تكون الطريقة التي سيم-وت بها ذالك الشاب المسكين سريعة و غير مؤلمة للغاية.
_____________________
تنهدت الممرضة سعاد للمرة المليون بينما تضمد جراح الشاب الدامية في كل مكان قبل أن تتحدث أخيراً:
_ يا ابني انت لسه شاب صغير مشوفتش دنيا، ايه اللي جابرك تعمل كدا في روحك بس؟
طالعها بملامح خالية دون أن يجيب.
_أكيد عشان الفلوس صح؟ ايه رأيك أسلفك المبلغ اللي انت عايزه و تهرب من هنا؟
مجدداً…لا إجابة.
_كبير؟ متقلقش يا ابني مهما كان المبلغ هتصرفلك فيه بإذن الله انت بس قولي كام و متعولش هم…
كانت نظراتها مشفقة حزينة، استشعر الصدق في نبرتها ليتنهد أخيراً متحدثاً:
_ أنا مش جاي هنا عشان فلوس.
_ أومال عشان ايه؟
نظر إلى الأمام لثوانِ قبل أن يجيب أخيراً:
_عشان أنتقم منهم، عشان أنتقم من الحياة…
لم تعلق الممرضة…ليس لأنها لا تهتم ، بل لأنها لم تفهم ما يعنيه لذا اختارت الصمت.
تراجعت بجسدها الضخم و الممتلئ لتجلب حقنة مهدئة من شأنها أن تساعد الشاب على الراحة و الإسترخاء، بينما استغل هو ابتعادها ليجول بعينيه في الغرفة كبيرة الحجم و المجهزة بجميع الأجهزة الطبية على أعلى مستوى قبل أن تجذب انتباهه صورة لفتاة صغيرة موضوعة على الطاولة بالقرب منه.
مد يده ليتناولها بصعوبة و ما إن طالعها حتى توسعت عيناه بصدمة و هو لا يصدق ما يراه، ما علاقة تلك الممرضة بصاحبة الصورة يا ترى؟ أغمض عينيه و أخذ يغوص في ذكرياته المؤلمة قبل أكثر من عشر سنوات من الآن.
________________________
قبل أربعة عشرة عاماً:
تنهد الفتى الصغير بملل بينما يستمع إلى معلمته التي أخذت تشجعهم على الإحتفال بعيد الأم قبل أن يسألها أخيراً بشئ من التردد:
_أبلة منيرة….يعني ايه ماما؟
صوت السكون خيم على الصف فجأة، توجهت أعين جميع الطلاب نحوه قبل أن تثقب صوت ضحكاتهم المزعجة أذناه.
لقد تحول سؤاله في تلك اللحظة إلى واحدة من أكثر النكات المضحكة في العالم، و الذي صادف أن مُلقيها هو الشخص الوحيد الذي عجز عن إيجاد النقطة المضحكة بها لذا اكتفى بالتطلع إلى الحضور ببلاهة منتظراً إصدار الترجمة!
” دا مش عارف يعني ايه ماما!”
“هو انت بتنادي لمامتك باسمها و لا ايه؟”
“في حد ميعرفش يعني ايه ماما!!
الكثير من أسألة الإستنكار المستهزئة التي استطاع التقاطها من بين ضحكاتهم ، لم يهتم حقاً فكل ما كان يجول في باله حينها في ذالك المشهد العبثي هو ” أكل هؤلاء الطلاب يعرفون ما هي ‘ماما’ عداي أنا؟”
توجهت أنظاره إلى المعلمة ليجدها تطالعه بدورها بنظرات غريبة و كطفل لا يزال في السادسة من عمره لم يستطع فهم ماهيتها أو سببها.
تحركت لتقف في منتصف الصف و بدأت بالهمس للطلاب و كأنه مجرد درجٍ أصَّم لن يستطيع سماعها هو أيضاً بدوره:
_ششش، يا أولاد….سديم يتيم.
__________________

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سديم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى