رواية ديجور الهوى الفصل السابع والخمسون 57 بقلم فاطمة طه سلطان
رواية ديجور الهوى الجزء السابع والخمسون
رواية ديجور الهوى البارت السابع والخمسون
رواية ديجور الهوى الحلقة السابعة والخمسون
بعد مرور عدة أيام..
أسابيع وهي في بني سويف..
محافظة لم تذهب لها يومًا، لا هي ولا والدتها…
لا يعرفا أي شيء هنا، حتى أن والدتها لا تهبط من المنزل مطلقًا جميع طلبات المنزل ترسلهم لهم (الحجة زينب) مع أحدى العاملات عندها، استلمت شمس بطاقتها الشخصية حلم لم تظن بأنها ستصل له يومًا، أصبح معها بطاقة أئتمانية وضع لها منير بها مبلغ مالي من أجلها، وأخبرها بأنه مع بداية كل شهر سيقوم بتحويل مصروف شخصي لها، وأنه مع بداية العام الدراسي الجديد حينما يكون استعاد صحته، سيجعلها تستكمل دراستها، معاملته لها فاجئتها، وفاجئت الجميع على أية حال…
هو تلك الفترة مسالم بشكل رهيب مع الكل..
حتى مع بشرى..
مع نرمين التي تأتي لزيارته بين الحين والأخر…
كأنه أصبح شخصية أخرى تحديدًا بعد خضوعه إلى تلك العملية..
حدث لها أكثر مما تتمنى…
لكنها لم تكن تعلم بأنه عند وقت حدوثه سيكون أكبر همها هو الاطمئنان عليه، الرجل الوحيد التي عشقته…
الذي وقف بجوارها عند غياب الجميع..
شعرت معه كيف أن تكون أمرأة تحترم ذاتها..
أرسل لها هلال منذ عدة أيام يخبرها بأنه بعد بضعة أشهر سيكون شريف حرًا..
لأول مرة تذوقت معنى أن تذرف دمعًا لأنك سعيدًا…
في البداية شعرت بالضيق كانت تريده حرًا وطليقًا دون أي حساب لكنه النصيب وهذا أفضل بكثير من السنوات الذي كان يخبرها هلال بها في البداية….
قضت فرض صلاة الظهر ثم ظلت جالسة في الغرفة، هي تحاول الانتظام في الصلاة الأمر صعبًا جدًا في بدايته لكنها تجاهد نفسها، تجاهد نفسها في كل خطوة، تحاول التغلب على شيطانها أحيانًا تلحق بها الهزيمة، وأحيانًا يكتب لها النصر، لكن هي لا تتوقف عن المحاولة في كل الأحوال…
يوميًا تذهب لزيارة والدها ثم تعود..
لا تدري هل الأمر روتينيًا..
أم تولدت بداخلها مشاعر حقيقية تجاة والدها؟!
أو أنها تجبر نفسها على الاعتياد، أو بمعنى أصح الانتماء تجاة شخص وعائلة…
ولا تطيل البقاء هناك لأنها لا تشعر بأنها مرغوبة بالدرجة الكافية بينهما، هي مجرد واجب وترضية لضمائرهم رُبما…
الشيء الوحيد الجيد في الأمر هي رؤيتها لبشرى، أحبتها بالرغم من قلة الحديث بينهما، إلا أن تبادل النظرات بينهما قوي جدًا، قامت بشرى بإضافتها على مواقع التواصل الإجتماعي، بعدما قامت بعمل حسابات شخصية لها على المنصات المختلفة، حسابات جديدة كليًا بناءًا على رغبة شمس…
ليس بينهما ود واضح كأي اختين لكن كان هذا يرضي شمس جدًا..
جاءت سوسن من الخارج وكان الباب مفتوحًا فتحدثت مرة واحدة:
-اعمل ايه على الغداء النهاردة؟!.
تحدثت شمس بلا مبالاة:
-اعملي أي حاجة..
جلست سوسن على طرف الفراش متحدثة بـعتاب واضح:
-يا بنتي بلاش كلمة اي حاجة دي بتعصبني، وبعدين أنتِ خلاص نشفتي ولا أكل بتأكلي كويس ولا نوم بتنامي كويس وكده غلط عليكي..
العجيب أن والدتها تحاول ممارسة دور الأم المهتمة بصحة ابنتها وبحياتها وتفاصيلها، لكنها للأسف اهتمت في وقت متأخر جدًا…
رُبما فات الأوان حتى…
هتفت شمس بنبرة عادية، ولم ترغب في قول تعليقها ومشاعرها لأنها لا ترغب في شجار ببساطة، ما حدث قد حدث وليس هناك شيء من الممكن فعله:
-مليش نفس لأي حاجة..
تحدثت والدتها بفظاظة:
-أنا مش فاهمة يعني، كل اللي أنتِ عاملاه في نفسك ده ليه؟! هو كده يعني هيخرج من السجن؟!! سيبك منه بقا وبصي لحياتك ومستقبلك؛ احنا سيبنا كل حاجة وجينا نبدا من جديد وابوكي وأهلك معاكي، هتفضلي تموتي نفسك عليه؟!..
غمغمت شمس ببساطة:
-الدنيا كلها بالنسبالي متسواش حاجة من غيره، ولأني بحبه، بحبه أكتر ما حبيت اي حد أو حبيت اي حاجة في حياتي، لأني حسيت اني بني أدمة فعلا معاه..
قاطعتها والدتها بتعجب وسخرية واضحة:
-حسيتي أنك بني ادمة معاه ازاي؟! ده كان كل شوية بيهزق أمك ويهزقك..
قالت شمس بنبرة عفوية:
-هو مش بيبقى قاصد؛ وبعدين بقا أنا مش عارفة أنتِ ليه مصممة تتكلمي عنه كده؟! ومش سايباني براحتي في حياتي ومشاعري، أنا حرة، ليه معلقة على الموضوع ده بالرغم من انه كان بالنسبالك عادي في الأول؟!!.
أردفت سوسن بتوضيح بسيط:
-لأن احنا اتغيرنا؛ كل حاجة في حياتنا اتغيرت وبنحاول نتأقلم عليها، مينفعش تفضلي معلقة نفسك بواحد رد سجون في الأول والآخر وبعدين أنتِ بقيتي بنت منير رسمي، أنتِ عارفة هيحصل ايه لو حد عرف بعلاقتك بالواد ده؟!! تحديدًا أبوكي؟!! احنا لما صدقنا أنه موضوع الرقص ده عداه، معتقدش أنه هيقبل تعلقي نفسك بواحد رد سجون.
نظرت لها شمس تحاول استيعاب كلمات والدتها…
بل هي حتى تحاول استيعاب عن أي والد تتحدث؟!…
وماذا يعني عدم قبوله؟!!..
قالت شمس بنبرة عفوية:
-شريف من عيلة كبيرة جدًا متقلش عن العيلة اللي بقيت من ضمنها في حاجة بل يمكن أعلى منها، وكمان…
قاطعتها سوسن بنبرة عقلانية:
-ده ميغيرش في أنه رد سجون، مهما كان مستوى عيلته، انضفي يا شمس وانسي الماضي بكل حاجة فيه، نضفي نفسك وعيشي واستمتعي بحياتك الجديدة وبلاش وجع قلب بقا…
نظرت لها شمس بشذر…
تحاول التفكير في حديث والدتها..
هل من الممكن أن ترفض عائلتها ارتباطها به؟!.
ثم سخرت من نفسها..
عن اي ارتباط او علاقة قد تجمعها به؟!
على أساس هو من سيقبل بأن يكن بينهما خطوة رسمية؟!.
هل هو من سيقوم بنسيان ماضيها؟!!!
لا تعتقد هذا أبدًا..
قالت شمس باختناق:
-ممكن تسبيني لوحدي وتقفلي النور اريح ليا ساعة قبل ما انزل اروح اطمن عليه…
غمغمت سوسن بتلقائية:
-مقولتيش اعمل ايه طيب في الأكل؟!.
تحدثت شمس بنفاذ صبر:
-اي حاجة، سبيني أنام بقا….
_______________
” الـشـرقـيـة ”
-عايزة ايه يا دعاء؟! عماله ترغي ليه ما قولتلك خلاص هقول لكمال وهنزل معاكي ايه المشكلة دلوقتي؟!
مسحت دعاء دموعها وهي تقف بجانب فردوس في المطبخ، التي تقوم بصنع الشاي لنفسها لأن دعاء أخبرتها بأنها لا تريد………
هتفت دعاء بتردد واضح:
-أصلي اتخانقت مع اختي وطولت لساني عليها مع انها مشغولة مع عيالها وأنا عارفة..
تحدثت فردوس بنبرة هادئة وهي تستدير وتنظر لها:
-معلش أنتِ هرموناتك قالبة عليكي شوية فترة وهتعدي وابقى اطلعي كلميها عادي أنتِ بتتخانقي مع اختك كل يومين اصلا زي ناقر ونقير..
تمتمت دعاء بعفوية:
-معرفش بقا انا مش متعودة على الحمل…
غمغمت فردوس بعدما أستدارت وضعت يدها على الغلاية الكهربائية لتضع الماء الساخن في الكوب:
-أومال ريم اللي بتلعب برا دي أيه جرافيك؟!.
قالت دعاء بتلقائية بعدما خرجت منها ضحكات عفوية بسبب تعقيب فردوس:
-قصدي مش متعودة دماغي تكون فاضية وهرموناتي تشتغل وأنا حامل أو ميكنش ورايا غيرها لما كنت حامل في ريم مكنش عندي وقت أصلا أفكر او اهتم او اعمل اي حاجة كنت في مشاكل مع طليقي وأهله، يلا الله يجحمه هو وأهله أصلي مبحبش أجيب سيرة حد..
تحدثت فردوس بتهكم طفيف:
-باين عليكي أنك مش بتحبي تجيبي سيرة حد…
هتفت دعاء بجدية:
-خلاص سيبك مني، ومن مشاكلي، قوليلي أنتِ عاملة ايه في حياتك وايه دنيتك مع كمال؟!…
أردفت فردوس بهدوء:
-عادي كله تمام الأمور زي ما هي، ليه بتسألي؟!.
تحدثت دعاء بعنجهيتها المعهودة:
-حساكي بالك مشغول أو في كلام عموما محشور جواكي أصل خدي بالك أنتِ لو في أي حاجة مش هتلاقي غيري يحلها ليكي، أنا متخصصة في العلاقات الزوجية والحياتية وكل حاجة..
تمتمت فردوس وهي تكز على اسنانها:
-يابنتي هو أنتِ دماغك فين دايما؟! وبعدين ايه المشاكل اللي هتكون عندي؟! هو بس أنا متوترة من اللي بيحصل والايام اللي فاتت كانت صعبة على كمال وبحاول لسه اتأقلم مع الموضوع وكمال كمان سجن أخوه مش حاجة هينة ابدًا..
هتفت دعاء بتأييد لما تسمع:
-معاكي حق…
ثم أسترسلت حديثها وهي تغمز لها:
-بس ده ميمنعش أني مستعدية في أي وقت لأي استشارة..
تحدثت فردوس ساخرة وهي تأخذ كوب الشاي:
-روحي اتلمي بقا وشوفي هتصالحي أختك ولا هتعملي ايه….
ثم غادرت تحت ضحكات دعاء اللطيفة..
العجيب بأن فردوس كانت تنوي سؤالها عن شيء ولا تعلم لما خطر على بالها دعاء رُبما لأنها لم ترغب في تضخيم الأمر والذهاب إلى الطبيب ولا تعلم هل هي تأخرت في الأمر، هل لديها أي موانع من أجل الحمل؟!
لا تعلم لكن الهاجس كان مخيف..
رغم ثقتها العالية بنفسها وبـ كمال وحبه لها إلا أنها تخشى أن يأتي الهاجس في عقله أو تراوده نفسه…
داليا حملت منذ شهرها الأول تقريبًا..
تخشى أن يخضع عقله إلى مقارنة…
لا تعلم حقًا…
مر ما يقارب الثلاث أشهر…
رُبما الأمر يرجع إلى التوتر والضيق والحالة النفسية التي تمر بها كما سمعت ذات يوم تلك الأمور تؤثر وفي النهاية الأمر قد يخضع إلى النصيب ليس دومًا مشكلة صحية…
حاولت طرد تلك الأفكار السلبية من عقلها وتصعد إلى غرفتها…..
______________
لكن وجُـوده يجعَلني اطمئـن ..
#مقتبسة
«لم يشقيني في صحبته أتى إلى عمري ضمادًا لأيامي الجارحة»
#مقتبسة
الأسابيع الماضية كانت كلها تقضيها بشرى في بني سويف بعد خضوع والدها إلى عملية (قلب مفتوح)…
كانت الأيام كلها ضغط نفسي، بسبب والدها الذي مر بمراحل صعبة جدًا؛ على أي شخص بعدما يخضع إلى تلك العملية، مرت ثلاثة أسابيع تقريبًا على العملية وكانت هي بجواره في كل لحظة..
غير والدها كان هناك والدتها الغاضبة والخائفة، خائفة على صحة منير رغم كل شيء السنوات تجبرك على الاهتمام بشريكك حتى في وقت الخلاف، أما الغضب كان من إتيان شمس ووالدتها ومكوثها في منزل بالقُرب من منزل العائلة على الرغم من عدم إتيان سوسن أبدًا لزيارة منير، فقط شمس هي من تأتي إلا أن والدتها كانت غاضبة ولم يخفف هذا من غضبها شيء…
هناك شيء أخر محاولاتها للاعتياد على وجود شمس وهذا شيء صعب جدًا، والأصعب بأن هلال يعرف عن شقيقتها كل شيء تقريبًا وهذا شيء محرج جدًا بالنسبة لها….
بعد غياب طويل عن القاهرة جاءت ليلة أمس، قضت الليلة مع ملك وفي اليوم التالي جاءت إلى المكتب تزامنًا مع عودة هلال من الشرقية منذ أيام…
فهو ذهب خلال الأسبوع الماضي مع عائلته لزيارة منير وبعدها عاد مرة أخرى إلى الشرقية وحينما تم الحكم وكل شيء كان يسير في موضعه الطبيعي عاد منذ ثلاثة أيام تقريبًا…
يجلس في (كافية) متواجد بالقُرب من المكتب، بعدما انتهى اليوم، وأخبرته بشرى في بداية اليوم عند رؤيته في الصباح بأنها ترغب في الحديث معه ولكنه أخبرها أن تؤجل حديثها إلى نهاية اليوم…
هو مجهد جدًا الفترة الماضية لم تكن سهلة عليه هو أيضًا سواء جسديًا أو نفسيًا لكنه يختلف عنها ويتحمل ولا يظهر ما يزعجه أبدًا بل يظل يتعامل بصورة عادية…
يشرب قهوته بينما هي تشرب عصير البرتقال الطازج واللذيذ في تلك الأجواء، هتفت بشرى بنبرة عادية:
-ها قولت ايه؟!.
رد هلال عليها بعدما أخذ رشفة من قهوته بملامح مرتخية رغم إرهاقها:
-قولت أيه في ايه؟!.
ضيقت بشرى عيناها وتحدثت بنبرة ساخرة:
-هو أنا عماله اكلم نفسي بقالي اكتر من نص ساعة؟!.
تحدث هلال بإدراك:
-اصلك متكلمتيش غير في أنك عايزة تسيبي الشغل وده مش شيء أرد أو اتناقش فيه من الأساس..
قالت بشرى باعتراض واضح ولم تفهم معنى حديثه:
-ليه ان شاء الله قصدك ايه؟! ومتردش عليا ليه أنا بقولك بكرا مسافرة ومش هاجي تاني..
غمغم هلال بهدوء:
-علشان أنا مش فاهم غير أن دماغك تعبانة، لأن مفيش سبب واضح قولتيه يخليني اقولك ماشي.
لم تعجبها طريقته..
لكنها حاولت التوضيح بشكل أوسع لعلها لم تنجح في المرة السابقة:
-علشان أنا بغيب كتير اوي، ومبقتش مركزة في الشغل وحاسة ان في ناس أحق مني في انها تكون موجودة والفترة دي أنا مليش لازمة في المكتب يعتبر وحاسة أن الكل واخد باله اني باجي وبروح براحتي ويمكن فاكرين اني بعمل كده علشان خطيبتك وده شيء مضايقني لأني مش كده..
حاول هلال أن يستوعب ما يسمعه منها…
ويتريث قبل أن يجيب تلك عادته في العموم..
-محدش جه عايز يتدرب في المكتب وقولنا ليه لا معلش حقك علينا؛ علشان والله بشرى واخده المكان بتاعك، الواسطة بتعمل أكتر من كده..
تحدثت بشرى باستنكار:
-أنتَ بتتريق عليا؟!.
هز رأسه قائلا بصراحة فجة:
-ايوة بتريق عليكي علشان أنتِ بتستفزيني ومش عايزاني أرد؛ وبعدين متقلقيش كل اللي جم من الدفعة بتاعتك أنا متحملهم بالعافية والله كفايا ملك اللي رايحة جاية بتأكل بس اكتر ما بتشتغل واهي قعدت، مراد نص الوقت في الجيش، غير أحمد فأنا مقدر الكل..
ابتلع ريقه ثم تحدث بنبرة قد تبدو منفعلة عليه لكنها عادية حينما يتحدث بها أي شيء أخر؛ رُبما لأنها أعتادت على هدوئه طوال الوقت:
-وبعدين ايه يعني لما استحملك؟!، ده أحنا كلها شهر ولا اتنين وهنكتب كتب الكتاب وجاي عندكم يوم الجمعة علشان نتكلم في التفاصيل لو معملتش ليكي أنتِ استثناء هعمل لمين؟!! وايه المشكلة لما يقولوا أنك بتعملي كده علشان خطيبتي ما اللي يقول يقول ملكيش دعوة بحد، ثم اصلا مين اللي قال كده؟!..
قالت بشرى بنبرة مكتومة:
-محدش قال بس يمكن بيقولوا كده من جواهم…
غمغم هلال بنبرة عادية:
-أنا عمر ما همني مين بيقول ايه ومين مبيقولش مدام أنا شايف اني صح، في داهية أي بني ادم يقول عليا أي حاجة لو مشيتي بالمبدأ ده هترتاحي، سافري واقعدي مع والدك ولما تحبي ترجعي ارجعي براحتك..
أبتلع ريقه ثم حاول أن يهدأ من حدة الحديث الدائر بينهما:
-ده طبعا لو مش حابة تونسي ملك بعد ما قعدت خلاص، يدوبك تقعدوا تناولوا الأكل لبعض….
ابتسمت رغمًا عنها ليتحدث هلال بنبرة واضحة وجادة إلى أقصى حد:
-أنا عارف أن كل واحد فينا مر بأزمات في حياته سواء تخصه أو تحص اللي حواليه مجرد ما اتخطبنا، وعرفنا حاجات عن بعض وصدف غريبة ويمكن ده مضايقك وموترك بس على العكس دي حاجة المفروض تفرحك أننا عرفنا بعض كويس، حتى لو كان في شوية صدمات في أول فترة في حياتنا…
الهدوء…
هو الشيء الذي يحل عليها بعد حديثه..
مهما كانت تراه مخطئًا في أمر صديقه..
مهما كانت تحمل أعباءًا أكبر منها…
تجد الراحة في حديثه والاقتناع الغريب!!
هذا شيء يجلب لها السعادة والسلام النفسي ولا تدري مدى صحتها، لكنها أصبحت سعيدة ومتعلقة به..
غمغم هلال حينما وجدها صامتة:
-هتسافري امته؟!.
هزت بشرى كتفها بلا مبالاة متحدثة والخيرة تتملكها:
-ممكن بكرا او بعده بالكتير..
أردف هلال مقترحًا:
-ما تخليكي تسافري معايا يوم الجمعة.
قالت بشرى برفضٍ:
-لا شكرًا أنا بحب اسافر بالقطار.
رفع حاجبيه متحدثًا باستنكار:
-ما يمكن انا كمان احب اسافر بالقطار…
تمتمت بشرى بعفوية:
-بس أنا مش حاسة اني ينفع استنى ليوم الجمعة؛ انا احتمال اتحرك بكرا وبعدين متقلقش ملك جاية معايا.
أردف هلال مداعبًا أياها:
-ده أكتر شيء يقلق، المهم شوفتي الحاجات اللي بعتهالك على الواتس امبارح؟! الألوان وكل حاجة تمام؟!.
تحدثت بشرى بتردد:
-اه هي كل حاجة تمام بس انا حاسة أننا ماشيين في كل حاجة بسرعة، خصوصًا أن صحة بابا لسه قدامه شهر على الأقل عقبال ما يكون كويس ويكون اتعافى بشكل كامل.
قال هلال موضحًا:
– على فكرة والدك نفسه مستعجل، هو عايز يفرح بيكي، وحتى طريقته واسلوبه اتغيروا عن الأول ومتقلقيش لسه شهرين على الأقل..
غمغمت بشرى بشرود دون أن تدري تسبب في ابتسامة رسمت على شفتيه:
-أنا مبقتش قلقانة…
______________
-ليه الاستعجال ده؟!
كان هذا تعقيب كمال الذي يجلس على المكتب أمام جده..
تحدث توفيق بنبرة هادئة ورزينة:
-أنا من بدري بتكلم في الموضوع ده بقالي شهور، وبكر تقريبًا خلاص شقته اتفرشت وشقتي انا كمان ناقص شقتك وشقة أفنان وشقة أمك..
غمغم كمال بتوضيح وهو ينظر له بريبة من وسط هذا كله حتى سمعة شركتهم التي تأثرت للمرة الثانية، كل ما يهمه هو الانتقال؟!
-حضرتك مش ملاحظ أن ده مش وقت مناسب لموضوع العزال ده..
أردف توفيق بإصرار:
-بالعكس ده أنسب وقت، أن بإذن الله شريف لما يخرج نكون كلنا مستقرين في العمارة هناك وتكون شقته جاهزة، ده أنسب وقت عايز في خلال اسبوع نكون كلنا هناك واللي ناقصة حاجة يكملها وهو هناك هاتوا بس الأساسيات دلوقتي..
لم يفهم كمال رغبته في ترك المنزل..
هو أكثر من يعرف تعلقه به..
لكنه الآن هو من يشجع على تركه…
تمتم كمال باستسلام:
-حاضر اللي حضرتك شايفه..
غمغم توفيق بعفوية:
-المهم أنتَ عامل ايه مع فردوس؟!..
للمرة الثانية لم يفهم كمال مغذى السؤال لكنه تحدث بإجابة مختصرة لكنها صادقة:
-عادي الأمور تمام.
يعلم توفيق بأن كمال مضغوطًا تلك الفترة لذلك توقف عما كان يرغب قوله، كان يرغب منهما السعي في أمر الإنجاب، يذهبا إلى الطبيب رُبما، هو يعلم بأنه لم يمر الكثير -حسب استنتاجه دون أن يخبره أي شخص- لكنه يرغب في رؤية أطفال كمال أكثر من أي شيء…
فقرر بأن يؤجل الحديث في الأمر الآن حينما يشعر بأن كمال في مزاج جيد ورائق ليخبره وقتها ويقدم له النصيحة..
___________
”أن تقع عيناك على من تُحب لدقيقتين فقط،
أفضل من مُحادثة خلف الشاشات لسنةٍ كاملة”
#مقتبسة
في زحام يومي
اتذكر أنكِ معي
فاطمئن
ويهنئ قلبي
كأنني لم أذق المر يوماً..
#مقتبسة
مواساتها الوحيدة تلك الفترة…
رسائل داغر التي تستيقظ من النوم تجدها…
وفي وسط اليوم مكالمة تجمعها به هي وصغيرها الذي ينتظر مكالمات والده بفارغ الصبر…
في نهاية اليوم هي المكالمة الاخيرة التي تتلقاها منه قبل نومها، أما يشاركها بها فهد أما يلعب كحالته اليوم…
“فيديو كول”
اعتادت على الأمر مُجبرة وخجلة في البداية..
راغبة في النهاية لأنها تشتاق لرؤيته، رؤية ملامحه الصلبة التي بدأت تعرف اللين مؤخرًا…
رغم مكالماته ورسائله طوال اليوم إلا أن مكالمة نهاية اليوم هي الأفضل يخبرها كل شيء حدث منذ أن استيقظ من النوم حتى الآن وهو على وشك النوم…
يخبرها تفاصيل يومه كلها، وهي تسمعها باهتمام بالغ وحقيقي جدًا، يشاركها في كل شيء…..
ذلك يدل على المكانة التي وصلت لها، الرجل لا يقص تفاصيل حياته إلا لفتاة او أمرأة يحبها؛ تحديدًا لو رجل يمتلك شخصية كـ شخصية داغر أعتادت الغموض والاعتماد على النفس وعدم إطلاع اي شخص على خطواته المستقبلية، كان فقط من يكسر القاعدة هو كمال الذي كان يخبره داغر تفاصيل حياته كلها….
أما هي تخبره عن صحة والدتها، كيف تقضي يومها..
كل شيء قد يبدو تافهًا بالنسبة للاخرين كان موضع اهتمامه، مثلا عن الشعيرات التي تساقطت بشكل متزايد من خصلاتها بسبب حزنها تلك الفترة، ماذا عن كوب الشاي التي صنعته ونسته من الأساس..
موعد أدوية والدتها التي تتذمر في بعض الأوقات عند أخذها..
الشيء الذي تناولته اليوم..
تصور له محاولاتها في تعلم الطبخ وبعض الحيل من النساء في منزلهما في رغبة صادقة بتعلم بعض الأسرار التي تجعل الأكل شهي..
تخبره عن الصداع الذي قد يأتي لها في وسط اليوم…
تخبره عن ألم المعدة التي رُبما تمر به..
تخبره عن فهد..
ماذا يفعل؟!
مع من يلعب؟!
في الواقع هي تخبره كل شيء بشغف رهيب..
كأنها خطيبته ليست زوجته…
وأتى في وسط حديثها أمر هام..
-بفكر أنقل فهد السنة الجاية مدرسة هنا، لأن كده مش هينفع أبدًا أنا بتعب أوي معاه علشان يذاكر المدرسة كانت لماه شوية، كمال قالي انه هيوصلنا فترة امتحانات الترم التاني ولازم بعدها نشوف حوار التحويل ده..
تمتم داغر بنبرة ذات معنى لكنها عفوية من الدرجة الأولى:
-استنى شوية بلاش تتسرعي في التحويل لسه بدري أصلا عقبال ما الترم التاني يخلص، لأن احتمال نقعد في القاهرة..
قالت أفنان بغباء:
-مش فاهمة..
هتف داغر موضحًا:
-مكنتش حابب اقولك تفاصيل عن الموضوع ده غير لما أتاكد والموضوع يمشي، في شركة تانية عندي انترفيو معاهم خلال الأسبوع الجاي، لو الموضوع نفع هكون طول السنة معاكم لأن ليها فرع في ******** بس مقرها الرئيسي هنا، هاجي بس لمدة شهر أو شهرين بالكتير هنا في السنة بس بقيتها هكون معاكوا..
غمغمت أفنان بفرحة أستطاع رؤيتها عبر تلك الشاشة الإلكترونية التي جعلته يرغب في أن تكون أمامه وبجانبه حقًا في تلك اللحظة لعله ضمها إلى أحضانه:
-أنتَ بتتكلم بجد؟!.
هز رأسه بإيجاب…
ثم أردف بتردد واضح وهو ينظر لها قلقًا من أن تذهب تلك السعادة عبثًا:
-أنا بس مكنتش حابب أقولك دلوقتي لأن مفيش حاجة أكيده ومش عايزك تتعشمي على الفاضي كل اللي عايزك تكوني متأكدة منه أني بعمل كل اللي عليا علشان أكون معاكي وجنبك في أقرب فرصة..
غمغمت أفنان بنبرة عفوية:
-وأنا متأكدة من ده، وعلى العموم ربنا يعملك اللي فيه الخير، ويحطك في المكان المناسب..
ابتسم لها وهو يغمغم بهدوءٍ:
-بإذن الله يا حبيبتي، أنا هقفل دلوقتي علشان خلاص فصلت وكلها خمس ساعات واصحى هبعتلك اول ما اصحى…..
-ماشي تصبح على خير..
-وأنتِ من أهل الخير..
دافئة فكرة أن نَتشارك أحداث يومنا في ختام كلِ ليلة.
#مقتبسة
______________
أُحبك كروحي التي لا أستطيع لمسها أو وصفها ورغم ذلك أنت موجود فيني و بشدة، أنت تسكنني كغيمة تسكن عنان السماء
#مقتبسة
“عَلىٰ يَدِكِ، وَجَدت الفَراشاتُ مَلجَأها الوَحِيد.”
#مقتبسة
”أن تُعاملني كأنني كل شيء بحثتَ عنه طوال حياتك، هذا هو نوع الحب الذي أريد أن أحتفظ به إلى الأبد.”
#مقتبسة
“غـرفـة فـردوس”
كانت تضع كوب الشاي على سور الشرفة وتميل عليه قليلًا وتقلب في هاتفها عن شيء تستطيع شراءه
هدية إلى دعاء، بسبب ما حدث لم تأتي لها بأي شيء من دبي، هي تحبها وتود أن تهاديها هدية مناسبة لها وللطفلة عند ولادتها ترغب في شراء شيء مميز لها ولكن لا ياتي في خاطرها شيء كلها أشياء تقليدية جدًا……
هي ليست شخص يحسن اختيار الهدايا في العموم…
خلاف كمال الذي يحسنها بشكل جيد ويفكر بأشياء مختلفة ومميزة؛ لكنها لا ترغب في إخباره حتى لا يشعر بأنها تفكر في أشياء ليس لها قيمة رُبما في نظره بسبب تلك الفترة الحرجة التي يمر بها..
تترك الهاتف بين الحين والأخر تأخذ رشفة من الشاي ثم تنظر على ريم، فهد، ابناء أم شيماء الذين يلعبون سويًا، تراقبهم بهدوء، رغم كل شكوكها تجاة فهد عمومًا، رغم كل ما يتواجد في عقلها من أشياء تحاول أن تتخطاها تحب رؤية الأطفال ولعبهم، مرحهم..
لأنهم لا يعرفون عن الحياة وصعوبتها أي شيء..
لا يعرفون الحزن..
قلوبهم صافية وهادئة، رائعة..
حتى الحزن الذي يصيبهم يكون من أجل شيء بسيط جدًا وحينما يتم حله يذهب حزنهم في مهب الريح ولا يتذكرا أن هناك دقائق مرت في حياتهم في الحزن…
شهقت وكاد الكوب أن يسقط منها..
حينما شعرت بيد تلتف حول خصرها؛ شعرت بالفزع اللحظي لأنها كانت شاردة بشكل كبير وعميق جدًا…
سمعت صوت ضحكة رجولية هادئة خرجت منه وهو يأخذ الكوب ويضعه على السور في الموضع التي كانت تتركه به سابقًا..
تحدث كمال بهدوء:
-سرحانة في ايه للدرجة دي؟!..
غمغمت فردوس بنبرة مختصرة وهي تسترخي قليلًا بين أحضانه:
-أبدًا…
رفع رأسه قليلا بعدما كان يستند بها على كتفها ووجه بصره إلى حيث كانت تنظر، ليجد الأطفال يلعبون بالكرة في أحدى الجوانب حتى الفتيات تشاركهم الأمر، كان المشهد حنونًا وجميلًا؛ يبعث في نفس المتأمل الدفء والسكينة…
ترك قُبلة على عنقها وقبلات متفرقة على ذقنها ووجهها ثم غمغم بنبرة هادئة وهو يستند برأسه مرة أخرى على كتفها:
-بكرا أعملي حسابك أننا نازلين نختار اوض النوم وكل حاجة في الشقة علشان في خلال أسبوع هننقل هخلص شغل وأجي اخدك، وأفنان هتكون معانا علشان تختار حاجة شقتها…
صمتت قليلًا..
هي ظنت بأن الأمر قد أغلق بسبب الظروف المحيطة..
لا تعلم ما يحدث لكنها هتفت بهدوء وتلقائية دون أي اعتراض:
-حاضر…
أستدارت له ونظرت في عينه محاولة رؤية أي شيء قد يظهر بأنه سعيد، أو حتى مرتاح…
لكن قبل أن تقرأ عيناه تحدث كمال بنبرة خافتة وهامسة وهو يضمها من خصرها وكانت قد ابتعدت عن السور قليلا بفعل يداه القابضة عليها…
-شكرا يا فردوس، شكرا أنك عملتي كده مش بس علشان اتنازلتي، ولا علشان حاولتي تريحي ضميرك ولا كل ده..
سألته وهي ترفع يداها وتضعها على صدره:
-أومال علشان ايه؟!.
قال بنبرة هامسة بعدما ترك قُبلة على أنفها:
-شكرًا أنك اكدتيلي أني كنت صح من أول يوم شوفتك فيه وأنا بحبك لغايت دلوقتي، شكرًا أنك اكدتيلي أن مشاعري ليكي مكنتش مجرد وهم أو مشاعر عادية لا أنتِ الانسانة اللي تستحق اني أحبها بالشكل ده..
هبطت دمعة من عيناها صدقًا هي أصبحت عاطفية بشكل كبير جدًا أم تراها نست كيف كانت في الماضي؟!…..
حاوطت وجهه بكف يدها وكانت تمرر أصابعها بنعومة على ملامحه، تخطى الأمر التواصل البصري بينهما بل كان عميق بشكل كبير جدًا كلاهما يستشف مشاعر بالآخر جديدة لم يستطع الزمان أن يمحيها أبدًا….
شعرت بيداه تتجرأ رُبما لا تعلم..
لكنها حينما أبعدت عيناها عن عيناه ونظرت وجدت بأنها مجرد خطوة واحدة وستكون بداخل الغرفة، لا تعلم متى تحركت؟!..
تحدثت فردوس بنبرة عفوية:
-الشاي…
رفعت حاجبيه وأخرجته من دوامة المشاعر التي كانت تحيط بهما:
-شاي ايه يا فردوس؟! ده ناقصله تلجتين يا حبيبي، فصلتيني عايزة اعملك شهادة تقدير في الموضوع ده…
حاوطت عنقه بحب متحدثة باعتذار جعله يضحك رغمًا عنه:
-خلاص أنا أسفة حاول ترجع تاني اعتبرني متكلمتش بص أنا خارسة أساسًا، لا أسمع لا أرى لا أتكلم…
تحدث مداعبًا أياها قبل أن تنتهي الكلمات ويبدأ بالحديث بلغة أخرى تجيد نفعًا معها:
-مش للدرجاتي أنا مش عايز تمثال معايا….
______________
“بعد مرور شهرين تقريبًا”
بعد العشاء…
كانت والدتها ذهبت لتنام قليلًا فهي تشعر بالارهاق النفسي أكثر من كونه جسدي، هي أرهقت في محاولاتها على الاعتياد على تلك المحافظة التي تحمل جوًا وخياة مختلفة والأهم أنها تقوم بتنفيذ أوامر منير بألا يغادر أحدهما المنزل فقط إلا عند الاتيان إليه…
سمعت شمس صوت الجرس..
هذا شيء عجيب جدًا..
لا يعرفهم أحد ليأتي لهم زائر هنا..
حتى حينما ترسل جدتها طلبات للمنزل ترسلهم في الصباح الباكر جدًا..
وضعت خِمارها المنزلي بسرعة شديدة ثم توجهت صوب الباب وقامت بفتحه، وجدت أمامها بشرى…
شعرت بالارتباك والقلق مما جعلها تسألها بعفوية:
-في حاجة؟! كلكم كويسين؟!!.
تمتمت بشرى بملامح لم تستطع شمس قرأتها:
-احنا الحمدلله بخير مفيش حاجة أنا بس اللي حبيت أجي اتكلم معاكي لو ينفع؟!…
لا تدري لما شعرت بالبلاهة لمدة ثواني وهي تناظرها إلى أن تحدثت بشرى في حرج وهي مازالت تقف على باب المنزل:
-لو مش فاضية أنا…
استوعبت شمس فعلتها لتقاطعها متحدثة بجدية:
-لا طبعا اتفضلي أنا بس مش مستوعبة بقالنا كتير هنا ومحدش جه يشوفني فأنا مخضوضة شوية، اتفضلي..
ولجت بشرى وسارت بضعة خطوات إلى أن اقتربت من الأريكة وجلست فوقها، أخذت شمس مكانها على الأريكة الأخرى التي تتواجد قبالتها بعدما خلعت الخِمار قالت بشرى بعفوية:
-نسيت أسالك تشربي أيه؟!.
غمغمت بشرى باختصار:
-أنا مش عايزة حاجة شكرًا متتعبيش نفسك، والدتك فين؟!.
ردت عليها شمس وهي مازالت لا تفهم سر تلك الزيارة:
-هي نايمة شوية، هو في حاجة؟؟.
-كويس، أنا بس حبيت أقولك أن كتب كتابي بكرا في بيت أهلي مش البيت اللي كنتي بتيجي فيه تشوفي بابا بعد العملية..
سمعت شمس الأمر من والدها في الصباح لكنه لم يقم بدعوتها وتفهمت شمس الأمر بأنها بالرغم من حصولها على بعض الحقوق القانونية مازالت بعيدة كل البُعد عن الحقوق الإنسانية والعاطفية بينهم…
تمتمت شمس بعدما رسمت ابتسامة هادئة على شفتيها:
-عرفت، ربنا يتمم ليكي على خير يارب.
سألتها بشرى بحرج:
-هو بابا عزمك؟!.
هي ليست واحدة من العيلة..
حتى حضورها إلى مناسبة يتطلب دعوة…..
الأمر مهين جدًا..
هتفت شمس بـ سلام نفسي لا تدري من أين حصلت عليه في تلك اللحظة:
-لا هو قالي بس معزمنيش، بس اكيد يعني انه معاه حق مينفعش اكون موجودة في يوم زي ده ولا أنكد عليكي ولا على مامتك..
تحدثت بشرى بتردد:
-ولو قولتلك اني حابة تكوني موجودة؟! انا عايزاكي تكوني موجودة يا شمس معايا بكرا من أول اليوم، عارفة ان كلامي ممكن يكون ملغبط بس احنا محدش فينا اختار حياته بس على الأقل في ايدنا نصلحها، أنا طول عمري نفس يكون ليا اخت بنت او اخ يشاركوني تفاصيل حياتي، بكرا كتب كتابي وللمرة التانية اخويا مش هينزل ويا عالم هينزل يوم فرحي ولا لا…
هتفت شمس بعدما حاولت أن تستوعب كل كلمة سمعتها منها:
-انا فاهمة كل اللي بتقوليه بس والدتك عارفة أنك جاية تعزميني؟!.
عقبت بشرى بنبرة واضحة:
-أنا ماخدتش رأيها بس بلغتها، ماما مدركة أن أنتِ ملكيش ذنب في حاجة، تخيلي ولا والدتك ليها ذنب أساسي هي من ضمن الحاجات اللي بابا أذى بيها امي لكنها مكنتش سبب المشكلة الاساسية، المشكلة الأساسية بدأت من يوم جوازهم، وبعدين ده كتب كتابي وأنتِ اختي ولازم تكوني موجودة..
شعرت شمس بالسعادة…
دون أن تدري بشرى جعلتها تشعر بأنها مقبولة…
بعدما كانت منبوذة وياله من شعور صعب جدًا أن يتحمله أي شخص…
غمغمت شمس بالرغم من الامتنان الشديد التي شعرت به حتى ولو كانت مجرد كلمات كاذبة هي راضية…
-راجعي نفسك يا بشرى حتى ولو في احتمال ولو واحد في المئة اني وجودي ينكد عليكي أو على فرحة والدتك بيكي صدقيني كفايل عندي انك جيتي لغايت هنا تقولي ليا الكلام ده لوحده كفايا، كفايا اوي عليا…
هتفت بشرى مضيفة الشرعية الحقيقية التي لا تُنسب عن طريق أوراق بل مشاعر ومواقف حقيقية هي فقط من تثبتها:
-لا وجودك مش هيتسبب في أي حاجة، أنتِ اختي مهما حصل ووجودك جنبي في يوم زي ده مهم بالنسبالي…
نهضت شمس من مكانها وذهبت لتجلس بجانب بشرى، ترقرقت الدموع في عيناها قائلة بصوت خافت:
-شكرًا بجد على كل حاجة..
هتفت بشرى متصنعة الجدية:
-الشكر ده أنا هقبله لو جيتي بكرا بدري لاني مبحبش الناس اللي بتيجي متأخر وبحب المواعيد المظبوطة عايزاكي تكوني معايا من أول اليوم مش هيكون في حد في البيت معايا غير بنت خالي وملك صاحبتي…………
تمتمت شمس بتردد وحرج:
-يمكن ميحبوش وجودي هما كمان…
-ده يومي أنا، وأنا اللي اختار مين يكون موجود ومين لا، ومحدش له رأي غيري وأنتِ اختي مكانك قبل أي حد وهما هيتقبلوا ده، تعالى ومتشغليش بالك بحد…
بعدما قالت تلك الكلمات امتشفت بأنها تغيرت كثيرًا منذ خطبتها إلى هلال نضجت تمامًا على ما يبدو…
______________
عادت إلى المنزل بعد محادثة طويلة جدًا مع شمس..
وقبل أن تبدل ملابسها لتستعد للنوم فهي سوف تستيقط باكرًا جدًا، بسبب قطار ملك..
وجدت هاتفها يعلن عن اتصال تسمع صوته بشكل منخفض بسبب تواجده في الحقيبة، التقطته لتجد اتصال من مراد!!
هذا شيء عجيب….
رُبما هناك شيئًا هام..
أجابت بشرى بنبرة عادية:
-الو..
سمعت صوت مراد يتحدث بانزعاج ويبدو أنه يحاول أن يسيطر عليه:
-ازيك يا بشرى، معلش لو بتصل في وقت متأخر بس ده الوقت اللي بكون فاضي فيه في الوحدة..
تحدثت بشرى بعدم فهم:
-هو في حاجة طيب؟!!.
تمتم مراد بانزعاج جلي:
-هي ملك سابت الشغل بقالها فترة ليه؟!!!…
هل يتصل في هذا الوقت ليسألها هذا السؤال؟!.
-زي ما أنتَ عارف هو شغفها مكنش في الشغل من الأول، وقعدت تقريبًا الفترة دي مسكت الدعايا لشركة من الشركات على السوشيال ميديا من البيت ده شغلها الفترة دي..
سألها مراد بنبرة مكتومة:
-اتخطبت؟!.
تحدثت بشرى بعفوية:
-لا، بس في موضوع ابن خالتها ده احتمال يتم علشان هي حابة فكرة السفر..
سمعته يتحدث بنبرة غاضبة بعض الشيء:
-هو علشان حابة تسافر تروح تتجوز؟! وبعدين هو ابن خالتها ده الحوار اللي بترغي فيه بقالها كذا شهر؟!.
هتفت بشرى ببساطة:
-لا ده كان واحد تاني، بس راح لحاله هي مرتاحتش ليه، وبعدين أنتَ متصل تسألني انا ليه ما تكلمها هي..
أردف مراد بسخرية:
-على أساس أن حضرتك متعرفيش..
ضيقت بشرى حاجبيها متحدثة:
-معرفش ايه؟!.
قال مراد بانفعال طفيف:
-ملك عملالي بلوك من كل حتة يا بشرى، من الفيس والواتس واي ابلكيشن ممكن يخطر على بالك لسه مكتشف الموضوع ده من قريب ومعرفش ليه عملت كده أصلا…
تحدثت بشرى هامسة لذاتها:
-الله يفضحك يا ملك…
غمغمت بشرى محاولة أن تخرج من هذا الأمر
:
-معرفش والله يا مراد أنا أول مرة أعرف منك، مش يمكن بلكتك بالغلط..
سمعت ضحكة ساخرة منه وهو يغمغم:
-بلكتني من كل حته بالغلط؟!، أنا اصلا مش عارف انا عملتلها ايه يقلبها بالشكل ده؟!! احنا اصلا مكناش بنتكلم غير اما بشوفها في الشغل، تقريبا عمري ما اتصلت بيها ولا بعتلها رسالة علشان اعمل حاجة تضايقها، ليه تبلكني؟!!
قالت بشرى بارتباك هي ترغب في أن تنهي تلك المكالمة قبل ان تعترف حقًا:
-والله معرفش انا هكلمها بس مفيش حاجة حصلت يعني أنتَ عارف ملك عموما مجنونة ممكن تقطع مع الناس بلا سبب ساعات لو قولت كلمة تضايقها اصحى الاقيها مبلكاني وبعدين نتصالح تروح فاكة البلوك هي دماغها صغيرة شوية، مش انا كتب كتابي بكرا؟!.
تمتم مراد بنبرة جادة بعد حماقته بالرغم من معرفته هو نسى الموعد الأيام تشبه بعضها لي الوحدة:
-ألف مبروك ربنا يتمم ليكي على خير، أنا عرفت من المتر بس للأسف مش هعرف اجي تتعوض في الفرح ان شاء الله، ومعلش اسف بجد اني دوشتك بس كنت هطق لو متصلتش بيكي…
ثم أسترسل حديثه بنبرة واضحة:
-اكيد ملك جاية ليكي بكرا قوليلها تفك البلوكات…
____________
”كان المقصد من الحُب ألا تراه شخصًا عاديًا كغيره، وإلا ما فائدة أن تختاره، هو وحده، بين تلك الجموع من الناس، ثم تعامله كواحدٍ منهم؟”
#مقتبسة
– أن تعرف مَكانك فِي قلبِ مَنْ تُحِبّ ،
مِثلما تعرف الطَريق للمَنزل .
#مقتبسة
أسابيع مرت على انتقالهما في المنزل الجديد..
وكل شخص منهما له شقة منفصلة تقريبًا…
حتى أفنان تم تجهيز شقتها بالرغم من أنها تجلس مع والدتها في الشقة الخاصة بها..
تم تجهيز كل شيء بعناية مع مرور الأيام..
كل من كان ينقصه شيء كان يستكمله بعد جلوسه في الشقة…
الأيام رغم صعوبتها على الجميع وتذكرهم كل لحظة بـ شريف، إلا أنها كانت هادئة بشكل كبير، لم يكن هناك عواقب أو مشاكل جديدة..
كان الذهن صافي أو على الأقل يعرف أين تتواجد المشكلة ليس ذهن مشغول دون أسباب واضحة..
أصبحت العلة معروفة..
وسوف تنتهي عند خروج شريف من (السجن)..
أيام كمال وفردوس كانت رائعة إلى حد كبير…
كل يوم تقريبًا تدهشه فردوس بالكثير من الأشياء ان كانت ملابسها عند عودته؛ أو حتى الطعام التي عادت لصنعه بعدما توقفت لسنوات…
بالفعل جعلته يشعر بأن تلك أيام زواجهما الأولى…
كان ينسى كل شيء يحزنه حينما يعود إلى المنزل ويرى ماذا صنعت؟!
ماذا فعلت هي وقطتها؟!!..
فهو اشترى لها قطة عند إتيانهما إلى الشقة كما طلبت منه ولم يتأخر…
لم تكن فردوس الوحيدة التي تتلقى منه سلام عند اتيانها ويحتضنها بل هناك كائن أخر قطتها التي تدور حول قدمه تنتظر أن يحملها ويقبلها هي الأخرى…
وكان هذا هو الحال اليوم….
احتضنها ثم ترك قُبلة على وجنتيها وثغرها، واحتضن القطة..
بعدها بدل ملابسه، جلس على الطاولة ليتناول الطعام، هو يحرص على تناول طعامها حتى ولو وجبة للعشاء إذا تناول الغداء معهم بالأسفل….
تناول الطعام وأثنى عليه أخبرها بأنه ذاهب ليجلس مع والدته وأفنان وهزت وقتها رأسها في إيجاب وأخبرته أنه إذا أنهت ما يقع على عاتقها مبكرًا ستهبط خلفه…
أخذت تقوم بغسيل الصحون وتنظيف المطبخ، وضعت الملابس في الغسالة، وتقوم بتلك المهام اليومية، ثم قامت ببسط الملابس على الحِبال وبعدها رتبت المنزل وأخذت حمام دافئ وجلست على الفراش؛ في أحضانها القطة، شعرت بالكسل أن تهبط لذلك ظلت تنتظره تشاهد بعض المقاطع على الهاتف…
وبحلول الحادية عشر قبل منتصف الليل كان كمال يدخل إلى المنزل باحثًا عنها ليجدها في نهاية المطاف في غرفة النوم، الغريب أنها لم تكن ترغب في أن تساعدها اي أمرأة في شقتها إلا عند الضرورة القصوى ترغب في القيام بكل المهام بمفردها لأنها ترغب في الشعور بالاستقلالية الكاملة….
تحدث كمال بتساؤل طبيعي:
-منزلتيش ليه؟!..
هتفت فردوس بنبرة هادئة:
-عقبال ما خلصت وقعدت حسيت اني مش قادرة..
أردف كمال بتفهم:
-ماشي..
ثم أسترسل حديثه:
-الاسبوع الجاي أحنا هنسافر.
سألته فردوس بدهشة:
-هنسافر فين واحنا مين؟!…
تمتم كمال بتوضيح:
-فرح هلال في القاهرة مش فاكر امته بالظبط هو بعتلي اليوم والمكان ان شاء الله الاسبوع الجاي يعني، احنا مين جدي مش هيروح ولا ماما هيكون في الغالب بكر ودعاء أو أفنان لسه هسألهم بكرا المهم اني رايح أكيد، هلال عمل حاجات كتير معانا وأقل واجب أننا نكون موجودين يوم فرحه..
تحدثت فردوس بهدوء:
-خلاص ماشي مفيش مشكلة معاك حق لازم تروح..
سألها كمال بنبرة مبهمة:
-وأنتِ مش هتيجي؟!.
-لا هاجي أكيد؛ ايه اللي هيخليني مروحش يعني؟!
كانت جادة في تعبيرها ليس هناك سبب منطقي يجعلها لا ترغب في الذهاب…
ولأنها ترغب في حضور تلك المناسبات معه، منذ زواجهما ولم يحضرا أي مناسبة سويًا…
ضحكت رغمًا عنها، لينظر لها بعدم فهم..
لا يعلم أنها تداعب نفسها هي بالفعل تتعامل مع كل شيء وكأنها تزوجته منذ عدة أشهر…
سألها كمال باستغراب:
-بتضحكي على أيه؟!.
أجابته فردوس بجدية وهي ترفع بصرها وتنظر له وأثناء حديثهما كان قد جلس بجانبها على الفراش:
-أصل دي هتكون أول مرة نحضر فرح مع بعض، هو أحنا حضرنا افراح واحنا مخطوبين؟! انا مش فاكرة..
أخذ كمال يحاول أن يتذكر ليقول بنبرة هادئة بعد دقيقتين تقريبًا:
-متهايقلي حضرنا فرح اخو مراد الكبير أول ما اتخطبنا..
تذكرت هي الأخرى متحدثة بجدية:
-أيوة صح…
نظر كمال على القطة التي غفيت بين أحضان زوجته ليغمغم:
-فردوس نامت..
تحدثت فردوس باستغراب:
-فردوس مين اللي نامت؟! اومال خيالي اللي بيكلمك..
غمغم كمال بنبرة مرحة:
-القطة..
أردفت فردوس متذمرة:
-قولتلك مسميهاش فردوس، اسمها مشمشمة هي بس بتفرهد كتير..
هتف كمال ببراءة:
-كل ما بلاقيها نايمة بفتكرك أعمل ايه طيب؟!.
تحدثت فردوس بانفعال:
-انا مبنامش كتير كده يا كمال..
-أنتِ حياتك كلها معايا أنك نايمة يا حبيبتي..
كزت فردوس على أسنانها وتغيرت ملامحها الهادئة إلى اخرى تمامًا:
-لو وحشك الخناق والخصام قولي…
-لا موحشنيش لا يعودها أيام انا متهايقلي بعد السنين اللي فاتت دي كلها انا مش عايز خناق تاني في اللي جاي مهما كان السبب احنا خدنا الجرعات كلها وشبعنا..
ثم غير الموضوع متحدثًا:
-أنا هقوم أعمل قهوة بكرا الجمعة أجازة، شوفيلنا حاجة نتفرج عليها مش عايز أنام دلوقتي….
تحدثت فردوس بنبرة منزعجة:
-اعملي قهوة معاك.
قال كمال رافضًا:
-بلاش انتِ القهوة بتصحيكي يومين معرفش ليه بتأثر فيكي اوي كده أنا ساعات بشربها وبنام بعدها بثواني، هعملك شاي، وبعدين بلاش لوية وش…
أقترب منها وترك قُبلة على جبينها ووجنتيها وواحدة على ثغرها:
-يلا قومي بلاش البوز ده….
-حاضر..
______________
رقيقةٌ للحد الذي يجعل الورد يتمنى ملامستها.
#مقتبسة
قرأت قبل قَليل بأن : الحبّ رزق ليس مشقّة.
#مقتبسة
في اليوم التالي…
كانت شمس بالفعل متواجدة منذ بداية اليوم وعلى العكس وجدت شخصية ملك مرحة جدًا وحتى ابنه خال بشرى تقبلت وجودها على الرغم من قلة الحديث بينهما إلا أن التعامل كان لين والجميع حاول إسعاد بشرى والجلوس معها أثناء تجهيزاتها اليومية..
حتى والدتها كانت فرحتها بها تطغى على تواجد ابنه منير الآخرى..فرحتها بابنتها جعلتها لا تهتم بأي شيء أخر…
ارتدت بشرى فستان من اللون الأبيض بسيطًا جدًا، كانت إطلالتها ناعمة تضع بعض اللمسات التجميلية من مساحيق التجميل التي تكاد لا تظهر، الفستان كان ينساب على جسدها بنعومة..
مهما تخيلت في الماضي اثناء مراهقتها أو طفولتها أو اي فترة من فترات حياتها لم تكن تتخيل مقدار السعادة التي تشعر بها الآن…
منذ أيام تعطيه وعد بأن له هدية منها يوم عقد القرآن أخبرها بأنه يرغب في أي إشارة او تلميح، لتخبره بأنها ليست هدية مادية أو ملموسة من الممكن أن تكون سماعية، أستطاعت دون أن تدري بأن تجعله يشعر بالحماس الشديد…
لينتظر هديته بعد إتمام عقد القرآن بفارغ الصبر…
“بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير”
انتهت مراسم عقد القرآن لحقتها (زغاريط) النسوة من قلوبهم معبرة عن السعادة، لينهض هلال مقتربًا من بشرى التي نظرت له بفرحة ترافقها سعادة وخجل كبير، ترك قُبلة على جبهتها وعانقها تحت تهليلات الجميع وكان هذا أول عناق بينهما بل أول تلامس جسدي وعاطفي من الأساس رغم سرعته وعدم منحه الوقت اللازم إلا أنه كان أكثر من كافي…
كانت تراقب شمس المشهد بسعادة..
ومن لا يسعد برؤية مشهد كهذا؟!.
تحديدًا لو كان شخص عاطفي مثلها…
ولا تدري لما حضرت صورته في ذهنها…..
تلقائيًا لتتسع ابتسامتها وهي تتخيل صورة تعلم بأنها لن تحدث…
بعد مرور نصف ساعة انتهى هلال وبشرى من تلقي التهنئة من الأقارب والمعارف والأصدقاء، أكثرهم كانوا من جهة بشرى بسبب المسافة لم يأتي كل معارف هلال بالطبع، لكن الأمر سيختلف عند حفل الزفاف الذي سيكون في القاهرة….
كان يقف بجانبها في أحد الأركان البعيدة قليلًا عن الجميع وتمنح خصوصية ليست بالقدر الكافي لكنها جيدة نوعًا ما..
اقتحمت هي الحديث متمتمة بصدقٍ:
-لو كان جه حد قالي من سنة اني ممكن اتجوز واثق في حد بالسرعة دي كنت قولت عليه مجنون…
ابتسم لها هلال ليغمغم بصوت هامس يخصها هي وحدها:
-أنتِ أهم قضية كسبتها.
ابتسمت رغمًا عنها وقبل أن يعقب سمعته يتحدث بحماس حقيقي:
-ها فين الهدية؟! أنا معرفتش أنام من امبارح.
نطقت بشرى اسمه بسعادة وهي تنظر له بحماس متوقعة ردة فعل مختلفة تمامًا:
-هلال..
تحدث هلال بعفوية:
-نعم؟!.
كررت اسمه مرة أخرى لكن نبرتها كانت عالية نوعًا ما:
-هلال…
أردف هلال بعدم فهم:
-نعم، ما أنا قدامك اهو بتنادي ليه؟! وبعدين بلاش جو الهروب ده أنا عايز الهدية ومش هسيبك..
تمتمت بشرى بارتباك وهي تعقد ساعديها:
-ما انتَ اخدتها اهو…
هتف هلال وهو يعقد حاجبيه:
-اخدت ايه؟! انا ولا اخدت حاجة ولا سمعت أي حاجة من اللي في خيالي ومستنيها…
أردفت بشرى بتوضيح وانزعاج بعدما وجدته لم يفرح بهديتها بشكل الكافي:
-ما أنا قولتلك اهو هلال، أنا مكنتش بنطق اسمك وبكلمك بالالقاب…
قاطعها هلال بعدم استيعاب:
-بشرى أنتِ بتهزري؟! هو ده اللي كان قصدك عليه؟!
هزت رأسها ببراءة..
مما جعله يرفع يديه ليكن وجهها بين كفيه متحدثًا وهو يكز على أسنانه:
-حظك يا بشرى اني مش من انصار مد الايد خصوصًا مع الستات..
انزلت بشرى يديه متحدثة بانزعاج واضح:
-أنا كنت فاكرة أنك هتفرح..
أردف هلال مستنكرًا:
-معاكي حق ازاي مفرحش أن يوم كتب كتابي بعد ما عشمتيني بقالك أيام تروحي قايلة اسمي، ده والله ربنا يسامحني على الجحود اللي أنا فيه..
سألته بشرى بجدية وحماقة وهي تنظر له:
-أومال يعني أنتَ متوقع اني هقول ايه؟! بالعكس أنا كنت متخيلة أنك ذكي وهتعرف لوحدك ايه هي الهدية..
تمتم هلال بنبرة ساخرة:
-معلش انا غبي.
أين كلمات الحب الذي توقعها؟!..
ابتلع هلال ريقه ثم تحدث بجدية وهو يضع يده على رأسها:
-على العموم أحنا معانا وقت نعمل كورس تأهيل كامل للكلام اللي أحب اسمعه الفترة الجاية لغايت الفرح ومفيش مانع الكلام والأفعال اللي احبها، مش مشكلة الدماغ دي أنا هعملها سيستم من أول وجديد..
-انا دماغي زي الفل.
ضحك هلال رغمًا عنه وهو يعقب:
-هي فلة فعلا…
ضحكت هي الأخرى…
لتسمعه يقول بعد تنهيدة حارة:
-ألف مبروك علينا يا بشرى؛ النهاردة من أجمل أيام حياتي وان شاء الله الايام اللي جاية تكون في حياتنا كلها حلوة…
أنهى حديثه وهبط ليأخذ كفها طابعًا عليه قُبلة راقية…
لتهتف هي بصوت خافت جدًا وناعم:
-الله يبارك فيك يارب، أنا مبسوطة أوي لأول مرة في حياتي أصلا…
-دي مهمتي الفترة الجاية أنك متكونيش غير مبسوطة وبس…..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ديجور الهوى)