روايات

رواية قابل للكتمان الفصل الرابع عشر 14 بقلم خديجة السيد

موقع كتابك في سطور

رواية قابل للكتمان الفصل الرابع عشر 14 بقلم خديجة السيد

رواية قابل للكتمان الجزء الرابع عشر

رواية قابل للكتمان البارت الرابع عشر

قابل للكتمان
قابل للكتمان

رواية قابل للكتمان الحلقة الرابعة عشر

“شعرت برغبة البكاء عندما أخبرني أحدهم أنه معجب بصلابتي، هو لا يعلم أني فضلت السلام بدلاً من المكافحة، وأن روحي تبكي من الوحدة”.
كان النور ساطعا ومؤلِمًا على غير العادة، شعرت ضحي بشيء ما يضغط بقوة على يدها، شيء متمسك بها وكأنها حبل نجاة
من الغرق أو الشقوط… نظرت له لتجده مزال نائم ولم يستيقظ ويكتشف ما الذي فعله ليله أمس، سحبت جسدها من بين ذراعيه ثم ألتقطت المأزر خاصتها المُلقي علي الأرض بجوار الفراش وقبل ان تتحرك للرحيل تجمدت مكانها بصدمه وشهقت بذعر عندما وجدت حماتها تقف أمامها بين التسريحه والحائط مثل الشبح، لتقول ضحي بذهول
= طنط انتٍ دخلتي ازاي وتعملي إيه هنا
لوت شفتاها بضيق وهي ترد بسخرية
=هو انا كل ما اطلع لوحده اصحيها هتتخض الساعه يا اختي عدت ١٢ الظهر وانتٍ لسه نايمه والهانم الثانيه نفس الحكايه يلا شهلي وانزلي ساعديني في شغل البيت
رمشت بعينيها عدة مرات تستوعب الموقف وهي تسألها بدهشة
= هو انتٍ دخلتي هنا ازاي؟!.
أردفت مايسة بكل بساطه وعدم مبالاة
= اكيد بالمفتاح الاحتياطي اللي معايا يعني هو ده سؤال يلا هستناكي تحت ما تتاخريش
وصحي كمان اللي جنبك اول مره يعملها ويتاخر علي شغله.
أستيقظ منذر بعد غفوة أثر كلماتها الأخيرة وهي ترحل! ليقول بصوت منخفض ناعس
= هو انا سمعت صوت أمي ولا بيتهيا لي بس إيه اللي هيجيبها هنا؟!.
نظرت له نظره خاطفة وهي ما زالت تحت صدمتها وأجابت
= طلعت وفتحت علينا الباب واحنا نايمين بالمفتاح الاحتياطي!.
نهض بسرعة وقد إتسعت عيناه بصدمة وهو ينظر إلى ملامحها ثم يعود بنظراته لنفسه وهي طرقت رأسها فى خجل إمتزج بالحزن.. فلقد فهمت جيد بأنه بدأ يعود بذكرياته ليله أمس حين إستسلمت وهي مضطرة لكن بالنهايه فشل كعادته ولاول مره معها، لتنتفض على صوته حيث قال بقلق بالغ
= هو انا كنت بحلم؟ ولا اللي انا فاكره ده حصل فعلا بجد.. انا طلعت الشقه وكنت عاوز
اقول لابويا كل حاجه وبعد كده قربت منك؟!.
نظرت إلى عيونه لثوان تبغى هروبا ولكن ما من مهرب لتقرر أن تعترف بكل ماحدث أمس
نظر لها منذر بصدمه وضيق ليجلس فلم تعد قدماه قادرتان على حمله.. لقد كان على حافه الاعتراف بكل شيء بنفسه حقا هو غبي لم يكن يجب ان يستسلم الى تلك الاصدقاء الذي اجبروا على تناول تلك الممنوعات، لكن شعر بالأمل بأن ربما يكون ذلك العلاج لحالته.
أصاب بطعنة فى قلبه عندما تذكر فشله معها مجدداً هي الاخرى؟ فكان يامل ان يكون الطبيب صحيح والامر سيختلف معها.
لكن مهلا هناك شيء لم ينساه ولم يشعر به مع طلقته السابقه، الرغبة والشوق وتلك الأحاسيس والمشاعر التي كانت جديده بالذكر! حسنا طالما شعر بكل ذلك لما لم يكمل وتوقف
ليلوم نفسه على ضعفه ويدرك أنه حقا لا يستحقها، إتسعت عيناه بصدمة ليقول بألم هدج صوته
= غبي.. غبي، إيه اللي استفدته غير ان انا وجعتك واتاكدت ان انا عاجز وما فيش امل فيا حقك عليا يا ضحى انا اسف .
عقد حاجبيه وهو يدرك أنها بالتاكيد كرهته بعد تلك الليلة البغيضة كانت وكأنها قرأت ملامح وجهه وأدركت ما يحيره لتقول بهمس مرير
=انا ما زعلتش منك بس زعلانه على تعبك ده، بلاش تلوم نفسك بس بلاش تجرب حاجه زي كده تاني عشان حرام وما ينفعش ومش هي دي اللي هتحل مشكلتك وانت عارف الحل فين بس مش راضي .
تأمل ملامحها المټألمة لأجله بحزن هز كيانه، فهي تعلم أنه ضحية، ضحية لوالده وامه و أخيه وطلقته ولنفسه ايضا..وضحية للجميع.. كم تمنت لو تستطيع حمايته ولا تظلمه مثلهما من أن تكون ضحيه مثله ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه..تجعد وجهه ألما ليدرك أن القادم أسوأ فقط لو كان وثق بها وبحبه لها لأنقذ نفسه وهي من كل هذا العذاب الذى مرا به..ليقول بألم
= كرهتيني بسبب اللي حصل امبارح؟!.
ترقرقت الدموع بعيونها لتقول بصوت ضعيف
= لا بس وجعت قلبي على حالك.. حتى وانت في الحاله اللي فيها كنت بتتالم وبتشتكي منهم! وحسستني أني واقفة عاجزه ومش عارف اعملك حاجة… بس صدقني ما فيش حد هيساعدك غير نفسك .
كاد أن يمزق يديه القابض عليهما بقوة غضبا أنه جعلها تتعرض لكل هذا العذاب على يده وهي الآن تمر بكل هذا.. قسوة وعڼف وألم وتقلباته المزاجيه التي لم يخرجها الا عليها
لقد عانت بما يكفى بسببه بدلاً ان تكون سعيده معه و بجواره مثل أي عروس…ليلعن نفسه ويلعن قلبه.
انهارت بالبكاء ليسرع يضمها إلى صدره وهي تستكين بين ذراعيه لمده دقائق وبعدها، أبعدها ومشي بخطوات ثقيلة يفكر كيف ينول رضاها و مسامحتها حتي تصفى له.. لم يجد سبيل إلا طلبها الذي تردده عليه كثيراً وهو يرفض دوماً.. ثم تخفت شهقاتها تدريجياً عندما سمعته يقول مبتسماً بوهن
= خلاص بطلي عياط انا هحقق طلبك وهروح لدكتور نفساني و اتعالج زي ما انتٍ عاوزه
مسحت دموعها بسرعه غير مصدقة وتساءلت بأمل
= احلف انك هتعمل كده ومش بتاخذني على قد عقلي يا منذر.. قول انك هتحاول عشاني وعشانك وانا مش هسيبك والله .
تحدث بصوتاً ساكِن وهو ينظر في عينيها التي
تلتمع، بينما دنى رأسه بأسف وبدا حائر وحزين بعدم ثقته بنفسه
=والله العظيم ما بكدب، بس انا مش واثق ان هنجح بس هحاول عشانك.
ارتسمت ابتسامة جميلة على وجه ضحي بعد
حديث منذر ولم تستطيع السيطره على سعادتها، لتهجم عليه بحماس وتقبله من
فمه بقوة ثم تعود إلى فراشها مديرة ظهرها له لتغطي نفسها جيداً وتنام تاركتا الذي ينظر إليها بأعين متسعة!
لكنها نهضت بذعر فلم تستوعب ما حدث قبل ثوان واتسعت عيناها بذهول وخجل عندما استوعبت ما فعلته، فهو لم ينتظر منها هذا الفعل أبدا وبعيدا عن ذلك فهذه أول مرة يقبلان بعضهما البعض منذ زواجهما أو ربما حصلت في ليله أمس من يدري.. لكن منها وتكون هي المبادره بالاول لا!.
لكن العفويه أطباعُها تختلف عن أي فتاة قد
يقابلها أبعدت كفيها عن وجهها ولاتزال تبتسم بخجل، لتجده مزال ينظر إليها بتركيز لتحاول الأنشغال بتفقد القطه التي كانت تحت قدمها تعبث بفرو الشبشب الذي ترتدي، قهقهت بصوتاً خفيض لا يسمع وأعادت نظرها نحو منذر الذي لم يستطع أن ينشغل بشيء سواها.. وهو يفكر بما فعلته للتو!.
هي تخجل كثيراً وجريئة في بعض الاحيان ،
بأفعال وأقوال، إنها لمُشكله كبيره ورغم ذلك
أجب خجلها يجعله يشعر بأن النقاء بأكمله
ينحصر بداخلها.. بداخل فتاة تشبه الورد..و
لكن يجب أن يعلم بأن الورد ضعيف وهَش ويموت وينطفئ لونه بعد إنقضاء محسمة يصبح شاحب.
عضت على شفتها السفلى وفي عينيها بريق
حيره سؤال كان يُراوِدُها في ذلك الحين، لم
تستأذنه للسؤال بل ألقت سؤالها عليه بحيث
كان مترقباً لما تريد قوله
= هو انت عمرك حبيت قبل كده يا منذر
ابتسم منذر ابتسامه مشرقة وهو يرد بنبرة ناعمه
= لا عمري ما حبيت زمان! بس مش عارف دلوقتي إيه اللي ممكن يحصل، ضحي شكراً انك وقفتي معايا و شكراً علي وعدك ليا انك هتسنديني مهما حصل.
ازدادت ابتسامتها وفرح قلبها لتلك اللمعة التي احاطت خضراء عينه الداكن وهو شعر بسعادة لشعورها انها جواره دائماً و لن تتركه بمفرده.
تقدمت منه بلا ارادة تنظر الي عينه الساحرة
التي تجذبها للتأمل بها ثم مدت يدها و ربتت علي كتفه و تحدثت بتلقائية و هدوء
=انا معاك دايما يا منذر متخافش
تنفست بقوة و هي تشيح بوجهها عنه و عن
عينه التي تبتسم لتكتب في تاريخ علاقتهم ذكرى مؤلمة.. وفي نفس الوقت جميلة.. للتقارب الذي حصل بينهما بأول مرة.
وأثناء ذلك تعالى دقات هاتف منذر برقم والده حتى يستعجله للقدوم للعمل لكنه أجاب ولاول مره قائلاً بهدوء جاد
= ورايا مشوار مهم الأول هروحه وبعد كده هبقى اعدي على الوكاله سلام.
نظرت له مطولاً بدهشة وفرحه وقد فهمت بانه سيذهب الى الطبيب الآن مثل ما وعدها، لكن كانت غير مصدقة حديثة مع والده للتو! فمنذر بدأ في أول خطوات العلاج حقا.
❈-❈-❈
علي الجانب الآخر، حاولت ديمة كسر كل حواجز خجلها بفعل عشقها له لتتحرر من أوهامها باندفاع عاطفي موجه له حتى ينال كل الدلال الذي كانت تمنحه إياه بطريقة أطاحت بقلبه وعقله.. تُردد على مسامعه بلهفة وحرارة مشاعرها ما يؤكد له مدى حاجتها إلى وجوده في حياتها.. حريصة هي على أن تشعره بحماسها وبقبولها نحوه دون تحفظ أو قلق مما لا تجيده وتفعله لأول مرة..
وكرجل مثله محروم من الحب والدلال لسنوات بسبب فترة وحدته، كان يتطلع إليها هذه اللحظة ويريدها هي بالأخص أن تكون المبادرة.. من تقرر.. وتخطط أن تغويه.. أن تثير جنونه وتفقده آخر ذرات عقله.. ولا يظمأ من الإرتشاف من كأس غنجها.. وبالنهايه نامت بين ذراعيه بهدوء وهو ظل مستيقظ يراجع افكاره وما حدث وكيف استسلم بسهولة هكذا بعد أن فعل كل ذلك ليبتعد عنها وعن تلك اللحظه لكنها حدثت وبكل ارادته! فما الذي سيحدث الآن ؟!. وماذا عن الأخري التي ارتبط بها وأصبحوا الآن بحكم المخطوبين و سيتزوجها قريباً .
إبتعد عن ديمة النائمة بخفة وحذر دون
إصدار أي صوت، إلتقط قميصه الأسود ليرتديه
تاركاً أزراره متحررة وإستقام يأخذ جسده نحو
مكتبة صغيره ليضيء المكتب بشكل خفيف
ليأخذ مكانه ويسحب إحدى الأوراق البيضاء و
قلم مباشراً بعملة اليومي حتى يبتعد عن التفكير دون فائده..
كان قاطباً الحاجبان دليلاً على تركيزه الشديد
فيما يفعله ولم يشعر بالوقت الذي كان ينقضي
عليه وهو غارقاً فيما يفعله.. نقل عيناه مِن على الورق إلى نافذته التي كانت تبعث ضوء الفجر الأزرق فرك عيناه بتعب، مرر كف يده على رقبته يتحسسها بألم طفيف و شعر
بحركة خلفه وفي الحال حرك كرسية للخلف
لیری ديمة فتحت عينيها تلك الزرقاوتان اللواتي أوقعن به طريح هواها، تجلس على حافة السرير تحدق به بناعسة
إلتفت إلى الجهة الأخرى إستعدادا المغادرة لكن يدها الرقيقة التي حطت فوق كتفيه فجأة منعته لتصلب مكانه خاصة بعد أن سمع صوتها الرقيق و هي تسأله بارتباك
= إنت زعلت مني… او انا عملت حاجه ضايقتك؟
قفز من فوق المقعد كمن لدغه عقرب كيف سيبعد وهو لا يستطيع حتى التنفس بحرية عندما يكون بقربها.. يجب أن يجرب، لا ضرر من تجربة شيئ جديد حتى لا يندم! فهو الرجل و واجب ان يتحكم في مشاعره.. حقا كان يحمل نفسه كل شيء ويضغط على روحه وقلبه ليمنع نفسه عنها، تساءلت مجدداً باهتمام
= مالك؟ إيه خايف مني ؟
سلط أنظاره عليها مطولاً، لينطق بعدها بلهجته النافذة
= إمشي ابعدي عن طريقي يا ديمة
تنهدت ديمة ترجوه برجاء ناعم
= مش همشي وبطل هروب! مش عايز تبص في عنيا ليه طيب
كان صوتها ناعما مرتعشا مثل موسيقية حزينة ود لو انه باستطاعته الاستسلام إليها و أخذها في أحضانه ويطمنها بأن لا علاقة لها بما يشعر به من تخبط و ضياع.. هز رأسه بيأس وإحباط وهو يقول باعتراض
= لا مش عايز!.
جف حلقها كليًا، و ردت هامسة بحسرة
= عشان خاطري ليه بتقاوم؟ إدي لنفسك فرصة عينك هتقول كل حاجة.. فرصة واحدة بس عشان خاطري
أخفى إرتباكه ببراعة وهو لا يكاد يصدق ما يحصل معه هل آدم بشخصه من يرتبك من نظرات أنثى بعد كل صلابته التي لا تحصى و لا تعد… نظر إلى عيناها الزرقاء بتمعن قبل أن
يزفر بغضب من نفسه فما كان يخشاه منذ اعترافها وحاول بشتى الطرق تجنبه قد حصل؟ ان يضعف أمام إمرأة شيء جديد عليه حقا!. تحدث منفعل برجاء اكبر
= ديمة أرجوكي انتٍ مش فاهمه حاجه انا بعمل كده عشانك! ما ينفعش علاقتنا دي بلاش تربطي نفسك بواحد الفروق كتير بينكم وده لمصلحتك.
صرخت بألم هاتفه و هي تغمض عينيها بقوة لتكتم دموعها التي تجمعت داخل حدقيتيها
=عشاني!! كداب انت بتعمل ده عشانك وعشان مبادئك إللي مش عاوز تخالفها.. بتعذبني و تهقرني وتعلقني بيك وترجع تنسحب تاني وتقول لي عشانك ولمصلحتك، هي فين مصلحتي وانت مش جنبي؟ فين نفسي اللي بتعمل عشانها كل ده واللي بحبه بيعذبني ومش راضي يريحني و مصمم يخلينا نفترق عشان شويه تفاهات في دماغه هو بس
رفعت يدها تمسح دموعها الخائنة وتطلعت له مقهورة مما جعلها تتقدم خطوات للإمام ومن دون أن تعي على نفسها ضربت صدره بقوة عدة مرات تضيف بسخط ولوعة
= ارجوك رد عليا؟ اغضـب طلع كل اللي جواك بس ما تبعدش وشك عني.. لو فيه حد بيحبك في الدنيا دي كلها فهو أنا.. لو فيه حد مستعد يستقبل الموت بسعادة في مقابل انك ما تبعدش وشك عني فهو انا
تلاشت ملامحه القدرة على الإحتمال كانت
ضئيلة بعض الأسئلة تجيئ على شكل موجة
تضرب كل المشاعر السيئة وتعود للأستيلاء
على القلب، الهروب لم يكن حلاً ولن يترك هذه
المرة السؤال مُعلَّقاً ومُبهماً، قرر وللمرة الأولى أن يكون واضحاً.. ورقة مكشوفة.. ورد بصوت ثقيل
= عشان بحبك فعلا لازم اعمل كده .
هذه الكلمة التي كانت تتوق لسماعها، جاءت
ولكن بهيئة لا تثير الدهشة بل تثير الألم، غير
مناسبة لكل الإنتظارات التي إنتظرتها، ابتلعت ريقها وأخفظت بصرها تُحدّق فيه بحسرة وهنا تساقطت دموعها على يديها لترد بهمس وكأنها لا تريد أن يسمع ما تقوله
= بعد الناس عنك ووحدتك ما كانتش حواليك بغير ارادتك بالعكس كانت دايما جواك أنت؟
والدليل اهو بقدملك كل الفرص ومصر انك تبعد عني خلاص الرساله وصلت؟ انت مش عاوز تدخل حد في حياتك حتى لو انا وحتى لو كنت بتحبني زي ما بتقول.
لم تدري انه في تلك اللحظة يكبح نفسه
بصعوبة عن قربها لا يرغب بأن يجرحها من جديد بينما روحه تصرخ شوقا لها، سيكون عذابه طويلاً الى ان يهدئ قلبها المذعور، والى ذلك الحين يجب ان يروض قلبه الكامن
بداخله والذي يحثه على الاستسلام دفعة واحدة.
هل يتبع قلبه مرة أخرى ويستسلم لمشاعر الحب ام يستمع إلى صوت عقله الذي يحذره من جديد من الوقوع في الفخ، وحينها سيظلمها بكل تأكيد لذلك يرى علاقتهم يجب ان تنتهي قبل أن تبدأ .
رحلت وهي تبكي بحرقة بينما بقى آدم مكانه و هو ينظر إلى أثرها بألم وشرود…و قد أحس أخيراً بدقات قلبه المتحجر تعود رويدا رويدا إلى الحياة على يد هذه الطفلة التي لا يكاد يصل طولها إلى كتفه.
❈-❈-❈
في منزل شاهين كانت ضحى وبسمه يجلسون امام التلفاز بجانب مايسة يجهزون الغداء، وكان الاثنين يتحاورون مع بعض بمواضيع مختلفه حتي قالت بسمة وسط الحوار بعبوس
= الواد ابني كل يوم يوصل ليليفن في الكسل بيبهرني والله، بس هقول إيه ما هو طالع لابوه
يعني امبارح اقول له وانت بتصلي يا حبيبي بتدعي وتقول ايه لربنا.. فرد عليا وقال لي آه طبعاً بدعي وقلت اللهم استجيب لأمي وانتٍ بقى ابقي اتصرفي وادعيلنا احنا الاتنين وخلاص
ضحكت ضحي بشدة وهي ترد عليها
= لوكا ده عسل ربنا يحفظه لك، والله دمه خفيف.. طالعلك.
استدارت مايسة برأسها ناحية الاثنين موجهة حديثها إلي بسمة وهي تقول بضجر
= وليه ما يبقاش طالع لابوه هو في زيه، وانتٍ يا فالحه لما ابنك ثاني مره تعلميه حاجه ابقي اعمليها قدامه عشان تتحفظ في مخه او تعالي ليا وانا اعرفه.
اقتربت بسمة من ضحي، ومالت على كتفها
فابتسمت لها قائله بمزاح
= وطبعاً احنا فاهمين اللي فيها؟ أكيد أي نصيحة حماتك بتقولها في تربية ولادي حعمل عكسها، مانا شايله نتيجة تربيتها.
هتفت الأخري بتحذير وهي تكتم ابتسامتها
بصعوبة
= بس اسكتي خالص عماله تبصلنا وانا مش قادره امسك نفسي من الضحك الله يخرب بيتك هتجيبيلنا الكلام.
التفتت حماتها برأسها إلي ضحي لتنظر مباشرة في عينيها متساءلًا باهتمام وضيق معا
= وانتٍ يا ضحى ما فيش حاجه جايه في السكه لحد دلوقتي؟ اصل بصراحه الموضوع طول هو انتٍ فعلا عملتي تحليل زي ما قلتلي المره اللي فاتت؟ ولا بتاخديني على قد عقلي.
عبست بوجهها بحزن وقد تلاشت ابتسامتها المشرقة فلقد أصبحت تشعر بفقدان الامل من تساؤلاتها حول ذلك الموضوع رغم أنها تعرف جيده السبب وحدها، و رغم أن منذر بدأ علاجه لكن بسبب قولها المستمر عن تأخير الإنجاب بسبب عمرها بدأت تشعر بالتوجس من أن تحدث لها مشكله بالفعل، أخفضت نبرة صوتها وهي ترد باختناق وكذب
= لسه عامله الإختبار الشهر اللي فاتت يا طنط وما فيش حاجه وقلت لك اول واحده هتكوني عارفه حاجه زي كده حضرتك، ادعيلي بس
لوت حماتها شفتاها بضيق ولم تتحدث مجدداً،
بينما لاحظت بسمه حزن سلفتها لتواسيها قائله بأمل
= ما تاخديش على كلامها ان شاء الله ربنا هيكرمك عادي يعني انتم ما كملتوش سنه وطبيعي تتاخروا.. وقريب هنسمع البشاره منك وهتقولي بسمه قالت
لمعت عيناها ببريق غير مريح وهي تنظر إليها
واكتفت بالابتسام بقله حيله ثم أجابتها بارتباك قليل وهي تشير بحاجبيها
= يا رب يا بسمه.. ربنا يسمع منك.
❈-❈-❈
مرت عدة شهور علي الجميع بشكل مختلف بينما عند بسمة إستمرت بالتسوق و الزيارات لأماكن مختلفه وجديده عليها وجذب الأحاديث مع صديقتها والخروج إلى الكافيهات والمعارض والسينما والحدائق وكل تلك الأشياء.. كانت تعيش أجمل لحظات عمرها حتى أنها اعتادت علي زيارتها للخارج وبدات تنتظرها بفارغ الصبر حتى تفرج عن نفسها قليلا ومن مما تراه في حياتها الكئيبه، ومن كل وقت لآخر كلما اشتقت لتذوق طعم الحرية والعيش كأي إنسانة طبيعية، منذ فقط أن تعرفت على مروة وبدأت حياتها تشرق وتختلف عن ذي قبل.
أما بالنسبه لأمر غاده فعلت بنصيحه صديقتها مروه وبدأت ان تسايرها بالحديث وطول الوقت تخبرها بأنها مشغوله حتى لا تراها لكن كانت تعرف جيد بان ذلك مؤقتا.. وسوف تقدم على زيارتها بوقت رغم خوفها وذعرها.
وبداخل أحد المولات، كانت تنظر الى الحبيبين حولها بحسرة وضيق، ثم تنهدت تفكر بحالها وهي تبدأ بنفخ الهواء متمنية ألا تشي بشيء من أسرار ماضيها لحماها أو زوجها أو عائلتها كلها.. فلطالما تمنت لو أن حظيت في الماضي منهم التعويض والطبطبة من أفعال والدها، ولا تريد لو عرف أحد عن ماضيها شيئًا أن تكتنفه شكوك وخيالات، ومشاعر نحوها تحط من قدرها وتسيء إلى مكانتها عنده.. بالنهايه هي انثى ولا ترغب بكسرها او جرحها او الجميع يحاسبها على اخطائها فقط وينسوا اخطائهم.
وضعت بسمة خدها تحت وجنتيها وقالت بقنوط وحسرة
= شايفه كل حبيبين ماسكين في بعض ازاي حسره عليا الاسم معايا جوز ولا بيروح ولا بيجي ولا ليه نافعه
نظرت مروة لها بعدم رضا ثم قالت بحده
= والله انتٍ اللي مش عارفه تمشي حياتك معاه ازاي؟ يا بنت الرجاله عامله زي الاطفال كلي بعقله حلاوه، وحاولي تقنعي يخرج معاكي.. واللي ما ينفعش بالكلام ينفع بالفعل! الجئي لحيله من بتوع الستات هو انا اللي هعرفك برده يا متجوزه
لوت شفتاها باستخفاف وهي تقول ساخرة
= بلا خيبه معاذ ده ما ينفعش معاه اي حاجه الحجر ممكن يلين هو لا، انتٍ مفكره ممكن حاجه زي كده تأثر معاه من الأساس.. بحس دايما انه غامض وقافل على نفسه ومصر يحط حاجز ما بينا؟ في الأمور دي بالذات، مع انه بيكون عكس كده مع عيلته انما معايا بيتحول
تدلى فك صديقتها للأسفل في استنكارٍ، وهتفت معترضة
= يعني ايه بيتحول معاكي في الأمور دي بالذات ليه مش راجل زي بقيه الرجاله وبيتاثر امال هو متجوزك ليه؟ يادي النيله عليا هو انتٍ عيلتك دي ما فيهاش حد عدل وطبيعي زي الناس العاديه خالص.
❈-❈-❈
في منزل منذر كانت ضحي جالسة على المقعد وسط الظلام تدفن وجهها بين كلتا يديها وهي تبكي على ما حدث قبل قليل.. ثم بدأت تستعيد عقلها عند نزولها الى أسفل لتساعد بأعمال المنزل والطعام لحماتها كعادتها لكن فجاه سقطت حماتها علي قدمها دون انتباه منها.. وعندما حاولت مساعدتها تفاجأت بها ترفض بشده وقد اتهمتها بأنها السبب في ذلك؟ بسبب قدمها الشؤم على ذلك المنزل!
تطلعت حماتها نحوها والشرر المتطاير من حدقتيها المتالمه من قدمها وهي تهتف بشراسة
=من ساعه لما اتجوزك والمصايب نازله على دماغنا مره معاذ يعمل حادثه وكان هيتسجن وانا دلوقتي! شكلك قدمك شؤم وعينك وحشه
حينها شعرت ضحي باحراج وسط الجميع، وأنها ربما محقة وهي نحس على العائله ثم أضافت مايسة بتشفٍ متعمدٍ
= حَسرة وندامـة عليك يا ابني.. حتى لما ربنا هديه واتجوز تاني طلعت معيوبه! واحده بتنكد عليه والثانيه عينها وحشه !
وفي ذلك الأثناء صعد منذر الدرج مسرعا و دلف إلى منزلهم لكي يستريح من عناء الجفى، لينعم في أحضانها، فخلال تلك الفتره بدأ أن ينتظم للذهاب الى الطبيب النفسي، الأمر لم يكن جيد في البدايه كونه بدا يسترجع كل الذكريات السيئه منذ طفلته حتى الآن! لكن مع مسانده ضحى له بداء أن يحيى لأجلها ويصمم على العلاج وما زاد الأمل داخله عندما أخبره الطبيب بأن حالته ليس صعبة بذلك الحد الذي يتخيله! والدليل تلك المشاعر التي نمت بداخله عند اول تقارب بينه وبين زوجته الثانيه.
اتسعت ابتسامته تدريجيًا مستعيدًا في مخيلته تصرفاته المفاجئة لها بذلك اليوم و التي ملأته شوقًا ورغبة فيها، فرغماً من حالة الثمل التي هو كان بها لكن تلك الليلة تشغل تفكيره بملامحها التي تمتاز بالجمال و البراءة. هكذا حدث نفسه باشتياق.
فكانت فتره العلاج بالنسبه له اسوء لحظات لاستعاده الذكريات والمواجهه واسعد لحظات
للتقارب بينه وبين ضحى التي تراجعت عن فكره الإنفصال منذ فتره طويله.
بحث عنها بالمنزل لم يجدها و وجد الغرفه خاليه ولكن لفت انتباهه ملابسها الموضوعه بأهمال على المقعد… تحرك للخارج وهو يبحث عن التي أشتاق لها حد الجنون ويريد أن يخبرها بكل التفاصيل التي حدثت بينه وبين الطبيب مثل كل مره عندما يعود..
وفي حال خروجه نقل بصره الأرجاء بقلق أن تكون ضحي ذهبت مجدداً دون علمه، حدق
لثوان بغرفة المعيشة ثم تنقل بصرة في باقي الأرجاء بحثاً عنها حتي وجدها أخيراً تجلس في الظلام! كانت بذلك الوضع الذي جعله يأخذ خُطاهُ نحوها في الحال، سحب إحدى المقاعد ليجلس عليها ناظر لها بتوجس وهتف اسمها برفق وبصوت منخفض!
لكنها لم تصدر منها حركة وحين لاحظ جمودها إمتدت يده نحوها ليلمس ذراعُها وفي الحال رفعت رأسها الملطخ بالدموع تدريجياً لتتلاقى عينيها بعيني زوجها بفزع، ليفزع هو الأخر محدقاً نحوها بغرابة و تسائل بقلق
= مالك يا ضحى ؟!.
كانت تراقب شفتاه التي تتحرك فالعتمة و لم تُجِبهُ مما جعله بغضب وقال بملامح متضايقه وصوت متطلب
= ما تسكتيش مش بحبك ساكته كده! انتٍ عارفه اني بحب اتكلم معاكي قوليلي مالك
رفعت عينيها نحوه تبتلع بتوتر وتعود للأرتباك
ثانية، ثم أخبرته بتردد ما الذي حدث بوالدته واتهمتها بانها السبب بذلك، غص صدره بغيظ من أفعال والدته بزوجته فلو يعلم أنها امرأة عاقله لاخبارها كل ما تفعله ضحي معه وكيف تسانده وتساعده طول الوقت.. وحياته التي تبدلت بسببها، كور قبضته وتجهم وجه لكنه رغم ذلك حاول يواسيها، ليقبل جبهتها يطمئنها و هو يقول بعتاب لطيف
= ما تبقيش هبله وانتٍ يعني مش عارفه أمي ولا بقيتي فاهماها بالفتره الاخيره، هي بتعمل كده عشان غيرانه منك عشان لحظت اهتمامي بيكي، واللي حصل ده قضاء وقدر و اوعي تفكري غير كده
عبث بشرشف الطاولة التي جانبها تُجيبه بنبرة
ناعمة خفيضة
= بس الحسد مذكور في القران والناس اللي عينيها وحشه موجوده حوالينا برده
نظر لزوجته بحدة، ثم أجابها بهدوء جاد
= جرى ايه يا ضحى هو انا اللي هقول لك في واحده متعلمه تصدق الهبل ده؟ وبعدين يا عبيطه انتٍ لو عينيك وحشه وبتحسدي فعلا مش هكون انا اول واحد هتاذي منك عشان اكتر واحد بقعد معاكي..
شعرت بانه محقة لكن لم تجيب عليه وتعلقت حينها القطه الصغيره ببنطاله إبتسم وإنحنى يأخذها بين أحضانه حيث اصبحت احد افراد العائله وسطهم، ثم تحدث مخاطباً زوجته بنبرة ضاحكة
= عرفتي أنك عبيطه بقي وبتصدقي اي حاجه.. سيبك من الكلام ده وانا ليا كلام معاها لما انزل، مش عاوزه تعرفي الدكتور قال لي ايه النهارده
هزت رأسها بالإيجاب وقد نست حزنها قائلة بحماس شديد
= اكيد عاوزه اعرف وشكلك مبسوط يبقى في اخبار كويسه مش كده.
❈-❈-❈
كانت بسمه تجلس فوق الفراش وتمسك هاتفها تحادث صديقتها مروه في دردشه عبر الواتس
و كانت ترسل اليها صور إلى بعض الأماكن للتنزه فيها في الوقت القادم، وكانت الاخرى سعيده ومرحبة بذلك فأخيراً قد وجدت دنيتها التي كانت تتمناها أو كما تظن ربما.
وفي ذلك الحين تفاجأت باتصال هاتفي من رقم مجهول، حاولت تجاهل الأمر في البدايه لكن عندما أصر أجابت وقد تفاجات بصوت محمود وهو يجيب
=بسمه ازيك انا محمود عامله ايه؟ بقيلك فتره مش بتيجي الجامعه قلت اسال عليكي.. هو انتٍ ما بترديش ليه ؟!. انتٍ كويسه
استشاطت نظرات بسمة على الأخير، وأحست بسخونة منبعثة من جسدها المتقد على جمراته الملتهبة وهمست له قائلة بازدراء
= محمود! هو انت جبت نمرتي منين؟ و بتكلمني ليه اصلا ومالك اتاخر ولا ما اتاخرش ولا ما جيش حتي، داخلك إيه في حياتي
هتف الأخر مرددًا بتوتر
= اهدي بس مالك اتعصبتي ليه انا خدت نمرتك من مروه بس والله انا فضلت ازن عليها لحد ما اديتها لي، ما هو انا بصراحه عاوز احط حد بقى للي بينا ده .
قست تعابير وجهها للغاية انتوت بسمة أن تفرغ شحنتها الغاضبة فيه خاصة أنه تجاوز كل الحدود لكن كانت خائفه من ان يعلى صوتها للخارج وقالت بسخط لاذع
= بنا ايه يادي النيله هو احنا بينا حاجه انت مجنون صح، النمره دي ما تتصلش بيها تاني وتعمل لها بلوك فهمني ولا لا
هتف محمود بسرعة برجاء
=يا بسمه استني بس ما تقفليش على فكره مروه قالتلي حكايتك وانك مطلقه وعندك ولد وانهم جوزوكي بالغصب وانتٍ صغيره، وانا فهمت ليه شويه تقربي وشويه تبعدي، بس على فكره انا ما عنديش مانع في كل ده يا ريت بس تديني فرصه .
سريعًا ما تأججت مشاعرها المحتقنة عندما أخبرها بأن مروه أخبرته أنها مطلقه، فضاقت نظراتها، و شدة غضبها المكتوم وهي تقول بشراسة
=بلا فرصه ولا نيله انا هقفل دلوقتي وهعمل رقمك بلوك وانت كمان هتعمل كده، ولو قابلتني في الجامعه ولا في اي حته صدفه عينك ما تتحطش في عيني كمان.. ومن غير حتى سلام.
اغلقت الهاتف بكل غضب الدنيا بها، و وضعت الرقم في الحظر كما اخبرته بالفعل وفي نفس اللحظه دخل معاذ لها ففزِعَت رافعة رأسها بملامحها الهلعة من ان يكون سمع حديثها
ليقول بتعجب
= مالك يا بسمه هو انتٍ لسه متضايقه من اهلك؟!.
تنفست بقوة وهي تشيح بوجهها عنه و عن
عينه المستفسره و قالت بتوتر
= هاه لا مش متضايقه ولا حاجه انا كويسه بخير كنت عاوز حاجه.. تلاقيك جعان هقوم احضر لك الأكل بسرعه
تهللت أساريره، وتنفس الصعداء هاتفًا بحماس
= لا خالص انا مش جعان، او جعان بس فكرت في حاجه ايه رايك لو نخرج انا وانتٍ لوحدنا من غير مالك ونسيبه عند ماما ولا عند ضحى هي متعلقه بيه وبتحبه ومش هتقول حاجه.. مش كنتي عماله تزني عليا نخرج انا وانتٍ زي اي عيله بس بلاش ابنك هيخربلنا الخروجه
اعتدلت في جلستها لتقول بصوت خفيض من بين أسنانها المضغوطة
= نخرج وده من امتى يعني!؟.
شعر بالضيق قليلاً من رده فعلها العاديه فهو
توقع بأنها ستطير من السعاده ليرد بحماس أقل
= عادي مش ده كان طلبك، ويعني حسيتك متضايقه اوي من المره اللي فاتت على موضوع ما يستاهلش وانك اتخنقتي مع ابوكي زي ما قلتيلي.. وكمان مش لاقي حد من صحابي فاضي النهارده قلت انتهزها فرصه يعني.
احتقنت عيناي بسمة بشدة، واكتسى وجهها بحمرة مغتاظة وقالت متفهمة
= ايوه مش تقول كده يعني الموضوع مش في دماغك ولا حاجه، انت بس عشان مش لاقي حد غيري، اللي رماك بقى على المر!. معلش بقى مره ثانيه او اكيد مش هتبقى فيها مره ثانيه احسن ما ليش مزاج
نظر لها بضيق أكبر غير مصدق رفضها، و أزعجه تصرفها المعاند فاقترب منها أكثر ليرد قائلًا بدهشة
= نعم هو إيه اللي لا؟ ده انا قلت لما تصدقي وهتطيري من الفرح ان انا وفقت أخيرا نخرج مع بعض.. وانتٍ تقوليلي مش عاوزه وما ليش مزاج؟!.
رفعت يدها أمام وجهه وهي ترد باقتضاب
= آه عادي جدآ ما ليش مزاج ومش عاوزه هو انا تحت امرك ولا ايه؟ شوف بقيلي كام سنه عمال اتحايل عليك، وجاي دلوقتي الموضوع جي على هواك وتقول لي تعالي نخرج و نتفسح شيء طبيعي هيكون ما ليش مزاج لما اطلب حاجه بعد السنين دي كلها وتاجي متاخر.. خلاص ما بقاليش شغف ليها
اشتدت تعابير وجهه من طريقتها الفظة، ونظر لها شزرًا قائلًا بتأفف
= هو انتٍ مالك شويه تعيطي وشويه تقلبي عليا؟ و لما اعمل لك إللي انتٍ عاوزاه تقوليلي لا.. مالك بالظبط فيكي ايه؟ ولا الموضوع طالب معاكي نكد وخلاص
نظرت له بحدة ثم ابتسمت له ببرود وهي ترد بإحباط
= يا سيدي ولا نكد ولا حاجه انا اللي مش عاوزه وجع دماغ وبعدين أنا عارفه اللي فيها هتخرج وانت متكدر معايا ومش طايق نفسك وهتقولي يلا نروح بدري وتنكد علينا زي المره اليتيمه اللي خرجت معانا فيها، فانا بجيبها لك من قصيرها وبقول لك مش عاوزه…
بينما أشــارت له بيدها متابعة بامتعاض
= اقول لك لو عاوز حد معاك كده ومش لاقي خد ابنك اهو يسليك ولا بلاش احسن تنكد على الواد بعد ما تعشمه ذي العادة، جرب اخرج مع نفسك وفرحها هترجع مبسوطه أوي منك.
رمقها بنظرات حاقدة مشتعلة عندما شعر بانها تستخف منه، وتمتم بغضب
= هي مين دي اللي هترجع مبسوطه مني؟!. انتٍ جري لعقلك حاجه
نظرت له بسمة بسخط لترد تبرطم مرددة
= نفسك يا حبيبي اللي هترجع مبسوطه منك،
جرب تحتويها بقى وما ترجعهاش زعلانه زي ما بتعمل معايا انا وابنك.. لما اقوم اشوف ابنك احسن.
رحلت وكانت مندهشة مثله وأكثر من رفضها فكانت تتمنى موافقته على التنزه سوا بفارغ الصبر! و قبل أيام كانت تخبر صديقتها بذلك؟ وعندما طلب منها الآن رفضت؟! و لم تشعر بشغف لذلك ابدأ مثل سابقآ؟ شيء يحير حقا فهل تشعر بذلك لانها بدات تخرج من خلفه أم بسبب عدم رغبتها.
فإننا حينما ننتظر الأشياء طويلاً ينطفئ توهجها حتى حينما تأتي لا نستقبلها بلهفة تليق بها…
❈-❈-❈
أخذ منذر ضحي في أحضانه بحماس مثل كل مره وبدأ أن يخبرها ما حدث معه في عياده الطبيب الذي يذهب اليه في السر ولا يعرف احد بذلك إلا هي، فاصبحت ضحى في الفتره الاخيره تحتل مكانه كبيره له من أسرار وخفايا تعرفها عنه، تعمق وهو يشدد من احتضانها، وضمته وهي تبتسم بهدوء هاتفه بسعادة
=طب كويس جدآ انا شايفه أن كل مره بتجيب نتيجه كويسه والدكتور بيطمنك بس انت حاول تعمل التعليمات اللي بيطلبها منك وتشوف انت عاوز ايه وما تخليش حد يفرض رايه عليك ولا طول الوقت تقول حاضر ونعم حتي لو مش عاوز
جاهد ليبدو هادئًا وهو يرد بصوت حذر
= بحاول، بس الفتره الجايه الدكتور قال لي انتٍ اللي المفروض اركز معاها وتساعدني.. حتى انا خليته يكتب التعليمات اللي طلبها مني نعملها سوا في ورقه عشان تتاكدي ان هو اللي طلبها مش انا
تعقدت تعابير وجهها وهي تاخذ منه الورقة لتقرأ محتواها وتسأله باستغراب
=ومحتاج يعني تكتب بورقه ما انا هساعدك اكيد من غير ما تطلب و… إيه ده؟!.
تغيرت ملامحها وضيقت ما بين عينها عندما قرأت التعليمات مما جعلها تصمت بصدمة كبيرة، وسرعان ما اصطبغ وجهها بحمرة خجلة من الكلمات التي تقرأها وتحاشت النظر إليه، وظلت تفرك أصابع كفيها بتوتر..
وضع منذر قبضته بحذر على كتفها ليهزها برفق وهو يرد بقلق
=والله العظيم الدكتور اللي قال لي كده و طلب مني اللي كاتبه بالظبط لازم يحصل ما بينا عشان الفتره الجايه نبدا نشيل اي حاجه حواجز ما بينا ويحصل اللي نفسك فيه! وبعدين يعني يا ضحى احنا عاوزين جوازنا حقيقي يبقى هيطلب مننا ايه غير كده.
توترت أكثر وهي تحاول تفسير ما تريد قوله دون حرج، فبدا صوتها مترددًا وهي تقول بخجل
= انا ما قلتش حاجه ولا كذبتك بس الموضوع صعب شويه مش متخيله ان انا ممكن اعمل كده وبعدين اشمعنا انا إللي ابدأ؟ آآ ده كاتبلك تفاصيل جريئه أوي زي البس قصير و لو بعرف ارقصلك أعمل كده! والمسك ويحصل بينـ..
ارتكبت من مجرد تخيل وجودها معه بمفردها بذلك الشكل المطلوب، فانكمشت على نفسها أكثر، ثم التفتت نحوه تضيف باعتراض
= ايه الكلام ده لالا مش هقدر.
هتف باقتضاب وهو يزفر بانزعاج
= خلاص اهدي مش مهم طالما موضوع صعب عليكي كده وكمان مش ملزمه تبذلي المجهود ده كله عشاني وتيجي على نفسك وتعملي حاجه انتٍ مش قادره عليها.. انسي خلاص
ابتلعت لعابها بصعوبه، تزفر انفاس حارقه تلهب حواسها لتقول بجدية موضحة أمرها
= منذر هو انت فهمت ايه؟ على فكره انا ما عنديش مانع اساعدك وطبعا مرحبه بكده جدا بس ما توقعتش خالص أن ممكن يطلب مني الكلام ده وبعدين انا بتكلم على اساس ان عمري ما عملت حاجات زي كده ومكسوفة.. مش موضوع مش عاوزه اساعدك وزهقت .
شدد منذر من كتفيه وهو يفكر بضيق وحرج مثلها وأكثر أيضاً فالأمر حقا صعب علي الاثنين! لكن هو أخذ القرار وسوف يحاول تصليح كل شيء بحياته خرب بسبب صمته أو أسرته، لذلك رد عليها بجدية وهو عابس الوجه
= طب بصي هو انا كمان برده لما بتخيل الوضع! بتكسف زيك عشان برده عمري ما عملت كده في حياتي، بس يعني ايه رايك نحاول نساعد بعض عشان نشيل موضوع الخجل ده ما بينا.. مش كده أحسن!.
خجلت منه أكثر، عندما اقترح وفكر بصورة عقلانية عنها لحسم الأمر، ثم خرج صوتها متحشرج من فرط مشاعرها هاتفه بحرج كبير
= آآ.. مـ ماشي.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين، تجاهلت ديمة آدم بالمرة ولم تعد تتناول معه ولم تعد تخرج من غرفتها إلا للضروره تذهب الى الجامعه بانتظام وكل يوم حتى لا تراه! حقا اصبح يراها كل فتره وحين بالصدفه بالفعل كما كان يريد وطلب؟ لكن داخله كان يعاني من ذلك أنامله وجسده يحترقا شوقاً للمسها فأي عَذاب أو عقاب تمارسه عليه لتحرمه من النظر اليها، أَتُريد أن تثبت لَهُ بأنه يعشقها وبأن تلك الليالي التي كانت غائبة بها لم تكُن محسوبة من الأيام التي عاشها وحده من دونها، وبأنه كان ميتاً قبل أن يلتقي بعينيها ذات الكحل الغجري! ، اتريد أن تثبت له بأنه ليس حياً دونها، حسناً لقد أثبتت ذلك فكفاها بعدا وكَفاها غُنجَاً.. لكن هو يفهم جيد انها ترد له جزء مما كان يفعله فيها وبسبب عناده.
في حال كان اليوم بحجرتهُ ولم يغادرها حتى ذلك الحين طالما هي ليس هنا! تعالى دقات هاتفه برقم ابن عمه الذي كان يتهرب منه طوال الفتره السابقه وشعر بالضيق والذنب وانه تسرع في ذلك الأمر عندما طلب منه ان يبحث له عن عروسه وهو ليس مقرر ماذا سيفعل وبدلا من ان كان يخشى ظلم فتاه واحده بتلك الطريقه سيكون ظالم الى اثنين
أجاب بالنهايه متردد ليقول الآخر بغضب مكتوم
= هو انا مفيش مره اعاوزك ترد عليا على طول؟ اشحال انت اللي طلبتني من الاول وقلتلي على موضوع العروسه وانك موافق بتتهرب مني ليه دلوقتي؟
اعتدل في مكانه بضيق وقرر المواجهه وهو يرد نافيًا
= مش بتهرب ولا حاجه بس مشغول كثير الفتره دي في الشغل، حسين انا عاوز اقول لك حاجه ومن فضلك ما تتعصبش عليا واسمعني بالنسبه للست اللي هتجوزها أنا مش عاو..
قاطعه إبن عمه وهو يقول بجدية
= اسمعني انت الاول مش عارف اجيبها لك ازاي بس الست رجعت في كلامها طليقها اللي كان واخد عيالها ومسافر ده.. اهلها عرفوا طريقه وحاولوا معاه أنه يرجعها على ذمته تاني عشان العيال وهو وافق وهي خلاص بتجهز ورقها عشان تسافر لعيالها وطبعا فرصه زي دي مش هتتعوض عشان كده اعتذرت عن موضوع ارتباطكم.. بس ما تقلقش اكيد هنلاقي غيرها
تدلى فكه للأسفل في صدمه غير متوقعة وهتف بسعادة غامرة
= انت بتتكلم بجد ألف حمد وشكر ليك يارب!
ابتلع آدم ريقه بارتياح ليعدل كلماته بسرعه بصوت متلجلج
= قصدي يعني الحمد لله ليها اكيد الموضوع ما كانش سهل عليها وهي دلوقتي فرحانه وانا والله لما جيت هنا حسيتها فعلا ست كويسه وطيبه وما فيش زيها.. ربنا بقى يوفقها في حياتها.
اغلقت الهاتف معه وهو يشعر بالارتياح و السعاده، ثم التفت برأسه نحو تلك الواقفه علي عتبه الباب منكمشة علي نفسها تتشابك اصابع يدها ببعضها البعض بتوتر.. شملها بنظراته و تفحصها بملامح حائرة، متسائلا بنبرة ساكنة
= ديمة مالك؟!.
نظرت له بخيبة أمل وظنت انه قد حدد ميعاد زواجه وذلك سبب سعادته؟ لانها فهمت أنه كان يتحدث مع ابن عمه الذي جاء له بالعروس من البداية، ليعود بنظرة لتلك الخائفة التي بادلته النظرة ثم تحركت هاربة منه، استدارت خلفها فوجدته يلحقها لتزيد من سرعتها والغل يأكل روحها فلم تشعر بنفسها إلا وتلوى قدمها الصغيرة فتسقط على الارض!
بينما هو لم يتحمل فركض نحوها مساعداً لها بالاستقامة دفعته بقوة وعينها تنضح حقداً لكنه لم يتركها، لم ترد ان تتحدث معه كونها مقاطعة له لكن عيناها كانت تصرخان به لما يفعل هذا معها ؟! لما هي بالذات ؟! لما هو والجحيم يبدو جيداً معها لكنه ليس كذلك ؟!
ضربت بيديها على يده في اعتراضٍ، ونهضت محتجة بشدة
= ما تلمسنيش وملكش دعوه بيا، ابعد عني بقى يا أخي طالما عاوزني اتعود على كده.
شعر بالحزن لأجلها بينما دمعت عينها اليسرى فجن جنونه لمنظرها واقترب بخوف حتى كاد ان يلمس خديها لكنه توقف من اللحظة الاخيرة وقال بخوف دفعة واحدة
= انتٍ كويسه.. في حاجه بتوجعك.. طب كفايه عياط.. وفهميني مالك .
شعر بالقلق والتوجس حتى ان كفيه اوشكتا على محاوطة وجهها لكنه توقف مجدداً معتذراً
= اسف مش هقرب منك زي ما عاوزه بس فهميني مالك هو انتٍ هنا من امتى؟!.
هزت رأسها و أجابته ولاتزال عينيها تذرف مابقي من بكاء حارق
= أنا إللي اسفه مش قصدي اتصنت عليك واعرف بالصدفه ان سيادتك خلاص حددت ميعاد الجواز ويا ترى حددت ميعاد طلاقي ولا لسه اصل شايفك طاير من الفرحه وسعيد قد كده كان نفسك تتجوز واحده غيري .
لحظات مرت قبل أن يسيطر على نفسه و يعود لطبيعته من جديد و يضمها برفق غريب إلى صدره كطفلة صغيرة مما أثار دهشتها خاصة بعد أن سمعته يقول مبتسماً علي غيرتها
= طب بطلي جنان واهدي انا لسه قافل مع حسين وقال لي انها بتعتذر لانها هترجع لجوزها القديم عشان تربي عيالها بعد ما لقيتهم أخيرا بعد سنين طويله، وبكده ما فيش جواز وهي اللي طلبت كده بنفسها وهو كان بيبلغني بقرارها.. وده اللي خلاني سعيده وفرحان عشان الجوازه هتكمل .
اتسعت عينا ديمة بذهول وفرحه غير مصدقة بانها انتهت من ذلك الكابوس ولم يتزوج بغيرها، لم تستطيع السيطره على فرحتها و تسمر آدم مكانه من هول المفاجأة فحتى بأحلامه التي دائما تشملها لم يتوقع ان تقترب منه كما الأن وتضع شفاهها الصغيرة على شفتيه وتقبله.
بادلها دون ادني تفكير وتعمق هو اكثر يضمها الي قلبه، بينما شعرت هي بالأمان بين
ذراعيه لاول مرة تشعر بذلك الشعور الاطمئنان
و الامان يغلفان قلبها علي عكس حياتها سابقاً
أغمضت عينها تستسلم لحياتها معه و شعورها بحبه الذي طغي عليها وتمنت ان يخبرها بانه لن يبحث عن غيرها مجدداً و تصبح زوجته فعلياً لا غيرها.
❈-❈-❈
بداخل منزل شاهين، رفعت مايسة حاجبيها بالاعلي عندما وجدت منذر ابنها الكبير امامها منذ الصباح الباكر لتسأله بتعجب
= غريبه يعني لسه ما رحتش الشغل لحد دلوقتي ده ابوك سابقك على هناك .
جلس جانبها و رد عليها بهدوء
= صباح الخير يا أمي.. هروح مشوار الاول وبعد كده هطلع على الوكاله بس انا كنت عاوزه حاجه منك قبل ما امشي
عقدت حاجيبها باستغراب في انتظار ماذا يريد
بينما تنحنح منذر يجلي صوته قبل أن يقول
= هو انتٍ صحيح طلعتي فتحتي الشقه على ضحى واحنا نايمين الصبح بمفتاح الشقه الاحتياطي
أومأت له بكل هدوء وأجابت ببساطة كأنه أمر عادي
= ايوه استنيتها كتير تنزل وما نزلتش تساعد في شغل البيت مع بسمه ولا تجهز الغداء، وانا عارفه كويس شغل الستات ده لما اجرب ارن عليها هتعمل نفسها مش سامعه عشان تهرب عشان كده طلعت اصحيها بنفسي
جز علي أسنانه مغتاظًا منها وهتف بنبرة مزدرية
= وطلع انها مش راحت عليها نومه ولا حاجه وانا كنت جنبها في السرير نايم مش كده؟ من فضلك يا امي دي حاجه ما تنفعش تحصل مره تانيه انك تدخلي على رجل ومراته اوضه النوم حتى لو ولادك.. برده في حاجه اسمها خصوصيه بينهم.
أمعنت النظر في ملامح وجه ابنها بدهشة وهي تردد بسخرية لاذعه
= خصوصيه؟ احنا ما عندناش الكلام ده وانت عارف من زمان كده كويس اكلنا وشربنا كلنا مع بعض وبلاش تدي ودانك للستات هم اللي بيخربوا الدنيا في الحاجات دي! انا بعمل الصح وعاوزه احافظ عليكم لما نتجمع كلنا طول الوقت ما فيش واحده منهم هتقدر تبخ سمها وتفرقكم عن بعض.
كانت تظن بان ضحى هي من اجبرته على ذلك
حتي تعصي أبنها عليها، ليرد الآخر قائلًا بفتور
= و تدخلي على ابنك ومراته وهم نايمين كده مش هتفارقهم عن بعض؟ ممكن من فضلك تديني المفتاح الاحتياطي و ياريت الحركه دي ما تتكررش تاني، ما بحبش حد يدخل عليا وانا نايم وانتٍ عارفه ده رايي كويس في الموضوع ده بالذات زمان لما كنت متجوزه غاده.. ومش هيحصل دلوقتي وانا متجوز ضحى .
رفعت مايسة عينيها بغيظ وتمتمت بنبرة مذهولة من قراره فلاول مره يعترض على شئ كذلك
= وعاوز تؤمرني بأي تاني يا استاذ منذر يلا اتامر عليا براحتك مش الهانم اللي فوق شعليلتك عليا.. وعاوزه تقويك على امك وابوك وانت بتسمعلها
تطلع فيها بثبات ليجيبها بجدية أكبر
= ضحى ملهاش دعوه بالموضوع ده انا اللي بطلب منك دلوقتي! وانا فعلا عاوز اطلب منك حاجه تاني ضحى مش هتنزل بعد كده تساعد في شغل البيت تاني!
نظرت له مايسة بأعين حاده هاتفة بتبرم ساخط
= نعم يا اخويا كمان مش عاوزها تساعد امك؟
وعاوز امك تشقي وتتعب في البيت لوحدها وتطبخ لكم.. وهم يجوا علي الجاهز ياكلوا
تشكل على ثغره ابتسامة باهتة وهو يرد بحسم
= مراتي مش هتساعد في شغل البيت تاني يا أمي لسببين؟ اول سبب عشان انتٍ اهنتيها و طردتيها وقلتي ان وشها وحش وهي السبب أن رجلك تنكسر صح؟ يبقى باي حق هترجعي تطلبي منها تروق البيت اللي اتطردت منه عادي؟
تابع منذر هاتفًا بصرامة وهو يشير بيده
= والسبب التاني عشان مش ملزمه ولو عاوزه حاجه أنا ممكن اعملها عشان أنا اللي ملزمه مش مراتي! انا اللي هتحاسب قدام ربنا عشان انتٍ اللي ملزمه مني انما هي اللي ملزم منها انا وعيلتها اذا راحت لهم وساعدتهم.. و عشان نخلص من الموضوع ده شوفي عاوزه ايه وانا ممكن اعملهلك
استشاطت أمه من رده للغاية، وصاحت منفعله
= اياك تقرب من شغل البيت سامعني؟ عاوزني يا روح امك اسيبك تساعد وتتعلم الغسيل و الطبخ بالمره عشان تتعود! وبعد كده الاقيك بتساعد الهانم مراتك وهي لما تصدق وتغسلها وتروقلها.. ده في احلامك واحلامها الحاجات دي اختصاص الست وبس.. مش عاوز تنزل مراتك براحتك ما حدش ضربك على ايدك طالما عاجبك أوي امك وهي رجليها مكسوره تقوم وتعمل
عقد حاجيبة باستغراب من بلوغها بالأمر فحالتها جيده وقدمها مجرد التويه بسيط وليس كسر مثلما تصر، ثم سألها منذر بتفسير وهو متعجب من أمرها فهي تريد التحكم بكل من حولها وبالأخص ازواج أبناءها
= انا مش فاهم ليه انتٍ ما جبتيش واحده تساعدك من زمان وليه مخليه بسمة وضحي هم اللي لازم يعملوا كل حاجه طالما احنا نقدر نجيب اللي تساعدك.. وبعدين فيها ايه لما اعمل لك هو انتٍ ليه مش قادره تقتنعي ان ده الصح والدين هم مش ملزمين بكده
التفتت مايسة بأنظارها نحوه لتطالعه بنظرات نارية ثم كزت على أسنانها هاتفه بحنق
= عشان ما تتعودش تساعد مراتك في شغل البيت وده مش تخصصك، واياك اطلع في مره الاقيك بتعمل لها وهي قاعده زي الهانم.. انا مش فاهمه ايه اللي طلعها في دماغك تخلي مراتك ما تساعدش بشغل البيت ما تكونش حامل ومخبيين ولا لما صدقتوا مسكتوا في الكلمه وان انا طردتها في لحظه غضب
احتدت نظراته للغاية وهو يرد بنظرات ذات مغزى
= يعني هو ده السبب بالنسبه لك عشان ما تعملش حاجه تمام! انا بقى الفتره الجايه حققلك طلبك وحاول اخليها حامل عشان كده مش عاوزها تساعد.. وهقولها للمره الاخيره ضحى ملهاش دعوه بكلامي ومش هي اللي قالتلي اقول لك زي ما عماله تلمحي
اعترضت على دفاعه الدائم عنها وكأنها ملاك منزه عن الأخطاء معلقة بتهكم
= وهو ده ايه علاقته انها لسه هتحمل بانها ما تساعدش بشغل البيت
أومأ منذر برأسه بكل جرأة ملمحًا
= عشان عاوزها بكامل طاقتها في أخر الليل! ولا بقي تشتكيلي جسمها بيوجعها ولا وشها تعبان.. عاوزها بكل صحتها لما اعوزها تمام!.
فتحت ثغرها بحرج بالغ من جرأته الغير متوقعه ثم هتفت بصوت متلجلج غاضب
= خلاص فهمت اتنيل عليك وعليها من ساعه ما اتجوزت البنت دي وانت حالك اتقلب وبقيت كمان بجح وقليل الادب .
انتظرت للحظات ليرحل لكنه بقي أمامها، سألته قبل أن تستدير له بحده
= ما تيلا تروح الشغل هتفضل واقفلي كده
نظر لها منذر ببرود وهو يبتسم قاصدًا استفزازها أكثر وهو يقول بإصرار
= المفتاح الاحتياطي يا أمي من فضلك عاوزه ومش هقعد اعيد وازيد في الموضوع.
عادت تتحرك بخطوات بسيطه لإحضار المفتاح ثم ناولته إياه بوجه محتقن وغير راضية لكن هو أصر بقوة علي رأيه ولم تعرف كيفيه الهروب منه، والاعتراض كعادتها فهي بالفعل أخطأت حينما طردتها، وصحيح أيضاً الجميع يعرف هنا بأنه لا يحب أن يتجاوز أحد خصوصياته أو محظوراته بكل شيء.
بقت مايسة مكانها وهي تطلع نحو ابنها وهو يرحل باعين مذهوله والوضع لم يختلف كثيراً عن زوجها، فعندما اتصل عليه اخبره مجدداً بانه سيغيب حوالي ساعتين عن الوكاله! و عندما حاول والده الرفض أو إعتراض مثل عادته لم يعطي منذر وقت واخبره باختصار يجب ان يغلق حتى لا يتأخر عن موعده للطبيب والذي لم يخبره إياه بالتأكيد .
وبالنهايه بقوا الاثنين منصدمين وحائرين من تغييره الملحوظ! و المفاجئ، وشعروا أيضاً بالغضب عندما بدأ ان ينحدر عن طوعهم قليلاً بالتدريج .
بينما الوحيد الذي كان سعيد بينهما بذلك التغيير البسيط الذي حدث منذر وأنه بدأ أن يرفض الخضوع لاوامرهم طالما لا يرغب بذلك! ليسعد أنه بدأ يستجيب لخطوات العلاج التالية في حالته ومشواره الطويل.
** ** **
_________________
تلون وجه ضحي بحمرة سريعة عندما ابتعد عنها منذر وذهب الى آخر الفراش ثم اشعل اضاءه الاباجوره و امسك هاتفه يبعث به بانشغال، واسرعت هي تلف اللحاف حول جسدها تحاشت النظر إليه وظلت تفرك أصابع يدها بتوتر وهي تراجع بعقلها كل تفصيله حدثت بينهما للتو!
لقد شعرت بالحب والحنان والدفء وهي بين ذراعه حقا! حتى لو انها لم تحصل على كل ما تريده بالكامل في العلاقه الزوجيه بينهما لكن هي أصبحت مكتفيه بما يفعله وبمحاولاته.
فافكره ان تبني مستقبلها بكل تفاصيلة مع شخص يعاونها وتعاونه تجعلها تحترمه وتفهم معنى الرجوله بحق! وذلك يزيد الرابط بينهما أكثر من حيث كل شيء وهم يطبقون تعليمات الطبيب بحذافيرها! ويشعرون الاثنين بشغف ورغبه من قربهم لبعضهم بعض..
و أصبحت متاكده بان كل شيء يأتي بالتدريج
طالما نحاول ونسعى لذلك، وهذا ما يفعله منذر معها فماذا ستحتاج اكثر من ذلك حتى تتمسك بشخص مثله، واذا انتظرت طول حياتها أكثر لم تري مثله.
عدلت جلستها أعلي الفراش وهي تضبط شعرها المبعثرة بحرج كبير ثم تنفست بارتياح والتفتت جانبها تري ما يفعله لتجده يمسك هاتفه بتركيز ويحسب شيء على تطبيق الإله عقدت حاجيبها باستغراب وهي تسأله
=هو انت قاعد بتحسب إيه على تليفونك و فاتح تطبيق الاله
انتبه لها بعد فترة رغم انه استمع اليها ثم قال بخفوت دون النظر إليها
=هاه، عادي بشتغل!
ارتفع حاجباها للأعلى وهي تقول باندهاش كبير
=بتشتغل ايه هو انت اشتغلت في الحسابات اصل عمال تحسب ومش اول مره اشوفك كده
هو انت غيرت النشاط بتاعك
رد عليها بصرامة قليلة وهو يرمقها بنظرات جادة
=بعد الشر اغير ايه، ده انا مهما تعدي السنين ممكن اغير اي حاجه في حياتي الا الشغل ده! وانتٍ اكيد…
اصطبغ وجهها بحمرة خجلة من كلماته المتوارية رغم أنها عامة لا تتضمن كلمه صريحة لكنها استشعرت أهميتها عنده وذلك جعلها تشعر بالسعاده بالتاكيد، ثم أشار بالهاتف وهو يخبرها مبتسماً بهدوء
=ده يا ستي يعتبر شغل برده اصل بشتغل كده على مشروع او فكره لسه هطبقها في الوكاله لو نجحت هتودي الشغل بتاعنا في حته تانيه خالص وهنوفر كثير في المكن والفلوس غير الطلبات اللي هتزيد علينا بس ادعيلي بس الموضوع يكمل على خير
هزت رأسها متفهمة ثم ردت عليه زوجته بنبرة خافتة
= ربنا يوفقك انت شاطر أوي في شغلك واكيد هتنجح بس هو انت إيه اللي معطلك تنفذ الفكرة! محتاج فلوس ولا حاجه؟ على فكره دهبي موجود وممكن تبيعه .
شدد منذر من كتفيه بعدم رضا هاتفًا بهدوء رزين
=اكيد لا يا ضحى حتى لو احتجت فلوس مش هاجي جنب دهبك وبعدين الموضوع مش موضوع فلوس الحمد لله اخر حصه بعتها من الوكاله شلتها في الخزنه في المحل علي طول ومش هشتري حتى مكن السنه دي جديد عشان أعمل الفكره دي.. انا بس اللي ماخرني بعمل دراسه كويسه عشان ما فيش حاجه بعد كده تقف معايا والموضوع يفشل لا قدر الله.. مش متخيله الموضوع ده بقيت متحمس لي قد ايه لدرجه شغلني ليل ونهار حتى في احلامي بحلم اني حققته ونجح.. عشان كده عاوز اظبط كل حاجه كبيره وصغيره وما انساش اي تفصيله تعطلني بعد كده.
إبتسمت وبصوت منكتم همست بدعم ليستقبل قلبه كلماتها وصوتها قبل مسامعه
= ان شاء الله ما فيش حاجه هتعطلك و هتعمله وهينجح عشان انا جوزي شاطر وما فيش زيه في الدنيا وانا واثقه فيه، بس يعني كنت فاكره بتحلم بيا في احلامك مش بتحلم بمشروعك.
أبتسم بهدوء علي كلماتها ثم اقترب منها يحتضنها هامساً بأذنها ببعض الكلمات رقيقة التي خرجت منه لاول مرة بينما انفاسه الحارة تلفح اذنها ورقبتها تدغدغ مشاعرها، و رفع إصبعيه علي وجنتيها مداعبًا وهو يشير بنظراته الحنونه نحوها
=ومين قال لك ان انا مش بحلم بيكي؟ وحتى بعد الكلمتين الحلوين دول هحلم بيكي كل ثانيه كمان.. ضحى انا محتاج دعمك أوي ما تبعديش عني ثانيه خصوصا الفتره اللي جايه
ممكن
مطت شفتاها بضيق زائف وهي تقول بعتاب
=هو انت بتطلب مني اكيد طبعا هبقى جنبك وادعمك، دي مش محتاجه كلام! كفايه ان انا شايفاك بتحاول تتغير عشاني وعشان نفسك وبتطور نفسك وقد ايه راجل بجد ومسؤول وبتعرف تشيل الحمل مهما كان علامك بقي ولا اللي بيحصل حواليك مش فارق معاك وكل اللي يهمك انك مكمل.. وعاوز تنجح وتثبت نفسك
استندت برأسها علي صدره و هي تتنهد براحة
حامدة الله داخلها انها فازت بذلك العوض في
النهاية وجبر الله قلبها، مسد علي رأسها و
قبل جبهتها ليسمعها وهي تضيف اليه برفق
= فتفتكر بعد كل الصفات الجميله دي اللي فيك وانت جوزي وليا لوحدي! و مش هدعمك واسيبك.. تؤ.. استحاله.. منذر اوعى تخلي حد ثاني مره يستقل بيك انت حاجه كبيره بس انت اللي مش عارف قيمه نفسك ولا هم !.
ازدادت ابتسامته اتساعًا واستمرت أعينه المسلطة عليها، فتوردت وجنتيها خجلًا منه
عندما هتف بامتنان وغزل صريح
= ضحى انتٍ جميله اوي وانا محظوظه بيكي، انا بقيت متاكد ان انتٍ عوض ربنا ليا في الحياه بعد كل اللي شفته.
ابتلعت ريقها وهي تتحاشى النظر نحوه لكنه لم يعطيها الفرصه وهبط يلتقط شفتيها بين شفتيه يقبلها برقة تمسكت بملابسه من الخلف بقوة و هي تشعر ان جسدها يستسلم الهجوم الضارى على وتر أنوثتها ودغدغت مشاعرها.. فهى أمامه تفشل فشل زريع فى مجابهة ألاعيبه .
لتحاوط خصره ويدها التفت حول رقبته وهم بالفراش و لازال يقبلها ثم طرح جسدها للخلف بخفة ليبتعد عن شفتيها لتنظر اليه بحب و هو يقبلها من جديد و هذه المرة استجابت لقوة مشاعرها واخذت تبادله قبلاته بمثلها وهي تحاوط رقبته انتقل بقبلاته الي رقبتها و يده تمتد الي قميصها يحاول ان يخلعه عنها، همست باسمه بارتجاف
= منذر مش هينفع الدكتور قال آآ حتى لو حسيت عايز تعمل كده بلاش نستعجل عشان كده هترجعلنا لنقطه الصفر.. ما تنساش!
شعرت به يتوقف عن تقبيلها لترفع عينيها ليقابلها وجهه المحمر و هو يلهث بشدة بسبب المشاعر المختلطة التي سيطرت على جسده
ثم هتف لسان قلبه بإصرار
= خليكي معايا يا ضحي، مش عاوز اكتر من كده.
إبتسمت له بِملامحها الناعسة لذا قبل جبينها
وأعاد بجسدهما على السرير ليستلقيان
مُستعدان للنوم، وضع رأسه على صدرها مكانه الذي اصبح معتاد عليه والمفضل له وأردف بصوتاً ناعس
= تعرفي وأنا معاكي، بتمنى دايما اصحى بذاكرة جديدة خالية من عيلتي.
❈-❈-❈
نظر معاذ إلي بسمة التي كانت تمسك هاتفها طول الوقت كثيراً هذه الفتره! بالاضافه الى خروجها و زيارتها المستمره الى والدها ولم تعد عابئه به بالمره فقط تاخذ الأريكة ملاذاً لها ساكنه… كان يشعر بحركتها وتعبير وجهها وهي تمسك الهاتف ظن لوهله انه سيصيح بها يجذبها من مرفقها لتكون جانبه ولكن هاهو التي كانت طوع له ليالي هجرته اليوم وكل يوم وكأنه هامش أو شئ انتهت حاجتها منه
رفض كبريائه ان يعترف بأنه يحتاج إليها ومن ناحيه أخرى متعجب من تغييرها المفاجئ و الملحوظ؟ فهي لم تعد تهتم به او تحاول مثل ما كانت تفعل بالسابق معه؟ ليفكر هل ملت او استسلمت! او ربما هناك شيء آخر بدأ يشغلها عنه .
واثناء ذلك رن هاتفها وجعلها تشهق بخوف وتوتر من المفاجاه فهو كان يعرف بانها تجلس على النت وليست تحادث أحد وتعابير وجهها الخائفه جعلته يشك بالأمر وقبل ان تغلقه إستقام من مكانه وسحب منها الهاتف ليجده رقم غير مسجل! تساءل باهتمام
= مين الرقم ده.
دهشت بسمة من اهتمامه المفاجئ وقالت بتردد
= ما انت شايف قدامك رقم من غير اسم تلاقي حد رن بالغلط، هات التليفون وانا اقفله
هز رأسه برفض ليفتح الخط بدلاً منها، كادت ان تتحرك شفتيها مُعترضه لتجد اصابعه فوقهما يُحذرها بالصمت، وذلك جعلها تشعر بالذعر فبالتاكيد هذا الرقم خاص بمحمود و سوف ينطق باسمها وحينها ستكون في مأزق بكل تأكيد.
انتظر صوت الآخر وهو يراقب عين زوجته التي تحاول إظهار ثباتها وعدم توترها أكثر من ذلك، فلم تكن من صفاته ان يفتش خلفها او يمسك هاتفها، وعندما طال صمت الآخر ولم ينطق.. أردف معاذ قائلا بصوت ثابت منخفض وهو ينظر لبسمه التي بادلته النظره ببعض الخوف
= قولي مين؟!.
اتسعت عينا بسمة بصدمة كبيرة من طلبه وقد سقط قلبها في قدمها من الرعب فاذا اجابت من المحتمل يكون هذا الخط خاص بمحمود غير الذي وضعته في قائمه الحظر قبل فترة، أشار زوجها بعينيه بحده بان تفعل ما طلبه.
ابتلعت ريقها بارتباك وخوفاً وهي تفكر في كيفية الخروج من ذلك المازق دون خسائر كبيرة، ولم تجد غير ان تستسلم الى طلب معاذ حتى لا يزيد شكه نحوها، فربما يكون رقم خطا بالفعل.. حمحمت وهي تقول بخفوت
= مين معايا و عاوز مين؟.
انتظر معاذ الرد بفارغ الصبر وقد جاء قائلاً بصوت أجش
= هو مش ده رقم شبراوي بتاع الكبده؟ بس ده مش صوتهم شكلي كده طلبت النمره غلط، آسف.
كان محمود بالفعل لكن لم يكن غبيا لكي لا يفهم سر الصمت الطويل الذي قابله في البدايه عندما فتح الخط، وانها ربما تكون جانبها شخص من عائلتها.
رطبت بسمة شفتاها بريبة بعدما اغلق معاذ
الخط وهو مازال ينظر لها بغموض، نهضت تاخذ الهاتف منه بحده وهي تقول بضيق شديد
= شفت بنفسك قلت لك أكيد رقم غلط
ولكن معاذ لا يعرف لما لم يقتنع بعد لذلك تكلم
و أخبرها بجدية
= ناوليني الرقم ده؟ عاوز اتاكد من حاجه جايز يكون حد بيعاكس
انصدمت والخوف أصبح يدب بأوصالها من جديد فهي تعلم صوت محمود تماماً وقد تاكدت بانه المتصل، وحمدت ربها بانه فهم ولم يوقعها في كارثه، لكن لماذا يريد الرقم اذن.
أردفت بسمة بعصبية منفعله دون مبرر
= هو انت ما بتسمعش ولا إيه قلت لك الرقم غلط عاوز تعمل بيه ايه، بطل بقى الفضه اللي انت فيه ده وتشغل نفسك في حاجات هيفاء ملهاش معنى .
ظهر لأول مرة غضب الآخر وأمسك زوجها بذقنها يرفعها بقسوة وهو يقول بغضب مكتوم
= حسني اسلوبك معايا وقلت لك هاتي الرقم ده بدل ما اخذ التليفون كله منك واحرمك منه، اللي بقيتي ليل ونهار قاعده عليه ومش فاضيه لبيتك .
ابتلعت ريقها وهي تتحاشى النظر نحوه، فلم تفهم تحوله المفاجئ واصراره على اخذ الرقم! فاذا فتش خلفه سيعرف بكل تاكيد من صاحبه ورغم ليس هناك اي صله تجمعها بذلك الشاب لكن تشعر بالتوجس من ان تقع في مشكله بعد وتنكشف اسرارها الخفيه، لترد بانفعال محاوله تشوش عقله عما يريده
= بتقول انا اللي بنكد شكلك مش لاقي حاجه تتخانق عليها، البيت قدامك اهو زي الفل و بتاكل وتشرب وهدومك بترجع تلاقيها نظيفه من عند اصحابك اللي بتسهر معاهم كل يوم وسايبني هنا مع ابنك! عاوز إيه اكتر من كده
لم يكن معاذ يهتم كثيراً بالأمر لكن اصرارها على رفضها وغضبها الغير مبرر جعله يشك في أمرها اكثر بعناد ويصر علي طلبه، فكان قبل قليل يفكر ما الذي جعلها تتغير هكذا معه! وما فعلته للتو! بسبب ذلك الرقم جعله يشك بأنها من المحتمل قد تكون على اتصال بغيره لذلك أراد ان يبحث خلفها، وهتف بصرامة حاده
= قلت لك عاوز النمره اللي اتصلت بيكي من شويه، وهتفضلي ترغي كتير براحتك بس برده هاخدها.
❈-❈-❈
مر شهر وقد اكتملت سنة كاملة على زواج ضحى ومنذر، وكلاهما تقدم في العمر سنه! وأيضًا أكمل آدم وديمة سنة على زواجهما وأكثر وقد حان واقترب الموعد الذي ستنفصل فيه وتبقى وحيدة! ومع ذلك ومن المتوقع أن أشقائها لم يلاحظوا الوقت الذي مر، لكنها كانت تعلم أنهم سيأتي عندما ينتبهون.
استمر منذر في العلاج بانتظام ولم يتغيب عن أي جلسة علاج، حتى بدأت زوجته ترافقه و بدأ الاثنان في التقيد بالتعليمات المطلوبة منهما وبدأت تظهر عليه تحسنًا واضحًا في حالتة بسبب هذا العلاج وبالطبع لا يزال هناك تفرق وظلم كما هو معتاد من أسرته، ولكن هذه المرة لم يكن يهتم كثيرًا بذلك، حيث كان اهتمامه الرئيسي في الوقت الحالي هو علاجه و المشروع الذي يعمل على تطويره لتعزيز سمعته وسمعة عائلته في السوق أيضا.
وتابعت ضحى معه خطوة بخطوة ولم تتركه لحظة ودعمته طوال الوقت خلال فترة العلاج والمشروع الذي كان يعد له. ولم يكن هناك أحد يعلم بهذا المشروع سوى هي، حتى لا يتعرض لأي استهزاء أو إزعاج من قبل أفراد عائلته، لأنهم كالعادة يستهينون بقدراته و يقولون إنه لم ينجح في أي شيء في حياته ويعتبرونه دائماً مستهتراً ولا يتحمل المسؤولية.
ولكن بالطبع هو يعمل بالعكس تماماً، لكن لا أحد يعترف بذلك. فانتظر حتى ينتهي من إعداد المشروع من جميع الجوانب ويعرضه على والده بعدها وسيتم تنفيذه بالمال الذي بدأ يجمعه لعدة أشهر طويلة في خزنة الوكالة.
وكانت ضحى أكثر سعادة بالتغيير الواضح وكانت تدعمه طوال الوقت، خصوصاً بعد أن صنع لها كرامة بين أهله وعزها ومنع أي شخص أن يتجرأ عليها حتى والدته.. ولم تعد تتعرض للإزعاج أو التضايق من والدته أو تساعدها في أعمال المنزل كما أمرها زوجها.
وعادت بسمة كالعادة هي من تتحمل كل الأمر في منزل حماتها، لأن زوجها لا يستطيع منعها هي أيضًا. وبالنسبة له والدته هي الأولى في حياته مهما ارتكبت من أخطاء. ومن ناحية أخرى، إذا اشتكت إلى والدها، سيجبرها على التحمل لذلك، قررت الصمت على الرغم من تعبها الشديد وضيقها من تسلط حماتها وزوجها المستمر. إلا أن ما يخرجها من تلك الحالة ويخفف عنها الأمر خروجاتها مع مروة.
على الرغم من أنها ارتكبت مشكلة كبيرة مع مروة، التي أخبرت محمود زميلها في الجامعة بأنها سيدة مطلقة وأعطته رقم هاتفها دون استشارتها بالاول، إلا أن الأخرى تأسفت لها ولم تستطع بسمة الابتعاد عنها وقطع صداقتها معها. على الرغم من أنها أصبحت واثقة من سوء شخصية مروة وعدم صلاحيتها لها على الإطلاق، إلا أنها باتت تشعر بالوحدة والاستبعاد في تلك الحياة ولا يوجد أحد يساعدها سوى هي.
وبالنسبة للرقم الذي حصل عليه معاذ من هاتفها، لم يكن هناك أي سبب للشك، حيث كان الرقم مسجلاً باسم والد محمود، وهو رجل عجوز، لذلك قرر معاذ التراجع عن هذه الفكرة وشعر بأنه ظلمها، ولم يقم بالتحقق منها مرة أخرى. رغم لاحظ أنها ما زالت متغيرة تجاهه بشكل مستمر دون أن يفهم السبب.
❈-❈-❈
تعالت أصوات طرقات على باب منزل شاهين لتفتح بسمه الباب وقد تفاجات بشقيقها امامها
وهي تحمل طفلها بين ذراعها! ولم تحتاج كثير لفهم الأمر على الفور وما جاء بها الى هنا هي وطفلها، لوت شفتاها باستخفاف فأخبرتها بكركرة مستفزة
= هتفضلي مصدومه كتير كده و عماله تبصيلي ما تبعدي ودخليني!. ولا.. الصدمه كبيره عليكي؟ اصلك ما توقعتيش زيارتي مش كده!. بس محدش بيسال قلت اسال انا
تعالي صوت شاهين من الداخل وهو يقول باستفسار
= مين اللي علي الباب يا بسمه
دخلت غاده بعد أن أبعدت بسمة من امامها بقوه و التي انصدمت من فعلتها وتحولها المفاجئ، تقدمت للداخل واصطبغ وجه غاده بحمرة خجلة مصطنعة وهي تردد بعفويه زائفه
= ده انا يا حمايا يوووه.. قصدي يا عمي الواد وحشكم وما حدش بيسال فقلت اعملها انا وانا مش غريبه برده ولا امشي يا عم شاهين.
وضع شاهين يده على رأسه مصدومًا من وجودها المفاجئ هاتفًا بذهول
=لا يا بنتي اتفضلي وحتي لو ما حصلش نصيب بينك وبين ابني هتفضلي ليكي مكان هنا انتٍ وابنك حفيدي.. ومعلش لو ما كناش بنزورك الفتره اللي فاتت بس عندنا مشغوليات
نورتي يا بنتي.
ادارات مايسة وجهها الناحيه الاخرى بضيق فلم ترغب بمجيتها الى هنا وتراها فهي لم تنسى اساءتها لها أثناء ارتباطها بابنها، مطت غاده شفتاها بزعل وهي تقول بعطف
خبيث
=البيت منور باهله يا عمي، ازيك يا طنط مايسه اخبارك ايه هو انتٍ لسه زعلانه مني
اكمن يعني كنت بضايقك لما كنت متجوزه منذر… ده كان زمان و وقتها كنت عيله ومش فاهمه حاجه وراح لحاله، حقك عليا
اقتربت تجلس جانبها عندما وجدتها ما زالت متهجمة الملامح، واضافت برجاء محاوله استعطفها
=وحياه حفيدك اللي وحشتيي لا تسامحيني! هو الولد ملوش خاطر عندكم ولا ايه ده حتى يا عيني متاخد من اول ما دخلت البيت بي عشان حاسس انه قاعد وسط ناس غرب اكنمه يعني مش بيشوفكم غير فين وفين؟
التفتت مايسه برأسها نحوها بعدم رضا وقالت بصرامة حاده
= هات الواد وما تقوليش كده تاني ربنا وحده إللي عالم انا بحب احفادي قد ايه وبتمنى يزيدوا واولادي يجيبوا كمان وكمان ويتربوا في عزهم وخيرنا
هزت رأسها ببراءة زائفة وهي تعطيها الطفل الذي بدأ بالبكاء والصراخ وحاولت تهديئته الأخري، وكان ذلك مؤشر جيد الى غاده التي استغلت الأمر وقلت مصطنعة
= حسره عليه وعليا مكتوب علينا لينا راجل ابوه موجود ومش بيسال علينا ومعلش في الكلمه ولا حتى اهله… ان شاء الله يا حماتي تشيلي عوض منذر قريب والله بتمنيله الخير حتى لو وحش معايا ومع إبنه، مش من قريب اتكلم وقال بابا يا حماتي… يقطعني انا مش عارفه مال لساني واخد على زمان وعماله اقول لكم يا حماتي وحمايا كمان وهو ما ينفعش دلوقتي.
لمعت عينا مايسة بفرحه وحماس،وهي تقول بلهفة
=بجد يا حبيبي قلت بابا، ربنا يهدي منذر من ناحيتك بس لما يجي هقرصلك ودنه في حد يسيب القمر ده برده، يلا سمعني و قول بابا
استدارت غاده إلي أختها لترمقها بنظراتها المحتدة، وهدرت بصوت مكتوم يحمل الغل
= بيقولها مع الناس اللي متعود عليهم وقاعد كتير معاهم، بس هو قالها قريب مش كده يا بسمه مش قالها وانتٍ عندي الاسبوع اللي فات لما جيتي زورتيني .
نظرت ناحيتها بسمة في حين اتسعت ابتسامة غاده المستفزة لتثير من هياج بسمة أكثر، ثم ابتلعت ريقها بتوتر وقلق محاولًا مجريتها في الحديث فقظ فهمت تهديدها الخفي وقالت بكذب
= هاه، آه حصل.
رسمت على ملامحها تعابير جامدة، وكأنها كالحمل الوديع وهي تقول بصوت منحسر
= مش انا اتقدملي عريس بس رفضته، خفت ما انا مش عارفه اللي جاي ده هيعامل ابني ازاي اذا كان ابوه إللي من لحمه ودمه رميه بس ابويا عمال يزن عليا.. ويقول لي اذا كان طليقك اتجوز و انتٍ تقولي لا ليه؟ وما تبقيش هبله العمر هيجري وهتندمي وهو بصراحه معاه حق! بس اعمل ايه خايفه على الواد .
نظروا الزوجان الى بعض وهم غير راضيين على افعال ابنهما ولقد شعروا بالقلق من اثر ذلك الحديث والحرج ايضا، هتف شاهين بنبرة مزدرية
= خلاص يا غاده هنتكلم مع منذر ان شاء الله وهيسمع كلمتنا ويكبرنا.. وهيسال على الواد
سلطت أنظارها عليهم رغم غيظها المحتقن من دفاعهم عن ابنهم والحل بيديهم ان يعودوا الى بعضهم البعض، وقالت بنبرة حزينة للغاية
= سمعت الكلام ده كتير منكم ما فيش حاجه حصلت! انا اللي مخوفني اللي انا هتجوزه ده ممكن لما يعرف أن طليقي مش بيسال علي إبنه يا عالم هو كمان هيعامله وحش ولا حلو يعني هيكون حنين عليه اكتر من ابوه.. وانا غلبانه ولو وقف قصادي انا والواد مش هنقدر عليه يا خوفي لا يمد ايده عليه في مره و يعمل له حاجه.. اصل ابويا قال انه العريس شغال في الجيم وبيدرب الناس على الضرب والخناق يعني ايده هتكون طويله وأنا مش قده
اكتفت بسمة بالمراقبة من على بعد ما يحدث، وكيف بدات ان تتلوى اختها مثل الحيه وتبوح سمها الخبيث؟ حقا كيف لم تلاحظ حقيقتها السيئه من قبل هي ليست سهله ابدا! فلقد اكتشفت جزءًا دنيئًا من شخصها الحقير، جزءًا لا يعرف إلا القسوة والجحود فكل كلمه تخرج من فمها تكون معتمدة ومقصودة حتى تجعلهم يشفقون عليها ويجعلوها تعود الى منذر من جديد وتخرب حياه المسكينه الاخرى التي لم تاذيها في شيء!
لكن هي لم تفكر و تهتم بها… هي لم يعد يهمها أحد بهذه الحياه غير نفسها فقط! احترقت أعصابها وهي تنتظر بفارغ الصبر رحيل تلك الحيه بسرعة، دون ان تحصل على ما تريده وتشتعل الجذوة التي أشعلتها وتحدث حرب بينهما وبين منذر بضراوة مهلكة.
شعرت مايسة بالرعبة على الطفل فاحتويته بين ذراعها بحنان وهتفت بتوجس
= وانتٍ إيه اللي يجبرك تتجوزي واحد زي كده اياكي توافقي، كسر ايده لو فكر يمدها على حفيدي.. ولو ابوكي هيغصب عليكي ولا حاجه عمك يقفله.. هو ابوك جري لعقله حاجه ولا ايه
عشان يجوزك واحد زي ده.
شعرت بحماس عجيب بعد أن وصلت إلي هدفها، وتشكل على ثغرها ابتسامة قله حيله تعكس نواياها الخبيثة
= معذور يا حماتي عاوز يفرح بيا وانا الوحيده اللي قاعده له ورجعت له بعد سنه جواز بعيل وهو اللي بقى مسؤول معايا و الحمل وزاد.. وحقه بصراحه يا حبيبي كل شويه يقول لي انا مش قاعدلك في الحياه يا بنتي وبكره هموت ومين هيخلي باله منكم.. وبعدين حتى لو منذر سال على الواد وسمع كلامكم هيعملها مره ولا اتنين وهيرجع يغيب ثاني، أنا خلاص مكتوب عليا افضل لوحدي و مشكلتي كبيره وما لهاش حل..
أخفضت رأسها بانكسار وحزن شديد وهي تتابع قائلة بحماس مصطنع
= لو الزمن رجع بيا والله كنت استحملت وحطيت جزمه في بقي وسكت عشان حته العيل اللي ما لوش ذنب ده بس هنقول ايه هو احنا نقدر نرجع اللي راح!. صدق اللي قال العيال هم اللي بيدفعوا تمن الطلاق…
نظرت بسمة لها باشمئزاز فكل يوم تثبت لها بأنها اسوء شخص على الحياه! هي برعت في ارتداء قناع البراءة وخدعت به عائلة زوجها، لكنها لم تتمكن أبدًا من إقناعها بحيلها، ثم هبت غاده واقفة بحرج زائف واردفت مصطنعة التهذب
= يقطعني دوشتكم بكلامي هاتي بقى الولد عشان اروح يا حماتي.
كانت مايسة مستغربه من تغييرها المفاجئ و الجيد ذلك، وصدقت بانها تغيرت بالفعل و اصبح كل ما يهمها في الحياه مصلحه طفلها لا اكثر، ليتها لاحظت ذلك عن قريب لتقع الإختيار عليها زوجه إلي منذر خصوصا بانها بدأت تفقد الأمل بضحى ان تنجب طفلاً بعد مرور عاماً على زواجهما !!.
وبدأت تقتنع بحديث زوجها بالماضي عندما أخبرها عوده غاده إلي منذر ستكون لمصلحه الجميع.. تفهمت هذا الأمر جيداً الان فقط و عندما حاولت اخذ الطفل منها مناعتها وهتفت بجدية شديدة
= لا خليه معايا شويه بقيلي كتير مش بشوفه وكمان عشان يتعود على اهله هنا وانا هخلي بسمه تروحهلك بالليل، روحي انتٍ وخلي بالك من نفسك واذا كان على ابوكي قريب انا و عمك هنيجي نزوركم ونشوف حل للموضوع ده.
لن تستطيع السيطره على ابتسامتها السعيدة فقد اقتربت كثيراً من حافه الرجوع إلي منذر مثلما ما خططت، فتعرف جيد ما الذي سيحدث بعد رحيلها من هنا سيطلب منذر ويجبره على الرجوع إليها خوفاً على حفيدهم من الضياع! وأكد شاهين على ما قالته زوجته و زادت نبرته غموضًا وهو يقول
= سيبيه يا غاده و ما تخافيش عليه وهو في بيت جدو، واسمعي كلام مرات عمك انتٍ برده ليكي اهل هنا ومش هنسيبك وقريب انا ليا كلام مع ابوكي .
صمتت للحظة وهي سعيدة بالانجاز الذي وصلت اليه والتي كانت تخطط له، كان باب المنزل مفتوح وكانت تهبط في تلك اللحظه ضحى لتذهب الى أسرتها وعندما لاحظت غاده وجودها وهي تهم بالاستدارة، لتصيح بنبرة مرتفعة تشبه فحيح الأفعى
= وانا هخاف عليه ليه ده وسط اهله! وابن منذر الوحيد والحفيد اللي مش هيجي زيه للعيلة .
عقدت ضحي المفاجأة لسانها وجعلتها تتجمد مجبرة مكانها في وجه غاده، بينما تنفست الأخري بارتياح كاتمة بصعوبة كركرة ضحكتها الشامتة لقد تحقق مبتغاها، وظفرت بجولة جديدة ضدها وظهرت الفرحة في نظراتها الشيطانية .
❈-❈-❈
تحرك آدم من مكانه ليذهب نحو حُجرَتهُ تحديداً بعد عودته من الخارج بقميص ابيض وبنطال رمادي توجه نحو الباب هاماً بالداخل لولا سماعه لصوت تلك القابعة في المطبخ فأستدار وتوجه نحو مركز الصوت فوجدها واقفة بصعوبة ترفع قدميها لتصل للصنبور والماء بللت الارضية والحوض وشعرها وجسدها، لم يقاوم ذلك المنظر بل اقترب والتصق بها من الخلف ممسكا الصنبور ومتحدثاً بدهشة
= بتعملي ايه؟ ايه اللي حصل للحنفيه
هلعت ديمة من فعلته فدفعته فوراً من خلفها
بقوة فهي لم تنسى انسحابه بعدما استسلم لعشقهم للمره الثانيه على التوالي، هتف آدم بسرعه
= انا كنت عاوزه اساعدك أهدي، الميه كده هتنفجر وسعيلي انا عارف المحبس فين
كادت أن ترفض باعتراض لكن فجاه صدي انفجار الصنبور عليهما فهلعت كون الماء كانت بارداً مع هذا الجو الصقيع! بينما هو تبللت ثيابه، متحدثاً بضيق
= قلتلك، عنيده بسرعه حاولي تمسحي الميه دي وانا هقفل المحبس.
أسرعت تفعل ما أمرها به، وبدات تشعر بالساقعه والتجمد قبل أن يخونها جسدها وتسقط علي الارض إلا أنه امسكها جيداً وحملها عن الارض، شهقت بخفة لمفاجأة رؤيته أمامها بعد ان اغلق محبس الماء، شعرت بنفسها تطير في الهواء و ذراعين صلبتين تحملانها بخفة بإتجاه غرفة النوم.. وهو مرددا بعتاب
= غيري هدومك بسرعه قبل ما تبردي، انتٍ بتسقعي من اقل حاجه وهتتعبي كده.
ابعادته عنها تتنفس بصوت مسموع وهي تضع كليتا يديها على صدره تدفعه بعيداً عنها، إلا انه احكم قبضته على خصرها و الاخرى خلف رأسها ليعيدها اليه من جديد و يعصرها بين أحضانه مانعاً عنها كل محاولات الهرب… وهمس محاوله تهديئتها بحذر
= وبعدين! خلي خلافتنا على جنب عشان ما تتعبيش.
نظرت له مطولاً بسخرية مريرة، بينما كانت رغبته بها تتضاعف يوماً بعد يوم، كيف
لأحدهم أن يؤذي فتاه مثلها ويكسر قلبها، توزع الحب لكل من حولها منذ تلك اللحظة التي خطت عيناه على تصرفاتها معه كان راغباً
دوماً في حبها وليس بتحطيمها..
ليحملها في جزء من الثانية مجدداً يضعها على الطاولة، جعلها تجلس هناك كي تساويه طولا، وقف وسط ساقيها وحاول مساعدتها في تبديل ثيابها وخلع الكنزه خاصتها لتقول بخجل شديد
= خلاص ابعد انا هعرف اكمل .
كان سيبتعد بالفعل لكن سعلت عده مرات و اصطكاك أسنانها ببعضهم من شده البرد، لم يتحمل المزيد ليحتوي ظهرها و يضمها إليه بذراعيه مشددًا من ضمه لجسدها المرتجف وهو يقول بقلق شديد
= شفتي شكلك تعبتي، اقلعي هدومك بسرعه وغيريها.. آآ او انا هساعدك تعالي
كانت ترتعش من البرد ويتنفض جسدها ولم تستطيع منعه، وعندما بدا يساعدها شعرت بالحرارة والخجل الشديد يجتاحون
جسدها لتبتلع ريقها وهي تنظر الي الاسفل
سريعاً ساحبة الهواء الي رئتيها، وكانت تراقبه فهي حقا لا تعرف كيف تحكم عليه هل هو ظالم ام جيد فنظراتها تجعله عاجزًا عن التطلع لغيرها.
أغمضت عينيها شاعرة بالحسرة من علاقتهم التي ليس لها أمل بالمره، بينما هو أراحها على الفراش ليحضر لها منشفة لف بها جسدها المبتل وبعدها لف المفرش حولها وبدا يلبسها ملابسها عندما جعلها تنهض من جديد..
ابتلع آدم ريقه بتوتر فكان تحت تأثير ما يفعله بها، لم يتوقف عن اختلاس النظرات دون انتباه منها، كونه شاعراً بالعاطفة معها، القلب يرغب والعقل ينهر، مشاعر مختلطه تطوف به الآن تأخذه فى جوله من جلد الذات، متردد متمنع، راغب نافره، حزين لبعدها.. يفرح لمحاولاتها المستميته فى إسترجاعه..
رغم أن الأخري غرور الأنثى يحيها على نشوة انتصار كبريائها المهدور سابقا فى عشقه.. لكن حال قلبها يبث لها أشواق مضيئه فى هجرها له.. باتت الحيره تضرب قلبها وقلبه بلا هواده..
وبالنهاية اقترب وقبلها لشعوره بتلك العاطفه وحملها لتحاوط خصرة بكلتا ساقيها ولاتزال قبلتهما كما هي لم تنفصل كانت تضع كفاً على ذقنه المُلتحي وأخرى على شعره الليلي كما إنه كان يعبث بخصرها وهو يحملها حتى
سقط جسديهما على سريرها.
اعتدل بعد فترة واعتدلت معه بقلق من تحركه لكنه دفعها بلطف مرة أخرى من جديد لتتمدد
على الفراش ثم مد يده ليجذب الغطاء و يدثرها به وهو يتحاشى بصعوبة النظر إليها… لكنها امسكت يده بقوة وادمعت عيناها بحزن وهي تقول بألم
= لا ارجوك ما تعملش كده فيا تاني؟ ما تسيبنيش بعد ما تعشمني فيك كل مرة
مسح دموعها بحنان وابتسم وهو يقول بهيام
= انا مش عارف ازاي عيله صغيره زيك قدرت تخليني افقد عقلي ودي حاجه مش بتحصل مع راجل زيي.. أهدي يا ديمة مش هبعد !..
لم تفهم معني كلماته جيد ايقصد لم يبعد الآن فقط؟ أم طول الوقت لكنه.. عاد يقبلها ولم يكن بأمراً قلبه فقط؟ بل عقله وقلبه أيضا، لقد سلم و رفع الرايه البيضاء نتيجة لما أصبح يحدث معهما…
باباً مغلق عليهما العتمة تحوم حولهم، والرغبة والشغف يشتعلون بلا رحمة..والجنون وربما الحب أيضاً، ليعوضها ويحتويها بدفئه الذي غمرها به سابقا.
❈-❈-❈
شعرت ضحي أن قواها خارت فور تلقيها كلمات تلك الحيه غاده وجعلت نار الغيرة تلتهم إياها بقوه خصوصاً انها ما زالت لم تحصل على أطفال بعد وبدأت تفقد الثقه أكثر بنفسها بسبب حديث حماتها المستمر حول عمرها، فأخر ما كانت تريده أن يحدث هو اشتعال قلبها بالغيرة بعد أن كان أكثر مكان حبًا و غلاوة بقلبها، كم شعرت في تلك اللحظه بالغل والحقد تجاه غاده رغم انها تعلم جيد بان ذلك الطفل ليس من صلب زوجها لكن يكفي بان الجميع متاكد من ذلك ويعاملها على ذلك الأساس.
في تلك اللحظه دلف زوجها من باب المنزل وكان يحمل عده أوراق بيده تخص المشروع الجديد وضعها داخل الدرج، ثم نظر لها و قال مبتسماً بهدوء
= السلام عليكم، انتٍ هنا انا قلت تلاقيكي لسه عند والدتك و ما روحتيش
لم تبادله السلام، بل ظلت محدقًة فيه بنظرات قاتمة، لقد حدث خطأ غير مقصود في مخطط حياتهم سيودي بهم إلى التهلكة أن لم تقنعه بوجهه نظرها، لترد بجمود
=انا ما رحتش اصلا عند ماما وقاعده مكاني من ساعه ما سبتني الصبح
اتسعت عينا من جملتها تلك، فشخص أبصاره بقلق وهو يردد بلا وعي
=وليه ما رحتيش مش انتٍ استاذنتيني الصبح
هي امي ضايقتك في حاجه تاني
أومـــأت برأسها إيجابًا وهي تحاول السيطره على مشاعرها المختلطه داخلها من غضب وحزن تجاهه، فقالت بجدية مريبة
= مش والدتك غاده طليقتك! سمعتها وانا نازله عندكم وهي جايبه اللي المفروض يكون ابنك بكل بجاحه وواقفه قدام الباب وهي شايفاني وحطت عينها في عيني بكل ثقه وما كانتش خايفه و تقول ده ابن منذر الوحيد ومش هيجي زيه في العيله.. و والدتك ووالدك قاعدين حاضنين الولد و موافقينها على كلامها طبعاً .
عقد حاجيبة بدهشة و نفور فظيع أثر سماع إسمها فقط كعادته ومجيها الى هنا بطفلها، تساءل منذر باشمئزاز
= وده ايه اللي جابها دي؟ خلاص يا ضحى أهدي اديكٍ قلتيها بنفسك انك عارفه انها بجحه والكلام معاها مش هيفيد بحاجه وانا ياما حذرتها ما تقربش من هنا وما لهاش علاقه بيا.. لكن هي عايشه الدور أوي ومصدقاه.. كبري دماغك منها وما تفكريش فيها عشان ما تتضايقش
نهضت ولم تستطيع السيطره على اعصابها أكثر وردت عليه محتجة بانفعال
=ولله! وانت شايف ان هو ده الحل اكبر دماغي، طب ولحد امتى ما انت عملت قبل كده زيي وكبرت دماغك يجي اربع سنين واكتر كمان وايه اللي حصل؟ اللي حصل انها عماله تزيد في عمايلها بكل بجاحه ومن غير كسوف ولا خايفه من الفضيحه لانها متاكده انك مش هتعملها! وانت جاي دلوقتي بتاكد على كلامك عشان تخليها تتمادي في عمايلها اكثر مش كده.. لكن دي مش عايزه حد يكبر دماغه معاها دي عاوزه اللي يواجهها
أنصدم الآخر من رده فعلها وأردف قائلًا بتمهل
= يا ضحى احنا هنشغل نفسنا ليه بيها خلينا في مصلحتنا شوفي احنا كنا فين وبقينا فين دلوقتي! يبقى ليه نديها اهتمام
نظرت له بجمود وسرعان ما هتفت معترضة
=اولا هي اللي شغله نفسها بينا و بحياتنا ولو كنت شفتها وهي واقفه وواثقه من نفسها وهي بتقول الكلام ده! كنت هتحس انها بتدبر لحاجه تاني؟ دي مش هتسكت غير لما تخرب علينا دي واحده مش سويه ولا مظبوطه وانت مسلمها كل المفاتيح اللي ممكن تاذي بيها و ترجع بعد كده تشتكي! فالحل الوحيد ان الولد ده ما يستمرش باسمك مش عارفه ازاي بقى بس ده إللي لازم يحصل .
حدق في ضحي بغرابة فردة فعلها حقًا كانت مبالغة فيها حتى وإن كان احتجاجها الرافض علي وجود تلك الحيه في حياتهم يثير بداخله تساؤلات كثيرة؟ فهل بالفعل تفعل كل ذلك بدافع الغيره عليه ومعنى ذلك بانها تحمل مشاعر له، ضاقت نظرات منذر وهو يسألها بتوجس
= في ايه يا ضحى ما تهدي مالك هو انتٍ شاغله نفسك بيها ليه ما تحطهاش في دماغك هي مين اصلا، وبعدين فكرت ان انا اثبت نسب وكده المواضيع دي مش سهله زي ما انتٍ فاكره وهندخل في إجراءات كتير عقبال ما نثبت
رمقته بنظرات مزدرية قبل أن تدمع عينها بقهر وهي ترد باقتضاب
= ان شاء الله بعد عشرين سنه بس برده الولد ده مش هيفضل على اسمك، انت لو مش واخد بالك هي واخده حقي فيك حتي وانتم مطلقين ده حقي وهي خدته انا اللي مفروض اجيب منك ولد يتكتب باسمك مش هي تجيب حته عيل الله واعلم منين! وتدخل وتخرج تقول للناس كلها انه ابنك وانت ساكت والكل مصدق! حتى اهلك.
فبكت من أعمـــاق قلبها أكثر وهبطت عبراتها العالقة بوجهها، وهي تهزت كتفيها قائلة بحسرة
= ووالدتك اللي عماله ليل ونهار في الطلعه وفي النزله هتخلفوا امتى وانا ساكته عشانك
وعندي استعداد اسكت اكثر من كده بس ما يكونش على الناحيه الثانيه في طفل مش ابنك والكل مصدق، وكله كوم ان يتكتب باسمك دي كوم تاني يعني هفضل طول حياتي و حياتك الموضوع ده في حياتنا ومش هينتهي وهي هتفضل كل شويه تظهر لينا..
وتخرب حياتنا.
سحبها زوجها من مرفقيها إلى صدره ليضمها إليه ويحتضنها بحنان وهي تمسكت به على الفور باكية، ثم همس لها بتأثر
= ضحى اهدي وافهميني انا حاسس بيكي و فهمك، بس تعالي ناخد الموضوع واحده واحده أولا عشان اعمل كده لازم ارفع قضيه نسب ان الولد مش ابني وهنقدر نثبت كل ده بسهوله من التحاليل بس لازم اثبت موضوع خيانتها والشخص إللي عملت كده معاه وهو هرب اصلا ولحد دلوقتي هي نفسها ما تعرفش طريقه عشان هي خايبه وهو هرب وسابها طبعا..
توجس منذر خيفة يكشف أمره دون فائده لان ببساطه لم يستطيع اثبات خيانتها، فهتف بتوتر بائن عليه وهو يضيف
= ودي هتكون قضيه ضعيفه لان ممكن بكل سهوله المحامي اللي هتوكله يقول جايز الولد اتبدل في المستشفى بتحصل! وانا على فكره سألت قبل كده في الموضوع ده من كتر ما هي زهقتني في فتره من حياتي وعرفت اللي فيها واللي انا مش سهل اثبت ده.
لم يتركها بل ظل محاوط إياها بذراعيه، لكن لم يدم الأمر طويلًا، فقد أبعدت يده لتنظر له بأعين دامعه بحرقة وهي تقول بصوت حزين للغاية
=منذر حس بيا انا تعبت و استحملت معاكي كتير ومش بشتكي والله، لكن الا الموضوع ده مش هقدر استحمله اعمل اي حاجه وخلي الست دي نخلص منها في حياتنا هي والطفل اللي ماشيه تقول لكل الناس ان ابنك وهو مش كده! اعتبرها بقى غيره هبل أنانية أنا واحده ما عنديش دم عشان عاوزه افضحها بدل ما استر عليها أي حاجه بس برده مش هستحمل اكتر من كده الموضوع ده بالذات.
ابتعدت عنه وهي تمسح دموعها التي لا تتوقف من ألمها وضعفها وأجابت بتلهف
= اقول لك على حاجه كفايه حتى ان اهلك يكونوا عارفين اللي فيها وان الولد ما يفضلش على اسمك وانا مش عاوزه اكتر من كده، هي مش فارقه معايا انها تتعاقب على فعلتها سواء بالحبس ولا من اهلها، حتى لو هتعمل كده في سريه تامه انا هبقى معاك، بس الولد ده لازم يتشال من على اسمك عشان انا اللي احق بده لوحدي.. حتى لو طلعت فعلا ما بخلفش زي ما الدتك بتقول بسبب سني برده ما حدش لي الحق ده غيري.
تفاجأ وابتسم علي غيرتها الواضحة ثم أخــذ نفسًا عميقًا لفظه دفعة واحدة، و ربت على كتفها بخفة وهو يهتف بصوت آجش
= طبعا محدش لي الحق ده غيرك يا ضحي هو انتٍ فاكراني مبسوط بيها ولا فرحان ان في طفل مش من صلبي مكتوب على اسمي! انا ما اعرفش حتى شكل الولد ده ايه وعمري ما قربت منه ولا هعمل كده، حتى لو ما لهوش ذنب بس مش هقدر.. انا اصلا لحد دلوقتي مش ناسي خيانتها و اللي هي عملته معايا، و لو في حد في الدنيا دي كلها نفسي اخلف منه وهو اللي يربي ولادي هيكون انتٍ يا ضحي طبعا
مد يده يداعب وجنتيها، وتلك البائسة همست بشيء ما له فجعله يرتبك بحرج عندما تسارعت أنفاسها من فرط الغضب والحسرة
قائله
= كلام جميل بس انا عاوزه فعل يا منذر مش كفايه عليا كده؟ من فضلك ما تسكتش على الموضوع ده وجرب اسال تاني، واكيد ان شاء الله هتلاقي حل.. وانا زي ما قلت لك والله ما في نيتي افضحها بس هي مش الشخصيه اللي تنفع تستر عليها ولو في ذره ندم شفتها على وشها لما بشوفها! هقول لك ماشي لكن دي مستفزه وما عندهاش دم..
اضطرب لوهلة، وتوقف عن التنفس مجمدًا أنظاره عليها وهي تضيف بغموض هاديء
=وصدقني مش هتسكت وهتفضل طول حياتك الكابوس إللي مش عارفين نخلص منه عشان كده لازم نخلص منها باسرع وقت، انا كل اللي عاوزه أن الولد ده ما يبقاش علي اسمك تاني! وربنا أكيد هجيب حقك مع الوقت طول ما هي ماشيه في القرف ده ومستمره في عمايلها الزباله، و لانها ضيعت بدل الفرصه عشره بدل ما تتوب
اعترض منذر على هجومها قائلًا بتريث
=طب ما تعملي زيي يا ضحى انا احتسبت حقي عند ربنا ومتاكد ان هيجيبه في يوم
دي واحده فاكره نفسها هتفضل عايشه حياتها كده بالطول وبالعرض تفتري وتغلط وتزني من غير ما تتحاسب .
ضربت بيديها على الطاولة في اعتراضٍ، و نهضت محتجه بشدة فهو يتعمد استثارة انفعالاتها أكثر بتصرفاته المتجاوزة مع تلك الحقيرة!
احتدت ثروتها المكتومة بداخلها، واصطبغ وجهها بحمرة مبالغة وهي تقول بعصبية منفعله
= تاني يا منذر الدكتور سبق وقال لك ما ينفعش تمشي بالاستراتيجيه دي في حياتك طالما بايدك تاخد حقك وربنا حتى نفسه مش راضي على كده، انا عارفه ان الحل في ايدينا ان تثبت يعني ان انت عندك مشاكل في العلاقه بس انا عمري ما هقول لك استخدم الحل ده وانا عارفه هو بالنسبه لك صعب المواجهه فيه وانت خلاص قربت من فتره العلاج، وعارفه برده ان انا بطلب منك حاجات كتير فوق طاقتك وانت عملت اللي تقدر عليه بس عشان خاطري كمل جميلك واعمل دي كمان وصدقني ده لمصلحتك قبل مصلحتي
رفضت أبت الإصــاغ له والموافقه على ذلك فكانت نار غيرتها هي من تتحكم فيها في تلك اللحظه، لذلك قاطعته عندما حاول التحدث وتهدئتها، قائله بإصرار فولاذي
= دي ما ينفعش تساعدها ولا تستر عليها في عمايلها انت كده معلش بتديها فرصه انها تغلط اكثر طالما لقيت اللي بيداري عليها! تقدر تقول انا ولا انتٍ واثقين أوي انها ما تكونش بتعمل اللي بتعمله ده مره ثانيه ولا حتى كانت كده قبل ما تتجوزك اصلا
هز رأسه ببطء بيأس دون أن يلفظ بكلمة واحدة فالامر لا يحتاج الى ثانيه واحده للتفكير فهو لا يثق في غاده ابدا! ولا يعرف من أين بدأت وانتهت خيانتها، ومع ذلك ما زل يكتم سرها وهي تستغل ذلك بابشع الطرق ولا يستطيع إنكار الأمر مطلقاً.
انزعجت من سلبيته الزائد تجاه موضوع غاده وشعرت بنيران الغيرة تآكلها حية أكثر، فهتفت بتبرم ساخط
= طالما مش واثقين يبقى معلش امشي في الاجراءات وما تندمش لحظه واحده عليها اللي زي دي لازم تفوق وتعرف انك قوي مش ضعيف، وكنت قادر توقفها من زمان بس انت كنت شفقان عليها لكن دلوقتي؟ خلص وقت الشفقه والعطف.
حاول احتوائها قبل أن تنفجر باكية مجدداً، فهي في حاله صعبه و أقسى عن كل مرة، عاود منذر التحديق في زوجته ليطالعها تلك المرة بنظرات مختلفة عن ذي قبل، فهي بالفعل تستحق التضحيه لأجلها ولاجل حياتهم القادمه، لذلك تحدث وهو يردد بتوجس قلق
= شششش! خلاص كل اللي انتٍ عاوزاه يحصل هيحصل إن شاء الله! سيبيني وانا هفكر في الموضوع و اوعدك هتصرف، اعتقد لو عملنا تحليل من ناحيه الأم هنعرف نثبت .
توهجت عيناها بوميض فرح، ثم وضعت يدها على صدرها بتنهيدة ارتياح، فهتفت متساءلة بتلهف
= صح أكيد، ازاي ما فكرناش في حاجه زي كده، شكراً يا منذر شكرا أنك قدرت الحاله اللي انا فيها وبتحاول تساعدني، اوعدك ده هيكون اخر طلب اضغط عليك فيه .
أسند جبينه على رأسها قبل ان يقبلها وابتعد قليل ليتمعن في تفاصيلها، وفي تعبيرات وجهها الساكنة رغم كل شيء فهي لا تزال متماسكة، صلبة، تقاوم بشراسة لكن تظهر تلك اللمحة الحزينة التي تكسو تعابيرها فتوخز صدره أكثر تجاهها. لذا أجابها بإيماءة مؤكدة برأسه
= ما تقوليش كده يا ضحى انتٍ ما ينفعش اصلا تحطي نفسك في مقارنه معاها ولا تبقى حالتك كده بسبب واحده زيها، وجايز معاكي حق لازم احط حد للموضوع ده بقى.
❈-❈-❈
استغلت غاده الوقت قبل أن تعود للمنزل بأنها بالخارج تزور شقيقتها مثل ما أخبرت والدها وبدأت تتنزه بالشوارع وتري المحلات الجديدة دون أن تشتري شيء، مستغلة فرصه خروجها للخارج التي تفعلها كل حين وفتره بسبب تحكم وتجبر والدها بها.
واثناء مشاهدتها للاشياء حولها توقفت فجاه مكانها بصدمة وسريعًا ما تحولت أنظارها للشراسة حينما رأت ذلك الشخص أمامها، لقد عرفته علي الفورًا، لم تنساه للحظة ولم يغب عن عقلها ذكرياتها معه التي ليست بالسارة على الإطلاق….
فتقدمت مندفعة نحوه بتحفز رهيب، وهي تقول بذهول
= مروان أخيراً شفتك ؟!.
ليدير الآخر رأسه نحو التي هتفت بإسمه، هلعًا حينما وقعت أنظاره عليها، ليقول مرددًا بنفور
= استغفر الله العظيم! هو انتٍ
قبضت علي أناملها مرددة بحنق مغلول وهي تحدجه بنظراتها العدائية
= ومالك يا اخويا بتستغفر كده ليه اول ما شفت وشي؟ الله يرحم ايام زمان لما كنت بتبوس ايدي ورجلي عشان ابصلك! واول ما نلت غرضك سبتني واختفيت، يا واطي ده انا اخر مره قلتلك أن شاكه ان انا حامل منك وما عبرتنيش ..
نظرت له مطولاً باشمئزاز وهي تضيف بجموح
= هنت عليك يا عره الرجاله تسيب ابنك و تسيبني بعد المصيبه اللي حصلت اخر مره وجوزي شافني معاك؟ وابنك يتكتب باسم واحد تاني
نفخ بضيق شديد وهو يقول بغضب مكتوم
= اخرسي خالص مش ناقص فضايح في المحل ويلا طرينا من هنا مش شفتيني يا اختي واطمنتي يلا شوفي كنتي رايحه فين وسيبيني في حالي.
هزت رأسها باعتراض وهي تقول له بلؤم متمرس مهددة إياه
= على جثتي إن ده حصل! ده انا لما صدقت لقيتك.. شكل المحل ده تبعك وربنا فرجها عليك أهو! فخلال اسبوع لو ما جيتش كتبت عليا والواد اتكتب باسمك لاهاجي هنا وهفضحك واطرباها عليك
انزعج من طريقتها و رد عليها بامتعاض مستنكر
= إنتٍ بتحلمي صح؟! لسه قايله من شويه ان ربنا سترها عليكي ولبستي الواد لجوزك يبقى ازاي عاوزاني اتجوزك واكتب الواد باسمي بعد كل السنين دي كلها
تسمرت في مكانها بوجهها المتجهم وأعينها المحتقنة تطالعه بنظراتٍ محتدة للغاية وهي تقول بغضب
= هو مفكر هيسيبني على ذمته بعد ما شافنا سوا ده طلقني يا روح امك وعارف كمان ان الولد مش ابنه وستر عليا مش زيك هربت وسبتني.. انا عاوزاك تيجي تكتب عليا ان شاء الله أسبوعين وبعد كده تطلقني المهم الواد يتكتب باسمك، انا مش ضمناه من ساعه ما اتجوز والوليه مراته دي عاوزه تخرب عليا ومش هتسكت غير لما تفضحني وتعرف الكل ان الواد مش ابنه
وضع مروان يده على رأسه ببرود مما قالته هاتفًا باستفزاز
= ده عشم إبليس في الجنه مش انا اللي اتجوز واحده سلمتني نفسها وهي متجوزه!
ولا حتى يوم واحد اسيبك على ذمتي؟ اهدى شوية وبلاش كلام مجانين! و ريحي نفسك وشوفي سكتك فين بعيد عني انا اتجوزت ومش عاوز اخرب على نفسي
فغرت غاده شفتيها مغتاظة من إساءته لشخصها، وما زاد من غضبها هو أنه تخلي عنها وعن طفله بسهولة مجدداً و اهانها فهتفت بنزق
= يا معفن يا زباله يا واطي دلوقتي مش عاوز تخرب على نفسك بس تخرب عليا عادي؟ بس مش انا اللي يمشي معايا الدور ده وانت عارفني كويس..و رحمه امي لو ما جيت وعملت اللي قلتلك عليه لا هفضحك عند السنيوره مراتك وفي المحل هنا وعليا وعلى اعدائي بقى.
اقتربت منه زوجته في تلك اللحظة فارتعد الآخر وزادت رعشته، وشعرت زوجته سعاد بجسده يرتجف أمامها عندما تابعت غاده حديثها مرددة بخفوت آمر قبل أن ترحل
= سلام يا حلو، و ما تنساش اللي قلتهلك لا تسمع الكلام لا هاجي افضحك.
ارتفع حاجبي زوجته للأعلى غير مصدقة ما قالته توًا لزوجها فقد سمعت إياها تهدده بشئ لكن لم تفهم جيد الأمر، ظنت أنها تتوهم فرددت باندهاش عجيب
= مين اللي كنت بتتكلم معاها دي وايه اخر كلمتين قالتهم قبل ما تمشي؟ فضيحه ايه اللي بتتكلم عليها، هو أنت ليك علاقه بالست دي شكلها بتتكلم بعشم أوي معاك
أمسك بيدها بسرعه بارتباك واضح عليه وهز رأسه مرددًا بتوجس
= والله يا سعاد ما ليا علاقه بيها دي كانت واحده كده اعرفها زمان.. وانا وعدتك ان انا هقطع كل علاقاتي من اول ما اتجوزتك! بس ما اعرفش طلعتلي منين و بتهددني بس ما تشغليش بالك انا هحل الموضوع
نظرت سعاد له بجمود رغم تأكدها من صدق كلماته، لكن سريعًا ما زاد حنقها وهي تقول بشراسة مهددة
= موضوع إيه اللي تحله انت هتعرفني حالا الست دي علاقتك بيها إيه وبتهددك ليه؟ ما انا يا روح امك مش بعد ما نظفتك وصرفت عليك هتيجي بكل بساطه تعرف غيري وتقرطسني، فهمني الحكايه بدل ما المحل اللي انا لسه فاتحهلك ده هقفله علي دماغك
اتسعت حدقتاه برعب أن تتركه و تاخذ كل ما أصبح يملكه بسببها، وقبل أن تفتعل مجدداً همس لها بقلق شديد
=والله ما بخونك انتٍ فهمتي غلط انا بعتها عني اول ما جت بس هي اللي لازقه، وانا ولا بطيقها ولا عاوزها اصلا .
تجهمت قسماتها وهي تسأله بنفاذ صبر
= قول الموضوع وانا اكرر ولو فعلا مظلوم هساعدك واطربقها فوق دماغها.. طالما هي اللي بدأت وجايه تهددك في المحل ومش هاممها حد! وانت عارفني كويس موتي وسمي أن حد يكدب عليا ولا يحطني تحت ضرسه .
** ** **

يتبع…

لقراْة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قابل للكتمان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى